فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
32

قراءة في الكتب الملحقة بمجلتنا الثقافة الشعبية

العدد 32 - جديد النشر
قراءة في الكتب الملحقة بمجلتنا الثقافة الشعبية
كاتبة من مصر

 

خصصنا هذا العدد للقراءة في تجربة مجلتنا «الثقافة الشعبية» في إصدار كتاب الثقافة الشعبية المرفق بأعداد المجلة، للوقوف على منهج اختيار هذه الإصدرات من ناحية، وقراءة ما تحويه من مضمون من ناحية أخرى. وقد اهتمت مجلتنا «الثقافة الشعبية» منذ مطلع عام 2014 بتقديم إصدار عربي جديد ملحق للمجلة كمشروع علمي حرصت المجلة أن يكون ضمن رسالة الثقافة الشعبية.

 ويشير على عبد الله خليفة (رئيس تحرير المجلة) إلى أن «هذا المشروع سندرج من خلاله على نشر نتائج البحوث الميدانية من جمع وتدوين وبحث معمق في مجالات الثقافة الشعبية المتعددة على هيئة كتيبات وكتب منفردة، ترفق مع كل عدد من أعداد مجلتنا مجانًا على سبيل الإهداء إلى قرائنا الأعزاء». ويكشف اختيار الكتب الملحقة بالمجلة عن منهج اتبعه القائمون على المجلة مفاده أن يكون الإصدار جديدًا ولم يسبق نشره، فضلاً عن التنوع في الاختيار الموضوعي: موسيقى- أدب شعبي- توثيق- فن تشكيلي..إلخ، وكذا تنوع في اختيار بلد المؤلف: البحرين- العراق- تونس- المغرب..إلخ. غير أن المجلة قد حرصت في بعض الإصدارات على التعريف بالمؤلف في غلاف ظهر الكتاب، ثم اختفى هذا التعريف في إصدارات أخرى، ثم تغير الأمر بتقديم ملخص حول الكتاب. ومن ناحية الشكل ارتبط كتاب الثقافة الشعبية بالقطع نفسه الخاص بالمجلة، ومع تحفظنا على هذا الشكل، حيث أن عدد صفحات الكتاب القليلة مع القطع الكبير قد تجعله أقرب إلى الملزمة منه إلى الكتاب العادي. غير أن المجلة قد عدلت عن هذه الفكرة في العددين الأخيرين رقم 30-31 بنشر الكتاب في حجم متوسط. ونتمنى أن يتوحد شكل الإصدار على هذا النحو الأخير، وإعطاء رقم وإسم للكتاب الملحق، نقترح أن يكون (كتاب الثقافة الشعبية) كما ورد في مقدمة علي عبدالله خليفة حول هذا المشروع.

الحزاوي البحرينية:

استهلت هذه المجموعة بكتاب «حزاوي بحرينية: حكايات من التراث الشعبي» لأنيسة فخرو، صدر ملحقاً للعدد 24 للمجلة (طبعة أولى يناير2014)، والكتاب يحوي 70 صفحة من القطع الكبير ويتضمن 20حكاية شعبية مما يطلق عليها «الحزاوي» في دولة البحرين. وقد تواترت هذه الحكايات عبر أجيال العائلة (عائلة المؤلفة) بداية من الجدة الحاجة شيخة بنت راشد بو راشد بنت عبد الملك التي ولدت عام 1917 وتوفيت عام 1999 وهي الراوية الأساسية لهذه الحكايات، والتي سجلتها المؤلفة منها مباشرة، وقد تناقلت هذه الحكايات عبر أجيال ثلاثة في العائلة. سجلت المؤلفة مصادرها التي كان الجد وأخواته قد استقوها من رحلاتهم إلى الهند والعراق وغيرها. وتشير مقدمة أنيسة فخرو بأسلوب مبسط إلى منهج انتشار الحكاية الشعبية من خلال دراسة حالة اهتمت من خلالها بالتعرف على مصدر هذه الحكايات.

وقد اشتملت هذه المجموعة على الحزاوي التي حملت العناوين التالية: السويكتة والملبلبة (والسويكتة أي هادئة وصامتة) - يمه مسيجرة - بيض الحمّر-(الحمل - وهو نوع من البيض السحري من يأكله يحمل) بآسايلك يا ذا القاضي (ولهذه الحكاية عنوان آخر على اسم البطلة «ريج حنه» أي ورقة الحناء) - فاطمة الغريبّة - رشّ المطر يا شوقي- حديدة حديدوه (أُطلق على الشخصية الرئيسية في الحكاية هذا الاسم نسبة إلى بيتها الحديدي. وهذه القصة - كما تشير المؤلفة- مشابهة تمامًا لحكاية «كيدانوه»، والفرق بينهما أن بطل القصة تلك كان ذكرًا، أما هذه القصة فإن الشخصية الرئيسية فيها أنثى)- مليلة البان ولعيبة الصبر (تشير المؤلفة إلى أن المليل: المشوي في الرماد الحار، والملة إناء وتصغيرها مليلة. والبان: شجرة من فصيلة البانيات- نبات ذو أوراق طويلة مركبة، أبيض الزهر يستخرج منه نوعًا من الزيت، رائحته طيبة وله استخدامات شعبية عدة. واللعابية شراب يُتخذ من الثمار. والصبر هو نبات من فصيلة الزنبقيات غالبًا ما يكون متدليًا، وهو ضارب إلى الحمرة أو الصفرة، ينبت في البلدان الاستوائية الحارة مثل أفريقيا وتُستخرج منه عصارة مرة تُستخدم في الطب الشعبي)  وابختي تمّ المال كله لي - بن تيسان - فيني اسهاد - أسد -  خطارك يا خلف (أي زوارّك يا خلف) - مريم أمّ الدلّ والدلال - حياة من يلاها وملاها (أي: والله الذي جلا الدنيا وملأها، وهو نوع من أنواع القسم عند بعض البدو) - غصون - البرغوث - يابسة ما ليّنُوها (أي يابسة لم يلينها أحد) -  يزاز الوبل- أم العصاقل والمتينة (أي النحيفة والسمينة).

وقد سجلت أنيسة فخرو بعض الملاحظات العلمية المهمة حول منهج الحكاية وأسلوب الراوي واللهجة المستخدمة، فتقول:

دائمًا تبدأ الراوية (جدتي) بعبارة تسبق الحكاية، ألا وهي:

«يا سامعين: صلوا على النبي محمد، أو صلوا علي محمد وعلى آل محمد، أو صلوا على النبي محمد المصطفى، أو صلوا على النبي الصادق الآمين أو المصطفى الآمين».

وتقول الراوية كلمة يا سامعين، سواء كانت تحكي الحكاية أمام فرد أو مجموعة.

ولا تبدأ الحكاية إلا بعد أن تسمع الرد: « صلى الله عليه وسلم» صلى الله عليه وسلم

تختتم الراوية الحكاية دوماً بعبارة: «والسلام ختام»، لذلك تم تكرار هذه العبارة بعد نهاية كل حكاية.

تُلفظ القاف بالعامية كحرف الكاف وفوقه مَده، مثل كلمة الوقت تُنطق الوكت، أو كما يُنطق حرف الجيم باللهجة المصرية، لكن لعدم وجود هذا الحرف في جهاز الحاسوب اضطررنا إلى استخدام القاف.

