فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
57

الشيخ عبد المجيد بن سعد أو الأبعاد المتعدّدة الجزء الأوّل

العدد 57 - أدب شعبي
الشيخ عبد المجيد بن سعد أو الأبعاد المتعدّدة الجزء الأوّل
كاتب من تونس

هو عبد المجيد بن بلقاسم بن محمّد بن سعد، من أب أصيل مركز زعفرانة(1) الواقعة على بعد عشرين كيلومترا جنوب القيروان على الطريق الوطنية الثالثة التي تربط العاصمة التونسية بمحافظات الوسط التونسي وبجنوب البلاد.

يعود أصله الأصيل إلى إحدى القبائل العربيّة(2) القادمة إلى إفريقية من صعيد مصر(3) ومن قبله من شبه الجزيرة العربية في منتصف القرن الخامس للهجرة(4) في ما عرف بالزحف الهلالي(5) أو بتغريبة بني هلال حسب ما وقع تداوله شفويا(6) وكتابيّا(7).

ولد هذا العلم في نهاية الربع الأوّل من القرن العشرين وعلى وجه التحديد يوم غرّة مارس 1924 ونشأ في حيّ الجامع(8) بمدينة القيروان التي تعدّ «عاصمة الأغالبة» نسبة إلى الدولة الأغلبية(9). وممّا يذكر أنّ بها أوّل مسجد جامع تأسّس بشمال إفريقيا(10).

زاول تعلّمه الأساسي بالمدرسة الابتدائية «الأسوار» إلى أن أحرز شهادة ختم الدروس الابتدائية، هذه الشهادة المعتبرة التي كانت الجامعة لمجمل التكوين الأساسي الشامل في اللغة والأدب والعلوم والتي كانت تعتبر المجاز الذي لا بدّ منه لمواصلة التعلّم بمختلف مراحله الإعدادية والثانوية والعالية. وقد كانت تحسب من العقبات الكأداء التي لا يجاوزها إلاّ المتمكّنون من التكوين الأساسي سواء في عهد الاستعمار الفرنسي(11) أو في عهد الدولة الوطنية المستقلة(12).

ويبدو أنّ أوّل من اكتشف الصوت وصاحبه المرحوم محمود عبد الله(13) مدير مدرسة «الأسوار» من خلال الأناشيد التي كان يقدّمها التلاميذ. ومن بين الفرص النادرة التي أتيحت له سنة 1952 زيارة ملك تونس محمد الأمين باشا باي(14). هذه الزيارة التي أسّس خلالها باي تونس المدرسة الأمينيّة نسبة إلى اسمه.

كان التلميذ عبد المجيد أثناء مرحلة التعليم الأساسي يختلف إلى «زاوية سيدي عبد السلام» قرب جامع عقبة بن نافع حيث تعرّف على أحد شيوخ السلامية(15) المرحوم محمود الورتاني(16)، هذا الشيخ الذي كان يعدّ من أبرز المهتمّين بالأغاني الصوفيّة(17) في ذلك الوقت. وقد كانت له في ذلك المجال مهارات فنيّة معلومة(18) منها ما هو موروث ومنها ما هو مكتسب. ولم يلبث أن أعجب الشيخ المذكور بصوت التلميذ الموهوب بالنظر إلى هذا الصوت الذي كان آية في القوّة والصفاء والنقاوة و«العذوبة»(19)، وسرعان ما ضمّه إلى فرقته وتنبّأ له بمستقبل متّسع الأرجاء في حقل الإنشاد الديني(20) عامّة ومجال السلامية(21) على وجه الخصوص. وفي هذا الصدد يقول الشيخ امحمّد عبادة الدقداقي اللجمي: «أنجبت تونس خمسة من خيرة مشائخ السلاميّة هم حميدة عجاج(22) ومحمود عزيز(23) والناصر العبدلي(24) (من تونس العاصمة) ومحمّد شقرون(25) من رأس الجبل (التابعة لجهة بنزرت) وابن عاصمة الأغالبة الراحل عبد المجيد بن سعد»(26). وإلى ذلك يقول الشيخ محمّد عبد الجوّاد(27) « إنّ إعجاب الشيخ محمود الورتاني بعبد المجيد بن سعد فاق التصوّر إذ تنبّأ له بمستقبل كبير ووضّاء في عالم الإنشاد الديني عامّة والسلاميّة خصوصا فقدّمه إلى الشيخ والمقرئ المعروف علي البرّاق(28) وكان يعتبر عميد شيوخ السلاميّة في كامل البلاد. ومنذ ذلك الوقت صار الشاب عبد المجيد محطّ أنظار الجميع»(29).

على هذا النحو قادتنا شهادات الشهّاد إلى بعد أساسي من الأبعاد التي ميزت شخصية ابن سعد وحدّدت مساره الذي ربّما تناولناه لاحقا في حيّز آخر أكثر اتّساعا. على أنّ من المسائل التي شغلتنا معرفتها ودراستها أنّ شيخنا لا يجوز أن نقصر شخصيته على جانب واحد من الجوانب ولا يستقيم حصر قيمته الأدبية والفنّية في زاوية مفردة من زوايا النظر بل نحن طامحون- ما استطعنا إلى ذلك سبيلا- إلى أن نحيط بأوجهه المتعدّدة كمّا وكيفا.

الاستعدادات الأوّلية :

وربّما سمّيت بالتهيّآت الأصلية أو القابليات الماقبلية. وتتمثّل في الاستعدادات السابقة لمختلف عمليات التنشئة والمران والدربة والتربية، فهي إن شئنا السمات الوراثية الموجودة خلقة والتي لا دخل فيها للتكوين المضاف في ما بعد، ولعلّ أبرز صفة من صفات الرجل صوته المميز في قوّته، هذا الصوت الذي يذكّر بصورة أو بأخرى بأصوات كلّ من ابراهيم حمودة(30) ومحمّد عبد العزيز العقربي(31) ومحمّد عبد المطّلب(32) بمعنى أنّه لا يحتاج في أدائه وإبلاغ صوته إلى مسامع السامعين، لا يحتاج إلى مضخّم صوت يكبّر صوته الأصلي.

