فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
36

دراسة سيميو انثروبولوجية لعادات وطقوس الزواج بتلمسان

العدد 36 - عادات وتقاليد
دراسة سيميو انثروبولوجية لعادات وطقوس الزواج بتلمسان
كاتبة من الجزائر
كاتبة من الجزائر

يختلف الزّواج باختلاف المجتمعات في أشكاله، وعادات الاحتفال به بطرق يقرّها المجتمع، ويفرضها على أفراده، وترتكز هذه الاختلافات على القيم السّائدة التّي تميّز الطّابع المحلّي لثقافة ما عن الثّقافات الأخرى. وفي مدينة تلمسان تتنوع أنماط الزواج؛ منها الداخلي أو ما يسمى بزواج الأقارب وهو أمر مستحب، وميسر للمعرفة بالأصل وتقارب المستويات الاجتماعية، والإبقاء على مستويات الأسرة. وهناك الزواج الخارجي الذي يؤدي هو الآخر إلى تدعيم الجماعات القرابية عن طريق توسيع دائرة قرابتها بالمصاهرة من جماعات أخرى مع ما يصاحب هذه العلاقات الزوجية من مصالح وروابط اقتصادية واجتماعية كثيرة ومتنوعة.

سميوأنثروبولوجيا الاحتفال بالزفاف

تسمى طقوس الزواج عند فان جنب «بطقوس المرور أو العبور أو الانتقال». فالتحوّل والانتقال من جماعة لأخرى ومن مرحلة عمرية إلى مرحلة عمرية أخرى يتطلبّ ممارسة ببعض الطّقوس والشعائر، والتي تهدف إلى مساعدة الأفراد على عملية الانتقال. والانتقال من أدوار (العزوبة) إلى أدوار الزواج يتضمن نوعا من الاحتفال، ويعتبر هذا الاحتفال الذي يكون جزءا من النسق الاجتماعي أمرا شائعا في جميع المجتمعات وإن اختلفت صوره وأشكاله.

طقوس زفة العروس التلمسانية:

بعد الانتهاء من تزيين العروس، تزغرد النساء، وهي إشارة للانطلاق نحو بيت العريس، في هذه اللحظة تقشعر الأجسام لأنها لحظة الفراق والوداع، فتطوي العروس عالم طفولتها، وفتوتها الأولى المفعمة بالذكريات الشيقة، المفرحة منها والمحزنة، لتستقبل عالما مجهولا، وفي هذه اللحظة تبكي العروس. نتساءل هنا لماذا تبكي العروس وهي في جوّ يجب أن تكون سعيدة فيه؟ هل لأنّها ستفارق؟ أم هناك أسباب أخرى أعمق منها. وإن وُجدت فما مدى حضورها في المخيال الشّعبي؟

هناك عدّة رموز لبكاء العروس يوم زفافها (أثناء الزفّة) ومن بينها:

تبكي العروس على فراق أسرتها من الأب الذّي حبا على تربيتها، والأمّ التي غمرتها بحنانهَا الصَّادق الدّافئ وإخوتها وأخواتها الذّين عوّدوها على الألفة والمحبّة، وتبادل الحديث.

كما يرمز بكاء العروس إلى الحشمة والحياء والوقار.

 ويعتبر بكاء العروس أثناء زفّتها رمزا للإخصاب. فهو فأل للحظّ السّعيد. ويؤكد على هذا الاعتقاد عمر بلعيد المزوغي فيقول: «إنّ بكاء العروس ضمان لاستمرار الرّخاء والمطر والإخصاب في موطن الجماعة الحاملة لهذا لمعتقد....» (عمر بلعيد المزوغي، ص395).

ويتبين لنا من هذا النصّ أنّ هناك تقاربا بين الدّموع والمطر. لكن هل حقيقة أنَّ الدّموع تُشير وترمز للمطَر (الإخصاب)؟

إذا رجعنا إلى الأحلام باعتبارها رموزا، نجد نفس التصوّر والتّفسير الذّي يجري في الذهنية الشعبية. فكثيرًا ما تفسّر أمّهاتنا الدّموع (إنسان يبكي) في الأحلام على أنّها إشارة إلى الغيث، وتساقط الأمطار، وظهور الفرح، وهذا دليل على الخير والبركة. ونفس التصوّر يورده عمر بلعيد مزوغي فيقول: «إذا قرأنا كتاب «نهاية الأرب في فنون الأدب» لجمال الدّين أحمد عبد الوهّاب وهو كاتب مصري تناول التصوّرات الشعبية ويقول عن التصوّر الشّعبي حول نزول أبينا آدم و أمّنا حوّاء من الجنّة، «قد نزلت بالأراضي المقدّسة، ومن دموعها حزنًا على خروجها من الجنّة قد نبت القرنفل وأشجارٌ كثيرة...» (بن عمر بلعيد المزوغي، ص396). نستنتج ممّا سبق أنّ لبكاء العروس ليلة زفافها رموزا متعدّدة الوظائف حسب نظرة وتصوّر كلّ مجتمع، فهي رمز للحشمة والوقار، ودلالة على الحنان والعطف ورقة المشاعر، وإشارة إلى هطول الأمطار والإخصاب.

من ناحية أخرى يرافق العروس لبيت زوجها كلّ أقاربها ما عدا أبوها. ومردُّ هذا الكبرياء أنّ الأب لا يمكنه حضور فضّ بكارة ابنته، كما يمكن تفسير ذلك أيضًا بالخوف من العار أو الفضيحة إذا اكتشفت أنّ ابنته غير بكر (الطيب بن هاشم، 2001). ونفس العادة موجودة في مصر، حيث تحدثت عنها فوزية دياب في بحثها القيم والعادات الاجتماعية. ولعلّ هذا التّشابه في العادات بين مصر والجزائر يرجع إلى هجرة القبائل الهلالية من صعيد مصر إلى شمال إفريقيا في عهد الدّولة الفاطميّة، والهجرة من الجزائر إلى مصر في بداية تأسيس الدّولة الفاطميّة وبعدها. كما يمكننا القول إنّه يرجع إلى كون الحاضر التّاريخي والاجتماعي واحدا للأمة العربية.

وإذا تحدثنا عن وسائل النقل المستخدمة في نقل أو زفة العروس إلى بيت زوجها نجد أنها كانت تقام من قبل بالخيل والجمال(1) وأصبحت حاليا تقام بالسيارات. كما أن سماع صوت المنبهات والطبل والمزمار إعلان عن اقتراب وصول الموكب لبيت العريس، وما يلفت الانتباه أن موكب العروس في تلمسان فخم وجميل، فأغلب السيارات من الطراز الجيد، خاصة سيارة العروس وهي مزينة بالأكاليل من الورود والأزهار الجميلة، وتكون العروس مغطاة بلباس الحايك(2) الذي أرسله لها زوجها، وبرفقة اقربائها. حيث أن مرافقتهم لها معناه تثبيت العلاقات الأخوية والأسرية؛ أي تجسيد نظام القرابة، وإشارة أيضا إلى ان للعروس إخوة وأهلا يحمونها ويقفون بجانبها إذا ما حدث مشكل في ليلة العرس.