يُلفظ حرف الجيم ياء، مثل كلمة مجلس تُنطق ميلس، إلا في بعض البيئات تُلفظ بشكل صحيح.

التاء المربوطة أحياناً تكتب «ه» وذلك بحسب اللفظ.

غالباً ما تختار الراوية وقت ما قبل النوم - وغالباً عند الساعة السابعة مساء - لتروي الحكاية، وأحياناً ترويها أثناء تجمع الأهل والأطفال بعد وجبة الغداء، وأحياناً تروي الحكاية بناء على طلب أحد من الأهل، أو رغبة في جذب اهتمام الطفل وإجباره على الهدوء تفادياً للصراخ والفوضى.

عادة تقص الراوية الحكاية بلهجة الحكاية الأصلية وكما سمعتها هي من الأصل، وبما أن الحكايات تمثل على الأغلب ثلاث بيئات رئيسية، بيئة القرية، وبيئة البادية، وبيئة المدينة، فإن الراوية تحاول أن تغير لهجتها في بعض الحكايات لكي تناسب أجواء الحكاية وكما سمعتها من المصدر الرئيسي، فمثلاً حكاية «لذيذة لذيذة» تنطقها الراوية «لديدة لديدة» كما تُنطق في اللهجة القروية، وكذلك بالنسبة لحكاية «من جتل سبع المسلسل». أما الحكايات القادمة من البيئة البدوية الصحراوية مثل «فاطمة الغريّبة بنت التميمي عيسه»، و«حياة من يلاها وملاها»، فإن الراوية تحاول أن تقول بيت الشعر على الطريقة البدوية، فتلفظ الجيم صحيحة ولا تقلبها إلى ياء.

المقاطع المكررة في الحكايات والأغاني الموجودة في أية حكاية، تأتي الراوية على ذكرها بأداء لحني لا يمكن أن يُنسى، لكي تبقى الكلمات محفوظة في ذاكرة السامع لأمد طويل.

ويحسب للباحثة تأصيلها لهذا الجنس الأدبي المهم في التراث الشعبي البحريني، واهتمامها بشرح المصطلحات المستغلقة على القارئ، فضلاً عن المنهجية العلمية في تسجيل الحكايات واختيار أنماط متعددة من هذه الحكايات التي عكفت على جمعها.

الموال العراقي:

أما الكتاب الثاني في هذه السلسلة فكان لخير الله سعيد بعنوان «دراسات في الموال العراقي» وصدر ملحقاً للعدد 25 (طبعة أولى أبريل 2014)، يحوي 111 صفحة من القطع الكبير، وهو كتاب تأريخي للموال العراقي يثري المكتبة العربية، حيث انصبت الدراسة فيه على مراقبة التطور التاريخي والفني لكتابة الموال العراقي، وظروف تجليات أشكال الصيغ الأولى للنظم، وقلق الشاعر العراقي في توليد تلك الأشكال، عبر المراحل التاريخية، بدأً المؤلف التأريخ من حادثة (نكبة البرامكة عام 187ه) وابتداع جارية الوزير جعفر البرمكي، لذلك النوع الأول من الموّال الذي أُطلق عليه (المواليا) وصولاً إلى الشكل الفنّي للموال الزهيري، ذو السبعة أشطر، بعد أن اكتملت – تدريجياً – في النظم من الشكل الرباعي، ثم الخماسي الأعرج، ثم السداسي الأعرج أو ما يعرف بالنعماني، ثم البناء الكامل للموال السباعي، الذي يعرف (بالزهيري) والتطورات الشكلية الأخرى التي أضيفت عليه من (توشيحة الموال، إلى الموّال العشيري، ثم الموال المشط). ويزيد من أهمية هذا الكتاب أن المؤلف رصد بالمتابعة والتحليل المنهجي كل هذه التبدلات ضمن السياقات التاريخية، واعتماداً على أصول مرجعية أصيلة، مع الإستئناس والمناقشة لكل الآراء والنظريات التى سبقت هذا البحث. ويقول المؤلف أنه دون كل هذا كما ورد في تلك المصادر والمظان كجزء من الأمانة العلمية. وقد اتبع المنهج الأكاديمي الصارم الذي انتهجه الشيخ الكرباسي في كتابه (ديوان الموال الزهيري)، ولكن بشكل مختلف يحرّره من أي إسقاط أيديولوجي - دينياً كان أم سياسياً - حيث أن الكرباسي (رجل دين) أوقف جُلّ عمله هذا علي (الجانب الحسيني).

وقد افتتح خيرالله سعيد كتابه بتمهيد منهجي رصين، ثم تعريف الموّال، وإشكالية التسمية، ووزن الموال، ونشأة الموال وولادته، والمواليا، حيث يذكر أن الموال بدأ من الشعر الفصيح مع تكرار كلمة (يامواليا)، إضافة إلي أنه كان (رباعي النظم)، وأن وزنه كان من (بحر البسيط)، وكان مخصصاً لنظم (الرثاء)، الذي يشير إلى الصلة الوثيقة بينه وبين الحزن، مشيراً إلى أن ولادة الموال العراقي، بهذا الشكل (المواليا) كان في بغداد، ولكن انتشاره إلى بقية مُدن وبلدات العراق أكسبته تسميات أخري، وطرأت تطورات على بنيته النظمية، الأمر الذي أشكل على الكثير من الباحثين العراقيين والعرب على حدّ سواء. أمثال: عامر رشيد السامرائي، وعبد الكريم العلاف، وماذكره السيوطي في (شرح الموشح)، ومصطفي صادق الرافعي، والمؤرخ عبد الرزاق الحسني، والأب أنستانس الكرملي، وعبد الحميد الكَنيّن، والشاعر صفي الدين الحلي، ثم إبن خلدون. ليخلص المؤلف بعد أن استعرض كل الأراء بالفحص والدراسة والتمحيص إلي أن المواليا هي اللبنة الأولى التي شيدت صرح الموّال الرباعي، منذ أن أوجدت هذا الشكل من النظم، تلك الجارية البرمكية  في العصر العباسي (القرن الثاني الهجري - الثامن الميلادي) وصولاً إلى (القرن السادس الهجري - الثاني عشر الميلادي)، حيث تفنن أهل واسط في نظمه وغنائه، ومن ثم تطوّرهِ إلي مدياتِه في: الرباعي والخماسي الأعرج والسداسي النعماني الأعرج)، وصولاً إلى النظم السباعي للموّال، والمعروف بالزهيري، حيث إكتمال البنية الشكلية واستقرار قاعدة النظم على (البسيط) والأبيات السبعة المجنّسة وليس المقفّاة. ويتناول المؤلف في الباب الثاني: أنواع الموال العراقي بالشرح والتفصيل والاستدلال لكل نوع بداية بالموال الرباعي: وهو أول نظمٍ ولّد نفسه من المواليا، متخذًا شكل نظمِه بأربعة أبياتٍ على قافية واحدة مثال:

جودك لَمن حلّ منّا والمسيفر عون

فأنتَ موسى وغيرك كالمسي فرعون

وفي حِماك الورى يابا العشاير عون

في ظلّ أكنافكم بالخصبِ هم يرعون

 ويذكر المؤلف كيف أن الموال الرباعي يُشكّل مرحلة متقدمة وأساسية في شكل تطوّر الموّال العراقي، مستشهداً بنماذج مختلفة لكل حالة، ثم ينتقل إلى الموال الخماسي – الأعرج: وهو الذي ينظم على خمسة أبيات، ثم السداسي أي الموّال النعماني – الأعرج: وهو الذي ينظم على ستّة أبيات، ولماذا أطلق نُقاد الموّال وناظميه صفة الأعرج عليهما. ثم ينتقل في الباب الثالث إلي الموّال الزهيري الذي ينظم على سبعة أبيات، وإشكالية التسمية، ووزن الموال وزحافاته، واستقرار النظم فيه، وظهور الجناس، والتفنن في نظم الموّال الزهيري، ثم توشيحة الموال الزهيري وقراءة لآراء الكثير من الباحثين، ومواقفهم، والتي عرضها الشيخ الكرباسي بكتابه الهام «ديوان الموّال الزهيري»، وكيف تميّزت المدرسة العراقية بنظم الموّال الزهيري، على قاعدة البناء السباعي، ومن أمثلة ذلك النظم الزهيري ما ينسب إلي الحاج زاير الدويج، وهو واحد من أعلام نظم الزهيري في العراق:

يا صاح دمعي دفكَ ما فاد ويّاكم

كلما تصيحون كَلبي ايصح ويّاكم

أنهاكم اليوم عن فركَاي ويّاكم

من حيث جسمي يخل لفراكُّكم وآنضر

من يوم حادي الضعن حَث الركب وآنضر

خالفت راحات آديّة عَلى الحشة وآنضر

وشما تميلون روحي تميل ويّاكم

أما الباب الرابع فقد أفرده المؤلف للموّال العشيري، والموّال المشط، اللذان ظهرا في النصف الأوّل من القرن العشرين). والعشيري هو الذي ينظم على عشرة أبيات، وقد كان نتيجة إبداع الشعراء في (توشيحة الموّال)؛ وهو عبارة عن الموّال الزهيري زائداً ثلاثة أبيات أخري مجنسة، أما الموال الزهيري «المشط»: فهو الذي ينظم بأكثر من عشرة أبيات فما فوق دون توقف عند حدّ، وتعتمد هذه الطريقة في النظم، على قدرة الفحول من الشعراء في توليد المعانى العديدة من الجناسات المستخدمة، مع وجود فكرةٍ ما، يعجز الموال الزهيري، بأبياته السبعة أو العشرة للتعبير عنها، لذلك نحا الشعراء نحو هذه الطريقة الحديثة في النظم، لكنها لم تنتشر بشكل واسع كانتشار الزهيري، ذو السبعة أبيات، والذي ساهم الغناء بشكل فعّال في انتشاره في أغلب مناطق العراق وبقية البلدان العربية، فيما بقي (المشط والعشيري) في داخل البقعة الجغرافية من العراق، حيث أحجم المطربون الذين يغنون الموّال عنه، لأنه متعب لأصواتهم، إضافة إلي أن أذن المتلقي تعوّدت السماع على الزهيري، فصدى ظاهرة الموّال العشيري، انحسرت في وسط الشعراء فقط. ومن الأمثلة على ذلك ما نقله الكرباسي للشاعر كاظم سبتي، أو ما يقوله المؤلف لهذا الموّال العشيري بعد فقد والده في عام1971م:

يا منبع الطيب ياجود المفاخر علي

ضاجت علي دنياي والهم تكاثر علي

وآشما نزل بالصبر صاح الدهر علّي

من حيث ضرني الوكَت والحيل منّي نزل

يا دار جيت آسألج يا هو البعدنا نزل

وآحنا بودادج وفا وعالطيب ماظن نزل

يادار خبري المشوا ضاعت سوالف كَبل

وسهم الدهر بالضلع طالع تراه كَبل

وسفه ترادى الأخو يوم العليّة كَبل

راح وبعد مارجع شايل غضاضة علي

ويذكر خير الله سعيد نماذج من الموّال المشط منها المتوسط العدد حوالي (31 بيتاً)، للشاعر مطشر بن عبد النبي (ت 1389هـ)، وأخرى تجاوز بها الشاعر 124 بيتا، وتعد أطول موال في العراق نظمه ابن سعيد الورّاق، قبل وأثناء أحداث العراق، عام 2003، وأسماه (يا منبع الجود)، وفي الباب الخامس والسادس يفاجئنا المؤلف بدراسات قصيرة عن بعض الموالات المختارة، ونماذج من الموال العراقي شملت 55 نموذجاً، مدعومة بشرح لمعاني الكلمات ومرادفات المعنى، والحق يحسب للمؤلف التزامه بهذا المنهج العلمي الأكاديمي الرصين في البحث والتنقيب لجمع النصوص، ثم تحليلها وإرجاعها لأصولها والأراء التي تناولتها، ومواقف أصحابها، معتمدًا رأيه العلمي، والكتاب على صغر حجمه ثري جداً بالقضايا الفنية الإبداعية في هذا الجنس الأدبي المهم في الذاكرة العربية.

الزخارف الشعبية البحرينية:

والإصدار الثالث الملحق بمجلة الثقافة الشعبية جاء ملحقًا بالعدد 26من المجلة ويقع في 107صفحة من القطع الكبير (الطبعة الأولى: يوليو 2014) بعنوان «الوحدات الزخرفية في الفن الشعبي البحريني» كمصدر لتنوع الإنتاج الفني لسميرة محمد الشنو، والكتاب مكون من فصلين الأول بعنوان الفنون التشكيلية الشعبية وجمالياتها في البحرين، والثاني جماليات الزخرفة الشعبية. وترجع أهمية هذه الدراسة لكون المؤلفة اختصاصية فنون بوزارة التربية والتعليم، وباحثة في التراث الشعبي، وقد استشعرت أنه من الضروري تأصيل الموروث الشعبي من خلال برامج التعليم، وترى أن الفنون الشعبية تُعد مكوناً أساسياً للنسيج الوطني وعن طريق التربية الفنية تستطيع أن تعرف الطالب على ما تمتلكه البحرين من رصيد حضاري في العادات والتقاليد والمعارف التي تعكس بجلاء مدى تنوع مكونات الثقافة الشعبية وثروتها، وتشير سميرة الشنو أن مناهج التربية الفنية لم تلق مزيداً من الاهتمام والتخطيط من خلال بنية محتوى المنهج، ولمعالجة هذه الثغرة استحدث مساق الثقافة الشعبية كمساق اختياري يدرس من خلاله الطلبة مكونات الثقافة الشعبية البحرينية، وبالتالي أصبح من الضروري تبني الرؤية المستقبلية من خلال تطوير وإدخال الفنون الشعبية ضمن منهج التربية الفنية، وذلك لإكساب الطلاب المهارة في صياغة وإبداع مجموعة من الأعمال الفنية التي تحمل الحس الشعبي البحريني، وتشجيع الطلبة على التوجه إلى المخزون الثقافي الحضاري في عملية إنتاج أعمالهم الفنية، حيث تتبنى الباحثة منهج وأسلوب محدد لتحقيق الهدف من خلال استخدام مادة التصميم، وهي مادة محورية لاتخلو منها مساقات الفنون التي من خلالها يمكن تجربة استخدام الوحدات الزخرفية الشعبية  كمصدر لإثراء أعمال الطلبة من أجل المحافظة على الهوية البحرينية. وباستخدام أسلوب تصنيف تلك الزخارف الشعبية يتكون محتوى جيد يمكن إدراجه ضمن خطة المساقات الفنية المدرجة في نظام الساعات المعتمدة وتوحيد المسارات بالمرحلة الثانوية. وترى أن أولى مراحل الإعداد للعمل هي مرحلة تصنيف المعلومات الخاصة بالزخارف الشعبية ومراجعتها بكل دقة، ثم تفريغ مجموعة من العناصر الزخرفية التى تم جمعها ميدانياً وتدوينها كاملة كل على حدة مع توضيح كل نوع من أنواعها، ثم يتم تحديد مكونات الوحدات الزخرفية الشعبية في الفن الشعبي البحريني ومصادر تكوينها والمجالات التي يستخدم فيها النقش والحفر والزخرفة في الحرف التقليدية البحرينية، ثم عقد مقارنة بين مجموعة من الأنماط الزخرفية الشعبية في فترات زمنية مختلفة من التاريخ.