وصوته يذكّر من جهة أخرى بشكل من الأشكال بصوت قارئ المقام العراقي المرحوم يوسف عمر(33) في قوّته واتّساع عرضه وثراء طبقته، فإذا كان صوت يوسف عمر في غاية القوّة مع نوع من البحّة الخفيفة العذبة فإنّ صوت الشيخ عبد المجيد في منتهى القوّة أيضا مضافة إلى لون من ألوان الغنّة(34) المطلوبة المحبّبة خاصّة في الإنشاد الديني، وتتمثّل في أن «يجري الهواء بين اللهاة والخيشوم. ويمثّل الصوتان المذكوران في الحقيقة هبة من هبات الطبيعة في قوّتها واندفاعها وعنفوانها. والواقع أنّ في صوت صاحبنا شيئا ما لا يحدّ بيسر حدودا واضحة الملامح ولا ينعت بنعوت معلومة تسطّر معالمه، وغاية ما يدركه السامع هو ذلك اللون من الغموض(35) الفتّان أو اللغز الأخّاذ اللذين يذكّر بهما الشعر السلس حين يطرب فيهزّ النفوس ويحرّك الطباع(36). وقد سعى أحد الأصدقاء من الموسيقيين الباحثين(37) أن يقدّم تفسيرا محسوسا يجسّم المفهوم ويقرّب الفكرة على سبيل التمثيل فاهتدى إلى أنّ هذا الصوت العجيب كأنّما يرافقه صوت آخر مختلف عنه بعض الاختلاف، لكنّه يكمّله وبجمّله ويزيّنه على نحو ما تجود به بعض آلات النفخ التقليدية المزدوجة أو غير المزدوجة حينما تكون متقنة الصنع محكمته. ولعلّ ما يحدثه صوت الشيخ عبد المجيد من أثر شبه سحري ما جاء به فنّ آخر من الفنون على غرار الأثر الذي كان يخلّفه في النفوس شعر «صناجة العرب» الأعشى ميمون بن قيس(38) وذلك لقوّة طبعه وجلبة شعره(39)، ذلك أنّه «يخيّل إذا أنشدته أنّ آخر ينشد معك»... فتجد لك في نفسك هزّة وجلبة من قوّة الطبع»(40).

وممّا أوتيه المنشد الشابّ من المواهب الفطرية الراسخة في الجبلّة قوّة الحافظة، ذلك أنّه في نظر مجالسيه من المتعلّمين سريع الحفظ والاستيعاب لما ينشد بحضرته أو يُلقي على مسمعه حتّى إنّه ليحفظ بغاية اليسر ما ينتهي إليه لأوّل سماع. وهذه كذلك موهبة من المواهب الأصلية التي لا فضل فيه للتدريب ولا أثر فيها للمراس والصنعة اللتين تجعلان من العادات «طبائع ثواني» مثلما نقل عن الفيلسوف اليوناني أرسطو.

الأديب الملتزم:

انتقل الشاب عبد المجيد إلى تونس العاصمة ليقع ترسيمه بالمعهد الصادقي(41) ذائع الصيت، وهناك أقام مع عائلة فنيّة من ضمنها الملحّن عبد الحميد ساسي(42) والمطرب محمّد ساسي(43). وكانت تلك الإقامة مناسبة للاختلاف إلى ما عرف بجماعة «تحت السور» التي كان يؤمّها عدد من أعلام الأدب والفكر والصحافة والفنّ من أمثال أبي القاسم الشابي(44) والطاهر صفر(45) وزين العابدين السنوسي(46) والهادي العبيدي(47) والطاهر الحدّاد(48) ومحمّد الصالح المهيدي(49) وعبد العزيز العروي(50) وعليّ الدوعاجي(51) ومصطفى أمين(52) ومحمّد التريكي(53) والهادي الجويني(54) وعبد الرزاق كرباكة(55) ومحمود بيرم التونسي(56) وغيرهم. فكان أن تناول كتابة الشعر واعتنى بالارتجال فضلا عن قربه من الموسيقيين ونهله من فنون التلحين والأداء.

على أنّ ما نودّ أن نخصّه بالذكر هو بعض إنتاجه الشعري المتّصل ببعض المناسبات الوجوديّة الطبيعي منها والاجتماعي.

ومن بين الأحداث البارزة فيضانات شهري سبتمبر وأكتوبر من سنة 1969، هذه الفيضانات المدمّرة التي خلفت وفيات 542 مواطنا وخسائر مادية كبيرة. ومن بين الجهت التي تضرّرت أيّما تضرّر جهة القيروان التي حاصرها واديا زرود ومرق الليل. لم تمرّ هذه الحادثة مرور الكرام، فقد رصدها حسّ الشاعر عبد المجيد بن سعد وقال فيها إنشاء وإنشادا:

نا صرت عقيل(57)

بين زرود ومرق اللّــــيل

دهموا علينا أعقاب(58) اللّيل

لطفك وحماية الله

*****

ســــــالت ودارت

وصبرة(59) في مثل فلوكه(60) صارت

والسكّان عقولها حـارت

لكن حامــيها صاحب الجـاه(61)

*****

بين زوز وديــــان

انقطعت وما عادش أمـــان

إلاّ في المولى ورجال القرآن

والصالحين وصاحب الجــــــاه

*****

زيارتك عـــــــــــــيد

واللي زارك نهــــــــاره سعــــــــيد

ناظمها عبد المجــيد(62)

طــــالب غفــــرانك يــــــا الله(63)

*****

سيدي وحبيــــــــــبي

نا جسمي في حال عصـــــيب(64)

في منامي وريت لطبــــــــيبي

جـــــاني شفــاي بإذن الله

هذه مفردة من مفردات الارتباط الوثيق الذي يصل الشاعر بمجتمعه في الضرّاء قبل السرّاء.

وللشّاعر عيّنة أخرى تدلّ على العروة الوثقى التي لا انفصام لها والتي تجعل صاحبنا يقف إلى جانب بني جلدته وقفة التضامن والمساندة اللذين يحتاج إليها أي جسم اجتماعي حيّ خاصّة في ساعات العسرة وأوقات الشدّة، فقد عمدت قوّات الاستعمار الفرنسي في آخر ربيع من سنة 1954 عن طريق استعلاماتها العسكرية التي أطلقت عليها اسم «اليد الحمراء» عمدت إلى مناضلين وطنيين هما الأخوان عليّ والطاهر ولقبهما حفّوز فاغتالتهما في أواخر شهر رمضان الموافق لسنة 1954. وقد ردّت المقاومة الوطنية المسلحة بأن قتلت بهما عددا من المعمّرين المستوطنين. وقد أنشأ الشاعر فيهما عددا من الأبيات توجّه بها إلى أمّهما وجعل في ما بعد ينشد تلك المقطوعة ضمن بحر من البحور المدحيّة « لصاحب الجاه» والمقصود به هو أبو زمعة البلوي الذي يلقبه أهل القيروان بـ«السيّد» أو «سيدي الصحبي».

