فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
47

الأبعاد الإسلامية والقيم الوطنية في العيطة الجبلية «عيطة القوس»

العدد 47 - موسيقى وأداء حركي
الأبعاد الإسلامية والقيم الوطنية في العيطة الجبلية «عيطة القوس»
كاتب من المغرب

تزخر العيطة الجبلية بمفردات وعبارات دالة على المقدس الإسلامي، والمتأمل في ذلك يجد فيها حقلا انتروبولوجيا خصبا للبحث في دلالة هذا المقدس وطبيعته ورمزيته، وكذا ظروف توظيفه وأبعاده. وتجليات المقدس في خطاب العيطة تنم عن خلفية فكرية وعقائدية أطرت وتؤطر رؤية معينة للمقدس، لدى سكان المناطق الجبلية. وهذا ما دفع الشاعر الشفهي إلى توظيف مجموعة من الأسماء والأفعال والأشياء الدالة على هذا المقدس.

أبعاد ورمزية الـمـقـدس الإسلامي فـي الـعـيـطـة الـجـبـلـيـة

أول شيء يمكن أن نتبينه في أول حديثنا عن المقدس في العيطة، هو ما ذهب إليه الدكتور عبد السلام البكاري الذي يشير خلال دراسته لقبيلة بني مسارة، أن سكان هذه القبيلة على غرار باقي القبائل كلهم ذوو أصول شريفة، فمنهم «صنف يدعي الشرف ولازال حائزا على بعض ظواهر السلاطين، وصنف آخر منهم من ينتسب ومنهم من لا ينتسب»1. كل هذا سيكون له حضور قوي بتجليات مختلفة، في الإنتاج الشفهي بالمنطقة، بل لا بد أن يختار له الشاعر الشفهي طرقا لتوظيفه في علاقته بالقيم الوطنية. ونحن عندما نتكلم عن الشفهي فنحن نقصد العروسي والكرفطي وعبد المالك الأندلسي، لأنهم نظموا العديد من القصائد العيطية المغناة.

لعل السؤال المشروع هنا هو: ما خلفية توظيف رموز المقدس الإسلامي في نصوص العيطة الجبلية؟ كما يتوجب طرح السؤال عن سبب كشف الشاعر الشفهي لنص العيطة عن مرجعيته الإسلامية في نصه؟

1) العيطة الجبلية ورمز التوحيد:

عاشت معظم سكان قبائل اجبالة في كنف طلب العلم، وتعلم القرآن الكريم وحفظه وتجويده، منفتحين على مجموعة من العلوم الشرعية، كما عاشت هذه القبائل في جوار مجموعة من الزوايا لأولياء الله الصالحين، لازالت هذه الزوايا شامخة إلى حد الآن، تقدم أدوارها الدينية والسياسية والتعليمية، وحتى الاقتصادية والاجتماعية منها، الأمر الذي كان له التأثير الإيجابي على ثقافة أهل المنطقة، وطريقة إنتاجهم للنصوص الشفهية.

ومن خلال الملاحظة الأولية وجدنا أن نصا عيطيا واحدا من نصوص عيطة القوس، يغنيه محمد العروسي، والكرفطي وحاجي السريفي، كما غناه، ويغنيه العديد من غيرهم، تتكرر فيه لازمة «رَبّي العَالي» بعد كل شطر من أشطر القصيدة، ومن خلال الإحصاء العددي، وجدنا أن هذه اللازمة تكررت إحدى عشر مرة، وفي كل مرة تقترن بلفظة «أولياء الله»2. كما تقترن بعبارة الحمد والتوكل على الله، والتسليم للأولياء. وكأن العيطة بهذا المعجم الإسلامي الكثيف ترفض كل وثنية، وكل توكل على غير الله، وأوليائه الصالحين.

وفي سؤالنا عن مغزى هذا التوظيف، تعددت الأجوبة، بين من يرى أن الشاعر الشفاهي وظف ألفاظ المقدس فقط للرقي بمستوى لغته، ومن يرى أنه حاول أن يؤطر خطابه بماهو ديني للكشف عن مرجعيته الدينية. و«العالي» اسم من أسماء الله الحسنى، وجد فيه الشاعر الشفهي الاسم الأكثر ملاءمة لسياق العيطة إيقاعا ولحنا وتعبيرا. والتوجه إلى السماء هو دلالة على التوجه نحو قوة عظمى مقدسة وعليا، غالبا ما يتوجه إليها الإنسان الجبلي في الشدة كما في الدعاء والتضرع والتوسل إلى الله، دون أن ننسى أن هذا الجبلي غالبا ما يقصد الأماكن المقدسة ومقامات الأضرحة للدعاء، ولذلك جاء اسم ربي العالي وغيره من أسماء الله الحسنى مقترنا باسم الأولياء في أكثر من قصيدة شفهية.

2) رسول الله: مزار الولي القريب يقلص مسافة الحج البعيد

وْمَا الصّلاة عْلَى مُحَمَّدْ وانَا انْصَلي مْعَاكُمْ

زُيّـــارْ رَسُــــولْ الله عَبّيوْنَا فَ حْمَاكُــمْ

نكاد لا نعثر في مجمل العيوط التي أداها العروسي والكرفطي على نص عيطي واحد يخلو من ذكر اسم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فبينما يكشف الشاعر الشفهي في النص عن مرجعيته الدينية، يتم التبرك في المقابل، بذكر اسم الرسول الكريم في بداية كل نشاط احتفالي موازي. وبالنظر إلى هذا المدخل البسيط والقصير لقصيدة نص عيطة القوس، الذي أوردناه سابقا، نجد أن الشاعر يقرن زيارة الولي الصالح بزيارة قبر النبي الكريم. وأن هذا الشاعر يطلب مرافقة الموكب خلال هذه الزيارة، وكلمة 'عَبّيوْنَا' يقصد بها في اللهجة المحلية: خذونا في حماكم، وقد ذكرت الصلاة بكونها عماد الدين، هنا كدليل على الإيمان القوي بالله، وصدق النبوة وشرف وبركة وكرامة الولي المقصود بالزيارة.

ويجمع كل سكان المناطق الجبلية، أن زيارة الولي كانت تشكل نموذجا مصغرا من موكب الحج الذي كانت تحول عوامل جغرافية الوصول إليه، مثل بعد المسافة إلى قبر النبي، وعوامل اقتصادية، تتمثل بالخصوص في عدم القدرة على تحمل الأعباء المادية للحج، فلذلك يشكل مزار الولي الصالح وخصوصا مولاي عبد السلام القريب، الذي سنأتي على ذكره، تقليصا للمسافة في زيارة مقام الرسول الكريم.

3) الأولياء: الإيمان بالله والكرامات والنسب الشريف

يطلق اسم الولي في المغرب، الذي يعتبر تاريخه تاريخ الزوايا3، على مجموعة من المقامات الشريفة التي تحظى بتشريف واحترام كبيرين، ولا يتم تدنيسها وكل من زعم فعل ذلك يكون مصيره أن تسلط عليه لعنة الله والولي والعباد. واسم الولي «هو في الأصل وصف من الولاء والتوالي، ومن الولاية والتولي، ويطلق على القريب بالنسب وبالمكانة والصداقة، وعلى النصير وعلى المتولي للأمر والحكم وغير ذلك، ويطلق على الرب عز وجل كما يطلق على العباد. أما من جهة العرف الإسلامي فالولي خاص وعام،»4 ويدخل ضمن العام كل المؤمنين بالله وبوحدانيته، «أما الولي الخاص فهو الداخل في الوصف القرآني الذي أشار الله تعالى بقوله: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون﴾5 فأولياء الله هم المؤمنون المتقون وهم على مراتب متفاوتة ودرجات»6، فالولاية من خلال هذه النصوص لا تتأتى إلا بالإيمان وتحقق بعض الكرامات والنسب كما سنرى.

