فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
34

مدرسة وجامع العامرية بـ«رداع»

العدد 34 - ثقافة مادية
مدرسة وجامع العامرية بـ«رداع»
كاتب من اليمن

 حين تلتقي الثقافات وتتحاور الأديان في مأثرة حضارية جمعت بين دار العبادة والعلم والاستشفاء الطبيعي.

1. قاموس العمارة والزخارف الإسلامية :

فقط.. حين يكون فن العمارة والزخرفة الإسلامية مضماراً لحوار الثقافات والحضارات والأديان، تتجلى كل معاني الإبداع الإنساني في قاموس جامع يحوي تنوُّع الكل في تكوين الجزء، ربما لأن العمران هو أهم ركائز الثقافة المادية التي تظل أثراً ملموساً يشهد على عراقة الشعوب الإسلامية ورسالة شريعتها السمحاء، فبالقدر الذي شكل به الإسلام خلاصة للأديان السماوية السابقة بمختلف شرائعها وكتبها ورُسُلُها وأجيالها، تجلت أيضاً دلالات الشمول والإنسانية في مفاصل تكوين الثقافة المادية وغير المادية للشعوب الإسلامية، ذات الهوية العربية، ومنها اليمن، إذ تُعدّ فنون العمارة، في تاريخ اليمن الإسلامي نتاج تراكم حضارات ضاربة قِدَم التاريخ، ليمتزج هذا التراكم بحداثة الاتجاهات الروحية والقيمية للعهد الإسلامي الذي مجّد العقل والعلم وبهما شق عباب الحياة برسالته السامية.

في هذا العمل البحثي سنتتبّع هذه المعاني والـــدلالات في معــطـــيات ومـــلامـــح التـــنـــوع والــفـــــرادة والقبول بالآخر، في فنون العمارة والزخارف والمنمنمات الإسلامية، بأبعادها الهندسية الشكلية، ومضامين الرصانة المعمارية، والرسم الزخرفي نحتاً ورسماً، في مدرسة وجامع العامرية برداع ، عاصمة أقوى الدويلات الإسلامية اليمنية (الدولة الطاهرية) التي اتسمت بالحركة العلمية والعمرانية، والعلاقات الإنسانية المنفتحة على ثقافات شعوب الشرق والغرب.. إنها المأثرة التي يعتبرها الدارسون قاموساً معمارياً جامعاً لهذا التنوع، وبما يعكس مدى ثراء التكوين الثقافي والفكري لمجتمع الدولة الطاهرية التي كان آخر ملوكها وأبرزهم إدارة وحنكةً سياسية، الملك الظافر السلطان عامر بن عبد الوهاب-الذي اتخذ من مدينة رداع عاصمة لدولته..

وقد نُفّذَ هذا العمل البحثي وفق مسارين يتداخلان مـــع بـــعــضــهــمـا، الأول المـــســار البـصـــــري الاستــطــلاعــــــي الميداني، لتفاصيل الشكل العام، وفسيفساء التكوين الداخلي لمجمّع العامرية، عقب تنفيذ مشروع ترميم أعادها إلى واجهة الحياة، بعد أن شافهت الاندثار.. أما الثاني فهو المسار المرجعي والبحثي لكيفية بناء العامرية وتخطيطها الهندسي والمعماري العام، من زاوية الحركة العلمية والنهضة العمرانية الإسلامية في اليمن إبان الدولة الطاهرية.

في إحدى صباحات ربيع أول من العام 910 هـ الموافق 1504م أي قبل خمسة قرون و26 عام من اليوم - وضع الملك الظافر السلطان عامر بن عبد الوهاب حجر أساس أهم مشاريع دولته، بعد أن حشد - منذ توليه مقاليد الحكم سنة (894هـ) - كل الطاقات البشرية والمادية، وأمهر العقول والمهن المعمارية والهندسية والعلمية، وسخر كل ما يملكه من سلطة، ونفوذ تجاري واقتصادي يصل إلى مشارف المحيط الهندي، ليخط أشهر جوامع ومدارس الحضارة الاسلامية في اليمن وشبه الجزيرة العربية-آنذاك-من حيث الفن المعماري ونمط البناء الرصين، والزخارف معمرة الألوان، والرؤية المدهشة للشكل الهندسي العام.. إنها مأثرة العامرية - المدرسة والمسجد والمقام الملكي والمشفى الطبيعي - بدت أمامنا تحفةً معمارية يملأ سطوع قبابها ومهابة اكتمالها، اتساع قاع «رداع» الخصيب - على بعد 150 كيلو متر، شرق جنوب العاصمة صنعاء، وارتفاع (2100) متر من سطح البحر- ومدينة رداع التي اختطها الملك السبئي «كرب إل وتر» مكرب سبأ في (القرن السابع قبل الميلاد)، كما دونه نقش النصر الموسوم بـ(RES.3945). ويقال أن الملك الحميري «شمِّر يهرعِش» سكن مدينة «رداع»، وأقام فيها قلعة العامرية، إحدى أشهر القلاع في اليمن، بُنيت فوق صخرة عملاقة تنتصب قامتها وسط متسع كبير من الأراضي الزراعية، لتظهر للناظر كبرج مراقبة يحرس المدينة، التي يحدها من الشمال بلاد «عنس» ومن الشرق بلاد «مراد» ومن الجنوب بلاد «البيضاء» وبلاد «يافع»، ومن الغرب بلاد «يريم» وبلاد «عمّار».. وتذكر المراجع التاريخية أن رداع تحفل بقائمة من المعالم الأثرية الدالة على قِدَمِ المدينة الإنساني والسياسي والعقائدي عبر التاريخ، كما تحفل بمآثر إسلامية عدة، من أهمها مدرسة ومسجد وقصر العامرية، ومسجد ومدرسة البعدانية، ومسجد ومدرسة البغدادية، ومسجد العوسجة،  ومسجد إدريس، ومعظم هذه المعالم اندثرت، فيما صمدت مدرسة وجامع العامرية، أمام عوامل الزمن والبشر، حتى كادت أن تنهار بعد خمسة قرون من الإهمال، غير أن مشروعا أثريا طموحاً أستعاد بريقها الفريد، وألقها الحضاري، ومكانتها الرمزية والحاكمية لأهم وأقوى ملوك الدولة الطاهرية، السلطان عامر بن عبد الوهاب، الذي كرّم عاصمة دولته رداع بأن أقام بها أبرز المعالم التاريخية التي ميزت فترة حكمه.

