فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
22

الغناء البلدي في مصر

العدد 22 - جديد النشر
الغناء البلدي في مصر
كاتب من مصر

تأليف / أمل مصطفى إبراهيم

يولد الإنسان المصري شغوفًا بالموسيقى والأغنية ذواقاً ومبدعاً يطرب لها وهى تواكبه منذ ساعة مولده حتى مماته مستمعاً وممارساً في مختلف المناسبات الاجتماعية والقومية والدينية وكتاب (الغناء البلدي في مصر)(1) صدر من سلسلة فنون بلدنا وقد تناول نوعا من الغناء يتميز ببساطة اللحن والأداء وغير معروف المؤلف أو الملحن وغالباً ما يكون من التراث أو له جذور تاريخية .
ولا شك أن الأغنية الشعبية تفصح عن شخصية مصر وتعبر عن خصائص شعبها وتقاليده وعاداته وآماله وأحلامه ووجدانه(2) وقد تعددت موضوعات الغناء البلدي لتشمل الغناء العاطفي والوطني والديني من خلال القوالب الغنائية التقليدية أو الشعبية وقد تم تسجيل بعض المقطوعات من خلال لجنة التسجيل بمؤتمر الموسيقى العربية الذي عقد بالقاهرة سنة 1932م تحت عنوان ألحان مصرية ( أغان شعبية ).

الفصل الأول

الغناء البلدي التاريخ والإبداع
لقد عرفت الثقافة الشعبية في مصر صنفاً من الغناء انتشر عبر واديها من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه بما عرف بالموال وأشكاله المتعددة مثل موال الطير وموال أدم الشرقاوي والجرجاوية وحسن ونعيمة.
والغناء – تاريخيا – ليس بجديد ولا طارئ على الأذن المصرية والمزاج المصري، بل إن نقوشاُ قديمة على المعابد الفرعونية لهي خير دليل على مدى امتداد ذلك التراث الغنائي في الزمن واتساع مساحته بل إن تلك النقوش تحفظ كلمات تلك الأغاني والتراتيل كما تحفظ لنا كذلك الدليل الحاسم على تقدم المصري القديم في صنع الآلات الموسيقية وكعادة المصريين يمزجون الوافد على ثقافتهم بالمحلي الأصيل دون إزاحة ما يكسبهم ثراءً وتنوعاً منقطع النظير ، ففي مصر الفرعونية كان السلم الموسيقي الخماسي هو أساس الألحان ، ومع العهد المسيحي عرفت مصر السلم السباعي وأرباع الدرجات ، ومقام السيكا والتي لا تزال معروفة في موسيقانا ومع دخول الإسلام مصر ازدهرت الموسيقى وجمعت بين الأنماط القادمة من الغرب الأندلسي والشرق العربي هاضمة الغناء والموسيقى من كل مكان فى مصر ، ومع الأيوبيين بدأ ذلك الازدهار في التراجع والخفوت وأخذ الغناء في مصر ينقسم إلى غناء القصور وغناء عامة الناس .