وإذا حاولنا تطبيق المنهج السيميوطيقي على دراسة هذا الموكب سنجده مكونا من عدة عناصر مثله مثل الكلام وهو يحتاج إلى تفكيك: سيارات، عروس، أقارب العروس نساء متزينات، رجال، ورود، منبهات، موسيقى، ثم نحاول تركيبه من جديد ليدلّنا على معنى معين ألا وهو الموكب الزفافي.

وإذا أخدنا نفس الموكب وحذفنا منه بعض العناصر (الموسيقى، النساء، الورود) يصبح موكبا جنائزيا وهنا تتغير الدلالات. وهذا نفسه ينطبق على الجملة فإذا حذفنا كلمة أو غيرناها بأخرى يتغير المعنى.

عند وصول الموكب الزفافي تنزل العروس ومن جاء معها، ويدخلون إلى بيت العريس أو إلى الصالة ويرافقهم الطبالون، على نغمات الطبل والمزمار، فيرقص الأهل والأحباب وتزغرد النساء معبرات عن فرحتهن وغبطتهن بهذا اليوم السعيد.

تجلس العروس في الصالة وسط الحاضرين، ويستعمل «الحايك» الذي تنزعه كغطاء تتجمع تحته العروس، وبعض قريبات العريس اللائي تقمن بإعادة تزيين وجهها بالمساحيق (المكياج) التي أحضرها لها زوجها في هذا اليوم، كما تقوم بتشكيل رسم دائري أحمر على وجنتيها وتضع فوقه سبعة نقاط بيضاء، ثم تعيد «العبروق» أو الوشاح على وجهها.

ويعتقد أهالي تلمسان أن السبب المبين من وراء هذه العادة (أي تزيينها في بيت زوجها) يعود على الثوابت الإسلامية التي تقول إنه لا يجوز للزوجة أن تتزين إلا في بيت زوجها، ولزوجها فقط انطلاقا من قوله تعالى: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾(سورة النور، الآية 31) إن العروس مجبولة على التزيين والتعطر، لزيادة شدة الشوق والحب بين الأزواج، ولدفع النفور، والكراهية (بن عمر غمشي، 2001). وهذا يدل على أن مفهوم الزينة مشحون بمضمون جنسي، والعلاقة واضحة بين العناية بالجسد والجنس، فالعناية والزينة وضعت لتخدم غرض إثارة الرغبة الجنسية وهي من أهم الأسباب لحظوة المرأة عند زوجها.

وما يلفت الانتباه من زينة العروس التلمسانية يوم زفافها هو ذلك الرسم الدائري الأحمر على وجنتيها، مع تلك النقاط البيضاء، فإلى ماذا يرمز هذا التشكيل؟

الطقوس والشعائر المرتبطة بالزواج كما ذكرنا سابقا كلها علامات وإشارات، والآن يأتي دور المشاهد أو المتلقي، والتلقي معناه الملاحظة والإبصار والكشف والمشاهدة بالتطلع على النص بصريا. وتبدأ من كل ما يعكسه النص من خط ولون وفضاء وما ينشا عن كل ذلك من علاقات حركية تناغمية وإيقاعية تضادا وانسجاما ثم ما يحدث من جدل ونقاش بين هذه العلاقات والتي سنتحدث عنها فيما بعد. وقد يندهش المشاهد من ذلك الرسم الدائري على وجنتي العروس وهو لا يعرف معناه، خاصة إذا كان لا ينتمي إلى مدينة تلمسان وقد يستدعيه الفضول ليسأل عن معناه. وقد وجدنا أن بعض أهل تلمسان يجهلون دلالات ذلك الرسم والنقاط البيضاء، فقد اعتادوا عليه دون أن يسألوا عنه. ووجدوا أنفسهم مضطرين لاتباع تلك العادات لأنها موجودة في اللاشعور الجمعي كما عبر عن ذلك يونغ. أما من يعرف معناه فهن النساء التلمسانيات المسنات. ففي اعتقادهن أن الصبغة الحمراء إشارة إلى الحياء والاحتشام. وهو نفس الرأي الذي ذكره بن عمر غمشي، 2001 في قوله: «فنستطيع أن ندرك صوت اللون حين نبصره مرسوما فإذا رأيت حمرة في الخد - الرامزة إلى الخجل، يختلج في نفسك سماعها. وهذا ما أكده أيضا الباحث نعيم علوية لما قال: حين ترى حرفا مكتوبا تعرف صوته ألا تجد مخارجه قد ولدته صامتا، وانبعثت جروسه تلقاء في السمع. وهذا يبرز في حروف الوجه كلها. حيث ندرك صوتها، ونتحسسها جارية في المخارج من دون أن ننطقها على الإطلاق ويتحقق ذلك قدر ما جرت عليه العادة والعرف وحسب العلامة اللونية الظاهرة».

كما تدل الصبغة الحمراء أيضا على الدم أي سلامة غشاء بكارة العروس (أي أنها عذراء) ويعتبر هذا الرسم أيقونة له والأيقونة تمثل موضوعها من خلال التشابه بين الدال (الدائرة الحمراء) والمدلول (الدم) وهذا يدل على أن العروس بكر. كما يشكّل التماس غشاء مهبلي بكر بالنّسبة للبنت ليلة الزّفاف ضمانة لحُسن أخلاقها، وأحيانًا لا مفرّ من ذلك، لبقائها (نور الدين طوالبي، 1988). فيتلّهفّ أهل العريس إلى معرفة أخبار العذريّة، لأنّهم يُحبّون أن يتيقّنوا أنّهم اختاروا عروسًا تعدُّ بحقٍّ ثروة ومكسبًا من النّاحية الاقتصادية أو الجمالية مثلاً، ( فوزية دياب، 1980) وإذا رجعنا إلى الماضي نجده نفس المعنى الذي تحمله الصبغة الحمراء في عصور ما قبل التاريخ، « ففي عصر الباليوليت كانت تشير الصبغة الحمراء إلى الدم الذي هو قوة وحياة وغذاء وسمة عالم الرحم (خزعل الماجدي....).

أما النقاط البيضاء، فهي رمز للنقاء والصفاء والطهارة والفرح، والوجه المفرح للشخص كان يوصف بأنه أبيض ( مانفرد لورلكر، 2000). ويفسر أهالي تلمسان وجود هذين اللونين معا (الأحمر + الأبيض) - على وجنتي العروس - على أنه دليل على السعادة والهناء، ولدفع العين ودرء الحسد عنها. ويؤكد هذا ماحي عبد اللطيف حيث يقول: «توضع النقاط البيضاء السبعة على الأحمر تيمنا بالخير، وطول الحياة، والهناء لها، ولدفع العين والحسد عنها» (عبد اللطيف ماحي، 2003). وقد يرمز هذان اللونان معا على وجنتي العروس - أيضا- إلى العزة والكرامة. ونؤكد هذا بما جاء في تفسير ابن سيرين للأحلام إذ يقول: «فحمرة اللون وجاهة وفرج، وإذا كان مع الحمرة بياض نال صاحبها عزا» (ابن سيرين، 1999).