وقد شكلت أضرحة الأولياء حقلا معرفيا خصبا لمجموعة من المقاربات السوسيولوجية والأنثروبولوجية والتاريخية، ترى في هذه الأضرحة ظاهرة اجتماعية، وأن الأولياء هم «أولئك الأشخاص الذين يختصون بقوى وقدرات خاصة خارجة عن الطبيعة والإنسان. ويتميزون بها عن الناس، تجعلهم قادرين على أداء أفعال غير عادية إعجازية، يعجز الإنسان العادي عن أدائها وتعرف بالكرامات والبركات»7. وكما يرى مصطفى حجازي، «فالولي ملاذ ومحام يتقرب إليه (الإنسان المقهور) ويتخذه حليفا ونصيرا، كي يتوسط له لدى العناية الإلهية. الولي هو ولي الله، ومن خلال التقرب منه تتحقق الحاجات وتعم الرحمة الإلهية. وتسقط على الولي قدرات خارقة لها علامات، وهي الكرامات التي تميزه عن سائر البشر»8. ومن خلال العيطة قوس وقفنا على مجموعة من الأسماء لمجموعة من الأولياء، بالمغرب، عموما، وبالمناطق الجبلية خصوصا، تم توظيفهم في هذه العيوط لما يحملونه من قدسية وبركة وكرامات في متخيل أهل هذه المناطق، وكان من أبرزهم وأهمهم:

- مولاي ادريس زرهون (الله يْقَوِّي حَرْمُو)

أَجْبيّلْ زَرْهٌــــونْ فيهْ لَحْجَارْ فيهْ التّرْسْ

الله يـْــقَوي حَرْمُو الوَلي مُولاَيْ إدْريسْ

يأتي الحديث في نصوص العيطة الجبلية عن الولي الصالح مولاي إدريس زرهون، المنسوب إلى الجبل الذي يقع فيه مقام هذا الولي مولانا أدريس الأكبر، «الذي قدم - رضي الله عنه – من الحجاز إلى المغرب، وهو أول آل البيت قدم إليه؛ بسبب الوقعة المشهورة بوقعة «فخ» ونزل منه بمدينة «وليلي» قاعدة جَبَلْ زَرْهُونْ، وهي المدينة الخالية الآن بإزاء الزاوية التي بها ضريحه. وكان نزوله بها في غرة ربيع الأول سنة اثنين وسبعين ومائة. وجمع البرابر على مبايعته والقيام بدعوته، فبايعوه يوم الجمعة الرابع عشر من شهر رمضان من السنة المذكورة»9 ونفس الشيء يؤكده الناصري في كتابه الاستقصا الجزء الأول. ويذكر كذلك انه نزل هو ومولاه راشد، بجبل زرهون وبايعه هناك إسحاق بن محمد بن عبد الحميد أمير أوربة على البربر.

ويشكل ضريح الولي مولاي إدريس هذا بجبل زرهون مزارا للعديد من الأتباع المغاربة، وغير المغاربة المسلمين الذين يقصدونه لشرفه واعتقادهم فيه بقضاء أغراضهم، ومجرد الحديث بالسوء عن شرف هذا الولي العظيم قد يؤدي بالإنسان إلى اعتباره جاحدا، وكذا اعتباره مسيئا للمقدسات منتهكا لها، وانتهاك المقدسات في المتخيل الشعبي يمكن أن يكون مجلبة للعار والوبال والويلات.

وتوظيف اسم الوالي الصالح مولاي إدريس المنسوب إلى جبل زرهون في العيطة الجبلية، له أكثر من دلالة فهو يمثل الشرعية الدينية للمغاربة، بشكل عام، بانتمائه لآل البيت، وهو أول من قدم منهم إلى المغرب حسب المصادر والروايات الشفوية، أضف إلى ذلك انه يشكل الأصل في النسب الشريف للولي الصالح مولاي عبد السلام شيخ اجبالة، لكون مولاي إدريس جد مولاي عبد السلام.

- مولاي عبد السلام بن مشيش (شِيخْ اجْبَالَة)

طَلْعوا الطُّلْبَة يْزُورُوا طَلْعُو بَالْجَلاَلَة

مُــولاَيْ عَبْدْ السَّلاَمْ هُوَ شِيخْ اجْبَالَة

***

يَعْجَبْنِي وَادْ السْطَحْ يَعْجَبْنِي بَاحْجَارُو

مُــولَيْ عَبْدْ السَّلاَمْ سَعْـــدَاتْ لِي زَارُو

ونسبه، «أبو محمد سيدي عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن حرمة بن عيسى بن سلام بن مزوار بن علي بن محمد بن مولانا إدريس دفين فاس بن مولانا إدريس دفين زرهون وفاتح المغرب بن مولانا بن عبد الكامل بن مولانا الحسن المثنى بن مولانا الحسن السبط بن سيدنا ومولانا علي ومولاتنا وسيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد العالمين عليهم من ربهم جميعا الصلاة والسلام»10. وتذكر جل المصادر التي تحدثت عن الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش، الذي يوجد مزاره ومقامه «بجْبَل لَعْلَمْ» بقبيلة بني عروس، والتي «هي قبيلة أجداده الكرام، وهي من القبائل الجبلية القريبة من ساحل المحيط تكتنفها وتحيط بها عدة قبائل جبلية وهي بينها كالعروس. فشرقا بنو ليث وجنوبا الأخماس وبنو يوسف وسوماتة وبنو جرفط وشمالا بنو حزمار وبنو يدير وجبل الحبيب وغربا الغربية والخلوط، وعمالتها مدينة تطوان ودائرتها الخميس وأربعاء عياشة»11.

والمثير للدهشة هنا هو أن مركزية قبيلة بني عروس جغرافيا بين قبائل اجبالة، تقابلها مركزية مولاي عبد السلام بن مشيش في خطاب العيطة، للدلالة على كونه فعلا شيخ اجبالة بما تحمله هذه التسمية من قوة، كون الشيخ في المتخيل الشعبي هو المركز في اتخاذ القرارات الاجتماعية والروحية والأخلاقية في القبيلة آنذاك، والشيخ كذلك هو شيخ الفرقة الموسيقية وشيخ البواردية والعارف بأصول المهنة والمحنك فيها، «ففي هذه القبيلة الشريفة ولد هذا الإمام العظيم في القرية التي كان يسكنها والده سيدي مشيش وهي الحصين أسفل جبل العلم لجهة القبلة»12. غير أن تاريخ ميلاده بالتدقيق غير متعرف عليه، «ولا يعرف على التحقيق تاريخ ولادته، ويرى بعض المؤرخين من الشرفاء العلميين وغيرهم أنه ولد 559 أو 563هـ وبقرية الحصين، نشأ وتعلم الكتابة والقراءة، ويقال إنه لم تمر عليه اثنتى عشر سنة حتى حفظ القرآن الكريم بالروايات السبع»، ويقال: «إن شيخه في القرآن هو الولي الصالح سيدي سليم دفين قبيلة بني يوسف»13. أما عن وفاته فيشار إلى أن محمد بن أبي الطواجين «هو الذي تسبب في قتل الشيخ أبي محمد عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه»14، دون الإشارة إلى تاريخ النازلة، أو إلى عمره لحظة وفاته.