ومن هذا المنطلق استهلت المؤلفة سميرة الشنو كتابها بالتعريف بالفنون التشكيلية الشعبية وجمالياتها في مملكة البحرين، وماهية الفن الشعبي التشكيلي، وكيف كان الفن الشعبي بالفطرة فن وتطبيق متمثلاً في فكرة إنتاج أشياء نافعة للإنسان في استعمالاته اليومية وفي الوقت نفسه جميلة. ثم تناولت الرمز ومدلولاته البصرية، باعتبار الرمز من أبرز عناصر الرسم والزخرفة الشعبية التي تقوم على معاني جمالية متعددة تقرب المنتوج اليدوي من ذوق العامة، فهو من الناحية الفنية لغة تشكيلية يستخدمها الفنان للتعبير عن أحاسيسه وانفعالاته نحو كل ما يهز مشاعره من أفكار ومعتقدات، وكلما تعرفنا على تلك اللغة وأَجدنا تفسيرها، أصبحنا أكثر مقدرة علي فهم ودراسة الفنون الشعبية. ثم تشير إلى مكونات الثقافة الشعبية، وكيف تتداخل عناصر الثقافة المادية مع الثقافة الروحية والعقلية لتوجد إبداعاً مركباً من كل منهما، كالخزف إبداع مركب من الفخار كمادة، والخبرة الفنية التكنيكية كخبرة مركبة من عناصر ثقافية مادية وفنية تقدم فيه عناصر الثقافة الفكرية والتذوق الجمالى، بدور تعاوني. وتنتقل إلى أسباب دراسة الفن الشعبي البحريني: الدواعي الثقافية والحضارية، والاجتماعية والوطنية، والمعرفية والتكنولوجية، التربوية والتعليمية، وأهمها الدواعي المتعلقة بمخاطر مجتمع العولمة وتحدياتها. متتبعة العوامل المؤثرة في الفنون التشكيلية الشعبية البحرينية منها العوامل الاقتصادية، العوامل الجغرافية، العوامل التاريخية، العوامل الثقافية والاجتماعية، العوامل النفسية، وكيف كان للمناخ المعتدل، والطبيعة الخلابة والأشجار الوارفة والعيون الجارية أكبر الأثر على الإنسان البحريني الذي تميز بالطيبة والكرم والأخلاق الحميدة، وكيف كان منفتحاً على كافة الشعوب منذ عصر دلمون، كما أوحى الضوء الساطع للفنان الشعبي باختيار أعذب الألوان. وأفردت المؤلفة النقطة السادسة في هذا الفصل للزخرفة الشعبية السائدة في السطوح المختلفة لعناصر التراث البحريني، وتناول الزخارف السطحية من منظور أنثروبولوجي، ويتم ذلك عن طريق دراسة تطور الجنس البشري، ودراسة أنماط التفاعل الحيوية الاجتماعية والثقافية المؤثرة في الفن، ثم تناولت الزخارف السطحية من منظور سيكولوجي باعتبار السيكولوجيا أحد العلوم الوسيطة بين علم النفس والفن وتتخذ الخبرة الفنية أساساً لها سواء لمن يمارس الفن أو من يتلقاه، وتعنى بدراسة الدوافع الفنية التي تدفع الإنسان لإنتاج الفن وتلقينه وهي تتناول مراحل نمو الفنان عبر مراحله الفنية منذ الطفولة حتى الشيخوخة «وصف الخبرة الجمالية»، وكيف أن الزخارف الشعبية في الفن الشعبي البحريني محملة بأنواع من الخبرة الجمالية خاصة فن الزخرفة الشعبية في الأبواب الخشبية البحرينية، وإيماناً بأهمية التعريف بالفنون الشعبية أشارت المؤلفة إلى الرقصات الشعبية وتعدد هذه الرقصات في مملكة البحرين واختلافها من منطقة لأخرى، وتناولت العرضة النجدية والأدوات المستخدمة فيها (نموذجاً). ثم نماذج من الأدوات المستخدمة في الصيد (المقناص). ثم تناولت بالتفصيل الملابس الشعبية مثل الأزياء التقليدية في مملكة البحرين ثم الأزياء النسائية: ومن أهمها ثوب النشل، الثوب المفحح، الثوب المفرخ، ثوب الكوارار، ثوب البدلة، الدراعة، البخنق، السروال، العباءة (الدفة)، ثم لباس الرأس والوجه. وأيضاً النعال النسائية – ملابس الأطفال. ثم تناولت أزياء القرية (ملابس الأطفال – ملابس النساء)، أنواع أخرى من أزياء القرية، نقوش وتطريز أزياء القرية. ملابس الرجال التقليدية في البحرين: مثل الثوب ومنه العادي (الدشداشة)، الزبون، الدقلة، ثم البشت وهو من الأزياء العربية المشهورة والتي ما زالت ذات أهمية للرجل خصوصاّ في المناسبات واللقاءات الرسمية. ثم تنتقل بعد ذلك لعرض أغطية الرأس، ثم الإيزار، ثم النعال، ثم أزياء رجال القرية، ثم الزخارف المستخدمة في تطريز الملابس والحلي الذهبية البحرينية (نقش الملابس- البيزت الشعبية البحرينية- وتسجل المصطلحات المرتبطة بالملابس الشعبية مثل (البرقع- البخنق- الدفة - الملفح - الشيلة - الغشوة - السروال - النَشِل - الأقمشة).. وصباغة الأقمشة أولاً مواد الصباغة منها( الندوة- كروف الرومان - فوفل - فوه- قرمز- قرط- يفت- حنة ورق)، ثم طريقة الصباغة، والأقمشة المستخدمة في خياطة الملابس التقليدية، وبعض أسماء الأقمشة.  