2. الدولة الطاهرية والعمران

يعود أصل بنو طاهر - حسب مراجع التاريخ - إلى منطقة «جُبَنْ» و«المقرانة» و«رداع»، حيث كانوا أئمة المنطقة ومشايخها، سيطروا على ميناء عدن في نهاية عهد الرسولين (647-855هـ 1229-1451م) وتولوا الحكم من بعدهم.. وكان لتجارة المحيط الهندي الفضل في ثرائهم وشهرتهم بعد أن أحكموا قبضتهم على طرق الملاحة البحرية والبرية في المنطقة التي كانت ملتقى قوافل قبائل الوادي وقبائل الشمال، وقد اهتم بنو طاهر بمسألة الاعمار وكان من أهم الأعمال التي قاموا بها شق الطرق وتحسين شبكة المواصلات، بالإضافة إلى استحداث طرق حديثة ومتطورة في أساليب الري و الزراعة، وقد ازدهر الفن المعماري في عهدهم لما عرفوا به من اهتمام بالعمارة والبناء فشيدوا العديد من المدارس والجوامع في فترة حكمهم.. غير أن أزهى عهود الدولة الطاهرية (855-923هـ 1451-1517م) هو عهد الملك الظافر السلطان عامر بن عبد الوهاب بن داوود الطاهري (894-923هـ  1489-1517م)، وهو آخر سلاطين دولة بني طاهر، حيث ازدهر العمران في سنوات حكمه وبرزت عدد من الإنجازات البنيوية التي من أبرز معالمها المعمارية مدرسة وجامع العامرية، التي عكست إلى جانب الحركة العمرانية طفرة التنوير الثقافي والمعرفي والعلمي التي تميزّت به الدول الطاهرية، كما عكست بجلاء محورية التعليم في الدين الإسلامي وارتباطه بــدور العبــادة، فــكــانــت - إلــى جـانــب كــونها مســجـدا، صرحاً علمياً لتلقي علوم الدين والفقه واللغة.. إذ تذهب الأعمال البحثية التي أصلّت واقع الحياة العلمية في عهد الدولة الطاهرية إلى إن المسجد اعتمد مبدأ التعليم المستمر وكان مفتوحاً على مدى (24) يتلقى الطلاب فيه مختلف العلوم، ولعب دوراً بارزاً في محو أمية وتعليم الكبار.. كما حققت المدرسة - التي كانت تقرن بدار العبادة-في تلك الفترة مكاسب تربوية تمثلت في حرية الفكر ومجانية التعليم، وكانت العامرية، من أهم اللبنات الأساسية لمنظومة التطور المعرفي الذي أتى بعد دولة بني طاهر لتأخذ العامرية دورها الريادي باتجاه إحياء المساجد الإسلامية وربطها بالكليات الجامعية التي تمنح الإجازات العلمية الشهيرة بعد مراحل تعليمية مضنية..

3. الشكل الهندسي العام:

من أعلى «قلعة رداع» المنتصبة على المدينة من الشمال، صوّبنا عدسة الكاميرا إلى الملمح العام للمدرسة، لنلحظ أمامنا تحفة معمارية نادرة، ابتداء من التصميم والشكل الهندسي العام، للمبنى الفخم المتشح ثوبه الطباشيري الناصع، والمتوّج بـ(6) قباب ناهدة صوب السماء، واثبة فوق المصلى، وهو جزء المبنى الشمالي، الذي يقع في صدره المحراب، وكذلك الشرانق التي تحف أطراف المبنى، وتحف البهو المكشوف بإبداع متناسق، والمشربيات الخشبية على نوافذها وأبوابها، وجوارها المفتوح جنوباً على بركة ماء، تليها حديقة غناء دائرية الشكل، ومن الجانب الغربي أيضاً تستدير كنصف قمر حديقة خضراء ومشجرة، تماثلها حديقة بنفس الحجم والتصميم من الناحية الشرقية، هذه الحدائق الثلاث محاطة بسور تتشابه شرانقه مع شرانق أعالي المبنى، ما جعل الشكل العام يجمع بين العراقة في البناء، والحداثة في التصميم - على أوج درجات التناغم الجامع لأكثر من ثقافة وحضارة، والحضور الذهني والحداثي منذ انشائه وحتى اللحظة - ليفتح هذا المنظر نفوسنا على شوق كبير لاستطلاع هذه المأثرة من الداخل.

ولنقترب أكثر من تفاصيل البناء، هبطنا من القلعة جنوباً باتجاه المدرسة - على بعد 400 متر تقريباً شمال المدرسة - ومن ممرٍ مرصوف يحاذي طرف حديقة خضراء تم تصميمها غرب المدرسة أتجهنا صوب الباب الجنوبي للطابق الأرضي للمدرسة، حيث الباب الخشبي الكبير والقديم، الذي يفتح على ممر ينتهي ببابين من الناحية الشرقية والآخر من الناحية الغربية.. فيما سقف الممر محمول على خمسة عقود ضخمة، بُني معمارها المقوس نحو الأعلى برصانة عجيبة، فمن الأسفل تم استخدام الأحجار الكبيرة الجرانيتية، ككتل سميكة شكلت قواعد العقود، وبارتفاع نحو مترين وربع المتر، لتبدأ بعد ذلك قاعدتا القوس بالانحناء إلى أن تلتقيا في السقف، وبنيت بالطوب الآجر - حسب وصف الدليل، فــــاللون الطباشـــــيري الأبيــــض «النُــــورة»(1) قد حجب وضوح نوع الأحجار - وبنفس المقاسات الهندسية والأبعاد بين كل عقد وعقد تتساوى مساحات متقنة وشبه مستطيلة، تستخدم كقاعات محكمة ومناسبة للدرس، ومن الناحية الشرقية تقع عشر غُرَف سكن للطلبة والمعلمين، تفتح أبوابها الخشبية ذات الجودة والنقوش الفخمة إلى الحديقة الشرقية، ومن الناحية الغربية لهذه القاعات، توجد غرف استحمام بخارية سميكة الجدران الملساء بـ«القضاض»(2).. هذه العقود المتقنة والمترابطة، والجدران السميكة، تحمل باقتدار كتلة البناء الثقيل المكون، من طابقين يعلوان الطابق الأرضي، ولكل طابق أقسامه وقيمه النفعية والجمالية.. خلاصة القول أن الطابق الأرضي يحوي إلى جانب ذلك ست غرف في الجهة الشمالية، وست غرف في الجهة الغربية بحيث تفتح أبوابها إلى الحديقة الغربية، فيما بقية المسافة الموازية للناحية الشرقية تشمل غرف الاستحمام البخارية.

4. روحانية اللون والزخارف :

