فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
5

أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها التربوي في مملكة البحرين

العدد 5 - أدب شعبي
أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها التربوي في مملكة البحرين
كاتب من البحرين

الفصل الأول : إجراءات الدراسة

ظلت وما زالت أغاني الأطفال الشعبية طيلة التاريخ الاجتماعي للحياة الإنسانية، ذلك المعين الدافق الذي ينهل منه الأطفال الصغار، بل والشباب مفرداتهم اللغوية، ومشاعرهم الاجتماعية ومصدراً لإنماء مخزونهم المعرفي، ووسطاً لتشكيل شخصياتهم الاجتماعية المتفردة، وذاتاً تميزهم عن بعضهم البعض، إذ بحكم بساطة أغاني الأطفال الشعبية، وسهولة معانيها، وتلقائية أدائِها، فإنّ الأطفال يحتكون بها وسط الجماعة منذ نعومة أظفارهم، يقلدونها، ويتشربون من خلالها عادات المجتمع ومعاييره الاجتماعية، ويضبطون سلوكهم، ويعون خصائص الأشياء، ومعاني استجابات الآخرين الذين يتفاعلون معهم، ومن خلالها يتعرفون على البيئة الطبيعية، وكل ما يحيط بهم من اتجاهات وقيم، أفكار ورموز، وأدوار اجتماعية تمكنهم من الإندماج مع الجماعة أو المجتمع .

وما يتعلمه الطفل خلال السنوات الخمس أو السبع الأولى من حياته تمثل حجر الأساس، أو القاعدة الصلبة لبناء شخصية الطفل طيلة حياته، بحيث أن كل ما يمر به الطفل في هذه المرحلة من حياته من أحداث وظروف تؤثر على مجرى حياته اللاحقة..

صحيح أن أغاني الأطفال الشعبية في الوقت الراهن ضاقت مساحتها، واختفى العديد منها، ولم تعد ذلك الوسط الثري لتكوين الشخصية، نتيجة لظهور بدائل جديدة، وتغير الظروف القديمة، إلا أن العديد من الأغاني الشعبية للأطفال ما زالت باقية، وتلعب دوراً مهماً في حياة الأطفال. وإذا لم توجد مثلاً، فإنّ الأطفال سوف يوجدونها بالضرورة، لأنها وسط تربوي لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه، أو تجاوزه. وهنا لا غرو، أن نشاهد اليوم اهتماماً متعاظماً بالسنوات الأولى من حياة الأطفال، حيث تسعى الدول إلى إنشاء حدائق خاصة بالأطفال، وهناك المناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية التي يحرص كل مجتمع على الحفاظ عليها، واستمرارها ليس كوسط اجتماعي لقضاء أوقات ممتعة، أو لإنماء شخصية الأطفال، وإنما كموروث ثقافي يميز هذا المجتمع، وتبرز جذوره الضاربة في التاريخ. علاوة على ذلك الاهتمام المتزايد بإنشاء الحضانات ورياض الأطفال كمرحلة أساسية من مراحل نظام التعليم، لتوفير وسط اجتماعي تربوي يحافظ على موروث المجتمع، ومنه أغاني الأطفال الشعبية، وما يرتبط بها من ألعاب وعادات وتقاليد اجتماعية، يستطيع من خلالها الأطفال أن يتفاعلوا فيما بينهم، ويعبروا عن مشاعرهم، ويستجيبوا لكل ما حولهم ويحسنوا استجابتهم في المواقف المختلفة فيسلكوا في ضوء التوقعات التي ترتضيها الجماعة، ويستوعبوا العادات والضوابط الاجتماعية ويستوعبوا قواعد الفكر والخبرات، والاتجاهات والأدوار.. التي جميعاً تشكل شخصية الأفراد وتدمجهم في ثقافة مجتمعهم.

إنّ الأطفال يشكلون عالمهم الخاص بهم، الذي بدوره يشكلهم، شاء الكبار أو أبوا، وكل مرحلة عمرية لها متطلباتها للنمو. وإذا لم يلبِّ الموروث الثقافي حاجات ذلك النمو مثلاً ليس إلا، فإنهم يبدعونه بالضرورة لتلبية مطالب النمو تلك، كون ذات الطفل ومكونات شخصيته العقلية والعاطفية، اللغوية والحركية وغيرها، لا تنمو إلا في وسط اجتماعي ملائم لتلك المرحلة، لذلك لا تخلو أية جماعة أو شعب من موروث ثقافي متكامل خاص بالطفل، مهما بلغ حجم تلك الجماعة، ومستوى تطورها.

 

مشكلة الدراسة وتساؤلاتها :

تسود بعض الأوساط الاجتماعية في المجتمع البحريني، كصفة ممتدة لبعض دول الخليج والدول العربية، مفاهيم وممارسات حاصرت أغاني الأطفال الشعبية في ركن هامشي من حياة الأطفال وضيقت الخناق عليه، حتى أن الكثير من أغاني الأطفال الشعبية قد توارى واختفى خجلاً من حياة الأطفال، وحرمت الأطفال من التفاعل التلقائي مع موروثهم الإنساني الممتد من أجيال خلت، ظنّاً منهم أن هذه أمور تفسد نفسية الطفل، وتحط من أخلاقه، كونها تثير غرائز الجسد، وتقوي مباعث الهوى في النفس، وتلهي الطفل عن جادة الصواب.

وفي هذا السياق، يزعم أو يرى البعض أن لا ارتباط أو أثر يذكر لأغاني الأطفال الشعبية أو الغناء عموماً على تربية الطفل، على اعتبار أن التربية تعني التعليم، وبالتالي فالتربية لا تعدو أن تكون تزويد الفرد بالمعارف والمعلومات، الحقائق والمفاهيم التي تنمي عقل الإنسان وتهذب خلقه فقط.. وكأن الفرد عقل فقط أو مخزن للمعارف، لهذا نجد بعض الأسر والجماعات تسرع الخطى لوضع حواجز وقيود أمام أغاني الأطفال الشعبية أو الأغاني عموماً، ويحرمون على الأطفال الموسيقى، والأغاني والألعاب، أياً كان نوعها، وكأنها شر مستطير، دون أن يطيلوا النظر إلى الماضي وما يحمله من إرث ثقافي غني بمختلف أنواع الأغاني والأهازيج والأناشيد الشعبية، التي ظلت حية طيلة العصور التاريخية، بما في ذلك أكثر العصور ظلاماً.

وتدل الوقائع المشاهدة أن هناك كثيراً من أغاني الأطفال والأناشيد والأهازيج والألعاب الشعبية قد اختفت وماتت في مملكة البحرين، كغيرها من دول الخليج العربية. ربما أن بعضاً منها قد اختفى ومات بحكم ظروف الحياة المعاصرة. وهذا صحيح، ولكن هناك عدد كبير منها ما زال باقياً، وما زلنا نلحظ كثيراً، مشاهد الأطفال التقليدية وهم ينشدون، ويغنون، ويلعبون، كما كنا نشاهدهم منذ وقت قريب، في الوقت الذي نجد فيه بعض الأطفال يقلدون أغاني وأناشيد أجنبية ولا سيما الغربية منها وفي المقابل هناك أسر وأحياء ومدارس وفئات ترفض الاعتراف بالغناء والموسيقى والألعاب الخاصة بالأطفال، مما يؤدي إلى قطيعة بين الأجيال، ويزعزع الثقة بالموروث الثقافي، ويضعف روح الانتماء والمواطنة، وبالتالي تسهل التأثيرات الخارجية، ومن تطلع النشء نحو الأنماط الثقافية الوافدة، وفي وقت تشتد فيه التأثيرات الأجنبية، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، ما ينذر بمخاطر تهدد النشء الجديد، وتحديات لا حصر لها إذا استمر هذا الوضع أمام الجيل الصاعد الواعد..

