فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
20

الثقافة الشعبية المعرفة والعلم

العدد 20 - التصدير
الثقافة الشعبية المعرفة والعلم

ليس‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬هو‭ ‬عرضة‭ ‬لتهافت‭ ‬المتهافتين‭ ‬مثل‭ ‬مجال‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭. ‬يكفي‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬يستعرض‭ ‬بين‭ ‬دفتي‭ ‬كتاب‭ ‬ما‭ ‬وسعه‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أفنانها،‭ ‬مما‭ ‬أدركه‭ ‬من‭ ‬معارف‭ ‬حتى‭ ‬يعد‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬جهابذة‭ ‬العلماء‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬بين‭ ‬الإلمام‭ ‬بوجوه‭ ‬المعرفة‭ ‬فيها‭ ‬وإن‭ ‬توسعت‭ ‬وتعمقت‭ ‬وبين‭ ‬العلم‭ ‬بونا‭ ‬شاسعا‭ ‬واسعا‭. ‬فللعلم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية،‭ ‬منهجيته‭ ‬وانتظامه‭ ‬ونسقيته‭ ‬وكونيّته‭ ‬ووجوه‭ ‬إجرائه‭ ‬وأسس‭ ‬في‭ ‬الطرح‭ ‬والتناول‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬يغيب‭ ‬بعضها‭ ‬حتى‭ ‬تنتفي‭ ‬صفة‭ ‬العلم‭. ‬وهي‭ ‬أسس‭ ‬في‭ ‬المباشرة‭ ‬لا‭ ‬تدرك‭ ‬غايتها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بحث‭ ‬علمي‭ ‬أيا‭ ‬كان‭. ‬ينفتح‭ ‬السؤال‭ ‬على‭ ‬السؤال‭.‬ويفضي‭ ‬الإشكال‭ ‬إلى‭ ‬الإشكال‭. ‬ويعاودك‭ ‬الضمأ‭ ‬كلما‭ ‬بدالك‭ ‬أنك‭ ‬شفيت‭ ‬الغليل‭. ‬

فالمعرفة‭ ‬العلمية‭ ‬صيرورة‭ ‬لا‭ ‬تتسع‭ ‬مكابدتها‭ ‬إلا‭ ‬لأفراد‭ ‬الباحثين‭ ‬الذين‭ ‬نذروا‭ ‬حياتهم‭ ‬لها‭. ‬لذلك‭ ‬يفضل‭ ‬البحثُ‭ ‬البحثَ‭ ‬ويتميز‭ ‬المنجز‭ ‬العلمي‭ ‬على‭ ‬غيره‭ ‬بما‭ ‬يتأتى‭ ‬لصاحبه‭ ‬من‭ ‬تجويد‭ ‬الآلة‭ ‬وتعميق‭ ‬النظر‭ ‬ونخل‭ ‬البحوث‭ ‬المصاقبة‭ ‬استحضارا‭ ‬لما‭ ‬يميزها‭ ‬ووعيا‭ ‬بما‭ ‬يقعد‭ ‬بها‭ ‬بغية‭ ‬النفاذ‭ ‬بالمنهج‭ ‬والفكرة‭ ‬والنتيجة‭ ‬إلى‭ ‬أفق‭ ‬يذكره‭ ‬تاريخ‭ ‬العلم‭ ‬باعتباره‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬العلم‭.‬

كذلك‭ ‬تنشأ‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬الإنسان‭ ‬وكذلك‭ ‬ينطفئُ‭ ‬بعضها‭ ‬ويتلألأ‭ ‬نجم‭ ‬بعضها‭ ‬الآخر‭ ‬ردحا‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الذي‭ ‬تحتمله‭ ‬الفكرة‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬قدر‭  ‬اأرشيف‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬للدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬والنشرب‭  ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬تنظيم‭ ‬ندوته‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭. ‬رسم‭ ‬آفاقها‭ ‬وضبط‭ ‬محاورها‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬من‭ ‬التقدير‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬استغراق‭ ‬للوقت‭ ‬والجهد‭ ‬والطاقة‭ ‬واستنفاذ‭ ‬لها‭ ‬عودا‭ ‬على‭ ‬بدء‭.‬ 

والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬يكون‭ ‬أجدى‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مشروعا‭ ‬متكاملا‭ ‬تتحدد‭ ‬غاياته‭ ‬ووسائل‭ ‬عمله‭ ‬وتتوزع‭ ‬الأعباء‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬فرق‭  ‬الباحثين‭ ‬تتوفر‭ ‬فيهم‭ ‬الشروط‭ ‬العلمية‭ ‬الدنيا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الغايات‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬جهدهم‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬نضد‭ ‬كلام‭ ‬ودفة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬غيرها‭ . ‬كما‭ ‬بات‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الرسائل‭ ‬الجامعية‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬جاء‭ ‬تأسيس‭ ‬االمرصد‭ ‬العربي‭ ‬للثقافة‭ ‬الشعبيةبالذي‭ ‬يبشر‭ ‬به‭ ‬عهد‭ ‬المنامة‭ ‬للثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬2012‭ ‬يحمل‭ ‬الأمل‭  ‬في‭ ‬تضافر‭ ‬جهود‭ ‬الباحثين‭ ‬العرب‭ ‬حتى‭ ‬تتحول‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬المنامة‭ ‬إلى‭ ‬بؤرة‭ ‬علمية‭ ‬تشع‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬معرفة‭  ‬تكون‭ ‬مرجعا‭ ‬يحتكم‭ ‬إليه‭ ‬العلماء‭ ‬ومحطة‭ ‬تتلوها‭ ‬محطات‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬احتفالية‭ ‬تنتهي‭ ‬جدواها‭ ‬عقيب‭ ‬آخر‭ ‬تصفيق‭ ‬لها‭. ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬الإنجاز‭ ‬ليس‭ ‬سهلا‭ ‬متاحا‭ ‬ولكن‭ ‬صدق‭ ‬عزائم‭ ‬الرجال‭ ‬تبيح‭ ‬لنا‭ ‬التفاؤل‭ ‬والحلم‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نمضي‭ ‬بهذا‭ ‬المشروع‭ ‬المعرفي‭ ‬إلى‭ ‬مداه‭. ‬فالأعمال‭ ‬الكبيرة‭ ‬تبدأ‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬تبدأ‭ ‬أحلاما‭ ‬كبيرة‭.‬

 

أعداد المجلة