من جوار الباب الكبير - جنوباً - صعدنا عبر سلم حَجَري لنطل على مهابة مقام العلم والعبادة، حيث الطابق الثاني المكون من أربعة أروقة، تتلاقى رباعيتها حول باحة  مكشوفة السقف،  فيما سقف كل رواق يستند على عمودين من الرخام أو المرمر، يحملان ثلاثة عقود متساوية تلتقي بالزوايا الركنية لمربع الباحة، أي 12 عقداً محمولاً على 8 أعمدة رخامية، وأربعة أعمدة ركنية بزوايا مربعة مبنية من الطوب، وترتفع على سطح الأروقة الأربعة شرانق يزيد إطلالها على البهو من مهابته وروحانيته، واللافت للانتباه في البهو أن الأعمدة التي تحمل سقف الرواق الذي يحيط بالباحة هي من الرخام الأبيض المرمري، وكما يبدو أن العمود بكاملة منحوت في قطعة واحدة حتى قاعدته السفلية التي ثُبَّتَتْ على سطح الدور الأرضي.. وفي الواجهة الداخلية للرواق الشمالي ثلاثة أبواب خشبية تفتح إلى المصلى.. دلفنا من الباب الخشبي الأوسط، إلى المصلى الطاهر والرصين بسكينته المنعشة بالند والبــخـــور، وبــحــضــوره اللــوني والـزخــرفي، ومنمنماتــه المتناغمة، وارتفاع تجاويف قبابه، وبساطه المفروش بالسجّاد الفاخر، وبمساحة مستطيلة يتوسط حائطها الشمالي محراب فخم. وعلى أبعاد متساوية تنتصب وسط المصلى دعامتان، رباعية الشكل، بالغة الوثوب، لتحمل على نقاط التقاء عقودها الهندسية المقوسة (6) قباب شاهقة التجاويف نحو الأعلى، وبمهابةٍ تجسد براعة الإتقان المعماري الرصين ليس في كون هذه القباب تقوم على دعامتين - فقط - بل كون كل دعامة ملتقىً لمحاور ارتكاز هذا الحمل الثقيل حيث تتلاقى على رأس كل دعامة أطراف ستة عقود، تخرج من الجدران الأربعة لمستطيل المصلى، في تصميمٍ بالغ الدقة لتبدو مجوفة من الداخل تُزيِّنُها نقوش وألوان لازالت ساطعة حتى اليوم وهي التي لم تصل إليها يد العبث لارتفاعها وليست بحاجة لإعادة ترميم، أو بحث كغيرها من قطع النقوش التي طالها العبث.. وما يلفت الانتباه هو ما أشار إليه الفنان الماهر محمد ناصر جرادة - فني زخارف عمل في تنظيف النقوش لمدة 14 عاماً - حيث يؤكد أن مواصفات النقوش الموجودة في الجداران الداخلية للقباب الست أو سقوف وجوانب أروقة قاعات الدراسة لا زالت محيرة للباحثين، الذين أجروا الفحوصات الفنية لخصائص وكيمياء هذه الألوان التي كانت تُحَضّر من أوراق ولحاء الشّجر–حسب توصيفهم. بيد أن طريقة التحضير ظلّت حتى اليوم هي الجانب الغائب والسؤال الأكثر غموضاً، خصوصاً والدراسات العملية والأبحاث خلصت إلى أن التقنيات الحديثة أثبتت إن العمر الافتراضي لأي لون (رنج) لا تزيد عن 100سنة كأقصى حد.. بينما الألوان الموجودة في مدرسة العامرية يزيد عمرها اليوم أكثر من 520عام.

وباستطالة المصلى يتوسط حيطانه الأربعة شريط بارز مستطيل الشكل على ارتفاع نصف متر من رؤوس المصلين وعرضه نصف متر تقريباً، تبدأ نقطة دورانه من شمال المحراب وتمتد على الواجهات الأربع حتى تنتهي في يمين المحراب ويزدان هذا الحزام أو الشريط بعبارة مطولة تتزن حروفها وابناطها من البداية للنهاية وهي تسجيل مقتضب لتاريخ بناء المدرسة ومؤسسها، وقد خلعت عليه وابلاً مجيداً من الصفات والألقاب، كُتَبتْ بخطٍ عربي نادرٍ لتعبّر عن صفاتٍ، تعكس ثقافة خطاب الشعب مع الحاكم في ذلك العهد النص:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إنما يعمر مساجد الله الذين يؤمنون بالله واليوم الاخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشى إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين﴾

أمر بعمارة هذه المدرسة المباركة السعيدة؛ مولانا، ومالكنا، ومالك أمرنا الإمام الأعظم، والمالك المعظم، مصباح الافاق، مالك أسرار الخلافة بالاستحقاق، قطــب الإســـلام، ظــــل الله علـــى الأنـــام، مـــلك الشـام واليمــن، وارث مـــلك تبــع وســيف أبــن ذي يــزن، ذو المفـاخــر والمنــاقب، سلــطان المشــارق، والمـغـارب، مــالك رقاب الأمم، حاوي فضيلتي السيف والقلم، موسى الحلم والرأفة، مالك دستور الخلافة، طيّب العناصر، فخر الأوائل والأواخر، بهاء الملة والدين، سيد الملوك والسلاطين، حجة الله على الإسلام، محيي شريعة محمد عليه السلام، أمير المؤمنين خليفة رسول رب العالمين، صلاح الدنيا والدين. السلطان ابن السلطان الملك الظافر مولانا عامر أبن مولانا السلطان الملك المنصور عبد الوهاب ابن داوود بن طاهر عزّ نصره، وكان ابتداء هذه العمارة المباركة في شهر ربيع الأول من شهور سنة 910 للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام».

وبالعودة إلى أسقف الاروقة الأربعة المتصلة ببعضها مكملةً شكل مربع الباحة، فهي مزدانة بنقوش من طراز واحد يتكرر على شكل مربعات ودوائر داخلها أشكال وزخارف ومنمنمات أنيقة تتوزع، بدقة ومسافات متساوية، على طول سقف كل رواق، وهي محفورة، في مادة الجصّ الأبيض. غير أنها ظلت تزخر بنظارتها على مدى خمسة قرون، وكلما كانت تختفي خلْف طبقات النورة البيضاء.

5. مشهد القباب والشرانق:

عبر سلم حجري يقع في الركن الجنوبي الشرقي-ويماثله سلّم آخر في الركن الجنوبي الغربي حيث يصعدان إلى مقصورتين علويتين-صعدنا السطح الأعلى للرواق المحيط بباحة البهو المكشوف-وهو سطح الطابق الثاني - لنطلّ على مشهدٍ مهيبٍ يكاد يخطف الأبصار بدهشته وبياضه الناصع، فنحن نقفُ جوار مقصورة تشكل بذاتها تحفة بهية، وتحديداً في الزاوية الجنوبية لسطح الرواق الشرقي، لنطل على هالةٍ طباشيرية ساطعة، تكسو القباب الست الضخمة التي تعلو سقف المصلى، مُشَكِّلَةً كتلة صدرية، من القبابة الناهدة ذات التساوي والتناغم العجيب، حيث كتلة القباب تتقدّم صفوف الشرانق، المحيطة بكل جهات المبنى من الناحية الشرقية والغربية والمطلة على الخارج، والأخرى المطلة على البهو الواسع وكما لو أنها تزّف بالقصر الملكي الذي يقابل القباب والشرانق من الجهة الجنوبية، حيث يظهر الطابق الثالث المقابل للقباب والشرانق والذي يمثل القصر الحاكمي الخاص بالسلطان عامر بن عبد الوهاب، وهذا القصر مكون من مقصورتين متقابلتين شاهقتي البناء، تشمل أربع غرف كل غرفتين في مقصورة واحدة وخصصت هاتان المقصورتان، لمقابلات السلطان بالرعية والوفود وهي ذات تصميم عالي الدقة والتقسيم حيث تنقسم كل مقصورة،  إلى غرف داخلية تنعزل كل غرفة على حدة، وهذا الجزء يسمى في كثير من المراجع القصر أو المقام..  أقيمت مداميك المقصورة الأولى في الركن الجنوبي الشرقي للمبنى، وبمدخل مستقل فتح على ممر متدرج السلالم الحجــريـــة يــحــاذي نهــايــة جنــوب الحـديقـة الشرقية للمدرسة، فيما أقيمت مداميك المقصورة الثانية  في الركن الجنوبي الغربي للمبنى وبنفس تصاميم المدخل الشرقي، ولكنه مفتوح على ممر متدرج السلالم الحجرية، يحاذي نهاية جنوب الحديقة الغربية للمدرسة.. المقصورتان تشكلان مقدمتين متقابلتين، حيث تتقابل نوافذهما بالإطلالة على البوابة الرئيسة للطابق الأرضي للمدرسة، وعلى بركة الماء والحديقة الجنوبية، وتطل نوافذ المقصورة الغربية على الحديقة الغربية والمسار الغربي للمبنى المزين بالشرانق العلوية، وأربع مشربيات، تتوسط مسار الطابق الثاني يليها في نفس المسار أربعة عقود كبيرة فتحت على رواق مستقل يقع غرب المصلى، يلي هذه العقود مشربية، وحيدة تقع قبيل زاوية الركن الجنوبي الشمالي للمبنى.. فيما تطل نوافذ المقصورة الجنوبية الشرقية على نفس تفاصيل المشهد، ولكن من الناحية الشرقية..  وتعلو كل مقصورة، قبة واحدة، تحيطها الشرانق من الأربع جهات التي تؤطر الشكل العام لكل مقصورة، ويمثِّل حجم قبة المقصورة الواحدة نصف قُبَّة ضخمة من القباب الست المذكورة.. ويتوسط المقصورتين في قلب سطح الرواق الجنوبي، (منْوَر) متوسط الحجم، تعلوه قبة صغيرة.. ويبدو في شكله كفانوس عثماني ضخم، أو مبخر فارسي، أو صيني - شرقي المواصفات - صُمِّمَ ليطل على الناحية الجنوبية، أي على البوابة الرئيسة للمدرسة وعلى الحديقة وبركة الماء الكبيرة، وغرف الحمامات التي تبدو من الأعلى بشكل متقدم وبديع..