إن أغلب الرسوم التي يتخذها الإنسان على جسده ما هي في الواقع إلا تلبية لمعتقد ديني وطقس من الطقوس التي تمارسها الجماعة في مناسبات لها دورها في الحياة عند الأقوام القديمة، والتي ما تزال أثارها باقية إلى اليوم. ونستخلص من كل ما سبق أن ذلك الرسم يشير إلى أن العروس بكر، وأنها سوف تنال عزا، وكرامة في هذا اليوم (الدخلة)، وتحظى بمكانة مرموقة بين أهلها وذويها، لأنها صانت عرضها وحفظت فرجها، فسلامة غشاء بكارتها ضمان لحسن خلقها.

ومما هو جدير بالذكر أن هذا الرسم لا تحمله إلا العروس ليلة الزفاف فقط، ولا يعاد رسمه في الليلة الثانية من الزفاف عندما تعيد لبس القفطان والشدة، والسبب في ذلك أنه في اليوم الثاني يكون قد تم الدخول بها (أي فقدت عذريتها). كما أن هذا الرسم يميز بينها وبين النساء الأخريات اللواتي يرتدين القفطان مع الفوطة والحزام، بخلاف العروس في ذلك اليوم، وهن اللواتي يلتقين العريس.

وجرت العادة في يوم العرس بعد تزيين العروس في بيت عريسها، أن تمر على الحاضرين والمدعوين برفقة امرأتين، وعيناها مغمضتان ليراها الجميع، ثم تعيد المنديل على وجهها إلى أن يصل العريس فيكشف عن وجهها هذا النقاب. ويعود تفسير هذه العادة (غمض العينين) حسب اعتقاد أهالي تلمسان إلى أنها رمز للاحتشام والحياء، وفي اعتقاد البعض الآخر كي لا تصاب العروس بالعين والحسد. لأنها سريعة التأثر بالأذى في مثل هذا اليوم.

طقوس زفة العريس التلمساني:

أول عمل يقوم به العريس ليلة الزفاف تحليق الشعر والدخول إلى الحمام. لأن الاستحمام قبل الشروع بعمل مهم كالنكاح، يهدف إلى تطهير الجسد من الأوزار. فالقذارة الخارجية تزال عن طريق الاغتسال الشعائري والحلاقة (التطهير).

وجاء في قوله تعالى « وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ»(سورة الأنفال، الآية 11).

ولطقس الحمام معنى ظاهر، ومعنى خفي؛ فالظاهر يتمثل فيما ذكرناه سابقا أي الطهارة ويعرفه العام والخاص، أما الثاني فهو ما نجهله ولا نكشفه إلا من خلال البحث المعمق. فحسب الاعتقادات السائدة في منطقة تلمسان أن الماء لا يرمز للطهارة فقط، وإنما هو رمز للإخصاب أيضا، فهناك علاقة بين الماء والمني. وإذا رجعنا إلى الثقافات القديمة وفي العصر الكاليكوليتي، نجد أن السكان كانوا يتصورون المطر في كثير من معتقداتهم على أنه المني الخصب لأبي السماء، فعندما يكون الماء (المني) قويا خصبا ترتوي الأرض (المرأة) فتقدم محصولا وفيرا (الإنجاب)، فالماء (المني) هو المسؤول عن الإخصاب.

وبعد خروج العريس من الحمام، يلبس ملابس داخلية جديدة لم يسبق لبسها، ويعطر نفسه، ثم يرتدي طقما أسود، وحذاء أسود جديدا. وللعطر أيضا مكانته وقدسيته في يوم الزفاف فهو رمز لتطهير الروح ودفعها للتألق. واعتبر أيضا العطر الطيب من الخصائص الإلهية مشيعا بقوة الحياة الأبدية، وعلى هذا أدى استعمال الروائح والزيوت العطرية دورا في العقيدة أكثر وأكثر من استعمالها في التجميل (مانفرد لوركر، 2000).

أما اختيار اللون الأسود (الطقم والحذاء) فيرجع إلى أن من القيم الخاصة بالرجال ارتداء الملابس الداكنة كالأسود، لأن الألوان الداكنة توحي بالاحترام والوقار، زيادة على ذلك فهي رمز للعظمة والأبهة والإجلال (بن عمر غمشي، 2001). وفي الأخير يلبس العريس برنوسا(3) أبيض، يكون قد استعاره عن أهله أو أصدقائه، متجها مع أحبابه وجيرانه إلى المقهى الذي يتلقى فيه التبريك والتهاني. وعادة لبس البرنوس ليلة الزفاف إشارة للسلطة والولاء والوقار، فكان الملوك والأمراء يلبسون هذا الرداء، واللون الأبيض يدل على النقاء والطهارة، والزفاف مؤسسة دينية مقدسة لا يدخلها إلا المتطهرون.

ويتسم الزفاف في تلمسان بنكهة متفردة وهي ركوب العريس الفرس، وهو يرقص على نغمات الطبل والمزمار، وبعدها ينصرف الموكب طائفا بأزقة المدينة إلى أن يصل إلى الدار أو الصالة، ثم تدق الطبول والزغاريد ويطلق البارود إعلانا بوصول العريس، ثم ينزل عن الحصان ويدخل رأسا إلى البيت أو الصالة أين توجد العروس.

إن عادة ركوب الفرس أثناء الزفة فأل خير في اعتقاد أهالي تلمسان، لأنه يرمز إلى الخير والرجولة والشجاعة والكبرياء. وقد أقرت السنة هذا الاعتقاد، عن أبي التياح قال: «حدثنا عبد الله بن مسلمة: حدثنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: «الخيل في نواصيها(4) الخير إلى يوم القيامة» (أبو عبد الله البخاري، 1992). ويظل للفرس مكانته الخاصة في ذاكرتنا الشعبية لارتباطه بتاريخ عريق من الفروسية والبطولة وتحقيق النصر. ويرمز ركوب الفرس إلى قيم الشجاعة والبأس والبسالة والإقدام والاعتزاز بالسلاح.

