فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
42

الفرح الكامن في الجذور

العدد 42 - لوحة الغلاف
الفرح الكامن في الجذور
كاتب من البحرين

تحرص الدول التي جعلت من فنونها الشعبيّة مادة ضمن مناهج الدّرس الأوليّة لأجيالها القادمة على أن تكون هذه المادة مفرحة وقريبة محببة من قلوب النشء، وعلى أن تجعل قيمةً ذات معنى لكل ما له علاقة بهذه المادة من أدوات وآلات وأن تعمّق في القلوب والعقول ما يرافق هذه المادة من نصوص غنائيّة أو حركات إيمائية راقصة.

وفي غالبية مدارس ومعاهد الدول المتحضّرة تتكون فرق فنون شعبيّة من الطلبة الهواة ذوي المواهب تحت إشراف متخصصين يؤسّسون ويوجّهون ويدرّبون ويقودون هذه الفرق إلى التنافس مع بقية فرق المدارس والمعاهد الأخرى، ومن هنا يتم مبكرا اكتشاف تفوّق العناصر ذات المواهب، فيعتنى بها منذ البدايات الأولى، ومن هنا يتم اختيار عناصر فرق الفنون الشعبيّة الوطنيّة التي تشارك باسم دولها في المهرجانات العالميّة.

في هذه المهرجانات، التي تتنافس فيها الدول أكثر مما تتنافس في كرة القدم، بعيدا عن ضجيج الإعلام، عندما تقترب من عازف أو راقص أو مؤدٍ مبدع خلب لبك لتبدي إعجابك تفاجأ بتاريخه الطويل مع فنه هذا منذ الطفولة، يحدّثك عن أعماله ونجاحاته خلال مراحل دراسته الأولى وحتى تخرجه من الجامعة، ويحزّ في نفسك كعربي أن تضيع وتتبدد وتخبو المواهب في بلداننا دون احتضان حقيقي مدروس وممنهج، إلا من استطاع أن يحفر في الصخر من المواهب ليبرز ويتألق بجهد ذاتي مضن.

أنظر إلى هذا الفرح الملفت البادي على وجوه الصبية البلغاريين في صورة غلافنا الأول، وثمّن معي مقدار هذه البهجة، وهذا الحب المتدفق في احتضان الآلة الموسيقية التقليدية، وتأمّل الزّي الشعبي الموحد الذي يعكس ثقافة بلادهم. لقد أوفدتهم بلادهم إلى المشاركة في أحد أكبر مهرجانات الفنون الشعبيّة الدوليّة محاطين بالرعاية والاهتمام وحسن المتابعة، لينقلوا إلى الدنيا كلّها بهجة حبّهم لفنون بلادهم.

بقي أن نحلم، وأن نتمنى بأن يعمّ عالمنا العربي الأمن والسّلام، وأن تكون لأطفالنا فرق فنون شعبيّة تجوب العالم صيفاَ للمشاركة في المهرجانات الدوليّة، لنشر الفرح الكامن في جذور ثقافتنا، والتعريف بحبّ واعتزاز بأغلى ما لدينا من فنون شعبية.

ربما بقي أن نأمل بألا تُـقـتلع ثقافتنا العربية من الجذور.

أعداد المجلة