فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
17

الأغنية الشَّعبيَّة في قَطَر

العدد 17 - جديد النشر
الأغنية الشَّعبيَّة في قَطَر
كاتب من سوريا

تأليف:  محمَّد طالب الدويك

تعتبر الأغنية الشَّعبية في قطر جزءاً من الأغنية الشّعبية في الخليج العربي والجزيرة العربية،فالقبائل الوافدة إلى قطر من نجد حملتْ معها أغانيها التي امتزجت بتراث البيئة البحريّة فولدت الأُغنية الشَّعبية القطرية.

 ويعتبر كتاب"الأُغنية الشَّعبيّة في قطر" الصَّادر عن وزارة الإعلام والثقافة القطرية،ثمرة جهد علمي وميداني طويل بذله مؤلِّفه "الدَّكتور محمد طالب الدويك" الذي جابَ قطر طولاً وعرضاً وجمعَ الأغاني الشَّعبية القطرية من أفواه الناس،واجتهد في البحث والتحقيق والتصنيف والتحليل، ليخرج بهذا الكتاب المرجع القيِّم في مادته ومنهجه ليكون وثيقة  هامة في التراث الشَّعبي القطري ويثري دراسات وأبحاث التراث الشَّعبي العربي عموماً.

ونظراً لأهميّة الكتاب ارتأينا عرض محتوياته فيما يلي:

يقول الدَّكتور الدويك في مقدّمة كتابه:" لما كانت منطقة الخليج العربي عامة، وقطر خاصة مجالاً تراثياً بكراً، لم تطرقه أيد مختصة، بل اكتنفه الغموض والإبهام فقد اخترت الكتابة عن هذا التراث، فأخذتُ الأغنية الشَّعبية القطرية ودرستها دراسة علمية، تغلغلتُ فيها ما استطعت إلى مكنون هذا الفنّ، بحيث يمكن مستقبلاً أن يعتبر عملي لَبِنةً فعالة في صرح هذا التراث الخليجي، الذي لم يحظَ كغيره، عربياً وعالمياً بالعناية الكافية"(9).

 

محددات البحث الميداني

يحدد الباحث "الدويك" المحددات المنهجية التي اعتمدها في بحثه الميداني وهي:

      1ـ سنّ الراوي.                      2ـ مكان إقامة الراوي.

      3ـ تنوّع الرواة لمعرفة ما يتفقون عليه وما يختلفون فيه.

      4ـ عمل الرواة.                     5ـ نوع الراوي، أذكراً كان أم أنثى.

6ـ وقت الرواية(11).

ويقع الكتاب في (252) صفحة من القطع الكبير، ويتألف من الفصول التالية:

الفصل الأول:

جغرافيّة قـطـر

في الفصل الأول من الكتاب تحدَّث المؤلف عن جغرافية دولة قطر موقعاً وامتداداً ومدناً ومناخاً ونشاطاً بشرياً واقتصاديّاً.

الفصل الثاني:

تاريـخ قـطــر

في هذا الفصل يُقدِّم المؤلِّف لمحة تاريخية تبينُ تاريخ قطر في مختلف العصور التاريخية المتعاقبة مبتدئاً بتحري سبب التسمية. يقول المؤلِّف: "وردَ إسم قطر في كتب المؤرخين القدامى، ومنهم المؤرخ اليوناني "بلينوس" مرة بإسم "قطراي" ومرة ثانية بإسم"أعراب أرض قطر". كما ذكر "بطليموس" الجغرافي اليوناني في خريطته بلاد العرب مدينة باسم " قطرا" قال بأنها تبعد نصف درجة عن مدينة الجرعاء" (35).

ويضيف المؤلِّف قائلاً:" وكانت قطر منذ القرن الرَّابع الميلادي حتى القرن السادس عشر ضمن إقليم البحرين الذي كان يمتد من البصرة إلى سواحل عُمان والجزر المقابلة لها إلى أن ينتهي في الصحراء، شاملاً ما نسميه اليوم باسم الكويت والاحساء" (35).

 ويتدرج المؤلف في عرض تاريخ قطر وصولاً إلى إعلان الاستقلال في شهر أيلول عام 1971م.

