فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
21

فنون حرفية * الرسم بالرمل... داخل الزجاجة

العدد 21 - ثقافة مادية
فنون حرفية * الرسم بالرمل...  داخل الزجاجة

لمحة تاريخية:

يعتبر هذا الفن من الفنون القديمة جدا في العالم, وأول من عرفه الأنباط بعد اكتشافهم الساعة الرملية وبدأ هذا الفن يتدرج إلى جميع البلاد العربية والأجنبية وذلك بشكل مخصوص لكل المناطق التي تتوفر فيها المادة الأساسية (رمل الكوارتز أو رمل المازار).
ولوجود هذا النوع من الرمال في سوريا في جبال القلمون شمال دمشق (القطيفة) جعل أصحاب هذه المنطقة يمارسون هذه الحرفة.
وقد كانت النساء قديما وبشكل خاص في تلك المنطقة (القطيفة) يمارسن هذه الحرفة  بهدف الزينة والتسلية. 

أما في الأردن نشأ هذا الفن في بداية الثلا ثينيات في العقبة وامتد إلى بقية أنحاء الأردن حصرا ودون غيرها من البلدان العربية والأجنبية وتحتضن مدينة العقبة رواد هذا الفن  المنتشرين فى المدينة ضمن عشرات المحلات التي تعنى بهذا الفن الأردني الفريد من نوعه في إعداده وإخراجه   حيث تعتمد عليه بعض الأسر في تحصيل قوتها .

ويقال إن السيد خليفة أحمد كريشان مواليد معان(1885)م أول من أبدع فن تعبئة زجاج الرمل في الأردن فالرجل استغل الذكاء الحاد ليخرج من رحم مهنته التي عشقها (الدهان ) هذا الفن حيث كان يعمل في حرس الحدود ويتنقل بين رم والبتراء والنقب لصيانة مخافر الشرطة حيث وجد ضالته في الزجاج الفارغ الذي يتوفر في هذه المناطق التي يرتادها السواح والجيش البريطاني حيث لاقت قبولا لافتا وأخذت تتطور المهنة لديه حتى أصبحت فنا ومهنة .   فأخذ على عاتقه فتح مجال جديد من هذا الفن رغم الطريقة البدائية التي استخدمها ليفتح المجال أمام ثلة من أبناء معان للعمل بهذا الفن والذي أصبح ركيزة أساسية من تراثنا الأردني حيث عمل نجل رئيس بلدية معان مرضي الرواد بهذه المهنة ونشرها في مدينة مادبا حيث كان ماهرا ذواقا(1).

 

 الزائر إلى الأردن:

الزائر إلى الأردن وخاصة مدينة العقبة في الجنوب والعاصمة عمان في الوسط تأخذه عيناه إلى تلك الألوان الزاهية والبراقة عبر الرمال المصفوفة داخل قارورة زجاجية أعدت لهذه الغاية يقف السائح منذهلا أمام الحرفي الفنان وعيناة تراقب دك الرمل الملون بدقة وبراعه متناهية وكأنة يرسم بالفرشاة ويبدو الأمر في غاية البساطة إلا أن المتمعن يدرك صعوبة العملية في البناء حيث تحتاج إلى نفس طويل وعين حدقة في مزج الألوان.

  حتى لايطغى لون أو شكل على آخر وإلا وجب عليه إعادة البناء من جديد وهذا نادرا ما يحصل مع المتمرس لهذا الفن .

 

حرفيو هذه المهنة يمكنهم أن يرسموا برمال المدينة زرقة السماء وغروب الشمس وبيوت الشعر، إضافة إلى نقوش تعبر عن الطبيعة ومكوناتها.

  أو يرسموا قافلة من الجمال وسط الصحراءأو  يكتبوا أسماء السياح وأحبائهم وتاريخ ميلادهم أو إلصاق صورهم أو عبارات خاصة وذكريات تحمل بين طياتها رائحة المكان كل هذا يحصل داخل الزجاجة ذات الشكل الانسبابي أو المخروطي أو المنفوخ الذي يختاره الزائر وتتمتع الزجاجة بشفافية عالية حتى لاتخفي جمال الرمل .

 

ويوجد على رفوف الأكشاك الكثير من الزجاجات الجاهزة بأحجام مختلفة من الصغيرة والوسط والكبيرة مز ينة برسوم تشكلية ونقوش شعبية أو معلم أثري آخر يحمل بصمات وأسلوب الصانع

 

عملية البناء

لكي تتم عملية البناء داخل القارورة الزجاجية لابد من توفر

الأدوات اللازمـــة:
شفاطة عصير طويلة مركبة على محقن صغير، دبوس مركب على خشبة رفيعة جداً، أقل من سمك القلم الرصاص، صنارة رفيعة المستخدمة في عمل أشغال التطريز، معالق صغيرة، أكواب من البلاستك، قوارير زجاجية فارغة مختارة للرسم، ألوان بودرة زاهية، رمل وأفضل أنواع الرمل الأبيض.