بناء على ما سبق يمكن بلورة مشكلة البحث في التساؤلات التالية:

1- ما أغاني الأطفال الشعبية الشائعة الاستخدام في المجتمع البحريني ؟

2- ما المخاطر التي تحدث بتراث أغاني الأطفال الشعبية في المجتمع البحريني ؟

3- هل أغاني الأطفال الشعبية وسط تربوي ؟

4- ما المضامين التربوية لأغاني الأطفال الشعبية في المجتمع البحريني ؟

5- ما السبل لتدعيم أغاني الأطفال الشعبية كوسط تربوي لتعزيز أسس التربية الأولى ؟

6- ما السبل لحماية أغاني الأطفال الشعبية لتعزيز روح الانتماء والمواطنة في مملكة البحرين ؟

 

أهداف الدراسة : 

تسعى الدراسة الحالية إلى تحقيق الأهداف التالية:

1- مسح نوعي لموروث أغاني الأطفال الشعبية، وخصوصاً الذائعة الشهرة والأكثر استخداماً في الوقت الحاضر، في المجتمع البحريني للوقوف على أبعادها السلوكية.

2- توضيح العلاقة بين أغاني الأطفال الشعبية ودورها الاجتماعي كوسط تربوي.

3- بيان المخاطر التي تهدد بقاءأغاني الأطفال الشعبية في مملكة البحرين.

4- استخلاص المضامين التربوية لأغاني الأطفال الشعبية في مملكة البحرين.

5- تقديم أفكار وحقائق تسهم في رفع الوعي الوطني بالغناء الشعبي لأطفال البحرين، كي يكون مجالاً للترويح عن النفس وهدوء البال، ومصدراً للتذوق الفني، ورهافة الحس والمشاعر، ودافعاً للارتقاء بالمزاج والذوق العام.

6- تقديم رؤى وتصورات لحماية أغاني الأطفال الشعبية لتعزيز الانتماء والمواطنة الفاعلة لأطفال البحرين لملكهم، ولوطنهم، ولأمتهم، والإنسانية جمعاء.

 

حدود الدراسة :

تركز الدراسة الحالية على رصد أبرز أغاني وأهازيج وأناشيد الأطفال الشعبية في المجتمع البحريني الأكثر شهرة واستخداماً، وتحليلها، وتفسير أبعاد مؤثراتها التربوية على مختلف الأنماط الثقافية للطفل من خلال مسح الكتب والوثائق والسجلات التي تناولت أغاني الأطفال الشعبية بصورة أو بأخرى في المجتمع البحريني على وجه الخصوص، أي دون النظر لأوجه الاتفاق أو الاختلاف بينها وبين ما هو سائد في مناطق ودول الخليج العربية، وكل ذلك من خلال امتدادها التاريخي حتى الوقت الحاضر.

 

منهج الدراسة :

فرض موضوع الدراسة ومشكلتها وأهدافها استخدام المنهج الوصفي بنوعية الوثائقي، والوصف التحليلي، حيث تولى المنهج الوثائقي«الجمع المتأني والدقيق للسجلات والوثائق المتوفرة ذات العلاقة بموضوع مشكلة البحث» (راجع، العساف،1995). بينما تولى المنهج الوصف التحليلي، وصف وتحليل شامل لمحتوى أغاني وأناشيد الأطفال الشعبية، وتحديد العلاقات التي توجد بين الحقائق والوقائع المتضمنة في السلوك الاجتماعي، بهدف الوصول إلى استنتاجات توضح العلاقة بين تلك الأغاني ومضمونها التربوي. واستخلاص مؤشرات تمكن من حمايتها في المستقبل، للحفاظ على الهوية الثقافية، وبما يعزز روح الانتماء والمواطنة الفاعلة.

 

الفصل الثاني : أغاني الأطفال الشعبية في مملكة البحرين

نسج الإنسان خلال رحلته الطويلة أشكالاً مختلفة من التعبير الفني عن أفراحه ومسراته، حبه وكرهه، همومه وأحزانه، حربه وسلمه.. وعن إصراره على البقاء والعيش المشترك، فكون لنفسه عادات وتقاليد، قيماً ومعايير اجتماعية... إلخ. ما لبثت أن تحولت إلى نمط حياة أو ثقافة تميز هذه الجماعة أو ذلك المجتمع.

 

مفهوم أغاني الأطفال الشعبية :

هي ذلك النمط من الكلمات والجمل المسجوعة أو المقفاة التي يرددها الأطفال في صورة أهازيج، وأغانٍ تقال في مناسبات عدة، وتكون أحياناً مصحوبة بألعاب ورقصات، ظلت تنمو وتتكاثر وتنتقل من جيل الى جيل، يمارسها الأطفال في جميع المناسبات، يحورونها، ويعدلون فيها إضافة أو حذفاً من مناسبة إلى أخرى. وما زال بعضها أو قل الكثير منها باقياً حتى الوقت الراهن.

     الأهازيج مفردها هزج، و«الهزج» بفتحتين صوت الرعد. والهزج ضرب من الغناء وفيه ترنم وبابهما طرب (مختار الصحاح) والهزج هو الفرح وهو صوت وطرب (لسان العرب لابن منظور). والهزج من بحور الشعر القصير غالباً، كنوع من الغناء معروف منذ القدم ظل لصيقاً بحياة الإنسان العربي في حله وترحاله، في فرحه وحزنه......، منتشراً في جميع المناطق العربية، كنوع من التراث الممتد إلى الوقت الحاضر.

 

تأصيل فكري :

الغناء والموسيقى والطرب مكون نفسي، وجزء من حياة الإنسان لا غنى عنه مطلقاً. فالإنسان منذ وجد على هذه البسيطة وجد الموسيقى تملأ أرجاء الطبيعة، فسمع تغريد الطيور، وحفيف الأشجار، وخرير المياه، وصفير الريح، فوجد نفسه مدفوعاً بغريزته يحاكي هذه الأصوات ويقلدها، وينسج منها مقاطع منتظمة بأوزان وأشكال مختلفة، ويضيف إليها إيماءات جسمية تحاكي هذه الأصوات، ما لبثت أن تحولت إلى رقصات عبر بها عن المعنى، اختلفت باختلاف المناسبات. وكل جماعة أو شعب أوجد لنفسـه ألواناً من الغناء والموسيقى، بل والرقصات، اختلفت من منطقة جغرافية إلى أخرى؛ كنتيجة منطقية لتفاعل هذه الجماعة مع بيئتها الطبيعية، ونوع ومدى تفاعلها مع الثقافات الأخرى. ولهذا اختلفت أغاني وموسيقى ورقصات البيئة الساحلية عن البيئة الجبلية، والبيئة السهلية عن الصحراوية، والمناطق الزراعية عن المناطق التعدينية.. وسكان كل بيئة أو منطقة ابتدعت لنفسها صنوفاً مختلفة من الغناء والمواويل والرقصات، تنوعت بحسب المناسبات والأحداث والظروف.. وهكذا كون كل مجتمع لنفسه تراثاً غنائياً وموسيقياً ظل يتراكم وتتوارثه الأجيال. وكل جيل أبدع مما جادت به قريحته، وما استدعت ظروفه لذلك.

والموسيقى والغناء ليست أنغاماً وأصوات مجردة، وإنما هي وسيلة تواصل، فعل وانفعال، عندها يلتقي الذهن بالروح عند الشخص الواحد، ومن خلالها تنتقل المشاعر والأحاسيس بين الأفراد الأفكار والانطباعات، لتوجد روابط انفعالية شجية تمزج العقل بالروح، والذاكرة بالحدث، لتجسد عمليات التفاهم، وتبادل الأحاسيس والمشاعر، المحبة والتقارب، الانسجام والتعاون، وسواه.