الفصل الثالث:

التطور الحضاري وأثر البترول فيه

يتحدَّث المؤلف في هذا الفصل عن كافة مراحل التطور الحضاري للمجتمع القطري الذي كان يعتمد في معاشه على البحر من خلال الغوص بحثاً عن اللؤلؤ وصيد السمك، وممارسة أعمال التجارة، وصولاً إلى ظهور النفط  وانطلاق أول ناقلة للبترول من ميناء أم سعيد في شهر ديسمبر سنة1949،وما رافقَ ذلكَ من نقلة حضارية نوعية انعكستْ على كافة مناحي حياة المجتمع القطري الاقتصادية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والعمرانية والزراعية والصحية، وما زال هذا التطور يأخذ مساراً متسارعاً أفقيَّاً وعموديَّاً إلى يومنا هذا.

الفصـل الرَّابع:

المجتمع القطري: عاداته وتقاليده ومعتقداته

يذهب المؤلِّف إلى أنَّ طِباع القطري وأخلاقه ترتكز على أساسين هما: " تعاليم الدِّين الإسلامي، والعادات الموروثة من الآباء والأجداد" (59). 

ويبينُ الباحث الدويك في هذا الفصل عادات وتقاليد ومعتقدات المجتمع القطري الذي ينتمي إلى قبائل عريقة تتحلَّى بكريم العادات والطِباع.

ومن أهم العادات القطرية التي كانت تُؤدى بشكل عفوي وجماعي قديماً رقصة العرضة وهي رقصة الحرب وكانت تُؤدَّى أيضاً في مناسبات الأفراح.

ويذكر المؤلِّف أنَّ النساء كنَّ يجتمعنَ في حلقات أثناء العرضة يضربن الطبول ويداعبن الدفوف بأيديهنَّ ويغنين فرحات بالعيد، ومن أغاني العيد التي أوردها المؤلف هذه الأغنية:

          جينا ضحى العيد جينا   وافيت غرّ حسينا

          جينا ضحى العيد جينا   وافيت غرّ حسينا

لا اتسير علينا يا العليمي على ويش

راعي الجوزتين والعبل والعكاريش

حطّوه في احضيني حالفٍ ما يسويش

عطوه حبتين فوق زل وتفاريش  (63).

ويتحدث المؤلف عن عادة ورياضة صيد الصُّقور عند الرجال، ويذكر بعض الأشعار الشَّعبية القطرية في وصف الصَّقر، ومنها هذه القصيدة في وصف الشَّاهين:

يا ربّ أسراب من الكـراكي      مطمعـة السـكون والحــراك

بعيد   المنــــال والإدراك         لدر وبيض الريـش كالأفـناك

تعجز أن تصاد   بالأشباك        وعلقت  تسمو   إلى  الأفـلاك

دعوت  قبل لفظي  المكاكي      وقبل تغريد الحمال الباكــي

بفاتك   يربي علـى الفتـاك        مؤدب الإطلاق والإمســــاكِ

غادرها تهوى إلى الدكـداك       أســرى بكفيه بلا فكـــــاكِ

ياغذوات  الصيـد ما أحلاك       مـنه الشـاهين ما أقــــواك

إيـــــــــاك أعنـــــــي    مــــادحاً  إ يــــاك  (65).

 

ثم يتحدَّث المؤلف عن الأزياء الشَّعبية القطرية والأطعمة الشَّعبية وأدوات زينة المرأة وعطورها، وعادات القهوة واستقبال الضيوف والولادة والزواج، والحكايات الشَّعبية القطرية.

الفصل الخامس:

التأثيرات الصَّوتية في اللهجة القطرية

في هذا الفصل استعان المؤلِّف بمعطيات الدِّراسات الحديثة في علم الأصوات لفهم مخارج اللهجة القطرية كلغة للأغنية الشَّعبية القطرية.

الجزء الثاني: أغاني الحياة

استهلَّ المؤلف هذا الجزء بتقديمِ تمهيدٍ وافٍ عن " الأغنية الشَّعبية القطرية: تعريفها وسماتها وتطويرها".