ويعتبر ضريح مولاي عبد السلام مزارا حقيقيا مقصودا من طرف جل القبائل الجبلية وغير الجبلية، وأتباعه في كل دواوير القبائل، يقيمون له المواسم، ويستشعرون وجوده قريبا منهم في الدعاء والقسم وطلب المال والصحة، وكل شيء حتى لا تكاد تقضي يوما مع احد سكان القبائل الجبلية دون أن تسمع اسم مولاي عبد السلام أكثر من عشر مرات على الأقل فاسمه مذكور حتى في جلوس الفرد وقيامه.

- مولاي بوشتى الخمار: (مُولْ التَّشْتَة وُلْمْقَامْ)

مُولاَيْ بُوشْتَى الْخَمَّارْ مَا زَيْنُو بَاخْضُورَة

«سيدي أبو الشتاء الخمار ت: 977. وأبو الشتاء هذا: هو المعروف بالخمار، ويقال إن اسمه محمد بن موسى، وأنه شاوي النسب، وكان أسمر اللون، وهو دفين أمرجو من بلاد قشتالة التي بقرب نهر ورغة، بينه وبين نهر سبو»15. وتعرف هذه البلدة بقبيلة بني مزكلدة ويقال عن سبب تكنيته بأبي الشتاء «أنه كان في العلم عند الشيخ أبي زيد عبد الرحمن ابن ريسون الشريف، فاحتيج إلى الشتاء وفي تلك البلاد، فجاء الناس على الشيخ أبي زيد المذكور يطلبون منه الاستسقاء، فأخذ بتلابيبه سيدي أبي الشتاء ودفعه إليهم، وقال لهم: هذا أبو الشتاء؛ خذوا بتلابيبه ولا تطلقوه حتى تمطروا. فأمطروا في الحال، وجرى عليه ذلك الاسم»16. ومن سنن الزيارة للولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش في ما هو متعارف عليه بين أهل القبائل الجبلية، أنه لابد لزائر مولاي عبد السلام أن يمر عبر مولاي بوشتى الخمار للتبرك منه أولا، وبعد ذلك يكمل الطريق إلى مولاي عبد السلام. «توفي - رحمه الله – ضحوة يوم الأربعاء الحادي عشر من شوال سبعة وتسعين وتسعمائة»17. وهذا ما يؤكده الناصري في كتابه (الاستقصا) حيث يقول: «وفي سنة سبع وتسعين وتسعمائة توفي الشيخ أبو الشتاء الشاوي دفين جبل آمركو من بلاد فشتالة ويقال اسمه محمد بن موسى»18 ويعرف مولاي أبي الشتاء بين أهل القبائل الجبلية بمولاي بوشتى الخمار «مُولْ التّشْتَة وُلَمْقَام». ويعرف مقام الولي مولاي بوشتى الخمار مجموعة من الزيارات، سواء فردية أو جماعية، منتظمة في المواسم أو غير ذلك، على مدار السنة لما لهذا المقام من فضل في مجموعة من القضايا، من أهمها شفاء المس من الجن والسحر، والعكس والنحس.

- سيدي الحاج العربي: (سيدي الحاج العربي الرندي الأندلسي ت: 1176)

سِيدِي الحَاجْ العَرْبِي هُوَ احْجَابْ عْلِيكُمْ

ولم أعثر له سوى على تعريف بسيط في كتاب «سلوة الأنفاس»، فهو « المجذوب الفاتح، أبو حامد سيدي الحاج العربي الرندي الأندلسي الخراط حرفة. كان يعتريه الجذب أحيانا، فيخبر بمغيبات، ويحدث الناس عن بعض الكرامات، إلى أن توفي - رحمه الله- سنة ست أو سبع وسبعين ومائة وألف، ودفن بدار برأس الشراطين من فاس القرويين»19. وهو أقل الأولياء ذكرا من طرف أهل الجبل، إلا من طرف كبار السن فهم يولونه أهمية تضاهي أهمية الأولياء السابقين بالذكر، ويحتل مكانة مهمة في متخيلهم الشعبي وطقوسهم الدينية، وبالنظر إلى تبجيل وتعظيم هذا الولي، واعتباره حجابا ووقاية وسترا على القبائل، كما ذكر النص، يمكن الذهاب إلى «التأكيد على الدلالة الاجتماعية العميقة لظاهرة تبجيل الأولياء التي تستند بالأساس على الأدوار التحررية الـتي لعبها هؤلاء لفائدة جماعاتهم، وحمايتها من كل المخاطر الداخلية والخارجية التي تهددها»20 مما يرجح كفة انخراط هذا الولي في الجهاد والدفاع عن الدين والنفس والوطن. ويتم ذكر الولي الصالح سيدي علال الحاج، في عيوط أخرى وهو «الولي الصالح سيدي علال الحاج البقالي الحرائقي الغزاوي الذي طلب الصلح بين القبيلتين 'مصمودة وبني مسارة' ( أيام السعديين) بالنهر الساكت غرب جبل العش، المكان الذي لازال يعرف إلى حد اليوم بالعكاز، أي عكاز سيدي علال الحاج»21.

4) الشروط الأساسية في الزيارة «زيار رسول الله عَبِّيوْنَا فَاحْمَاكُمْ":

- النية:

تتأسس الزيارات وخصوصا تلك التي تكون في اتجاه المقامات المباركة، والأماكن المقدسة، كالأولياء والصالحين، على نوع خاص من العلاقات التي تربط بين الطرفين: الزائر والمَقْصد أو المَزَار، وتعتبر النية الركيزة الأساسية فيها، حسب مجموعة من الشهادات الشفهية، ويدخل في هذا الإطار (النّية) كل مظاهر التسليم واليقين والإيمان ببركة الولي المُزار أي: المقصود بالزيارة، كما تتأسس على مجموعة من الشروط والآداب سواء الحال في الزيارة الفردية أو الجماعية، ومن أهمها:

«أن يذهب لها في الوقت الذي يكون فيه (المرء) فارغا من الأشغال الضرورية التي يضر تركها به في دنياه ومعاشه، وغير مطالب بحق من حقوق الله تعالى أو حق من حقوق عباده الواجبة»22، ولذلك نجد أن موسم الزيارة يتحدد بالخصوص في فصل الخريف بعد الانتهاء من الأشغال الفلاحية وتفرغ الناس للراحة، بعد سنة من التعب والكد. كما يجب «أن يقصد بالزيارة وجه الله تعالى لا طلب الجاه والدنيا. وأن يكون متطهرا طهارة صغرى لأنها مطلوبة في الدخول على الملوك والعظماء، وأن يلبس نظيف ثيابه، وأن يقدم زيارة الأحياء على الأموات حيث كان مسافرا أوفي حكمه، وأن يذهب ماشيا لا راكبا تواضعا لله تعالى واغتناما للثواب، وكذا الدعاء عند الإشراف على الروضة، ثم تحية المسجد، والإتيان من رجل القبر إلى محل جلوسه، والجلوس عند رأس الولي»23، ولذلك نجد أن يوم الزيارة هو يوم عيد عند الزائرين فيتطهرون ويستعدون ويلبسون نظيف ثيابهم، ويوثرون المشي على أقدامهم على ركوب البهائم، ويتسابقون شيبا وشبابا، رجالا ونساء، في جو من المرح والسعد واليمن والنشاط، متناسين كل متاعب الدنيا ومشاقها.