سمات الغناء البلدي
توصلت الدراسات الوافية للغناء البلدي في مصر إلى أنه يتسم بعدة سمات هي :
1 - الغناء البلدي هو الغناء المعبر عن البيئة المحلية حيث ينسب لأصل البلد فيقال غناء قبلي أو غناء بحري و يغلب على هذا الغناء الصنعة والارتجال ويؤديه مطرب محترف بالزي البلدي.
2 - شكل الفرقة الموسيقية تغير نوعاً ما وذلك بإضافة بعض الآلات مثل الأكورديون والقانون والأورج.
3 - هناك مقامات لم تستخدم مثل مقام سيكاه ومقامات نادرة الاستخدام مثل مقام نوأثر ومقامات تستخدم كثيراً مثل راست وبياتى.
4 - بعض المطربين يستخدمون مقاماً واحداً فى الغناء.
5 - بعض المطربين يستخدمون قالباً واحداً في الغناء.
6 - موضوعات الغناء غالباً محدودة ومعروفة إما اجتماعية مثل نصائح اجتماعية وحكم وأمثال أو أفراح أو دينية أو غزلية أو عاطفية.
7 - غالبية المطربين البلديين يغنون من تأليفهم وتلحينهم ولديهم قدرة فائقة على الارتجال.
8 - الألحان فى الغناء البلدى سهلة وبسيطة ويغلب عليها الارتجال .
9 - بعض الألحان في الغناء البلدي لا تتعدى خمس أو ست درجات مثل موال الصبر طيب.
10 - تراوحت المساحة الصوتية للغناء بين درجتي العراف والسهم للرجال ودرجتي البكاه والمحير للنساء.
11 - القوالب المستخدمة في الغناء البلدي الموال وأحياناً يسبقه التغني بكلمتي ( يا ليل يا عين ).
12 - الكلمات سهلة ومن البيئة تدور حول الموضوعات الشعبية التي تتناولها المناسبات الاجتماعية وخاصة الزواج ( سواء الخطوبة أو الحنة ).
13 - بناء الألحان قائم على استخدام الأجناس أكثر من المقامات.
14 - لكل مطرب طريقة خاصة به في الأداء مثل نطق بعض الحروف بالتفخيم والترقيق.
15 - تكون الشطرات قصيرة وقد تتكرر فيها الكلمات لمجرد الالتزام بالقافية.

أشهر مطربى الغناء البلدي
اشتمل الفصل الأول من الكتاب على عدد كبير من مطربي ومطربات الغناء البلدي ومنهم:-  
- بدرية السيد
كانت مشهورة باسم بدارة من مواليد الثلاثينيات بالإسكندرية وكانت تغني مع فرقة شعبية ولما التقت في الإذاعة بالملحن محمد الحماقى هذب الصوت وغير الفرقة إلى فرقة تقليدية ولحن لها عدداً كبيراً من الأغنيات منها ( أدلع يا رشيدى على وش المية – يا ميت مسا - مسيلى ع اللى غايب – فاتو الحلوين ) وقد توفيت عام 1989م(3).

- حورية حسن
ولدت فى طنطا عام 1932م استمع إليها محمد الكحلاوى وجاء بها من بلدها وكانت مشهورة منذ طفولتها وبعد حضورها للقاهرة عام 1950م غنت فى الإذاعة المصرية ونجحت وقدمت بعد ذلك أول أفلامها ( أحبك يا حسن)، ثم مثلت تسعة أفلام منها ( عنتر ولبلب، وبابا عريس، وفى صحتك، والصبر جميل ) وأطلق عليها المطربة الطائرة لكثرة أسفارها إلى العواصم العربية لإحياء الحفلات، وتوفيت عام 1994م .

- متقال قناوي متقال
مطرب وملحن من أعماله المشهورة (الفراولة، ميل وأسقينى، وافرحى يا عروسة أنا العريس، ويا حلوة يا شايله البلاص )، ولد فى الأقصر بمحافظة قنا وكان يقدم غناءه بالرقص بمصاحبة الربابة، ثم ذهب إلى القاهرة بمصاحبة فرقة للفنون الشعبية ذاع صيته وأرسلته هيئة الثقافة الجماهيرية إلى فرنسا وألمانيا فى بعثاتها(4).

-محمد طه
اسمه محمد طه مصطفى ولد فى سبتمبر 1922م بمحافظة سوهاج وجاء به والده مع إخوته واستقر في قرية سندبيس بالقناطر الخيرية يغني من وحي الخيال وحسن ارتجال ولد تميمة مميزة هي ( آه آه آه يا عيني) وظل يغني لمدة 50 سنة.

- محمد الكحلاوي
اسمه محمد مرسى عبد اللطيف ولد فى أكتوبر 1912 م بمحافظة الشرقية رباه خاله الكحلاوى الكبير الذى كان مطرباً معروفاً من أعلام الغناء البلدي التحق بمدرسة لتعليم اللغة الفرنسية فى باب الشعرية بالقاهرة وعمل موظفاً بالسكة الحديد، ثم تركها والتحق بفرقة أولاد عكاشة وسافر معها إلى فلسطين والأردن والعراق لمدة ثلاث سنوات ، وعاد لمصر وعمره 18 سنة ذاع صيته وعمل فى السينما المصرية ابتداء من فيلم رابحة ثم قدم اللون الشعبي وأجاد في دور أبناء البلد، له أغانيه المشهورة منها ( قاصدك وناوي أتوب – مدد يا نبي – لاجل النبي – عليك سلام الله – خليك مع الله )  توفى فى 3 أكتوبر 1982م.