وأعتقد أنَّ المؤلف قدَّم مُقدّمة نظرية طويلة لا مبررَ لها استشهدَ فيها بعشرات المراجع العربية والأجنبية عبر عشر صفحات كاملة ليخلُص بعدها إلى تقديم التعريف التالي للأغنية الشَّعبية، دون أن يخصه صراحة بالأغنية الشَّعبية القطرية: " الأغنية الشَّعبية يبدعها فرد باعتباره عضواً في جماعة يعبِّر عن وجدان هذه الجماعة واهتمامهم الروح، وبعد أن ترددها الجماعة تقوم بإحداث تغييرات وتبديلات زيادات وحذف ليصبح النص أكثر ملاءمة لذوق الجماعة. وتنتقل هذه الأغنية من جيل إلى جيل في كل العصور عن طريق المشافهة والرواية الشفوية. وعند ذاك يهمل أو ينسى إسم المؤلف، ولا يظفر بالاهتمام سوى النص الذي ارتضته الحياة" (126).

ثم يذكر المؤلف بعضاً من سِمات الأغنية الشَّعبية القطرية، ومنها: الرواية الشَّفوية وتداخلها في بنية المجتمع القطري، وسهولة حفظها في الذاكرة، وبساطتها ورقة معانيها، وصدقها وأصالتها.

وأما فيما يتعلق بتطوير الأغنية القطرية، فيشير إلى عدة ظواهر سلبية، منها " أن يغني مغنٍّ رجل في مواضع غناء النساء كما في أغنية الدزة، والتلاعب باستعمال الآلات الموسيقية واستعمالها في غير مواضعها الحقيقية"(132).

الفصل السادس:

أغــاني الميـلاد

وثَّق الدَّكتور الدويك أغاني الميلاد التي يحفل بها المجتمع القطري كونه يحتفل بالأولاد الذكور ويرجو الإكثار منهم،ومن هذه الأغاني نوردُ الأُغنية التالية:

هـوّن اللَـــــه           عليها

مــــــريــــم         حويمل

هـوّن اللَـــــه           عليها

استــــــر الله          عليها

راحـــت تتنفس ببيت أبوها

بشّــَرت لهـا  بغلامٍ   تجيبه

يانـا البشير مـن أبو الوليـد

خطـــــوط           تســـيد

وعلــــــوم          تحســى

يعل الجــود         يمشـــيه

يا ربّ تبارك لنا  فيــه (137).

وقدَّم المؤلف هذه الأغنية التي تبين ظاهرة ذبح الخراف تكريماً للمولود الجديد:

ســـال واديهــا يا أم بِرْكه

ســـــال واديــــــــــــك

نـــــزل فيك     أبـو أحـمـد

وقطَّـع فيـك روس الخــرفان (139).

 

الفصل السابع:

هـدهدة الطـفل

وثق المؤلِّف عدداَ كبيراً من الأغاني التي يرددها الكبار للطفل كي ينام أو يتحول إلى البشاشة والسرور، وتُؤدى في الغالب من قبل النساء لارتباطها الحتمي بالأمومة.

ومن هذه الأغاني الدافئة نذكر الأغنية التالية:

حث السير يا الحادي

أحمد ساكن الوادي

لا شْربٍ ولا  زادي

العرب محترمه بالبياض

العرب تنحر ضحاياها

و انا نحرت فؤادي (147).

وتظهر بعض الملامح الإسلامية في أغاني هدهدة الطفل وترقيصه:

يـا ربّ طوّل عمره

يكبر ويفضِّي  باله (147).

كما تظهر ملامح البيئة البدوية:

خالد ورا  البدوان يومي شليـله

وعينه  الكحيله أبو ذروه واسمر وعينه الكحيله (147).

 

الفصل الثامن:

أغاني الختان

يفردُ المؤلف حيزاً واسعاً من كتابه لأغاني الختان التي تصف الصَّبي بأنه عريس وتذكر إسم الله عليه كثيراً. ومن هذه الأغاني نوردُ الأُغنية التالية:

حمد  يا ذا الطويل  يهتز من طوله

سبعة محابس ذهب في منطوله

جابر يا ذا القصير يهتز من قصره

سبق محابس ذهب تزهيه في خصره (159).