سيميوطيقا الفضاء المكاني للحفل:

سنقوم الآن بوصف فضاء العرس، فهو مثل المشهد المسرحي يطرح بضاعته للمتلقي، الذي يلعب هنا دور القارئ في النص الأدبي. ولهذا الفضاء مؤشرات تدل على أنه احتفال زفاف وهي كالتالي؛ الأضواء الكثيرة، المدعوون، العريس والعروس الموسيقى، الرقص، الغناء، رائحة الطعام. كل هذه العلامات تركّب مع بعضها البعض لتعطي تفسيرا لهذا المشهد. ويحاول المتلقي (المتفرج) أن يسلط عينيه ليقوم بفهم مختلف الأشياء التي يحددها بصره، فالأشياء تحمل دلالات. وتعتبر اللغة الوسيلة الوحيدة تجعل هذه الأنساق والأشياء غير اللفظية دالة. وما دامت الأنساق والوقائع والأشكال الرمزية دالة كما يقول بارت فلا عيب من تطبيق المقاييس اللسانية على الوقائع غير اللفظية أي الأنظمة السميوطيقية غير اللسانية لبناء الطرح الدلالي.

1. الشخصيات:

ما نركز عليه في تحليل مشهد العرس هي الشخصيات ووظائفها والعلاقات التي تربطها. بما أننا نسرد فلا بد للسرد من فعل، ولا بد لهذا الفعل من مشاركين. وما يهمنا هو كيفية التعرف على الممثلين أو القائمين بالفعل من خلال العناصر الستة التي ذكرها غريماس (A.J. Greimas, 1983) وهي:

 العنصر الأول من الشكل يسميه غريماس بالمرسل ونستطيع أن ندرج تحته الأسباب التي تدفع الشخص للقيام بعمل ما.

 العنصر الثاني المرسل إليه الذي يحاول تحقيق النتيجة التي يهدف إليها المرسل.

 العنصر الثالث وهو الفاعل أو البطل أو الشخصية المحورية في القصة أو المشهد.

 العنصر الرابع هو المساعد أو المناصر، وهو من يقوم بتقديم المساعدة للفاعل أو البطل.

 العنصر الخامس هو المعارض والذي يسعى إلى عرقلة مشروع الفاعل، وقد يكون من الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران الذين يكرهون البطل.

 العنصر السادس هو الغاية أو الوسيلة التي يسعى إليها الفاعل (الزواج).

إن الفاعل (العريس والعروس) هي الشخصية الرئيسة في الحكاية (الحفل)، وبالرغم من أنه يتحكم في معظم الأحداث إلا أنه لا يقوم بأية حركة هامة تتعدى الدور الاستعراضي الذي يلعبه ويميزه، باستثناء حدث واحد مركزي تبنى عليه في الحقيقة كل فلسفة الحياة والتواصل البشري، وامتداده داخل الوجود وهو عملية الاستهلاك الجنسي التي تشكل نواة القضية في كل قصة زواج (الزهراء بن يوسفي، 2004). وتحتل مكانة الفاعل مكانة متألقة داخل حفل الزواج، وانطلاقا منها تبني مختلف الشخصيات علاقاتها وتحدد توجهاتها، كل حسب الدافع الذي يحركه. فهناك من يسعى إلى تقديم العون والمساعدة لإنجاح هذا الزواج وهناك من يحاول أن يعرقل الأمور ليفشل الزواج ولكن دون أن يظهر عليه ذلك.

إن أهم ما يميز هذا الزواج هو الطابع الاحتفالي الكبير مع مظاهر التعاون الفعلي بين أفراد العائلة والجيران والأصدقاء. حيث يتحرك المساعدون في كل مكان ويتقاسمون الأدوار وهم يراقبون تطور الحدث ويسهرون على سيره الحسن، ويتدخلون لإصلاح كل خلل حل به، أو لاستئصاله تماما. فتشكل هذه الطائفة من الأشخاص المحرك الرئيسي للحدث والبنية الرئيسية التي يقوم عليها الحفل وبدونها يلغى كل شيء، ولا يستطيع الفاعل تحقيق هدفه (الزواج).

2. ملامح الوجه:

تعد ملامح الوجه علامات غير لسانية، ولكنها ترمز إلى أمور يمكن التعبير عنها لسانيا كالفرح والتعاسة والقلق والارتياح والخوف والخير والشر وغير ذلك. وعلامات الوجه مذكورة في القران الكريم في قوله تعالى: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾(سورة الفتح، الآية 29) ويقصد بالسمة العلامة، فإذا أخدنا مثلا الأشخاص (المعارضون) الذين تحدثنا عنهم سابقا فنجد ملامح وجوههم تدل على الغيرة والحسد بدون أن يصرحوا بذلك لفظيا أو صوتيا، وكأن ذلك مكتوب على جبينهم. ونستطيع أن نكشف ذلك من خلال بسمتهم الزائفة وانعزالهم في مكان لوحدهم. أما إذا أخذنا المساعدين فنجدهم يتحركون في، كل مكان، هناك من يرقص وهناك من يساعد العروس في تغير ألبستها، والبعض الآخر يستقبل الضيوف، وآخرون يأخذون الصور مع العريس والعروس، وغير ذلك. فتبدو على وجوههم علامات الفرحة والسعادة والارتياح. أما ملامح العريس والعروس فتشير إلى الفرحة الممزوجة بالقلق والخوف والارتباك (وخاصة العروس) وذلك لما ينتظرهما من إنجاز المهمة الصعبة ألا وهي فض البكارة.

3. اللباس:

ما يلفت الانتباه في ذلك الفضاء لباس العروس وزينتها. وسنحاول أن ندرسه دراسة سيميوطيقية. وسنقتدي في هذه المقاربة بمنهج رولان بارت حينما حاول التسلح باللسانيات لمقاربة الظواهر السيميوطيقية كأنظمة الموضة والأزياء. فرولان بارت عندما يدرس الموضة مثلا يطبق عليها المقاربة اللسانية تفكيكا وتركيبا من خلال استقراء معاني الموضة ودلالات الأزياء وتعيين وحداتها الدالة ومقصدياتها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والثقافية (سيميولوجيا الدلالة).

يعد اللباس من الأنظمة الدلالية الكثيرة المعنى وقد تعرض رولان بارت إلى هذا حيث قال: «وهذا اللباس يطلعني بدقة على مقدار امتثالية لابسه، أو شذوذه» (رولان بارث، 1993) فالزي يظهر مرتبة لابسه ومنزلته ومكانته بين الناس والمنصب الذي يشتغله. واللباس يتحدد داخل الشفرات الاجتماعية والتي بموجبها يتم ترتيب الأشخاص اجتماعيا وكل لباس يحدد حدثا معينا.

وتظهر العروس في ذلك الفضاء بلباس فاخر ثري وجميل يسمى بالشدة التلمسانية وهو مكون من عدة أجزاء وكل جزء علامة وكل علامة تحمل دلالات ورموز، فيقوم المشاهد بتفكيك الرموز التي يريد سردها المشهد مستعينا في ذلك بالخلفية الثقافية والمعرفية التي يملكها. وأول علامة يراها المشاهد هي القفطان. ويجب أن ننظر إلى هذا اللباس من زاويتين:

 الأولى شكلية وهو ما نراه ظاهرا أي الوصف السطحي كالتصميم واللون وهو ما يسمى بالمستوى الأول أو الاصطلاحي denotatif.