وفي إطار اهتمام الباحثة بالعملية التعليمية ومنهج الدراسة، تؤكد في نهاية هذا الفصل أنه باستعراض مجموعة المواد والخامات المستخدمة في الملابس الشعبية، فإنه بالإمكان إدخالها ضمن مقرر الطباعة اليدوية بحيث يستطيع الطلاب ممارسة بعض تلك الأساليب في صباغة القماش واستخدام بعض الأقمشة القطنية التي كان الأجداد يستخدمونها في حياكة وصباغة الأقمشة. واستكملت سميرة الشنو منهجها في هذه الدراسة بأن أفردت الفصل الثاني لجماليات الزخرفة الشعبية حيث تعتبر الزخرفة من أهم الفنون التشكيلية وأعظمها أثراً في إكساب معظم المنتجات الحرفية ومختلف الصناعات قيماُ جمالية ونفعية، والوحدة الزخرفية هي الأساس المكون للتصميم ويمكن تعريفها بالفراغ المحصور بين خط متلاق أو أكثر، تبعاً لنوعها وكل الأشكال التي تصلح استخدامها في الزخرفة ويمكن تقسيمها إلي نوعين: وحدات زخرفية هندسية ووحدات زخرفية طبيعية. ثم تناولت بالشرح الزخارف الشعبية الخليجية، والزخرفة الإسلامية، وماهية التصميم وعناصر التصميم والنظام البنائي للتصميم (هيكل التكوين – إطار العمل الفني المصمم)، والأسس الفنية للتصميم والقيم الفنية والجمالية المرتبطة بالتصميم، ثم المعالجات الفنية المرتبطة بالتصميم. وقدمت في النهاية جداول مصنفة للوحدات الزخرفية بدأتها بالوحدات النباتية مشتملاً على اسم الوحدة وعرض مصور لشكل الوحدة ثم مصدر هذه الوحدة، كما عرضت لجدول اشتمل على الوحدات التي تحوي صيغًا كتابية كلفظ الجلالة والبسملة، ثم جدول آخر احتوى على مواضع توظيف الزخارف الشعبية على السطوح المختلفة لعناصر التراث البحريني في الحرف والصناعات التقليدية اشتمل على اسم المشغولة ورسم تخطيطي لها واسم الوحدة الزخرفية. وأعقبت ذلك بجدول لمواضع توظيف الزخارف الجبسية والخشبية. ثم رصدت مقارنة بين مختارات من الأنماط الزخرفية عبر التاريخ (قبطي - إسلامي عثماني - هندي - شعبي بحريني)، وبعض المفردات الشعبية ذات الدلالة في الموروث الشعبي البحريني، واختتمت الجزء المصنف من الدراسة بتقديم نماذج ملونة من توظيف الوحدات الزخرفية في الإنتاج الفني. وفهرس لجميع الأشكال والجداول التي وردت بالدراسة.

فهرست أعلام ومواد المجلة:  

اشتمل هذا الإصدار الرابع على فهرست الأعلام والمواد للسنوات السبع الأولى 2008 - 2014 وقد صدر أيضًا في قطع كبير في 75 صفحة ملحقًا بالعدد 28 للمجلة (الطبعة الأولى يناير 2015). واشتمل القسم الأول «فهرس الأعلام» على بيانات لكتاب المجلة مرتبة ألفبائيًا، وتحوي بيانات حول رقم الصفحة - العدد - البلد (بلد الكاتب) - اسم البحث. أما القسم الثاني «فهرس المواد» فقد اشتمل البيانات نفسها مرتبة ألفبائيًا باسم البحث هذه المرة، والفهرس يغطي الأعداد من 1 حتى 27 من المجلة. وترجع ضرورة هذا العمل المهم إلى أنه يعكس استكمال الدور الإيجابي والنهج الذي اتخذته مجلة الثقافة الشعبية منذ صدور عددها الأول في أبريل 2008 أن تكون وعاء لنشر الأبحاث والدراسات لكل المهتمين بمجال الدراسات الشعبية ووسيلة لإتاحتها لكل الناس في جميع أنحاء العالم. وخير تقديم لهذا العمل هو ما سجله محمد النويري (رئيس الهيأة العلمية للمجلة ومدير تحريرها) في مقدمة الفهرست: لقد وفرت «الثقافة الشعبية» لدارسي الفولكلور وعلماء الأنثروبولوجيا في العالم بأسره والوطن العربي منه على وجه الخصوص منبراً مهماً لنشر أبحاثهم وعرض دراساتهم. وكانت صعيداً خصباً لتلاقح الأفكار ومناقشة الآراء وبسط النظريات. عَرَّفت بجهود الأفراد والمؤسسات في مباشرة الثقافة الشعبية حفظاً ودرساً. وعمل القائمون عليها على أن تكون مجلة القارئ العادي دون أن تنزل عن مرتبتها باعتبارها دورية المختص، أداة عمل ومتنفس نشر ومرجع علم. لذلك اهتمت مراكز البحث في بلاد عديدة بظهورها. تحرص على الاشتراك فيها وتتابع صدورها وتستفسر عن أسباب تأخرها إن حدث ما يعوق الوصول.

ويسلط النويري الضوء على هدف المجلة ورسالتها إلى العالم يقول: كانت «الثقافة الشعبية» على وعي بأنها أكثر من مجرد دورية تعنى بوجه مهم من ثقافة الإنسان. فهي تحمل رسالة إلى جميع أصقاع الأرض بأن التراث الإنساني ليس تعبيراً عن فرقة أو خلاف وإنما ينبغي أن يكون ترجمان وحدة وإتلاف. في هذا السياق جاءت ملخصات النصوص إلى اللغات الكبرى الفرنسية والإنجليزية وكذلك العربية إذا كانت منشورة بإحدى هاتين اللغتين وفي هذا السياق كانت الترجمات إلى اللغات الصينية والروسية والأسبانية. وتوقف ذلك لم يكن لمجرد العدول عنه وإنما للنظر في كيفية إنجازه على النحو الذي يحقق الغاية منه بشكل أنجح.

وفي هذا السياق من الوعي بأهمية المواد العلمية التي تنشرها مجلة الثقافة الشعبية يندرج نشر هذا الكشاف بفهرس الكتاب والموضوعات باعتباره أداة أساسية للبحث في مختلف الموضوعات التي نشرتها «الثقافة الشعبية» تتيح للباحث مهما كانت تجربته في مجال البحث في المادة الفولكلورية أن يتثبت من الموضوعات ويصل إليها من أقصد السبل. ولقد تم اعتماد منهج ألفبائي مبسط في ترتيب الأعلام والموضوعات. ولم يغفل النويري حق الكتاب والقراء، وواجبهم ودورهم العلمي والثقافي تجاه المجلة حيث يقول: ونحن ننتظر ملاحظات قرائنا وكتابنا لنأخذ بها في إصدار قادم لهذا الكشاف حتى يخرج على النحو الذي يحقق الغاية العلمية منه على الوجه الأكمل.