الفصل التاسع:

أغاني الأطفال

وفقَ ما أورده المؤلف, فإنَّ غناء الأطفال يقسم إلى قسمين: غناء للأطفال الذكور وغناء للأطفال الإناث ، وغناء كل نوع من الأطفال ينقسم بدوره إلى أغانٍ فردية وأخرى جماعية للجنسين. فالأغاني الفردية تؤديها الفتيات عادة إذا خلت كل واحدة منهنَّ إلى نفسها, والأغاني الجماعية ترددها الفتيات حين يجتمعن مع بعضهنَّ بعضاً، ومن الأغاني الجماعية للفتيات نذكر الأغنية التالية:

فاطـمة فوق الناقه قدَّام

قود ابها يا عبد ابوهــــا

يا عبد  ابوها جــر الخـطام

ولا  تبعدهــا عن ظعنــها (166).

الفصل العاشر:

الزواج من خلال أغانيه

يبحث المؤلف مطولاً في عادات وتقاليد الزواج في المجتمع القطري, موثِّقاً الأغاني الشَّعبية المُصاحبة لكافة مراحله. ومن الأغاني المصاحبة لعملية الحنَّاء والتي ترددها الفتيات حول العروس نوردُ هذه الأغنية:

حنـــاك عييـــن يا بنيـه حناك عيين

لين دزّوك على المعرس بالك تستحين

حناك عيين يا بنيـه حنــــاك عييــن

شاف إلهنا قلبـك وانــت مــا تبــيـن

يــا بنيّــه يــا شيخـــة النســـوان

شبرك رفيع وشبــر غيـــرك دانـــي

يبوا  حق الفرح وقــولوا فــي العالي

املوا الدّنيا معاه صفقه واغاني (209).

الفصل الحادي عشر:

أغـــــــاني العــمـل

يُصَاحبُ العمل في العادة بأغنيات وألحان من شأنها تسرية العامل والتخفيف من أعبائه. ويرى المؤلف بأنَّ أغاني العمل الشَّعبية القطرية تتشعب إلى نوعين:نوع نشأ من العمل نفسه،أي من ظروف العمل. ونوع استعير من مجالات أُخرى لتكتمل شخصية العمل. 

ومن أهم المجالات التي عمل فيها القطري: 1ـ بناء البيوت. 2 ـ بناء السفن. 3 ـ رعي الأغنام والإبل والأبقار.  4ــ جمع الحشيش.  5ـ متح المياه.  6ـ طحن وجرش القمح......إلى آخره.

ومن الأغاني الشَّعبية التي ترددها النّسوة خلاله عملية جرش القمح نورد هذه الأُغنية:

يا طير يللِّي في السِّما  لا لـه اظــلال

اخضع  جناحك لين  وصّيتك يا طيـر

يا طير  له  يمنى إلــــى مــدّها لــي

فيهــا الخضـاب يسلب العقل يا طيـر

يا طير له وســطٍ حسيــن القبــالي

فـــــوق البريـمِ قويعد النهد يا طير

يا طير له جعــدٍ ســـواة الحبـــالي

يعمل على المسـك والريحان يا طيــر

الطير الى جلّــــع علينـــا  يحـــوم

لا جابـــه الداعي ولا صــــوت مومي

من ذكـــر جـــلاع لا نعيــم الحــال

اللي على صدره يحط النجوم (237).

ورغم كل الغنى والتنوع والشمول الذي يزخر به الكتاب، يقول الدكتور الدويك:

"إننا لا ندعي الإحاطة الكاملة بالموضوع الذي تصدينا له ـ وهو الأُغنية الشعبية في قطر ـ من جميع نواحيه فلعلَّ هناك جوانب لم ندركها، أو استعصى علينا الكشف عنها . لذلك فإننا نعتبر عملنا  هذا خطوة متواضعة على طريق طويل نحب أن يسلكه بعدنا شباب قطر الناهض الذين تقع عليهم مهمة الكشف عن تراثهم وتقديمه للناس".

أعداد المجلة