6.  المياه الكبريتية:

يتضح من وصف الدليل في زيارتنا، ومن اطلاعنا على كثير من المراجع، ورود تفاصيل وإشارات تفصح عن المياه الساخنة التي كانت تستخدم في المدرسة للوضوء والاستحمام، عبر جداول تأتي بالمياه الكبريتية من العيون الحارة التي تقع غرب المدرسة، وهو ما يعني أنها كانت أيضاً دار استشفاء طبيعي بمياه العيون الكبريتية، وبطرق أكثر حداثة، على واقع ذلك العصر.. ففي الدور الثاني حيث بيت الصلاة، وعلى شمال المحراب، يُفْتَح باب خشبي واسع يؤدي إلى رواق خارجي يتقدم المحراب، ويفصل بين المحراب والجدار الخارجي الشمالي، المفتوح إلى الخارج عبر نوافذ وسيعة بعقود محمولة على أعمدة حجرية متناسقة، ويحوي هذا الرواق، غرفتين مستقلتين، وفي البهو، مقصورة خاصة باستحمام السلطان واستعداده للصلاة، حيث توجد بركة ماء صغيرة مقضضة(3) بإحكام، وهي عبارة عن مغطس اغتسال للاستحمام البخاري فائق التصميم ومحكم البناء يقع على سطح الدور الأرضي.. ويصل الماء إليه عبر جداول صغيرة فُلجت في  أسفل جدران الرواق وكان الماء  يصعد إليها عبر ضخ بخاري، حسب ما يشير المؤرخون، لكن إلى اليوم لم تعرف الطرق الفنية لهذه التجربة..

وفي الدور الأرضي المكوّن من غُرَف الدَّرس اطلعنا على الجدران السميكة الفاصلة بين الغرف من ناحية وبين غرف الاستحمام ببعضها، والجداول التي فُلجت في أعلى الجدران السميكة الفاصلة بين غرف الاستحمام، والقريبة من السقف.. سألنا الدليل «توفيق العباهي» أحد سدنة مدرسة العامرية، عن الجدوى منها؟!.  فأكد لنا بأن هذه الجداول مخصصة للميــــاه المنسابـــــة - انـــحــــداراً - مـــن الحمَّام البُـخـــاري الذي كان يوجد غرب المدرسة ويوزَّع على الحمامات والأحــــواض عبــر جــــداول محـكـــمـة التصـمــيم، وتمرُ جداول أحواض الاستحمام من أعلى جدران قريبا من السقف وتبدو كأنها منحوتة على شكل سواقي تعبر عبرها المياه وتوجد فتحات إلى كل حوض تسمح باندفاع الماء للحوض من الأعلى ليسهل الاستحمام.. لكن لم يكشف أحد من المؤرخين بعد، مكان تلك العيون بعد أن اتسعت أحياء المدينة الكائنة غرب المدرسة، كما لم يعد يعرف الأراضي الزراعية التي كانت تسقى بمياه الصرف الصحي الخارجة من ثقوب فتحت من الناحية الجنوبية، والجنوبية الشرقية.

7. قاموس التنوع المعماري:

من الزاوية الشكلية تظهر مدرسة وجامع العامرية كبناء تدريجي مستطيل الشكل يمتد ضلعه من الشرق الى الغرب بطول 23 متراً ومن الشمال إلى الجنوب بطول 40 متراً وتتكون في الأصل من طابقين كبيرين، ويزيد من روعة وجمال المبنى كون الباحة وقاعة الصلاة في الطابق العلوي، وكون المقام الملكي المنتصب بكتلتيه في الجهة الجنوبية من القباب، تليه الباحة، وما تحيط بمربعها من شرانق مطلِّة عليها، وعلى الجوانب الخارجية.. ليتجلى المبنى بكتلته الهندسية أمام نواظرنا من شاهق القلعة، كقاموس معماري فخم يشد العقول لتصفح ذلك الحضور الذهني والكاريزما الفنية الجليلة، المصبوغة بالتنوع الجامع الذي يشكل محور التقاء تراكم حضاري لثقافات مترامية التوجهات والفكر والعقيدة، وهذه الصـــورة جعلــت للمدرســة خصوصــية تميُّزهـــا عــن كـــل الـمآثر الإســلامـــية، في أصـقاع الدولة الإسلامية حينها.. وفي الداخل رأينا الزخارف، وكيف التقت في المهارات الخطية والحرفة الفنية كل ممكنات الزخرفة النباتية والحجرية، من النقش والرسم والنحت في الـمرمــر أو الأخشــاب أو الجــص والــقضــاض، وكـــذلك الألوان المعمرة والبديعة، والخط العربي الجميل..

الدراسون والباحثون المعماريون، وكذا المؤرخون الذين قُدّر لهم معرفة وزيارة هذا المرجع المعماري الاسـلامـــي اعــتـبـروا هـــذا التفـــرد فــي التنــوع ســـمة متقدمة في فن العمارة الاسلامية في ذلك العصر، ما جعل المدرسة قاموساً في فن المعمار والزخرفة والقيم النفعية والجمالية المتكئة على مرجعية اصيلة وعريقة من أصول السبق الحضاري لليمنيين، حيث يلتقي هذا التراكم الحضاري والإنساني والعقدي في مأثرة واحدة.. وما يلفت الانتباه هو تأكيد الباحثين والدارسين والمعماريين، أن المدرسة جمعت بين الطراز المعماري العثماني والمغربي والفارسي والصيني والياباني!.. وهذا غير مبالغ فيه إذ تؤكد المعلومات التاريخية إن مؤسس المدرسة جلَب أمهر الصُنَّاع والحرفيين وسخَّر لإنجاز هذا البناء الضخم أموالاً طائلة، فمواد البناء من أحجار وأخشاب تعتبر ثمينة، وتم اختيارها بعناية فائقة، وربما كان ذلك أحد أسباب صمود المبنى أكثر من خمسة قرون أمام عوامل التغيّر الطبيعية والبشرية..

