فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
27

آلة العود في الحضارة العربية الإسلامية بين التنظير العلمي والممارسة الموسيقية

العدد 27 - موسيقى وأداء حركي
آلة العود  في الحضارة العربية الإسلامية بين التنظير  العلمي والممارسة الموسيقية
كاتب من تونس

1. مكانة آلة العود في الحضارة العربية الإسلامية من خلال المصادر النظرية القديمة
“ العود ملك الآلات ورمز الموسيقى العربية القديمة والحديثة (1).”
إن الحديث عن الموسيقى العربية في الجزيرة العربية مرتبط بعدّة وقائع فنية وحضارية، لعلّ أهمها الغناء. وأنّ العديد من المصادر التاريخية تؤكد على أهمية هذا النمط الموسيقي، وهذا ما يفسر كثرة ولع الملوك والأمراء الذين مرّوا بمختلف الحقبات التاريخية بالفنون وأهمها الموسيقى والغناء، إلاّ أن الغناء القديم كان يغنى بالمصاحبة الموسيقية، يعني هذا أن مسألة الآلات الموسيقية كانت مطروحة بصفة واضحة ونحن نعلم أن أغلب الآلات الموسيقية التي كانت تعتمد في الغناء عند العرب من الجاهلية إلى فجر الإسلام هي الدفوف والمزامير والتي بدورها نجدها مذكورة في معضم الأحاديث النبوية إلى جانب ذكرها في العديد من مواقف الفقهاء المسلمين.

 كما أن للعود حضورا هاما قبل وبعد فترة الإسلامية في الجزيرة العربية، وبالإضافة إلى أنّ مختلف الشواهد الأثرية المتوفّرة حالياً تعطي لمحة عن ظهور هذه الآلة في أغلب أقطار المنطقة العربية(2) مع تنوّع في الأصناف وتعددها واختلاف التسميات(3)، ويُذكر في بعض المراجع المتعلقة بآلة العود في الأثار العربية بأنه:  “ومن الأمور المؤكدة أيضاً أن آلة العود قد عرفها العرب قبل الإسلام في الجزيرة العربية وأطلقوا عليها أسماء مختلفة بعضها عربية وبعضها معرّبة، منها المزهر والربط والموتر والمستجيب وذو الزير وذو العتب والكران، ومن الكران أطلق العرب في الجاهلية على المغنية التي تستعين بالضرب على العود في غنائها بالكرينه(4)”.

كما أنّ أغلب ما يشار إليه في ما يخص آلة العود يأتي من خلال ما كتبه الشعراء العرب في إطار مجالس الشعر والغناء، لكن أهم ما يمكن استنتاجه إلى أنّ أغلب ما تناولته المصادر التاريخية أن العود دخل إلى الجزيرة العربية من بلاد الرافدين حيث يُذكر بأنّ البحوث التاريخية تنصُ على أنّ العود قد عُرف في العراق من العصر الأكدي (2350-2170 ق.م)، حيث ظهرت أشكاله في الرسوم المحزوزة على بعض الأختام الإسطوانية التي تعود إلى تلك الحقبة التاريخية، وتفيد المصادر التاريخية كذلك على أن هذه الآلة تظهر على الكثير من الرقم الطينية التي ترجع أثارها إلى العصر البابلي(5)، كما يضيف صبحي أنور الرشيد في نفس السياق من خلال حوصلته لأصل آلة العود أنها الآلة المفضّلة على بقية الآلات الموسيقية في العصور الإسلامية إلاّ أنه يرجح أصل استعمالها إلى عصور ما قبل الإسلام في أقطار الشرق الأدنى، كما أنه يؤكد على أن العود الذي عرفته العصور ما قبل الإسلامية لا يتماثل مع العود المستعمل في العصور الإسلامية ويقول في هذا الصدد:  “ إنّ التحسينات والتغييرات التي طرأت على العود وأوصلته إلى الشكل المستعمل في العصور الإسلامية، قد تمت في العصر الساساني وهو العصر الذي سبق ظهور الإسلام(6) ...”.

لكن على عموم المصادر التاريخية القديمة فإنها لم تتطرق بشكل دقيق للشكل العام للعود إلاّ أنها اقتصرت على ذكر المواد المعتمدة والمتمثلة في رقيق الخشب واعتماد الأمعاء المبرومة أو الحرير بالنسبة إلى صنع الأوتار، فعموماً عند البحث في مختلف المصادر المكتوبة نلاحظ أن ما تناولته الكتب التي تعنى بتاريخ العود تنقسم إلى مصادر ذات جوانب علمية ومصادر أخرى أخذت جانباً أسطورياً(7).

 إلا أن مفهوم آلة العود تبلور وتطوّر عند العرب القدامى خاصةً مع دخول الإسلام في المجتمعات العربية، ولعلّ أهمها كان في العصر الذهبي والمعروف بعصر هارون الرشيد خلال ولايته على الدولة العباسية حين ازدهرت الموسيقى العربية العملية منها والنظرية، حيث أن هذه الفترة التاريخية كانت زاخرة بأعظم الموسيقيين والملحنين والعلماء والمنظرين، حيث يظهر لنا هذا من خلال العناية التي حظيت بها الآلة عن طريق الكتابات والدراسات النظرية العديدة التي وردت عن مجمل الفلاسفة العرب الذين نذكر منهم (الكندي، ابن المنجم، ابن زيلة، صفي الدين الأرموي، إخوان الصفا، اللاذقي، الفارابي، ابن الطحان، ابن سينا)، وتواصل هذا في مجمل الفترة التاريخية الممتدة من صدر الإسلام إلى حدود القرن الخامس عشر ميلادي، وهي الفترة المعروفة بظهور أبرز محاولات التنظير العلمي(8) انطلاقا من المدرسة العودية والمدرسة الطنبورية على غرار المدرسة المنهجية والمتمثلة في رائدها ومؤسسها صفي الدين الأرموي(9).  

 وإن في اختيارنا للتطرّق إلى المسألة التاريخية لآلة العود هو تفعيل وتثمين لقيمتها الحضارية والثقافية والتي بدورها تمثل رمز الموسيقى العربية منذ فترة تاريخية قديمة تمتد من عصر الجاهلية إلى فجر الإسلام(10).

لذا فبعد ما تقدّمنا به من ملامح تاريخية عامّة تخُص آلة العود فسنعتمد في هذا الجانب من المبحث على تقديم موجز لأهم تجارب ومحاولات التنظير العلمي التي وردت في دراسات وكتابات تاريخية قيّمة ودقيقة اعتُمد فيها قسمة الأبعاد النغمية انطلاقاً من دساتين آلة العود التي هي تمثل وسيلة لاستخراج وتصنيف النغمات، إلى جانب بعض الكتابات الأخرى التي ورد فيها جزء خاص بتقديم الخصوصيات الأورغنولوجية للآلة وتصنيفها إلى جانب طرق الصنع والمواد الخاصة بتركيب الآلة أو في جانب أخر ذكر للمحاولات التي تضمنت نماذج تعليمية تساعد المتلقين من العزف على العود.

1.1.آلة العود لدى الكندي(11)
لقد خصص الكندي في كتاباته جانبا كبيرا لآلة العود من خلال التدقيق في وصفها وذكر مقاييسها وخصوصياتها النغمية، حيث أنه تطرّق في رسالته المنشورة بعنوان رسالة في اللحون والنغم إلى ثلاث نقاط هامة، اعتنت أولاً بجانب الصناعة الخاصة بالعود حيث ورد الفصل الأول بعنوان القول في تركيب العود، أما الفصل الثاني فخصص إلى شرح كيفية استخراج النغمات وصناعة الأوتار انطلاقا من دساتين العود وقد جاء هذا العنصر تحت عنوان في معرفة الوتر والنغم، أما القسم الثالث من الرسالة فهو الجزء الأهم في تاريخ التنظير الخاص بآلة العود والمتعلق بوضع قواعد ومنهج لتدريس آلة العود والذي جاء تحت عنوان في رياضة اليدين.