 الثانية فهي مفهوميه وهو كامن، ولا نكتشفه إلا عن طريق التحليل وهو يمثل المستوى الثاني أو الايحائي connotatif. وهذا الدليل لا يكون اعتباطيا مثل الدليل اللساني بل ينتج عن سياق (processus) مرئي ثم تحليلي، فهو إشارة إلى السلطة والمكانة العالية والثراء والغنى لان السلاطين كانوا يلبسون القفطان. وكان يلبس في بادئ الأول من قبل الرجال ثم تغير الوضع وأصبح من لباس المرأة الخاص بحفل الزفاف. فلا يكاد يخلو عرس تلمساني من حضور هذا الزي، واستمرار هذا الزي وتوارثه من السلف إلى الخلف يعطيه قوة ونفوذا وصمودا يحميه من الاندثار. فدلالته ليس كعنصر زينة فحسب وإنما كإشارة وتعبير عن عادات الأجداد التي تعتبر كرمز للانتماء والهوية.

أما الجزء الثاني من أجزاء لباس العروس هو الحلي والجواهر التي تلبسها العروس في يوم الزفاف من أعلى رأسها إلى أسفل قدميها، ودلالة الحلي ليس كعنصر زينة وغنى فحسب وإنما يخفي من حيث باطنه مستوى آخر من الدلالة ألا وهو درء العين عن العروس، فبريق الحلي والمجوهرات في اعتقاد أهالي تلمسان يجذب فيركز المشاهدين نظراتهم عليه وهكذا تتفادى العروس نظراتهم السحيقة المدمرة.

أما الجزء الثالث فيتمثل في التحويقة والكلمة مأخوذة من فعل حوق أي غطى رأسه. ويعتبر هذا اللباس نوع من الشالات وهو جزء مهم من أجزاء الشدة التلمسانية، ولا ترتديه إلا النساء المتزوجات. وكانت هذه الشالات في السابق مغطاة بجواهر رقيقة وأحجار كريمة، وصياغة من ذهب لدى السيدات الموسرات. وكانت هذه الشالات رموز الأنوثة والخصوبة. وهي تذكرنا بحجاب ايزيس الذي يرمز إلى ثراء الطبيعة الذي لا ينفذ وصورة اللباس الفاخر الذي كانت ترتديه الآلهة - الأم الضاربة في القدم - كما يرمز إلى القوة الخصبة (Fatiha harzallah, 1992).

وهناك أجزاء أخرى خاصة بالشدة التلمسانية لا تستعملها العروس في ليلة العرس وإنما في يوم السابع (الحزام) لأسباب خاصة سنتحدث عنها فيما بعد.

وتمتاز هذه الملابس التي صنعت خصيصا لحفلات الزفاف بتنوع الأنسجة، وثراء المادة الأولية، والتفنن في الزخرفة، والتحكم في التقنية، بما يضفي عليها طرافة خاصة، توحي إلينا دون شك ببعد رمزي يكمن فيه السحر الخفي لذوق يناقضه نزوع بارز إلى التباهي. إن لباس العروس (بكل أجزائه) الفخم الباهظ الثمن يعبر عن المكانة العالية التي تتمتع بها العروس وعلى انتمائها إلى الطبقة البورجوازية وعلى الذوق الرفيع في اختيار نوعية اللباس الذي يناسب رتبتها المتميزة، ويحمل قيمها الشخصية. ولكن إذا أخذنا الأمر - كما تقول الباحثة يوسفي الزهراء - من ناحية باطن الشيء وما يخفيه فمن الممكن أن نكشف حقائق أخرى قد تنفي ما قلناه أو بعضا منه على الأقل. فإذا كانت العروس تحمل لباسا فاخرا يشير إلى يسر حالها فإننا ننخدع بهذا الاعتقاد حينما نعلم بان هذا اللباس والحلي ليس ملكا لها ولكن استعارته. فهذه الازدواجية في التعبير تخضع إلى ما يسميه غريماس Greimas بالثنائية المشكلة للشيء المعبر حسب ما يطرحه ظاهر هذا الشيء من دلالات معينة، وما يخفيه باطنه من معان أخرى مناقضة للأولى وجوهرية من حيث القيمة لأنها تمثل الوجه الحقيقي المراد تبليغه أو إخفاؤه (الزهراء بن يوسفي، 2004). ويتواصل الحفل والعروس تلبس لباسا معينا في كل مدة زمنية معينة حتى ينتهي الحفل صباحا.

ومن بين العادات التي يقوم بها العريس عندما يدخل عند زوجته التي يكون وجهها مغطى بحجاب، هو قيامه برفع الحجاب عنها وتقبيل رأسها ومن ثم الجلوس معها في قاعة الحفل لإكمال السهرة. فحجاب العروس لا يرفعه الا الزوج الشرعي الذي يتعرف على سيدة الأسرار التي حجبت برداء العرس. وكانت جل النساء تتحجبن سواء المسيحيات أو المسلمات. وهذا التحجب التاريخي لم يكن استجابة لنصوص او مفاهيم دينية، بل مفاهيم تاريخية سحيقة مضافة لضرورات المناخ غالبا(فرج الله صالح ديب، 2008).

ويسمى وضع الحجاب على رأس العروس ب«الجلية»، ولها مكانة مركزية في حفلات الزفاف، وقد طورتها التقاليد، على مر العصور، لتجعل منها مناسبة تتجاوز بكثير مجرد الكشف عن وجه العروس لعريسها، وفرصة تنتهز للتباهي بتلك الحلي والملابس الفاخرة أمام النساء المدعوات لحفل كبير.

تعد ألبسة حفل الزفاف الجزء العريق بالنسبة لثقافة تلمسان، حيث يبرز العمل التقليدي النسوي الذي يلعب دورا هاما في باب الإنتاج المحلي، كونه يفيد الأصالة والمحافظة على التراث الشعبي في الميدان الفني الإبداعي؛ «كالقفطان» و«الكراكو» و«القسنطينية» و«الرّدا»، و«البلوزة التّلمسانية»، وغيرها من الألبسة التقليدية.

4. المأكولات:

إن سلوكيات تناول الطعام وعاداته أمر هام، فالولائم المجتمعية تقوم بإعادة تأكيد دورية للجماعة الاجتماعية والواجبات المتبادلة. كما تؤكد المشاركة في الطعام بقاء الجماعة على قيد الحياة، على المستويين الاجتماعي والمادي. فتناول الطعام جماعة هو علامة على القرابة والثقة والصداقة كما أنه علامة الحميمية الجنسية أيضا في بعض الثقافات. أما الكراهية ورفض المشاركة في الطعام فهي علامة على العداوة والكراهية (سهام عبد السلام، 2013).