يقول الشاعر في ما يقول:

لا تـحـزنــي هـا يــا عـجــوز(65)

يـا أمّ الـرجـال الـوكـايد(66)

أولادك(67) فدوهم(68) الزوز(69)

والخـير علـى الـوطـن عـــايد

*****

ومــا هــــــــــم خســـــارة(70)

جدّدوا العهد وجابوا الأماره(71)

ومن كافح الظلاّم عمرت داره

لمـذبـح(72) الـوطن نزلوا رجاله

كتاب ذهب تاريخ شهد أعماله.

ولا شكّ في أنّ ما تقدّم يمثّل صورة من صور الالتزام الوطني والاجتماعي على نحو ربّما ذكر بشاعر من شعراء الطبقة الأولى من الإسلاميين إذ التزم بقضيّة قومه في مواجهة ظلم السعاة والولاة في زمن من عهد الدولة الأموية. هذا الشاعر هو الراعي النميري(73) إذ أخذ على عاتقه أن ينصر قومه ويبلّغ قضيّتهم الاجتماعية والسياسية إلى عبد الملك بن مروان(74) بصفته الرئيس الديني والسياسي. توجّه إليه بقصيدتين تمثّلان من حيث عدد الأبيات أكثر من عشر الديوان(75). وعلى هذا النحو تقوم المقطّعتان الشعريتان المتقدّمتان دليلا على أنّ الشيخ عبد المجيد بن سعد ليس مجرّد منشد أو مؤدّ للمدائح والأذكار بل هو أديب ملتزم بقضايا قومه إن على سبيل إنشاء الأشعار أو صياغة الألحان، فهو في آن المنشئ والمنشد الذي يمجّد فضائل الأبطال من بني جلدته ويتغنّى بآثارهم الباقية بقاء المثل العالية والقيم السامية.

ولم يكن وفاء الرجل مقصورا على مجايليه ولا محصورا في الأحداث المختلفة التي عايشها، ذلك أنّه أثبت التزامه التاريخي بما جدّ من أحداث عظام خلال النصف الأوّل من القرن الأوّل للهجرة عندما قدم الصحابي الجليل أبو زمعة البلوي فاتحا ضمن جيش المسلمين، فقد أفرده الشاعر بقصيدة ذائعة الصيت سيأتي ذكرها في موضعها المناسب.

من وحدة الموضوع إلى وحدة النغم:

كان الشيخ عبد المجيد متفتّح الفكر متّسع الصدر قابلا لاستيعاب ما يصل إليه من سماعات، فمن بين الذين كان ينصت إليهم الشيخ عليّ محمود(76) صاحب المدرسة العريقة في التلاوة والإنشاد والشيخ مصطفى إسماعيل(77) وهو من أبرز شيوخ التلاوة في مصر والعالم الإسلامي، أتقن المقامات وتصرّف فيها حتى قرأ القرآن بأكثر من تسعة عشر مقاما بفروعها، وكذلك الشيخ نصر الدين طوبار(78) وهو أيضا قارئ قرآن ومنشد ديني مصري. وقد عُرف كذلك في مجال الابتهالات.

على أنّ متّجهه هذا لم يمنعه من الاهتمام بأهل الفنّ الدنيوي من أمثال الشيخ سلامه حجازي(79) والشيخ عبده الحامولي(80) وهو مطرب مجدّد في الموسيقى العربية، وأبي العُلا محمّد(81) وهو واحد من أبرز الملحّنين في الربع الأوّل من القرن العشرين الذين لفتوا النظر إلى أمّ كلثوم ولحّنوا لها.

يضاف إلى هؤلاء الأعلام الشيخ زكريا أحمد(82)، وهو بلا مراء أحد عمالقة الموسيقى العربية وهو إلى ذلك قارئ ومنشد. ولا يجوز للمرء أن يمرّ دون ذكر سيّد درويش(83) وهو مجدّد الموسيقى وباعث النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي، أو دون أن نذكر الموسيقار محمّد عبد الوهّاب(84) وهو أحد أعلام الموسيقى المصرية والعربية وأحد المجدّدين في التلحين وفي الغناء.

والواقع أنّنا توسّعنا إلى حدّ ما في عرض هؤلاء الأعلام المتقدّمة أسماؤهم لتبيان مدى تأثّر شيخنا بملكاتهم وقدراتهم وخاصّة تمكّنهم من المقامات وتصرّفهم فيها على سبيل التحليل والتأليف والتفكيك والتركيب والانتقال بينها في نوع من اليسر والسلاسة. ولعلّ ذلك ما جعل الشيخ عبد المجيد يعتمد ما نسمّيه محلّيا بـ«النغمات الشرقية» تمييزا لها عن «النغمات» التونسية على سبيل الحصر والأندلسية عامّة في أداء القصائد. من ذلك أنّه تناول قصيدة عبد الغني النابلسي(85) بالتصرّف تقديما وتأخيرا وتحويرا. فأنشد في مدح الذّات الإلهيّة قول الشاعر:

يـا خـالـق الـخلـق بـالسـرّ العظيم ويـا

من أمره الحقّ بين الكـاف والنّون

أنـت الـعلـيم بـحـالــي والبصــير بـه

يـا مالك الملك يـا مـولاي راعيني

أنـت القــويّ علــى ضعـفي تـدبّـرنـي

في كـلّ أمـري يـا مـولاي واسيـني

خلـقتــني مــن تـراب واقتـدرت فـلا

مساعـد لك في خلقي وتكـويني

كم نعمة لك عندي لست أحصرها

في ما سيأتي وفي الماضي وفي الحين

يـا ربّ واحفـظ عقيدة قلـبي في تقلّبها

حتّى ألاقيك في صدق وتمكين(86)

هذا أنموذج من نماذج القصائد التي ينشدها الشيخ منفردة منفصلة عن غيرها من الوصلات المدحية المتغنّية بذكر المولى والابتهال له وتمجيد خصال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلّم.

وفي ما بقي من النماذج نجد الشيخ يقدّم جزءا من طوال القصائد ليتبعها بعد ذلك بمدحة مستقلّة أو ببحر(87) من بحور السلامية.

