فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
30

الزامل: أشهـر أجناس الأدب الشعبي في اليمن

العدد 30 - أدب شعبي
الزامل: أشهـر أجناس الأدب الشعبي في اليمن
كاتب من اليمن

يُـــــــعدُّ مـــنبراً وجهـــــــازاً إعـــــــــــلامياً
للـقبيلــــــــــة في السلـــــــــــم والحــــــــــرب
والمــــــــــــــناسبات، ومفتاحــــــــــاً لـــــــــقيم
التســــــــامح والتعـــــــايش والكـــــــــرم..


أقسِمْ لكم بالله..
ما عَدْ لي بقا في مجلسي /  ما دام جَتْنِي نائبهْ لا مَتْرسِي
فأسهْ وصِلْ رأسي/  وصاب الجرح ذي ما قَدْ نِسِي
با شل حُرَّاسِي/ وبغْزِي لا حدود للأطلسي
إن كنت لي ناسي/ أنا ذي كنت خالس مدعسي
الصخر قرطاسي/ وخطي نار حمرا تلتصِي
والموت ناموسي/ ولو كانت جهَنّم مرْوَسِي (1)
بهذه الكلمات البسيطة الضاربة في العامية لهجةً ونطقاً - رغم تفصُّح بعض ألفاظها وحداثة شكلها الشعري وصوره البديعة –، كتب زمَّال يمانيٌ مُجِيد، موقفه وقضيته، ليقدّم بهذه العاصفة الناضحة بالتحدي، رسالة شعرية وقيمية ليس لخصمه فحسب بل ولكل قارئ وباحثٍ في الأدب الشعبي، مؤكداً أن هذا اللون الشعري الزواملي هو أبرز أجناس الأدب الشعبي اليمني، المشهور بالزامل لدى معظم قبائل اليمن وبعض قبائل شبه الجزيرة العربية.
قصة هذا الزامل ولغته وشهرته سرَتْ على كل لسان من عامة الناس في تلك القبيلة -التي أنتمي إليها- حدثت قبل 14 عاماً،  جعلتني محاصراً بأسئلة هامة حول جذور هذا الجنس الأدبي الشعبي وعن الأسباب الجوهرية وراء خلوده وتأثيره وقيــمه الأصيلة، وأهمية حضوره، في طقوس الحياة اليومية، واتساع المصالح والقضايا الخلافية أو حتى أسباب الأحداث المفاجأة التي لم تكن في الحُسبان.. وهذه الأسئلة بدورها حفّزتني على عمل هذا البحث لتقديم صورة تأصيلية ونقدية لجوانب هذا الجنس الأدبي نشأةً وفناً وشعراً ورسالة.

موضوعياً وقيمياً تجدر بنا الإشارة إلى أن الزامل في ثقافة المجتمع اليمني، فن وأدب راقيان، وملكة يحظى أصحابها بتقدير اجتماعي كبير، لكنه بكونه كلاماً منظوماً يعد سلاحاً ذا حدين فإيجاباً قد يكون مفتاح التسامح والتصافي في أكثر المشاكل الاجتماعية تعقيداً، إذ يعزز برسالة الانصاف والامتثال للحق إرضاء العاطفة الجمعية والغبن القبلي الذي قد يحصل لدى أحد طرفي الخصام.. وسلباً قد يكون مُشْعِلاً لفتيل حروب الثأر التي تبدأ بالكلمة، وقد لا تنتهي بالرصاصة القاتلة ولا يسقط جرمها بالتقادم، سيما عندما يحمل الزامل في طيات نظمه رسالة احتقار أو إهانة لقبيلة ما تجاه حق معنوي أو مادي، وهو ما يعكس خصوصية عنيدة وشرسة في القبيلة اليمنية..
كما يعكس هذا النمط الشعري الشعبي سمات الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي فيها ومنها تخرُج الزوامل، وتتربّع على أجناس الأدب الشعبي، الذي صار يجيده معظم رجال القبيلة، حتى ولو لم يتعلــم أو يفقه هجائية اللغة العربية.. ويكفي صاحب الزامل من التعليم ما يعينه على الكتابة البسيطة ولو باعوجاج لتدوين زامله خلف ورقة علبة السجائر، كمحطة أولى لينتقل بعدها إلى ذاكرة المجتمع ويتماهى قائله حتى يصبح الزامل منسوباً للقبيلة، وربما مجهولاً قائله.. ولا مبالغة في ذلك، فالزامل المذكور في استهلال هذا البحث قاله زمَّال قبلي لم يتعلم لغة الشعـر بقدر ما حصل على معرفة بسيطة في القراءة والكتابة العادية وبصعوبة.. أعرفه جيداً منذ الطفولة ولذا كان زامله حاضراً في ذاكرتي، بل مدخلاً إلى إعداد واستحضار مفردات هذه المادة البحثية إنه شاعر الزامل محمد عبده صالح الجرادي من بطون قبيلة «البجَل» بني الجرادي- مديرية السلفية محافظة ريمة. (2)  

محكمة العُرْف القَبَلي
قد يكون شيطان الشعر في عالم الخيال الزمني والمكاني- في أي لون من ألوان الشعر الشعبي مغيباً للعقل- أو ضرباً من التهاويم، فيكون المعنى في بطن الشاعر - كما يقال- لكنه في الزامل كفيل بجعل العقل حاضراً، من خلال تركيز القضية الخطابية برمتها  في صدر هذا النمط الشعري المقتضب.. فهو بمثابة دعوى قضائية – في عُرْفْ القبيلة – يجب الرد عليها بإنصاف, للوصول لحل المشكلة والاعتراف بالحق، ففي طياته تقام الدعوى، وبه تكون الإجابة، وهو ما ترويه قصة الزامل - المذكور آنفاً- الذي جاء في سياق حادثة بسيطة على أبواب سوق شعبي (مدينة الشرق–آنس) تلتقي فيه (قبائل) ثلاث محافظات يمنية هي ذمار، وريمة والحديدة.. حيث اعتدى أحد أتباع (الشيخ والقائد العسكري محمد صالح العرشي)(3) على بسّاط (صاحب بسطة تجارة) من أبناء قبيلة بني الجرادي مديرية السلفية.. وعندما اشتكى أحد أصحاب المجني عليه إلى ذلك الشيخ والقائد العسكري والقبلي لم يعر الشكوى أي اهتمام.. وقد سبق لهذا القائد أن قاد حملة عسكرية من قبل الدولة على مديرية السلفية، في أوائل ثمانينيات القرن المنصرم أثناء التمرد الذي شهدته بعض المناطق الوسطى في اليمن.. وحدثت في تلك الحملة مواجهات عنيفة شهدت بشراسة قبائل وبطون هذه المديرية واستماتة أبنائها..
خلاصة الأمر أن تصرف الشيخ المذكور مع الشكوى بذلك البرود، أثار غضب القبيلة بأسرها وجعل الشاعر (الجرادي) يكتب زامله مستعيداً الماضي، ويرسله إلى ذلك الشيخ والقائد العسكري.. ليقرأه (العرشي) بمنطق وعقل مدركاً أن خلف قوة ورصانة هذا الزامل واختزاله التاريخي، حق يجب الانتصار له، لتستمر مع ذلك قيم التسامح والسلام التي طمرت جراحات الماضي.. فبادر من لحظتها بإرسال تحكيم (قِطَع من السلاح الكلاشنكوف) لوجهاء القبيلة.. كاعتراف بالخطأ، مستوعداً منهم وعداً ليأتي إليهم على رأس وفد من رجاله إلى قرية المجني عليه  مصطحبين معهم رأس بَقَر(4) ولهم بعد ذلك الحُكم، فتم الاتفاق على يوم محدد، ولما وصل الشيخ العرشي، ارتجز – مع رجاله الذين يجيد معهم رقصة البرع الصاحبة للرجز الزواملي- رده على زامل الجرادي منتصراً لحق القبيلة بكاملها، معتبراً لها، جاراً وسنداً يُعتز به، حيث قال في زامل مطول لا أحفظه كاملاً:
سلام من بدَّاع نظّمْ حرْفَه      يا رزح ظهري يا سلاح العطفهْ (5)
ولأن الاعتراف بالخطأ - بحد ذات- من قيم الشجاعة والامتثال للحق، فإن زامل الاعتذار يستفز لدى القبيلة التي كان الحق لها، قيم الشهامة والكرم، مؤصلاً قاعدة عريضة من قيم التسامح، والعفو، التي تُعَد أكبر من الحق المُعترف به، ولذلك كان رد الجرادي (اللسان النطق) باسم قبيلته أكثر تحدياً من زامله الأول المرسل إلى العرشي، ولكن في منحى قيمي أجمل.. حيث ارتجز زامله  مرحباً بالوفد:
(يا مرحبا يا شمس ربي رحبي      مرحبْ بكمْ من شرقها للمغربِ
أهلاً بمَن جاني ولبَّى مطلبي    العفو ديني والتسامح مذهبي )(6)
فقصد من هذا الزامل المقتضب العفو تماماً وأن الوفد ضيف على القبيلة وعليه أن لا يذبح ثوره، أو أن يخسر ريالاً واحداً في وليمة تلك القبيلة التي عفت وضيفت وافدها.