وفي هذا السياق، فمثلما كون الكبار لأنفسهم ألوانا من الغناء والموسيقى، كون الأطفال لأنفسهم ألواناً من الغناء والأهازيج التي تتفق ومستواهم الفكري، وتلبي حاجتهم منه، كوسيلة للتفاعل فيما بينهم، والتعبير عن المشاعر، والميول والرغبات، ليستمر هذا النمط من التعبير كوسـط اجتماعي، يتعلم من خلاله الأطفال أنماط ثقافة المجتمع، وتتكون شخصياتهم المندمجة مع الجماعة.

 

نماذج مختارة من أغاني الأطفال الشعبية :

لعل ما تجدر الإشارة إليه أن هناك موروثاً ثقافياً مشتركاً من أغاني الأطفال الشعبية بين دول الخليج العربية خصوصاً، والبلدان العربية عموماً، تشابهت كثيراً في المضمون، واختلفت إلى حد كبير في المسميات، وكل بلد أو منطقة حور أو عدل بعض الجمل والكلمات والمقاطـع الغنائية، وبعضها حذف بعض المقاطع، وأضاف البعض الآخر.. إلى ما هنالك من أمور. غير أنه يمكن التركيز على أغاني الأطفال الشعبية في مملكة البحرين فقط، دون النظر إلى هذا التداخل أو التفرد، لأن لكل بيئة طبيعية خصوصيتها، وكل منتج شعبي هو حصيلة ظروف اجتماعية واقتصادية في سياق تاريخ هذه المنطقة أو هذا التجمع.

وثمة ملاحظة أخرى تختص بأغاني الأطفال الشعبية في البحرين هو أن هناك الكثير من تلك الأغاني قد اختفى وانقرض من حياة الأطفال، أي لم تعد تمارس الآن، ولكنها مثبتة في كتب التراث، والبعض الآخر ما زال حياً باقياً حتى الآن يمارسه الأطفال حسب المناسبات. لذلك سيتم التركيز أولا على الأغاني الشعبية الأكثر شهرة، بما يخدم أغراض هذه الدراسة، أي بما يفيد استخلاص المضامين التربوية التي تسعى إليها هذه الدراسة. مستخدمين في ذلك منهج البحث الوثائقي، كما سبقت الإشارة.

ويمكن استعراض نماذج من أغاني الأطفال الشعبية في مملكة البحرين كأمثلة مختارة ليس إلا، سواء تلك الأغاني القائمة بذاتها، أو المصحوبة بألعاب، والأناشيد، بدءاً بالأكثر شهرة واستخداماً.

 

أولاً : أغاني المناسبات :

ومنها على سبيل المثال:

1- الحيّه بيّه :

ضحيتي ضحيتي.. حجي بي حجي بــي

إلى مكة... زوري بي زوري بي إلى مكة

وإشربي من حوض زمزم زمـــــزم

وزوري القبة المعمورة المعمـــــورة

فيها السلاسل والذهب والنورة والنــورة

2-  القرقاعون:

قرقاعون عادة عليكم يالـــــــصيام

من بين أقصـــير ويا رمضــــان

يالله يالله يالـــــــــــــــله

يالله اتسلم ولدكـــــــــــــم

ولدكم يالحــــــــــــــباب

أوسيفه يرفــــــــــــع الباب

سنت الغلى ما صكـــــــــــت

ولا صـــــــك له بابه .. قرقاعون

 

- ومن أغاني القرقاعون أيضاً :

          ســــلم ولدهم      يا لله

          وتخـــليه لأمه              يا لله

          واييب الــمكدّه             يا لله

          ويحطها جنب امه          يا لله

          يا شفــيع الأمة اتخلي      ولـدهم لأمه

 

3- إهزوجة الناصفة: وهي قريبة الشبه بالقرقاعون، يحتفل بها في النصف من شعبان عادة:

الناصـــفة حلاوات على النبي صلاوات

عطونه من مـــــالكم سلم الله عيالكم

عطونه من مال الله ســــلم لكم عبدالله

 

-     ومن أهزوجة الناصفة أيضاً:

حـــــية بية

على درب لحـنينية

راحت حـــية

أوجــــات بية

يا حييتي يا بييتي

غديتك عـــشيتك

نهار الــــعيد

لا تدعـــين عليّه

 

4- أهزوجة باكر العيد:

باكر العــيد بنذبح بقرة

نادو خلفان ابسيفه أو خنجره

باكر العيد بنلـبس اليديد

بناكل عيش اوخوخ او سنطره

يالله يا صبيان يالله يا بنات

اليوم العيد ما نبـــي دندره

 

5- ومن أناشيد المناسبات:

أذن يا مؤذن تـــــرى الصيام جاعوا

وكان منت مأذن جاك العــمى في ساعة

 

- وبعد أذان المؤذن يردد الأطفال:

أذن المـــــــــــؤذن الله أكبر

الله أكبر أفـــــــــطروا يا صيام

 

- وبعد أن يفطر الأطفال ينشدون:

باقي ثلاث أيام ونلحـــــقك يا صيام

باقي اليوم وباكر ونلحـــــــقك يا فاطر

 

-أنشودة وداع رمضان :

( الناشد )     ( المجموعة )

الوداع الوداع يا رمـــضان      آه ويلاه

عليك الــسلام يا شهر الصيام   آه ويلاه

ودعوه يا كــــرام يا كرام       آه ويلاه

 

ثانياً : أغاني التسلية واللعب :

 

1- حكايات مغناة :

خريريفة مجيرفة سبع قطيــــــويات

في التنور معلقات والتنور يبغي حــطب

والحطب في السمرة والسمرة تبغـي قدوم

والقدوم عند الحداد والحداد يبــغي افلوس

والفلوس عند العروس والعروس تبغي ولد

والولد سمه ســـــــــــند ...

2- يغني الأطفال عند نزول المطر :

طك يا مــــــطر طك          طك يا مطر طك

يالله ازيده يالله ازيده           طك يا مطر طك

بيتنا جديد ومرزامنا جديد      طك يا مطر طك

 

ثالثاً : الألعاب المصحوبة بأغاني :

1- لعبة حزز وزينة:

          حزز وزز وزينة طوق بلاحزينة

          أحمد لك          وانا لك

          يوم العيد          وانا لك

          سلاية المرتزة    في صدرك

          يا أحمد يا محمد  زرعني

 

2- لعبة قوم يا شويب :

 

( المجموعة )

( الشايب )

قوم ياشويب قوم يا شويب عن التـنور

سري عايب سـري عايب ما قدر أقوم

( الشايب )

( المجموعة )

يت عـند هذا

هي والله

عطاني محبس

هي والله

ضاع في الملعب

هي والله

وآنه العب

هي والله

يت عند هذا

هي والله

عطاني خاتم

هي والله

هني باب ؟

لا

اهني دريشة ؟

لا

 

 

3- لعبة أنا الذيب باكلكم:

فتاة تمثل الذئب تقول: أنا الذيب باكلكم

ترد الأم :   يا عيار يا مكار دورها

الذئب:  لقـــــــــيتها

يهجم الذئب وهو يقول : أنا الذئب باكلكم

الأم : أنا أمكم باحمـــيكـم

الذئب : شاش الذيب على الطليان

الأم :  يا ويلكم يلعيـــــال

4- لعبة هدو المسلسل :

 

(الناشدة)

(المجموعة)

هدو المسلسل

هدوه

تراه ياكم

هدوه

نثر عشكم

هدوه

لين ياتيكم الكـلبة البيضة لا تخافـون

لا

لين ياتيكم الكلبة الحمرة لا تخافون

لا

لين ياتيكم أم السلاسل والذهب فض

 

 

 

رابعاً : أهازيج المهاودة وترقيص وإطعام الأطفال :

هناك كم هائل من أهازيج وأغاني الأطفال الشعبية في مملكة البحرين اختلفت لمقتضى الأحوال التي يعيشها الطفل، والظروف التي تعيشها النسوة أو الأسر. وقد تفننت النسوة أو الأسر في ابتداع أهازيج وأغاني ومواويل شعبية ما زال العديد منها قائماً حتى الآن، ولكن حسبنا أن نشير إلى نماذج محدودة للوقوف على مضامينها التربوية.