- الطُّـلْبَهْ:

طَلْعُوا الطُّلْبَة يْزُورُو طَلْعُوا بالجَلَالَة

يطلق اسم «الطَّالَبْ» أو «الفقيه» في المناطق الجبلية على كل رجل متعلم حباه الله بتعلم وحفظ وتلاوة القرآن الكريم، وكذا حفظ الأحاديث النبوية والتفقه في أمور الدين والشريعة الإسلامية، وقد كان «الطّالَب» وجمعه «الطُّلْبَة» يتكلف بكل القضايا العلمية ويحسم فيها كقضايا الشهادة والميراث، والصلح بين الناس برعاية أعيان القبيلة، كما يتكلف بذبح أضاحي العيد يوم عيد الأضحى، كما كان ولازال، له الدور المهم والحاسم في الممارسات السحرية، كما كان يشكل المفتاح الرئيسي في توجيه الناس إلى الزيارات والأولياء الذين يملكون القدرة على قضاء أغراض القاصدين.

- الأذكار:

يعتبر «المُوسَمْ» مُرَكّبا شموليا يختلط فيه الطقوسي بالاجتماعي بالديني بالسياسي، و«هو فضاء طقوسي من موضوع يشكل محور الاحتفال الطقوسي، وإطار اجتماعي محدد قروي أو حضري، قبلي أو قومي. ثم زمكاني وأخيرا أنشطة جماعية ذات طابع طقوسي»24وخلال هذا الموسم، موسم «شِيخْ اجْبَالَة» مولاي عبد السلام، الذي يعقد بشكل سنوي في شهر شعبان من كل سنة هجرية، ويعتبر من أبرز التظاهرات الدينية والثقافية والاجتماعية.

كل هذه المظاهر تفرض ضرورة التساؤل، عن علة حضورها ومصادرها الرمزية، وأبعادها الأنثروبولوجية، مثلما أن الجواب عنها لا يمكن أن يكون خارجا عن المقدس.

جـينَاكُمْ جينَاكُمْ أَهْلُ الله جينَاكُمْ

لَـوْلَا فَضْلُ الله لَمَا جينَا زُرْنَاكُمْ

وَا العَاشْقينْ فَـ النَّبيْ صَلّيوْ عْليهْ

اللَّهُمَّ صَلّي عْليكْ أَ رَسُولْ الله

جَاهْ النَّبيْ عْظيمْ

الجَنّة للصّابرينْ النّارْ لقَوم الكَافرينْ

الله يَنْصُرْ عْلَامْ النّبيْ

ونشير إلى أن هذه الأذكار تقال في تنسيق تام بين الطلبة الذين يقومون بترديدها في البداية، يتبعهم عوام الرجال ثم زغاريد النساء وبهجة الأطفال، كما أن هذه الزيارة لا تخلو من أشكال احتفالية أخرى من قبيل الموسيقى «بالغَيْطَة والطْبَلْ».

- الذبائح:

للذبيحة في الإسلام جذور انتروبولوجية عميقة، تتأسس على الذبيحة الإبراهيمية، وكيف قبل سيدنا إبراهيم الخليل التضحية بابنه إسماعيل امتثالا لأمر الله تعالى، ﴿وَفَدَيْناه بِدِبْح عظيم﴾ (الآية 107، سورة الصافات)، ولذلك بقيت واستمرت هذه العقيدة بكل ما تحمله من دلالات، راسخة في كل فعل ذبح، بل اتخذت تمظهرات جديدة من بينها ذبائح الموسم وبعض الهبات والهدايا التي تقدم للأضرحة.

وعند حلول يوم الموسم يتم تقديم الأضاحي ونحرها للتضحية بها، «ويتضمن لفظ تضحية في معناه الاشتقاقي، وفي معناه الحرفي، فكرة خير ملموس مقدم أو محطم على مذبح كائن أعلى، لكي يقر له بالسيادة، وبالمقابل لكي يحصل منه على الحماية والعفو والرحمة»25. فالعلاقة بين «السّيّدْ» أو الوالي والأتباع علاقة تبادلية، تقوم على أساس الأخذ والعطاء يحكمها مبدأ التضحية والدم، والاعتراف بالسيادة والولاء وتقديم القرابين مقابل توفير الحماية والأمن للسكان، وتوفير الخصب (التوجه إلى الأضرحة في طلب الغيث) والصحة والمال، ونجاح الأطفال في الدراسة وزواج العوانس وحمل العاقرات المتأخرات في الإنجاب.

وللتضحية مجموعة من الآداب والشروط حيث «لابد من التضحية بما هو من درجة دنيا في سبيل غاية أرفع أو أوسع، لكن ما يضحى به لا يحتقر، ولا تقلل قيمته أو تضيع من جراء ذلك، في المقابل من خلال التخلي الظرفي والباهظ، يكون الشيء المضحى به محبوبا أكثر ويبدو كأنه مسكون بمعنى القدسي فهو ينتسب إلى القيمة العليا للغاية التي يضحى به لأجلها»26.

تتجلى إذن، كل مظاهر التقديس والتبجيل والتعظيم التي تشمل كل المقدسات الإسلامية، بما فيها الله تعالى ورسوله الكريم، وأولياءه الصالحين، في نصوص العيطة الجبلية، وكل هذه المظاهر تؤشر على المرجعية الإسلامية للشاعر الشفهي، كما تدل على الخلفية الفكرية لسكان المناطق الجبلية عموما، وتغني العيطة بأولياء الله الصالحين على رأسهم المولى إدريس، ومولاي عبد السلام بن مشيش، وسيدي الحاج العربي، ومولاي أبو الشتاء الخمار، وسبعة رجال يدل في حد ذاته على عمق ثقافي لكون هؤلاء الأولياء منهم من يوجد ضريحه بالمناطق الجبلية ومنهم من يوجد ضريحه بعيدا كفاس ومراكش، وهذا يدل على موسوعية الشفهية. وموسوعية ثقافة الرجلين.

القيم الوطنية في الـعـيـطـة الـجـبـلـية

عاشت قبائل اجبالة وضعا خاصا في التعاطي مع أزمة الحروب. فمن خلال كتاب «الاستقصا» للناصري و«الظل الوريف في محاربة أهل الريف» للفقيه العلامة سيدي احمد السكيرج، يتبين أنه منذ الفتح الإسلامي، وقدوم المولى إدريس الأكبر إلى المغرب واستقراره بجوار فاس، وتعاقب الدول التي حكمت المغرب، إلى بداية القرن التاسع عشر في المرحلة الأولى، ثم من بداية القرن التاسع عشر إلى الاستقلال في المرحلة الثانية، عرفت القبائل الجبلية حروبا طاحنة، سواء ضد العدو، أو فيما بينها، لكونها تقع أولا بين مشارف السواحل الشمالية التي امتدت إليها يد المستعمر الاسباني والبرتغالي، ومشارف مدينة فاس قلعة المجاهدين ومقر السلاطين، وفي المرحلة الموالية، بين الريف المستهدف من طرف الأطماع الإسبانية وبين المناطق الخاضعة للحماية الفرنسية. ولازالت هناك مجموعة من الآثار التاريخية المادية شاهدة على هذه الحروب، كبقايا الثكنات العسكرية، قصر المولى اسماعيل بغابة إيزارن بدوار اسكار قبيلة بني مسارة وثكنة عسكرية للجنود الفرنسيين فوق جبل يَسْوَالْ.

