فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
18

مدخل الى الموسيقى والمقام الخماسي

العدد 18 - موسيقى وأداء حركي
مدخل الى الموسيقى والمقام الخماسي
كاتب من المغرب

إن الموسيقى والجبر والحساب والهندسة كلها أنواع من جنس العلم الموزون. وهي علوم رباطها النظام ووحدة الحركة والسكون، والموسيقى لغة، لفظ يوناني.

انفرد فن الغناء باستعمال كلمة موسيقى. أما مدلول الكلمة اصطلاحا فهي علم وفن، فعلم الموسيقى من العلوم الطبيعية المبنية على القواعد الرياضية، وهو ترتيب وتعاقب الأصوات المختلفة في الدرجات المؤتلفة المتناسبة.

وفن الموسيقى ينحصر في علم العزف على الآلات الموسيقية وعلم الغناء بموجب الأوزان الموسيقية الزمنية التي تجعل اللحن مؤلفا من عبارات موسيقية متساوية في أزمنتها ولو اختلفت في أنغامها، والموسيقى النظرية هي علم أصول الموسيقى وقواعدها. ومن دعائم هذا العلم، معرفة تركيب الألحان والأوزان واحكام صياغتها، والتدوين الموسيقي الذي بدونه يصعب الوصول الى معرفة صحيحة.

لــم تكـــن الموسيقى في البدء فنا أو علما، بل كانت أصواتا غير مهذبة بلا قانون ولا قاعدة إلا التوازن البدائي الساذج، الذي عرفه الإنسان بفطرته فإنــهـا ارتقت معه في كل أدوار رقيه فكانت مقباسا لحياته العقلية والمعنوية والإجتـمــاعيـة والدينية.

ومـا الـسلم الموسيــقــي إلا الدعامة الإنسانية التي تبنى عليها الموسيقى ،والذي يتوقف على بنائه سيرها المتطور رقيا وتقدما، فهو الذي يبنى عليه اللحن، وتقوم على صحة تركيبه موسيقى الأمة، حيث عرف العالم لونين من الموسيقى، هما الموسيقى الغنائية، التي تعتمد في مقوماتها على الصوت البشري وإمكانياته المحدودة، وموسيقى الآلات، وهي تعتمد اعتمادا كليا على الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها استخدام الآلات الموسيقية المختلفة.

والمؤلفات الغنائية أقدم من المؤلفات الموسيقية للآلات، وإنه وإن كانت الموسيقى الآلية تحتل مكان الصدارة في عالم الموسيقى في الدول المتحضرةاليوم، فهي في الواقع قد استمدت وجودها من المؤلفات الغنائية ومن الرقصات المختلفة.

تطلب هذا التحول الموسيقي جهودا جبارة للتطور، بصناعة الآلات الموسيقية ،لكي تفي بمتطلبات مؤلفي الموسيقى، إذ يمكن القول بأن تطور الموسيقى الآلية كان تطورا فنيا وصناعيا في نفس الوقت. فلولا تطور صناعة الآلات الموسيقية، لما استطاعت الموسيقى الآلية أن تحتل مكانتها الحالية.

إن الموسيقى الشعبية لأمم الأرض جميعا بمثابة لهجات متعددة في لغة واحدة وأن الثراء الحقيقي للمادة الموسيقية يكمن في تنوع السلاليم المستعملة واختلاف تكوينها، وذلك باختلاف اللغة واللهجة والإقليم والأذواق والعادات أوكل ما من شأنه أن يبرز مميزات الهوية الموسيقية لمجتمع ما.

 

المقام الخماسي ( التعريف ) :

1) المقام الخماسي :

المقام الخماسي أي المقام البنتاتونيك ، يتكون من خمسة أصوات مقارنة مع السلم السباعي الدياتوني

المعدل، وهذه الأصوات هي: دو – ري – مي – صول – لا  (دوجواب) انطلاقا من القرار، فهو أصغر من السباعي بدرجتين اثنتين، غير أن غياب هاتين الدرجتين من السلم الخماسي لا يخلف أي إحساس بنقص في الألحان أو في تركيب الجمل اللحنية.

 

2) دور المسافة الثالثة في السلم الموسيقي:

 دور هذه المسافة كدورها في السلم السباعي، فهي تسمى الثابتة بمعنى أن هذه المسافة من خلال النظرية التونالية تبين لنا نوعية المقام، فإن كانت هذه الأخيرة صغيرة ( درجة ونصف درجة) فالسلم ينسب إلى المقامات الصغيرة ( المينور )، وإن كانت كبيرة ( درجتين ) فالسلم ينسب إلى المقامات الكبيرة ( الماجور )، فهذه المسافة مهمة جدا في تركيب هذا السلم، وتواجدها يزيد عطاءا وتنوعا كبيرا في السلالم الموسيقية واختلاف تكوينها.

 

الثالثة الصغيرة

دو – مي بيمول

درجة ونصف درجة

الثالثة الكبيرة

دو - مي

درجتين كاملتين

 

 

3) دور المسافة الخامسة في السلم الخماسي:

أما دور المسافة الخامسة فهو لا ينقص أهمية عن دور الثالثة، فهذه المسافة تسمى بالمسيطرة أي أن لها سيطرة خاصة على المقام، فهي تمثل قلب السلم ويمكن كذلك أن نعتبرها قرارا للنصف الثاني من السلم، بمعنى انطلاقة لسلم آخر على نغمة أخرى، فهذه ميزة أخرى يتمتع بها السلم الخماسي ويمكنه من استعمال دائرة الخامسات للإنتقال التونالي.