8. العامرية.. وصراع الحاكميات:

بهذا التكوين وعناصر البناء العمراني المتنوع، صارت مدرسة وجامع العامرية هي أهم منجز للدولة الطاهرية عموماً، وللمك الظافر عامر بن عبد الوهاب - رحمه الله - خصوصاً، وشاهداً مادياً سيحمل عبر التاريخ حضور هذا الملك الاسلامي، عبر الأجيال، لتصبح العامرية هدفاً لخصومه السلطويين للنيل منه ومحاولة تهميشها على الأقل.. وهذا العداء الثقافي يعكس المعضلة التي - للأسف الشديد - تعيشها العقلية العربية والإسلامية، وهي ظاهرة دخيلة على النهج الإسلامي في التعايش مع الآخر، وفق نظام يحترم لكل ذي حقٍ حقه.. وتتمثل هذه المعضلة في الانتقام السياسي والإقصاء الثقافي المتبادل بين الحاكميات المتتابعة، فتدشن كل حاكمية عهدها بتهميش أو تدمير مآثر الحاكمية التي سبقتها، لتندثر على إثر هذا الصراع هويات وثقافات شعوب وتأريخ حقب وأجيال، جارفة معها أسفار من تاريخ العلاقات الإنسانية والتعايش بين المذاهب والأديان والثقافات، على المستوى السياسي والديني والمذهبي والجغرافي.

نقـــول هـــذا مـــن محـــتوى مـــراجـــع جــمة تنوّعت مصادرها تحكي تعقيدات الصراعات التي خاضتها الدولة الطاهرية، حيث واجهت ثلاث مشاكل ساهمت في تقويضها، وهي: الخلافات الداخلية بين الأسرة، والقبائل المتمردة التي كانوا يعتمدون عليها لجبي الضرائب، والتهديد المستمر من أئمة الزيدية في صعدة وصنعاء، إضافة إلى أطماع مماليك مصر «الشراكسة» في ضم اليمن إلى دولتهم، تحت ذريعة صدّ البرتغاليين من ملاحة البحر الأحمر، بعد احتلال جزيرة سقطرى ومحاولاتهم السيطرة على عدن، والتحكم بتجارة المحيط الهندي والبحر الأحمر ، نطاق نفوذ سلاطين بني طاهر مصدر قوة اقتصادهم، وتحديدا في عهد السلطان عامر بن عبد الوهاب، الذي ورث عن والده المنصور ، حُكْم الجزء الجنوبي من اليمن، لتتسع دولته اليمنية الموحدة، شاملةً سائر جهات اليمن بما في ذلك صنعاء ومخاليفها وجازان وعسير وحضرموت، والمهرة وظفار.. غير أن مراجع أخرى ترجّح توقف حكمه على أبواب صنعاء شمالاً، أما جنوباً وغرباً فقد وصلت دولته حتى مشارف البحر الأحمر، زبيد والحديدة، ومشارف المحيط الهندي، جنوباً وشرقاً، كما تذكر المراجع أنه تغلَّب على الإمام محمد بن علي السراجي الوشلي، أحد أئمة الزيدية،  ثم قام من بعده الإمام يحيى بن  شرف الدين فدعا إلى نفسه بالإمامة سنة 912 هـ، ولكن نفوذه كان محصوراً في بلاد حجة، حتى قدم الشراكسة(4) إلى كمران سنة 913 هـ، لمطاردة البرتغاليين الذين كانوا يسعون للاستيلاء على ديار المسلمين والقضاء عليهم كما فعلوا هم والأسبان بالمسلمين في الأندلس.

وكان الشراكسة - أو (الجراكسة) في بعض المراجع - قد اتصلوا بالسلطان عامر، وطلبوا منه مساعدته لهم، وإمداده بالمعونة حتى يواصلوا الدفاع عن شواطئ الجزيرة العربية فاستشار السلطان رجال دولته، فأشار عليه وزيره علي بن محمد البعداني بأن يمنع عنهم كل معونة، فنزل الشراكسة إلى اللحية والحديدة وهم مسلحون بالبنادق النارية (المعروفة في اليمن بالبنادق العربي) ولم تكن معروفة عند أهل اليمن، فذعروا منها، وفرت قوات السلطان من أمام الشراكسة مهزومين، وقد استغل الإمام شرف الدين هذه الفرصة، فاتصل بالشراكسة، وأعانهم على السلطان عامر عبد الوهاب حتى انتهى أمر عامر عبد الوهاب بأن قتل خارج صنعاء يوم الجمعة 23 ربيع الآخر سنة 923 هـ. بعد أطول فترة عهدٍ حاكمي فـي حـاكميات الـدولـة الطــاهـريـة، بنـى خـلالـه مـآثـر كبرى كان أهمها مدرسة وجامع العامرية، ومدارس أخرى مقاربة في تنوعها لهذه المدرسة، كمدرسة في زبيد، ومدرسة في تعز، ووقف عليها أوقافاً واسعة، وعمر وأصلح ما تشعّث من المدارس السابقة- على عكس من أتوا بعده - وكذلك بنى عمارة جامع «زبيد» الكبير، والجامع الكبير في «المقرانة»، ومسجد القبة بها، ومسجد في «عدن»، وآخر في «المباءة» بظاهر «باب البر»، وعمارة المسجد الجامع في «تريم»، وصهريج عظيم بها لم يسبق إلى مثله، وآخر بقرية «عسيق» وغير ذلك. وقد أشار إلى مآثره العمرانية، ودوره في الحركة العلمية المؤرخون والشعراء ، ومنهم محمد بن عمر بن المبارك الحضرمي، المعروف بـ«بحرق» فقال في رثاء السلطان عامر بن عبد الوهاب:

أبى الله إلا أن تحـوز المفاخــــــــرَ

فسماك من بين البرية عامرا

عمرت رسوم الدرس بعد دروسها

وأحييت آثار الإله الدواثـرَ

ورثاه المؤرخ عبد الرحمن بن علي الديبع الشيباني ، صاحب كتاب قرة العيون بأخبار اليمن الميمون قائلاً:

تحطمَ من ركن الصلاحِ مَشيدهْ

وقُوُّضَ من بنيــــانه كـل عامــــــرِ

فما من صلاحٍ فيه بعد صلاحهِ

ولا عامرٍ - واللهِ - من بعدِ عامرِ

وهذه هي الملابسات التأصيلية لمسار محاولات تهميش وتقويض مآثر حكم السلطان الظافر عامر بن عبد الوهاب، وبالأخص مدرسة وجامع العامرية بـ«رداع»، فبعد مقتله حاول الإمام شرف الدين سلب مدرسة العامرية محاسنها وتشويهها، كما سعى بعده الإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن (صاحب المواهب) المتوفى سنة 1130هـ، لأنها في زعمه واعتقاده من آثار كُفّار التأويل(5)، فتصدى له القاضي علي بن أحمد السماوي المتوفى برداع سنة 1117 هـ، وحذره من عاقبة عمله إن هو أصر على خرابها، وتلا عليه قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا....﴾. سورة البقرة الآية (114).  فتوقف المهدي عن خرابها مكتفياً بهدم معظم شرفاتها تحلة ليمينه: فقد كان أقسم - كما يقال - بأنه سيهدمها..

غير أن توقف الإمام المهدي عن هدمها لا يعني رعايتها كمنجز تاريخي، بل يعني دخولها مراحل مظلمة من الإهمال ومحاولة طمس هويتها إما بالاستحداث العشوائي في حرمها، أو من خلال وصم تنوعها وثرائها المعماري الفسيفسائي بما يسمى بالبدْعة، أو التجديد الغير مستحب في بناء دور العبادة الإسلامية، وهذا أشد وقعاً في الذاكرة الجمعية، وليس سوى من قبيل الصراعات السلطوية وتوظيف الدين لخدمة السلطة.. كما أن يد العبث طالت محاسنها، بدون قصد في الفترات اللاحقة من قبيل الاهتمام بالمساجـــد، حيـــث جــرت العـــــادة علــى تـنـويــر المســاجد بالنورة، لتكون تلك المساجد بيضاء ساطعة من الخارج ومن الداخل، دون مراعاة خصائص الزخارف الفنية، فطمرت طبقات النورة تلك الزخارف نهائياً.