البُعد المفاهيمي للزامل
يُعرّفْ بأنه ضرب أو لون من ألوان الشعر الشعبي اليمني- في أصله- وأكثر أجناسها حضوراً، كما أن المقصود بالزامل:
«نوع من الرجز الشعري، يلجأ إليه أبناء اليمن عندما يكونون في حالة خصام أو حرب، فيقف قائدهم - وهو في الغالب يجيد نظم الزوامل- أو أي شخص منهم فيرتجز بضعة أبيات بلهجته العامية، فيتلقفها القوم وينغمونها بأصواتهم، ثم ينشدونها جميعاً لإثارة الحماس وتحفيز الهمم. وكذلك إذا أرادت جماعة من الناس أو قبيلة من القبائل أن تحقق لها مطلباً من مسؤول أو حاكم أو قبيلة أخرى فإنها توفد زمرة منها تمثلها، ولحظة وصولهم ينشدون الزامل الذي قد وضعوا فيه مطلبهم وأوجزوا فيه غرضهم... ويكون الزامل عادة باللغة العامية وتتفاوت القطعة منه ما بين اثنين وثمانية أبيات».
وبصفة عامة، يعرَّفُ الزامل وكجنس أدبي- بأنه:  فنٌ خاص من فنون اليمن وقبائله وبعض القبائل الأخرى في جزيرة العرب، بمعنى أنه لا يشمل كل القبائل العربية، وهو بقبائل الأرياف والبوادي أقرب، وهي  القبائل التي يطلق عليها النسابون القبائل الكهلانية والقضاعية، أما قبائل حمير والقبائل العدنانية –حسب الباحثين- فلا تميل إلى هذا الفن كثيراً، بالرغم مما ذكره المؤرخون من أن هُذَيْلاً وثَقِيفاً، وهما قبيلتان عدنانيتان، كانتا تزوملان ولكن بندرة... كما يندر نظم الزامل لدى قبائل مغارب اليمن الحميرية، وقبائل الجذم العدنانية في شمال الجزيرة العربية.

تأصيل تأريخي
تاريخياً لا يوجد تدوين محدد لبداية هذا الفن الشعبي اليمني.. لكن يوجد أول إشارة تدل على هيئة الزامل، وهو ما جاء ذكره في قصة (ثيونانس) في أوائل القرن السادس عندما تكلم عن الوفد الذي أرسله قيصر الروم إلى ملك حِمْيَر (اليمن)، وهو الوفد الذي رأسه شخص يدعى (يدليانوس)، الذي ذكر أنه رأى الملك الحميري عندما خرج في موكبه واقفاً على عربة، أو مركبة تجرَّها أربعة أفيال، وليس على هذا الملك من الملابس إلا مئزراً محوكاً بالذهب حول (حقويه) وأساور ثمينة في ذراعيه، ويحمل بيده ترساً ورمحين، وحوله رجال حاشيته وعليهم الأسلحة، وهم يتغنون بإطرائه وتفخيمه.. فلما وصل السفير وقدم للملك كتاب القيصر قبَّله السفير نفسه وقبَّل الهدايا التي حملها السفير.
وهذا الوصف يدل على هيئة الزامل كما هو معروف لدى اليمنيين في المواكب والأعياد والاستقبالات والزيارات والمناسبات الأخرى كالأعراس وغيرهم.. ومن هذا نستدل أن الزامل كان معروفاً وشائعاً قبل الإسلام لدى عَرَبِ اليمن، بل قبل هذا التاريخ بفترة لأنه ليس وليد الساعة، أي في القرن السادس الميلادي، وبإثبات وجود الزامل، هذا الوجود المبكر، يُرجّح وجود الشعر الذي هو مادة الزامل حيث لا زامل بدون شعر».
ويربط المفكر والأديب اليمني الكبير الراحل الأستاذ عبدالله البردوني بين الزامل وضروب الأدب الشعبي حول «أربع نظريات» أجملها في:
    النظرية الأولى: لم تِشِر في تعريفها للأدب الشعبي إلى إبداع هذا الأدب واختلاف أطواره، وإنما نسبته إلى المغمورين المجهولين على تعاقب الأجيال..
النظرية الثانية: تُعَرِّف الأدب الشعبي بأنه: الفن المروي شفهياً ولا يعرف أحد له قائلا معينا..
    النظرية الثالثة: تعرف الأدب الشعبي بأنه: الفن الذي يعبِّر مباشرة عن الحياة سواء كان قائله معيناً أو مجهولاً..
    النظرية الرابعة: تعرف الأدب الشعبي بأنه  كل فن يعبّر عن أحوال الشعب وتطلعاته بغض النظر عن عامية اللغة وفصاحتها، وبغض النظر عن معرفة القائل أو مجهوليته..
وعلى هذا فالزوامل الشعبية تنطبق على أكثر هذه النظريات فبعضها مجهولة القائل, وبعضها معروفة القائل.
ودلالة على مجهولية قائل الزامل، يحمل الأدب الشعبي اليمني في سطوره المدونة نقلاً عن رواته المعمرين حكاية شعبية تناقلتها الأجيال، تؤصل علاقة الزامل بالأدب الشعبي الشفوي حيث تروي هذه الحكايات أن بعض القبائل فرَّت في سنة (دق يانـوس) إلى كهوف الجبال خوفاً من هجوم المعتدي، وفي هدأة الليل سمعت أصواتاً جهيرة كثيرة العدد، بديعة الإيقاع لم تسمع أجمل منها إثارة وحماسيةً، وكانت تردد باللغة الشعبية زاملاً يهز النفوس ويرنح قامة الصمت، وعندما أصغت إليه القبائل حفظت ذلك الزامل:
قبح الله وجهك يا الذليل                  عـاد بعد الحرايب عافية
عند شبَّ الحرايب ما نميل     با تِجيك العلــوم الشافية(7)
وكانت أصوات الزمّالين تقترب فتثير الفزع، وتبتعد فترجعها الرياح.. وكانت القبائل المختبئة تخرج من مخابئها فلا ترى أحداً، وإنما تسمع ضجيجاً وتشاهد أمواج الغبار، فتأكد المختبئون من اشتعال حرب بين (الجان)، فهيَّجَهُم ذلك الزامل الحماسي فاجتازوا الخوف واندفعوا لمقارعة العدو. وهذه الحكاية بتاريخيتها سنة (دق يانوس)تشير إلى الغزو الروماني بقيادة (اكتافيوس) وربما حرفت اللهجة المحلية اسم القائد فسموه (دق يانوس)، ولعل هذه التسمية تعرف الغزو الروماني والحبشي معاً في مطلع القرن الثالث الميلادي، وإلى هذه الفترة تنتسب نشأة فن الزوامل، وتعلمتها الجموع القبلية عن (الجان)، ثم أصبحت تقليداً، لأن (الجان) أعلى أمثال الشجاعة والإبداع القولي.
وفي صدر الإسلام قدم المصطفى صلى الله  عليه وسلم مهاجراً من مكة إلى يثرب(المدينة المنّوره) فاستقبلته  قبيلتان يمنيتان هما الأوس والخزرج، وكانت جموعهما ترتجز زاملاً في مديحه صلوات ربي وسلامه عليه، وتأييداً للرسالة المحمدية حيث يقول ذلك الزامل:
طلع البدرُ عليــــــــــــنـا                مــــــن ثنيّة الــــــــــوداع(8)
أيها المبعوث فيـــــــــــنـا                جئـــــت بــــالأمر المـطـــاع
جئت شرَّفت المدينة                 مـرحــــــباً يـــــــا خير داع
وَجَبَ الشكُر عليـــــنـا                 مــــــــــــــا دعـــــــــــــــــا لله داع
وهذا زامل مرتجل مصحوب بالطبول، وصادر من قبيلتين يمنيتين، اعتادت الاستقبالات بالزوامل وقرْع الطبول ولا زالت على حالها لدى قبائلنا في مناسبات الاستقبال والوداع.