وكل هذه العوامل نفترض أن تكون مصدر لبس، تستحق البحث العميق لوضع تأريخ علمي ودقيق للمعطى الحربي داخل العيطة الجبلية.

فبقدر ما كان الريف بقيادة الزعيم عبد الكريم الخطابي يحاول استمالة القبائل الجبلية للدفاع عن عز الوطن وعن ملة المسلمين، كان الاحتلال الفرنسي في القرن التاسع عشر، يحاول تطويع شوكة هذه القبائل للتصدي للريف وتسهيل مأمورية احتلاله من طرف الإسبان، غير أن قبائل اجبالة كانت لها كلمة أخرى، ف «لما طالت مدة البارود على المراكز الاسبانية نحو أربعة أشهر، وتَضَيَّقَ الحصار على غالب العسس التي نصبها (القائد الاسباني خريرو) في قبيلة بني سعيد وغيرها من القبائل الجبلية، ولم يُفد في الدفاع عن المراكز البعيدة وأفرغها، قامت في وجهه جميع القبائل الجبلية الممتدة من قبيلة بني حسان إلى قبيلة بني مصور، قد داخله الدهش بما رآه من اجتماع القبائل على مقاتلته من المجاهدين المرابطين أمام القشلات الكبرى، فلم يفد الإسبان إلا إفراغ المراكز التي بيده في هذه القبائل على الشواطئ البحرية»27، من ثمة سيبدأ التفكير في إرغام هذه القبائل على التخلي عن التبعية للريف المجاهد، وتفريقها لتسهيل دخولها من طرف الحماية الفرنسية. هنا يمكن طرح أكثر من سؤال عن طبيعة رد فعل القبائل الجبلية؟ وكيف سيستمر تمثل قيم الحرب في المتخيل الشعبي لسكان قبائل اجبالة من خلال عيطة القوس؟

1)الـبعـد الـوطـنـي فـي رمــزيــة الــقــبــائـــل :

- القبيلة: الكرامة والوطن

في خضم كل الثورات التي عرفتها القبائل الجبلية، لرد الاستبداد والدفاع عن الوطن والجهاد ضد المستعمر، من جهة، والخونة، من جهة أخرى، استعدت القبائل لذلك بالمال والنفس وكل ما ملكت من قوة، ذلك ما أكسب هذه القبائل سمعة حربية وعزة ومتانة، وصارت رمزا يعهد به في الحرب والدفاع عن النفس والوطن والدين، ومن ثمة انتقلت أسماء هذه القبائل باعتبارها خزانا للرموز إلى نصوص العيطة، فنادرا ما نعثر على نص من نصوص العيطة الجبلية «عيطة القوس» لا يتغنى بشموخ هذه القبائل في الدفاع عن الوطن والدين والعرض ورموزها، وذلك في ارتباط بين هذه الرموز والمتخيل الشعبي لأهل هذه القبائل. فلكل اسم في النصوص الشفهية مدلوله الخاص، ولم يتم توظيفه عبثا، لأن «الشعوب الشفهية تشترك في النظر إلى الأسماء (وهي نوع من الكلمات) بوصفها ذات سلطان على الأشياء»28 وهذا ما يدفع إلى البحث في سلطان هذه الكلمات.

وَا الطّرْطَاقْ البَارُودْ فَالعَقْبَة دَغْصَاوَة

الحْبيبَة وْجَرّحْتني

***

أَبُو هْـلَالْ أَبُـوهْـلَالْ أَبُوهْلَالْ بَالرّيبَة

خَـرْجُوا مَنْ تَمْ لُولَادْ خَلَاوْ تَمَّا الهيبَة

***

أَ سْـــيَادي وْمَا تْــكَلَّمْ البَارُودْ

أَنَا اسْيَادي بَيْنْ لَخْمَاسْ وَغْـصَاوَة

أَ سْيَادي وْعَزُّو عْلينَا الرّجَالْ

أَنَــا سْيَادِي وْمَا المَجْرُوحْ يَدَّاوَى

يجعلنا تَأَمُّل هذه النصوص نقف أمام مجموعة من الرموز الدالة على الجانب الحربي، من خلال توظيف ألفاظ مثل البارود، الهيبة، وأسماء مجموعة من القبائل، وأما عن البعد الوطني في رمزية هذه القبائل من خلال الدفاع عن الوطن فيتمثل كذلك في كون العيطة في المغرب بشكل عام و»عيطة القوس» بشكل خاص شكلت رافدا من روافد شحذ الهمم، وتنمية الحس الوطني، ولذلك «نستطيع كباحثين ودارسين، أن نتتبع انتشار النصوص العيطية الوطنية في الأدب الشعبي بين الطبقة الشعبية وتفاعل هذه الطبقة مع هذه النصوص، فنرى تعلقها بالقضايا الوطنية على اختلاف درجاتها وحرارتها في الساحة الوطنية ..»29 فرغم ورود هذا القول في ما قد يترتب سلبيا عن تعلق الطبقة الشعبية بهذا الفن، نلاحظ أن هناك تفاعلا قويا بين هذه الطبقة بل كل الطبقات الاجتماعية، من جهة، ونص العيطة وغنائها، من جهة أخرى.

آو مَا الحْـزَام أَيَــالُـولاَدْ آ الـتّــاوِيـلْ أَلُــولاَدْ

أَسَـبْـعـــة رِجَــــــالْ أ اْلعْدُو مْدُوَّرْ بِكُـمْ

آ وْسِيدِي الحَـاجْ الـعَرْبِي آ التَّـاوِيــلْ أَلُـــولاَدْ

أَسَـبْـعـــة رِجَــــــالْ هُوَ حْجَابْ عْلِيكُمْ

أَشُوَّطَة ذَلْعُذْيَانْ أربِّي العالي، أنَا العويِّل وُلاَّيَا عْلَى لَرْبَاعْ

هَذِي عَيْطَةْ الْقَوْسْ أَرَبِّي الْعَالِي أَنَا الْعْوَيِّلْ كَالـْريُوسْ كَتْقَطَّعْ

آ مُولاَيْ بُوشْتَى الْخَمَّارْ أَ رَبِّي الْعَالِي الْعَايِلْ مَا زَيْـنُو بَالصُّورَة

تَـمَّ طَـاحْ الْمَـالُوفْ أَ رَبِّي الْعَالِي العايل كالفرجة منصورة

أ سْـــيَادِي وْمَا تْكَلَّمْ البَارُودْ

أنا سْيَادِي بَيْنْ لَخْمَاسْ واغْـزَاوَة

أسْيادِي وْعَزُّوا عْلِينَا الرِّجَالْ

أنَــا سْيَادِي وْمَا الْمَجْرُوح يَدَّاوَى

أَنَا الـــعَايَلْ الله يَنْصُر السَّرْبَة

أنَــا العَايِــل أَرَى دْيَــالَكْ

لاَ حَوْلَ الله

في هذا المقطع من نص عيطة القوس، يبدأ الشاعر بالدعوة إلى «الْحْزَام» والحزام في تداول أهل المناطق الجبلية – حسب الشهادة الشفوية - هو الاستعداد والتأهب لأمر طارئ أو قد يطرأ، غير أن هذا الاستعداد يجب أن يكون في نطاق الجدية والنظام، «آ التَّاوِيلْ آ الُولاَدْ» فالتاويل هو النظام ومنها قولهم لأبنائهم مثلا «كُلْ بالتّاويل» أي تناول أكلك بنظام. بعد ذلك ينتقل لذكر اسم سبعة رجال، دفين مراكش، لشحذ الهمم ويقرنها بجملة «الْعْدُو مْدُوَّرْ بِكُمْ» ليبين الهدف من دعوته لاستعدادهم، فالدعوة «للحْزَامْ» أي: الاستعداد، و«بالتّاوِيلْ» أي: بنظام، القصد منها هو التصدي للعدو الذي يحيط بهم.