9. ترميم العامرية.. قصة نجاح:

في زيارتنا الاستطلاعية لمدرسة العامرية (بعد الانتهاء من ترميمها بثلاث سنوات أي في 2008م)  اطلعنا على معرض الصور بالدور الأرضي، ومنها صور قديمة جداً للمصور الألماني (بوركارت) وهو أحد المستشرقين الذي قدمّوا دراسات ومسوحات حول كثير من آثار شبه الجزيرة العربية، وقد زار المدرسة في سنة 1910م، إضافة إلى صور مراحل الترميم، وصور المدرسة عقب الانتهاء من ترميمها، ليختصر هذا المعرض المصغر مفارقات كبيرة جداً تحكي حالة دمار شبه كلي، كانت تعيشه العامرية، وأن طموح إحيائها كان عن الواقع بمنزلة المستحيل.. غير أن عملية استعادة مدرسة وجامع العامرية، من شفير الاندثار بدأت باستشعار رسمي جاء على سبيل تفحص هذه المدرسة التي تحكيها المراجع التاريخية بتلك الفخامة التي لا يدرك مكانتها الأثرية غير كوكبة من رجال الفكر والثقافة والمتخصصين في علم الآثار في الوزارة والجهات المعنية، وكان لهم دور ملموس في تنامي هذا الاستشعار لدى الدولة، وكان ذلك في عام 1972م، حيث لم يكن في العامرية حينها ما يلفت النظر سوى بيت الصلاة وما تبقى من جمال جدرانها وألوان زخرفتها وكانت تلك البقعة الطاهرة عامرة حينذاك يتأمُّ الناس فيها للصلاة في كل وقت، أما ما عدى ذلك فتكاد الحياة الجديدة حولها تبتلعها عمارة وعمراناً.. وتزامن مع هذا الاهتمام بوادر رعاية وتمويل من قبل منظمات دولية وقامات فكرية وعلمية تعشقُ مهنة ترميم وصون مآثر العمارة الإسلامية في اليمن، وعلى رأس هذه القامات المهندسة والخبيرة المعمارية الدولية الدكتورة سلمي الراضي(6) التي عملت مع الكثير من المنظمات الدولية ومنها اليونسكو في عمليات التنقيب عن الاثار وترميم المباني الاثرية في عدد من الدول ومنها اليمن، حيث زارت المدرسة العامرية لأول مرة في عام 1977م لتقوم خلال زياراتها الأولى بدراسات عاجلة للعامرية لتقدم باقتدار تصورا شاملاً عن هذا المعلم النادر، لتبدأ مسيرة مشروع الترميم في العام 1982م - بإشراف فني ومساهمة علمية مهنية من قبل الدكتورة سلمى الراضي بصحبة فريق محلي وأجنبي ماهر- بتنظيف عام للمدرسة على المستوى الداخلي والخارجي، لكثرة ما تراكم عليها من مخلفات ونفايات وصل ارتفاعها في بعض الأماكن إلى ثلاثة أمتار.. وخلال فترة التنظيف حدث أكبر زلزال يشهده تاريخ اليمن المعاصر وهو زلزال ذمار في 13 ديسمبر 1982م. وأصيبت مباني عديدة جوار العامرية لكن المدرسة ظلت صامدة ولم تتأثر.. ولم يكن من السهل إعادة مكونات مبنى مدرسة العامرية بنفس المنهجية التي بني بها هذا المعلم، لذا فقد تم الاستعانة إلى جانب الخبرات العلمية الأجنبية بخبرات محلية، حيث عمل في المراحل التنفيذية ستين حرفياً محلياً وتم أيضاً استخدام تقنيات ومواد بناء تقليدية، ولعب المشروع دوراً كبيراً في تأهيل كوادر وطنية في مجالات الترميم وإعادة التأهيل كما ساهم في نشر الوعي بأهمية التراث المعماري الأثري والتاريخي، وفي إحياء العديد من الحرف والتقاليد اللصيقة بالفنون المعمارية السائدة في اليمن منذ القدم.. ومن أبرز الحرفيين الذين شاركوا بفاعلية في إحياء مدرسة العامرية الأسطى(7) عزي محمد جزعة، إلى جانب عدد من العمال من ذوي المهارات العالية والمتوسطة تحت إشراف نخبة من المهندسين الأكفاء منهم المهندس التنفيذي للمشروع عبد اللطيف علي المسني، والمهندس عدنان جميل نعمان مشرف أعمال الترميم، والمسؤول العلمي المباشر على تنفيذ المشروع الأستاذ الدكتور يوسف محمد عبدالله، وغيرهم.. وقد اشتمل المشروع على تدريب ستة فنيين يمنيين لاكتساب الخبرة في مجال الحفاظ على الرسوم الجدارية وقد دعمت حكومة الولايات المتحدة هذا الجانب من البرنامج الذي نفذه فريق ايطالي مكون من سبعة متخصصين تولوا بالتعاون مع نظرائهم اليمنيين أعمال المعالجات والحماية الشاملة للرسوم والزخارف داخل قاعة بيت الصلاة.. ليشكَّل هذا المشروع قصة نجاح حقيقية للدولة اليمنية الحديثة والمنظمات الدولية في التمويل اللازم لنفقات تنفيذ مشروع الترميم الذي تجاوز المليون دولار، غطت الحكومة اليمنية - باهتمام ورعاية شخصية من رئيس الجمهورية حينها الرئيس السابق علي عبدالله صالح - معظم تكاليف أعمال الترميم، حيث خصصت لمراحل المشروع ما يزيد على 50 مليون ريال، غير مبالغ التي دفعتها الحكومة اليمنية كتعويض لأصحاب المنازل المجاورة للمعلم، والتي تتجاوز  65 مليون ريال يمني، كما تم تخصيص ميزانية مستقلة للحفاظ على الرسوم والزخارف تم تمويلها من صندوق التنمية الاجتماعية والحكومة الهولندية ووزارة الخارجية الايطالية.. كما حظي بمساعدات من مؤسسة الآغا خان للعمارة الإسلامية، ومنتدى العرب الاوروبي للأعمال والفنان «دريك هيل» وجعفر عسكري، وفاعل خير مجهول..

يحسب النجاح المحلي في هذا المشروع الذي استعاد مجمّع العامرية الديني والعلمي والحاكمي (المقام الملكي الخاص بالملك الظافر عامر بن عبد الوهاب) من شفير الخراب، وقرون الإهمال، للدولة اليمنية ونظامها السياسي، ولوزارة الثقافة اليمنية ممثلة بالهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات اليمنية، كما يعد النجاح الدولي في قيادة الدعم للمشروع، وكذا نجاح الإشراف الهندسي على تفاصيل التنفيذ الفنية، للخبيرة الدولية الدكتورة سلمى الراضي، لتتفتح مدرسة العامرية بعد ترميمها في تظاهرة ثقافية كبيرة في سبتمبر للعام 2005م، لتعلن بعد ذلك بعامين مؤسسة الآغا خان العالمية فوز مشروع ترميم مدرسة العامرية بجائزة الآغا للعمارة الإسلامية(8) للعام 2007م كأبرز مشروع ترميم في الجزيرة العربية، حافظ على هوية الطراز المعماري القديم الحافل بالتنوع حد التعقيد، وجاء تصنيف مؤسسة الأغا للمشروع ضمن قائمة المشاريع الفائزة بالجائزة دورة العام 2007م كالآتي:

- المشروع: ترميم مجمَّع العامرية.