ففي الفن الأول من الرسالة يعطي الكندي أهم التفاصيل المتعلقة بالقياس والعمق، حيث يقول: “فأول ذلك أن يكون طوله 36 اصبع منضّمة بالأصابع الممتلئة الحسنة اللحم ويكون جملة ذلك ثلاث أشبار، وعرضه 15 اصبع وعمقه 7 أصابع ونصف وتكون مسافة عرض المشط مع الفضلة التي تبقى وراء 6 اصابع وتبقى مسافة الأوتار 30 اصبع”(12).

لكن من الواضح في هذا الجزء أن الكندي من خلال هذه الرسالة لم يتطرق الى تحديد مادة الصنع  أو الأنواع التي يمكن اعتمادها، ومع ذلك فلقد أشار إلى الفاعلية والدقة في حذق صناعة العود وهو على علم ودراية بالمسائل الفيزيائية ولكن لم نتحصل على تفسير معمّق لدوي الصوت.

أما في الجزء الثاني الذي يرد تحت عنوان “في معرفة الأوتار والنغم” خصصه الكندي لتحديد عدد الأوتار، حيث يستهل بقوله:  “أما الأوتار فهي أربعة أولها البم وهو وتر معاء دقيق متساوي الأجزاء وليس فيه موضع أغلظ ولا أدق من موضع، ثم طوي حتى صار أربع طبقات وفُتل فتلاً جيداً، وبعده:  المثلث وسبيله سبيل البم بطبقة- وهو من طبقتين- غير أنه من إبر يسم حتى فُتل فصار في قياس الطبقتين من المعاء في الغلظ. وبعده:  الزير وهو أيضاً أمتن من المثنى بطبقة واحدة وهي أن يكون من طبقة واحدة وهو ابريسم في حال طبقة من كبقات المعاء(13)”.   

وانطلاقا من تحديد المادة الأساسية لصناعة الأوتار يأتي في المرحلة الموالية لتقديم التسوية الخاصة بالعود، وحسب ما جاء في رسالة اللحون يصف الكندي النغمات المطلقة للعود حسب موضعها في الحنجرة (تحديد النغمة الخاصة بالوتر عن طريق الحنجرة) والتي تكون حسب هذا الترتيب:  البم والمثلث والمثنى والزير(14).

ومنها يعطي الكندي وصفا دقيقا للنغمات والتي يقدمها في 7 نغمات (مطلق البم، سبابة البم، وسطى البم أو بنصره، خنصر المثلث وهي أيضا مطلقة المثلث، سبابة المثلث، وسطى المثلث أو بنصره، خنصر المثلث وهي أيضا تعرف بمطلق المثنى(15).

 

 

 

كما يشرح الكندي في نفس السياق العلل النجومية التي ذكرها الفلاسفة و ذلك بأن العود وُضع حسب النغم السبع التي تمُثل نظيرة للكواكب السبع الجارية ويتطرق الكندي إلى وضع شرح ما يقابل كل نغمة من هاته النغمات، أما عن الانفراد فيقول:  فمطلق البم-التي هي أول النغم وأفخمها- نظيرة زحل، إذ هو أعلى السبعة وأبطاها سيراً وبعدها سبابة البم-نظيرة المشتري-إذ كان يتلو زحلاً في العلو وكذلك وسطى البم التي يقابلها المريخ، أما الخنصر فهو يمثل الصلة الخاصة بالشمس ولسبابة المثلث ما يقابها للزهرة أما وسطاها فهي لعطارد وخنصره للقمر(16).

ويأتي تفسيره لربط النغمات بالنجوم على أن القوم يختلفون في سائر الأشياء وذلك لاختلاف بلدانهم وأهوائهم ومياههم وثمارهم وأن العلة في هذا الاختلاف مطالع النجوم وانفراد كل كوكب بقوم دون قوم لذلك اعتمد الكندي اختلاف النغمات باختلاف النجوم في العلو(17).
كما تعرض الكندي في رسالة اللحون والنغم في بابها الثالث إلى محاولات تدوين شملت بعض التمارين الخاصة بآلة العود والتي يطلق عليها في الفن الثالث “في رياضة اليدين لذلك”، وهو عبارة عن مدخل وسبيل إلى التعليم والألف للأصابع في التنقل على الدساتين، فإن من استعمل ذلك وأحكمه وأسرع فيه-قبل أن يقصد إلى التعليم- أسرع إلى القبول(18)، مع الإشارة هنا إلى أن الكندي يعتبر أول من دوّن الموسيقى الأحرف الأبجدية وذلك من خلال اتباع طريقة تتمثلُ في تحديد الوتر والنغمات المراد أداؤها والمشار إليها بالأحرف الأبجدية العربية (انظر المثال 1 و2)، كما أن الاقتراحات التي توصل إليها الكندي تعد من المقترحات الهامة في تاريخ التنظير المنهجي لآلة العود في الحضارة العربية الإسلامية إلى حد الفترة المعاصرة، وهذا من خلال ما يُبين فيه المؤلف من صعوبات تقنية عن طريق استعمال الدساتين والمضرب، وإن أهم ما اعتمده الكندي في مقاربته هو أداء درجتين في آن واحد لإعطاء المتعلم القدرة على التنقل بين الدساتين واعتماد تآلف الأصوات.

 

وفي نفس السياق اعتنى يعقوب اسحاق الكندي بآلة العود من خلال رسائله الأخرى حيث نذكر الرسالة بعنوان المصوتات الوترية من ذات الوتر الواحد إلى ذات العشرة أوتار على الأصناف المستحدثة لآلة العود، إضافةً إلى أن الكندي قد حاول في كتاباته الخاصة بالتنظير العلمي للموسيقى إلى تفسير الأصناف المستحدثة من آلة العود من خلال ما أضافه للعود من وتر خامس والذي جاء وضعه تحت وتر الزير حيث يفسر الكندي هذه الإضافة إلى التشابه الموجود بين عدد الأوتار والحواس الباطنية الخمس للإنسان والمتمثلة في الفكر والذكر والذهن والتمييز والإدراك، كما أشار إلى هذا من خلال ما يمكن اشتباهه بالكواكب وعدد الأصابع كما يستعرض في نفس الرسالة الإمكانات الأخرى لتسوية العود ذي السبع أوتار والثمانية أوتار والعشرة أوتار:  فهو في النهاية يتطرق إلى تفسير عدد الأوتار نسبةً إلى الحواس التي يمتلكها الإنسان(21) مع التأكيد في البداية إلى أن العود في عصره كان يحتوي على أربعة أوتار فقط.
 واستناداً إلى ما تعرض إليه الكندي في رسالته لدراسة آلة العود فإنه  كان له الفضل في إرساء عدّة قواعد ومناهج خاصة بآلة العود إما على مستوى الصناعة أو المناهج التعليمية كما أنه فسح المجال كذلك إلى الفلاسفة والمنظرين العرب من معاصريه إلى مزيد العناية بالتنظير وتعصير الصورة الخاصة بآلة العود التي تمثل رمز الحضارة العربية الإسلامية.