التحوَّل إلى فولكلور
مع الممارسة العملية والتطبيقية للزامل تحول إلى فولكلور وثقافة، لكن قبل تفنيد هذا التحول يجب الإشارة إلى أن ثمَّة فارقاً جوهرياً بين الزمّال والبدّاع، فالزمّال هو من يزمِل بالشعر أو يردّده، والبدّاع الذي نظمه، والزمالة هي المجموعة أو المجاميع التي تتحد لتردد معاً وبصوت واحد هذا الرجز الشعري.. وغالباً ما يكون «البدّاع»، «زمّالاَ»، أي هو من ينظم الشعر ويردّده فيما المجموعة تردد خلفه، ونادراً ما يكون بداعاً -فقط- أي ينظم الشعر الزواملي والآخرون يرددونه، ويحفظه الناس جيلاً بعد جيل حتى يختفي القائل من كثرة التناقل، فيتحول هذا الزامل إلى موروث تحفظه الذاكرة الجمعية وتبني عليه حكايات وقصصاً قد تطول.. ويسمى بـ(البدَّاع) لأنه يبتدع(الزامل) كفن يستنطق الحال، وبعد إنشاده يسمى (زوامل) لكثرة الأصوات التي تردده، فعندما يجتمع الناس في القرى لتلبية أي حادث يصنع (البدَّاع) شطرين أو ثلاثة أشطر يرددها الصف الأول على مرحلتين، أولاها بأصوات قراءة للحفظ عن طريق التلقين.. وتاليها تجربة الأداء بأصوات خافتة، حتى يتحسن الأداء ثم تعلو الأصوات بالزامل المعبر عن الحدث.. وإذا كان الجمع كثيفا، تُقسّم إلى صفوف: الأول يفصح عن المناسبة كما نظمها (البدَّاع).. والصفوف الأخرى تطلق زوامل متعددة الإيقاع، لا يشترط في أصواتها الدلالة على المناسبة ،لأنها تتوخى مجرد رفع الصوت كبرهان على الكثرة المندفعة، ولا يشترط أن يكون القائل معروفاً، لأن المراد رفع الصوت بأي أثر محفوظ.. وهذا التعريف الوصفي ينطبق على (الزامل) كفلكلور شعبي وفن فردي وجماعي.
الإيقاع والاختزال
الزامل كشعر أقرب لأن يمثّل إيقاعاً للقول المنظوم المعبّر عن الحالة الحركية التي تتسم بالمشاركة لأكثر من شخص، فهو يصدر من مرسلٍ ليحدث ردة فعل لدى المستقبل، محدثاً أثراً وتحولاً عملياً لدى الجماعة، وبهذا يملك الزامل صِفَة الإيقاعية الملازمة لمناسبة القول وحال القائل فالإيحاء الحركي يكون له حُضور دلالي واضح على حال القائل أو الموصوف بالقول مثال على ذلك حركة الجُنْد في ذهابهم إلى معركة أو مهمة:
جيش صنعا تقدَّم بمقْدَمْ                 حنَّ رعدَه وشلّ البِداوَهْ (9)
ومثال أكثر دلالة على مجاميع تتشارك في العمل الزراعي أو البنيوي، وكلما كانت الحركة أكثر كان الإيقاع أسرع، وعلى ضرْب القصير مثلاً:
بارق برق من عندكـــــــــم               وأسقى البلايد عندنا 
غصن القنا من عندكم               والقاطفي من عندنا(10)
وبهذا لا تخرج موازينه عن بحور الشعر المتعارف عليها في علم العروض التي ابتكرها واكتشفها الخليل بن احمد الفراهيدي في الشعر العربي، غير أن الباحثين والنقاد أكدوا أن ميزة موازين الزامل كفن وشعر شعبي، تمحورت حول أكثر البحور يُسْرَاً وقِصَراً لارتباطه بالحالة الحركية لمناسبة القول ودلالته على عمق مشاعر البدَّاع والمجاميع المرددة من حوله، حيث تؤدى أبيات الزامل الشعبي صفوفاً ومجاميع، كما أشرنا آنفاً.. ومن الناحية الموضوعية ترتبط بعض الزوامل إن لم نقل أغلبها بواحدة من أهم أنواع الرقصات المشهورة في شبه الجزيرة العربية، وهي رقصة البَرَع لدى القبائل اليمنية، والشّرْح والعرْضَة لدى بعض القبائل اليمنية والحجازية والنجدية. وقد ابتكر شعراء الزامل موازين جديدة، محدثين طفرة عروضية فريدة تتفرع من الأبحر المعروفة، وهو ما يتطلب من المختصين الفنيين والإيقاعيين دراسة هذا الفن دراسةً عروضية نقدية.
الأهم في الشكل الكتابي واللغوي للزامل، هو أن اللهجات اليمنية ذات الأصول والمنابت العربية الفصحى، أحدثت أيضاً فناً جديداً في الكتابة وهي فن الاختزال للكلمات، فاختصار بعض الكلمات في الزامل لا يعني بُعْد الزامل عن الفصحى وجنوحه للهجة العامية الدارجة، وإنما جَرَت العادة عند القبائل -كل على لهجته في القول- اختصار بعض الكلمات لمنح الزامل حقه العروضي والإيقاعي الموزون، وبالتالي إضفاء قوة إيقاعه عند السامع.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر- والهوامش تضمنت إيضاحات أكثر- تختصر الألفاظ والحروف كتابة ونطقاً فـ(ذي) و(اللِّي) تعني (الذي):
«يا ذي بدأت القول حيا»
أو بـ(اللي):        «حيا بكم ياللي ولمتو عندنا».
القبائل الزمّالة
قسّم الدارسون القبائل اليمنية الزمّالة
إلى أربعة مجموعات:
المجموعة الأولى:
  تشمل مناطق البيضاء والعوالق ومرخة ودثينة والعواذل ومنطقة الواحدي، والمناطق والمجاورة لها، وأغلبية زواملها على الرجز والسريع، ولهم ولع كبير بالزامل، وينّظمون تفاعلات كبيرة تشترك فيها عدة قبائل في المناسبات.
المجموعة الثانية:  
وتشمَل قبائل مراد وبيْحان والمصعبين وقيفة والحدأ، وحريب ورداع وخولان ومشارق عنس والعواض وكومان. وتشتهر زواملها بالجودة والتنوع، وتفَصّح لهجاتهم، واستخدام الزامل في أغلب المناسبات ولكن بصورة أقل.
المجموعة الثالثة:
 وتضمّ هذه المجموعة القبائل المحاذية للصحراء كقبائل غرْب حضرموت من نهد وبالعبيد والكرْب والصيّعَر، وقبيلة بلحارث وعبيدة، وجهْم من خولان، والجدعان من نهم، بني يوسف من مراد، وقبيلة آل ربيع من المناصير وقبائل دهم ووائلة ويام، وبعض قبائل قحطان السراة، وقبائل الدواسر. وتتجانس لهجات هذه المجموعة مفردةً وتعبيراً ولحناً وعروضاً إذ يميلون الى البحور الرزينة التي تتناسب وحركة الهجن والخيل، كالرّمَل والمديد والمتدارك والكامل والرجز.
المجموعة الرابعة:
وتشمَل قبائل مثل سنحان وبني مطر وبني بهلول وبني حٍشيش وهمدان وبني الحارث وبلاد الروس وآنس، والمنار، ومغرب عنس، والكحصة – عتمة - وريمة والحيمتين، وقبائل المناطق الوسطى كـ «خُبان» و»السدَّة» و»القفر»، وأرحب، وبعض جهات صعدة وحاشد ومن حولهم.. وبالرغم من شيوع الزامل على عدة بحور وألحان، إلا أن الاهتمام لدى بعض هذه القبائل بالزامل ليس كبيراً كالمجموعات السابقة.
أغراض الزامل
تتعدد أغراض الزامل بتعدد وسائل الحياة وأحداثها وتقلباتها، فتجده حاضراً في السلم والحرب، وفي طوارق الأحداث والفواجع المحمولة على الصُدفة، وفي المناسبات، والاستقبال، والوداع، والمفاخرة. كما تجده منبراً حُراً مُعبّراً ومعززاً للقيم النبيلة السامية في التعايش، وفي نجدة الملهوف، والانتصار للمظلوم. وأداة لتدوين الحوادث الزمنية العابرة، ومجريات الصراعات القبلية. ولأن المقام لا يتسع لتناول أغراض الزامل اليمني الرئيسة والمتفرعة، كان لزاماً علينا اختزال هذه الأغراض في بعضها كالتالي:

- الحرب (الفروسية والبسالة):
في الحرب تجد الزامل منبراً لشحذ همم الرجال وإشعال عزائم البسالة والصمود للذود عن حق القبيلة والوطن والجاه، فهو لسان القبيلة الذي يعلن الحرب أو يسكته وهو رفيق الذخائر، والخناجر والعصي إن استدعى الأمر لبعض الاشتباكات والمواجهات.. فعلى صعيد أمثلة الزامل في الحروب، حدثت حرب بين قريتين إحداهما من «عنس»، وأخرى من «الحدأ»- محافظة ذمار- حيث تزمل الشيخ زيد عمران من «عنس» موجهاً زامله الى الشيخ محمد بن ناجي القوسي من الحدأ يقول فيه:
با تخَبَّرِش يا ذي المصانع               كــيــف البِشـالي في قـروحه
وش قصة القوسي محمد                 في مترسِه فلَت صَبُوحه (11)
ويرد عليه الشيخ القوسي:
يا ذي ذكرت الشيخ محمّد             هـــو مــأربـي زايد ملُوحَه
غلـــــق علـــــى عمــران ليــــــلِه              قد سمّمه قد شَلّ رَوحَه (12)
وفي حربٍ بين مراد وكومان - الحدأ يتزمل شاعرٌ من مراد مشجعاً الشيخ القردعي للهجوم على كومان قال:
يا القردعي لانته تبا افعال الظفر
 فــاستــــروع الليـلــــة لحُمْـــــرَان العيـــــون
قال الفتى السعدي سنان القبيله
معي صميل احدل لكسَّار القرون(13)

ويرد عليه زمّال كومان مفاخراً بنفسه وزوامله الكومانية، لكن الزوامل في نظره لا تحقق نتائج عملية، وأنه لا يشفي غليله إلا عندما يكون وسط حشد من الأبطال، والرصاص يتطاير من شرفات الحصون:
قال الفتى البداع خيرة من بـدع               
كُثْـــــر الـــزوامــل ما قَضَت عِلْم الشُجُون
اشتاق لانا بين عجّــات العــول               
والصَّاغ يتقارح من اظبَار الحصون(14)

ومن وصايا الحروب يحث الزمّال الصيَّادي قومه كومان على الثبات في الحرب والانتصار للأهل والأقــــارب من كل عدو:
هذي لكم مني وصيـــــــــــــــَّه            وانتوا توصوا كل تالــــي
والعز في الصاغ المشمّـــــــــع             والهم تجلاه الرجــــــالِ
بين اخوتك واولاد عمّك             تصبر على قيِّر وحالــي(15)
ومن مدائح الزوامل لأدوار القُرى الحدودية المعوّل عليها حماية أطراف القبيلة وجدَتُ زاملاً مشهوراً لكنه مجهول القائل والقبيلة:
يا سـلامي يا حُماة الطــــوارف   مستعده في كفـاح الخصــوم
يردعون الخصم لا كان سارف     بــالجرامل حاليات الرقوم (16)

- اللوم والعتاب
ثمة مواقف تستلزم لوم فرد بعينه، أو جماعة، وغالباً ما يمس العتب واللوم القبيلة بأسرها، وعلى سبيل المثال ما ورد في زامل الشيخ محمد مسعد القردعي من قبيلة مراد ابن اسعد – مارب، حيث أرسله إلى الشيخ المقدشي من قبيلة عنس بشأن مقتل اثنين من مراد في «عنْس»:
يا مقدشي كيف النقا فـي ضيفكم !!
  ماحد يقطّع شي جُنُوبَه والبنان 
لو ذي حصل منكم حصل من غيركم
ما كان يطفي حربنا طول الـزمان (17)
فكان جواب الشيخ المقدشي من قبيلة «عنس»:
يا قردعي لَجْل الـوفا حكّمتكم
وارضيتكمهُ يا السلاطين الـزِّكان 
ما قط حَدْ سـوّى المحدَّش مثلكم
 لو جا ابن «الأحمر» عندنا ولا «سنان» 
ما نختلف شي، كلها في نحوكم
في شفـــكــــــــم نمشـــــــي شمــــــالا أو يِمــــــان
 طول العوايد عزَّنا من عزكم
 قـــافي لــكـــم، ولا فصاحبكــم مــــُدَان (18)