من تلك القصائد يبدؤها المنشد بقول الشاعر:

يا ربّ هيّئ لنا من أمرنا رشدا

واجعل معونتك الحسنى لنا مددا(88)

وربّما قدّم للبحر نفسه ومطلعه:

أهلا وسهلا بدر

لابسا من النور سبعين حلّة

قدّم لذلك بأبيات مطلعها:

إليك مددت الكفّ من كلّ شدّة

ومنك رجوت اللطف في كلّ نائب(89)

وقد يعود إلى «القصيدة المضرية» للإمام البوصيري ليبتدئها بقول الشاعر:

يا ربّ صلّ على من سبّح الحجر

في وسط كفّيه وانشقّ له القمر(90)

وقد تناول بالإنشاد بعض شعر الإمام الشافعي فتجوّد منه قوله:

لكم مهجتي والروح والجسم والقلب

وكلّي لكم ملك وإنّي بكم صبّ(91)

وإلى ذلك أنشد أيضا من شعر البرعي اليماني قوله:

هم الأحبّة إن جاروا وإن عدلوا

فليس لي معذل عنهم وإن عذلوا(92)

ليقدّم بها مدحية « شهر البركة يا رمضان»

وقد تناول بالإنشاد كذلك بعض قصائد القطب الجيلاني، ومنها ما افتتح به:

يا سيّدا قد زكا أصلا ومرتبة

يا من غدا مدحه في سائر الصحف(93)

ويمكن للمرء أن يسوق ما شاء الله من مقتطفات القصائد الراجعة إلى التراث الصوفي، لكن المهمّ في ما تقدّم أنّ الشيخ ابن سعد أدّى بعضها في إطار مقامات شرقية خالصة مثل مقام «الراست» الذي يفتتح به المنشد موّال(94) لقصيدة مطلعها:

ظبيٌ مُهَابٌ بينَ مشتبك القَنا

أَلحَاظُهُ فِيهَا المَنَايَا والمُنى

لكن الطريف هو أنّ الشيخ ابن سعد ربّما بدأ القصيدة متّبعا مقاما شرقيا ثمّ ينتقل في البيت الثالث منها إلى مقام تونسي شعبي من حيث النغم ومن جهة الوزن. إنّه «طبع العرضاوي» وفي إطار هذه النغمة البدوية ينحو منحى مخصوصا يسمّى بـ« العرضاوي القيرواني» المصطلح عليه بـــ«العزيبي» الذي تنفرد به -في ما نعلم- جهة القيروان. والأصل في نسبة «العزيبي» الانتساب إلى «العزيب»، ويفيد في الأصل اللغوي البعد والغياب(95) انتجاعا لمواطن الكلإ الذي ترعاه المواشي.

ويفيد «العزيب» المحيط الريفي البدوي بسكّانه من القوم وبما يملكون من ماشية. ولكن الأدقّ أن تعني العبارة أولئك الأقوام البعيدين عن أهاليهم وأحيائهم أو «دواويرهم» (كما يقال باللهجة المحلّية المتداولة) بما هي أحياء للبدو أو الأعراب قوامها الخيام لا المدر.

ومن هنا جاءت النسبة لتفيد تلك السمة البدويّة القوية الشجيّة التي تتسرّب من أعماق البادية إلى قلب المدينة ليتلقّفها المنشدون ويتناولها أصحاب الألحان إغناء لتراث المدينة الحضري بعد صقلها وتشذيبها وتهذيبها، وربّما ذكّر مثل هذا التسرّب الإيجابي بتسرّب نوع آخر من الأغاني التي تغنّى فرديا أو جماعيا، وتطلق عليه تسمية «الأطراق»(96).

ومن اليسير أن يتبيّن الباحث أنّ الشيخ عبد المجيد بما له من إمكانات طبيعية موروثة وطاقات اكتسبها بفضل اعتنائه وعكوفه على فنّه المخصوص قد أضحى له نوع من الإلمام «الموسوعي» بالنغمات من أقصاها إلى أدناها ومن عامّها الأعمّ في البلاد العربية مغربا ومشرقا وفي البلاد الإسلامية كتركيا وإيران وباكستان وبنغلادش وما والاها وشابهها إلى خاصّها الأخصّ في البلاد التونسية وفي بعض مواطنها على وجه التحديد.

وهذا ما يقتضي منّا- لمزيد توضيح المفهوم وتقريب الفكرة- أن نعكف بالدرس على جملة من الأمثلة ذات الصلة، هذه الأمثلة المختلفة من جهة البحور السلامية المتألّفة من جهة النغم الموسيقي عسى أن تتيسّر لنا الفرصة لنشر ذلك المحتوى في ما سيقبل من الأيّام إن شاء الله.

الهوامش

1. زعفرانة: مركز سكني يقع في منتصف الطريق تقريبا بين القيروان ومعتمدية سيدي عمر بوحجلة.

2. نؤكّد هذا الأمر لا لأنّه حقيقة موضوعيّة فحسب بل نقدّر أنّ هذا المعطى الواقعي سيكون له دور محدّد في تعليل بعض الظواهر الفنيّة في مسار الشيخ عبد المجيد وفي طابعه الفنّي.

3. استوطنت القبائل الهلالية إلى حين جنوب مصر قبل أن تتطلّب بعض الظروف السياسية انتقالهم من صعيد مصر إلى إفريقية بتشجيع مباشر من الدولة الفاطمية القائمة بالقاهرة للانتقام من الدولة الصنهاجية المنتصبة بإفريقية.

4. كان ذلك في سنة 443 للهجرة الموافق لسنة 1057 للميلاد.

5. وتعرف بالهجرة الهلالية أو الهجرة القيسية نسبة إلى أنّ أغلب القبائل المهاجرة تندرج تحت الفرع القيسي من العرب العدنانية.

6. ظلّ الناس يتداولون تغريبة بني هلال شفويا ونتج عن ذلك نتاج أدبي ضخم، وهو عبارة عن ملحمة طويلة تتناول تلك الهجرة وما إليها.

7. من أوائل من اهتمّوا بسيرة بني هلال المدرّس والمثقّف والأديب والمسؤول الثقافي عبد الرحمان ڤيڤة والد الأديب الطاهر ڤيڤة (1922 -ماي1993).

8. حيّ الجامع: هو الحيّ المحيط بجامع عقبة بن نافع.