- الموقع: رادع - اليمن (شبه الجزيرة العربية).

- هندسة معمارية: سلمى الراضي.

- اكتمل البناء: 2005م.

لتصير بعد ذلك هذه المأثرة الإسلامية النادرة مرشحة لإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي.

10. كتاب العامرية.. رواية عشق :

الدكتورة سلمى الراضي - التي نالت جائزة آغا خان» في عام 2007 م كمهندسة للمشروع - أصدرت كتاباً فريداً تحت عنوان: «قصة مدرسة العامرية»، يحكي رواية عشق وارتباط وجداني، ومهني حقيقي عاشتها الراضي مع فنون العمارة اليمنية، بدأت تفاصيل هذه الراوية من زيارتها الأولى لمدرسة وجامع العامرية، لتمضي في اليمن 24عاماً.. وقد أهدتْ كتابها الصادر بالإنجليزية عن جامعة اكسفورد البريطانية عام 1997م إلى البنّاء اليمني الأسطى «عزي محمد» الذي قالت إنه «يملك في يديه ورأسه خبرة أجيال متعاقبة، ولولاه لانتهى المبنى إلى كارثة». مُعبرةً عن امتنانها لقبول هذا البنّاء المخضرم أن تتلمذ على يده امرأة، وعن أسفها الشديد على موته، إذ حضرته الوفاة قبل أن يجعلها «أسطة» - صيغة الأنثى - في البناء، فمنحها عوضاً عن ذلك رتبة «أوسطية تصغير لـ«أوسطة»!!.

كـــما قـــدمـــت في كــتابـــها جــوانــب فنـــية لمجــريــات مراحل إنجاز مشروع الترميم ومساراته التي كانت مشوبة بتعقيدات فنية منشأها دقة الإبداع المعماري وفسيفساؤه الثرة الجامعة لثقافات مختلفة وأنماط معمارية شتىّ.. متطرقة لخصائص المشروع الذي استمر تنفيذه 23 عاماً، لتعكس هذه الفترة ملحمة إبداع معماري لكادرٍ محترف استطاع بكل ما يملكه من رؤى وفكر ومهارة أن يعيد المبنى إلى واجهة الحياة.. ويضع واقع الممكنات التي نفذته أمام مقارنة عجيبة مع القدرات والممكنات التي اختطت العامرية لأول مرة.. وقد منحها الرئيس السابق للجمهورية اليمنية علي عبد الله صالح، وسام الاستحقاق في الآداب والفنون تقديراً لما أسهمت به من جهود متميزة للثقافة والتاريخ اليمني ومآثره الحضارية ولما بذلته من جهود في ترميم وإعادة تأهيل هذا الصرح الإسلامي التاريخي الفريد..  

11. الخطر الحقيقي:

إن التحدي والخطر الحقيقي الذي يواجه هذه المأثرة العمرانية، كما يواجه كل موروث اليمن الإنساني والحضاري، هو استدامة الصراع السياسي والسلطوي على الساحة اليمنية، وما صاحب مجرياته من حروب مفتوحة يخوضها المجتمع اليمني مع تيارات التطرف الديني التي تلقي بجهلها وتطرفها على كل ما تملكه اليمن من مآثر وموروث إنساني عريض، ومنها مدرسة وجامع العامرية، حيث شهدت مدينة رداع التاريخية منذ العام (2011) وحتى نهاية العام (2014) حروب وصراعات بين الجيش واللجان الشعبية التابع لأنصار الله (الحوثيين) من جهة، وتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة من جهة أخرى، طالت المواقع الأثرية في المدينة، ومنها مدرسة العامرية، إذ أدانت السلطة المحلية والفعاليات السياسية والاجتماعية في نهاية 2011م،  ما تعرضت له مدرسة وجامعة العامرية التاريخية بمدينة رداع من أطلاق نيران بكثافة، بعد أن تحولت إلى ساحة قتال ومتارس لبعض الأطراف المتحاربة.. كما أن أجزاء من سور القلعة التاريخية لمدينة رداع، والتي يعود تاريخ بنائها إلى عهد الملك الحميري شمر يهرعش، الذي حكم في القرن الثالث للميلاد، قد تعرض هو الآخر للضرر والتصدع بسبب نيران القصف المتبادل بين أطراف الحرب في العام (2014م).

في خلاصة هذا العمل البحثي، ندعو- عبر مجلة الثقافة الشعبية البحرينية الصادرة بالتنسيق مع المنظمة الدولية للفنون الشعبية (IVO)- ندعو كل أطراف الصراع في اليمن إلى تجنيب هذه المأثرة العمرانية الإسلامية التي تمثل الهوية اليمنية في قائمة التراث الإنساني، محك الصراعات والنزاعات المسلحة، والحفاظ عليها للتاريخ والأجيال.. كما هي دعوة عامة لكل أطراف الصراعات السلطوية والنزاعات المسلحة في دول المنطقة العربية بأن تجنِّب كل ألوان الإرث الحضاري والإنساني، وكل ركائز الثقافة المادية لشعوبنا العربية، كوارث الحروب ودمارها، وأن هذه المرحلة العصيبة والخطيرة على هويتنا العربية والإسلامية، تقتضي استشعار كافة منظمات المجتمع المدني والهيئات المهتمة بالآثار والمعالم التاريخية محلياً وإقليمياً ودولياً، بضرورة المبادرة الذاتية، والإسهام الجاد في رفع مستوى الوعي بضرورة الحفاظ على ثقافة الشعوب المادية بمختلف أشكالها.

الهوامش:

1. النورة: أو (الجير الحي Cao) مادة كيميائية (هيدروكسيد الكالسيوم) قلوية، عبارة عن مسحوق أبيض تستخدم لطلاء المنشئات العمرانية وكذلك تعد اللون الأساسي للمساجد، وتعد ميزة رئيسة للمظهر العام لديار الإسلام.

2. القضاض:  أحد أهم مواد البناء  التقليدية تتكون من الماء والنورة والجير الحي (Cao) والحصى، ويتم تحضيرها بطريقة فنية معقدة تبدأ بتحويل الجير الحي إلى جير مطفي(النورة) عن طريق إضافة الماء إلى الجير الحي، ثم تخلط النورة بحصى قاسي من حجر الحبش، وبكميات محددة فإذا أخذت 3 كليو من الحصى يجب أن تضيف لها 2كيلو نورة  ثم كمية ماء كافية، ويتم دق المخلوط بأحجار غير قابلة للتفتت (الصورع)، ثم يترك العجين ليتخمر وذلك لمدة أسبوع، ثم تلبيس الأرضيات أو الأسطح بمادة القضاض، بعد تنظيفها وغسلها بالماء، لضمان تداخل مادة القضاض بكل الأجزاء والبقع في الجدار أو السطح، ثم يتم دقها بأحجار حادة،  وتسويتها الخلطة وتترك حتى تجف، وقد تصل مدة جفافها إلى ثلاثة أيام، ثم يتم وضع طبقة ثانية من خلطة القضاض وتعامل مثل الطبقة الأولى ويتم تسويتها بلوح خشبي، وبعد جفاف هذه الطبقة يتم وضع مادة النورة عليها وترش بالماء ثم تكرر نفس العملية بعد أسبوع أو أسبوعين بعدها يتم الدلك بحجر أملس ومسطح للأرضيات وبحركة دائرية مستمرة حتى تصبح الأسطح ناعمة وملساء، وبعد ذلك يتم دهن مادة القضاض بمخ الأبقار ونخاع العظام وذلك لسد المسامات المتبقية في القضاض وقد تتكرر العملية بحسب الحاجة إليها وأيضا لإضفاء لمعان على الأسطح المصقولة.  