- فاطمة عيد
ولدت فى 18 يناير في الأربعينيات في القنايات بالزقازيق، درست في مدرستها الابتدائية، وذهبت إلى مصر وعمرها 14 سنة واعتمدت في الإذاعة عام 1970م، لها 800 أغنية على 25 شريط كاسيت، وشاركت في مسلسلات تليفزيونية وخمسة أفلام، سجلت ملاحم دينية وشعبية مثل سعد اليتيم وعابد المداح.

- سكينة أحمد
مطربة  تخصصت في الغناء الديني ولها الكثير من الأغاني الشعبية مثل لو قالولي – وصلوا يا ناس ع النبي .

الآلات  الموسيقية الشعبية المصاحبة للغناء البلدي
عرفت مصر الكثير من الآلات الموسيقية الشعبية التي استخدمت منذ عصور طويلة وتغلغلت في نفوس الشعب ومن هذه الآلات.

أولا: الآلات الوترية
الربابة
 آلة وترية مصرية قديمة منها الرباب المصري وله وتران، والتركي المعروف بأرنبة وله ثلاث أوتار، والتونسي رباب الشاعر له وتر واحد، والربابة من الآلات الموسيقية المركبة ففيها توصل مجموعة من الأجزاء ببعضها البعض وهذه الأجزاء هي: -
الساعد: وهو عمود اسطواني من الخشب مركب بطرفه مفتاحان لشد الأوتار وينتهي طرفه الآخر إلى مصوت الآلة.
المصوت : عبارة عن ثمرة جوز مفرغة تماماً من الداخل ومفتوحة من الجهة العلوية على شكل دائرة ويشد على هذه الفتحة رقعة من الجلد  ومن الجهة السفلى للجوزة فتحت عدة ثقوب لإخراج الصوت وتثبت الجوزة في نهاية الساعد بواسطة سيخ من الحديد.
الوتر : عبارة عن خيوط رفيعة من شعر الخيل أو وتر من السلك الصلب الرفيع يربط في السيخ الحديد ويمتد الوتر فوق سطح المصوت مرتكزا على ركيزة من الغاب(5).
القوس: عبارة عن عصا من الخيزران تقوس تقويساً بسيطاً يربط طرفها بخيوط من شعر الخيل وقوس الربابة بسيط لا يوجد به أية أداة لشد الشعر كما في قوس الكمان، وتستخدم الربابة في صعيد مصر وهي مصاحبة للغناء.

الطنبورة
تتكون آله الطنبورة من مثلث مشكل من قوائم خشبية في أحد زواياه ثبت المصوت وهو عبارة عن طبقة من الصاج المطلي ويغطيها غشاء رقيق من الجلد المرن به فتحات رنين والضلعان المتقابلان ( عند الزاوية المثبت بها المصوت ) من الخشب الجاف الصلب أحدهما أقصر من الآخر ويسميان مدادات. وللطنبورة خمسة أوتار من أمعاء الحيوان أو من النايلون، وغالباً ما تكون من السلك الصلب الرفيع وتختلف شدة الصوت من طنبورة لأخرى باختلاف حجم المصوت فكلما كان كبيراً كان الصوت شديداً واضحاً.

السمسمية
تشبه الطنبورة فى تركيبها انتشرت فى منطقة قناة السويس وسيناء وتصنع السمسمية من مواد متطورة مثل الأطباق وغيرها، وأوتارها من المعدن ولها ملاوى خشبية لشد الأوتار.
العود
من الآلات الوترية التي عرفتها الممالك القديمة وقد استخدمها قدماء المصريين منذ أكثر من ثلاثة ألاف وخمسمائة عام، وقد انتقل إلى العصور الوسطى وظل عند العرب ذا أربعة أوتار حتى زادهم ( أبو الحسن على بن نافع ) المعروف باسم ( زرياب ) بالوتر الخامس أوائل القرن التاسع الميلادي وكان يطلق على العود اسم البربط وهو لفظ فارسي معرف من مقطعين معناها ( صدر البط ) نسبة إلى شكل العود.

