فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
21

الحكاية الخرافية بمنطقة القبائل

العدد 21 - أدب شعبي
الحكاية الخرافية  بمنطقة القبائل
الجزائر

مقدمة‭: ‬

لما‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬البدائي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مليء‭ ‬بألغاز‭ ‬محيرة‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬إمكانه‭ ‬إدراك‭ ‬كنهها،‭ ‬أطلق‭ ‬لخياله‭ ‬العنان‭ ‬ليفكر‭ ‬ويبتدع،‭ ‬فكانت‭ ‬الأساطير‭ ‬والحكايات‭ ‬الخرافية‭ ‬تتفجر‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المخيلة‭ ‬الخصبة،‭ ‬ولكن‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التعبير‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬الشعب‭ ‬وأعماقه‭ ‬وأصدق‭ ‬تصويرا‭ ‬لأفكاره‭ ‬ومعتقداته‭ ‬الراسخة‭ ‬لم‭ ‬ينل‭ ‬حظه‭ ‬من‭ ‬العناية‭ ‬والتنقيب‭ ‬والبحث،‭ ‬ 

نظرا‭ ‬للتهميش‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬الجزائرية‭ ‬والقبائلية‭ ‬منها‭ ‬خاصة،‭ ‬ونجد‭ ‬بعض‭ ‬كتب‭ ‬المستشرقين‭ ‬والذين‭ ‬حاولوا‭ ‬فهم‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭ ‬بطريقتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬فشوهوه،‭ ‬ولقد‭ ‬حفظ‭ ‬الإنسان‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬الشفوية‭ ‬من‭ ‬الاندثار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الذاكرة‭ ‬الجماعية‭ ‬وهي‭ ‬تؤكد‭ ‬استمرار‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭. ‬فتنقل‭ ‬إلينا‭ ‬تصور‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬والأمكنة‭ ‬والظروف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬يعيشها‭.‬

فجاءت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬كمحاولة‭ ‬لفهم‭ ‬مضامين‭ ‬هذه‭ ‬الروايات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬وربطها‭ ‬بالمحيط‭ ‬السوسيو‭-‬ثقافي‭ ‬والنفسي‭ ‬لهذا‭ ‬المجتمع،‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تتداول‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬رغم‭ ‬كونها‭ ‬فكرا‭ ‬خرافيا‭ ‬ميثولوجيا‭ ‬يدرج‭ ‬ضمن‭ ‬اللامنطق‭ ‬واللاعقلانية‭ ‬للمجتمعات‭ ‬البدائية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬متمسكا‭ ‬بأفكارها‭ ‬ويدعمها،‭ ‬بل‭ ‬ويطبقها‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬ويصدق‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬فيها‭ ‬ويؤمن‭ ‬به‭ ‬إيمانا‭ ‬قويا‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬العاقبة‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬غضب‭ ‬الخالق‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬الأرواح‭ ‬الشريرة‭... ‬وتعبر‭ ‬الدراسة‭ ‬الأنثروبولوجية‭ ‬عن‭ ‬الخلل‭ ‬الوظيفي‭ ‬واللامعيارية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬النسق‭ ‬البنيوي‭ ‬للمجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التناقضات‭ ‬الفكرية‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬الأفراد‭ ‬الاجتماعية‭.‬

I‭ - ‬توطئة‭:‬

ترتكز‭ ‬دراسة‭ ‬النقاد‭ ‬لسيميائية‭ ‬النص‭ ‬على‭ ‬استقصاء‭ ‬الأبعاد‭ ‬الدلالية‭ ‬ورصد‭ ‬الفضاءات‭ ‬الجمالية‭ ‬والفكرية‭ ‬والعاطفية‭ ‬واستبطان‭ ‬مختلف‭ ‬الإشعاعات‭ ‬والإيحاءات‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬النص‭ ‬باعتبار‭ ‬السيميائية‭ ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬كونها‭ ‬منهجا‭ ‬هي‭ ‬ممارسة‭ ‬في‭ ‬التأويل‭ ‬جاءت‭ ‬لتفسير‭ ‬الرموز‭ ‬وفك‭ ‬الألغاز‭ ‬اللغوية‭ ‬المتصلة‭ ‬بالدلالة‭ ‬النوعية‭.‬

ويهدف‭ ‬الخطاب‭ ‬السيميائي‭ ‬لدى‭ ‬اغريماسب‭ ‬وأتباعه‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬ميكانيزمات‭ ‬وضوابط‭ ‬النص‭ ‬وتفحص‭ ‬أهم‭ ‬ملامح‭ ‬الخطاب‭ ‬النقدي‭.‬

وتهدف‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬التعريف‭ ‬بالمنطلقات‭ ‬الأولية‭ ‬لسيمياء‭ ‬السرد‭ ‬والخطاب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للدارس‭ ‬المحلل‭ ‬المبتدئ‭ ‬تجاهل‭ ‬بعضها‭ ‬أو‭ ‬فصله،‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬المنطلقات‭ ‬ترد‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬تصورات‭ ‬ومفاهيم‭ ‬متصلة‭ ‬ومتداخلة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬ومستندة‭ ‬إلى‭ ‬خلفية‭ ‬معرفية‭ ‬متعددة‭ ‬والمتسمة‭ ‬بالغموض‭ ‬والانغلاق‭ ‬الذين‭ ‬يردان‭ ‬إلى‭ ‬أبعادها‭ ‬المرجعية‭ ‬والمعرفية‭ ‬المتعددة‭ ‬المنابع،‭ ‬حيث‭ ‬ترد‭ ‬إلى‭ ‬علوم‭ ‬شتى‭ ‬منها‭: ‬الفلسفة‭ ‬والسيكولوجيا‭ ‬والأثنولوجيا‭ ‬والأنثربولوجيا‭ ‬والسوسيولوجيا‭ ‬واللسانيات،‭ ‬ممّا‭ ‬يوفر‭ ‬للقارئ‭ ‬تحصيلا‭ ‬معرفيا‭ ‬كبيرا‭. ‬خاصّة‭ ‬وأن‭ ‬الهدف‭ ‬الأوّل‭ ‬من‭ ‬التحليل‭ ‬السيميائي‭ ‬يتمثّل‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬معاني‭ ‬الخطاب‭/‬النص،‭ ‬ممّا‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬النظرية‭ ‬السيميائية‭ ‬نظرية‭ ‬خاصّة‭ ‬بالمعنى،‭ ‬حيث‭ ‬يرتبط‭ ‬مفهوم‭ ‬البنية‭ ‬بمفهوم‭ ‬الخطاب‭/‬النص،‭ ‬وبمفهوم‭ ‬المستوى‭ ‬التحليلي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬وفقه‭ ‬تقسيم‭ ‬النص‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬سطحي‭ ‬ومستوى‭ ‬تعميقي‭. ‬كما‭ ‬حاول‭ ‬اغريماسب‭ ‬ربط‭ ‬المعنى‭ ‬بتوليد‭ ‬النص‭ ‬أو‭ ‬نواته‭ ‬الجوهرية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالماهية‭ ‬أو‭ ‬الجوهر‭ ‬الرئيسي‭ ‬للنص‭. ‬باختصار‭ ‬إنّه‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬جذور‭ ‬المعنى‭ ‬بقلب‭ ‬النص‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬قصد‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬وتحدد‭ ‬شكله‭.‬

إنّ‭ ‬المتعلم‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كفاءة‭ ‬ثقافية‭ ‬وسيميائية‭ ‬تفتح‭ ‬له‭ ‬بابا‭ ‬على‭ ‬الخلفية‭ ‬الضمنية‭ ‬للنص،‭ ‬ويكون‭ ‬الأدب‭ ‬هنا‭ ‬وسيلة‭ ‬جديدة‭ ‬للتعلم،‭ ‬لأن‭ ‬إحدى‭ ‬خصوصيات‭ ‬كونه‭ ‬مكثفا‭ ‬بالإيحاءات‭ ‬خاصّة‭ ‬الداخلية‭ ‬منها‭ ‬وكلّ‭ ‬نص‭ ‬متعدد‭ ‬المعاني‭ ‬يتطلّب‭ ‬قراءات‭ ‬متعددة،‭ ‬ممّا‭ ‬يسمح‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعنى‭ ‬الكامل‭ ‬للنص‭.‬

أخيرا‭ ‬من‭ ‬الضلالة‭ ‬المنهجية‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬نصوص‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الكتابة‭ ‬بالقاعدة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬نقرأ‭ ‬بها‭ ‬نصوص‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكتابة،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقرأ‭ ‬نصوصا‭ ‬عامية‭ ‬أو‭ ‬شعبية‭ ‬بالوتيرة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬نقرأ‭ ‬بها‭ ‬نصوصا‭ ‬فصيحة‭ ‬أو‭ ‬عامية،‭ ‬لأنه‭ ‬شتان‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬القراءتين‭ ‬والسبب‭ ‬يعرفه‭ ‬المتعاملون‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بحدود‭ ‬واضحة‭ ‬الخطاب‭ ‬الشفوي‭ ‬عن‭ ‬الخطاب‭ ‬الكتابي‭. ‬كون‭ ‬اللغة‭ ‬الشفوية‭ ‬متعارضة‭ ‬في‭ ‬رموز‭ ‬اتصالها‭ ‬ونظامها‭ ‬البنيوي‭ ‬بالنسبة‭ ‬للغة‭ ‬المكتوبة‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬الماهية‭ ‬اللفظية‭ ‬والماهية‭ ‬الخطية،‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وحدة‭ ‬المعنى‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الشفوي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التركيب‭ (‬تنسيق‭ ‬الوحدات‭ ‬الدالة‭ ‬المتلاصقة‭) ‬بينما‭ ‬تقوم‭ ‬الوحدة‭ ‬الخطية‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الكتابي‭ ‬على‭ ‬الكلمة‭(‬1‭)‬‭.‬

