تشبّـعت ذاكرتي منذ سنوات الصبا الأولى بأغاني فرق البحرين الغنائية النسائية الشعبية التي كانت تهزج بكلماتها العفوية العذبة مشحونة بالعديد من العواطف موقعة على عزف الدفوف والطبول تصدح بها تلك الأصوات الدافئة في حواري وابرايحب وافرجانب مدينة المحرق. كانت حفلات الأعراس وأفراح ختان الصبيان وأماكن النذور التقليدية واكشتاتب البساتين ميداناً لتلك الفرق الشعبية النسائية التي انتشرت في أغلب قرى المحرق والرفاع والبديع والزلاق قوامها في الأساس نساء وفي بعضها عدد قليل جدا من الرجال لا يتجاوز اثنين أو ثلاثة يلتحقون بهذه الفرق للعزف على الطبل فقط لثقل وزن هيكله المصنوع من خشب الساج ولقدرة الرجال - في بعض الأحيان - على حمله بيد واحدة واللعب به في الميدان، وربما في حالات نادرة يتولى رجل مهمة اصاقولب وهو فن قيادة فريق عازفي الدفوف النسائي واللعب بزركشات لحنية محببة على الطار خارج الإيقاع العام للدفوف، وهي زركشات لحنية تستطيبها الفرجة وتفرح بها وتعتبرها نوعاً فريداً من أنواع التجلّي.