9. الأغالبة أو بنو الأغلب (800 - 909 للميلاد) سلالة عربية من بني العنبر بن عمرو من قبيلة بني تميم، حكمت في إقليم إفريقية بالمغرب العربي (شرق الجزائر وتونس وغرب ليبيا) مع جنوب إيطاليا وصقلية وسردانيا وقرشقة ومالطة.

10. جامع عقبة بن نافع أو جامع القيروان الكبير هو مسجد بناه عقبة بن نافع في مدينة القيروان التي أسّسها بعد فتح إفريقية على يد جيشه في عهد معاوية بن أبي سفيان عام 50 للهجرة الموافق لسنة 670 للميلاد.

11. امتدّت الحقبة الاستعمارية الفرنسية للبلاد التونسية بموجب معاهدة باردو في 12 ماي 1881 إلى غاية يوم 20 مارس 1956، وهو يوم الاستقلال وإلغاء الحماية المفروضة.

12. حصلت البلاد التونسية على استقلالها الوطني بعد نضال سياسي ومقاومة مسلّحة انطلقت بصفة منتظمة متواصلة من يوم 18 جانفي 1952 إلى غاية الظفر بالاستقلال يوم 20 مارس 1956.

13. محمود عبد الله: مدير مدرسة "الأسوار" الابتدائية بالقيروان.

14. محمّد الأمين باشا باي أو الأمين باي، ولد في الرابع من سبتمبر 1881 وتوفي يوم 30 سبتمبر 1962، آخر البايات التونسيين، وقد تولّى العرش الحسيني من 1943 إلى 1957. انتهى حكمه بتأسيس النظام الجمهوري يوم 25 جويلية 1957.

15. تنسب الطريقة السلامية إلى سيدي عبد السلام بن سليم المشهور بالأسمر والملقّب بالفيتوري نسبة إلى أحد أجداده (المسمّى فيتور). ويصل نسبه إلى السيّدة فاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. توفّي سنة 981 هـ/1573م ومقامه بمدينة زليطن الواقعة على الساحل الغربي لليبيا على مسافة 150 كيلومترا شرقي العاصمة طرابلس. ألّف الشيخ عبد السلام أدعية كثيرة وأنشأ أشعارا باللهجة العامّية تناول فيها عظمة الإله وما فضّل به نبيّه محمّدا على سائر العباد ودعا أتباعه إلى الورع والزهد. وقد انتشرت تعاليمه بسرعة في معظم المدن التونسية مستفيدة من المناخ الاجتماعي والثقافي الذي كان ملائما لانتشار التصوّف. ويمكن لمن أراد مزيد التوسّع والاطّلاع على سيرته وأدعيته وأشعاره الرجوع إلى ما ضمّنه المؤلّف محمّد بن عمر بن مخلوف في كتابه "مواهب الرحيم في مناقب سيدي عبد السلام بن سليم". وقد جاء فيه خاصّة أنّ الشيخ تفرّغ للعبادة والزهد وأقام بجبل زغوان الكائن على مسافة خمسين كيلومترا من مدينة تونس في اتّجاه الجنوب.

16. محمود الورتاني: شيخ بارز من شيوخ السلامية وقد تتلمذ له الشيخ عبد المجيد بن سعد إذ انضمّ إلى فرقته.

17. ربّما عادت الجذور الأولى للأغاني الصوفية إلى عهود قديمة مثل العهد الأغلبي والصنهاجي، إلّا أنّ تبلورها بشكل جماعي منظّم يرجع إلى العهد الحفصي إثر مجيء أبي مدين شعيب الأنصاري (ت595 هـ/1198م)، هذا القطب الذي اجتمع فيه سرّ تصوّف المغرب وحكمة تصوّف المشرق عند لقائه بعبد القادر الجيلاني (ت 564 هـ/1168م). وقد كان لأبي مدين الأثر البالغ في عدد من الشخصيات من أمثال عبد العزيز المهدوي (ت620 هـ/ 1223م) والدهماني والنفطي (ت610 هـ/ 1213م) وأبي سعيد الباجي (ت628 هـ/ 1231م) الذي أثّر بدوره في أبي الحسن الشاذلي (ت658 هـ/ 1258م) عند قدومه من المغرب.

18. يمكن أن نذكر من هذه المهارات توقيعاته المتنوّعة على آلة " البندير" وخاصّة تصرّفاته العجيبة في المقامات والطبوع والنغمات.

19. العذوبة: ما فتئ يمتدح هذه الصفة العذبة إلى يوم الناس هذا زميله الشيخ محمّد شقرون رئيس فرقة السلامية برأس الجبل (وتقع مدينة رأس الجبل شمال العاصمة التونسية على بعد 62 كيلومتر وشرقي مدينة بنزرت على بعد 35 كيلومتر وعلى بعد 6 كيلومترات من البحر الأبيض المتوسّط).

20. الإنشاد الديني عموما عبارة عن أذكار من شأنها ترويض الأرواح، وقد شاع في البلدان الإسلامية خاصّة مع ظهور الطرق الصوفية وأصبحت له مدارس تنتمي كلّ واحدة منها إلى قطب من أقطاب الصوفية كالقادرية والشاذلية والعيساوية والنقشبندية والسلامية.

21. يمكن في هذا المجال الرجوع إلى كتاب "الطريقة السلامية في تونس، أشعارها وألحانها" لمؤلّفه فتحي زغندة، صدر بتونس سنة 1991.

22. الشيخ حميدة عجاج: من أهمّ مشائخ الإنشاد الصوفي في تونس خلال النصف الأوّل من القرن العشرين. ترك مجموعة كبيرة من القصائد والبحور والأناشيد الصوفية وسجّل عددا منها مع الشيخين علي البراق ومحمّد سريح.

23. ينتسب محمود عزيز إلى أشهر فرق الإنشاد الصوفي في تونس. وقد تأسّست هذه الفرقة سنة 1958 على يدي الشيخ عبد العزيز بن محمود. إذ كان مدرّسا للّغة العربية واتّخذ من "محمود عزيز" اسما مستعارا. ضمّت الفرقة عددا من أبرز المنشدين في تونس من أمثال الهادي النعّات وأحمد الشحيمي وصلاح التونسي وعبد الرحمان بن محمود. وقد حظيت الفرقة بتمثيل تونس في الكثير من التظاهرات الثقافية الملتئمة في العديد من بلدان العالم.

24. الشيخ الناصر العبدلي: الناصر العبدلي شيخ من شيوخ السلامية، ظهر في عروض "الحضرة" وممّا قدّم عرض بعنوان " يا شيخي الأسمر" وكذلك عرض "باسم الله نبدا نظامي" وعرض "يا إمام المرسلين".