 

II‭ - ‬البناء‭ ‬السوسيو‭-‬أنثروبولوجي‭ ‬للحكاية‭ ‬الخرافية

مواضيع‭ ‬التحليل‭:‬

1‭ ‬ذ‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭:‬

من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمازيغي‭ ‬الكبير‭ ‬عامة‭ ‬والقبائلي‭ ‬خاصة‭ ‬يولي‭ ‬اهتماما‭ ‬فريدا‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬للذكر‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأنثى،‭ ‬فهو‭ ‬قوام‭ ‬الأسرة‭ ‬وركيزتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬وهو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬كأب‭ ‬أو‭ ‬أخ‭ ‬أو‭ ‬عم‭ ‬أو‭ ‬حتّى‭ ‬ابنا‭ ‬تبقى‭ ‬المرأة‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬والقيام‭ ‬بالواجبات‭ ‬المنزلية‭ ‬من‭ ‬طهي‭ ‬الطعام‭ ‬والتكفل‭ ‬بالأطفال‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬حدد‭ ‬منذ‭ ‬الأزل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المجتمع،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الوظيفة‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬كأم‭ ‬قبل‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭.‬

يحمل‭ ‬الرجل‭ ‬صورة‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬الذهنية‭ ‬القبائلية‭ ‬فهو‭ ‬أسد‭ ‬العائلة،‭ ‬حتّى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ظالما‭ ‬أو‭ ‬فاجرا‭ ‬ويمثّل‭ ‬الأب‭ ‬الشرف‭ ‬والفخر،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬نجد‭ ‬الصورة‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تحملها‭ ‬المرأة‭ ‬فهي‭ ‬منبع‭ ‬العار‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬الفضيحة‭ ‬دائما،‭ ‬رغم‭ ‬كون‭ ‬الصلة‭ ‬بالأم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬متينة‭ ‬جدا‭ ‬كونها‭ ‬العالم‭ ‬الأوّل‭ ‬والوحيد‭ ‬للطفل‭ ‬بعيدا‭ ‬ليس‭ ‬كلية‭ ‬عن‭ ‬الأب‭ ‬وهي‭ ‬الأكثر‭ ‬محافظة‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬الشعبي‭. ‬ويقال‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الشعبي‭ ‬بأن‭ ‬االرجل‭ ‬هو‭ ‬المصباح‭ ‬والمرأة‭ ‬تمثّل‭ ‬الظلامب،‭ (‬At‭ ‬afat ai argaz ettlam a tamettout‭)‬‭.‬

تبيّن‭ ‬هذه‭ ‬النظرة‭ ‬سرّ‭ ‬سعادة‭ ‬الأسرة‭ ‬عند‭ ‬مجيء‭ ‬الابن‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬لأنه‭ ‬معطى‭ ‬سماوي،‭ ‬فهو‭ ‬يستعمل‭ ‬لصالح‭ ‬البيت‭ ‬وسيحمل‭ ‬السلاح‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬وطنه‭ ‬وعليه‭ ‬يتوقف‭ ‬استمرار‭ ‬المجموعة،‭ ‬أما‭ ‬الأنثى‭ ‬فهي‭ ‬تلك‭ ‬العالة‭ ‬والعبء‭ ‬على‭ ‬الأسرة،‭ ‬لأنها‭ ‬ستتركها‭ ‬يوما‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬آخر‭ ‬غريب‭ ‬عنها،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العائلي‭ ‬كالذكر‭ ‬عادة‭.‬ 

الطبيعة،‭ ‬الأرض،‭ ‬الوطن،‭ ‬هي‭ ‬جميعا‭ ‬الأم‭. ‬فهناك‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬اللاواعي‭ ‬بين‭ ‬الطبيعة،‭ ‬النمط‭ ‬الحسي‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬اللاعقلانية‭ ‬والصور‭ ‬الأمومية،‭ ‬الغذاء،‭ ‬الدفء،‭ ‬الانسجام‭ ‬مع‭ ‬الطبيعة،‭ ‬الأرض‭ ‬الخيرة،‭ ‬كلها‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬الأم‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الحب‭ ‬والدفء‭ ‬مع‭ ‬الحليب‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬الحياة،‭ ‬فالأم‭ ‬تعطينا‭ ‬تجربة‭ ‬الوفاق‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭(‬2‭)‬‭ ‬التي‭ ‬تمد‭ ‬بمشاعر‭ ‬الأمن،‭ ‬بمشاعر‭ ‬السكينة‭ ‬الداخلية‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬تمثل‭ ‬الطبيعة‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬خطر‭ ‬الهلاك،‭ ‬وخطر‭ ‬الكوارث‭ ‬المختلفة‭ (‬حريق،‭ ‬فيضان،‭ ‬جفاف،‭ ‬أوبئة،‭ ‬عواصف‭...) ‬صورة‭ ‬الأم‭ ‬القاسية‭ ‬الغاضبة‭ ‬والنابذة‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬حبها‭ ‬وتحرم‭ ‬حنانها‭ ‬وترفض‭ ‬إعطاء‭ ‬الحليب‭ ‬الذي‭ ‬يملأ‭ ‬الجوف‭ ‬ويدخل‭ ‬السكينة‭ ‬إلى‭ ‬الطفل،‭ ‬يثير‭ ‬قلق‭ ‬هجر‭ ‬الأم‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬العدوانية‭ ‬التي‭ ‬تتوجه‭ ‬إلى‭ ‬الأم‭ ‬النابذة‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬انتقامية‭ ‬تدميرية،‭ ‬ممّا‭ ‬يولد‭ ‬الانتقام‭ ‬والعداوة‭ ‬بين‭ ‬الأم‭ ‬وولدها،‭ ‬بسبب‭ ‬انعدام‭ ‬الشعور‭ ‬بالأمن‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬الهلاك‭ ‬الذي‭ ‬تتضمنه‭ ‬الأم‭ ‬القاسية‭.‬

إنّ‭ ‬أشهر‭ ‬الاختزالات‭ ‬الإيجابية‭ ‬هي‭ ‬المرأة‭ ‬الأم‭ ‬محط‭ ‬أساطير‭ ‬التفاني‭ ‬والتضحية،‭ ‬والحب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬والرجاء‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخيب‭ ‬والعزاء‭ ‬الأكيد‭ ‬حين‭ ‬تقسو‭ ‬الحياة،‭ ‬ولقد‭ ‬بالغ‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬المتخلف‭ ‬في‭ ‬إعلاء‭ ‬شأن‭ ‬الأمومة،‭ ‬نظرا‭ ‬لما‭ ‬يعصف‭ ‬بوجوده‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬رغم‭ ‬كون‭ ‬هذه‭ ‬المبالغة‭ ‬أحيانا‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش‭ ‬بدليل‭ ‬انتشار‭ ‬اضطرابات‭ ‬الأمومة،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬تسجن‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬تصورات‭ ‬مثالية‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬الموهوم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تضخيم‭ ‬قيمة‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الأم‭ ‬كشيء‭ ‬تمتلكه‭ ‬أساسا،‭ ‬فتقع‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬التملكية‭ ‬المرضية‭(‬3‭)‬،‭ ‬فيدفع‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ثمن‭ ‬تعويض‭ ‬المرأة‭ ‬عن‭ ‬الغبن‭ ‬الذي‭ ‬يلحقه‭ ‬بها‭ ‬المجتمع،‭ ‬وبمقدار‭ ‬ما‭ ‬تتفانى‭ ‬في‭ ‬أمومتها‭ ‬فإنّها‭ ‬تطلب‭ ‬من‭ ‬طفلها‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬تمتلكه‭ ‬هذه‭ ‬الأمومة،‭ ‬ولذلك‭ ‬فمن‭ ‬النادر‭ ‬أن‭ ‬يستقل‭ ‬الصبي‭ ‬عن‭ ‬أمه‭ ‬نفسيا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المتخلف‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬القبائلي‭ ‬مهما‭ ‬كبر‭ ‬فسيظل‭ ‬مرتبطا‭ ‬بروابط‭ ‬خفية‭ ‬بالأم‭ ‬تجعله‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بشكل‭ ‬ما‭ ‬تابعا‭ ‬للزوجة‭ ‬التي‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬الأم‭ ‬نفسه‭.‬