من بين استعدادات حفل الزفاف والتي ستجعله خالدا وحديثا لمدة طويلة هي وليمة العرس، فهي باهظة الكلفة. وفي تلمسان يتم إطعام المدعوين والحاضرين أطعمة خاصة بالمناسبة، وهي في نفس الوقت تستخدم كرموز وكإشارات. ففي القديم كان الكسكس «الطعام» هو الطبق المشهور والمفروض في الولائم والأعراس، وكان يحظى بمكانة خاصة، ويظهر هذا جليا في القول المشهور في تلمسان «الطعام همة لو كان بالماء» وقولهم أيضا: «الطعام يغلق لفام». أما اليوم فأصبح الكسكس يقدم كطبق للتحلية في نهاية الأكل أي آخر طبق عند العائلات الميسورة وكطبق رئيسي عند العائلات الفقيرة.

أصبح أهالي تلمسان يكثرون من التنويع في المأكولات الخاصة بالعرس، وهي الحريرة، والبرقوق أو الزبيب (العنب المجفف) باللحم مع اللوز المقلي والدجاج المشوي، إضافة إلى أنواع مختلفة من الفواكه وبعض المشروبات. ولا شك أن هذا يكلف الكثير. من هنا يتضح أن هذه المناسبة عبارة عن إعلان عن الوضعية الاجتماعية، بل من أجل تأكيدها أكثر فأكثر. وهذا من خلال محاولة قيام العائلة بإظهار القيمة الكبرى لنفوذها وأهليتها (مسعودة كمال، 1986). لقد أصبحنا نرى أن العديد من الأشخاص يقومون باستعمال المناسبات لنقل رسالة غير مخطوطة إلى المجتمع تذكر بمستواهم الاجتماعي والمالي الجديد، فيزداد التفنن بطرق إعداد الطعام وطرق عرضه وتقديمه. وما يثير الدهشة أنه حتى الفقير أصبح يسعى لإقامة مأدبة عشاء فاخرة، والتي تكون في أغلب الأحيان عن طريق الاستدانة والاقتراض، فيتكلف فوق طاقته قاصدا بذلك تكثير الطعام وتحسينه، لئلا يعاب عليه بتقصير عن القدر الذي أولْمَ به جاره...

5. الموسيقى والغناء والرقص:

تتميز احتفالات الزفاف بمدينة تلمسان بالطابع الغنائي الأندلسي الذي يتصدر الأنواع الأخرى. ويرجع السبب في ذلك الى «جمال الطبيعة التي يعيشون في حضنها واندماجهم بالأندلسيين، أو تشجيع ملوك بني زيان لهذا الفن»، كل ذلك بث فيهم هذا الحب الذي توارثته الأجيال خلفا عن سلف، وأمكنه أن يصل إلى أيامنا هذه، و «تلمسان» لتعد الوارث الأمين لهذا التراث الثقافي» (محمد بن عمرو الطمار، 1984).

ولكن هذا لا يمنع من وجود تنوع في أغاني وموسيقى العرس التلمساني من أندلسي و«راي» وفلكلور «الڤلال». ويرافق الموسيقى والغناء الرقص. والرقص من الطقوس التي كان يتقرب بها الإنسان إلى مولاه سواء كان ذلك المولى عملا أو بشرا، حسبما تفرضه الظروف خلال التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية في التاريخ. ومع مرور الزمن تغيرت وسيلة التقرب هذه فصار الإنسان يتقرب بها لحبيبه أو معبودته، أو كما شاء حسب ظروف الزمان والمكان. وتتجلى وظيفته الغناء في الترفيه والتسلية، يعتبر أيضا وسيلة تدفع الإنسان عن طريق تراكم شحنات حرارية لديه وتشوقه للعمل في اليوم التالي (حسين سالم باصديق، 1990).

وفي يوم الزفاف يرقص العروسان والمدعوون (خاصة العزاب والعازبات)، وذلك للتعبير عن الفرحة وللتسلية، وللتفريغ والتنفيس، وجذب الانتباه والإثارة الجنسية. فأثناء الرقص يقوم الراقصون ببعض الحركات كهز البطن والأرداف والأكتاف والنظرات المتبادلة والابتسامات والتي يكون لها معاني عديدة؛ كلفت الانتباه والإعجاب. وكثيرا ما تكون هذه الاحتفالات موضعا لتعارف الشباب على الشابات، وفي كثير من الأحيان لاختيار الزوجات.

لقد أصبحت احتفالات الزّفاف في المدن اليوم مثلها مثل الاحتفالات الغربية، يكثر فيها الإسراف والتّبذير. والغاية منها إظهارها في أبهى حلل الذّوق والرّونق والجمال، واكتساب الشّهرة ليبقى هذا الحفل خالد الذّكر. مثل هذه الأمور لا تجري في مدن الجزائر فقط بل في معظم المجتمعات العربية الأخرى كتونس مثلاً، فيقول عثمان الكعّاك من خلال بحثه «التقّاليد التّونسية»: «هذه عادات الزّواج إلى عهد قريب... وهي تدعو إلى تكاليف ومصاريف، وفيها بدع خارجة عن السّنة. وصار الزّواج يتعذّر على الكثيرين، ويحدُو الكثيرون إلى التدين أو حتّى الإفلاس» (عثمان الكعاك، 1981، ص 93). وما هو جدير بالذكر أيضا انّ تغيّر مكان الاحتفال في تلمسان (بعدما كان في بيت العريس أصبح اليوم في فنادق وصالات مؤجرة) ليس بسبب ضيق المكان في البيوت، بل تتدخّل أسباب نفسية اجتماعية وثقافية كما أشرنا إليها سابقًا كالاختلاط وعرض الجهاز الفخم من تقليدي وعصري، والتّباهي بتقديم مأكولات وحلويات شهية، مع عرض فرق محترفة مشهورة تنشّط هذا الحفل. وكلّ هذا من أجل الإعلان عن الوضعية الاجتماعية والقيمة الفنية لأصحاب الوليمة.

سيميو أنثروبولوجيا الاحتفال بالصباحية

وفي الصباح، أي بعدما ينهي العريس والعروس مهمتهما الصعبة، يهدي العريس لعروسه هديّة تتمثّل في حلية من الذّهب «كعقد» أو «زَرُّوف» أو خاتم أو «لويزة» أو مبلغا من المال. والسّؤال الذّي يطرح نفسه هنا ما هي رموز الهديّة وإلى ماذا تُشير؟

سيميو انثروبولوجيا الاحتفال

بالسابع (الحزام)

سمّي هذا اليوم أيضًا «بالسَّابعْ» لأنّ الزّفاف بلغ اليوم السّابع، ويحتفل به عائلة الزوج وعائلة الزّوجة معًا، وترتبط به عادات لا بدّ من مراعاتها، والتزامات يتحتّم القيام بها، خلال هذه المدّة الزمنية؛ كعدم قيام العريس والعروس بأيّ عمل، عدم خروجهما لوحدهما، عدم بقاء العروس في البيت لوحدها (خطّاف لعرايس)، وغيرها من هذه الاعتقادات السّائدة في المجتمع التلمساني.