ان مبدأ دائرة الخامسات (Cycles des quintes  ) هذا ينسب الى فيتاغورس ( القرن السادس ق.م.) رغم أنه قد عرف في العديد من الحضارات القديمة حيث كان متداولا قبل تنظيره وتحديد نسبه. وقد تناولته البحوث الحديثة بالدرس والتحليل وتوصلت الى فك أهم رموزه.

 

الإنتقال التونالي حسب دائرة الخامسات:

نموذج 1 – 2 – 3 – 4  السلم السباعي

نموذج 5 – 6  السلم الخماسي

دو – ري – مي – فا –

صول – لا – سي - دو

صول – لا – سي –

دو – ري – مي – فادييز - صول

ري – مي – فادييز – صول – لا – سي – دودييز - ري

لا – سي – دودييز – ري – مي – فادييز – صول دييز - لا

دو – ري – مي – صول –

لا - دو

صول – لا – سي –

ري – مي - صول

 

 

تسلسل الخامسات :

دو – صول – ري – لا – مي – سي – فا – سي – مي – لا – ري – صول – دو.

هذه هي المزايا التي حافظت وستبقى محافظة على حياة هذا السلم ،أي هذا النظام الخماسي الذي يشكل اليوم ظاهرة عالمية وأصبح من الغلط إرجاع المقام الخماسي إلى مرحلة تاريخية معينة أو الى منطقة جغرافية محدودة، فنحن نجد أثاره في موسيقى الحضارات القديمة كالسومرية ومصر الفرعونية أو الصينية واليابانية وغيرها، كما نجده اليوم في موسيقانا الشعبية المغربية الأصيلة ( الأمازيغية ) وخاصة الجنوب المغربي حيث يحمل ثلاثة أسماء أساسية وهي : أشلحي – أكناو – أمعكّل.

 المقام الخماسي وامتداده الجغرافي:

1) الإمتداد الجغرافي :

يشكل السلم الخماسي القاسم المشترك بين الألحان الموسيقية الشعبية السائدة في أغلب مناطق العالم، ويمتد بافريقيا وجنوب شرق اسيا وشرق اوروبا والموسيقى اليونانية، كما يستخدم في بعض المقامات العربية والأنماط الموسيقية الأمريكية والكلاسيكية.

ولو أحصينا عدد السكان المستعملين لهذا السلم لوجدنا نصف ساكنة العالم.

 

 

2) المقام الخماسي في موسيقى الشرق:

هذا النوع من المقامات يستعمل في المغرب والجزيرة العربية واليمن ودول الخليج. ومنها مقام الذيليومقام عراق بتونس وليبيا واصفهان والعشاق في المغرب اضافة الى مقام النوى، ورمل الذيل وراست الذيل ومقام المزموم.

 

 

3) المقام الخماسي في الموسيقى الأسيوية :

1) انتشار المقام الخماسي :

اعتمدت مجموعة من الدول الأسيوية المقام الخماسي، كدول جنوب شرق اسيا ومنها : الصين، اليابان، كوريا ومنغوليا، ودول جنوب شرق اسيا : كبرمانيا، التايلاند، اللوس، كمبوديا، الفيتنام، ماليزيا، اندونيسيا، والفليبين، إضافة إلى الهند.

إلا أن كل دولة تحتفظ بخصوصياتها اللحنية والإيقاعية.

 2) المقام الخماسي الأسيوي ( المقام الصيني):

درجات المقام الخماسي بآسيا على الشكل التالي : دو – ري – فا – صول – لا .

يسمى هذا المقام بالمقام الصيني وهو الأكثر استعمالا في الموسيقى الشعبية الأسيوية.

 

خصائص المقام :

دو – ري  : ثانية كبيرة - دو – لا : سادسة كبيرة

الدولة

المقامات الخماسية

الصين

كونغ ، شانغ ، كيو ، تشي و يو

اليابان

دوريان، فريجيان، ليديان، ايوليان ولوكريان

 

 4) المقام الخماسي في موسيقى الدول الغربية وأمريكا:

المجال الجغرافي:

- يوظف المقام الخماسي في الموسيقى الأوروبية والأمريكية، ونجده في قوالب كثيرة من ارتجال وغناء، وقد وظف في موسيقى الغجر باوروبا الشرقية، واعتمده مؤلفون موسيقيون كبار، كديبوسي ودفوراك ( السيمفونية التاسعة وسوناتينا للكمان والبيان).

انتقل المقام الخماسي من افريقيا الى أمريكا مع القرن 15م واستعمل في موسيقى البلوز والجاز، وفي أواخرالقرن 19م امتد أثاره بشكل ملموس نحو موسيقى الريتم اندبلوز والبوب والهاردروك والروك اندرول.

وينقسم المقام الخماسي المستعمل في هذه الأنماط الموسيقية إلى:

- مقامات كبيرة.

- مقامات صغيرة.

ملخص لندوة مهرجان تايوغت انزكان/ المغرب، يوليوز2010 ، بمشاركة الاساتذة: محمد بايري، محمد بالمجروف وابراهيم اوبرني.

أعداد المجلة