- الاعتراف بالخطأ والتحكيم في قضايا القتل  
قد يكون الزامل حُكماً فيصلياً في الحوادث التي لم تكن في حُسبان أحد، وتصل للقتل الخطأ أحيانا في لحظة تحكمها الصدفة القدرية، فيكتب الزمّال زامله بدم قلبه في أسلوب موغل في الإيمان بقيم التسامح، مهما كانت الفواجع، وحتى لو اقتضى الأمر تسليم الابن للقصاص، وفق عرف قبلي لا قضائي.. وفي هذا السياق، دونتُ قصةً واقعيةً -من أحد أصدقائي الشغوفين بالزامل- تروي أن طالبين جارين في الثانوية العامة في إحدى قبائل الحدأ كانا يذهبان سوياً في صف وأحد ويعودان للبيت فيراجعان الدروس ويبيتان سوياً في بيت احدهما أحياناً.. وفي إحدى الأيام وصل السلاح «الشُمَيزَرْ» إلى يد أحد الزميلين، وأثناء اللعب به، قتل أحدهما الآخر، دون قصد. لقد فجعت الأسرة  والحيّ.. أما والد الطفل القاتل فأخذ ابنه إلى والد المقتول وقال له هذا الزامل:
بالسيف والا بالشُمَيْزَرْ يسبق السيف القدر
مـــــا قــــــد تقــــرَّر بالسمــــا فـــــالأخ ينهـــــب روح اخـــــوه
موقــف تقــرَّر صــرَّيا ناصر كتبته في الحجر
  الراحل ابنك صار يومه والذي عاش انت ابوه(19)
فكانت النتيجة أن عفا والد المقتول في لحظتها وقبل الدفن.  

- الفخر والتسامي بالعُرْفْ والموقف والقيم والانتماء
هذا الغرض أكثر شيوعاً وتناولاً، إذ تتفاخر القبائل بتاريخها وحضورها وجاهها وبأبنائها، ويكون الزامل هو منبر للمساجلات والتفاخر بين زمَّالي القبائل التي تشتهر بالزوامل.. ومن أمثلة الفخر بالقبيلة التي تدل على المغايرة والتي قد تخرج عن المألوف، يقول أحد زمالة قبائل العوالق اليمنية، متفاخراً بقبيلته، من خلال تقديم نفسه على أنه شخص خارق في أعماله البطولية والفروسية.. وإنه وأبناء قبيلته قادرون على فعل ما تفعله الجان، في حال أحد تعرض لقبيلتهم بسوء:  
أنا عولقي عفريت واُمي جنيَّه  ... واخوالي الشيطان وابليس الرجيمان حد مشى بالقاع سرنابه دلا  ...  وان حد خرج سقناه في امليل امظليم(20)
ومن زوامل الفخر أيضاً التي سمعتها وكتبتها ودونتها هو ما قاله زمال قبائل خولان وهي خمس قبائل تسمى قبائل السهمان، وقد قال الزامل بعد أن نجح وأبناء قبيلته في أخذ ثأر والده الذي كان رمزاً من رموز القبيلة، حيث قتلوا رمز القبيلة التي قتلت والده فقال في زامله:
 قــوة وشــدة بــأس يا السُّهمـــان تــــرفع كــل رأس
من خمسهْ اخماسْ النقا واضحْ ولا شيِ فيه عيب
قد كنت قاطع يأس لما جا القضا حسب المقاس
الـــزيـــر مـــن جســـاس أخـــذ ثــأره على مقتل كليب

لعل أشهر ما قرأته من المساجلات الزواملية، ما تبادله شاعران أحدهما، يدعى الحميقاني وينتمي إلى قبيلة حُمَيْقان في محافظة البيضاء، والآخر يدعى علي البجيري ينتمي إلى إحدى قبائل العواذل التي تقع بين أبين والبيضاء.. ونورد منها:
بدع – الحميقاني:
وأنــا ســــلام اليـوم يــا مـولـــى «ثــــره»
تــسلــــــــيم  واجـــــــــــب بـــالتحـــــــــيـة والــســــلام
شفنــــي حميقانــــــــي سنـــــان القبيلــــه
وأنت انتسب لا شي معك مثلي وسام(21)
جواب- البجيري:
يا ذي بدعت القـول حيالـــك ولـــــه         
يــــا ابـــن الحميقانـــــي هيامـــــك بالهيــــام
نجم العواذل نجم عالـي بالسمـاء
مثل القمر لا بـان ضوى في الظلام (22)
 جواب – الحميقاني:
قـــال الحميقانـــــي سنــــان القبيـلــه
ذي لا غــــزى حـــــَرّمْ علـــــــى أعــــداه المنـــام
 ربّــــهْ علـــــى كــــــل القبائـــــل سلطّــــَه
نـــــائب لـــــعزرائيل فـــي قبض النِّسام(23)
 جواب- البجيري:
قال البجيري صاحب الكَـوْر العجي
 ذي ربَّـــط الشيطـــان لامــــا اسلــم وصــام
 لنتــــه حميقانــــــي ترانــــــــي عــوذلــــــي
مـــا ظن حــد زائد على الثاني جرام(24)

- الاستجارة وطلب الإنصاف ورفع المظالم
لعلَّ أجمل ما قرأته في هذا الغرض، هي من زوامل قبيلة جبر بن غلاَّب، أحد أبرز رموز ومشائخ قبائل خولان، إذ ورد زامل فيها يعده الباحثون والزمَّالون من أشهر الزوامل التي قيْلَتْ في جبر بن غلاب بعد وفاته، حيث قال أحد المستجيرين ببني جبر، والذي قدم إليهم طالباً الإخاء والانتماء إلى القبيلة، لتنتصر لظلمه فخانه الحظ وتعثرت استجابتهم، فذهب إلى قبر جدهم جبر بن غلاب، وأنشد زامله الحزين قائلا:
يا جبر خاويتك ومن بعد الإخـــا سمّيت بـــك
واليــــوم هـانــــا فــوق قبـرك بالجواري والحريـــــــم
يا جبر لي منعك إذا ما قد دُفِن منعك معك
 لا يجزع الباطل عليا قهـــر ما هو من غريم (25)
فكان هذا الزامل مفتاحاً لتعاطي قبيلة بني جبر بن غلاب مع مظلمته والانتصار لحقه، إذ رد عليه احد أبناء جبر بن غلاب:
قد جبْر ابي سِمْعَك ومن تحت الثرى قد جاوبك
واوصــى عـــيالـه والـــقبيلة في الـــقضية مــن قــديم
بــاحْمِـلْ قـــضيتكم مـــطيّة فــوق ظـــهري وأحــمـلك  
لو نترك الجنّة على شانك ونمضي للجحيم (26)
- الرثاء واحتمال الحزن في سبيل القيم
من أشهر ما قرأت من زوامل الرثاء ما قاله زمّالٌ من آل الذهب من قبائل قيفه- رداع، في رثاء صاحبه المقتول غدْراً:
يـا «حيود اسبيل» فوق «المناسـح»
غــــــاب سلطانـش وغـــابت نجومــه
غاب ذاك القرن ذي كان يناطح
من قتل بالعيب محد يلومه (27)