كما يأتي على ذكر الولي الصالح سيدي الحاج العربي ويقرن ذكره «بالتّاويل» فمن خلال الشهادة الشفهية، هناك من ربط «التَّاوِيلْ» في الاستعداد للحرب حسب دعوة نص العيطة، بالتّاويل المعمول به في مراسم الزيارة والمواسم، وهناك من ربط ذلك التّاويل بدعوة صريحة لتنظيم الصفوف من أجل التصدي للمستعمر فقط، مع ضرورة الإشارة إلى ما تشكله بركة هؤلاء الأولياء، في المتخيل الشعبي لسكان قبائل اجبالة، من دعمَ وسندَ معنويين، وهذا ما يؤكده، البيت الموالي من القصيدة

أسـَبْعَةُ رِجَالْ هـُوَ حْجَابْ عْلِيكُم

فالحجاب هنا هو رمز البركة، وما ستمنحه هذه البركة للمقاومين من حماية ووقاية، وعزم وإصرار ودعم نفسي ومعنوي، من أجل الثبات على شأن الجهاد والدفاع عن القبيلة/الوطن. وقد يتسع مفهوم العدو هنا ليشمل الظرف الزمني والطبيعي، كحالات الجفاف والمجاعات التي ضربت المنطقة وخصوصا سنة 1945، حسب مجموعة من الشهادات الشفوية. ومن بين أهم تلك الشهادات الشفوية، أن أحد المجاهدين وهو يحكي أنه عند تصديهم للمستعمر، في جبل يسول، «كان شيخه في الحرب يدربه على إصابة العدو في الحرب، فكان يدعوه بأن يجعل الخصم على ذبابة البندقية ثم ينادي باسم أحد أولياء الله، ويضغط على الزناد حتى يصيب الهدف بشكل دقيق»30.

هذا التدريب وهذه الغيرة على الوطن في كل القبيلة، كلها عوامل ساعدت على تطور الحس الوطني، ورفض الاستعمار، وهذا ما أرخت له مجموعة من المعارك القوية التي عصفت بالعدو، وكان خيرها معركة القشادشة التي شنها دوار القشاشدة من قبيلة بني مسارة على العدو الفرنسي «كانت أعظم معركة خسرت فيها فرنسا أحسن ما كانت تملكه من الضباط والجيوش»31، بل ما يقال عن هذه المعركة يقال عن مجموعة من المعارك التي عرفتها قبائل أخرى مثل: معركة عين بوعسة بقبيلة بني مزكلدة ومعركة بريكشة برهونة، ومعركة سوق الثلاثاء باغزاوة، وهناك بعض المعارك التي وصلت إلى حد إسقاط طائرات العدو.

2)قبيلتا الأَخْمَاس واغْزاوَة معقل الدفاع عن الدين والوطن:

- قبيلة الاخماس: الموقع في الأرض والنظم:

تقع قبيلة الأخماس، وهي التي تضم مدينة شفشاون، في عمق القبائل الجبلية، تحدها من الشمال قبيلة «بني لَيْثْ» و«بني حَسَّانْ» ومن الجنوب قبيلتي «اغْزَاوَة» و«بني احْمَد» ومن الشرق مدينة شفشاون (جبال اغمارة)، ومن جهة الغرب قبيلتي «بني يَسَّفْ» و«بني زَكَّارْ»، وفي الرواية الشفوية أكد معظم المبحوث معهم من القبيلتين ومن قبائل أخرى، أن المنطقة بين قبيلتي الأخماس واغصاوة عرفت حروبا طاحنة منذ القديم، وأن اسم بوهلال الذي يتم النداء عليه في نص العيطة.

أَبُوهْلاَلْ أَبُوهْلاَلْ أَبُوهْلاَلْ بَالرِّيبَة

خَرْجُوا مَنْ تَمْ لُولاَدْ خَلاَّوْ تَمَّا الْهِيبَة

هو اسم جبل يقع بين قبيلتي اغْزَاوَة والاخماس وليس المقصود به جبل بوهلال الذي تقع مدينة وزان بسفحه، و»هذا الجبل شهد حروبا طاحنة دارت بين المجاهدين والمستعمر وبين المجاهدين والاستبداد بشتى أشكاله»32، وهذا ما يؤكده كتاب 'الاستقصا' للناصري حيث «(لما كانت سنة ثمان ومائتين وألف) ثار بقبيلة الأخماس من جبال اغْمَارَة رجل من طلبتها يقال له محمد ابن عبد السلام ويدعى زيطان فاجتمعت عليه سماسرة الفتن من كل قبيلة وكثر تابعوه وكان السبب في ثورته أن القائد قاسما الصريدي كان واليا بتلك الناحية أيام المولى يزيد رحمه الله فلما بويع المولى سليمان ولي على تلك الناحية القائد الغنيمي. وكان عسوفا فيما قيل فقبض على القائد قاسم واستصفى أمواله وبث عليه العذاب كي يظهر ما بقى عنده حتى هلك في العذاب فثار زيطان واجتمعت عليه الغوغاء من أهل تلك البلاد ولما شرى داؤه بعث السلطان بجيش إلى القائد الغنيمي وأمره أن يقصد زيطان وجمعه فزحف إليه ببلاد اغصاوة قرب وزان وأوغل في طلبه فنهاه ومن معه من رؤساء الجيش عن التورط بالناس في تلك الجبال والشعاب فلج واقتحمها بخيله وراميته ولما توسطها سالت عليه الشعاب بالرماة من كل جانب وهاجت الحرب وأحاط العدو بالجيش فقتلوا منهم وسلبوا كيف شاؤوا وردوهم على أعقابهم منهزمين، ولما اتصل خبر الهزيمة بالسلطان اغتاظ وقبض على الغنيمي ومكن منه أولاد قاسم الصريدي»33. وتعتبر هذه الأبيات من «عيطة القوس»، كما سماها الشاعر الشفهي، خير دليل وخير تأريخ شعبي لهذه الحرب.