2.1. آلة العود لدى ابن المنجّم(22)
حسب ما توصلت إلية الأبحاث في العلوم الموسيقية فإن الرسالة في الموسيقى تعود الى كاتبها يحيى بن علي بن يحيى المنجم حيث اعتمد فيها على الوضع الصحيح لكل نغمة وذلك حسب ما يقابلها في السلم الموسيقي العربي ومقارتنها بالسلم الإغريقي القديم مشيرا إليها بدساتين آلة العود(23)، ويُظهر ابن المنجم في الجزء المخصص للغناء على أكثر من ثمان نغمات على تحديد أنواع النغم بالاعتماد على ما أقره اسحاق الموصلي، إلا أن ابن المنجم على عكس ما تطرق له الفلاسفة أمثال الكندي، فإنه لم يعتمد في كتاباته على الحديث عن الجانب الأورغنولوجي للعود، بل اقتصر على اعتماد آلة العود لتحديد نوع وصفة النغمة، بالإضافة إلى أن ابن المنجم تعرض الى تقسيم رقة العود حسب القواعد التي وضعها الكندي من خلال مواضع الأصابع ومجراها في الأوتار (وسطى في مجراها، ابتداءً من وسطى البم، بنصر في مجراها ابتداءاً من سبابة المثلث)(24)، مع الإشارة إليها بالأحرف الأبجدية العربية، كما أن ابن المنجم يؤكد على أهمية استعمالات نغم البم ونغم المثلث وذلك خاصة بما يتعلق بالغناء والعزف حيث أنه يستعرض من خلال رسالته في باب مخصص لهذا الغرض الأسباب التي من خلالها تستعمل هذه النغمات في الصناعة ويؤكد على أن اعتماد المثلث والبم أبلغ وأتم ولا يغني عنها وجود نظراء لها المثنى والزير في التطبيق العلمي ويعود أساسها إلى الجمع بين النغمتين أحداهما حادّة والأخرى غليظة في نقرة واحدة فتكون لها وقع لذيذ جميل في الأذن ينأى بها عن الرتابة والملل(25) (وهنا إشارة إلى أن ابن المنجم يفضل هذين الوترين لسبب ينحصر في قوّة الصوت فقط)، وكما يفسر المنجم أن، لوتر البم والمثلث صفة غير مكتملة وهذا يعود إلى أن هذه النغمات ليست لها نظائر ومرادفات أو نغم بديلة التي تحدث على وتري المثلث والزير (...)
لكن في تحديد أصول النغم يفسر ابن المنجم في جانب آخر بأن للحصول على النغمات الأصلية في طبقاتها الأصلية فذلك يعود على المثنى والزير، حيث يقول في هذا الصدد:   فعلى هذا المذهب تكون النغم العشر على المثنى والزير أصولاً، لكن منها (أو بعضها) نظائر أو نغم بديلة على البم والمثلث تعرف بنفس أسمائها من حروف الجمل، وليست لنغم المثنى والزير كلها نظائر البم والمثلث كما أن نغم البم والمثلث ليست كلها نظائر لنغم العشر التي تحدث في المثنى والزير(26) والتي يصفها بأوتار الشدّة واللين.
إن من الملاحظ أن ابن المنجم يعتمد على آلة العود بالأساس في تحديد النغمات وفروعها وهو ينطلق أيضا من نظرية اسحاق الموصلي، إلى جانب أن التفسيرات التي يقدمها في تحديد أصول النغمات وتركيبها فهي تمثل جميع أساليب الأداء الخاصة بالنغمات مع تركيز الصفّة التي تصدر عنها باعتماد التقنيات المتاحة للآلة، بالإضافة إلى أن هذه الطريقة مازالت إلى حدّ الآن معتمدة وخاصةً بما يعني بطريقة العزف المزدوج على الوترين في آن واحد والإعادات في الدواوين النغمية وهي طريقة في الأداء تخص أساليب العزف التقليدي في مختلف المدونات الموسيقية التقليدية العربية، كما أن ابن المنجم في تقديمه لكل نغمة يشير إلى إمكانية تصويرها إما على نغمات أخرى أو على ما يقابلها من نظير في الأوتار التي يصفها بالدقّة والغلظ (البم والمثنى).

3.1. آلة العود لدى الفارابي(27)
الفارابي من الفلاسفة البارزين في تاريخ الصناعة والتنظير الموسيقي من خلال كتاباته التي خصت وبالأساس في الأمور التنظيرية العلمية للموسيقى، حيث أنه ألّف أهم كتاب يعنى بجميع المسائل النظرية الموسيقية بعنوان كتاب الموسيقى الكبير، وهو مرجع جامع لأهم ما يلزم الممارسة الموسيقية، وفي سياق المقال الخاص بالصناعة الموسيقية يقدم الفارابي في جزء مفصل إحصاء النغم الطبيعية في آلة العود حيث يعتبرها الآلة التي تعطينا النغم الطبيعية، حيث يقول في افتتاحية الرسالة: ولنقصد إلى الآلات التي تعطينا النغم الطبيعية وإلى ماهو أكثر إعطاء للنغم وأكمل هي العود(28)، ويعتمد المؤلف في تقديمه لآلة العود على نموذج ذي 5 أوتار حيث تكون فيه أثقل النغم هي البم و مناظرتها في الجواب نغمة سبابة المثنى... ومن الأسباب التي تجعل من الفارابي تأكيده على إضافة الوتر الخامس تعود إلى عدم توفر إمكانية صياح سبابة المثنى، ويقول في هذا السياق:  وإذا طلبنا بعد ذلك صياح سبابة المثنى لم نجده في دساتين العود ولنكمل فيها تمام الدور الثاني من أدوار القوى ونشد وتراً خامساً(29).

 

فتعود اذن إضافة الفارابي للوتر الخامس بالأساس كمحاولة لاكتمال النغمات المستخرجة من العود مع اعتماده على نفس القسمة الخاصة بدساتين العود والتي تطرق إليها أيضا كل من الكندي وابن المنجم، ويقدم الفارابي دساتين العود على أنها تساعد على استخراج اثنتين وعشرين نغمة(30)، وهي جميع النغم التي يستعملها العود وهي الأكثر استعمالاً وبعضها يستعمل أقل وذلك انطلاقا من دساتين الخنصر والبنصر ووسطى زلزل و مجنب الوسطى وتتوسطها وسطى الفرس ثم السبابة ومجنبان السبابة ذلك وكما هو مثبت في الرسم البياني(31).

فعلى رغم ما قدمه الفارابي في كتاب الموسيقى الكبير من مقالات اعتنت بجانب كبير منها بأهم جوانب الصناعة الموسيقية باعتماد العود، إلا أنّ القسم الخاص بآلة العود اقتصر على تحديد النغمات وتآلفاتها من الأجناس انطلاقا من قسمة الدساتين ولم يتطرق إلى تحديد المقاسات التي تستلزم لصناعة العود وذلك على غرار ما اعتمده المنظرون السابقون كما لم يتعرض إلى القواعد التي تخص صناعة الآلة من ناحية الأخشاب التي يستحسن التركيب منها.

4.1. آلة العود لدى ابن زيلة(32)
يتعرض ابن زيلة في كتابه إلى التسوية الخاصة بآلة العود من خلال حديثه عن طول الوتر الذي يحدد بالمسافة ما بين المشط والأنف على الربع من جهة الملاوي وشد عليه الدستان الأسفل وهو الدستان المنسوب إلى الخنصر، فيكون بين مطلقه وبين خنصره: الذي بالأربع ثم قسم طوله أيضا وأخذ تسع الطول إلى الأنف(33)(...)، وهنا من الملاحظ إلى أن ابن زيلة يعتمد في دراسته على النموذج الخاص بابن سينا، وبذلك فإن التسوية الخاصة بالعود مماثلة لما قدمه ابن سينا، بالإضافة إلى أن المؤلف قد تعرّض إلى تحديد أوتار العود في 5 أوتار، كما يؤكد على نوعية الأوتار فيقول: فحيلته أن يعلق على العود ثلاثة أوتار من جنس واحد متساوية في الغلظ(34)، وتجدر الإشارة هنا إلى أن ابن زيلة عند تقديمه لآلة العود لم يكن دقيقا من الناحية العملية بل اعتمد على الجانب النظري فقط من خلال تحديده للدساتين وهدد الأوتار ونوعيتها متغافلاً كل ما هو يعنى بالصناعة الخاصة بالآلة وفي تحديد نوعية المواد المستعملة، إلى جانب عدم تعرضه إلى مقاييس التركيب  وطرق العزف كما لم يطرح ابن زيلة المسألة المتعلقة بحدوث الصوت بل اقتصر على تحديد تأثير الصوت في الطبائع، وذلك على غرار ما ورد في كتابات المنظرين والفلاسفة من معاصريه الذين تعرضوا إلى البعض من هذه الجزئيات.