الكمان
وجدت آلة الكمان في الجوقة العربية منذ القرن الخامس عشر الميلادى، وكانت تسمى كمنجة الجوز وتعتبر كمنجة الجوز حلقة من حلقات تطور آلة الكمان بشكلها الحالي وكمنجة الجوز توضع كالرباب على الفخذ الأيمن للعازف أما الكمان بشكلها الحالى فتوضع على الكتف الأيسر مستندة إلى اليد اليسرى للعازف والقوس في اليد اليمنى.

ثانياً : آلات النفخ
الناي
آلة عربية أصيلة ترجع فى جذورها إلى قدماء المصريين وتصنع من الغاب(6) المجوف عل نسب محددة وتتكون دائماً من تسع عقل وللناي ستة ثقوب علوية من الأمام وثقب سفلي واحد من الخلف ويحدث الصوت عن طريقة النفخ بوضع الناي على الفم وضعاً مائلاً ويستطيع العازف البارع باستخدام قوى النفخ المختلفة وكذا تغيير وضع الناى استخرج العديد من الأصوات .

الأرغول
آله فرعونية أصيلة وعرفت باسم المزمار المزدوج ويتكون الأرغول من قصبتين من الغاب إحداهما طويلة حوالى 180 – 250 سم والأخرى ثلثها حوالي 60 – 85 سم وبها ستة ثقوب ويحمل الأرغول مائلاً إلى أسفل .

السناوية
وهي زمارة صغيرة تشبه الأرغول الصغير طولها من 15 – 20 سم وقصبتاها متساويتا الطول وبكل منها خمسة أو ستة ثقوب .

المزمار البلدي
عبارة عن أنبوبة خشبية اسطوانية مزودة في نهايتها بقمع مخروطي الشكل وبها ستة ثقوب من الأمام وسابع من الخلف وغالباً ما يصاحب المزمار البلدي زفة العروس ورقصات التحطيب والخيل .
ثالثاً : الآلات الإيقاعية
الدربكة
تُعد أكثر الآلات الإيقاعية انتشاراً وتصنع من الفخار على شكل اسطوانة واسعة الفوهة ويشد عليها رق من جلد الماعز ويلصق بالغراء ويشد بخيط رفيع إلى أسفل الإطار ويسخن الرق على النار أو يدلك بقطعة من الصوف فيضبط صوته وللدربكة ثلاثة أحجام هي
- الطبلة وهى أصغرها حجماً ويستخدمها الهواة.
- الطبلة المتوسطة طولها 40 سم وقطر فوهتها 20سم.
- الدهلة وهى أكبرها حجما ويصل طولها 80سم.
وتستخدم الدربكة كآلة أساسية في الفرق الموسيقية الشعبية وتصاحب الراقصات والتخت الشرقي .

الرق
آلة تتكون من إطار دائري من الخشب قطرها من 23 – 25 سم ، وملصق عليه رق من الجلد وله خيوط تمر من ثقوب الإطار لزيادة قوة الشد ومركب على الإطار 4 – 5 أزواج من الصاجات النحاسية المستديرة بحيث ينقر عليها العازف بإصبعه لإعطاء الإيقاع المطلوب، ويصاحب عادة فرق الإنشاد الديني والأغاني الشعبية والمداحين.

رابعاً : آلات الطرق  
الصاجات
لها أحجام متعددة وتصنع من النحاس على شكل دائرة مقعرة وقطرها من 3 – 6 سم وتستعملها الراقصات بحيث تقبض على زوج منها فى كل يد بين الإصبعين الوسطى والإبهام مثبتة بواسطة رباط من وسطها .وهناك حجم أكبر من الصاجات قطره 15سم ويستخدمه باعة العرقسوس.
الملاعق
يستخدم زوجان منها فى كل يد وتصاحب آلة السمسمية خلال العزف في الاحتفالات الشعبية.