غير أن لنا بعض الملاحظات على هذا الفهرست - المهم - وهو افتقاره للتصنيف الموضوعي للدراسات المنشورة بالمجلة حيث أن المدخل الموضوعي هو أول ما يهم القارئ للوصول إلى الموضوع الذي يهمه، ويأتي بعد ذلك المؤلف. ولا نظن أن الكشاف الألفبائي بعنوان المقال يهم القارئ أو الباحث بالقدر الذي يجعلنا نخصص له قسمًا مستقلاً. كما كنا نأمل أن يلحق بهذا الفهرست كشافًا بأسماء الأماكن التي عالجتها الدراسات، فهو مدخل يهم الباحث أيضًا في إطار بحثه عن دراسات في منطقة عربية محددة. ولعل هذه الملاحظات لا تنتقص حق القائمين على هذا العمل الذي لم يغفل النويري ذكرهم بالاسم: ولا يسعنا في الختام إلا أن نتوجه بخالص الشكر لكل من ساهم في إخراج هذا الكشاف على النحو الذي انتهى إليه. ونخص بالشكر الأستاذ فاروق عمر الدعيني مدير الأرشيف بمجلة الثقافة الشعبية، وهناء العباسي سكرتيرة التحرير، ونواف النعار مدير التوزيع، ومحمود الحسيني مدير الإخراج الفني. كما لا يفوتنا أن نوجه التحية إلى الأستاذ الدكتور عبد الحميد المحادين أول من وضع اللبنات الأولى لهذا الفهرس، والتى ظهرت مع العددين 12 و20 من مجلة الثقافة الشعبية. كذلك لايفوتنا شكر الأستاذ علي عبد الله خليفة رئيس التحرير والذي كان من أكثر الناس حرصاً على تحقيق إنجاز هذا الكشاف.

فن التّويزة:

جاء الإصدار الخامس ضمن كتاب الثقافة الشعبية كملحق للعدد 29 من المجلة بعنوان «التّويزة ظاهرة اجتماعية فنية وعمليّة؛ دراسة في علم موسيقى الشعوب» للمؤلفة الزازية برقوقي، وصدر في 122  صفحة من القطع الكبير(الطبعة الأولى أبريل 2015). و»التّويزة»- كما تشير المؤلفة- هي تجمّع مهني وفنّي، يشترك في إنجازه مجموعة من الأشخاص بطريقة تطوعيّة لفائدة أحد عناصر المجموعة، وتتشكّل التّويزة حسب نظام دورة الحياة البدويّة الريفيّة، فتتواجد في كل المواسم الكبرى كالحرث والحصاد وإعداد الصّوف وجني الزيتون، وهي ظاهرة اجتماعيّة تعبّر عن حالة تضامنيّة موسميّة بين أفراد المجتمع القبلي، ويمكن للتويّزة أن تكون في شكل تجمّع نسائي في إعداد الصوف وقردشته وغزله وكذلك نسجه أو في إعداد «العولة» من خلال جملة المراحل التي تمر بها من رحي الحبوب وإعداد «العولة» وغيرها، كما تكون «التويّزة» في شكل تجمّع عملي رجالي مثل عمليّة حرث الأرض وكذلك الجز، وقد يشترك كل من الرجال والنّساء في الأعمال التي تكون عادة خارج التجمّع السّكني مثل عمليّة الحصاد وجني الزيتون. ولا شك أن هذه الظاهرة تنمّ عن روح قيميّة اجتماعيّة عالية دأبت هذه الجماعات على ممارستها في إطار مكتسباتها الثقافيّة من عادات وتقاليد وأعراف.

وبدأت الزازية برقوقي بتحديد المفاهيم والمصطلحات التي ترتكز عليها الدراسة مثال: القبيلة - الفرق - العادات والتقاليد - الفنون الشعبية - أغاني العمل، ثم قسمت بحثها إلى ثلاثة محاور أساسية: المحور الأول بعنوان «التّويزة» كظاهرة اجتماعية، حيث بدأت بتعريف قبيلة الهمامة - الهلاليون - وخصائصها وتحديد إطارها الطّبيعي والجغرافي، ثم التّعريف بفرقة أولاد رضوان، بعرض خصوصيّاتها وتقديم مواقع انتشارها ونمط عيشها.

 كما تناولت «علاقة التّويزة بمجتمع البحث»، من خلال تعريف ظاهرة «التّويزة»، شارحة دورها كممارسة اجتماعيّة، كما أوضحت أبعادها الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنفسيّة في مجتمع البحث. أما المحور الثاني فقد حمل عنوان «التّويزة كظاهرة فنيّة وعمليّة»، من خلال ثنائيّة الفن والعمل في مختلف «التّوائز» الممارسة في مجتمع البحث، وتناولت عنصراً أساسياً في هذا المحور بعنوان «أنواع التّويزة»، تطرقت خلاله إلى تسع «توّائز» تمارس بمنطقة البحث: المحبّل - تعريف المَحَبِّلْ - تّويزة إعداد الصوف - طريقة تجمع التويزة - الممارسة الفنّيّة في التّويزة - التّخييط - تويزة السّدو والنّسيج - السّدو - النّسيج - أنواع النّسيج: البيت - نسيج المفروشات - نسيج الأغطية والملبوسات ( البخنوق- البرنوس) - الغرارة - الدّولاب - تعريف الدّولاب - الخصائص الفنيّة في الدّولاب - تّويزة التّصبيط - العرافة (طريقة تشكّل العرافة - عدة العرافة - أغاني العرافة- الخرجة) - تّويزة الرّحى(علاقة المرأة بالرّحى - أهمية تّويزة الرّحى في المجموعة) - اللّمّة(تعريف اللّمّة - خصائص اللّمّة) - الّمعْونّة (تعريف الّمعْونّة - نشاط الّمعْونّة: الجمّاعة - اللّقّاطة - الكيّالة). كما قدمت الخصّوصيّات الثقافيّة والعمليّة والفنيّة لكل تّويزة. أما المحور الثالث من الدراسة فقد ارتبط بالجانب الموسيقي في «التّويزة»، وجاء بعنوان «التّحليل الموسيقي لأمثلة من التّويزة»، وخُصص في هذا المحور عنصراً أولاً بعنوان «العدّة المرافقة للأغاني أثناء ممارسة التّويزة»، ركزت فيه المؤلفة على تعريف «العدّة» ودراسة نماذج منها دراسة علميّة أرغانولوجيّة (القرداش - الرّحى- الخلالة - المصبط - المغزل - الغسّال - السدّاية)، كما تناولت الدّراسة الفنيّة لنماذج من أغاني «التّويزة»، الأنموذج الأول: مثال «رفراف» - الأنموذج الثاني: مثال «التّويزة» - الإنموذج الثالث: مثال «خلالة رنّي» - الإنموذج الرابع: مثال «برّى وأرّاح يا لعماري». وقد تطرقت خلال هذه النماذج إلى الجانب الشّعري وإلى التّحليل الموسيقي لهذه الأغاني، ودونت في النهاية جملة الاستنتاجات التي توصلت إليها والمتعلّقة بظاهرة «التّويزة» عامة، كما أرفقت دراستها بملحق للصور الميدانية للظاهرة.