5.1. آلة العود لدى إخوان الصفا (35)
يقدم إخوان الصفا في الرسالة الخامسة والمخصصة للموسيقى ماهية الصناعة الموسيقية من خلال التعرّض إلى تجزئة هذا الموضوع إلى عدّة فصول تعلّقت أهمها بامتزاج الصوت وتنافره إلى جانب ربط حركة الأفلاك مع ما يقابلها بالنغمات، كما تعرضت الرسالة في هذا الفصل إلى تحديد كيفية صناعة الآلات وإصلاحها، وفي هذا السياق فإن أهم ما طُرح هو الاهتمام بآلة العود، حيث يقدم إخوان الصفا آلة العود على أنها من أتم الآلات التي استخرجها الحكماء وأحسن ما صنعوه آلة مسماة بالعود(36).
وانطلاقاً من هذه القولة يتعرض إخوان الصفا في هذا الفصل إلى تقديم الخصوصيات الأورغنولوجية لآلة العود وإعطاء نموذج للآلة من خلال تحديد مختلف المقاييس والدساتين وحسب الآراء المدونة في الرسالة نلاحظ تأكيدهم على أخذ العود لأخشاب حسب الموضع الذي سيعتمد للآلة: ينبغي أن تتخذ الآلة التي تسمى العود خشبا طوله وعرضه وعمقه يكون على النسبة الشريفة، وهي أن طوله مثل عرضه ومثل نصفه، ويكون عمقه مثل طوله، وعنق العود مثل ربع الطول، وتكون ألواحه رُقاقاً متخذ من خشب خفيف، ويكون الوجه رقيقاً من خشب صلب خفيف يطّن إذا نُقر(37) َ.
فعلى غرار الكتابات الأخرى والتي تعرضت لنفس المسألة الخاصة بالعود فنلاحظ أن إخوان الصفا تطرقوا كذلك إلى تصنيف أنواع الخشب التي يمكن إدراجها في أجزاء الآلة وذلك طبقاً لأقوال أهل الصناعة مع تأكيدهم على أنواع الخشب الخاصة بمختلف أجزاء الآلة لكن، والملفت للانتباه في أن النموذج المعتمد في هذه الرسالة هو عود ذو 4 أوتار تم تحديد نسب الغلظ فيها حيث تأكدنا من هذا من خلال ما ورد:  على أن يكون غلظ البم مثل غلظ المثلث ومثل ثلثه، وغلظ المثلث مثل غلظ المثنى ومثل ثلثه، وغلظ المثنى مثل غلظ الزير ومثل ثلثه(38)، وفي هذا السياق نلاحظ أن إخوان الصفا قد اعتمدوا مقاييس لغلظ الأوتار مختلفة عما ورد في كتابات المنظرين السابقين.

كذلك و في السياق نفسه، تقدم الرسالة في القسم الخاص بالآلات الموسيقية علاقة النغمات الصادرة من العود بالطبائع والأمزاج حيث يتعرض هذا القسم في المرحلة الأولى إلى تقديم طريقة لتسوية العود (إصلاح النغم ومعرفة ما يكون بينهما من النسب) حيث أن صحة النغمات تفسر طبيعة المزاج، كذلك تكون محاكية لحركات الأشخاص والأفلاك والكواكب(39). حيث أن النغمات يمكن أن تلذذ منها الطباع والنفوس، أما فيما يتعلق بدساتين العود فإن طريقة إخوان الصفا مماثلة لطريقة الكندي في استخراجها وذلك من خلال قسمة الوتر الواحد إلى أربعة أقسام متساوية ويمتد دستان الخنصر عند الثلاثة أرباع مما يلي عنق العود، ثم يُقسم طول الوتر عند دستان السبابة إلى المشط بتسعة أقسام(40).

وانطلاقاً من المثال المعتمد لدى إخوان الصفا نلاحظ أنه لا يوجد أي خلافات مع النموذج الخاص بالكندي، لكن تبقى رسالة الكندي المتعلقة بالعود الأكثر دقة وعمقا في تقديم مختلف الجوانب المتعلقة بالآلة وذلك بتحديد مقاييس العود إلى جانب محاولات الكندي لتقديم تمارين خاصة بالعزف على هذه الآلة.


6.1.آلة العود لدى ابن سينا(41)
حيث أنه تميز على بقية المنظرين العرب من خلال تطرقه إلى التقسيم الأورغنولوجي للآلات الموسيقية وذلك انطلاقاً من تركيبتها والهيكل العام، حيث يقول في هذا الصدد:  الآلات على أقسام فمنها ذوات الأوتار ودساتين ينقر عليها كالبربط و المشهور المتداول عند الجمهور هو البربط وأن كل شيء أشرف منه غير معروف بين الصناع جداً فيجب أن تتكلم على أحواله ونسب دساتينه ويكون لغيرنا أن يجتهد لينقل الكلام منه إلى سائر الآلات إذا عرف الأصول فنقول أنّ العود قد قسم طول ما بين مشطه وأنف ملاويه على الربع من جهة الملاوي(42)(...)، كما أن ابن سينا اعتمد قسمة أوتار العود بالاعتماد على ما سبقه من المنظرين أمثال الكندي وإخوان الصفا إلى جانب اعتماده على 3 دساتين حديثة والمعروفة بالزلزلية(43)، وانطلاقا من نظريته أصبحت دساتين العود تعتمد على القسمة التالية والتي اعتمد فيها على عود ذي 5 أوتار خاضعة لتسوية مخالفة لما هو قد ورد لدى منظري المدرسة العودية ونخص بالذكر هنا الكندي.

 



7.1. آلة العود لدى ابن الطحان(45)
يتعرض ابن الطحان في كتابه إلى جزئين، الأوّل يتعلق بالصناعة العلمية المنطقية والثاني يتعرض فيه إلى الصناعة العملية الموسيقية، فعلى خلاف لما أوردته كتابات الفلاسفة أمثال الكندي والفارابي وابن سينا من خلال معالجتهم للموسيقى في مؤلفاتهم من ناحية التنظير العلمي، فإن ابن الطحان يعالج الموسيقى من الناحية العملية التي يفهمها المحترف من معاصريه في تلك الفترة(46)،كذلك يمثل ابن الطحاّن من المنظرين الذين اعتنوا بجانب الصناعة الخاصة بآلة العود بشكل مفصّل وهذا ما افتقدته كتابات الكندي، كما نجد أن ما تطرّق له ابن الطحان من الناحية الأورغنولوجية لآلة العود هو مماثل لما ذكره الكندي في رسالته “في اللحون والنغم”، حيث يستعرض ابن الطحّان في كتابه حاوي الفنون وسلوة المحزون في الجزء الثاني إلى مختلف الجوانب التي تعنى بآلة العود، انطلاقا من الأبواب  المخصصة له والتي جاءت في العناوين التالية ( في معرفة من استنبط العود وذكر اختلاف الناس فيه، في كمية العود وكيفيته وأسمائه، في معرفة الدساتين وأسمائها وشدها والغرض المقصود منها، في الأوتار وطباعها وأسمائها وتخيرها وتركيبها، في معرفة أفضل من أوقع بالعود من الفرس وعدد الطرائق الفارسية، في معرفة أفضل من أوقع على العود العربي وغنى عليه الغناء العربي، في وصف العود ومدحه وتفضيله على سائر آلات الغناء وتشبيهه وما قال فيه الشعراء، في معرفة من وضع الزير من الأسفل والبم من الفوق، في الإصلاحات التي تفسد فيها الأوتار وتصليحها)، إذن من خلال استعراضنا للأبواب التي خصصها ابن الطحان في وصفه للعود نلاحظ أن الكاتب لا يُهمل أي جانب من الجوانب العملية للآلة وذلك انطلاقاً من طرحه لمكانة العود داخل المجتمعات العربية الخاصة بالفترة العباسية إلى جانب عرضه لمختلف التسميات الخاصة بالعود، كما أعطى جانباً هاماً خُصًّ بالمكونات الخاصة بصناعة العود حيث يقول:  أما كيفية العود:  فينبغي أن ينظر قدم ما وجد من الخشب الشربيني السبط الخالي من التسبير والتشفيق والتعقيد والاضطرام وأثار المسامير، فينشر رقيقاً (...) ويرقق الجميع ترقيقاً محكماً، ويقشر كلا وجهين قشرا معتدلاً(47) ، وأكمل العيدان وأعدها ما كان من إحدى عشرة سيرة، قد يعمل ثلاثة عشر أيضا لبتكون ظهره ويتدور، ولا تركب بعضها على بعض، بل توثّق.