وفي قصة أخرى طويلة تحكي قيم الانسان اليمني في حفظ العهد والموت دون تسليم ما أُؤتمن عليه من ودائع، حدثت في منطقة «الحدا»- من القبائل الزمالة الأصيلة- في أوائل عهد الإمام يحيى في عشرينيات القرن الماضي، وخلاصتها: أن رجلين تنازعا، فاستقوى الأغنى بسلطته المادية وأودع غريمه السجن في صنعاء، ولم يكن لدى ذلك المظلوم سوى مجموعة من الإبل، أودعها عند صديقٍ له اسمه (مقبل احمد)، فطمع غريمه بالإبل وأوعز إلى نفرٍ من رجاله على رأسهم أحد أقاربه واسمه (جُبْرَان الخليلي)، أن يداهموا (مقبل احمد) فيأخذوا منه الإبل.. ولكنه رفض تسليم الإبل وقاومهم بالسلاح الأبيض (الجنبية) ببسالة، وحين كاد ينتصر عليهم صوبوا بنادقهم فأردوه قتيلاً وأخذوا الإبل فهزج والده الذي كان شيخاً مُقعداً زامله مادحاً ومفتخراً ببسالة ابنه رغم حزنه الشديد:
يـا الحيـود السُّـود غنــِي لمقبــــل    ذي بَذَلْ رأسه وضمَّ والوداعه
ذي حَلَفْ بأيمان ما يدي البِّل     الفسالة طول والموت ساعة (28)

وكان للقتيل ولدٌ مسالم متفرغ للزراعة، ولكن الخلاف طال في القضية، حتى فوجئ ذات مساء بوصول عساكر من الإمام يحيى عليه وعلى جده المُقعد، فاستفزه ذلك التعنت خصوصاً وهو صاحب الحق والقتيل والده، فأخذ بندقيته وتسلل، ليصل إلى دار (جبران الخليلي) فأطلق عليه النار إلى سطح داره، وهو يتفقد أغنامه عند رواحها، فهوى به من سطح الدار إلى الأرض قتيلاً، فدون شاعر شعبي الحادثة وحيثياتها بهذا الزامل:
يا الحيود السُّودْ قُلــِيْ للخليلــــي
 مـــن رجـــالٍ مــا تِهــمَّ الـــــقطيعه
قد قُتِل (جُبْران) في (مُقْبِل أحمد)
برّد أحزان القلوب الوجيعه(29)

الزامل السياسي
بحُكْم طبيعة المجتمع اليمني القَبَلي، صبغت ثقافة القبِيِلَة معترك الحياة السياسية والصراعات السلطوية، ليسجّل المؤرخون عبر الأحداث المتعاقبة في تاريخ اليمن السياسي المعاصر، كثيراً من الزوامل التي صارت جزءاً من التاريخ الشفهي والتدويني لمجريات ذلك الصراع، كما كانت ولم تزل منبراً محورياً للتعبير القبلي الجمعي، عن مواقف وتوجهات القبيلة من الحكم والنظام السياسي.. وكانت أولى الزوامل السياسية التي أخذت مكانها في ذاكرة المجتمع اليمني، زامل علي ناصر بن مسعد القـردعي- شيخاً من مشائخ قبائل مراد (حريب- مأرب).
القصّة التي أدت إلى هذا الزامل طويلة جداً لكن من المُهِم الإشارة إلى أن سبب الخلاف الذي نشأ بين الإمام يحيى بن حميد الدين، والقردعي رحمهما الله، هو معارضة الأخير لنزول جيش الإمام على قبائل مراد في حريب، وتدخله في أمور كثيرة تخص، جابي(30) الإمام في حريب.
كما قاد القردعي- دون موافقة الإمام يحيى- حرباً أخضع من خلالها بيحان لسلطته القبلية، وكانت خاضعة للاستعمار البريطاني، في ظل معاهدة كانت قائمة بين الإمام والإنجليز.. فسُجَن القردعي في صنعاء بتهمة الخروج على الإمام.. وعيّن الإمام عقب ذلك محمد الكحلاني والياً على حريب وأرسل الجيش للاستقرار فيها.. فتمكن القردعي من تمرير رسالة لأخيه في بيحان طلب منه قتل الكحلاني، فكان له ذلك، وتواترت الأحداث والقردعي في سجنه.. وفي أحد الأيام تمكن من ضرب أحد السجانين أثناء دخوله لزنزانته لتقديم السحور، واستلب مفاتيح الزنزانة وتسلَّق سور السجن هو ورفيقه علي الحميقاني وتوجها نحو قبائل خولان، وبقيا متخفيين فيها لمدة ثلاثة أيام حتى استطاعا الخروج نحو بيحان حيث يتواجد أخوه أحمد القردعي، وحين اجتاز الجبال وأشرف على بيحان أنشد القردعي زامله المشهور :
يــــا ذي الشــوامــــــخ ذي بـــــــديتـــــي       مــا شــي عـلـــى الشـــارد
ملامةقولي ليحيى بن محمــــــد        با نلتقي يوم القيامــــــة (31)

وكان هذا الزامل أول ما دون وتناقله الناس عن الزوامل ذات الصبغة السياسية، وقد تكون هناك زوامل أخرى من قبل لكنها لم تدوُّن، وإن دُوّنت فلم تنتشر على ألسنة الناس.
بعد ذلك دخل الزامل طوراً جديداً مع دخول القبيلة اليمنية طور الصراع السلطوي، ولعل أبرز ما يشار إليه من قصص روَّاد الزامل السياسي في اليمن المعاصر، ما حدث أثناء حرب الجمهوريين والملكيين بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م.. حيث لم تبرح زوامل تلك المرحلة السياسية من تاريخ اليمن المعاصرة ذاكرة المجتمع اليمني.. وكان من أشهرها زامل الشيخ ناجي بن علي الغادر وكان في صفِّ الملكيين:
حيد الطيال اعلن وجاوب كل شامخ في اليمن
                ما بانجمهر قط لو نفنى من الدنيا خلاصلو
يرجع امس اليوم والا الشمس تشرق من عدن
والأرض تشعل نار وامزان السما تمطر رصاص (32)

وقُوبل هذا الزامل برَد قوي جداً صار أيضاً على كل لسان يمني حتى اليوم، حيث ردّ النقيب صالح بن ناجي الرويشان الذي بذل جهداً كبيراً «في سبيل المصالحة بين المختلفين اليمنيين جمهوريين وملكيين وإرجاعهم الى الحوار والتفاهم الأخوي بدلاً عن البندقية ولغة السلاح» حيث قال في جوابه:
قلنا اسمحو عفواً، قَفَا ما قد تلـون والتون
الميج واليُوشَن مع بُو مرْوَحهْ والسّود خاص
ما يقرع الطيَّار ضرْب الشرْف هي والميم وَنْ
قُلْ للحَسَن والبَدْر يا ناجي قد الفضَّه نحاس(33)