كلّ‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬التحليلية‭ ‬من‭ ‬الزاوية‭ ‬السيكولوجية‭ ‬والسوسيولوجية‭ ‬نجدها‭ ‬مجسدة‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ ‬الابن‭ ‬وأمه‭ ‬الساكنين‭ ‬في‭ ‬الغابة،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الأم‭ ‬تعيش‭ ‬مع‭ ‬ابنها‭ ‬وتظل‭ ‬في‭ ‬الدار،‭ ‬فالأم‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الابن‭ (‬الأنثى‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬ورعاية‭ ‬الذكر‭) ‬إنها‭ ‬قاصر‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الدار‭ ‬في‭ ‬قوقعة،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬ضيق‭ ‬ويظل‭ ‬الابن‭ ‬المسؤول‭ ‬والمسيطر‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬ويحتك‭ ‬مع‭ ‬الطبيعة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬القنص‭ ‬أو‭ ‬الصيد‭ ‬ويقضي‭ ‬طول‭ ‬يومه‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬حيث‭ ‬الهواء‭ ‬والشمس‭ ‬والحياة‭ ‬مقابل‭ ‬الظلمة‭ ‬والجدران‭ ‬للأم،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تقتات‭ ‬الأم‭ ‬فهي‭ ‬قاصر‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬لكنها‭ ‬رمز‭ ‬للحب‭ ‬والحنان‭ ‬ومصدر‭ ‬العطف‭ ‬كلّه‭. ‬هذا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬لدينا‭ ‬بالمقابل‭ ‬الغول‭ ‬رمز‭ ‬الشر‭ ‬والقساوة‭ ‬الذي‭ ‬يطلب‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأم‭.‬ 

فالوحش‭ ‬يريد‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬بشر‭ ‬هذا‭ ‬تناقض‭ ‬صريح‭ ‬والأم‭ ‬توافق‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬الوحش‭. ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬غريب‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬هذه‭ ‬المصلحة‭ ‬التي‭ ‬تخرجها‭ ‬من‭ ‬سجنها‭ (‬البيت‭) ‬يصل‭ ‬بها‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬الابن‭ (‬فلذة‭ ‬الكبد‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬وعزيز‭ ‬عليها‭ ‬لنجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬أمام‭ ‬صورة‭ ‬الأم‭ ‬القاسية،‭ ‬حللنا‭ ‬شخصيتها‭ ‬سابقا،‭ ‬فتتظاهر‭ ‬بالخوف‭ ‬والضعف‭ ‬من‭ ‬الطبيعة‭ ‬والوحوش‭ ‬أمام‭ ‬ولدها‭ ‬وتضعه‭ ‬أمام‭ ‬اختبار‭ ‬قوته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيقاعه‭ ‬في‭ ‬كمين‭ ‬فيضطر‭ ‬الابن‭ ‬إلى‭ ‬تسكين‭ ‬خوف‭ ‬أمه‭ ‬بإظهار‭ ‬الشجاعة‭ ‬فهو‭ ‬رجل‭ ‬رمز‭ ‬القوة‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬والدته‭ ‬ويرعاها‭ ‬رغم‭ ‬قساوته‭ ‬عليها‭ ‬فهي‭ ‬مقدسة،‭ ‬يقتل‭ ‬الابن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الغول‭ ‬بمساعدة‭ ‬الأم‭ ‬فالأم‭ ‬تقتل‭ ‬الابن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصلحتها‭ ‬فقط‭ ‬إنها‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬الأمومي‭ ‬نحو‭ ‬ولدها‭.‬

يطلب‭ ‬الابن‭ ‬من‭ ‬الغول‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يأكل‭ ‬عظامه‭ ‬بل‭ ‬يضعها‭ ‬في‭ ‬كيس‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬حصانه‭ ‬ويطلق‭ ‬سراحه‭.‬

يذهب‭ ‬الجواد‭ ‬إلى‭ ‬زوجة‭ ‬الابن‭ ‬المتوفى‭ ‬ليعاد‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى،‭ ‬إنه‭ ‬اللامنطق‭ ‬المعروف‭ ‬في‭ ‬القصص‭ ‬الخرافية‭ ‬العجيبة‭ ‬بإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬لم‭ ‬العظام‭ ‬فقط،‭ ‬وينتقم‭ ‬الابن‭ ‬يقتل‭ ‬الغول‭ ‬أولا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الرصاص،‭ ‬لأن‭ ‬الغول‭ ‬كان‭ ‬نسرا‭ ‬فقدرة‭ ‬الوحش‭ ‬على‭ ‬التنكر‭ ‬والتغير‭ ‬واضحة‭ ‬ومتكررة‭ ‬في‭ ‬القصص‭ ‬الخرافية‭ ‬فالوحش‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ثعبانا‭ ‬أو‭ ‬نسرا‭ ‬أو‭ ‬كل‭ ‬حيوان‭ ‬مفترس‭ ‬عادة‭ ‬ويتحول‭ ‬من‭ ‬شكل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬بمرونة‭ ‬وسهولة،‭ ‬لتبدو‭ ‬لنا‭ ‬قوة‭ ‬وشجاعة‭ ‬الابن‭ ‬والخير‭ ‬وتغلبه‭ ‬على‭ ‬الشر‭.‬

يعود‭ ‬الابن‭ ‬لينتقم‭ ‬من‭ ‬الأم‭ (‬العدوة‭ ‬الأصلية‭ ‬الأولى‭)‬،‭ ‬لكن‭ ‬مشاعر‭ ‬البنوة‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬فأخذها‭ ‬إلى‭ ‬زوجته‭ (‬يضعف‭ ‬الابن‭ ‬أمام‭ ‬الأم‭ ‬المقدسة‭) ‬الأم‭ ‬تكن‭ ‬له‭ ‬الحقد‭ ‬فتسعى‭ ‬لقتله‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬نشر‭ ‬رماد‭ ‬الثعابين‭ ‬تحت‭ ‬فراشه،‭ ‬لكنه‭ ‬يعاد‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬نبتة‭ ‬أو‭ ‬عشبة‭ ‬لينتقم‭ ‬من‭ ‬أمه‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬القتل‭ ‬النهائي‭.‬

فالقصة‭ ‬تحمل‭ ‬صورا‭ ‬لقيم‭ ‬اجتماعية‭ ‬كثيرة‭ ‬حول‭ ‬الشجاعة‭ ‬والقهر‭ ‬والصراع‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ (‬الابن‭ ‬ذ‭ ‬الزوجة‭ ‬ذ‭ ‬الأم‭) ‬فلقد‭ ‬استخدمت‭ ‬القصص‭ ‬الخرافية‭ ‬بكثرة‭ ‬في‭ ‬القبائل‭ ‬قصد‭ ‬تنمية‭ ‬خيال‭ ‬الطفل‭ ‬وذكائه‭ ‬وتعويده‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬المسائل‭ ‬العويصة‭ ‬بالعقل‭ ‬والتفكير‭.‬ 

أما‭ ‬حكاية‭ ‬االبنت‭ ‬ذات‭ ‬القدرات‭ ‬الثلاثب‭ ‬فتبدو‭ ‬فيها‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬كدمية‭ ‬في‭ ‬ابنة‭ ‬السلطان‭ ‬الجميلة‭ ‬ذات‭ ‬القدرات‭ ‬الميتافيزيقية‭ ‬العجيبة‭ ‬من‭ ‬شروق‭ ‬الشمس‭ ‬وانهمار‭ ‬المطر‭... ‬وصورة‭ ‬الرجل‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬السلطان‭ ‬الذي‭ ‬يود‭ ‬امتلاكها‭ ‬واحتجازها‭ ‬في‭ ‬قصره‭ ‬كتحفة‭ ‬فنية‭ ‬وكمادة‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تحفظ‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آمن‭ ‬يتفرج‭ ‬عليها‭ ‬متى‭ ‬شاء،‭ ‬إنها‭ ‬أداة‭ ‬للمتعة‭ ‬ويريد‭ ‬امتلاكها‭ ‬والزواج‭ ‬منها‭ ‬بالقوة‭ ‬رغما‭ ‬عنها‭ ‬ورغما‭ ‬عن‭ ‬والدها‭.‬