فما يمكن تحديده في هذا الجانب أن ابن الطحان قد أعطى مختلف القواعد والمقادير الخاصة بصناعة العود والخاضعة لمقاييس الصوت لتلك الفترة ويضيف على ذلك تحديد طول العود حيث يقول:  فيحتاج أن يكون طوله 40 اصبعاً بالأصابع المضمومة وعرضه 16 اصبعا بالأصابع المضمومة أيضا وعمقه 12 اصبعا وتركيبه المشط منه على اصبعين وكسر وتقدير عنقه الذي يركب عليه شبر واحد وعقد ويكون طول بنجقه شبرا وعقد، عدد ملاويه ثمانية(48).

لكن من الملاحظ هنا أن مقاييس صنع العود لدى ابن الطحّان تختلف من حيث المقادير التي وضعها الكندي في رسالته في باب تركيب العود، حيث أن نموذج الكندي أقل حجماً وذلك بالاستناد إلى الطول والعرض والعمق وأكثر عنصر اختلافا هنا هو من ناحية العمق، فالعود الذي يقدمه ابن الطحّان له أكثر عقما كما يظهر اختلاف من ناحية وضع المشط حيث يؤكد الكندي على حساب وضع المشط بست أصابع أما ما ورد عند ابن الطحان فهو يساوي اصبعين وكسر، وفي نفس الإطار فإن الكاتب يعطي وصفا دقيقا من حيث الجودة المحبذة في صناعة العود من خلال تأكيده على أن أطيب العيدان تكون بلا نقوش ولا تزين ولا ترصيع ولا عاج ولا ابنوس بل خشباً واحداً(49)، وفي هذا الجانب نجد أن المؤلف دقيق جداً من حيث تركيزه أكثر على جانب التصنيع وتقديم أهم التفاصيل التي من شأنها إعطاء النموذج الأمثل للعود الخاص بابن الطحاّن، كما لا يفوتنا علماً فإنه على سائر الفلاسفة والمنظرين العرب القدامى فلقد تطرّق كذلك إلى تحديد عدد النغم الخاصة بالعود، كما أنه قد حدد عدد دساتين العود بستّة لكن لم يقدمها بصفة دقيقة مع عدم ذكره للدساتين الزلزلية بل اقتصر تقديمه على: دستان المجنب، دستان السبابة، دستان وسطى الفرس، دستان وسطى العرب، دستان البنصر و دستان الخنصر.

كما يتعرض ابن الطحاّن إلى وضع الأوتار وتحديد مواد صنعها، وهي أربعة على غرار النماذج التي قدمها كل من الفلاسفة الذين تطرقوا إلى نفس هذا المنهج، كما يصف الأوتار بطبائع الإنسان حيث يحددها في:  المثنى خاص بالسرور والطرب، المثلث خاص بالجبن، البم يمثل الحزن، الزير يمثل القسوة والإقدام، إضافةً إلى أن المؤلف يعطي فرضية اعتماد أوتار العود المزدوجة حيث ترد في رسالته هذه القولة:  وإن جعلنا الأوتار ثمانية احتياطيًا لانقطاعها وتفخيماً لها.

إذن يعتبر كتاب حاوي الفنون وسلوة المحزون من الكتابات التاريخية الهامة التي تبرز لنا مدى اهتمام العرب القدامى بهذه الآلة في الحضارة العربية الإسلامية، إضافةً إلى الامكانيات التي تُتيحها هذه الكتابات في تحديد الهيكل العام للآلة  وطرق الصنع وتوظيفها وهذا ما يدل على القيمة الاجتماعية للعود في المجتمعات الإسلامية منذ فجر الإسلام.

  

 
 
8.1. آلة العود لدى صفي الدين الأرموي(50)
تعرض صفي الدين الأرموي في كتاب الأدوار في الفصل الثامن لمسائل متعلقة بآلة العود حيث نجد أن هذا التقسيم جاء بصفة واضحة من خلال اعتماده لرسم بياني يُبين من خلاله التسوية والدساتين، وانطلاقا من هذا التقديم يستعرض المؤلف مختلف الوضعيات الممكنة في استخراج النغمات وفروعها، كما يعتمد صفي الدين في دراسته على نموذج ذي 5 أوتار  وعلى ما ورد في كتاب الأدوار فإن صفي الدين يعتمد على نموذجين من العيدان (الرباعي والخماسي)، ويأتي تأكيده على هذا كذلك من خلال ما استهل به في الفصل الثامن الذي هو بعنوان “في تسوية آلة العود واستخراج الأدوار منه”: ثم أعلم، أن القدماء وضعوا آلة العود ذات خمسة أوتار، وجعلوا مطلق كل وتر مساوياً لثلاثة أرباع ما فوقه(51)”، مع تنويهه على أن أهل الصناعة الموسيقية كانوا يضيفون وتراً خامساً يسمونه الحادّ عند الحاجة إلى الحصول على جمع تام، فكانت نغمة دستان بنصر الحاد هي ضعف الذي بالكل وتساعد هذه الاضافة من الحصول على الجمع التام بالقوّة، كما يعتمد الكاتب على قسمة الأوتار إلى سبعة دساتين وذلك كما هو مبين في النموذج(52) 5 و6.
فالأرموي على غرار المنظرين الذين تعرضوا إلى المسألة المتعلقة بدساتين والخصائص الأورغنولوجية للعود، فإن معالجته لهذه المسألة لم تنحصر في التقسيم النظري فحسب بل ترتكز كتاباته بالأساس على معادلات رياضية وذلك عن طريق اعتماد على قسمة أوتار العود حسب النغمات المراد استخراجها انطلاقا من قياس طول الوتر من الأنف إلى المشط، لذا فإن النموذج الذي يقدمه صفي الدين يعد من النماذج التي تحاكي أنواع العود المعاصر من خلال الهيكل العام، والذي ظهر خاصةً في فترة القرن الخامس عشر.



9.1. آلة العود لدى اللاّذقي(53)
تطرّق اللاّذقي في رسالته إلى عدّة فصول تعنى بالصناعة الموسيقية، حيث يقدم فيها مختلف الجوانب النظرية باعتماد  تحديد السلالم والنغمات وإعطائها رموز عددّية، وهي محاولة من المؤلف لتصنيف مختلف الأجناس، بالإضافة إلى ذكره في بعض الفصول التي تعرض إليها في الرسالة إلى وصف الآلات الموسيقية الموجودة في زمنه والتي يحصرها في 14 آلة موسيقية(54)، حيث تطرق من خلالها إلى التسميات التي  تصنف آلة العود وذلك حسب عدد الأوتار.

يَعتبر اللاّذقي آلة العود من الأصناف المشهورة والتي يضعها ضمن النوع الأوّل، وهي تنقسم إلى 3 أنواع أساسية والمتمثلة في:  العود الأول القديم الذي يحتوي على 4 أوتار والعود الكامل ذي 5 أوتار والعود الأكمل ذي 6 أوتار، ويعتمد المؤلف في رسالته على تسميات مخالفة لما قدمه المنظرون والفلاسفة في نفس السياق، فيعتمد اللاّذقي بعض المصطلحات الخاصة بالآلة مثل النصب يعني التسوية، شد الأصل وهي بما معناه مصاحبة مطلق كل وتر من مصطلحات جميع أوتار العود، شد غير أصل وهي مصاحبة كل وتر من مطلقات الأوتار مع ما في جنبه على غير ذي الأربع، وقد اعتمد المؤلف في رسالته على نموذجين للعود، وهي العود القديم حيث ينسب لكل وتر منه طباع، النموذج الثاني المسمّى بالكامل بكونه كافياً لاستخراج الجموع والأجناس الكاملة والعود ذو 5 أوتار هو أشرف الآلات ونوه اللاّذقي من خلال ما أورده في رسالته أن هذا ينسب في الأصل للفارابي(55)، أما في ما يخص دساتين العود فنجد أن المؤلف يعتمد على نفس النموذج الذي قدمه الأرموي حيث يتبين لنا هذا من خلال ما ورد في رسالته:
إلا أنّ هذه الدساتين المشهورة والتي لها أسماء مخصوصة بها عند أهل صناعة الموسيقى في عهد اللاّذقي فهي على حد قوله تتميز بإمكانية استخراجها لأحوال النغمات والجمع الكامل الأعظم من الحدّة إلى الثقل(57)، كما يشير المؤلف في نفس السياق على إمكانية اعتماد العود الأكمل ذي 6 أوتار والذي قد أصبح يعتمد من قبل بعض العملة المتأخرين “ فبعض العملة المتأخرين يشدون على ساعد هذه الآلة سادساً ويسمونها العود الأكمل(58)”، وعلى هذا يمكن القول إن العود الذي كان منتشراً والأكثر استعمالاً في عهد اللاّذقي هو عود ذو 6 أوتار، لذا وانطلاقاً من هذه الرسالة نلاحظ أن الكاتب قد تطرق لتقديم الآلة بصفة موجزة اقتصر فيها على تقديم أهم خصائصها وذلك باعتماد على ما سبقه من تنظير ودراسات.