كما أن من أقوى وأجمل ما جمعت من الزوامل السياسية، هو ما كتبته في دفتر يومياتي.. حيث كُنْت في مشوار تاكسي داخل صنعاء، ولفت انتباهي السائق وهو يردده، مؤكداً لي أنه لأحد أقربائه- في إحدى قبائل خولان- قاله في مظلمة نزلت به من قيادي عسكري بارز في الدولة.. الزامل أتى في (بدع- وجواب- وجواب الجواب) حيث يقول البدع الذي يحمل الشكوى والألم:
يا عدْل في الدنيا وحاكم في السماء فيك الأمل     
سلّط على حُكّامنا فيٍ شعبنا الداء الخبيثْ
السل والسوداء وداء السكريّة والشلل             
هانوا بلدنا واخرسونا من إذاعتهم حديثْ
الجواب- وفيه التهرب والتفاخر المبطن بالعدالة ونكران الخطأ:
سبحان ربي ما يولى حكمه إّلا من عدل
  ومن ظَلَم فى الشعب ما يمهل ويبدى له وريثْ
لكن دعاك يا صاحبى ما يستجاب مهما زمل
لأن قد صابك مرض نفسي وأفكارك لَوِيثْ
جواب الجواب- التعريض والتحدي:
قلْ للمجوِّب سُبَلةْ السارق توشوش يا بطل  
أين طَلى..؟! يا رب غثنا من بلاهم  يا مغيث
يا ذى تقل فينى مرض نفسي أنا مثل العسل
صافى و(ماكِل) من حلالى طُول ما احب الجَعِيث
طبع الأسد يبطشْ ولكن لا قد املاها عقل
والكلب ما يقنع ولو يشبع مكانه في لهيث(34)