القوالب التى يصاغ فيها الغناء البلدي
تصاغ موضوعات الغناء البلدي غالباً في صنفين من النظم الشعري هما الموال والطقطوقة.

أولاُ : الموال
هو النظم الشعري الأساسي الذي يعتمد عليه المغني البلدي وهو لون من ألوان الغناء الشعبي ويعتقد أن أول من نطق بالموال عند العرب هم موالي البرامكة لذلك سمي مفردها بالموال وللموال أنواع منها:

1 – الموال الرباعي أو البغدادي:  ويتألف من أربع شطرات متحدة القافية(7)مثل:
سلـــــم أمــــورك إلى رب السـمــا تسلم
وأفعل جميلاً يطول عمرك ولا تندم
ولا تعـــــاشـــر أربـــاب التــهـــم تـتـهــم
وصــــن لسانــك ولا تشــتــم بــه تشتم

ويطلق على ذلك الموال ( الموال الصعيدى أو المربع  ) مثل
الصبـــر طيــــب جميـــل ربـــك يعـدلها
معلش أصبر كما يمكــــن يفيـــد صبرى
وعلـــم القلـــب يتجلــد علـــى صبــــرى
غيرى فرح بالفرح وأنا فرحتى صبرى

2 – الموال الخماسى : يتألف من خمس شطرات تتحد جميعها في القافية ما عدا الشطر الرابع مثال:  
الصاحب اللى يفوتك يقن(8) إنه مات
أترك سبيله ولا تندم على اللى فــات
الصقـــر بيطيـــر وبيعــلــى ولــه همات
يقعــد فــــــي الــجـــو عـــام ولا أتنـيـــن
يموت من الجوع ولا يحود على الرمات(9)
3 – الموال المرصع : يتألف من ست شطرات تتحد جميعها في القافية ما عدا الشطر الخامس مثل:
بلــــد الـمحبـــوب بعيــدة نوحـــي يــا عـيــن
يامين يجيب لي حبيب وياخد من عيوني عين
وياخد النــص راخــــر ويكفانـى بقية العين
قسمــــــــا باللــــه وصـــــــوم العمــــر يلزمنـــي
مـــــافــت حبيبـــــــى ولــــــو اعدم بقية العين

4 – الموال السباعى ( النعماني ): يطلق عليه الزهيري في الكويت والعراق ويتألف من سبع شطرات الثلاثة الأولى متحدة القافية والثلاثة الثانية من قافية أخرى ثم السابعة من قافية الأولى مثل:
شوف إيه عمل في فؤادى قدك البارح
اللي زمان أعشقه لا اليوم ولا البارح
جــــالك عـــــزولي وقالك باغزال بـارح
لا أنت نظــام الــــوداد منيتــــي خليــــــت
أمتى بقربك أشوف عقل العزول خليت
ويفــرح القلــب ده مسكيــن وبـــال بــارح

ثانياً : الأنواع المرتبطة بالمضمون
لقد تم تقسيم الموال إلى عدة أنواع حسب الموضوع منها:
1 – الموال الأحمر : هو موال الحب العنيف  الذى يصف غدر الحبيب والزمان وهو مليء بالحكم والمعاني والتحسر على ضياع القيم الأخلاقية مثل:
من كتر غلبى بدور ع الشجا(10) ملجاه(11)

2 – الموال الأخضر: هو موال المودة والحب والعواطف الجياشة والغزل ويهتم بالطيور والزرع والأشجار والأنهار مثل:
يــــاللـــي ناديتـــك وصــــوتـك رد لبانــي
الشوق ضنـــى مهجتـــي والبعــد ربــانــي
ياما سألـــت النسيــــم عنــــك ونبــانـــــي
وأنا أعمل إيه في هواك يا محير الأفكار
ولك شمايـــل مـــلك والــحســـن ربـــانــي
3 – الموال الأبيض: يتضمن وصف محاسن الأخلاق والتحلي بالدين والصفات الحميدة مثل:
فى طور سينا ظهر موسى كليـم وخليــل
وابن البتول الهدايـــة علـــم الإنجيـــل
وساكن الغـار هـــدانا بحكـــم التنـــزيــل
بدت آيـــات بينــات للزايـــغ الـــحيـــران
وقــــام لنـــهــج ألفـيــن دليـــل ودلـــــيـــل

4 – الموال القصصي: هو أحد أنواع المواويل يحكي قصة مبنية على حدث أو موقف معين مستمد من المأثور الشعبي ومن أشهر المواويل في مصر أدم الشرقاوي، حسن ونعيمة، وعزيزة ويونس.