 

طريقة تحضير الرمل:
يفضل دائماً استخدام الرمال البحرية الفاتحة، مصفاة ومنتقاة بواسطة المنخل من الشوائب العالقة، ولتنظيف أفضل للرمل، بطريقة عمل غسيل له وذلك بنقع الرمل في إناء ملئ بالماء، وتحريكه فيه، ثم نسكب الماء، ونترك الرمل في قاع الإناء، ونستمر في عملية غسل الرمل من الشوائب، إلى أن يصبح الرمل نظيفاً بدون شوائب تذكر، ثم يفرش الرمل على قطعة كرتون، أو قطعة خشب، ويترك ليجف تحت أشعة الشمس لمدة يوم أو يومين.

طريقة تلوين الرمل:

نقوم بعملية تلوين الرمل داخل أكواب البلاستيك، وذلك بإضافة البودرة الملونه للرمل المنقى ومن الأفضل إضافة الألوان الداكنة للرمل الفاتح اللون، في حالة عدم توفر لون الرمل المائل للبياض، يمكنك إضافة اللون الأبيض للرمل أولاً، ومن ثم إضافة اللون المطلوب تحضيره للرمل.

 

 طريقة الرسم بالرمل:

 قبل البدء بالعمل علينا أولاً أن نقرر شكل الرسمة المراد تنفيذها على كل جوانب القوارير الزجاجية، لأنه خاصة في هذه النوعية من العمل يجب أن نصعد بتعبئة الرمل داخل القوارير بشكل أفقي ومتساو على كل الجوانب، نقوم بإضافة الرمل الملون بالملعقة إلى المحقن الموصول بشفاطة العصير، ونحاول التحكم في نزول الرمل وذلك بسد الشفاطة، أو إمالتها، مع الاستمرار في التقدم لتنفيذ الرسمة المختارة

 ومثل ذلك فإن عملية صبغ الرمل بألوان زاهية تحتاج إلى دقة متناهية للتمكن من فرز ألوان متناسقة لا ستخدامها أثناء عملية التعبئة . ويتأثر هذا الفن بأي زيادة أو نقص في نسبة الأصباغ والتي تنعكس حال حدوثها سلبا على جمالية الزجاجة. ولا يحتاج هذا الفن إلى رأس مال كبير كما يعتقد البعض ولكن لا بد من توفر العناصر الرئيسة ومنها الرمل والأصباغ والزجاجات الفارغة والمنخل والمحقان والملاعق والأسلاك والأسياخ وبعض الأواني لحفظ الرمل والمناقل والجبص والماء، وعلى كثرة هذه المواد إلا أنها سهلة المنال لمن يريد أن يتعلم هذا الفن ويمتهنه(2).  يتم عمل المناظر الطبيعية والآيات القرآنية التي يناسب رسمها بالرمل داخل الزجاجة.بالإضافة إلى ضغط الرمل داخل الزجاجة ضغطا”محكما”وذلك لمنع تخريب المنظر المرسوم بالرمل عند التحريك المفاجئ أو عند الشحن وأخيرا” نغلق الزجاجة من الأعلى لمنع تسرب الرمل منها وبذلك نحافظ على المنظر الداخلي ونضمن بقاءه لعدة سنوات.

وتتراوح أسعار هذه الزجاجات ما بين دينار الى 20 ديناراً حسب حجم الزجاجة وأصحاب هذة المهنة يعتبرونها حرفة مربحة، وهي تدر عليهم دخلاً يومياً لا بأس به وتنشط عادة من بداية فصل الربيع وحتى نهاية فصل الصيف ذروة السياحة من قبل السياح الأروبيين.

إن هذه الحرفة تعد بالنسبة للحرفيين حرفة مميزة لا مثيل لها خارج الأردن، وأشار أن الرمل المستخدم في هذه الحرفة مصدره العقبة والبتراء ووادي رم لأن تربتها ملونة طبيعياً مثل اللون البرتقالي والوردي والبيج والأسود والأبيض، أما الرمل الأزرق فملون اصطناعياً بعد صبغه بمواد مخصصة لذلك.

شكلت المنتجات الثقافية التي تباع في محال بيع التحف والأماكن السياحية واحدة من الهدايا التذكارية التي يبتاعها السياح من كافة دول العالم.

ويعد زجاج الرمل واحدا من أهم هذه الهدايا التي تشهد إقبالا واسعا من قبل السياح على اختلاف جنسياتهم، نتيجة لما تمثله من مدلولات ثقافية وتراثية نابعة من البيئة الأردنية.

المراجع .

(1) المصدر كتاب معان أيام زمان وكتاب الموروث الشعبي لمدينة معان/ المؤلف محمد عطاالله المعاني

(2) العقبة  الاخباري : البترا - زياد الطويسي - 

أحمد الرواشدة جريدة الفد 2011

مواقع الكترونية اخرى

أعداد المجلة