فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
29

صناعة سعف خوص النخيل

العدد 29 - لوحة الغلاف
صناعة سعف خوص النخيل

النخيل من النباتات المعمرة، موطنها البحرين وشبه الجزيرة العربية وكان يغرس على شطوط نهري دجلة والفرات منذ أكثر من أربعة آلاف سنة. وقد نشأت وامتدت بين الإنسان والنخلة في هذه المواطن علاقة حميمة فيكاد لا يخلو منزل في البحرين والخليج العربي من وجود ظل لنوع أو أكثر من أنواعها المعروفة والشهيرة، كما ان لثمر النخيل استخدامات مختلفة منذ بدء تكونه مرورا بمراحل نضجه إلى قطفه وما يجد بعد ذلك من مراحل. وغني عن القول ما للتمور بأنواعها من فائدة غذائية متكاملة.

استفاد الإنسان من كل ما تنتجه النخلة، فإلى جانب البسر والتمر استخدمت شرائح جذوع النخيل دعائم في بناء المساكن، وشكل السعف أهم عنصر في تكوينات غرف البيت وإنشاء العوازل واستخدمت الألياف لصنع الحبال التي منها يشد السعف لبعضه واستخدم الجريد في صنع تكوينات عديدة الاستخدام كالأقفاص وأسرة الأطفال الرضع والمباخر وغيرها.

وقد تفنن الصناع بهذه المناطق في استخدامات خوص النخيل لصنع الزنابيل والقفاف ومختلف الاحتياجات المنزلية فكانت هذه الصناعة رائجة قبل اكتساحنا بمنتوج البلاستيك والنايلون المستورد. ومن هذه المشغولات المصنعة من خوص النخيل ما نراه بصورة الغلاف الأخير من هذا العدد. ففي هذه الصناعة يُنزع الخوص من جريد النخلة طريا وتعد منه شرائح طولية بعرض سنتيمتر تقريبا وينقع في الماء لأيام ثم يقسم إلى حزم توضع كل منها مفردة بمحلول لوني مختلف لتكتسب كل مجموعة منه لونا مغايرا تساعد في أعمال التشكيل والزركشة اللونية التي يبدعها الناسج بمزاجه وذوقه الخاص في ابتكار وحدات وتكوينات زخرفية محببة تغلب عليها الألوان التي يبدعها الخالق في ألوان ثمرة النخلة المتنوعة بمرحلة الرطب فاللون الأحمر والأصفر والبني والأخضر هما الألوان الغالبة إلى جانب بقية الألوان الأخرى التي يوفرها سوق الصباغة لمثل هذا العمل.

كانت صناعة نسج أو سَفّ خوص النخيل صناعة رائجة توفر للعاملين بها دخلا يفي بمتطلبات الحياة قبل متغيرات نمط العيش في الخليج العربي خصوصا والبلاد العربية عموما، وكانت المنتجات تتنوع بين الحصير وسفرة الأكل الدائرية الشهيرة والزنبيل أو الجفير والقفة بأحجامها وأنواعها والمروحة والمنسف والسفيف المستخدمة في تسقيف المنازل وغيرها الكثير.

تراجعت دون شك هذه الصناعة الآن والتي كان لها أربابها ومشاغلها الحرفية الناشطة واقتصر أمر ممارستها في وقتنا الحاضر على قلة من الحرفيات اللواتي يمارسن هذه الحرفة من البيوت أو في الجمعيات الخيرية أو النسائية إما للحاجة أو لسد الفراغ بإنتاج المشغولات الخفيفة التي يرغبها بعض السياح أو تتطلبها مقتضيات ديكورات الواجهات الشعبية في بعض المناسبات العامة الأهلية والرسمية.
كان بإمكان هذه الحرفة وبما يتوفر محليا من موادها الخام والأيدي العاملة أن تُحدّث وتُطوّر منتجاتها وأن تكون لها وظيفة واستخدام في حياتنا المعاصرة بشكل أو بآخر.. لو ..

أعداد المجلة