25. الشيخ محمّد شقرون: ولد في مدينة رأس الجبل سنة 1935 بدأ تكوينه الفنّي ونشاطه سنة 1947 وعمره 13 سنة بعروض المولدية (بمناسبة المولد النبوي الشريف) وساهم في غرّة جوان سنة 1955 باستقبال الرئيس الأوّل للبلاد التونسية الحبيب بورقيبة (بمساهمة فنّية) واستمرّ نشاطه في إطار فرقة السلامية برأس الجبل لمدّة 67 عاما ولم يتوقّف عن قيادة الفرقة إلّا سنة 2014 فتفرّغ للتكوين والتوجيه وتأطير الفرق السلامية (من أشهر إنتاجه أوّلا قصّة سيّدنا يوسف للشاعر عبد المؤمن بن حميدة وثانيا إلهنا ما أعظمك للشاعر صالح سلتانة وثالثا في مورد المصطفى *** ننشد مدائحنا.

26. ويكيبيديا: عبد المجيد بن سعد.

27. الشيخ محمّد عبد الجواد: من المنشدين البارزين بفرقة عبد المجيد بن سعد.

28. الشيخ عليّ البرّاق: ولد بالقيروان سنة 1899 وتوفّي يوم 04 ديسمبر 1981. من أبرز أركان الثقافة العربية الأصيلة بمدينة القيروان. له منزلة رفيعة بصفته مقرئا للقرآن الكريم تجويدا وترتيلا بالقراءات السبع.

29. لفت أنظار المهتمّين بالشأن الموسيقي من أمثال عميد الموسيقيين التونسيين الأستاذ محمّد التريكي (ولد يوم 25 ديسمبر 1899 بتونس العاصمة وتوفّي بها في 27 جوان 1998) والدكتور صالح المهدي، وهو صالح بن عبد الرحمان بن محمّد المهدي الشريف، الملقّب بزرياب. ولد في 9 فيفري 1925 بمدينة تونس وتوفّي يها يوم 12 سبتمبر 2014.

30. إبراهيم حمّودة: ولد في 12 جانفي 1912 وتوفّي في 16 جانفي 1986. ممثّل ومنشد مصري. انضمّ إلى فرقة والده الإنشادية في جامع الخزندار. وهو أوّل مطرب يشارك مع أمّ كلثوم في أغاني الثنائيات.

31. محمّد عبد العزيز العقربي: ولد بتونس العاصمة في 09 نوفمبر 1902 وتوفّي بليبيا في حادث مرور سنة 1968. كان له نشاط موسيقي ومسرحي. تخرّج على يديه من الممثّلين المسرحيين عليّ بن عيّاد والمنصف السويسي ومنى نور الدين وغيرهم.

32. محمّد عبد المطلب عبد العزيز الأحمر: ولد بمصر في 13 أوت 1910 وتوفّي يوم 21 أوت 1980. مطرب عرف بأسلوبه المميّز في الغناء، أولع بالمواويل وله أغان كثيرة.

33. ولد يوسف عمر داود البياتي ببغداد ونشأ في بيئة بغدادية دينية، وكانت بداياته في قراءة القرآن وترتيله وتناول الأذكار والمناقب النبوية والمقامات العراقية. يعتبر يوسف عمر رائدا بارزا من روّاد المقام العراقي. له طريقة مميّزة في الغناء تمثّل خلاصة أصيلة لتجارب العظماء من قرّاء المقام العراقي ولعلّ أبرزهم أستاذه محمّد القبانجي. توفّي يوسف عمر ليلة 14 - 15 جويلية 1986 وترك إنتاجا زاخرا بمظاهر التجديد والإبداع.

34. الغُنّة: صوت في الخيشوم. وقيل: صوت فيه ترخيم نحو الخياشيم تكون من نفس الأنف. وقيل: الغُنّة أن يجري الكلام في اللّهاة...، المبرّد: الغُنّة: أن يشرب الحرف صوت الخيشوم... وقيل: الأغنّ الذي يخرج كلامه من خياشيمه...، أبو زيد: الذي يجري كلامه في لهاته. (ابن منظور الإفريقي، لسان العرب، مادّة غنن).

35. لعلّه "الغامض الفتّان" الذي يعبّر عنه الفرنسيّون بقولهم: ‘Le je-ne-sais-quoi’ وهي عبارة ذات تركيب فعلي، ولكنّها اكتسبت صفة الاسمية، وهي مأخوذة من اللاتينية ‘Inane nescio quid’ وقد استعملها بلينوس الأكبر Pline l’Ancien خلال القرن الأوّل بعد الميلاد في كتابه "التاريخ الطبيعي" للإشارة إلى المغناطيس. وقد ارتبطت العبارة خاصّة بالتيّار العقلاني في فرنسا واسبانيا –على الرغم من أنها كانت رائجة قبل ذلك عند الباروكيين-، وفي ذلك اعتراف بأنّ العقل لا يمكنه تفسير كلّ شيء وأنّه لا يمكن إخضاع الواقع بجميع مظاهره للأفكار الدقيقة الواضحة. وتطلق هذه العبارة على كلّ ما لا يمكن تفسيره ولا تحديد ماهيته ولا التعبير عنه باللغة، وهو في الغالب إحساس بالانبهار والافتتان أمام شيء غامض ساحر جليل لا نتبيّن سرّ تأثيره (مثل عاطفة الحبّ والإحساس الديني والافتنان بأثر فنّي ما). وربّما ذكّرنا هذا الأمر ما دمنا في عالم الأصوات والأنغام بقول الشاعر إبراهيم ناجي في تأثير آلة القيتارة:

أيّ سرّ فيك إنّي لست أدري *** كلّ ما فيك من الأسرار يغري.

36. ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه،157:1.

37. ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه،163:1.

38. هو الفنّان القيرواني حاتم دربال أستاذ الموسيقى ومتفقّد مادّتها بالمعاهد الثانوية.

39. ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه،163:1.

40. ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه،163:1.

41. المعهد الصادقي: أو المدرسة الصادقية أسّسها خير الدين التونسي سنة 1875، وتعدّ أوّل مدرسة ثانوية عصرية في البلاد التونسية جاءت لتعاضد مجهود المدرسة الزيتونية في نشر العلم.