ثانياُ الطقطوقة:
وهى أغنية صغيرة من الزجل تمتاز ببساطة اللحن والكلمات وسهولة الأداء وللطقطوقة أربعة أشكال أساسية:
- الشكل الأول: لحن واحد لكل من المذهب والأغصان.
- الشكل الثانى: لحن واحد للمذهب ولحن مختلف عنه لكل الأغصان .
- الشكل الثالث: مثل الشكل السابق ولكن الغصن ينتهي بجزء صغير من المذهب.
- الشكل الرابع: يختلف فيه لحن كل غصن عن الآخر وأيضا يختلف عن المذهب.

الفصل الثاني
اهتم ذلك الفصل بعرض دراسة تحليلية لبعض نماذج الغناء البلدي وذلك في جداول احتوت على اسم العمل والمطرب الذي أداه والمقام والقالب وموضوع العمل سواء عاطفيا أو اجتماعيا أو دينيا ومن الأمثلة المختارة لهذه الأعمال ( اعمل عمل ينفعك ) غناء محمد طه ويقول فيه:
اعمــل عمــل ينفعك واسعى لفعل الخير
وحـــب غيرك وعيش دايما لفعل الخير
وأنصح النـــاس وأدعيــهــــم لفعل الخير
أهـــم شئ الكرامة تتــــواجد في النفس
وطهـــارة القــلب أنـــوارها تزيد النفس
راعــي خلافك وكن دايماً عزيز النفس
وعـــود النفــــس ع الطيـــب وفعل الخير

وهذا العمل موال من النوع السباعي لحن وكلمات محمد طه
موال يا نازل الصاغــة غنـــاء  عربـــي الصغيـــــر
يا نازل الصـــاغة(12) يــا تنــــقي دهـــب يــا بلاش
أوعى تقــول النحـــاس تـــمنه قــــليل يـا بــــلاش
وإن كـــان بدك تصاحب صاحب رجال يا بـــلاش
وإن كان بــدك تنـــاسب ناســـب رجـــال يــا بلاش
خــــــد الأصيلـــة لـــو كــلفـــوك مهـــرها غـــالــــــى
قليــلـــة الأصـــل ســيــبــهــا لـــو تــكـــون بــبـــلاش

وقد اهتم ذلك الفصل بتحليل عدد كبير جداً من أعمال مطربي الغناء البلدي وقد اتسمت الكلمات بالسهولة وإنها تنم عن البيئة التي ظهرت فيها واستعرض ذلك الفصل مجموعة منتقاة من الأغاني المسجلة لأشهر المطربين البلديين في مصر إبان النصف الثاني من القرن العشرين وهذا يتواكب مع مستجدات الساحة الثقافية العالمية للحفاظ على تراث الغناء الشعبي وذلك لثرائه الذي لا حد له حتى لا يلفه النسيان ويضيع منا.