ونفس الاعتقاد يجري في العراق «فلا يقوم العريس وعروسه بأيّ عمل غير الفعل الخصبي، خشية أن يرتكب أحدهُمَا شرًّا أو يتعرّض لمكروه، ولذلك لم يكن يسمح للعريس خلال أسبوع بقطع طريق، أو النّزول إلى واد، ولا يسير خارج بيته إلاّ ومعه عدد من الشّباب الأشدّاء يحرسونه، كي لا يتجرّأ أحد على خطف عقاله، أو غطاء رأسه، فيدنّس «ملكيته» المقدّسة التّي تعلّق عليها الآمال.

كما يسمّى هذا اليوم أيضًا بيوم «الحْزَامْ»، ويتمُّ الاحتفال به وفق بعض الإجراءات، والطّقوس المعيّنة والخاصّة به. وسُمّي «بيوم الحْزامْ» لأنّه في هذا اليوم يضعون الحزام على لباس العروس. فما هي إشارات وعلامات الحزام.

طقوس الحزام:

تَرتبطُ بهذا اليوم عادات لا بدَّ من اتباعها، ومراعاتها، فتقضي التّقاليد في تلمسان أن يزور أهل العروس ابنتهم في صباح هذا اليوم حاملين معهم أنواعًا من الحلويات
والمكسّرات، تحملها الفتيات في أوان وصوان، ويدخلن بها منزل العريس بالزّغاريد والغناء. فأبلغ تعبير عن أحاسيس المرأة هو زغاريد العرس الشعبي الذي يشكل مناسبة فرح ومتنفسا للمرأة لتتغاوي بما أنجبت، أو لتمدح أقاربها وعائلتها.

في هذا اليوم تُعيدُ العروس التلمسانية لبس القفطان، وتُضيف إليه الفوطة والحزام الذين لم تستعملهما يوم الزفاف، وذلك اعتقادا في أن هذين العنصرين يعرضاها للسحر (الربيط). إضافة إلى أنهما يعدان بمثابة مئزر خاص بالأعمال المنزلية، والعروس في هذا اليوم سلطانة وملكة لا تعمل أي شيء بل الكل يخدمها. ومن طقوس وعادات «الحْزَامْ» أن يقوم ولد صغير بوضع الحزام على نطاق العروس، وبعد ذلك يُسلّم عليها، وتعطيه مبلغًا من المال. إنّ اختيار الولد للقيام بهذه المهمّة فأل خير، وترميزٌ لإنجاب الذّكور (بَاشْ رَبِّ يْعَمَّرْ عْلِيهَا) على حدّ تعبيرهم.

وبعد الجلوس على مأدبة الغداء، تقوم أمّ العروس وإحدى قريباتها بإعداد القهوة والشّاي، وتوزّع الفتيات أنواعًا من الحلويّات «كالمقروط» و«الڤْريوَشْ» و«كعب غْزال» وغيرها من الحلوّيات التّقليدية، فالحلاوة رمزٌ للسّعادة والنّجاح في الحياة الزوجية في اعتقاد أهالي منطقة تلمسان.

دلالات الحزام:

لكل علامة مستويان «مستوى المعاني المتلقاة المقبولة معاني المعجم والتي تسمى معاني التعيين، ومستوى المعاني المتطفلة الإضافية والتي تكون ضمنية في أغلب الأحيان والتي تسمى معاني الإيحاء (دليلة مرسلي ،1995). الحزام علامة بصرية له وظائف متعددة منها؛ الوظيفة الجمالية، حيث يُساعد على حفظ القوام، وإظهار الرّشاقة. ووظيفة تتعلّق بالجانب العملي لأن الحزام يساعد المرأة على الخفّة وسرعة الحركة أثناء القيام بالأعمال المنزلية أو الخارجيّة كجمع الحطب أو إحضار الماء من العين، أو جمع المحصول وغيرها...

أما المعنى الخفي والكامن لهذا الطقس باعتباره علامة فيتمثل في كونه يشير إلى انخراط العروس في الحياة الزوجية، واستعدادها لمواجهة تحمّل المسؤولية الملقاة على عاتقها من جهتين الماديّة والمعنوية:

 الماديّة: تتمثّل في أن العروس ستتعرض إلى امتحان أي اختبارها في كيفية إشرافها وإتقانها للأعمال المنزلية من غسل وكنس، وطبخ، وعجن انطلاقًا من قولهم: «المْرَا اللّي مَا تْغَرْبَلْشْ دْقِيقْهَا، غِير تَرْجَعْ عْلَى طرِيقْهَا»(5). فالمهارة، وحسن التّدبير شرطان ضروريّان لاستمرار الحياة الزوجيّة ونجاحها. والعروس التّي كانت ملكة لمدّة سبعة أيّام، يجب عليها ارتداء الحزام للشّروع في القيام بالأعمال المنزليّة.

 المعنويّة: الامتثال والانضباط وتنفيذ الأوامر.

نستنتج من كلّ ما سبق، أنّ «الحْزَامْ» خاتمة لفترة راحة العروس، وإعفائها من كثير من الواجبات، لتبدأ بعد هذا اليوم في تحمّل المسؤولية، والقيام بما تفرضه قواعد الحياة الزوجيّة.

سيميو انثروبولوجيا الاحتفال

بيوم الحمام

يجري الاحتفال بيوم «الحَمَّامْ» بعد مرور يومين إلى سبعة أيّام من الزّفاف. في هذا اليوم توجَّهُ الدّعوةُ لأقارب العروسين لمرافقة العروس إلى الحمّام، والذّي يكون عادة مخصّصًا لهنّ بعد أن يتمّ كراؤه وغلقه. وعند الوصول تزغرد النّساء، وتشرع العروس في خلع ملابسها، ثمّ تلبس فوطة المنسوج(6)، والقبقاب(7)، وتصطحبها امرأتان حاملتان الشّموع، تنطلق الزّغاريد ويتّجِهْنَ إلى داخل الحمّام (السّْخُونْ)، فلا يجوز للعروس أن تدخل لوحدها لتستحمَّ، لأنّه في اعتقاد أهالي تلمسان قد يعرّضها لما لا يحمدُ عقباه كظاهرة المسِّ بالجنّ والشّياطين.

وبعدما تستحم العروس تخرج مصحوبة بالزّغاريد المتعالية، وتجلس على زربيّة توضع فوق الكرسي. ثمّ تشرع في عمليّة اللّبس. أوّلاً تلبس ألبسة داخلية جديدة لم يسبق لبسها، ثمّ تُضيف بلوزة المنسوج، بعد ذلك ترتدي الحِزَام، وتتزيّن بأنواع من الحليّ والجواهر، ثمّ تضع على رأسها «عكسة ثم بْنِيقَة» أخرى مخصّصة للخروج وتكون مطرَّزَة بخيوط ذهبية ويكون لونها فاتحًا، وفي الأخير ترشّ نفسها بالعطر، كما ترشّ كلّ من يوجد في الحمّام كرمز للفأل والحظِّ السّعيد. بعد ذلك يوزّعون أنواعًا من الحلويات «كالمَقْرُوط» و«الڤْريوَشْ» ثمّ تقوم العروس بدفع ثمن الحمّام لكلّ من جاء معهَا.