يأتي‭ ‬الموكب‭ ‬لأخذ‭ ‬العروسة‭ ‬وتتدخل‭ ‬عجوز‭ (‬ستوت‭) ‬لتزرع‭ ‬فيها‭ ‬الرعب،‭ ‬إنها‭ ‬المرأة‭ ‬المسنة‭ ‬الرامزة‭ ‬لكلّ‭ ‬أنواع‭ ‬الشر‭ ‬والأذى‭ ‬حتّى‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬القبائلي‭ ‬المعاش‭ ‬وتتحول‭ ‬الفتاة‭ ‬الجميلة‭ ‬إلى‭ ‬حمامة،‭ ‬الحمامة‭ ‬وديعة‭ ‬وجميلة‭ ‬وطائر‭ ‬مسالم‭ ‬مطيع‭ ‬وخاضع،‭ ‬إنّه‭ ‬رمز‭ ‬المرأة‭ ‬بكلّ‭ ‬صفاتها‭ ‬الضعيفة،‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬نسر‭ ‬قوي‭ ‬أو‭ ‬أسد‭ ‬مخيف‭. ‬تتعرف‭ ‬الستوت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحمامة‭ ‬ترميها‭ ‬إلى‭ ‬بستان‭ ‬عجوز‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ (‬رمانة‭ ‬جميلة‭) ‬فاكهة‭ ‬تؤكل‭ ‬وفاكهة‭ ‬للمتعة،‭ ‬إنها‭ ‬رمز‭ ‬المرأة‭ ‬دائما‭ ‬والتصور‭ ‬نفسه‭ ‬والرؤية‭ ‬نفسها‭ ‬للأشياء‭ ‬تتكرر‭ ‬تهدى‭ ‬للسلطان‭ ‬يحاول‭ ‬أكلها‭ ‬فتعود‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬الأولى‭ ‬فانتقم‭ ‬السلطان‭ ‬من‭ ‬الستوت‭ ‬وزوجته‭ ‬الأولى‭ ‬المتآمرة‭ ‬معها‭ ‬فانتصر‭ ‬الخير‭ ‬على‭ ‬الشر‭. ‬والصابر‭ ‬على‭ ‬الأذى‭ ‬الذي‭ ‬ينال‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬دائما‭.‬

 

III‭ - ‬الزواج‭ ‬وتعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭:‬

إنّ‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقضية‭ ‬الزواج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬تبقى‭ ‬مسألة‭ ‬جماعية،‭ ‬وليست‭ ‬فردية‭ ‬وهي‭ ‬خاضعة‭ ‬لجبر‭ ‬الوالد‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬حق‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬الجد،‭ ‬مما‭ ‬يسبب‭ ‬في‭ ‬تزويج‭ ‬الفتيات‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭ (‬من‭ ‬12‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬سنة‭) ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الزواج‭ ‬إلا‭ ‬بعدما‭ ‬يكون‭ ‬اتفاقا‭ ‬بين‭ ‬العائلات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬البنت‭ ‬ميهأة‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأسرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬أعباء‭ ‬المنزل،‭ ‬لأنها‭ ‬وسيلة‭ ‬لامتداد‭ ‬الأسرة‭ ‬وتوثيق‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بدورها‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إنّ‭ ‬الزواج‭ ‬عند‭ ‬القبائل‭ ‬لا‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬العائلة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬العائلة‭ ‬الموجودة‭ ‬سابقا،‭ ‬والمرأة‭ ‬لا‭ ‬أمر‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬حق‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬قول‭ ‬رأيها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬المحافظ،‭ ‬لأن‭ ‬الزواج‭ ‬التقليدي‭ ‬مسألة‭ ‬خاصّة‭ ‬بالنساء‭ ‬ولعلّ‭ ‬لقساوة‭ ‬العادة‭ ‬القبائلية‭ ‬وكذا‭ ‬القانون‭ ‬الإسلامي‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬أي‭ ‬وجود‭ ‬شرعي‭ ‬للمعاشرة‭ ‬خارج‭ ‬الزواج‭ ‬دورا‭ ‬فعالا‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬المرأة‭ ‬ووصولها‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬وتعطي‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬للزواج‭ ‬الداخلي‭ ‬الإجباري‭ ‬للفتاة‭ ‬فقط،‭ ‬لأن‭ ‬الرجل‭ ‬له‭ ‬مبادرة‭ ‬الاختيار‭ ‬والزواج‭ ‬يكون‭ ‬عادة‭ ‬حسب‭ ‬حالة‭ ‬العلاقات‭ ‬القرابية،‭ ‬إذ‭ ‬تعتبر‭ ‬القريبة‭ ‬أو‭ ‬بنت‭ ‬العم‭ ‬عموما‭ ‬المرأة‭ ‬المثالية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأخلاق‭ ‬والأمومة‭ ‬والأمانة‭ ‬والإخلاص‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأجنبية‭.‬

والزواج‭ ‬الخارجي‭ ‬هو‭ ‬زواج‭ ‬غريب‭ ‬وبعيد‭ ‬ويعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬منفى‭ ‬يقال‭ (‬azwadj nbara azouadj el ghorba‭) ‬‭(‬الزواج‭ ‬الخارجي‭ ‬زواج‭ ‬غربة‭). ‬ويقال‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬أضحي‭ ‬بـ‭ (‬أذروم‭) ‬مقابل‭ (‬أغروم‭) ‬بمعنى‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نضحي‭ ‬بقرية‭ ‬كاملة‭ ‬مقابل‭ ‬قطعة‭ ‬خبز‭(‬4‭)‬‭. ‬إن‭ ‬العائلة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بتنظيم‭ ‬عملية‭ ‬اختيار‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬وأساسه‭ ‬قواعد‭ ‬الزواج‭ ‬الداخلي‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء‭ ‬ويعبّر‭ ‬هذا‭ ‬الزواج‭ ‬الداخلي‭ ‬عن‭ ‬طائفة‭ ‬تعود‭ ‬جذورها‭ ‬إلى‭ ‬القديم‭ ‬وإن‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمرأة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬الوسيلة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬اجتماعية‭ ‬باعتبارها‭ ‬أمّا‭ ‬لعدة‭ ‬ذكور،‭ ‬هذه‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬المنزل‭ ‬ولذلك‭ ‬نجد‭ ‬لهذه‭ ‬المكانة‭ ‬أهمية‭ ‬وتكرار‭ ‬كبيرين‭ ‬في‭ ‬الحكايات‭ ‬الشعبية،‭ ‬لأنها‭ ‬تحدد‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬الاجتماعي‭ ‬عبر‭ ‬عناصر‭ ‬رمزية‭ ‬مستعملة‭ ‬خصيصا‭ ‬في‭ ‬طقوس‭ ‬الزواج،‭ ‬فالبيض‭ ‬مثلا‭ ‬رمز‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الإنجاب‭ ‬والقمح‭ ‬رمز‭ ‬إنجاب‭ ‬الذكور‭ ‬والماء‭ ‬رمز‭ ‬إنجاب‭ ‬الإناث،‭ ‬ولذلك‭ ‬تعتبر‭ ‬المرأة‭ ‬الولود‭ ‬محظوظة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬التقليدي‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬المرأة‭ ‬العاقر‭ ‬التي‭ ‬تستبدل‭ ‬بكلّ‭ ‬سهولة،‭ ‬ممّا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬والمرأة‭ ‬الولود‭ ‬تقارن‭ ‬بعناصر‭ ‬المنزل‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الشعبي‭ ‬فهي‭ (‬elsas‭) (‬الساس‭) ‬لأنها‭ ‬وحدة‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬والرجل‭ ‬يبقى‭ ‬هو‭ (‬Argaz Boukham‭) ‬رجل‭ ‬المنزل‭ ‬لأنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬شؤون‭ ‬المنزل‭ ‬الخارجية‭.‬

ما‭ ‬تزال‭ ‬المشاكل‭ ‬الاجتماعية‭ (‬الزواج،‭ ‬الطلاق‭) ‬المحبة‭ ‬الكراهية‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬وإبقاء‭ ‬الزواج‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالخرافة‭ ‬نتيجة‭ ‬الانغلاق‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إذًا‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬العلم‭ ‬الحديث‭ ‬اليوم‭ ‬فإنّ‭ ‬الحفلات‭ ‬وما‭ ‬يتخللها‭ ‬من‭ ‬تحلل،‭ ‬وخاصّة‭ ‬لدى‭ ‬النساء‭ ‬يمكن‭ ‬تفسيرها‭ ‬كتعبير‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬الكبت‭ ‬الجنسي‭ ‬والنفسي‭ ‬وما‭ ‬ينجم‭ ‬عنهما‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬عضوية‭ ‬ونفسية،‭ ‬ثمّ‭ ‬إن‭ ‬المرأة‭ ‬بحكم‭ ‬ضعفها‭ ‬واعتمادها‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬غير‭ ‬مالكة‭ ‬لمستقبلها‭ ‬عامة‭ ‬ترى‭ ‬نفسها‭ ‬مضطرة‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬سلوكيات‭ ‬تخالف‭ ‬ما‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تراعيه‭ ‬من‭ ‬قيم،‭ ‬كلّ‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬يتوقع‭ ‬الرجل‭ ‬أن‭ ‬تحققه‭ ‬له‭ ‬وهو‭ ‬الحمل‭ ‬والإنجاب،‭ ‬ولعل‭ ‬خلط‭ ‬كلّ‭ ‬هذه‭ ‬العادات‭ ‬والخرافة‭ ‬بالدين‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬مقبولة‭ ‬في‭ ‬الذهنية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المتخلفة،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬كلّ‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الاختفاء‭ ‬تدريجيا‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬مسّت‭ ‬المجتمع‭ ‬الجزائري‭.‬

غير‭ ‬أننا‭ ‬نقرّ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬العصبية‭ ‬بين‭ ‬الوحدات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كالقبيلة‭ ‬والعشيرة‭ ‬والبطن‭ ‬والفصيلة‭ ‬والعائلة‭ ‬لبعضهم‭ ‬فيما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬ونصرة‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬عصبية‭ ‬التقاليد‭(‬5‭)‬،‭ ‬هذه‭ ‬قوية‭ ‬وذات‭ ‬أثر‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬قوى‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬يتألف‭ ‬منها‭ ‬المجتمع‭.‬