خلاصة المقال
إنّ استعراضنا للمكانة التي حضيت بها آلة العود في الحضارة العربية الإسلامية من خلال ما كتب في المصادر العربية التاريخية إلى جانب ما تطرّق له الفلاسفة العرب يعود بالأساس إلى تفعيل وإبراز مكانة هذه الآلة ذات الأصول العريقة والمكانة المرموقة في المجتمعات العربية القديمة وصولاً إلى الفترة المعاصرة. فعلى غرار هذا التيار الفكري والعلمي الذي شهده العالم العربي في تاريخه في الفترة الإسلامية من تنظير موسيقي وتقنين، فإنّ الموسيقى العربية منذ فترة القرن الثامن عشر قد انفصلت من دعائمها الموسيقية التي عرفتها منذ صدر الإسلام، ويعود أساس هذا القطع مع الأنظمة الموسيقية العربية القديمة جرّاء الصدام والتقابل مع النموذج الغربي والانبهار به واعتباره نموذجاً حضارياً فكرياً أصبح يمثل أسس الخطاب الموسيقي العربي المعاصر والحديث الذي طرأت عليه عدّة تغيرات جذرية أساسها اعتماد التنظير العلمي والعملي انطلاقاً من النظام الموسيقي الغربي. إنّ وجود آلة العود إلى حدّ هذا العصر يمثّل خير دليل على قيمة هذه الآلة وما تحمله من إرث حضاري وثقافي جعلها تشعُّ في كامل أنحاء الجزيرة العربية إلى جانب ما تمثّله من رمز للحضارة العربية الإسلامية داخل الثقافة العربية وخارجها، غير أنّ القرن العشرين يمثّل نقطة تحوّل جذرية للعود جرّاء التطوّر التقني في طرق التصنيع إضافةً إلى وصول الآلة إلى مرحلة النضج من خلال اتساع مجالها التعبيري وما تبعه من تطوّر على المستوى النظري للموسيقى للعربية.