أشّوَطَة ذَلْعُـذْيَانْ أَرَبِّي الْعَالِي، أنا الْعويِّل وَلّايَا عْلَى لَرْبَاعْ

هَذي عَيْطَة القَوْسْ أربي العالي أنا العوييل كَالرْيُوسْ كَتْقَطّعْ

آ مُولاَيْ بُوشْتَى الْخَمَّارْ أَ رَبِّي الْعَالِي الْعَايِلْ مَا زَيْنُو بَالصُّورَة

تَمَّ طَاحْ الْمَالُوفْ أَ رَبِّي الْعَالِي العايـل كالفرجة منصورة

أ سْيَادِي وْمَا تْكَلَّمْ البَارُودْ أنا سْيَادِي بَيْنْ لَخْمَاسْ واغْـزَاوَة

أسْيادِي وْعَزُّوا عْلِينَا الرِّجَالْ أنَا سْيَادِي وْمَا الْمَجْرُوح يَدَّاوَى

لقد برع الشاعر الشفهي بما فيه الكفاية، وبدقة لا متناهية في نظم هذه الأبيات وصارت غاية في الجمال والخصوبة، لمّا جمع بين مجموعة القبائل، من جهة، ومجموعة من الموضوعات والثيمات الرئيسة التي تناولتها العيطة، من جهة ثانية، وقبل الخوض في هذه الموضوعات يجب أن نعرف الموضوعة باعتبارها «ليست سوى التلوين العاطفي لكل تجربة إنسانية، في المستوى الذي تستخدم فيه العلاقات الأساسية للوجود، أي الطريقة الخاصة التي يعيش بها كل إنسان علاقته بالعام، وبالآخرين، وبالله»34. ومن هذه الموضوعات الوطنية التي شعرها العروسي والكرفطي وشكلت تجربة علاقتهما بالعالم نذكر على سبيل المثال:

موضوعة الحرب: باعتبارها الموضوعة الأساس ويتبدى ذلك من خلال توظيف المعجم الدال عليها حيث نجد «الشواطة ذلعديان»، التي تعني حرقة ومكيدة العدو، ولفظة البارود، الرجال ولفظة المجروح، الريوس كتقطع. وكل هذه الألفاظ تؤشر على موضوعة الحرب التي دارت في هذه البقاع، ومن هنا يمكن القول إن المنهج التاريخي قارب إلى حد ما سياق وظروف إنتاج هذا النص الشفهي، وأن البحث التاريخي من شأنه أن يضع النص العيطي في إطاره الخاص ويجعل منه وثيقة تاريخية، على عكس الاكتفاء بالنظرة السطحية لفن العيطة الأصيل. ذلك لأن العيطة حسب حسن نجمي «انتقدت ظروف الحرب، ومحنة الإنسان البسيط الذي عانى الخوف، الجوع، الموت»35، ولهذا يمكن اعتبار شعر العيطة، بانفتاحه على المحيط، هو شعر نظمته الجماعة.

موضوعة الحب: من خلال العبارة، «تَمّ طَاحْ المَالُوفْ»، يتبين أن أهم وظائف «الموسم» نجد وظيفة التعارف بين الشباب والشابات من أجل الزواج، وإن كان ذلك يتم في الغالب في سرية تامة، ويكتفي هؤلاء الشباب فقط بنظرات، لمعرفة عائلة الطرف اللآخر وتحديد موعد الخطوبة. وذلك ما يتأكد من خلال نص عيطي أخر حيث يقول:

كَـانَبْكي وَانْـبَكّي وَانْقَطّرْ فَادْمُوعي

وَاعْــــيُونَكْ اَلْـعَايْلَة في قَلْبي جَـرْحُوني

وَا الطّـالْــعـينْ يْـزُورُوا فَالْعَقْبَة يَرْتَاحُــو

عَيْـني شَفْـتْ الـزّيـــنْ وَارْكَابي طَـاحُـــو

نلاحظ من خلال هذه الأبيات أن العيطة، بشكل عام، والجبلية على وجه الخصوص، «تنتقد ظروفا اجتماعية قديمة، قيدت حرية الفرد في ربط علاقات حب بالجنس الآخر واختيار زواجه»36، كما نجد الشاعر ينتقل إلى موضوع حب عذري آخر، تمثل في حبه للرجال المجاهدين في شبه رثاء، «وْمَا عَزُّو عْلينَا الرّجَال». وكأنه يحاول أن يترجم إحساس الجماعة بالحنين لمن لقوا حتفهم في المعارك واللوعة عليهم، دون أن ينسى المجروحين، الذين سيمثلون للشفاء.

الموت: وتتأرجح الموت بين موت قطيع المواشي المذبوح 'كَالرْيُوسْ كَتْقَطَّعْ' من أجل الولائم والوجبات المرافقة للموسم. وموت صعب لا يهون آلامه، وهو موت الرجال في ساحة الوغى، دفاعا عن الوطن، «عَزُّوا عْلينَا الرّجَالْ».

الفرجة: لا يخلو أي «مُوسَمْ» من مواسم اجبالة من مظاهر الفرجة واللعب والمرح، وقد كان الشاعر الشفهي في نص العيطة جد دقيق في وصف مظاهر هذه الفرجة، حيث قال «كَالفْرَجَة مَنْصُورَة» وهي استعارة جد بليغة تؤشر على حضور كل مظاهر الاحتفال والفرجة في هذا الموسم.

القبيلة: وهنا مربط الفرس فالقبيلة في العيطة الجبلية ركيزة أساسية في نسقها، حيث ساهمت في بناء النص العيطي والتمثل القيمي سواء للأحداث أو الرجال، أو الأماكن أو الأولياء، وحتى للمواضيع والثيمات الرئيسة فيها. بل جعل الشاعر الشفهي الموقع الجغرافي الهام جدا لقبيلة الأخماس في الحرب والثورات تقابله مركزية هذه القبيلة وبقية القبائل، في النص العيطي «أَسْيَادي وْمَا تْكَلَّمْ الْبَارُودْ بَيْنْ لَخْمَاسْ واغْزَاوَة» وهو ما سنبينه في المحور القادم.

3)الدلالة الرمزية في الجمع بين القبائل:

لقد حاول الشاعر الشفهي جمع أكثر من اسم قبلي في عيطة واحدة، مقدما في ذلك وصفا رغم أنه سريع ومختزل، إلا أنه يحمل أكثر من دلالة، فلو قمنا بإحصاء القبائل من خلال العيوط، فإننا قد لا نعثر على قبيلة من قبائل اجبالة لم يتم ذكرها، ولعل القصيدة التي يغنيها رائد العيطة الجبلية حاجي السريفي، وغيره كثير بعنوان «جِيبْ لِي شِي مْرَا جَبْلِية» خير دليل على ذلك، وفيها ذكر قبيلة بني عروس وبني يسف واغمارة والاخماس وجبل لحبيب وبني كرفط وغيرها :

فمن خلال الملاحظة الأولية لقصيدة «جيب لي شي مرا جبلية» يتبين أن الشاعر الشفهي، ذكر اسم إثنتا عشر قبيلة من قبائل اجبالة وخلالها يطلب من أمه أن تزوجه من امرأة جبلية من إحدى هذه القبائل، لكن السؤال المطروح هنا من أين حصل هذا الشاعر على اسم هذه القبائل وانتمائها؟ ثم لماذا حصر زواجه داخل قبائل اجبالة؟ بل لماذا جمع كل هذه القبائل في نص عيطي واحد؟.

كان لاجتماع القبائل الجبلية شأن في كل شيء، وخير دليل على ذلك النص الذي أوردناه في المحور السابق حول اجتماع القبائل على القائد زيطان من أجل مساندته في ثورته. رغم أن كل تجمع قد تلحقه التفرقة فـ«لما دخلت تسع ومائتين وألف أمد السلطان (مولاي سليمان) أخاه المولى الطيب بجيش وافاه بطنجة فخرج منها ومعه عسكرها وعسكر العرائش وصمد إلى بني جرفط عش الفساد ونزل على بلادهم وقاتلهم في عقر ديارهم فقتل مقاتلتهم وأحرق مداشرهم وانتهب أموالهم ومزقهم كل ممزق فجاؤوه خاضعين تائبين فعفا عنهم ثم تقدم إلى بني حرشن من بين يدير على تفيئة ذلك ففر الثائر زيطان إلى قبيلته بالاخماس وتسللت عنه القبائل التي كانت ملتفة عليه واستنزله المولى الطييب بالأمان فظفر به وبعث به إلى السلطان»37. ويمكن القول إن هذا الاجتماع والالتفاف، سيعرف التفرقة بسبب انتشار أعمال الفوضى التي عرفت بها بعض القبائل.