الإسلام‭ ‬دين‭ ‬يلائم‭ ‬الفطرة‭ ‬ويعالج‭ ‬الواقع‭ ‬بما‭ ‬يهذبه‭ ‬ويبعد‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬الإفراط‭ ‬والتفريط‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬جليا‭ ‬في‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات،‭ ‬فإنّه‭ ‬لاعتبارات‭ ‬إنسانية‭ ‬هامة،‭ ‬فردية‭ ‬واجتماعية‭ ‬أباح‭ ‬للمسلم‭ ‬أن‭ ‬يتزوج‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬واحدة‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام‭ ‬تبيح‭ ‬التزوج‭ ‬بالحجم‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬قد‭ ‬يبلغ‭ ‬العشرات‭ ‬والمئات‭ ‬دون‭ ‬اشتراط‭ ‬لشرط‭ ‬أو‭ ‬تقييد‭ ‬بقيد،‭ ‬فلما‭ ‬جاء‭ ‬الإسلام‭ ‬وضع‭ ‬لتعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬قيدا‭ ‬وشرطا‭. ‬فأما‭ ‬القيد‭ ‬فجعل‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬للزوجات‭ ‬أربعا‭ ‬ومن‭ ‬أسلم‭ ‬عن‭ ‬ثمانية‭ ‬وعن‭ ‬خمسة‭ ‬نهاه‭ ‬الرسول‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬يمسك‭ ‬منهن‭ ‬أربعا‭ ‬فقط‭.‬

وأما‭ ‬الشرط‭ ‬الذي‭ ‬اشترطه‭ ‬الإسلام‭ ‬لتعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬فهو‭ ‬ثقة‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬يعدل‭ ‬بين‭ ‬زوجاته‭ ‬في‭ ‬المأكل‭ ‬والمشرب‭ ‬والملبس‭ ‬والمسكن‭ ‬والمبيت‭ ‬والنفقة‭ ‬والمشاعر،‭ ‬فمن‭ ‬لم‭ ‬يثق‭ ‬بهذه‭ ‬القدرة‭ ‬ومعاشرة‭ ‬زوجاته‭ ‬بالعدل‭ ‬والسوية‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬المستحيلات‭ ‬حرّم‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتزوج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬واحدة‭ ‬وبموافقة‭ ‬زوجته‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‭}‬فإن‭ ‬خفتم‭ ‬ألا‭ ‬تعدلوا‭ ‬فواحدة‭{‬‭. ‬وفي‭ ‬آية‭ ‬أخرى‭: ‬‭}‬ولن‭ ‬تعدلوا‭ ‬ولو‭ ‬حرصتم‭{‬‭(‬6‭)‬‭ ‬بمعنى‭ ‬مهما‭ ‬حاولتم‭ ‬ولم‭ ‬يقل‭ ‬سبحانه‭ (‬لم‭) ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬بل‭ ‬قال‭: (‬لن‭) ‬يعني‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬وقال‭: ‬ا‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬امرأتان‭ ‬يميل‭ ‬لإحداهما‭ ‬على‭ ‬الأخرى‭ ‬جاء‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬يجر‭ ‬أحد‭ ‬شقيه‭ ‬ساقطا‭ ‬أو‭ ‬مائلا‭ ‬ب‭(‬7‭)‬‭. ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬كون‭ ‬الزواج‭ ‬وسيلة‭ ‬لزيادة‭ ‬عدد‭ ‬الذكور‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬وتخليد‭ ‬اسم‭ ‬العائلة،‭ ‬فإنّ‭ ‬إنجاب‭ ‬وتكاثر‭ ‬امرأة‭ ‬واحدة‭ ‬كافٍ‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭. ‬إذ‭ ‬أننا‭ ‬نلاحظ‭ ‬تعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬بدون‭ ‬سبب‭ ‬كأن‭ ‬تكون‭ ‬المرأة‭ ‬تلد‭ ‬إناثا‭ ‬فقط‭ ‬أو‭ ‬كأن‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬جميلة‭ ‬أو‭ ‬غنية‭ ‬فتتحمل‭ ‬فيه‭ ‬المرأة‭ ‬متاعب‭ ‬كثيرة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬إنجاب‭ ‬الإناث‭ ‬تتعلق‭ ‬بالرجل‭ ‬علميا‭ ‬وليس‭ ‬بالمرأة‭ ‬خصوصا،‭ ‬إذا‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬تترك‭ ‬بيت‭ ‬زوجها‭ ‬ولا‭ ‬حقّ‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الزواج،‭ ‬نظرا‭ ‬للصورة‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬في‭ ‬الذهنية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬القبائلية‭ ‬كمطلقة‭ ‬فنجدها‭ ‬تختار‭ ‬الضرة‭ ‬والبقاء‭ ‬مذلولة‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تطلق‭.‬

ما‭ ‬نلاحظه‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬القصص‭ ‬الشعبية‭ ‬هذه‭ ‬أن‭ ‬الغول‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬الابن‭ ‬وأمه‭ ‬الساكنين‭ ‬في‭ ‬الغابة،‭ ‬طلب‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬البطل‭ (‬العجوز‭) ‬زواج‭ ‬الوحش‭ / ‬البشر‭ ‬كمصلحة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الغول‭ ‬بإمكانه‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬فتاة‭ ‬شابة‭ ‬وجميلة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سعيه‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬ابن‭ ‬العجوز‭.‬

الوالدة‭ ‬تتكاتف‭ ‬مع‭ ‬الغول‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬ابنها،‭ ‬فالمصلحة‭ ‬هنا‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬الأمومة‭ ‬كأكبر‭ ‬شعور‭ ‬وإحساس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬البشري،‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبعد‭ ‬موت‭ ‬الابن‭ ‬أخذ‭ ‬الجواد‭ ‬عظامه‭ ‬إلى‭ ‬زوجته‭ ‬ولم‭ ‬يأخذها‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬صديق‭ ‬أو‭ ‬قريب،‭ ‬ممّا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬المكانة‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬الزوجة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬العجوز‭ ‬والكنة‭ ‬كغيرة‭ ‬الأم‭ ‬الشديدة‭ ‬من‭ ‬العروسة‭ ‬التي‭ ‬دفعتها‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الابن‭ ‬أيضا،‭ ‬فهي‭ ‬تشعر‭ ‬وكأن‭ ‬زواج‭ ‬ابنها‭ ‬حرمها‭ ‬منه‭. ‬

أما‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ ‬االبنت‭ ‬ذات‭ ‬القدرات‭ ‬الثلاثب‭ ‬فيتجسد‭ ‬فيها‭ ‬جمال‭ ‬الفتاة‭ ‬المرتبط‭ ‬بجمال‭ ‬الطبيعة‭ ‬وامتلاكها‭ ‬لخصائص‭ ‬خارجة‭ ‬للعادة‭. ‬السلطان‭ ‬يطلب‭ ‬يد‭ ‬الفتاة‭ ‬الجميلة‭ ‬رغم‭ ‬كونه‭ ‬متزوجا‭ ‬ويريدها‭ ‬بالقوة‭ ‬رغم‭ ‬رفض‭ ‬والد‭ ‬الفتاة‭ ‬ورغم‭ ‬خوف‭ ‬الفتاة‭ ‬نفسها،‭ ‬المعبر‭ ‬عنه‭ ‬بتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬حمامة‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬الهلع‭.‬

كما‭ ‬نلاحظ‭ ‬مكانة‭ ‬الزواج‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬فالعجوز‭ (‬الستوت‭) ‬تحسد‭ ‬الفتاة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الزواج،‭ ‬فتسعى‭ ‬إلى‭ ‬غش‭ ‬السلطان‭ ‬وتزويجه‭ ‬من‭ ‬فتاة‭ ‬أخرى،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تقف‭ ‬فيه‭ ‬الحمامة‭ ‬يوميا‭ ‬على‭ ‬نافذة‭ ‬أو‭ ‬دهليز‭ ‬البيت‭ ‬قرب‭ ‬غرفة‭ ‬نوم‭ ‬السلطان‭ ‬فتضرب‭ ‬بمنقارها‭ ‬كلفت‭ ‬لانتباهه‭.‬

ثمّ‭ ‬تكشف‭ ‬العجوز‭ ‬الستوت‭ ‬أمر‭ ‬الحمامة‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى‭ ‬وتحسدها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المكانة‭ ‬بعدما‭ ‬طلب‭ ‬السلطان‭ ‬من‭ ‬زوجته‭ ‬رعاية‭ ‬الحمامة،‭ ‬فتأخذها‭ ‬وتقطعها‭ ‬إلى‭ ‬قسمين‭ ‬وترميها‭ ‬إلى‭ ‬بستان‭ ‬امرأة‭ ‬عجوز‭ ‬فتنبت‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬رمانة‭ ‬لتعود‭ ‬إلى‭ ‬السلطان‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬هدية،‭ ‬ويفتحها‭ ‬السلطان‭ ‬فتصير‭ ‬طائرا‭ ‬ثمّ‭ ‬فتاة‭ ‬رائعة‭ ‬يتزوجها‭ ‬السلطان‭ ‬وينتقم‭ ‬من‭ ‬زوجته‭ ‬الأولى‭ ‬والعجوز‭ ‬الستوت‭ ‬بالقتل‭.‬