الهوامش والمراجع

*باحث في العلوم الموسيقية (جامعة تونس)
 1 - Jargy (Simon), La musique Arabe, 2éme éd, coll. Que sais-je ?,n°436, Paris, presses universitaires de France, 1977, P.115. (Chp.V. les instrument de musique. I. Les instruments de musique classique.) «Le luth, prince des instrument et symbole de la musique arabe ancienne et moderne.»
  2 - لمزيد التعمّق في هذه المسألة أنظر الجدول الخاص بمراحل ظهور الآلة في مختلف الأقطار العربية: قطاط (محمود)، آلة العود بين دقّة العلم وأسرار الفن، عُمان، مركز عمان للموسيقى التقليدية، وزارة الإعلام، 2006، ص.42.
 3 -  راجع: المرجع نفسه، ص.70-73. (الفصل الثاني:  تنوّع الوتريات من فصيلة العود).
ويذكر هنا محمود قطاط مختلف الأصناف الخاصّة بآلة العود حيث نجد أنّه تعرّض إلى ذكر آلة الطنبور بأنواعها إلى جانب الأصناف المستحدثة من أسرة العود والمتمثّلة في: الشاهرود والعود المحمكم والعود المحفور والأوزان والقوبوز والرُباب والششتة أو الطربوب والمغني والشدروغو والرود أو طرب رود وتحفة العود، طرب الفتوح أو الفتح وروح أفزا واللوطة و الكويترة والعود المغاربي وقد ذكرها المؤلف في هذا السياق باعتماد التدرّج الزمني.
 4 -  حميد (عبد العزيز)، العود في الأثار العربية، الموسيقى العربية، عدد 1، بغداد، المجمع العربي للموسيقى، 1982، ص.15-16.
 5 - نفس المصدر، ص.19.
لمزيد التعمق في هذا المبحث أنظر:
أنور رشيد (صبحي)، الآلات الموسيقية في العصور الإسلامية، سلسلة الكتب العلمية، بغداد، منشورات وزارة الإعلام، 1980، ص.47-125. (أصل العود)
أنور رشيد (صبحي)، الموسيقى في العراق القديم، الط.1، بغداد، أفاق عربية، 1988، ص. 175.
 6 - أنور رشيد (صبحي)، الآلات الموسيقية في العصور الإسلامية، ص. 125.
 7 - نفس المصدر،ص.40.
 8 - لمزيد التعمّق في هذه المسألة انظر:  
Geuttat (Mahmoud), La musique classique du maghreb, Paris, Sindbad, 1980, P.64-81.
 9 - قريعة (الأسعد)، الرسالة الشرفية، مراجعة وتصدير. محمود قطاط، تونس، مركز الموسيقى العبية والمتوسطية، وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، 2008، تصدير .xiv
 10 - لمزيد التعمق في هذا المبحث انظر:
Geuttat (Mahmoud), La tradition musicale arabe, centre national de documentation pédagogique, ministère de l’education, Nancy, France, 1986, P. 14.
‏(1ere Partie : Les étapes  historique de musique arabe : 2 B) a)  Le ‘ud instrument de base , b) l’ecole des ‘Udistes)
Ayari (Mondher), l’ecoute des musiques arabes improvisée « essai de psychologie cognitive de l’audition », Paris, Harmattan, 2003, P. 43 - 62.
11 - هو أبو يوسف يعقوب الكندي (185ﻫ – 265 ﻫ  الموافق ﻟ 796 م _ 874 م) ولد في الكوفة وهو صاحب ثماني رسائل في الموسيقى، ويعتبر من أهم رواد المدرسة التنظيرية الأولى (المدرسة العودية) إل جانب اسحاق الموصلي واخوان الصفا، ويعرف الكندي بغزارة كتاباته من خلال ما ألّفه من رسائل في مجال الصناعة الموسيقية وهي الرسالة الكبرى في التأليف، رسالة في ترتيب النغم الدالة على طباع الأشخاص العالية وتشابه التأليف، رسالة في الإيقاع، رسالة في مدخل إلى صناعة الموسيقى، رسالة في خبر صناعة التأليف، رسالة في الاخبار عن صناعة الموسيقى، رسالة في صناعة الشعر ومختصر الموسيقى في تأليف النغم وصناعة العود .
 وردت هذه المعلومات في:  صافي (أحمد)، أعلام الموسيقى والأدوات الموسيقية، الأردن، دار أسامة للنشر والتوزيع، 2003، ص.201-202-203.
راجع كذلك:  
Geuttat (mahmoud), musique du monde arabo-musulman « Guide bibliographique et discographique Approche analytique et critique », Paris, Dār al-‘Uns, 2004, P 116.
12 - بن يعقوب (اسحاق)، رسالة في اللحون والنغم، تر.زكريا يوسف، بغداد، 1970، ص.11.
13 - نفس المصدر، ص.15.
14 - يعتمد الكندي في هذا السياق على تسمية التسوية بلفظة “التسوية العظمى”، وردت في رسالة اللحون والنغم، ص.16.
15 -  نفس المصدر، ص.19.
16 -  نفس المصدر، ص.23.
17 -  نفس المصدر، ص.26.
18 -  نفس المصدر، ص.27.
19 - شعراني سنجقدار (منى)، تاريخ الموسيقى العربية وآلاتها، سلسلة الكتب العلمية، بيروت، معهد الانماء العربي، 1987، ص.187.
20 - هذه الكتابة خاصة بنموذج لمؤلفات الكندي الموسيقية الخاصة بآلة العود وهذا حسب ما تعرض له يوسف زكريا من تحليل  وشرح وتحقيق لرسالة الكندي في اللحون والنغم،  وقد تحصالنا على هذا النموذج الموسيقي في هذا المرجع:  
كمون (مهدي)، الكندي وآلة العود “البعد الثالث لآلة الحكماء عند الكندي”، الحياة الموسيقية، عدد 54، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2009، ص.48.  
21 -  نفس المصدر، ص.49.
22 - أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى ابن أبي منصور  241 هـ - 300هـ  الموافق ﻟ 855 م ـ 912م، عُرف بـ “ابن المنجم” وبالأديب الشاعر المتكلم النديم. حيث أنه يمثل أحد أعلام بني المنجم المعروفين بأدبهم وعلمهم وظرفهم ومنادمتهم للخلفاء العباسيين ومن أهم ما ألف في مجال الصناعة الموسيقية رسالة بعنوان رسالة ابن المنجم في الموسيقى وكشف رموز كتاب الأغاني.
‏Geuttat (mahmoud), musique du monde arabo-musulman « Guide bibliographique et discographique Approche analytique et critique », op.cit., P 99.
23 - ابن المنجم (يحيى بي علي بي يحيى)، رسالة ابن المنجم في الموسيقى وكشف رموز كتاب الأغاني، تح. يوسف شوقي، مركز تحقيق التراث ونشره، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1976، ص.80.
  24 - نفس المصدر، ص.816.
 25 -  نفس المصدر، ص.346.
 26 - نفس المصدر، ص.344.
 27 - هو أبي نصر محمد بن محمد طرخان الفارابي، ولد سنة 260 ﻫ الموافق ﻟ 872 م، يعود إلى أصل تركي وقد كان ميلاده في إقليم فارس المسمات بالتحديد فراب أين بدأت مسيرته التعليمية، توفي في سنة 339 ﻫ  الموافق ﻟ 950 م بمدينة حمص، يعتبر الفارابي من أبرز العلماء العرب الذين مروا على تاريخ الحضارة العربية الإسلامية حيث كللت مسيرته العلمية من خلال تأليفه لأهم مرجع في الصناعة الموسيقية والمعروف بكتاب الموسيقى الكبير. ورد هذا التعريف في المرجع التالي:  
Redolphe (D’erlanger), La musique arabe. 2éme éd. T. 1:  Al-Fārābī:  Kitāb al-mūsīqā al-kabīr (Grand traité de la musique). Paris, Paul Geuthner, 1930, Avertissements XV-XVI.
انظر كذلك:
مليحة فياض (ليلى)، موسوعة أعلام الموسيقى “العرب والأجانب”، الط.1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1992، ص.11.
 28 - الفارابي (أبي نصر محمد بن محمد طرخان)، كتاب الموسيقى الكبير، تح. وشرح غطاس عبد الملك خشب، مراجعة وتصدير محمود أحمد الحفني، القاهرة، دار الكتاب العربي للصناعة والنشر، 1967، ص.122.
29 -  نفس المصدر، ص.124.
 30 - انظر فيما يتعلق بتقسيم أبعاد الدساتين الخاصة بالعود لدى الفارابي المراجع التالية:       
‏Shiloah (Amnon), la musique dans le monde de l’islam « etude socio-culturelle », Paris, Fayard,  les chemins de la musique,2002 , P.245.
‏P.Z. Ronzevalle , un traité de musique arabe moderne, imprimerie catholoique de beyrouth, 1988, PP 21-26.
‏Redolphe (D’erlanger), op. cit., PP. 190-191.
31 - الفارابي (أبي نصر محمد بن محمد طرخان)، العنوان السابق، ص.131.
 32 - هو أبو منصور الحسين بن محمد أو بن الطاهر بن زيلة، أصفهاني الأصل والمولد، لم تذكر لنا المصادر العربية والأجنبية –التي نوهت به-  تاريخ ميلاده غير أنها أشارت إلى أنه توفي سنة 440 ﻫ الموافق ﻟ 1044 م، كان من تلاميذ الشيخ الريئس ابن سينا وعالماً بالرياضيات وماهراً في الصناعة الموسيقية أطلق عليه اسم الحكيم، ومن مؤلفاته:  اختصار طبعيات الشفاء لابن سينا وكتاب قي النفس والكافي في الموسيقى. ورد هذا التعريف في المراجع التالية:
بن زيلة (أبي منصور الحسين), الكافي في الموسيقى, تح., زكريا يوسف, القاهرة, دار العلم, 1964, ص.2.
أنظر كذلك:
‏Geuttat (mahmoud), musique du monde arabo-musulman « Guide bibliographique et discographique Approche analytique et critique », op.cit., P.106.
مليحة فياض (ليلى)، العنون السابق، ص.7.
  33 - نفس المصدر، ص.74.
34 -  نفس المصدر، ص.77.
35 - إخوان الصفا وخلاّن الوفاء، هم جماعة فلسفية تكونت في مدينة البصرة في النصف الأوّل من القرن العاشر، هذه التي تضم ثلة من الفلاسفة قاموا بتأليف أهم معجم فلسفي الذي يعود تاريخه إلى نهاية القرن العاشر، تتكوّن من 52 رسالة مقسمة إلى أربعة أجزاء كبرى وهي:  رياضية تعليمية وجسمانية طبيعية ونفسانية عقلية وناموسية ميتافيزيقية، كان الهدف منها حوصلة جميع المعارف الفلسفية والعلمية.
Ibid., P. 108.
36 - إخوان الضفا، رسالة إخوان الصفا وخلان الوفاء، المج.1، القسم الرياضي، بيروت، دار صادر، بلا سنة، ص 202.
 37 -  نفس المصدر، ص.203.
 38 - نفس المصدر.
39 - نفس المصدر، ص 205.
 40 - نفس المصدر، ص 204.
41 - هو أبو العلي الحسين ابن عبد الله ابن سينا، ولد سنة 370 ﻫ وتوفي سنة 428 ﻫ الموافق ﻟ 980 م – 1037 م، كان يلقب بالريّس ويعرف ﺑAvicenne  لدى الغرب، تعلم منذ شبابه  العلوم الدينية وعلوم الرياضيات و كذلك الفلسفة، أصبح يعرف بالعلامة والمنظر حيث عرف بعدّة رسائل علمية ونظرية والتي تطرق من خلالها إلى النظريات الموسيقية.
‏Redolphe (D’erlanger), op. cit., avertissement, xviii.
‏42 - Farmer (Henri-george), The science of music in islam, Vol 2, PP.181-182.  
43 - لمزيد التعمّق في هذا المبحث انظر:
Ibid., PP. 182 - 183.
44 - Redolphe (D’erlanger), La musique arabe. 2eme éd. T. 2:  Al-Fārābī (suite livre III) Avicenne Mathèmatique Kitābu ‘Š –šifā’. Paris, Paul Geuthner, 1930, P.236.
انظر:
Farmer (Henri-george), op. cit., P. 182-183  
45 - هو أبو الحسن بن الحسين المعروف بابن الطحان الموسيقي، يُعَرَّفُ على أنه موسيقي وملحن ينتمي إلى الفترة الفاطمية، مؤلف لكتاب حاوي الفنون وسلوة المحزون.
Geuttat (mahmoud), musique du monde arabo-musulman « Guide bibliographique et discographique Approche analytique et critique », op.cit., P 105.  
 46 - أبو الحسن (محمد بن الحسين ابن الطحان)، حاوي الفنون وسلوة المحزون، تح. زكريا يوسف، بغداد، المجمع العربي للموسيقى، 1971، ص.1.
 47 - نفس المصدر، ص.98.
 48 - نفس المصدر، ص.99.
 49 - نفس المصدر، ص.100.
  50 - هو صفي الدين عبد المؤمن بن المفاخر الأرموي البغدادي المتوفي سنة 693 ﻫ وترجح المصادر التاريخية المكتوبة على أنه ولد سنة 613 ﻫ الموافق ﻟ 1216 م 1294م  بمدبنة بغداد، هو مؤسس المدرسة المنهجية التي واكبتها أوجه في ظل الحضارة العربية الإسلامية، من أهم مؤلفاته كتب الأدوار في معرفة النغم والأدوار كتبها في حدود سنة 1252 م وكذلك الرسالة الشرفية في النسب التأليفية ألفها في حدود سنة 1268 م.
Geuttat (mahmoud), musique du monde arabo-musulman « Guide bibliographique et discographique Approche analytique et critique », op.cit., P.146-147
أنظر كذلك:
مليحة فياض (ليلى)، العنوان السابق، ص.295.
51 - عبد المؤمن بن أبي المفاخر الأرموي البغدادي (صفي الدين)، كتاب الأدوار في الموسيقى، تح. وشر. غطاس عبد الملك خشبة، مراجعة وتصدير محمود أحمد الحنفي، القاهرة، مركز تحقيق التراث، الهيئة العامة المصرية للكتاب، ص. 232-231.
 52 - نفس المصدر، ص. 232-231.
لمزيد التعمّق في هذا المبحث أنظر كذلك:  
Redolphe D’erlanger. La musique arabe. 2e éd. T. 3:  Ṣafiyyu-d-Dīn al-Urmawī. Épître à Šarafu-d-Dīn ”Aš-Šarafiyyah”. Livre des Cycles musicaux ”kitāb al-aswār”. Paris:  Paul Geuthner, 1938, p.114.
  53 - هو محمد بن عبد الحميد اللاّذقي، كان حياً سنة 888 ﻫ الموافق ﻟ 1483 م، غير أن سنة ميلاده ووفاته تعد من المسائل التي لم ترد في أية مرجع بصفة دقيقة عيث يلجأ العديد من الكتاب إلى إعتماد فرضيات مرتبطة ببعض الأحداث التاريخية المعاصرة لزمنه والمعروف أن الرسالة الفتحية في الموسيقى قد ألفها وقدمها إلى السلطان الثاني بن سلطان محمد الفاتح العثماني لذلك يمكن أن تعود هذه التسمية الخاصة بالرسالة إلى السلطان الفاتح الذي فتح مدينة قسطنطينية سنة 858 ﻫ الموافق ﻟ 1453 م، ويعتبر اللاّذقي من أواخر الأعلام المنتمية إلى المدرسة المنهجية بعد صفي الدين الأرموي.
اللاّذقي (محمد بن عبد الحميد)، الرسالة الفتحية في الموسيقى، شر وتح.، الحاج هاشم محمد رجب، الط.1، الكويت، السلسلة التراثية، عدد16، 1986، ص.7.
ولمزيد التعمق في هذا المبحث أنظر:
Geuttat (mahmoud), musique du monde arabo-musulman « Guide bibliographique et discographique Approche analytique et critique », op.cit., P.,119.
54 - انظر ملحق عدد 3 الخاص بالآلات الموسيقية المستعملة في عهد اللاّذقي والتي تنقسم إلى نوعين الآلات الوترية وهي 14 والآلات ذوات النفخ وهي 6.
_اللاّذقي (محمد بن عبد الحميد)، العنوان السابق، ص.173.
 55 - نفس المصدر، ص ص. 178- 179.
 56 - نفس المصدر، ص.179.
 57 - نفس المصدر، ص. 180.
 58 - نفس المصدر، ص.179.