 

1- التهويدات :

لولو لولو لولو

نام يا وليدي نوم الهنية

ونوم الغزلان في البرية

بشرتني القابلة وقالت غلام

ليت ذيك القابلة تزور الإمام

بشرتني القابلة وقالت ابنية

ليت ذيك القابلة تقرصها حية

يوم قالوا غلام شد ظهر أمه وقام

 

 

- وأيضاً:

هـلو هــــــــــلو هـلو

ومن الذهـــــــــب ملوها

اثنعشر حبشـــــــــــية

في بيت أبوها تـــــــــخدم

2- أهازيج استفاقة الطفل من نومه:

صباحـك صباحين صباح الكحل في العين

صباح يطرد الفقر صـــباح يطرد الدين

صباح الناس مرة صباحــك عشر واتنين

 

3- أهازيج ترقيص الأطفال:

صافي كبار أمعاونة يا بحــــار جبت لينا

سلم على اختي  أرنوبة وقل ليها ولدت زينوبة

والمشبك بالحبال جيبوا السعوط والمـــعوط

 

- وأيضاً:

تركص تركــــص هالبدرية

جنها غزالة بصــــــحراء

بري والحاســـــــد بري

يكفينا الباري شــــــــره

 

4. أهازيج إطعام الأطفال:

عافية يا عافـــــــية

وأبليح صافـــــــية

ياعوافي عوافــــــي

أوليدي الخير أوافــــى

 

5- أهازيج مداعبات:

زانة زانة والخير في اللي جانـا

حسن يبين عطية وأعمامته مطوية

طواها ما نشرها نشرها في البرية

- وأيضاً:

شوط شوط البطة والعن أبو من حطه

وحـطــــــــــــته السعادة

سعادة راحت البر تجيب عيش لخضـر

 

تلك أبرز أغاني وأهازيج وأناشيد الأطفال الشعبية في مملكة البحرين، استعرضت كنماذج بعجالة سريعة، لفحصها وبيان مضامينها التربوية التي تحتويها، وحتى تكون دليلاً على ما تتضمنه من أنماط سلوكية يكتسبها الأطفال أثناء نموهم الاجتماعي. وهذا ما يبينه الفصل التالي.

 

الفصل الثالث : أغاني الأطفال الشعبية ومضامينها التربوية

غناء الأطفال الشعبي سواء أكان للذكور أو للإناث، وسواء أكان للصغار أو للشباب، مثله مثل أغاني الكبار نشأ كظاهرة اجتماعية ضرورية لإتمام عملية التفاعل الاجتماعي، وتكوين شخصيات النشء في اطار ثقافة المجتمع. بمعنى أن أغاني الأطفال الشعبية ظهرت أساساً لنقل ثقافة المجتمع إلى النشء، وبالتالي فهي وسيلة للتنشئة الاجتماعية، إذ من خلال تلك الأغاني يتعلم الطفل المفردات والتراكيب اللغوية ومعاني الكلمات، وكيفية استخدامها وتوظيفها. ومن خلالها تنمو تصورات الطفل الدينية ومعتقداته عن الكون، والحياة، والإنسان.. وعن طريق تلك الأغاني ينمو الطفل عقليا وجسميا، انفعاليا واجتماعيا، جمالياً وترويحا، وغير ذلك كما سيلي بيانه..

ذلك أن الطفل منذ أن يولد وهو محاط بكل أنواع الأهازيج والأغاني والأناشيد والمواويل، كي يكون لها وظيفة بالغة الأهمية في أدق وأخطر مراحل نمو الطفل ، وليست عبثاً. ولا نبالغ إن قلنا أن الطفل يسمع الموسيقى وهو جنين في بطن أمه (راجع، مؤتمر المجمع العربي لجامعة الدول العربية، 1977). ولعل خطورة هذه الوظيفة تتجسد في تنبيه مشاعر الطفل وأحاسيسه، كي يدرك عالمه ويبدأ في التعرف عليه، وفهمه، والتعامل معه. وما ترقيص الأم لوليدها وقول الأهازيج في أكله وصحوه، لإيقاضه وتنويمه و... و.. إلا لتحفيز الطفل وإثارته للتعرف على العالم المحيط به، وسرعة فهمه والتكيف معه.

ثم تتلاحق على الطفل سيل من الأهازيج والأغاني وهو وسط الأسرة كي تشعره بوجوده، وتلح عليه أن يستنهض قواه للنمو الاجتماعي. ومن ذلك على سبيل المثال ما كانت تقوله فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تراقص ابنها الحسين:

إن إبني شبه النـــبي

وليس من نسل أبي وعمـي

فأنمه اللهم فيم ينمـــي

 

وعندما يخرج الطفل من المنزل إلى الحي والأقران يجد عالماً مليئاً بالمثيرات، وتختلف صور تعلم أنماط السلوك، حيث يجد محيطاً من الأقران والشباب، يتطلب منه أن يسلك وفق قواعده؛ وإلا رفض أو تعرض للأذى. وليس أمامه من سبيل إلا الانصياع لمعايير الجماعة. وهنا نجد أول ما يربط الطفل بأقرانه هو ضرورة فهمه لقواعد اللعبة والغناء حتى تتقبله الجماعة، فيبدأ الطفل بتكوين علاقات مع أبناء الحي، وبتكوين الصداقات من خلال اللعب تارة، والغناء الشعبي تارة ثانية، مستخدماً من ذلك وظيفة لتعلم كل أنواع السلوك، وما يصاحب ذلك من تغيرات عقلية وانفعالية وسلوكية ضرورية لاندماج الطفل مع المجتمع.

ولولا هذا الوسط الذي يصاحب الطفل حتى رجولته، لما نمت شخصية الفرد، ولانعدمت صفته الآدمية. والأدلة على ذلك عديدة، أمثال الطفلة «كامالا»و«الطفلة أزبيلا» والطفل «كاسباروف» وغيرهم أشارت إليه العديد من كتب علم النفس الاجتماعي.

 

أغاني الأطفال الشعبية وسط تربوي :

يشكل الغناء الشعبي للأطفال وسطاً تربوياً ثرياً، يحيط بالطفل منذ نعومة أظفاره، ويقدم لهم مجالاً واسعاً للتفاعل مع من حوله ولا سيما أقرانه، حيث يمر بسلسلة من المواقف والأحداث التي يتعلم من خلالها عادات المجتمع وقيمه، وضوابط السلوك، فيبدأ وعيه بالنمو عندما يقوم الطفل بالتمييز بين جسـمه وقدراته، وأجسام وقدرات الآخرين، والتمييز بين معاملة الكبار له واستجابته لهم، واستجابة الآخـرين له، وبهذا يبدأ الإدراك المتميز لذاته في النمو، وخاصة عندما يحاور نفسه،ويستجيب لمناقشته الداخلية حينما يلاحظ إستجابة الآخرين وأداءهم في المواقف السلوكية المختلفة،عندمايشعر الطفل بوجوده، وبدوره الفاعل معهم، وتأثير الآخرين عليه (الحاج,2003) وهنا يدخل الطفل في علاقات اجتماعية متشابكة ومتناقضة تارة، ومتكاملة تارة أخرى، عندما يلاحظ مواقف الآخرين في الغناء وأداء الحركات أو الألعاب المصاحبة. ولمواجهة ذلك التعارض  يقوم الطفل بعمليتين: الأولى تتضمن تعديل تعلم عادات واتجاهات وتوقعات سلوكية جديدة حتى ينسجم مع الجماعة ويتكيّف معها. والثانية تأمل ذاته، لمراجعة مواقفه، فيقوم بموازنة مستمرة بين شخصيته وشخصيات الآخرين، لإيجاد نوع من التوافق والانسجام مع أقرانه. وهو بهذا يكتسب خبرات جديدة تعينه على زيادة وعيه بشخصيته، وبزيادة فرص نموها ( الحاج، 2003). وتبين التجارب السلوكية أن الأطفال يخضعون لمعايير جماعة الأقران أكثر من معـايير آبائهم، ويسايرونهم حتى لو كانوا على خطأ، لأن الأطفال لا يحبون أن يكونوا مرفوضين من الآخـرين (الأشول، د.ت.).