نلاحظ‭ ‬ارتباط‭ ‬الزواج‭ ‬بالجمال‭ ‬والمال‭ ‬والحسد‭ ‬والمكائد‭ ‬من‭ ‬الآخرين،‭ ‬وكلّ‭ ‬هذا‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬وحللناه‭ ‬سابقا‭ ‬من‭ ‬الزاوية‭ ‬السيكولوجية‭ ‬والسوسيولوجية،‭ ‬مّما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬آثار‭ ‬وتقاليد‭ ‬سلبية‭ ‬وبالية‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬القبائلي‭.‬

 

IV‭ - ‬المجتمع‭ ‬البدوي‭ ‬والمجتمع‭ ‬الحضري‭:‬

إنّ‭ ‬اختلاف‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬أحوالهم‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬باختلاف‭ ‬نحلتهم‭ ‬من‭ ‬المعاش‭ ‬والأجيال‭ ‬التي‭ ‬تكتفي‭ ‬بالضروري‭ ‬من‭ ‬المعاش‭ ‬تسمى‭ ‬بالأجيال‭ ‬البدوية،‭ ‬والبدو‭ ‬هم‭ ‬المنتحلون‭ ‬للمعاش‭ ‬الطبيعي‭ ‬والمقتصرون‭ ‬على‭ ‬الضروري‭ ‬من‭ ‬الحاجات‭ ‬حسب‭ ‬العلامة‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬هم‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقسام‭:‬

افأما‭ ‬الأوّل‭ ‬فهو‭ ‬قسم‭ ‬ينتحل‭ ‬الفلاحة‭ ‬من‭ ‬الزراعة‭ ‬والغراسة،‭ ‬وهم‭ ‬المقيمون‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬البربر‭ ‬والأعاجم‭. ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬قسم‭ ‬ينتحل‭ ‬القيام‭ ‬على‭ ‬الحيوان‭ ‬من‭ ‬الغنم‭ ‬والبقر‭ ‬والنحل‭ ‬وهم‭ ‬الشاوية‭ ‬والبربر‭ ‬والتركمان‭. ‬والقسم‭ ‬الثالث‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ينتحل‭ ‬القيام‭ ‬على‭ ‬الحيوان‭ ‬الإبل‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬وهم‭ ‬الأعراب‭ ‬الرحل‭ ‬وهم‭ ‬أكثر‭ ‬بداوة،‭ ‬وهم‭ ‬البدو‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والبربر‭(‬8‭)‬‭.‬

أما‭ ‬العمران‭ ‬البدوي‭ ‬فهو‭ ‬أقدم‭ ‬من‭ ‬العمران‭ ‬الحضري،‭ ‬لأن‭ ‬الضروري‭ ‬أقدم‭ ‬من‭ ‬الكمالي‭ ‬وسابق‭ ‬عليه،‭ ‬فالبدوي‭ ‬أصل‭ ‬للحضري‭. ‬فخشونة‭ ‬البداوة‭ ‬قبل‭ ‬رقة‭ ‬الحضارة‭. ‬والبدو‭ ‬معروفون‭ ‬بالصنائع‭ ‬والزراعة‭ ‬ويبادلون‭ ‬أهل‭ ‬الحضر‭ ‬بغلاتها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬للبدو‭ ‬عصبية‭ ‬قوية‭ ‬والسبب‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬عصبة‭ ‬واحدة،‭ ‬أما‭ ‬أهل‭ ‬المدن‭ ‬فأوكلوا‭ ‬أمر‭ ‬الدفاع‭ ‬إلى‭ ‬الدولة،‭ ‬ويتصف‭ ‬البدو‭ ‬بنكد‭ ‬العيش،‭ ‬وصعوبة‭ ‬الأحوال‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬حياتهم‭ ‬التي‭ ‬تدعوهم‭ ‬إلى‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالضروري‭ ‬من‭ ‬الحاجات،‭ ‬وهم‭ ‬أكثر‭ ‬حركة‭ ‬وانتقالا‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المدن،‭ ‬لأن‭ ‬أحوالهم‭ ‬الطبيعية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬والتقلب،‭ ‬وهم‭ ‬أيضًا‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الخير‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الحضر‭ ‬لكثرة‭ ‬انغماسهم‭ ‬في‭ ‬الترف‭ ‬وعكوفهم‭ ‬على‭ ‬الشهوات،‭ ‬حتّى‭ ‬بعُدت‭ ‬عنهم‭ ‬طرق‭ ‬الخير‭ ‬وبقي‭ ‬بالمقابل‭ ‬أهل‭ ‬البدو‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الفطرة‭ ‬الأولى‭.‬

وأهل‭ ‬البدو‭ ‬أيضا‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الشجاعة‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الحضر،‭ ‬لأن‭ ‬تفردهم‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬وتوحشهم‭ ‬في‭ ‬القفار‭ ‬وبعدهم‭ ‬عن‭ ‬الأسوار‭ ‬جعل‭ ‬البأس‭ ‬خُلقا‭ ‬لهم،‭ ‬ولكونهم‭ ‬أكثر‭ ‬حرية‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المدن‭ ‬الذين‭ ‬ينقادون‭ ‬إلى‭ ‬الحاكم‭ ‬الذي‭ ‬يتولى‭ ‬الدفاع‭ ‬عنهم‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬سلاطين‭ ‬إفريقيا‭ ‬المعاصرين‭ ‬كانوا‭ ‬يستنصرون‭ ‬القبائل‭ ‬الموالية‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬الأعداء‭.‬

أما‭ ‬العمران‭ ‬الحضري‭ ‬فهو‭ ‬طبيعي‭ ‬كالبدوي‭ ‬ولكنه‭ ‬أكثر‭ ‬دعة‭ ‬ورفها‭ ‬وأهله‭ ‬لا‭ ‬يكتفون‭ ‬بالضروري،‭ ‬بل‭ ‬ينشدون‭ ‬الكمالي‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬البدو‭ ‬لو‭ ‬اتسعت‭ ‬حياتهم‭ ‬وحصل‭ ‬لهم‭ ‬فوق‭ ‬حاجاتهم‭ ‬قادهم‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬السكون‭ ‬والراحة‭ ‬فيكون‭ ‬العمران‭ ‬الحضري‭. ‬والحضارة‭ ‬عند‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬هي‭ ‬التفنن‭ ‬في‭ ‬الترف‭ ‬والكلف‭ ‬بالصنائع‭ ‬الكمالية‭ ‬والزيادة‭ ‬في‭ ‬النفقات‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬وازدياد‭ ‬الكذب‭ ‬والغش‭ ‬والسرقة،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬خصائص‭ ‬الحضر‭ ‬انتشار‭ ‬العلوم‭ ‬والفنون‭ ‬وانحلال‭ ‬روح‭ ‬التضامن‭ ‬والعصبية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬الرحم‭ ‬لاختلاط‭ ‬الأنساب‭ ‬وفقدانهم‭ ‬الشجاعةب،‭ ‬ولقد‭ ‬توصل‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬إلى‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬العصبية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البدوي‭ ‬نتيجة‭ ‬الظروف‭ ‬القاسية،‭ ‬لأن‭ ‬الفقر‭(‬9‭)‬‭ ‬والحرمان‭ ‬يمثلان‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬أشكالا‭ ‬من‭ ‬النقص‭ ‬وهو‭ ‬شعور‭ ‬يتناقض‭ ‬وطبيعة‭ ‬الإنسان،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬والثراء‭ ‬والغنى‭ ‬تجعل‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالسعادة‭ ‬والراحة‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭ ‬مرغوبة‭ ‬لذاتها،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬تحققها‭ ‬يجنح‭ ‬الفرد‭ ‬إلى‭ ‬الراحة‭ ‬والخمول‭ ‬فتضعف‭ ‬العصبية‭. ‬ولقد‭ ‬ظلت‭ ‬حياة‭ ‬العرب‭ ‬عامة‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬التنقل‭ ‬والسفر‭ ‬والترحال‭ ‬لجلب‭ ‬المؤونة‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬لمجتمع‭ ‬رأى‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الرعوية‭ ‬أيسر‭ ‬طريق‭ ‬لبناء‭ ‬الحياة‭ ‬الرغيدة‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬تربية‭ ‬المواشي‭ ‬والإبل‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬والزراعة‭ ‬في‭ ‬الأودية‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬وتتسم‭ ‬جغرافيتهم‭ ‬بالوعورة‭ ‬كالصحراء‭(‬10‭)‬‭.‬

