فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
22

منجز الثقافة الشعبية في مناهج التربية الحديثة بمدارس البحرين

العدد 22 - المفتتح
منجز الثقافة الشعبية في  مناهج التربية الحديثة بمدارس البحرين

دخول‭ ‬مادة‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬كمقرر‭ ‬إثرائي‭ ‬في‭ ‬مناهج‭ ‬التربية‭ ‬الحديثة‭ ‬بمدارس‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مكسب‭ ‬لثقافة‭ ‬البحرين‭ ‬الوطنية‭ ‬بما‭ ‬تشمله‭ ‬من‭ ‬تنوع‭ ‬وعمق‭ ‬وثراء،‭ ‬وهو‭ ‬بعد‭ ‬نظر‭ ‬حصيف‭ ‬للمربين‭ ‬الأفاضل‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المناهج‭ ‬بهذه‭ ‬الوزارة‭ ‬التي‭ ‬تدار‭ ‬بحكمة‭ ‬وزيرها‭ ‬النشط‭ ‬الدكتور‭ ‬ماجد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬النعيمي‭ ‬وثلة‭ ‬من‭ ‬الإداريين‭ ‬والخبراء‭ ‬والاختصاصيين‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬لهذه‭ ‬المادة‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬لولا‭ ‬الجهود‭ ‬الأولية‭ ‬التي‭ ‬نبهت‭ ‬إلى‭ ‬أهميتها‭ ‬وإلى‭ ‬عيب‭ ‬غيابها‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬عن‭ ‬عقول‭ ‬وأفهام‭ ‬أجيال،‭ ‬ثم‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬تقريبها‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬رفدها‭ ‬بما‭ ‬يقدم‭ ‬إلى‭ ‬الأبناء‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬واجتهدت‭ ‬في‭ ‬التأسيس‭ ‬للمعرفة‭ ‬بها‭ ‬ولقيمة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مادة‭ ‬مشوقة‭ ‬تدرّس‭ ‬حسب‭ ‬الأصول‭ ‬العلمية‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬هينا،‭ ‬لكن‭ ‬الحب‭ ‬والإيمان‭ ‬وقوة‭ ‬الإقناع‭ ‬بالحجة‭ ‬وتطور‭ ‬الوعي‭ ‬بقيمة‭ ‬المادة‭ ‬ذاتها‭ ‬كان‭ ‬كفيلا‭ ‬بأن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬درس‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬لدى‭ ‬قيادات‭ ‬واختصاصيي‭ ‬إدارة‭ ‬المناهج‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬مجالا‭ ‬للتجربة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬ضيق‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬محدد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الخمس‭. ‬وكانت‭ ‬نتائج‭  ‬نجاح‭ ‬التجربة‭ ‬مذهلة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لتفاعل‭ ‬الطلبة‭ ‬والطالبات‭ ‬وإنما‭ ‬للحماس‭ ‬الذي‭ ‬أبداه‭ ‬المربون‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬توصيل‭ ‬المادة‭ ‬ولطلبهم‭ ‬المزيد‭ ‬والتوسع‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬سارعت‭ ‬إدارة‭ ‬المناهج‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬مادة‭ ‬تناولت‭ ‬في‭ ‬العموم‭ ‬جوانب‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬مستعرضة‭ ‬أهم‭ ‬مظاهرها‭ ‬ومضامينها‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬دراسي‭ ‬قدم‭ ‬لطلبة‭ ‬الصفوف‭ ‬الثانوية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭. ‬وقد‭ ‬استمر‭ ‬نجاح‭ ‬تقبل‭ ‬المادة‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬معطياتها،‭ ‬وكانت‭ ‬مجلة‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬ترافق‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬بحرص‭ ‬واهتمام‭ ‬وتشجيع،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬المعنيين‭ ‬الميدانيين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬التأثير،‭ ‬وبإيصال‭ ‬أعداد‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬وتكريس‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬مكتبات‭ ‬الدرس‭. ‬

ولتطوير‭ ‬هذا‭ ‬التواصل‭ ‬توجهت‭ ‬إدارة‭ ‬المناهج‭ ‬بوزراة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬مجلة‭ (‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭) ‬لإعداد‭ ‬مقرر‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية،‭ ‬مما‭ ‬تطلب‭ ‬تشكيل‭ ‬فريق‭ ‬مشترك‭ ‬من‭ ‬خبراء‭ ‬الطرفين‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬المسار‭ ‬العلمي‭ ‬لهذا‭ ‬المنهج‭ ‬وتأكيد‭ ‬كافة‭ ‬متطلباته‭ ‬ودعمه‭ ‬بما‭ ‬يتوفر‭ ‬في‭ ‬أرشيف‭ ‬المجلة‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬والتسجيلات‭ ‬السمعية‭ ‬البصرية‭. ‬وهو‭ ‬تعاون‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬وأن‭ ‬يتطور‭ ‬ليحقق‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭.‬

وتمثل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬الرائدة‭ ‬ما‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تحققه‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬وصل‭ ‬حركة‭ ‬التعلم‭ ‬بجوانب‭ ‬مغيبة‭ ‬من‭ ‬معطيات‭ ‬ثقافة‭ ‬البحرين‭ ‬الوطنية‭. ‬وهوإنجاز‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كونه‭ ‬إنجازا‭ ‬تربويا‭  ‬فهو‭ ‬إنجاز‭ ‬ذو‭ ‬بعد‭ ‬حضاري‭ ‬ودلالة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬مناهج‭ ‬التربية‭ ‬الحديثة‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭. ‬

وليأخذ‭ ‬هذا‭ ‬البعد‭ ‬مداه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬الأساس‭ ‬وهو‭ ‬إعداد‭ ‬الكوادر‭ ‬التعليمية‭ ‬وتأهيلها‭ ‬تأهيلا‭ ‬علميا‭ ‬يحقق‭ ‬بنجاح‭ ‬توصيل‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفصل‭ ‬الدراسي‭ ‬بمهنية‭ ‬عالية‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬المعرفة‭ ‬بعلم‭ ‬الفولكلور‭ ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأخرى‭ ‬المتصلة‭ ‬به‭. ‬

ولن‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬المكثفة‭ ‬وتخصيص‭ ‬بعثات‭ ‬دراسية‭ ‬كافية‭ ‬للطلبة‭ ‬المتفوقين‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لدراسة‭ ‬هذا‭ ‬العلم‭ ‬والعلوم‭ ‬الأخرى‭ ‬الرديفة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭. ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬بتحد‭ ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬والتنفيذ‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭.‬

أعداد المجلة