الهوامش

1 .    بقا: مكوث وإقامة في المجلس المعتاد ، نائبة: مصيبة، ذي: اسم موصول أو إشارة يختصر في العامية من أصله اللغوي فأصله هو الذي: نُسِي: لم يُنسَ حتى الآن بعد مرور فترة طويلة ، خالس: عاري القدمين : مدعسي : مدعس النعل أو الخف، تلتصي: تشتعل، مَرْوَسِي: المروس هو ما يوضع تحت الرأس عند الاضطجاع وهي صورة بليغة أن يجعل من الجحيم وسادته.
2 .    محافظة ريمة: إحدى المحافظات اليمنية المشهورة بفنونها وموروثها الشعبي المتنوع والواسع..
3 .    الشيخ محمد صالح العرشي- قائد أسبق للشرطة العسكرية   
4 .     تسمى هذه العادة (الهَجَر) وهو تعبير رمزي عن الاعتراف بالحق والإنصاف.
5 .    يا رزح ظهري: أي السند والمعين الذي اتكأ عليه. سلاح العطفة: نوع من أنواع الكلاشنكوف قصير التصميم يعتبر زينة الرجل وفي نفس الوقت سلاح حديث وفتاك..
6 .    أهلاً بمن جاني: أي أهلا بمن جاء إلى أرضي ملبياً مطلب الانصاف..
7 .    قبح الله وجهك يا الذليل : صيغة استهزاء وسخرية ممن يخاف الحرب، ويفر منه وقت حاجة القبيلة له في ساحات الوغى. عاد بعد الحرايب: أي أن بعد الحروب. عافية : أمن وسلام وصحة وتعايش بين الناس. با تجيك : ستأتيك.
8 .    هي اسم منطقة تقع على مشارف يثرب، من الجهة الغربية وكانت تسمى اللابة الغربية وهي مدخل غير رسمي أو معروف بل كانت مضيقاً مخيفاً نسجت حوله الأحاديث بأن من دخل أو مر منه تصيبه العفاريت والجن ويموت، وقد دخل منها النبي صلى الله عليه وسلم ليبطل أحاجي المشركين الذي كانوا يتخذون من هذا المكان محطة للخمور واللصوص..
9 .     المقدْم : تطلق في اللهجات اليمنية على الحملة العسكرية كثيرة العدد وأتمَّها تجهيزاً.
10 . البلايد : لهجة دارجة تعني بلدان، ومفردها بلد، وتعني منطقة جغرافية محددة وفي هذين البيتين دلالة مفاخرة تعني أن العريس من بلد البدّاع ومن يزملون معه بينما العروس من بلد المخاطبين في الزامل الحركي.
11 . المصانع : الحصون والقلاع التي تعتلي الجبال، والبشالي : البنادق القديمة. وش: « أيش» وهي صيغة استفهامية عن ما وراء فعل كذا.. فلّت: ترك. صبوحه: فطوره وجبة الصباح. مترسه: بناية من الأحجار والأكياس الترابية بارتفاع نصف متر، وتكفي لأن يحتجب المقاتل خلفها، ويواجه عدوه بالرصاص، ويحمي نفسه من رصاص العدو..
12 -  ذي: الذي، اسم موصول بمعنى «مَن» ملوحه: زايد الملح، وفيها إشارة إلى تعبير شعبي يمني أصيل، (ملْح الرجال) أي أن الرجل المملوح زايد في قيم الجمال الرجولية والبطولية، ومن ناحية أخرى فيها إشارة إلى تحدي الخصم، فطعم هذا الرجل الزايد الملوحة أصبح لا يطاق فقد أغلق على خصمه أو حاصره وسط بيته ليلة كاملة، وسمَّه وشلّ عقله أي أرعبه وأفقدَه صوابه.
13 - لانته: إذا أنت. تُبَا : تريد. الظفر: النصر. فاستروع: اجمع الرجال وانتظر. حمران العيون: مثل شعبي يمني سايد يطلق على الرجال الشجعان. صميل أحدل : عصى غليظة حدباء من كثر استعمالها. القرون: تدل هنا للعدو المغتر بنفسه، وأنه أصبح له قرون كقرون الثيران الهائجة ويجب كسرها..
14 -  عجّات العول: حشود العيال من الشبان أصحاب السواعد الفتية. الصاغ يطلق على الفضة وهي مادة الرصاص. يتقارح: انفجارات الرصاص. أظبار الحصون: تشاريفها العالية.
15 - أنتو: أنتم. توصوا: تُوصُون أو تبلغون عني هذه الوصية لكل تالٍ من الأجيال. الصاغ المشمع: الرصاص المختوم بالشمع لم يزل جديداً. والهم تجلاه الرجالي: أي أن الرجال عندما تجتمع وحدها تجلي هموم القبيلة أو تنتصر للمغبون والمظلوم منها. اخوتك: إخوانك. قيّر: مُرَّ..
16 -  الطوارف: جمع طرف، أي قرى القبيلة التي تقع على حدود القُبِل الأخرى. سارف: معتدٍ أو مسرف في المشاغبة. الجرامل: نوع من البنادق الأصيلة. حاليات: ذات جودة صناعية دقيقة. والرقوم: جمع رقم.. أي أن هذه البنادق ذات أرقام تدل على جودتها..
17 - كيف النقا في ضيفكم !! : اسلوب استفهامي مبطن بالعتاب والألم الشديدين. ماحد : لا يوجد أحد. شي: لفظة زائدة تعود لفعل يقطع، لكنها تعزز النفي في بعض اللهجات اليمنية. جُنُوبه: أي أكتافه وفيها دلالة عن وحدة الجسد اليمني.
18 -  لَجْل: لأجل. حكّمتكم: أي فوضتكم في حكم القضية لإرضائكم بما ترونه سيجبر الضرر الذي حصل. الزكان: جمع زكين وهو من يتمتع بقيم الكمال العقلي، السلاطين العقلاء. ما قط حد : لا يوجد أحد قط. سوّى : حكم. المحدش: الدية المتعارف عليها مضروبة في 11، وهذا عرف قبلي يمني معروف. جا: جاء. الأحمر وسنان : من أبرز رموز القبائل اليمنية. طول العوائد : على مر الأيام والظروف المعتادة لا يكتمل عزنا إلا بعزكم ومساندتكم لنا. وهذه أبلغ صور التعبير عن قيم التكامل القبلي. قافي: تعني واجب لكم الاعتراف بهذا الدور. ولا: وإلاّ فصاحبكم كان مخطئاً ولم تحصل الحادثة من فراغ.
19 - الشُميْزَرْ: قطعة من السلاح بين الكلاشنكوف والمسدس.
20 - إن حد : إذا في شخص ما. مشى بالقاع: التواضع واحترام الناس. سرنا به : مضينا معه. دلا: ببطء وراحة. وإن حد خرج: تعني وإذا تجاوز شخص ما أعراف القبيلة وأصول التعامل مع أبنائها كأن يتطاول عليها. ام: أل التعريف، وهي شائعة الاستخدام لدى بعض القبائل خصوصا التهامية السواحلية. فمعنى « امليل امظليم»: الليل الحالك المظلم.
21 -  يا مولى: يا صاحب. «ثره» جبل شامخ يطل على أبين وينخرط من بين شوامخه وشعابه نقيل ثره الأسفلتي كواحد من أصعب الطرق اليمنية وأطولها انحداراً. شفني: إعلم أني. سنان القبيله: أي رمح القبيلة أو نصلها. وانت انتسب لا شي: أي وأنت أذكر نسبك إذا لك نسب يعرف كوسام نسبي.
22 - يا ذي: يا مَن. بدعت: بدأت بالزامل. هيامك بالهيام : صيغة سخرية من قول الحميقاني، أي أنها عبارة عن تهاويم. نجم العواذل: دلالة على الرفعة والمكانة التي تحظى بها قبائل العواذل.
23 - ذي لا غزى : أي مَن إذا ذهب في غزوة. أعداه : معاديه أو أعداؤه. النسام: جمع نسمة وهي النفس أو الروح.
24 - الكوْر الهضبة التي تعلو كل ما حوله، وقد تعني من فعل (كوّر) أي قوة في الانقضاض على الشيء  العجي: تدل على الحضور القوي كما يقال عجّ السيل أي دفر وانساب بقوة.. والعجة ضجة الناس في المعركة أو العمل، وهذا تفسير مقارب من المعجم اليمني في اللغة والتراث لمطهر الارياني..
25 -  هانا: ها أنا. منعك: المنع أستجير بمنعتك ومكانتك في القبائل. لا يجزع: لا يمر علي الباطل
26 - باحمِلْ: سأحمل. مطيةّ: جمل بحمله.
27 - «اسبيل» «المناسح» : منطقتين بين رداع وعنس على حدود قبائل قيفة. سلطانش: سلطانك، أي كبير قومك، والخطاب للحيود، أي الجبال. محـد: لا أحد.
28 - يا الحيود السود : نداء خاطب الحيود السوداء أو الجبال الصخرية السوداء وفيه إيحاء من الحزن الشديد، ذي بذل: الذي وهب حياته رخيصة في سبيل حفظ ما أودعه صديقه عنده. البل: تعني الإبل وهو مسمى الإبل في لهجات بعض المناطق اليمنية..
29 - قُلِيْ : اخبري. برّد: أي أطفأ نيران القلوب التي تشتعل حزناً على مقبل أحمد..
30 - الجابي: الذي يجبي الزكاة ويمثل رمز سلطة الإمام.
31 - يا ذي الشوامخ ذي بديتي: يا هذه الجبال التي تتبدين أمامنا في الأفق. ماشي على الشارد: لا يلام من شرد خوفاً من الإمام..
32 - حيد الطيال:  جبل شاهق في خولان. ما بانجمهر قط: أي من المستحيل نعلن انضمامنا للنظام الجمهوري. خلاص: نهائياً
33 - قَفَا: يفوق ألوان الأسلحة. الميج، اليوشن، ابو مروحة، السود، الشَرْف، الميم ون: كلها أسماء ذخائر وقاذفات وطائرات وبنادق كانت أداة الحرب في ذلك الزمن.
34 - سُبلة السارق توشوش: فيها تعريض وتشبيه ضمني اكتفى بأن يجعل للسارق سبلة: الذنَب أو الذيل، وهي مأخوذة من مثل شعبي يمني يقول: إذن السارق توشوش، أي تحدث أصوات لعلمها بما فعل صاحبها.. أيّنْ طلي: الطلي هو الكبش، والصيغة الاستفهامية مثل شعبي أيضاً يحكي قصة شخص سُرق كبش، فعمد إلى الطريق مستوقفاً كل واحد من المارة بسؤال تهكمي غير مكتمل: أنت الذي؟!! فكان الجميع يمر بسلام ولا يعرف ما يرد عليه، وإلى أن وصل أحدهم أمسكه كغيره: أنت الذي ؟؟! فرد عليه : أيّن طلي ؟! فأدرك أنه اللص فقبض عليه. الجعيث: الشيء الرديء أو المخلوط بشيء غير مقبول.
المصادر والمراجع :
كتاب الزامل في الحرب والمناسبات لمؤلفه صالح بن احمد بن ناصر الحارثي
المعجم اليمني في اللغة والتراث حول مفردات خاصة من اللهجات اليمنية – المجلد الأول والثاني لمؤلفه العلامة مطهر بن علي الارياني.
الثقافة الشعبية لمؤلفه الشاعر والناقد المفكر الكبير الاستاذ عبدالله الله البردوني
كتاب قصة الأدب في اليمن – الشاعر والأديب المناضل الكبير احمد محمد الشامي
اليمن من الباب الخلفي- كتاب من أدب الرحلات للمستشرق الألماني هانز هولفرتيز
منتدى همسات يمانية نشر الموضوع تحت عنوان (الفن الزواملي- فصل من كتاب  فنون الأدب الشعبي- لمؤلفه الشاعر والناقد المفكر الكبير الاستاذ عبدالله الله البردوني): http://www.vb.hmsatyen.com/showthread.php?t=9355
مقال بحثي مطول نشر  تحت عنوان (اللغز والكناية والرمز .. تشعب الزامل في الحياة 3) في موقع وكالة الأنباء اليمنية سبأ (سبأنت) للباحث والكاتب غمدان الشوكاني : http://www.sabanews.net/ar/news117537.htm
 مقال بحثي مطول نشر  تحت عنوان (قديم قدم الإنسان.. الزامل.. وحدة الصف وقوة الجماعة1) في موقع وكالة الأنباء اليمنية سبأ (سبأنت) للباحث والكاتب غمدان الشوكاني : www.sabanews.net/ar/news117318.htm
منتديات حريب بيحان :  http://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb6642
منتديات حريب بيحان :  http://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb6642
مقال بحثي مطول نشر  تحت عنوان (تفرده بالشل في الجموع الزامل جذوره في نواة الأسرة جعله متعدد الأغراض2) في موقع وكالة الأنباء اليمنية سبأ (سبأنت) للباحث والكاتب غمدان الشوكاني : http://www.sabanews.net/ar/news117384.htm
منتدى بيحان (قصة الشهيد علي ناصر القردعي – رحمه الله): http://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb12586
الدكتور عبدالعزيز المقالح في عموده الاسبوعي «ومضات» المنشور في صحيفة 26 سبتمبر العدد 1589  تحت عنوان «من أعلام الحرية:المناضل عبدالسلام صبرة يتذكر(تذكر الناس الاخبار هو جوهر ما يجعلنا بشراً): http://www.26sept.info/start/index.php?option=com_
مصادر الصور
 http://media.albayan.ae/khalidkhalifa/decor/114.jpg
www.upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/ 3/31/Shaharah_bridge.jpg

أعداد المجلة