دورية منظمة الفن الشعبي الدولية :

صدرت هذه الدورية باللغة الإنجليزية ملحقة بالعدد بالعدد رقم 30 من المجلة وتقع في 144 صفحة من القطع المتوسط تحت عنوان دورية المنظمة الدولية للفن الشعبي للتراث الثقافي غير المادي: Iov World The Iov Journal Of Intangible Cultural Heritage، والدورية تحوي مجموعة من المقالات لعدة مؤلفين بدأت بكلمة رئيس التحرير البروفسورة مايلا سنتوفا Mila Santova. وتناول العدد أربعة محاور رئيسية، وكان المحور الأول بعنوان «اتفاقية اليونسكو للحفاظ على التراث الثقافي غير المادي وتطبيقاتها»، وتناول مجموعة من التجارب العالمية، بدأت بدراسة لنوريكو إيكاوا فاور Noriko Aikawa - Faure من اليابان بعنوان «نشر التراث الثقافي غير المادي في اليابان» متناولة خصائص التراث غير المادي، ومفهوم الثقافة الشعبية Folk Cultural، والتقنيات الشعبية، وتقنيات حفظ العناصر الثقافية. أما كلودين أوجي أنوج  Claudine- Augee ANGOUE من الجابون فقد قدمت تجربة بلدها من خلال موضوع «التراث الثقافي غير المادي في الجابون بين متلازمة الشخص المستَعّمَر و الخطاب العنصري»، مشيرة إلى ورش العمل التي تمت بالجابون، كما قدمت تحديدًا وتعريفًا للتراث غير المادي على المستوى الوطني، والصعوبات المرتبطة بقائمة الحصر، وتوصيات المشاركين في ورش العمل. كما عرضت ميلا سنتوفا Mila Santova من بلغاريا لتجربة «تطوير قوائم الحصر المحلية والسياسات الثقافية من المنظور البلغاري»، متناولة قائمة حصر التراث غير المادي البلغارية والهدف من وضعها، مشيرة إلى بعض الخصائص المرتبطة بها، وإشكالية الأرشيف للمادة التراثية والسياسات الثقافية. ومن بولندا تناولت آنا فيرونيكا برزيزينسكا Ann Weronika Brzezinska تجربتها تحت عنوان «الاعتبارات التاريخية والاجتماعية للمنظمات الثقافية في بولندا في إطار تقديمها لنظام أو منهج الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي في بولندا»، مشيرة للمضمون الثقافي، والمعارف المرتبطة بقائمة الحصر.

أما المحور الثاني من ملفات المجلة فجاء تحت عنوان «التراث الثقافي غير المادي: دراسات حالة» بدأت بتجربة المغرب التي قدمها أحمد سكونتي Ahmed Skounti، ووداد طيبة Ouidad Tebbaa  حول تجربة تسجيل «ميدان جامع الفنا بمراكش» على القائمة التمثيلية، وما يدور بالميدان من تراث غير المادي، كما تعرضا لمفهوم الحقوق الاجتماعية في إطار حفظ التراث الثقافي غير المادي لهذا العنصر. ومن أمريكا قدمت إيفيتا بير جوفا Iveta Pirgova: تجربتها تحت عنوان «التراث الثقافي  غير المادي كإنتاج وتصنيع: دراسة حالة: بانتكوك ليني - مواطن من لِنَبْ lenape  - القبيلة الأمريكية  بنيو جيرسي - أمريكا». وهي دراسة حالة أمريكية تناولتها الكاتبة من خلال التركيز على موضوع الثقافة الشعبية والتقاليد في إطار مفهوم التراث الثقافي غير المادي، وحفظ التراث الثقافي. ومن أمريكا اللاتينية قدم ألدوليتاف Aldo Litaiff، وثياجو سيلفا دو أموريوم يسوع Thiago Silva de Amorim Jesus تجربة البرازبل تحت عنوان «اللغة والرمز: تحليل طقوس الكرنفال في جنوب البرازيل» وقد تناولا موضوعات اللغة والجسد، واللغة والرمز، والجسد كرمز لتحليل طقوس الكرنفال. واختص المحور الثالث بموضوع: التراث -  التراث الثقافي غير المادي؟ وقد وضع العنوان في صيغة استفهام. وجاء في هذا المحور دراسة واحدة من بولاندا لكينجا سزير فينسكا Kinga Czerwinska تحت عنوان «التراث الثقافي البولندي واتفاقية اليونسكو للحفاظ على التراث الثقافي غير المادي: الآمال أو التطلعات والمخاوف. وقد ناقشت اتفاقية التراث الثقافي غير المادي من منظور الخطاب الأنثروبولوجي، وأوضاع التراث الثقافي في بولندا. أما المحور الأخير فجاء تحت عنوان «التراث الثقافي غير المادي: وجهات نظر تطبيقية. واحتوى موضوعا واحدا أيضًا من لاتفيا للباحثة آيجا جانسون Aija Jansone بعنوان «عادات وتقاليد منتصف الصيف في لاتفيا»

التراث الشعبي في الرواية العربية

جاء الإصدار السابع والأخير بعنوان «توظيف التراث الشعبي في الرواية العربية» تأليف الجيلالي الغرابي، وهو ثاني إصدار لملحق الثقافة الشعبية في قطع متوسط ملحق بالعدد31، (الطبعة الأولى أكتوبر 2015).

والكتاب يرصد توظيف التراث الشعبي في روايتي «شجيرة حناء وقمر» و«السيل» لمؤلفهما أحمد التوفيق من المغرب. وتحكي رواية «شجيرة حناء وقمر» قصة قائد أميٍّ جاهلٍ فظٍّ غليظ الطبع، أسمه هْمُّو، ورث القيادة عن والده عْلاَّ بمقر إيالته حصن السوق في جبّال الأطلس. سعى هذا القائد بمساعدة عقله المدبر ويده الباطشة ابن الزَّارَة إلى توسيع نفوذه، وإشباع غرائزه. فتأتى له ذلك إذ أخضع بعض الشيوخ، ونهب ممتلكاتهم، حتى غدا أكبر الملاك على الإطلاق. وتزوج العديد من النساء، من بينهن السالمة بنت ولد الشهباء قائد السهل العربي، وكِيمَا بنت أحماد نَايْتْ ابْرَايْمْ شيخ قلعة سَكُّورَة عاث فسادا في البلاد، ومس ظلمه معظم العباد، فنال ثقة السلطان بمدينة فاس، وخصه بظهير التعيين، وزار قيادته. هجر ابن الزارة القائد مما أثر سلباً في مصير الإيالة ، ففقد همو سلطته، وانفلت زمام الحكم من بين يديه، وانتهى به الأمر إلى أن اغتاله أحد أبناء صهره  أحماد نَايْتْ ابْرَايْمْ، وقفلت السالمة رفقة ابنتها نجمة إلى بيت أبيها وتزوجت ابن عمها...