قائمة المراجع الواردة في المقال باللغة العربية
ابن المنجم (يحيى بي علي بي يحيى)، رسالة ابن المنجم في الموسيقى وكشف رموز كتاب الأغاني، تح. يوسف شوقي، مركز تحقيق التراث ونشره، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1976، ص.80.
ابن زيلة (أبي منصور الحسين), الكافي في الموسيقى, تح., زكريا يوسف, القاهرة, دار العلم, 1964, ص.2.
أبو الحسن (محمد بن الحسين ابن الطحان)، حاوي الفنون وسلوة المحزون، تح. زكريا يوسف، بغداد، المجمع العربي للموسيقى، 1971، ص.1.
أحمد الحفني، القاهرة، دار الكتاب العربي للصناعة والنشر، 1967، ص.122.
إخوان الضفا، رسالة إخوان الصفا وخلان الوفاء، المج.1، القسم الرياضي، بيروت، دار صادر، بلا سنة، ص 202.
أنور رشيد (صبحي)، الآلات الموسيقية في العصور الإسلامية، سلسلة الكتب العلمية، بغداد، منشورات وزارة الإعلام، 1980، ص.47-125.
أنور رشيد (صبحي)، الموسيقى في العراق القديم، الط.1، بغداد، أفاق عربية، 1988، ص. 175.
بن يعقوب (اسحاق)، رسالة في اللحون والنغم، تر.زكريا يوسف، بغداد، 1970، ص.11.
حميد (عبد العزيز)، العود في الأثار العربية، الموسيقى العربية، عدد 1، بغداد، المجمع العربي للموسيقى، 1982، ص.15-16.
شعراني سنجقدار (منى)، تاريخ الموسيقى العربية وآلاتها، سلسلة الكتب العلمية، بيروت، معهد الانماء العربي، 1987، ص.187.
صافي (أحمد)، أعلام الموسيقى والأدوات الموسيقية، الأردن، دار أسامة للنشر والتوزيع، 2003، ص.201-202-203.
الفارابي (أبي نصر محمد بن محمد طرخان)، كتاب الموسيقى الكبير، تح. وشرح غطاس عبد الملك خشب، مراجعة وتصدير محمود
قريعة (الأسعد)، الرسالة الشرفية، مراجعة وتصدير. محمود قطاط، تونس، مركز الموسيقى العبية والمتوسطية، وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، 2008، تصدير .xiv
قطاط (محمود)، آلة العود بين دقّة العلم وأسرار الفن، عُمان، مركز عمان للموسيقى التقليدية، وزارة الإعلام، 2006، ص.42.
كمون (مهدي)، الكندي وآلة العود “البعد الثالث لآلة الحكماء عند الكندي”، الحياة الموسيقية، عدد 54، سوريا، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتب، 2009، ص.48.  
مليحة فياض (ليلى)، موسوعة أعلام الموسيقى “العرب والأجانب”، الط.1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1992، ص.11.

قائمة المراجع الواردة في المقال بالغة الأجنبية

Ayari (Mondher), l’ecoute des musiques arabes improvisée « essai de psychologie cognitive de l’audition », Paris, Harmattan, 2003, P. 43-62.
Farmer (Henri-george), The science of music in islam, Vol 2, Frankfurt, Institute for the History of Arabic-Islamic Sicence, Joja,, Wolfgang Goethe University, 1997, PP.181-182.
Geuttat (Mahmoud), La musique classique du maghreb, Paris, Sindbad, 1980, P.64-81.
Geuttat (Mahmoud), La tradition musicale arabe, centre national de documentation pédagogique, ministère de l’education, Nancy, France, 1986, P. 14.
Geuttat (mahmoud), musique du monde arabo-musulman « Guide bibliographique et discographique Approche analytique et critique », Paris, Dār al-‘Uns, 2004, P 116.
Jargy (Simon), La musique Arabe, 2éme éd, coll. Que sais-je ?,n°436, Paris, presses universitaires de France, 1977, P.115.
P.Z. Ronzevalle , un traité de musique arabe moderne, imprimerie catholoique de beyrouth, 1988, PP 21-26.
Redolphe (D’erlanger), La musique arabe. 2éme éd. T. 1:  Al-Fārābī:  Kitāb al-mūsīqā al-kabīr (Grand traité de la musique). Paris, Paul Geuthner, 1930, Avertissements XV-XVI.
Redolphe (D’erlanger), La musique arabe. 2eme éd. T. 2:  Al-Fārābī (suite livre III) Avicenne Mathèmatique Kitābu ‘Š –šifā’. Paris, Paul Geuthner, 1930, P.236
Shiloah (Amnon), la musique dans le monde de l’islam « etude socio-culturelle », Paris, Fayard,  les chemins de la musique,2002 , P.245.

أعداد المجلة