إنّ‭ ‬المجتمع‭ ‬البدوي‭ ‬مجتمع‭ ‬تقليدي‭ ‬بما‭ ‬تشيع‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أعراف‭ ‬وما‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬أفراده‭ ‬من‭ ‬عادات‭ ‬وما‭ ‬يفرضه‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬التفاعل‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتحرك‭ ‬السلوكي‭ ‬من‭ ‬جمود،‭ ‬يخدم‭ ‬إذن‭ ‬مصالح‭ ‬فئة‭ ‬ضئيلة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بمعظم‭ ‬الامتيازات‭ ‬وتستفيد‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬فالشواهد‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬المتخلف‭ ‬أكثر‭ ‬جدا‭ ‬أبرزها‭ ‬ما‭ ‬يشيع‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬القبلي‭ ‬والعشائري‭ ‬فنجد‭ ‬تلازما‭ ‬بين‭ ‬أقصى‭ ‬انتشار‭ ‬للتقاليد‭ ‬وأشد‭ ‬سطوة‭ ‬لها‭ ‬وأكبر‭ ‬درجات‭ ‬القهر‭ ‬الاجتماعي‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفردي‭ ‬فالوظائف‭ ‬الدفاعية‭ ‬للتمسك‭ ‬بالتقاليد‭ ‬متعددة‭ ‬فهي‭ ‬تؤمن‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬الحياتي‭ ‬وتعطي‭ ‬للإنسان‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬الطمأنينة‭ ‬للوضع‭ ‬الراهن‭ ‬وتؤمن‭ ‬الحماية‭ ‬الذاتية‭ ‬وهي‭ ‬تبعد‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬المقهور‭ ‬خطر‭ ‬مجابهة‭ ‬قلق‭ ‬المجهول‭ ‬وقلق‭ ‬التغير‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المتسلط‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬وطأة‭ ‬التقاليد‭ ‬يؤمن‭ ‬للإنسان‭ ‬المقهور‭ ‬حماية‭ ‬كأداة‭ ‬لخدمة‭ ‬أغراضه‭ ‬وكعنصر‭ ‬لاستغلاله،‭ ‬فيبدو‭ ‬الأمر‭ ‬كأنه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬الحياة‭ (‬الحماية‭ ‬مقابل‭ ‬الرضوخ‭ ‬والتمسك‭ ‬بالتقاليد‭ ‬والاعتراف‭ ‬بسلطة‭ ‬المتسلط‭) ‬‭(‬11‭)‬‭. ‬

توجد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المتخلف‭ ‬تعبئة‭ ‬نفسية‭ ‬ضد‭ ‬كلّ‭ ‬من‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬التقاليد‭ ‬وتحدي‭ ‬المعايير‭ ‬فيستباح‭ ‬في‭ ‬سمعته‭ ‬ورزقه‭ ‬وحياته‭ ‬ويأخذ‭ ‬العدوان‭ ‬عليه‭ ‬طابع‭ ‬البطش،‭ ‬كعقاب‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭.‬

أما‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السيكولوجية‭ ‬فيهرب‭ ‬الإنسان‭ ‬المقهور‭ ‬إلى‭ ‬أمجاد‭ ‬الماضي‭ ‬فيمجد‭ ‬مظاهر‭ ‬عظمة‭ ‬تاريخه‭ ‬وتراثه‭ ‬عكس‭ ‬الحاضر‭ ‬القاسي،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الرجعية‭ ‬إلى‭ ‬الماضي‭ ‬يتماهى‭ ‬الإنسان‭ ‬المقهور‭ ‬بالبطولات‭ ‬الفروسية،‭ ‬ويظهر‭ ‬هذا‭ ‬جليا‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬الفرسان‭ ‬الأبطال‭ ‬فهؤلاء‭ ‬في‭ ‬القصص‭ ‬الشعبي‭ ‬أناس‭ ‬متفوقون‭ ‬وقدرات‭ ‬خارقة‭ ‬لا‭ ‬يصمد‭ ‬أمامها‭ ‬شيء‭ ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬كلّ‭ ‬الرغبات‭ ‬الدفينة‭ ‬التي‭ ‬تشكّل‭ ‬الضد‭ ‬الكامل‭ ‬للعجز‭ ‬الواقعي‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأبطال،‭ ‬فتمثّل‭ ‬صورة‭ ‬البطل‭ ‬ليس‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حقيقة،‭ ‬بل‭ ‬كما‭ ‬نرغبه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كاملا‭ ‬فائقا‭ ‬ذا‭ ‬جبروت‭ ‬فالبطل‭ ‬أسطوري‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الجسدية‭ ‬يمثّل‭ ‬القوة‭ ‬المطلقة‭ (‬الغول‭) ‬وقمة‭ ‬في‭ ‬الخبرة‭ ‬والفروسية‭ (‬الصياد‭) ‬فرسه‭ ‬نادرة‭ ‬وشجاعته‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬كلّ‭ ‬امتحان‭ (‬تحدي‭ ‬كلّ‭ ‬الصعاب‭ ‬ويعود‭ ‬للحياة‭).‬

ويتحلى‭ ‬البطل‭ ‬بكلّ‭ ‬الفضائل‭ ‬النفسية‭ ‬والخلقية‭ (‬الصياد‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ ‬الابن‭ ‬وأمه‭ ‬الساكنين‭ ‬في‭ ‬الغابة‭) ‬شجاع‭ ‬رغم‭ ‬كونه‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬الغابة‭ (‬الريف‭ ‬ذ‭ ‬البدو‭ ‬ذ‭ ‬الطبيعة‭) ‬ولكنها‭ ‬تمثّل‭ ‬الخطر‭. ‬ويعيش‭ ‬مع‭ ‬احتكاك‭ ‬دائم‭ ‬بالطبيعة‭ ‬والحيوانات‭ (‬الجواد‭ ‬ذ‭ ‬الكلاب‭) ‬ويتمتع‭ ‬بكلّ‭ ‬قيم‭ ‬الرجولة‭ ‬والشهامة‭ ‬والكرم،‭ ‬ووفاء‭ ‬الحيوانات‭ ‬للصياد‭ ‬دليل‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬الوطيدة‭ ‬بينه‭ ‬وبينها‭ ‬وإرجاع‭ ‬هذه‭ ‬الحيوانات‭ ‬صاحبها‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ (‬كلّها‭ ‬خرافة‭ ‬وإعجاز‭). ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يمثّل‭ ‬مجرّد‭ ‬إسقاط‭ ‬لأمل‭ ‬الإنسان‭ ‬المقهور‭ ‬في‭ ‬الخلاص‭ ‬لرغبته‭ ‬الدفينة‭ ‬في‭ ‬امتلاك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مجابهة‭ ‬قدره‭ ‬فينجح‭ ‬البطل‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬كلّ‭ ‬عراقيل‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬يعجز‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬مواجهتها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش‭(‬12‭)‬‭.‬

نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬تحليلنا‭ ‬للمجتمع‭ ‬الريفي‭ ‬والحضري‭ ‬جسّد‭ ‬رمزيا‭ ‬في‭ ‬حكاية‭ ‬االتنبؤ‭ ‬بالمجتمع‭ ‬المستقبليب‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والنفسية‭ ‬والأدبية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬معا،‭ ‬إذ‭ ‬هي‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬الريفية‭ ‬القاسية‭ ‬الطبيعية‭ ‬وعلاقة‭ ‬الإنسان‭ ‬بالطبيعة‭ ‬وتربية‭ ‬المواشي‭ (‬الكبش‭) ‬ربما‭ ‬في‭ ‬الشمال،‭ ‬والناقة‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬وعلاقة‭ ‬ذلك‭ ‬بالمورد‭ ‬المعيشي‭ ‬والرزق‭.‬

فالكبش‭ ‬معبر‭ ‬عن‭ ‬الألفة‭ ‬والوداعة‭ ‬والرحمة‭ ‬والرزق‭ ‬وعلاقة‭ ‬ذلك‭ ‬بعيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك‭ ‬في‭ ‬شريعتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬ورمزه‭ ‬للتضحية‭ ‬مكان‭ ‬سيدنا‭ ‬إسماعيل‭ (‬ع‭).‬

أما‭ ‬الناقة‭ ‬فقد‭ ‬عرف‭ ‬حب‭ ‬العرب‭ ‬لها‭ ‬وتفانيهم‭ ‬في‭ ‬خدمتها‭ ‬والتغني‭ ‬بجمالها‭ ‬فكان‭ ‬الرجل‭ ‬يشتريها‭ ‬ويحمل‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬عقرها‭ ‬والقيام‭ ‬بتوزيع‭ ‬لحمها‭ ‬وشحمها‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬المحتاجين‭(‬13‭)‬‭.‬

أما‭ ‬الصياد‭ ‬فصورته‭ ‬توحي‭ ‬بالفقر‭ ‬والمعاناة‭(‬14‭)‬،‭ ‬ولكنه‭ ‬شجاع‭ ‬وفي‭ ‬صحة‭ ‬جيدة‭ ‬مما‭ ‬يرمز‭ ‬لصحة‭ ‬أهل‭ ‬البدو‭ ‬والريف‭ ‬وسقم‭ ‬ومرض‭ ‬أهل‭ ‬المدينة‭ ‬أو‭ ‬الحضر‭.‬