42. عبد الحميد ساسي: من مواليد سنة 1934 ويعدّ من أبرز الملحّنين التونسيين، لحّن للكثير من المطربين والمطربات من تونس ومن خارجها.

43. محمّد ساسي: (1923/ 2014) مطرب وملحّن تونسي لحّن لعديد المطربين والمطربات بالبلاد التونسية.

44. أبو القاسم الشابي: يلقّب بشاعر الخضراء ولد سنة 1909 وتوفّي سنة 1934 أحرز شهرة عالمية بديوانه "أغاني الحياة" وخاصّة بقصيدته التي عنوانها "إرادة الحياة" التي ترجمت إلى عديد اللغات العالمية.

45. الطاهر صفر: (1903 / 1942) محام ومناضل سياسي عرف بالتزامه الوطني وإشعاعه الفكري وحسّه الجمعياتي.

46. زين العابدين السنوسي: (1901 / 1965) صحفي ومصلح، ويعدّ أحد أقطاب الأدب العربي الحديث.

47. الهادي العبيدي: (1911 / 1985) عميد الصحفيين التونسيين وشاعر وفنّان.

48. الطاهر الحدّاد: (1899 / 1935) مفكّر ونقابي وسياسي ومنظّر.

49. محمّد الصالح المهيدي: (1902 / 1969) كاتب صحفي ومؤرّخ وباحث.

50. عبد العزيز العروي: (1898 / 1971) صحفي ورجل إذاعة. تعود شهرته إلى القصص الشعبية التي كان يرويها بنفسه باللهجة التونسية المتداولة.

51. عليّ الدوعاجي: (1909 / 1949) كاتب وشاعر ورسّام كاريكاتوري وزجّال وإعلامي ورائد الأدب الفكاهي بتونس.

52. مصطفى أمين: (1914 / 1997) صحافي وكاتب مصري.

53. محمّد التريكي: (1899 / 1998) عميد الموسيقيين التونسيين وله ألحان كثيرة وتجديد فنّي يشهد له بالقيمة.

54. الهادي الجويني: (1909 / 1990) مطرب وملحّن يتميّز بطابعه الفنّي المخصوص.

55. عبد الرزّاق كرباكة: (1901 / 1945) شاعر وكاتب مسرحي.

56. محمود بيرم التونسي: (1893 / 1961) شاعر مصري ذو أصول تونسية

57. عقيل: صفة مشبّهة باسم المفعول على وزن فعيل بمعنى المقيّد أو الأسير وقد عُقلت رجلاه فلا يستطيع السير ولا التحرّك بحرّية وطلاقة.

58. أعقاب: جمع عقب، وأعقاب الليل أواخره وتقابل الهزيع الأخير من الليل.

59. المنصورية أو صبرة أو صبرة المنصورية: موقع أثري يقع على بعد يقدّر بأقلّ من كيلومترين جنوب القيروان لمدينة كانت عاصمة خلافة الدولة الفاطمية لمائة عام تقريبا في عهدي المنصور بنصر الله (946م / و972م) والمعزّ لدين الله (953م / 975م) وآثارها موجودة إلى اليوم.

60. الفلوكة: واحده الفلك، وتعني السفينة الصغيرة.

61. المقصود بصاحب الجاه هو الصحابي الجليل أبو زمعة عبيد بن أرقم البلوي، من أصحاب الشجرة. استشهد سنة 34هـ/654م خلال الغزوات الإسلامية لإفريقية في غزوة معاوية بن حديج، وذلك في معركة ضدّ الجيوش البيزنطية قرب عين جلولاء (30 كيلومترا غرب القيروان). وقد دفن جثمانه بالقيروان قبل تأسيسها. له مقام يعتبر من أهمّ المزارات الدينية ويرجع تاريخ بنائه إلى عهد حمّودة باشا سنة 1072 هـ/ 1663م.

62. المقصود هو عبد المجيد بن سعد، وتعتبر مثل هذه الإشارة متّجها لطيفا ومنحى طريفا كأنّما يسجّل به الشاعر توقيعه وختمه وطابعه، وهذا مذهب من المذاهب المتّبعة في الشعر الشعبي تستعمل لنسبة القصائد إلى أصحابها دون غيرهم.

63. كأنّما يتعلّق الأمر هنا بإشارة خاطفة من الإشارات إلى "المكفّر" وهو نوع من الشعر الديني ينشئه صاحبه ليكفّر عن خطاياه وذنوبه، وفيه يذكر الله ويتحدّث عن عظيم صفاته.

64. عصيب: في صعوبة وشدّة وعسرة. والواقع أنّ الشاعر يشير من طرف خفيّ إلى المرض الذي ألمّ بقلبه.

65. المقصودة هي أمّ الشهيدين عليّ والطاهر.

66. الوكايد: جمع مفرده واكد، والمقصود الصحيح المتين الذي يمكن أن يعوّل عليه في التحمّل والصبر.

67. المقصود ولداك.

68. فدوهم: بمعنى أخذوا بثأرهم.

69. الزوز: أصلها الزوج أي الاثنان (وقد أبدلت الجيم زايا).

70. ما ذلك من باب الخسارة، إنّما هو داخل في باب التضحية في سبيل قضية مبدئية ومن أجل قيمة من القيم السامية، وهي فداء الوطن.

71. الأمارة: هي العلامة، علامة الثأر للشهيدين.

72. لمذبح: مصدر ميمي من ذبح. بمعنى الفداء.

73. هو عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل بن قطن بن ربيعة بن عبد الله بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة. توفّي حوالي عام 97 للهجرة، وله ديوان حقّقه نوري حمّودي القيسي وهلال ناجي تحت عنوان " شعر الراعي النميري: دراسة وتحقيق"، طبعة المجمع العلمي العراقي، بغداد، 1400 هــ/ 1980م.

74. أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة القرشي، الخليفة الخامس من خلفاء بني أميّة والمؤسّس الثاني للدولة الأمويّة. ولد عام 26 هـ/646 م وتوفّي بدمشق عام 86 هـ/705 م.

75. القصيدتان هما: اللاميّة، الديوان، ص- ص46-65 وعدد أبياتها 92 بيتا، والدالية، الديوان، ص-ص82-91 وعدد أبياتها 63 بيتا. قال فيها الراعي: من لم يرو لي هذه القصيدة (ويقصد اللامية) وقصيدتي:

"بان الأحبّة بالعهد الذي عهدوا" من ولدي فقد عقّني.