أما رواية السيل فتسرد حكاية شخص اسمه محمد بيزِّين، كان راعياً عند أسرة أيْتْ في قرية بقدم سلسلة الأطلس الكبير. لم ير أباه الذي كان عطارا، وفر وتركه جنيناً بعد أربعة أشهر على الزواج، ولا أمه التى كانت خادمة، وهلكت إثر وضعه بثلاثة أيام. كان حاذقاً، وسيم الوجه قوي البنية، مائلاً إلى الطول، متوقد الذهن، أصيب بداء القرع وهو ابن اثنى عشر ربيعا، فلقب بالأقرع. تعرف امرأة أرملة اسمها لُومى، لها أبنة في الثامنة اسمها مَنُّوش. ذات يوم، استسلم للنوم في الغابة، فجرف سيل صيفي الأغنام التي كان يرعاها ، ولم يذر منها سوى رؤؤس قليلة لا تبلغ ربع القطيع. ونجا هو بعد معاناة شديدة، لكنه رغم ذلك لم ينج من عقاب ابن شيخ القرية وأحد رعاته. ترك بيزِّين قريته قاصداً مدينة مراكش حيث اتصل برجل اسمه مَسْيُو فارياس، يملك معمل عصر الزيتون، فاشتغل حارساً ليلياً له، ثم خادماً بداره، فرئيس عمال المعمل جميعهم. تحسنت أوضاعه المادية والمعنوية، وعاد إلى قريته بعد غياب دام تسعة أعوام، فاحتفى به احتفاء عظيما. خرج إلى الغابة وحيداً ثم رجع ليشارك في فرجة اليوم الثاني. سقط المطر ليلاً، وفي صبيحة ثالث العيد قصد الغابة، ليعود منها قبل آذان صلاة العشاء بقليل في حالة يرثى لها. لقد جن لأنه لم يجد ثروته التي خبأها هناك، فانفض الناس من حوله وتركوه. حاول فارياس مساعدته لكن دون جدوى، وازدادت أحواله سوءاً. ولم يلف غير لومى ومنوش اللتين وقفتا إلى جانبه في محنته. صار يبيت تحت قنطرة، فنهشه ثعبان فقضى. وبعد أسابيع بدت علامات الغنى والثراء على ثلاثة من أعيان القرية، ومنهم سيدُ  بيزِّين القديمُ.

أما فيما يتعلق بالمنهجية التي سلكها المؤلف في تحليله للنصين، فقد فرضت عليه طبيعة البحث - كما أشار في المقدمة - اعتماد بعض المناهج، منها المنهج الاجتماعي (السسيولوجي)، والمنهج الوصفي (المورفولوجي)، والمنهج الأسطوري (الميثولوجي)، والمنهج الأناسِيُّ (الأنثروبولوجي)، والمنهج التاريخي، والمنهج البنيوي. كما تقيد ما أمكن بما ورد في الروايتين المدروستين، وحاول مناقشة القضايا التي تطرحانها، وردَّها إلى أصولها.

وقسم الجيلالي الغرابي كتابه إلى مقدمة وثلاثة أبواب، وخاتمة. عرفت المقدمة التراث الشعبي، وأبرزت تسمياته وأنواعه وأهميته وبعض أعلامه، ولخصت البنية السردية للروايتين اللتين تناولهما المؤلف. وتناول الباب الأول الأدب الشعبي في خمسة فصول هي: الفصل الأول حول الأسطورة من خلال مبحثين الأول الحناء والثاني القمر). وجاء الفصل الثاني حول المسرح وتناوله من خلال مبحثين: المبحث الأول عرض بوجلود: وصف العرض - تحليل العرض (الجانب المسرحي - الكواليس - الملابس - الصفات والملامح الجسدية - الأدوار - الجوقة - الدراما) - الجانب الأسطوري. أما المبحث الثاني فحمل عنوان الحلقة. أما الفصل الثالث حول الشعر من خلال مبحث واحد حول الزجل. وتناول الفصل الرابع موضوع اللغة من خلال ثلاثة مباحث الأول حول العامية العربية، والثاني حول الأمازيغية)، والثالث حول الفرنسية والأسبانية. أما الفصل الخامس فكان حول الغناء والرقص، تناول فيه مبحث الغناء، أما مبحث الرقص فقد تناول: رقصة العلاوي والمنكوشي- أحيدوس- أحواش- الكدرة.

وفي الباب الثاني من الدراسة الذي حمل عنوان «الأمكنة الشعبية وأسماء الأعلام» من خلال بحث الأمكنة الشعبية (السجن- السوق- الحمام- الضريح)، وبحث أسماء الأعلام (همو – ابن الزارة- أحماد نايت ابرايم- عابد- السالمة- نجمة). أما الباب الثاني بعنوان العادات والتقاليد والطقوس الشعبية، تم معالجته من خلال بحث الاحتفالات (الزواج- أدوات الزينة والحلي- الوشم- الحلي- الكحل)، وعادات وتقاليد أخرى (تقديس الماء- تقديس عتبات البيوت- رش العروسين بمادة الملح- إشهار دم بكارة العروس – ركوب الناقة)، ثم بحث موضوعات: الفراق والموت- الشاي- التعبد- الطب والسحر- الكنز. واحتوت ملاحق الدراسة العديد من النصوص الشعبية وهي: بعض قصائد فن الراي التقليدي- بعض أغاني فن الراي العصري- بعض المرددات الشعبية- بعض أسماء مطربي فن الراي: الراي التقليدي – الراي العصري- بعض المصطلحات المتصلة بالغناء والرقص الشعبيين- الصور- بعض المصطلحات المتصلة بصنعة الرواية.

وخلص الجيلالي  الغرابي من دراسته لعدد من النتائج المهمة منها أن فتحت هاتان الروايتان بابيهما على مصراعيهما في وجه التراث الشعبي بمختلف ينابيعه، واحتضنتاه بقوة. فكانتا بذلك إكسيراً انعكست على صفحته صورة المجتمع المغربي جلية واضحة. وأن أغلب ما ورد فيهما ينبعث من الفئات الشعبية، مثل أسماء الشخصيات (همو - السالمة - علا - فاضما - نجمة...)، والمؤشرات الزمانية (تمام القمر - الصباح - المساء - بعد العصر...)، والأمكنة (السوق - الحمام - الضريح - الحلقة - البادية...)، والعادات والتقاليد والطقوس والأعراف (الزواج - الموت - إقامة الشاي - التداوي - السحر - التعبد...)، واللغة في قسم منها كبير (الزجل - العامية العربية المغربية - الأمازيغية...). مما أضفى عليهما مسحةً جماليةً وفرادةً متميزتين، وأهلهما لتكونا روايتين جديدتين، ومنحهما بعداً إنسانياً عالمياً. كما ردت الروايتان الاعتبار للتراث الشعبي، وحفلتا به، ونظرتا إليه نظرة موضوعية متفتحة، وأجلتا مايخبئه بين ثناياه عكس تلك الرؤية الاستعلائية الفوقية العمودية التي تراها عن جهل وعدم تبصر موروثاً مغرقاً في المحلية، لاقيمة له، ولا حياة ولا إشعاع فيه، ولا امتداد له خارج بيئته الجغرافية، فهو يمثل عامة الشعب الأمية الجاهلة، وبالتالي، يجب إقصاؤه وازدراؤه وعدم الالتفات إليه. وأخيرًا صورت الروايتان حقيقة البادية المغربية المزرية وما تعانيه من تهميش واستبداد سلطوي وواقع الفئات المسحوقة والشرائح المستضعفة، وما تسلم به من بعض الخرافات، وما تؤمن به من معتقدات بلورت وعيها، وغدت جزء لا يتجزء منها، كما أبرزتا تركيبة المجتمع المغربي العرقية أو الإثنية (العرب- الأمازيغ أو البربر- اليهود)، ومدى التعايش والتآلف القائم بين مكوناته، ودعتا إلى وجوب سيادة المحبة والسلم ومقت التسلط، ونبذ التعصب الأعمى وإدانته، ورفض الهوية الفردية المتقوقعة، وتجاوز الموروث الثقافي مخزنيًا ولغويًا وشعبيًا وتفاعله تفاعلاً إيجابيًا بناء.

 

أعداد المجلة