الهوامش

1. عبد السلام البكاري، الإشارة والبشارة في تاريخ أعلام بني مسارة، وما ولاها من وزان وقبائل اجبالة المغربية دراسة تاريخية ثقافية –اجتماعية- سياسية- واقتصادية لمنطقة الريف الغربية، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1984، ص. 29.

2. أنظر الملحق 'نص عيطة القوس".

3. محمد ضريف، مؤسسة الزوايا بالمغرب، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، ط.1، 1992، ص. 19 (بتصرف)

4. الشيخ عبد الله بن عبد القادر التليدي، المطرب بمشاهير أولياء المغرب، دار الأمان، الرباط، بدون تاريخ، ص. 20

5. القرآن الكريم، سورة يونس الآية. 62

6. الشيخ عبد الله بن عبد القادر التليدي، المطرب، مرجع سابق، ص. 21

7. كامل عبد الملك، ثقافة التنمية، القاهرة، 2008، ص.71

8. مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجيا الإنسان المقهور، المركز الثقافي العربي، الدار البضاء، ط. 9، 2005، ص. 143.

9. شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن اقبر من العلماء والصلحاء بفاس، حققها ووضع فهارسها حفيد المؤلف الشريف محمد حمزة بن علي الكتاني، الجزء الأول، (ب.ت)، ص، 70.

10. الشيخ عبد الله بن عبد القادر التليدي، المطرب بمشاهير أولياء المغرب، مصدر سابق، ص، 90.

11. نفسه، ص، 91.

12. الشيخ عبد الله بن عبد القادر التليدي، المطرب بمشاهير أولياء المغرب، مرجع سابق ، ص، 92.

13. نفسه، ص، 92.

14. الناصري، الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى الدولة المرينية، تحقيق وتعليق، ذ.جعفر الناصري، ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1954، ج.1 ، ص، 197.

15. شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، سلوة الأنفاس، مرجع سابق، ج1، ص، 152.

16. شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، سلوة الأنفاس، مرجع سابق، ج. 1، ص، 152.

17. شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، سلوة الأنفاس، مصدر سابق ، ص، 153.

18. الناصري، الاستقصا، مصدر سابق، ج 3، ص، 97.

19. شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، سلوة الأنفاس، مصدر سابق، ج.1، ص، 133.

20. عبد الغني منديب، الدين والمجتمع دراسة سوسيولوجيا بالمغرب، إفريقيا الشرق، 2006، ص، 34.

21. عبد السلام البكاري، مرجع سابق، ص، 37.

22. شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، مصدرسابق، سلوة الأنفاس، ج. 1، ص، 34.

23. نفسه، ص. ص، 35-36.

24. نور الدين الزاهي، المقدس الإسلامي، افريقيا الشرق، المغرب، 2011، ص، 50.

25. موسوعة لالاند الفلسفية، المجلد الثالث، تعريب خليل أحمد خليل، منشورات عويدات، بيروت، ط. 2، 2001، ص، 1230.

26. موسوعة لالاند الفلسفية، مصدر سابق، ص. ص. 1230-1231.

27. أحمد السكيرج، الظل الوريف في محاربة الريف، (مخطوط)، نسخة إلكترونية، ص. 85

28. والترج أونج، الشفاهية والكتابية، ترجمة حسن البنا عز الدين، مراجعة محمد عصفور، عالم المغرفة، العدد. 182، المجلس الوطني للثقافة والفنون الكويت، 1994، ص، 91.

29. عبد الخالق نقاش، المتخيل والشفاهية، البعد الديني والوطني في قصيدة العيطة، مجلة جامعة محمد الخامس أكدال، تنسيق مصطفى شاذلي، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 149، الطبعة الأولى المغرب، 2008، ص، 62.

30. شهادة شفوية، (ح.س) من ساكنة المنطقة.

31. عبد السلام البكاري، مرجع سابق، ص، 93.

32. شهادة شفوية، (ح.س) من ساكنة المنطقة.

33. الناصري، الاستقصا الجزء 4، مصدر سابق، ص، 133.

34. ميشيل كولو، الموضوعة حسب النقد الموضوعاتي، ترجمة بتصرف الصديق بوعلام، جريدة العلم الثقافي، السبت 26فبراير2000، ص، 4.

35. حسن نجمي، غناء العيطة الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية في المغرب، الجزئين الأول والثاني، دار توبقال للنشر، ط.1، 2007.ج. 1، ص، 168.

36. نفسه، ص. 168.

37. الناصري، الاستقصا، مصدر سابق، ج. 4، ص، 133.

المصادر:

- القرآن الكريم.

- التليدي عبد الله بن عبد القادر، المطرب بمشاهير أولياء المغرب، دار الأمان، الرباط، (ب.ت).

- جريدة العلم الثقافي، السبت 26فبراير2000.

- حجازي مصطفى، التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط. 9، 2005.

- السكيرج أحمد، الظل الوريف في محاربة الريف، (مخطوط) (ب.ت)

- ضريف محمد، مؤسسة الزوايا بالمغرب، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، ط .1، 1992.

- عبد السلام البكاري، الإشارة والبشارة في تاريخ أعلام بني مسارة، وما ولاها من وزان وقبائل اجبالة المغربية دراسة تاريخية ثقافية – اجتماعية- سياسية- واقتصادية لمنطقة الريف الغربية، دار النشر المغربية، الدار البيضاء.

- كامل عبد الملك، ثقافة التنمية، القاهرة، 2008.

- الكتاني شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، حققها ووضع فهارسها حفيد المؤلف الشريف محمد حمزة بن علي الكتاني، ج. 1، (ب.ت).

- مجلة منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات، رقم 136، تنسيق مصطفى الشاذلي، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة،1.

- المغربية للنسر، ط. 2، 2007.

- منديب عبد الغني ، الدين والمجتمع دراسة سوسيولوجيا بالمغرب، إفريقيا الشرق، 2006.

- موسوعة لالاند الفلسفية، المجلد الثالث، تعريب خليل أحمد خليل، منشورات عويدات، بيروت، ط. 2، 2001.

- الناصري، الإستقصا لأخبار المغرب الأقصى الدولة المرينية، الجزء.1، تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1945.

- نجمي حسن، غناء العيطة الشعر الشفوي والموسيقى التقليدية في المغرب، الجزئين الأول والثاني، دار توبقال للنشر، ط.1، 2007.

- نور الدين الزاهي، المقدس والمجتمع، افريقيا الشرق، المغرب، 2011.

- والترج. أونج، الشفاهية والكتابية، ترجمة حسن البنا عز الدين، مراجعة محمد عصفور، عالم المغرفة، العدد. 182، المجلس الوطني للثقافة والفنون الكويت، 1994.

الصور

1. https://ma3azef.com/wp-content/uploads/2017/09/Master-Musicians-of-Joujouka-gatefold.jpg

2. https://www.alaraby.co.uk/fullimage/510245b1-8cac-447a-899e-ea8b01db740c/875658c6-379f-48f1-9dbb-c53874ef7992

3. https://www.alaraby.co.uk/File/Get/e430bb77-0f32-42ec-8612-12a59ce04e23

4. https://almasdare.com/wp-content/uploads/2018/07/1444-1080x675.jpg

أعداد المجلة