76. من مواليد القاهرة سنة 1878، توفّي سنة 1946 يعتبر أستاذا لمن جاء بعده من القرّاء والمنشدين.

77. الشيخ مصطفى محمّد المرسي إسماعيل (1905 / 1978) قارئ قرآن مصري. وبعدّ واحدا من الأعلام البارزين في هذا المجال.

78. ولد سنة 1920 وتوفّي عام 1986. سجّل ما يقرب عن مائتي ابتهال. وقع اختياره سنة 1980 مشرفا وقائدا لفرقة الإنشاد الديني التابعة لأكاديمية الفنون بمصر.

79. ولد سنة 1852 وتوفّي عام 1917. منشد ومطرب وملحّن ورجل مسرح ويعتبر من مطوّري المسرح الغنائي كما يعدّ الأب الروحي لسيّد درويش.

80. ولد سنة 1836 وتوفي عام 1901. يعتبر أبرز اسم في عالم الطرب في القرن التاسع عشر. امتدّ أثره إلى مطربي القرن العشرين.

81. أبو العلا بن محمد بن حافظ: ولد سنة 1884 وتوفّي عام 1927، ويعتبر الرائد الأوّل في تلحين القصيد. حضرت جنازته أمّ كلثوم وبكت في إنشادها ورثاه أحمد رامي بأبيات مطلعها:

كان شعري في فيك للغناء *** فغدا اليوم في فمي للرثاء.

82. ولد سنة 1896 وتوفّي عام 1961 وهو موسيقار وملحّن له أكثر من ألف لحن منها واحد وستّون لأمّ كلثوم وله أيضا أغان وطنية كثيرة.

83. ولد سيّد درويش البحر سنة 1892 وتوفّي عام 1923، لحّن لكافّة الفرق المسرحية وامتدّ تأثيره لأجيال بعد رحيله، وقد جمع بين المواقف الوطنية والموهبة الفنّية الفريدة.

84. محمّد عبد الوهاب: ولد سنة 1902 وتوفّي عام 1991 لُقّب بموسيقار الأجيال وارتبط اسمه بالأناشيد الوطنية كما ارتبط بأمير الشعراء أحمد شوقي. لحّن للكثيرين من المطربين والمطربات مثل ليلى مراد وأمّ كلثوم وفيروز ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية وفائزة أحمد وعبد الحليم حافظ وطلال مدّاح وغيرهم.

85. هو عبد الغنيّ بن إسماعيل بن عبد الغنيّ النابلسي الدمشقي الحنفي (1050 هـ/1641م - -1143 هـ/1731م) شاعر شامي وعالم بالدين والأدب ورحّالة مكثر من التصنيف. ولد ونشأ وتصوّف في دمشق، له ديوان الدواوين وهو مجموعة شعره.

86. هذه الأبيات الستّة مجتزأة من قصيدة طويلة تتألّف من أكثر من ثلاثين بيتا، وقد تصرّف الشيخ في عدد من عباراتها ومقاطعها.

87. تشتمل وصلة السلامية على ثلاثة أجزاء يسمّى أوّلها الصنعة ويسمّى ثانيها القصيد ويشار إلى ثالثها بالبحر.

88. من شعر عمارة الحكمي اليمني (515 هـ/1121م- 569هـ/1179م) وهو كاتب ومؤرّخ وشاعر.

89. من أشعار الغوث أبي مدين شعيب التلمساني (520 هـ/1126م – 594هـ/1204م) وهو فقيه ومتصوّف وشاعر أندلسي يلقّب بشيخ الشيوخ ولقّبه ابن عربي بمعلّم المعلّمين. مؤسّس إحدى أهمّ مدارس التصوّف بالمغرب العربي وبالأندلس.

90. من قصيدة للإمام البوصيري (608 هـ/1213م-695هـ/1295م). وهو شاعر صنهاجي اشتهر بمدائحه النبوية وأشهر أعماله البردة المسمّاة " الكواكب الدرّية في مدح خير البريّة".

91. أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المُطّلبي القرشي (150 هـ/767ن - 204هـ/820م) عرف بالإضافة إلى العلوم الدينية بأشعاره في الحكم وفي مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.

92. 92) شاعر وأديب عربي يماني من العهد الرسولي، له ديوان شعر.

93. عبد القادر الجيلي أو الجيلاني أو الكيلاني (470هـ/1078م - 561هـ/1166م). يعرف وبلقّب في التراث المغاربي بـ"سلطان الأولياء" وهو إمام صوفي وفقيه حنبلي لقّبه أصحابه بـ"باز الله الأشهب" و"تاج العارفين" و"محيي الدين" و"قطب بغداد".

94. الموّال: هو صنف من صنوف الشعر الشعبي العربي المعروف منذ زمن طويل. ويعتبر الموّال من القوالب الغنائية التقليدية والموّال فنّ غائي شعبي شائع في أغلب البلاد العربية، فهو لون من الأدب الشعبي يظهر قدرات المغني ومساحته الصوتية، وإمكان التطريب، والقدرة على الابتكار.

95. جاء في بعض المعاجم: " وكذلك العزيب اسم للجمع كالغزيّ .... قال الأزهري: والمعزابة دخلتها الهاء للمبالغة أيضا، وهو عندي الرجل يكثر النهوض في ماله العزيب، يتتبّع مساقط الغيث وأُنف الكلأ، وهو مدح بالغ على هذا المعنى، والمعزابة الرجل يعزب بماشيته عن الناس في المرعى... والعازب من الكلإ البعيد المطلب... والمعزب طالب الكلإ... وأعزبَ القوم إذا أصابوا كلأ عازبا... وعزب الرجل بإبله إذا رعاها بعيدا عن الدار التي حلّ بها، لا يأوي إليهم ... والعزيب من الإبل والشاة التي تعزب عن أهلها في المرعى... وإبل عزيب: لا تروح على الحيّ وهو جمع عازب" (ابن منظور الإفريقي، لسان العرب، مادّة عزب).

96. الأطراق جمع مفرده طرق، وهو الصوت أو المتّجه في الغناء. ومن هنا قيل في متداول الكلام "فلان هزّ الطرق" بمعنى رفع عقيرته بالغناء. ويمكن لمن أراد التوسّع في هذا الباب الرجوع إلى كتاب " نعيمة الغانمي وأحمد الخصخوصي وعنوانه " أغاني النساء في برّ الهمامّة" الصادر عن الدار الأطلسية للنشر، أريانة، 2007.

الصور

- من الكاتب.

أعداد المجلة