إنّ المواقف التي يمر بها الطفل أثناء أداء الأغاني والألعاب المصاحبة لها والأناشيد في العديد من المناسبات توجد بيئة تعلم غنية، حيث يمر الطفل بخبرات وقيم واتجاهات حية، فيدرك من خلالها معاني الأشياء، وكيفية الاستجابة للآخرين، والقيام بالأدوار المتوقعة منه، فيتعلم كيف يتصرف كعضو في الجماعة على أساس إدراكه لما هو مشترك بينه وبين المجتمع، وتنظيم إدراكاته، وضبط سلوكه وفقاً لما يتوقع منه، وتعلم الاتجاهات الفنية والأدبية، وتعلم الأدوار، وكذا تعلم المحرمات، والاعتراف بحقوق الآخرين ( الأشول، د.ت.).

ولعل ما تشير اليه الدراسات في هذا الشأن أن هناك خطاً دقيقاً يربط بين ألعاب الأصابع والألعاب الجسمية والحركية وإنشاد القصائد وغناء الأغاني ( عبدالله، 1997 ) لأن في كل بيت شعري مقفى، أو جملة نثرية موزونة صورة عقلية، وإيقاعها يدفع الطفل إلى الحركة والإنشاد أو الغناء. وبتكرار الجمل المقفاة يجعلها مألوفة، وسهلة الحفظ.

وبتنوع الأغاني الشعبية للأطفال، ومناسبات أدائها وما يصاحب بعضها من ألعاب، تتنوع المواقف التعليمية، حيث يمر الطفل بالعديد من الخبرات والمواقف الشعورية التي تعزز عملية التعلم. فبترديد الطفل للألفاظ والجمل والعبارات، المحملة بأحاسيس ومشاعر جياشة في مواقف الحياة المباشرة، تجعل الطفل يقوم بعدة عمليات داخلية معقدة، فيقوم بتحويل الصور الحسية إلى مدركات عقلية، ويعمل على ربط الكلمات بالأداء، وربط الأصوات بالحركات، ثم يسعى إلى فهم مشاعر أقرانه ومسايرتهم، ويجد في هذه المواقف منفذا لتصريف الانفعالات التي يعاني منها، عندما يقوم بأدواره في الغناء واللعبة، فنجده يقلد أقرانه بصورة تلقائية أو ميكانيكية، أي بدون فهم، حتى يتغلب على مظاهر الضعف لديه، أوقل التغلب على مشاعر الإحباط والتوتر من عدم فهمه لبعض الكلمات والجمل ومعانيها، محاولاً تكرار المواقف، حتى يستوعب المعاني والدلالات، ويعزز عمليات التعلم، ويستجيب لما تتوقعه الجماعة منه، ويندمج معهم، لأن ما يلاحظه الطفل ويعمله هو استجابة لما يلاحظه الآخرون، وما قاموا به، وبالتالي فأي تفاعل اجتماعي ينتج عنه تعلم السلوك. وما أغاني الأطفال الشعبية إلا وسيلة لتعلم العادات والتقاليد، القيم والإتجاهات، والقيام بالأدوار، وكل ما من شأنه مساعدة النشء على تكوين شخصياتهم المستقلة، المندمجة في حياة المجتمع والمتكيفة معه.

 

أغاني الأطفال ومضمونها الديني :

بالنظر لما للدين الإسلامي من أهمية  بالغة في حياة  المجتمعات العربية الإسلامية؛ فقد شغلت التعاليم الدينية الحيز الأكبر من أغاني وأهازيج وأناشيد الأطفال؛ نظرا لارتباط  هذه الأغاني والأناشيد بالمناسبات  الدينية والوطنية، وحتى ينشأ الطفل ويترعرع على هدى تعاليم الإسلام وقيمه السمحاء، وتتشكل شخصيته المسلمة، المؤمنة بالله رباً، وبمحمد رسولاً ونبياً، وبالقرآن شريعة ودستور  حياة شاملأ لحياة الدنيا والآخرة؛ وبالمسلمين إخوة في السراء والضراء والعيش المشترك مع كل الناس أجمعين..

فالطفل منذ ان يولد وهو محاط بألوان مختلفة من الأهازيج  والأناشيد الدينية، ذات المقاطع القصيرة والطويلة في أوقات كثيرة من حياته. فنراه يصغي بكل انتباه لمناجاة أمه وهي تناغيه أو تراقصه، تداعبه وتغني له. وتتكرر مشاهد الغناء من النسوة والأطفال؛ فيبدأ بالاستجابة لمن حوله، بمحاكاة أصواتهم، ثم ينخرط مع أقرانه في الغناء والنشيد حتى يتقبلونه، ثم يأخد في تصحيح استجاباته في الأقوال والأفعال, كي يسلك وفقاً لما ترتضيه الجماعة فيبدأ في نطق كلمات: الله ربي، الصلاة، الوضوء، الرسول، فيحاول أن يصلي بعد أمه ويذهب مع ابيه إلى الجامع للصلاة، لتعزز عنده المشاعر الإيمانية.

ثم يجد عالماً فسيحاً من الغناء والرقص والأناشيد والألعاب، أين يستطيع أن يجرب ويختبر، يقلد ويمارس بحرية. وهنا تجد التعاليم الدينية طريقها إلى عقل الطفل ومشاعره، حيث تبدأ المفاهيم الدينية في التكون لديه، وتتعزز مشاعر القداسة لله والرسول، والمسلمين لديه، وتظهر علامات التبجيل والاحترام للشعائر الدينية، ومعاني الصدق والأمانة، وغيرها من التعاليم الدينية التي تضبط سلوكه، وتوجه أحكامه، ويحدد تعامله مع غيره بناءً على ذلك.

أغاني الأطفال ومضمونها اللغوي :

نظراً لسهولة كلمات الأغاني الشعبية للأطفال، وبساطتها التعبيرية، وتلقائية أدائها، وملامستها لأحاسيس الأطفال، وما يصاحب ذلك من فرحة غامرة لديه، فإنّ الأطفال يحفظونها بسرعة، ربما أول مرة. بدليل أنهم يرددونها مع الجماعة بسرعة، ودون تردد، حتى وإن كانوا في أول الأمر لا يعرفون معانيها.

وبتكرار المواقف والمناسبات، فإنهم يبدؤون بفهم المعاني والدلالات، عندما يربطون بين أصـوات الكلمات، ومواقف استخدامها، وعندما يقومون باستخدامها للتواصل مع الآخرين؛ على اعتبار أن اللغة مجموعة رموز ثقافية منطوقة، تمثل الأفكار المكتسبة عن العالم للتواصل بين الأفراد (عبدالله، 1997 )

وبتكرار سماع الطفل للأغاني والأناشيد الشعبية يأخذ بالتعرف على المفردات والجمل، والتراكيب اللغوية التي تدرب الأذن على الاستماع، بسماع الأصوات، وتقدم المتعة للأطفال، لارتباطها بكلمات وحركات مضحكة، علاوة على إثارتها لخيال الطفل، وتوسيع أفق مدركاته (المرجع السابق). على أساس أن الطفل في هذه المواقف الحية يقوم بالربط بين أصوات اللغة كرموز، وبين محتواها الدال عليها، ومواقف استخدامها، ثم يعيد الطفل استخدام تلك الألفاظ والجمل والعبارات في مواقف أخرى، كي يتعرف على أقرانه، والبيئة المحيطة به، وحتى يتفاعل مع أفراد الجماعة، ويتبادل معهم عمليات التأثير والأثر. وبذلك يكتسب الأطفال الجانب الأكبر من لغتهم من هذا الوسط ولا سيما اللغة العامية المتوارثة من مئات السنين، كونهم يمرون بمئات بل بآلاف المواقف التعليمية في العديد من مناسبات الغناء والأناشيد على مدار السنة.