ملخص مقال
الغناء البلدي في مصر
الأغنية البلدية على ما يبدو ومن بساطة المصطلح عالم بالغ التعقيد يحمل في طياته قضايا بالغة الأهمية فقد ارتبطت الأغنية الشعبية بحياة الإنسان وصاحبته في مراحل حياته المختلفة من المهد إلى اللحد وقد عرفت الثقافة الشعبية في مصر صنفاُ من الغناء انتشر عبر واديها من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه وهذا الكتاب (الغناء البلدى في مصر ) استعراض مجموعة منتقاة من الأغاني الشعبية لمطربين شعبيين في مصر إبان النصف الثانى من القرن العشرين وقد تم دراسة أعمالهم دراسة علمية وفنية وألقت مؤلفة الكتاب ( أمل  مصطفى إبراهيم ) الضوء على جوانب شتى من تراث الغناء الشعبي في مصر.
وبعد دراسة وافية للغناء البلدي مصر توصلت للنتائج الآتية :-
1 - تعتمد الأغنية الشعبية على التوارد والانتقال الشفهي بين أفراد المجتمع.
2 - تظهر مادته اللحنية ونصوصها بطريقة عفوية ارتجالية.
3 - الأغنية الشعبية هي حافظة تراث الشعب وعاداته وتقاليده وثقافته وآلامه وأماله وأفراحه.
4 - الغناء البلدي هو الغناء المعبر عن البيئة المحلية حيث ينسب لأصل البلد فيقال غناء قبلي أو غناء بحري.
5 - بعض المطربين يستخدمون قالباً واحداً في الغناء.
6 - موضوعات الغناء غالباً محددوة ومعروفة أما اجتماعية مثل نصائح اجتماعية أو حكم وأمثال.
7 - الألحان في الغناء البلدي سهلة وبسيطة ويغلب عليها الارتجال.
8 - القوالب المستخدمة في الغناء البلدي الموال وأحياناً يسبقه التغني بكلمتي ( يا ليل يا عين).
9 - بناء الألحان قائم على استخدام الأجناس أكثر من المقامات .
10 - لكل مطرب طريقته الخاصة في الأداء سواء في نطق بعض الحروف بالتفخيم والترقيق.
11 - تكون الشطرات قصيرة وقد تتكرر فيها نفس الكلمات لمجرد الالتزام بالقافية.
احتوى الكتاب على مجموعة منتقاة من الأغاني البلدية وذلك لحماية هذه النصوص والمأثورات الشعبية من الضياع في طي النسيان وذلك هو خير وسيلة للحفاظ على الجانب الثري من ثقافة الفرد والجماعة فهذا التراث كنز لا ينضب فلا حد لثرائه وغزارته.

الهوامش

1 - أمل مصطفى إبراهيم – الغناء البلدي في مصر – سلسلة فنون بلدنا – الهيئة العامة لقصور الثقافة – وزارة الثقافة – مصر – الكتاب الذي نحن بصدد عرضه.
2 - إبراهيم زكي خورشد – الأغنية الشعبية والمسرح الغنائي – المكتبة الثقافية – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1985م .
3 - محمد قابيل – موسوعة الغناء المصري في القرن العشرين – سلسلة تاريخ المصريين – عدد (139) – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1999م.
4 - محمد قابيل موسوعة الغناء المصري في القرن العشرين – مرجع سابق .
5 - سمير يحيى الجمل – تاريخ الموسيقى العربية – أصولها وتطورها – سلسلة تاريخ المصريين –عدد ( 150) – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1999م .
6 - الغاب: نبات بري يزرع حالياً على جوانب الترع في القرى المصرية ويستعمله المصريون في صيد الأسماك وتصنع منه آلة الناي التي تتكون من تسعة عقل بها ستة ثقوب علوية من الأمام وثقب سفلي واحد من الخلف.
7 - ميلاد واصف – قصة الموال – دراسة تاريخية أدبية اجتماعية – الدار القومية للطباعة والنشر – القاهرة1962م .
8 - يقن : كلمة عامية المقصود بها تيقن أو اعلم علم اليقين واليقين هو الشيء الأكيد.
9 - الرمات : جمع  رمه والرمة هى الكائنات الميتة من الطيور والحيوانات النافقة بعد موتها بساعات يطلق عليها الرمة .
10 - الشجا: كلمة عامية المقصود بها الشقاء والتعب الناتج من العمل المرهق.
11 - ملجاه : كلمة عامية مصرية تعنى أنني لا أجده أو غير موجود.
12 - الصاغة: مكان لبيع الذهب والحلى والمجوهرات الثمينة كالأحجار الكريمة وتتكون الصاغة من مجموعة متجاورة من المحلات يطلق عليها صاغه.






أعداد المجلة