فالتفسير‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬الرسول‭ ‬الكريم‭ ‬‭ ‬لعلي‭ ‬كرم‭ ‬الله‭ ‬وجهه‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬شاهده‭ ‬من‭ ‬كبش‭ ‬يضرب‭ ‬برأسه‭ ‬على‭ ‬صخرة‭ ‬مرارا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬الزوج‭ ‬والزوجة‭ ‬اللذين‭ ‬يتشاجران‭ ‬في‭ ‬النهار‭ ‬فعلا‭ ‬بسبب‭ ‬المشاكل‭ ‬اليومية‭ ‬وينامان‭ ‬معا‭ ‬وفق‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬وجعلنا‭ ‬بينكم‭ ‬مودة‭ ‬ورحمة‭) ‬وتفسير‭ ‬الناقة‭ ‬السمينة‭ ‬وهي‭ ‬ترعى‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬وعرة‭ ‬كعلامة‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬البدو‭ ‬والريف‭ ‬الأصحاء،‭ ‬نظرا‭ ‬لما‭ ‬يأكلونه‭ ‬من‭ ‬أكل‭ ‬طبيعي‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬والاصطناعية‭ ‬رغم‭ ‬فقدانهم‭ ‬لكلّ‭ ‬وسائل‭ ‬الدعة‭ ‬والرفاهية‭ ‬ويعشيون‭ ‬طويلا‭ ‬وفي‭ ‬سعادة،‭ ‬وأخيرا‭ ‬فسّر‭ ‬الناقة‭ ‬الهزيلة‭ ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬خصبة‭ ‬بأهل‭ ‬الحضر‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بوسائل‭ ‬الراحة،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬هم‭ ‬مرضى‭ ‬لأكلهم‭ ‬أطعمة‭ ‬ملوثة‭ ‬وضارة‭ ‬للصحة،‭ ‬مما‭ ‬يجعلهم‭ ‬غير‭ ‬سعداء‭ ‬نتيجة‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬أدّت‭ ‬إليه‭ ‬الحضارة‭ ‬من‭ ‬تشرد‭ ‬الآباء‭ ‬ودخولهم‭ ‬دور‭ ‬الشيخوخة‭ ‬واستقلال‭ ‬الأبناء‭ ‬عن‭ ‬سلطة‭ ‬الآباء،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬رمز‭ ‬إليه‭ ‬بالكلبة‭ ‬ووجود‭ ‬كلاب‭ ‬ينبحون‭ ‬في‭ ‬بطنها‭ ‬وهي‭ ‬الأجيال‭ ‬الصاعدة‭ ‬الشقية،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬بسبب‭ ‬الضياع‭ ‬وهم‭ ‬يدفعون‭ ‬ثمن‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬آبائهم‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭.‬

يبقى‭ ‬البدوي‭ ‬القبائلي‭ ‬محافظا‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬العربية‭ ‬القديمة‭ ‬من‭ ‬شجاعة‭ ‬وذكاء‭ ‬وحكمة،‭ ‬ويرجع‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬الظروف‭ ‬بالحياة‭ ‬السهلة‭ ‬فيها،‭ ‬بل‭ ‬تدفعه‭ ‬إلى‭ ‬اجتهاد‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬المعيشة‭.‬

الهوامش‭:‬

1 - عبد الجليل مرتاض: التحليل اللساني البنيوي للخطاب الشفوي في الأثر، مجلة الآداب واللغات، جامعة ورڤلة، 2002، ص 7.
2 - حجازي مصطفى، التخلف الاجتماعي ذ مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2001، ص 91.
3 - المرجع نفسه، ص 93.
4 - بداك شبحة: الممارسات السحرية في المجتمع الأمازيغي، الجزائر، دار السعادة، 2003، ص 69.
5 - المرجع نفسه، ص 74.
6 - سورة النساء: 3.
7 - أهل السنن وابن حبانا والحاكم.
8 - لجنة من الأساتذة: المرشد في الفلسفة العربية، بيروت، دار مارون عبود، 1983، ص 131.
9 - غريب عبد الكريم: سوسيولوجيا التربية، المغرب، منشورات عالم التربية، 2000، ص 26.
10 - بودالي الحالج (الحيوان وحياة العرب بين المعيوش الاقتصادي والعادات المتأصلة)، في مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، الجزائر، مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، العدد 4، 2005، ص 171.
11 - حجازي مصطفى، مرجع سابق، ص 107.
12 - حجازي مصطفى، مرجع سابق، ص 111.
13 - بودالي الحالج: الحيوان وحياة العرب بين المعيوش الاقتصادي والعادات المتأصلة، مرجع سابق، ص 176.
14 - سعيد عكاشة: أنثروبولوجيا صورة الحيوان في الشعر الجاهلي في مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، الجزائر، مكتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، 2002 - 2003، ص 107.

المراجع‭:‬

بداك‭ ‬شبحة‭: ‬الممارسات‭ ‬السحرية‭ ‬للمجتمع‭ ‬الأمازيغي،‭ ‬الجزائر،‭ ‬منشورات‭ ‬دار‭ ‬السعادة،‭ ‬2003‭.‬

بداك‭ ‬شبحة‭: ‬نماذج‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬الفولوكلورية‭ ‬للمجتمع‭ ‬الأمازيغي،‭ ‬كتاب‭ ‬قيد‭ ‬النشر‭.‬

بناجي‭ ‬ملاح‭: ‬سيميائية‭ ‬العنوان‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬الجزائري‭ ‬الحداثي،‭ ‬مجلة‭ ‬الآداب‭ ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬مكتبة‭ ‬الرشاد‭ ‬للطباعة‭ ‬والنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬سيدي‭ ‬بلعباس،‭ ‬العدد‭ ‬2،‭ ‬السنة‭ ‬الجامعية‭ ‬2002‭ - ‬2003‭.‬

بودالي‭ ‬الحالج‭: (‬الحيوان‭ ‬وحياة‭ ‬العرب‭ ‬بين‭ ‬المعيوش‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعادات‭ ‬المتأصلة‭)‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الآداب‭ ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬الجزائر،‭ ‬مكتبة‭ ‬الرشاد‭ ‬للطباعة‭ ‬والنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬العدد‭ ‬4،‭ ‬2005‭.‬

جلولي‭ ‬العيد‭: ‬إشكالية‭ ‬الشخصية‭ ‬وأبعادها‭ ‬الفنية‭ ‬والنفسية‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬القصصي‭ ‬الموجه‭ ‬للأطفال،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الأثر‭ ‬للآداب‭ ‬واللغات،‭ ‬جامعة‭ ‬ورڤلة،‭ ‬2002‭.‬

حجازي‭ ‬مصطفى‭: ‬التخلف‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مدخل‭ ‬إلى‭ ‬سيكولوجية‭ ‬الإنسان‭ ‬المقهور،‭ ‬المغرب،‭ ‬المركز‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي،‭ ‬2001‭.‬

خيرة‭ ‬عون‭: ‬التصورات‭ ‬والمفاهيم‭ ‬الأساسية‭ ‬لسيمياء‭ ‬السرد‭ ‬والخطاب،‭ ‬مجلة‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬جامعة‭ ‬باتنة،‭ ‬العدد‭ ‬6،‭ ‬جوان‭ ‬2002‭.‬

سعيد‭ ‬عكاشة‭: ‬أنثروبولوجيا‭ ‬صورة‭ ‬الحيوان‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬الجاهلي،‭ ‬مجلة‭ ‬الآداب‭ ‬والعلوم،‭ ‬الإنسانية،‭ ‬الجزائر،‭ ‬مكتبة‭ ‬الرشاد‭ ‬للطباعة‭ ‬والنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬2002‭ ‬ذ‭ ‬2003‭.‬

عبد‭ ‬الجليل‭ ‬مرتاض‭: ‬التحليل‭ ‬اللساني‭ ‬البنيوي‭ ‬للخطاب‭ ‬الشفوي‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الأثر‭ ‬للآداب‭ ‬واللغات،‭ ‬جامعة‭ ‬ورڤلة،‭ ‬2002‭.‬

غريب‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭: ‬سوسيلوجيا‭ ‬التربية،‭ ‬المغرب،‭ ‬منشورات‭ ‬عالم‭ ‬التربية،‭ ‬2000‭.‬

قادة‭ ‬عقاق‭: ‬الخطاب‭ ‬السيميائي‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬الجزائري‭ ‬المعاصر‭ (‬نظرية‭ ‬غريماس‭ ‬نموذجا‭)‬،‭ ‬مجلة‭ ‬الآداب‭ ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬سيدي‭ ‬بلعباس،‭ ‬مكتبة‭ ‬الرشاد‭ ‬للطباعة‭ ‬والنشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬العدد‭ ‬4،‭ ‬2005‭.‬

لبوخ‭ ‬بوجملين‭: ‬النص‭ ‬بين‭ ‬المفهوم‭ ‬والقراءة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الأثر‭ ‬للآداب‭ ‬واللغات،‭ ‬جامعة‭ ‬ورڤلة،‭ ‬2002‭.‬

لجنة‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭: ‬المرشد‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭ ‬العربية،‭ ‬بيروت،‭ ‬دار‭ ‬مارون‭ ‬عبود،‭ ‬1983‭.‬

أعداد المجلة