وهكذا، يعمل المخزون اللغوي المتضمن في أغاني وأهازيج وأناشيد الأطفال الشعبية في وضع الأساس الأول لإنماء لغة الأطفال التي يعبر بها ويتواصل من خلالها مع من حوله، بكل ما تحمله من معاني ودلالات شعبية. علاوة على ذلك فمن خلال لغة أغاني وأناشيد الأطفال الشعبية يكتسب الأطفال ثقافة مجتمعهم، ويصبحون منتمين للمجتمع، حاملين لهويته الوطنية، عاملين على استمرارها، باستمرار وجودهم الاجتماعي.

 

أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها الفكري :

تتشكل البدايات الأولى لنمو مدارك الطفل ومعارفه ونمط تفكيره داخل الأسرة، إلا أنه عندما يغادر المنزل إلى الشارع والحي، يجد عالماً مليئاً بالمثيرات، ومواقف الدهشة والتساؤل، فيندفع بشغف كبير نحو اكتشاف العالم من حوله، والإجابة عن تساؤلاته، فيجد في الأغاني الشعبية مصدراً خصباً للقيام بعمليات عقلية واسعة النطاق، متأملا كنه هذه الأغاني، دواعيها، وفوائدها، عندها يجد نفسه منغمساً في ترديد الأغاني، والمعايشة الوجدانية في كلماتها، وألحانها، وأداء الحركات أو الألعاب المصاحبة لها.

وهنا فعندما يسمع الطفل الأغاني أثناء مشاركته أقرانه أو الإنخراط معهم في الغناء أو أداء الحركات المصاحبة، فإن عقل الطفل يقوم بتحويل الصور الحسية إلى محركات عقلية، ويعمل فكره في فـهم وتحليل، تصور وإدراك ما يدور ويحدث أمامه، محاولاً استيعابه، ثم يعيد تركيب المواقف تبعاً لتنظيمه المعرفي الخاص به، عندما يقوم بالربط بين كلمات الأغاني، وطريقة أدائها، وبين معرفة معانيها، ثم يحاول تذكر معاني الكلمات، وفهم حركات اللعبة، ليعيد تجميع الصور الكلية التي تمكنه من الاستمرار.

وبتنوع مواقف ومناسبات الغناء الشعبي وغيره؛ يتسع المجال المعرفي للطفل، ويتعدد النشاط العقلي.. ومن خلال هذه العمليات العقلية المعقدة تنمو مهارات تفكير الطفل، ويتسع خياله للنظر والتأمل، وينضج وعيه بنفسه وبالآخرين.

 

أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها الانفعالي :

عندما يتفاعل الطفل مع من حوله داخل الأسرة، أو مع أقرانه أثناء الأهازيج والأغاني الشعبية، فإنه يشترك وجدانياً ويتفاعل ذاتياً أولاً، أي تفاعل متداخل مع الذات. فالإشارات الصوتية، وإيماءات الجسم التي يصدرها الطفل تؤثر على ذاته بطريقة مشابهة لتأثيرها على الآخرين المحيطين به. بمعنى أنه يستجيب لمثيراته التي تؤثر على سلوكه الخاص بطريقة مماثلة لتلك التي يستجيب بها الآخرون إليه، ويتأثرون بأفعاله (الأشول، 1999 ) .

والطفل عندما يستجيب لأقرانه في الغناء أو اللعب المصاحب للغناء فإنه ينفس عن نفسه ويخفف عن التوترات الداخلية، ويصل إلى قمة الرضا عندما يثني عليه الكبار أو أقرانه، لذلك يسعى جاهداً نحو ضبط انفعالاته، والسيطرة على سلوكه، ثم يحاول إثارة خياله للأداء مع الجماعة حتى يتوحد معهم، ويحس بوجوده الفاعل، عندها يغمره شعور بالثقة، والإحساس بالذات، فيصبح أقوى اتزاناً في انفـعالاته، وأكثر ثباتاً في تصرفاته إزاء الآخرين. وما أدل على ذلك أنه عندما يطلب من الطفل الامتناع عن الغناء مع الجماعة، فإنه يثور ويشتط غضباً، ما يجعله يندفع للخصام والعراك. ولن يهدأ حتى يتدخل من حوله، ويعود للغناء. وهنا لا غرو أن استخدمت نظريات علم النفس الغناء واللعب كوسيلة لتشخيص الأمراض السلوكية، وعلاجها. كما بينت الدراسات أن للعب والغناء وظائف هامة أبرزها: خفض مشاعر الانفعال والتوتر، عندما تزداد المشاركة السارة. وتوجد لدى الطفل القدرة المسايرة والإفصاح عن ذاته، والتعبير عن نفسه. وتسهم في زيادة مواقف التفاعل بين الأفراد، وتدعيم العلاقات بينهم، التعبير عن حاجاتهم وميولهم، ما يدعم عمليات التنشئة الإجتماعية (بلقيس، أحمد، ومرعي، توفيق)

وأثبتت العديد من الدراسات الحديثة الفوائد الجمة للغناء والموسيقى على صحة الإنسان والحيوان والنبات على السواء. فعلى سبيل المثال ليس إلا، أوصى نزيه جرجس بضرورة الاعتناء بالموسيقى والغناء للأطفال، لمساعدتهم على التوازن الوجداني، والاستمتاع بالمناظر الخلابة، ووسيلة للتسلية وضبط السلوك، كما نصحت مؤسسة ألمانية باستخدام الموسيقى في مساعدة الأطفال على استذكار دروسهم، واستثارة قدراتهم العقلية، لأن هذه المؤسسة تأكدت أن الموسيقى تنشط المخ (في جانبه الأيمن خاصة) على زيادة القدرات الذهنية (نتو،2005).

 

أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها الاجتماعي :

الإنسان في الأصل كائن اجتماعي لاتظهر طبيعته الإنسانية إلا في وسط اجتماعي، وحتى يكتسب طبيعته تلك وصفته الاجتماعية، فإنه لابد أن يعيش وسط جماعة، يتفاعل معها، ويتبادل معها عمليات التأثير والتأثر منذ مولده حتى مماته. فبمجرد وجود الفرد مع جماعة، فإنه بحكم استعداده البيولوجي والنفسي يدخل في روابط وعلاقات من أجل إشباع حاجاته الأساسية، فيبدأ بالاستجابة لكل ما حوله، بأن يعي خصائص الأشياء والمواقف والأفراد الذين يتفاعل معهم، ويسلك في ضوء التوقعات التي ترتضيها الجماعة. ولكي يتم ذلك، فإنه من خلال وسائل الاتصال والتفاعل، فإنه يتعلم صفات الجنس، ويكتسب اللغة والمعاني، وصور التعبير عن الحب والكراهية، والانتماء والتقدير، وآداب السلوك، ويأخذ أشكالاً مختلفة من التعاون والتكيف، والمنافسة والصراع والتخيل والمحاكاة. بمعنى اكتساب الطفل إنسانيته، بتحويله من كائن بيولوجي إلى إنسان اجتماعي مندمج مع مجتمعه ( الحاج، 2003) ولما كان الغناء الشعبي للأطفال هو الوسط الاجتماعي الثري الذي يحيط بالطفل طيلة سنوات العمر الأولى، فإن هذا الغناء واللعب والأناشيد تقوم بالأدوار الحاسمة في تكوين شخصية الطفل الاجتماعية، أو بمعنى أوسع العملية الأساسية لإدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية.