3. مقضضة: أي مسبوكة بالقضاض حتى بدت ملساء لا يتسرب منها الماء.

4. الشراكسة أو (الجراكسة) في بعض المراجع - وهم أقدم الأمم المعروفة التي سكنت القوقاز الشمالي وقد اختلطوا بشعوب أخرى مما أدّى إلى ظهور فوارق لغوية بينهم رغم وحدة ثقافتهم الإسلامية واتحاد مصيرهم، وقد أتو إلى الدول العربية في أواخر الدولة العباسية، وتزايدوا بعد ذلك ليأسسوا دولة سلاطين الشراكسة في مصر (784 هـ/1382م-923هـ/1517م) وكانت نهاية دولتهم على يد العثمانيين.

5. كفار التأويل: كفر التأويل هو التلبس والوقوع في الكفر من غير قصد لذلك، وسببه القصور في فهم الأدلة الشرعية، دون تعمد للمخالفة، بل قد يعتقد أصحاب هذا الفهم أنهم على حق،  وتفاصيل تعريف هذا المصطلح الجدلي (كُفْرَ التأويل) تطول بين جمهور العلماء فمنهم من ربطه بالردة، ومنهم من ربطه بالبدعة، غير الحسنة.. وهناك من ربطه بمن ليسوا على دين الإسلام.. لكن الأهم هنا أن المصطلح وجد في هذا المقام كمعطى من معطيات الصراع السلطوي ذاته.. حيث أُسْتغِل المصطلح ليُسقطه خصمٌ مسْلم، ضد خصمٍ مسلم آخر، من باب تبرير الأعمال الهدامة لكل معنى ومبنى تدور حوله الخصومة السلطوية..

6. الدكتورة سلمى الراضي: ولدت في بغداد عام 1939م وعاشت طفولتها متنقلة دولياً- بحكم عمل والدها السفير سليم الراضي-خصوصاً لدى إيران والهند، حصلت على الدكتوراه من جامعة أمستردام في هولندا.. جمعت في أعمالها بين التنقيب عن الآثار وترميمها وصيانتها والكتابة عنها، وتطويرها في مشاريع وبرامج تعليم عمرانية، وفازت بجوائز دولية عدة، لتمثل جيلاً من خبراء الآثار العرب، الذين حققوا خلال حياتهم خطوات رائدة في الحفاظ على الاثار والدعوة إلى صيانتها اعتماداً على العناصر المحلية في القيام بعمليات الترميم والصيانة..  توفيت في نيويورك يوم 8 تشرين الأول 2010م، وقد كرست صحيفة «نيويورك تايمز» ملفاً صحفياً خاصاً عنها، وعن دورها الآثاري في ترميم وصيانة مبنى «العامرية» في مدينة «رداع» باليمن.

7. الأسطى: يقصد به في اللهجة الشعبية اليمنية المعلِّم العمراني ومالك حرفة البناء، وهو مصطلح فيه من التقدير ما يعطي البنّاء العمراني (المنفّذ) مكانة رفيعة تليق بمن يبني القصور والديار للإنسان معتبرين هذه المهنة من أرقى مهن الحضارة الإنسانية.

8. جائزة الأغا للعمارة الإسلامية: هي جائزة معمارية أنشأها آغا خان الرابع في عام 1977، وتمنح كل 3 سنوات لعمل معماري إسلامي تميز خصوصيات البقاء والتنوع والفرادة.

المصادر والمراجع :

- كتاب قرة العيون بأخبار اليمن الميمون - لمؤلفه وجيه الدين عبد الرحمن بن علي الديبع الشيباني - حققه وعلَّق عليه محمد بن علي الأكوع الحوالي.

- كتاب المدارس الاسلامية في اليمن.. لمؤلفه المؤرخ إسماعيل الأكوع، صادر عن جامعة صنعاء ودار الفكر بدمشق 1979م.

- التعليم في اليمن وفي عصر الدولة الطاهرية من 858–923هـ حتى1454-1519م - رسالة ماجستير جامعية - أ/ رياض علي سعيد المشرقي–4/5/2001م..

- «الإكليل» فصلية صادرة عن وزارة الثقافة اليمنية-تعنى بتاريخ اليمن الفكري والحضاري العددان التاسع والعشرون والثلاثون - مارس2006م.

- التراث الشعبي المادي لمدينة صنعاء القديمة - طريقة تحضير مادة القضاض - الكاتب: علي سعيد سيف - مجلة الثقافة الشعبية البحرينية - العدد22 - ثقافة مادية الرابط: http://www.folkculturebh.org/ar/index.php?issue=22&page=showarticle&id=417

- المركز الوطني للمعلومات - مدرسة العامرية برداع جوهرة العمارة الإسلامية : http://www.yemen-nic.net/yemen/history/ameeryaa.php?print=Y

- المشاريع الفائزة بجائزة الآغا خان للعمارة دورة 2007م المصدر: موقع جائزة الآغا خان: http://www.akdn.org/arabic/akaa_projects.asp?tri=2007

- تغطية افتتاح مدرسة العامرية بعد الترميم - الأحد 11 سبتمبر -أيلول 2005 م موقع 26 سبتمبر نت: http://26sep.net/news_details.php?lng=arabic&sid=9214

- تقرير علمي بحثي تفصيلي حول: المعالم الأثرية اليمنية...ضحية الحروب والإهمال وعبث الإنسان للأستاذة الدكتورة عميدة شعلان، أستاذة آثار ولغات شبه الجزيرة العربية - جامعة صنعاء، موقع قنطرة للحوار مع العالم الإسلامي (QANTARA.DE: 2015 ar.qantara.de).

- وجهات نظر - عمود صحفي في جريدة الاتحاد للكاتب والصحفي العربي محمد عارف، نشر العمود تحت عنوان: «آثار علماء الآثار» المرجع: http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=55431)

- تقرير صحفي للكاتب عادل السعيد-نشر في جريدة الشرق الأوسط العدد (7981)  الاربعـاء 05 رجـب 1421 هـ 4 اكتوبر 2000م تحت عنوان: ترميم المدرسة العامرية.. رد اعتبار للآثار الإسلامية في اليمن الرابط:

http://archive.aawsat.com/details.asp?issueno=8059&article=7443#.VfgwbhFVhHw

الصور:

1. https://en.qantara.de/sites/default/files/styles/editor_large/public/uploads/2015/06/25/1_aamiriya_school_yemen_wikipedia.jpg?itok=EAnFOQmw

2. https://s-media-cache-ak0.pinimg.com/736x/0f/ 35/b7/0f35b76eaa0a81a189ba7f62c54d1508.jpg

أعداد المجلة