إذ أن الغناء واللعب هو أول مناسبة تجمع بين الأطفال، ومن خلال القيام بأدوار الغناء مع الألعاب تقوى عمليات التفاعل بينهم ، فتتسع أمامه كثرة المثيرات، وفرص الاحتكاك بأكثر من جماعة، ليمر بالعديد من الخبرات والاتجاهات، العادات وضوابط السلوك.. إلخ. وكلما تعددت مناسبات الغناء واللعب، وشعر الطفل بوجوده داخل الجماعة، قوي انتماؤه إليها،وزادت ثقته في نفسه وفي قدراته، وخصوصاً عندما تتكشف مسؤولياته ويقوم بأدواره بفعالية، عندها تتعزز عمليات تعلم مختلف أنماط السلوك من: تعاون وحب واحترام، وآداب التخاطب والاستماع، واحترام حقوق الآخرين، وسواها مما هو أكثر تعقيداً، كي تساعد الطفل على تكوين بناء قيمي ومعرفي يتحكم في سلوكه في كل المواقف ( الزبيد، 2003) التكيف مع جماعات الأقران، ثم المجتمع ككل.

إن أغاني الأطفال ولعبهم الشعبية تأتي في أخطر مراحل نمو الطفل؛ لتتيح أمامهم فرصاً مهمة، لاتوجد إلا في هذا الوسط، كي يتعلم الطفل مختلف أنواع السلوك، وبالتالي تنتقل إليه أنماط ثقافة المجتمع، ويصبح عضواً في المجتمع كامل الحقوق والمسؤوليات.

 

أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها الجمالي :

يتعرف الأطفال أثناء سماعهم أو أدائهم لصنوف الأغاني الشعبية على الصور الجمالية والفنية المختلفة. وباختلاف أنواع الأغاني والأهازيج باختلاف أنواع المناسبات، وما يصاحب بعضها من تمايل وحركات جسمية، وأنغام موسيقية في مواقف أدائية حية، تتنوع الصور الجمالية التي تطرب النفوس، وتثير الخيال، وترهف الحس، وتصقل الذوق، كنتيجة لالتقاء وتمازج الكلمة باللحن والأداء في مواقف انفعالية شجية، ذلك أن حسن إيقاع الكلمات المقفاة، وعذوبة الموسيقى، وتناسق الأصوات، تطبع في الذهن صوراً حسية رائعة، توقظ الأحاسيس، وتشجي النفس، ما ينمّي في الطفل بعد النظر، وسلامة التذوق الفني والأدبي وتقدير الجمال، وحسن التنظيم .

 

أغاني الأطفال الشعبية ومضمونها الترويحي :

يتعلم الطفل خلال شهوره الأولى من عمره أن يعبر عن ضيقه وحزنه بالبكاء حتى تأتي الأم لتراقصه وتغني له، فتنفرج أساريره، ويشعر بالراحة والهدوء، ثم يستجيب لأمه برفع صوته تقليداً لها، دليلا على زوال ضيقه وكآبته، لينتقل هذه الإحساس أو السلوك معه إلى جماعة الغناء، عندما نراه ينساق تلقائياً ليلتحق بالأقران ليؤدي معهم غنوة أو نشيداً، أو لعبة، كي يخفف من الضغوط الداخلية، ويدخل إلى نفسه البهجة والسرور.

لذلك يقضي الأطفال مع جماعات الغناء واللعب ساعات طوالا، وهم في انسجام كامل يرددون الأغاني والأهازيج الشعبية بسرور بالغ، دون اعتبار لأحد، حتى أن الأطفال الذين لا يحفظون كلمات الأغاني أو النشيد، نراهم يحركون أفواههم مع الأقران، وتساير أصواتهم أصوات المغنين أو المنشدين، محاكاة للأقران، ومشاركة وجدانية معهم، كدليل على الراحة النفسية. ولو حدث أن طفلا أجبر زميلاً له بالخروج من جماعة الغناء بحجة أنه لا يعرف الغناء، لنشبت بينهم معركة حامية لا تنتهي إلا ببقاء هذا الطفل مع الجماعة. أما إذا أخرجا معاً، أو انتهى الغناء ولم يحصل بينهم عراك، فسوف يحل بينهم خصام، لا ينسى بسهولة.

يظل الأطفال في حالة نشوة غامرة وهم يؤدون الغناء لساعات دون ملل أو كلل. وما أدل على ذلك أنه بعد انتهاء مناسبة الغناء السار أو ما شابه، نجد الأطفال يتحرقون شوقاً أن تعود تلك المناسبات، ونجدهم يتساءلون ويلحون في السؤال عن قدوم العيد الفلاني والمناسبة الفلانية التي غنوا فيها ولعبوا. وعندما تقترب مناسبة ما سارة نجدهم يستعدون بالملابس وغيرها، وينتظرون بفارغ الصبر تلك المناسبة التي ستدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم، وعندما تحل يتمنون أن تطول. وبعد الانتهاء منها نراهم يبدون أسفهم على تلك المناسبات السارة. والكثير منا يحمل ذكريات عزيزة إلى نفسه. وعندما تجول بخاطره الأماكن التي غنى بها، والأفراد الذين شاركوه أو اختصموا معه، تسري في جسده نشوة غامرة وارتياح كامل، علّه لا يفيق منها.

وهكذا يبدو أن أغاني وأهازيج الأطفال الشعبية على وجه الخصوص، تقدم متنفساً رحباً لترويح الأطفال عن أنفسهم، وتدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم من عناء الضغوط الاجتماعية، ومن حالات التوتر والإحباط...

بجانب تلك المضامين التربوية لأغاني الأطفال الشعبية، هناك مضامين أخرى تبرز في النمو الحركي للأطفال من حيث أنها تساعد على نمو أجهزة السمع والكلام، وتشحذ الذاكرة وتقوي عضلات القلب والرقبة.... كما تدعم هذه الأغاني النمو الفسيولوجي لوظائف أعضاء وأجهزة الجسم.

 

الفصل الرابع : نحو إستمرار أغاني الأطفال الشعبية كوسط تربوي في مملكة البحرين

طالماأن أغاني الأطفال الشعبية لها تلك المضامين التربوية والأدوار الخطرة في حياة الطفل والمجتمع، وطالما أن هذه الأغاني جزء أصيل من الموروث الشعبي، الذي يحافظ خلاله أي مجتمع على ثقافته وهويته الوطنية، فلابد من المحافظة على أفضل ما فيه، وحمايته من النسيان والاندثار من طغيان الحضارة المعاصرة، ولاسيما الوافدة منها.

لما كانت فترة التعليم قديما محدودة، ومقتصرة على القلة من أبناء المجتمع، فقد ظلت أغاني وأناشيد الأطفال الشعبية الوسط التربوي البديل الذي يتعلم من خلاله الأطفال اللغة، والأفكار، وكل الأنماط السلوكية لثقافة المجتمع، حتى ظهرت المدرسة الحديثة، عندها استمرت فترة ما قبل المدرسة الابتدائية الفترة الأكثر نشاطا لأغاني الأطفال الشعبية، إلى أن ظهرت الحضانة ورياض الأطفال، التي شغلت حيزاً كبيراً من جهد ووقت الأطفال، وبالتالي قلت أهمية أغاني الأطفال كوسط تربوي، وأخذت تضيق فترة ممارسته تدريجياً، باستثناء بعض الأغاني التي ارتبطت بمناسبات دينية، لتحاصر هي الأخرى أمام جملة من العوامل والأسباب، الداخلية والخارجية، التي أدت إلى تضييق الخناق على معظم أغاني الأطفال الشعبية، ولم يبق منها إلا القليل، لينفتح الطريق واسعاً أمام الأغاني الخارجية، ولاسيما أغاني الأطفال والشباب الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، كنتيجة لتكون ثقافة كونية واحدة، تحل محل الثقافات التقليدية، تحت ما يسمى العولمة.

وإزاء هذا الخطر الداهم أخذت الأصوات تعلو محذرة من المخاطر التي تهدد الثقافة الوطنية، بدءاً من تقويض الموروث الثقافي، عندها أخذت الجهود تتوالى مسرعة نحو الحفاظ على الموروث الثقافي، ومن بينه أغاني الأطفال الشعبية. وما هذه الندوة إلا دليلاً على الاستشعار بخطورة غزو من طراز جديد.

ونظراً لأهمية سنوات ما قبل المدرسة في تشكيل شخصية الطفل، فإن أغلب دول العالم تهتم بالسنوات الأولى من حياة الطفل، حتى باتت الحضانة ورياض الأطفال مرحلتين هامتين، كأساس لنظام التعليم، وأصبحت تحظى بعناية كبيرة، ربما تفوق المراحل التعليمية الأخرى، على أساس أنهما أخطر مرحلة في حياة الطفل، فيها تتكون البذرة الأولى أو الأساس الذي تبنى عليه المراحل اللاحقة، بحيث إذا صادفت هذه الفترة من عمر الطفل أية اختلالات ما، فإنها تنعكس سلباً على حياته اللاحقة.

لذلك تحرص الدول والمجتمعات والأفراد على العناية الفائقة بهذه الفترة، بتوفير الشروط الطبيعية للنمو الصحي والسليم للطفل، كضرورة إنسانية وواجب ديني واجتماعي واقتصادي. لذلك احتلت حاجات الأطفال وحقوقهم مركز الصدارة في أية تنمية اقتصادية واجتماعية. وهذا ما أكده الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 في مادته (26) بحق كل فرد في التعليم، صغيراً أو كبيراً ، ذكراً أو أنثى. وكذا ما بينه الإعلان العالمي لحقوق الطفل الصادر عام 1959، وعيد الطفولة العالمي الذي أقيم في عام 1979، ثم إبرام اتفاقية حقوق الطفل عام1989 التي نصت على توجيه عملية تنشئة الأطفال وتعليمهم من أجل تنمية شخصية الطفل المستقلة، ورعاية قدراته العقلية والبدنية.. إلخ.

في ضوء أهمية هذه الفترة لنمو الطفل – كما سبق بيانه – ومناسبة هذه الفترة لتعلم الموروث الثقافي، وعلى رأسه أغاني الأطفال الشعبية كما تأكد ذلك، فهذه المرحلة هي المناسبة للحفاظ على أغاني الأطفال الشعبية في المقام الأول. وهنا بمقدور الجهات الرسمية عمل الكثير لحماية هذا الموروث من الأغاني الشعبية.

وفي هذا السياق يمكن طرح مجموعة من التوصيات والمقترحات التي تسهم في الحفاظ على أغاني الأطفال الشعبية، إلى جانب ما يتم من جهود جبارة في هذا الشأن. وذلك على النحو التالي:

1- يمكن التفكير الجدي في إقامة مهرجان سنوي، للأغاني الشعبية عموماً ومن ضمنها أغاني الأطفال  يكون متزامناً مع الاحتفالات بالعيد الوطني. ويبدو مفيداً أن يكون هذا المهرجان من قبل الألعاب النارية بيوم، ومن ضمنها الأغاني، والأناشيد الشعبية، على أن تقدم مكافآت سخية لأفضل ثلاث أغانٍ شعبية تلحيناً وأداء.

2- كانت ترافق بعض الأسواق المتنقلة أو غير الدائمة تقديم ملابس وحلي وغيرها شعبية، وربما أن هذه مناسبة لإيجاد أنواع من الأغاني الشعبية ضمن هذه الأسواق، تقوم بها النسوة مع الأطفال. وبدلاً من إقامة أغانٍ حديثة تعج بها القنوات الفضائية، إقامة أغانٍ شعبية مهددة بالزوال ضمن هذه الأسواق، على أن تقدم حوافز ومكافآت للمشتركين.

3- تسجيل أغاني الأطفال الشعبية ولاسيما الأكثر شهرة واستخداماً في أقراص مدمجة حتى لا تتوارى طي النسيان أمام طغيان وصخب الأغاني الجديد المسرفة في الابتذال، وحفظها في مراكز التراث  بحيث تشكل فرق لجمع هذه الاغاني، تؤديها بالصوت والصورة والحركة من قبل الأطفال.

4- تسجيل أفلام كرتونية لأهم أغاني وأناشيد الأطفال الشعبية التي تجسد روح الانتماء والمواطنة وعرضها في التلفزيون البحريني، ضمن برامج خاصة لهذا الغرض. ويمكن أن توزع منها نسخا لجميع المدارس، تعرض للأطفال في اليوم المفتوح.

5- تشكيل فريق برئاسة أكاديمي متخصص يتولى تلحين أشهر أغاني وأناشيد الأطفال الشعبية، وإصدارها في أقراص مدمجة أو أفلام أو كتب، وتوزيعها على المهتمين، أو مراكز الثقافة، أو المدارس.

6- على مستوى وزارة التربية والتعليم يمكن القيام بأكثر من إجراء ، منها:

- تضمين بعض الكتب المدرسية الكثير من أغاني وأناشيد الأطفال الشعبية، توضع ضمن مواضيع خاصة، أو تكتب الأغاني والأناشيد ثم تشرح كيفية أدائها أو لعبها، ثم مناسبتها.

- إقامة حفلات فنية ترويحية للتلاميذ في يوم ما من السنة، أين يستطيع الأطفال أداء الأغاني الشعبية وغيرها، تقدم على إثرها هدايا، وشهادات تقديرية.

- في اليوم المفتوح، يمكن للمدرسة أن تشجع التلاميذ على القدوم إلى المدرسة بالملابس التقليدية، وتشجيعهم على أداء الأغاني الشعبية، ضمن فرق تكونها المدرسة لهذا الغرض.

- يمكن للمدرسة أن تخصص أماكن لأداء الألعاب والأغاني الشعبية في أيام المناسبات أو العطل وتحت توجيه المشرفة الإجتماعية، أو ما شابه.

 

المراجع

1- الحاج أحمد علي (2002) أصول التربية، عمان – الاردن، دار المناهج.

2- أبو حسين، (1984) مع الأطفال في الماضي، منشورات ذات السلاسل ط2.

3- الزبيدي، كامل علوان (2003) علم النفس الاجتماعي، عمان – الاردن.

4- الأشول، عادل عز الدين (د.ت.)علم النفس الاجتماعي. القاهرة، الأنجلو المصرية.

5- العريفي، راشد (1970) فنون بحرينية. البحرين، المؤسسة العربية للطباعة والنشر.

6- العريفي، رائد (1979)  سلسلة التراث الشعبي، الألعاب الشعبية.

7- آل عبدالمحسن، عبدالله حسن (2003) الألعاب الشعبية في دول الخليج العربية، مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدوحة. مطابع علي بن علي.

8- المالكي، عيسى محمد (1999) أغاني البحرين الشعبية. البحرين، طبع المطابع الحكومية، وزارة شؤون مجلس الوزراء والإعلام، دولة البحرين.

9- المطاوعة، عبدالعزيز (2003) ألعاب شعبية خليجية. مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون الخليجي العربية، الدوحة.

10- شفيق، محمد (1997) الإنسان والمجتمع مقدمة في السلوك الإنساني ومهارات القيادة. الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث.

11- عبدالله، عبدالرحيم صالح (1997) تعليم اللغة في منهج الطفولة المبكرة، الأردن، مطابع الصفوة.

12- الشخيبي، على السيد (2002) علم اجتماع التربية المعاصر. القاهرة، دار الفكر العربي

أعداد المجلة