وأخيرًا ترتدي الحايك أو (الجلاّبة)، وتتّجه مع قريباتها إلى دار العريس لتكملة حفل هذا اليوم. بعد ذلك تشرع العروس في عرض ملابسها (جهازها)، ويُسمّى هذا «بالتّْسَغْنِيسْ» (محمّد بن رمضان شاوش ،2011، ص 384)، ثمَّ تُقام مأدبة غذاء، ثم يشربن القهوة والشَّاي مع أنواع من الحلوّيات التّقليدية.

لكن قد نتساءل لماذا تذهب العروس للحمّام قبل الزّفاف وبعده؟ أو بصورة أخرى ما هي رموز ودلالات الاستحمام (الماء)؟

رموز ودلالات الاستحمام:

استحمام العروس طقس من الطقوس المرتبطة بالزواج وهي آخر مرحلة من مراحله. واستحمام العروس ليس للطهارة فحسب كما يظن الكثير من الناس وإنما له وظائف أخرى كثيرة. يجري الاعتقاد عند أهل منطقة تلمسان أنّ استحمام العروس في الحمّام رمزٌ للإخصاب أي (بَشْ المْرَا تَحْمَ) على حدِّ تعبيرهم. فبخار الماء الساخن يُساعدها على أنْ تَحْمِلَ بسُرعة. ووجود العلاقة بين الماء والإخصاب يؤكدها الموروث الشعبي حيث قديما «كان الماء جزءًا من الرّمزية النّسائية مثل المياه الأزلية التّي تمثّلت فيها الأبوّة ثمّ الولادة» (مانفرد لوركر ، 2000، ص215).

ولاحظنا أنه نفس الاعتقاد الذّي كان يجري في الثّقافة النّيُوليتية. حيث كان الماء رمزا للتّكاثر وجريان الحياة، وهو يُساعدُ أيضًا المرأة على الإخصاب. في هذه الثّقافة ربطَ الإنسان الخصوبة بالمرأة التّي كانت ترعى الأرض، والبذور ثمّ بالحيوان، وتكاثره. وتحوّلت قوّة (المقدّس) إلى قوّة خصب تُمثّلها المرأة والآلهة، وقد ظهرت هذه الآلهة أوّلاً قبل الإله ممثّلة للقوّة المقدّسة التّي تضمّ أجزاء الكون في حناياها، كما تضُمُّ المرأة جنينها، أو وليدها، ولمْ يكن الرَّجل آنذاك يعرف دوره في الإخصاب، ولذلك كان يَرَى أنَّ المرأة هي المسؤولة عن التّكاثر والخصوبة. الملاحظ هنا أن سلوكات الإنسان يغلب عليها طابع التقديس، من خلال ما يضفيه عليها من قداسة تتجاوز وجوده البشري لتنتقل إلى ما هو سماوي كوني إلهي، ولذلك شبهت المرأة بالأرض المزروعة والأرض الأم، والفعل الجنسي بالزواج المقدس بين السماء والأرض (إلياد مارسيا، 1988).

كما يرى بعض الباحثين أن الحمام مكان يوحي بالإثارة الجنسية، وهو تحضير للفعل الجنسي. فهو في نفس الوقت مقدمة وخاتمة الأعمال الجنسية، ولذلك نرى أن العريس والعروس يذهبان إلى الحمام قبل وبعد العرس. ويرى البعض الآخر أن دور الحمام يتمثل في تخفيف التوترات الجسدية والنفسية الناجمة عن الفعل الجنسي. ومن هنا يتحدد دور الطهارة، ويتضح جليا احتواء الغسل على معنى ميتافيزيقي، فهو بالتحديد أسلوب للتغلب على القلق والاضطرابات بحيث يقوم بامتصاص القوى الغامضة المواكبة للجماع، والحيض والولادة، ويمكن للإنسان بالتالي معاودة التحكم في جسده والسيطرة عليه. وتأتي عملية الذهاب إلى الحمام للطهارة لمعاودة إخضاع تلك القوى الغامضة للسيطرة والتقنين والإدماج (صوفية السحيري بن حتيرة، 2008).

ويرمزُ الماء للنَّظافة والطَّهارة، وأيضًا إلى استمرار الحياة والخير والرّفاهية. فقديمًا كانت تُوجدُ أحواض أمام المعبد من أجل الغسل الطّقسي عدّة مرّات «الماء للحياة جميعها وللخير والرّفاهية» (مانفرد لوركر، 2000). ويُقِرُّ هذا القرآن أيضًا فيقول تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ (سورة الأنبياء، الآية 30) وفي قوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (سورة الانفال، الآية 11).

خاتمة

الاحتفالات التي يقيمها الناس في مختلف المناسبات تعد في واقعها نوعا من الممارسات الشعبية التي تتصف بالمظهر الرسمي، وهي كلها عبارة عن إشارات ورموز، تبلورت حول قيم ومعان وأحداث لا يمكن للأفراد التخلي عنها. بل يقومون بترجمتها وإعادتها وتكرارها ونقلها من التجريد إلى الواقع. كما توصلنا إلى أن الاحتفال بالعرس التلمساني يحمل في ثناياه شعائر، وطقوسا، ومراسيم، ورموزا تؤثر في الأفراد فتجعلهم يتجاوبون عاطفيا مع ما تتضمنه من أفكار وما تثيره من صور ذهنية. والغريب في هذا الأمر أن هذا التأثير العاطفي في الأفراد يحدث بطريقة مبهمة تعلو على التحليل. بحيث يجد أهالي منطقة تلمسان في الاحتفال بالزفاف فرصة للتقارب، والتماسك الاجتماعي من جهة، ومن جهة أخرى فرصة لإثبات الذات الجماعية وإثبات الهوية الثقافية.

 

الهوامش

1 كانت الزفة في السابق على ظهور الخيل والبغال...كل يتبرع بفرسه أو بغله، كل حسب ما يملك من دابة يركبها باستثناء صاحب الحمار الذي لا يحق له أن يشارك في الزفة. انظر: محمد عجاج (1978)، اعراف ومراسيم الزواج في قرى الشمال العربية التراث الشعبي، العدد الأول، السنة التاسعة، بغداد، ص 26.

2 الحايك: من حاك يحيك، ويسمى أيضا بالملحفة، أو بالكسا ( Kissa)، تلبسه المرأة لتستر وتغطي جسدها، ومنه ما هو مصنوع من القطن ومنه ما هو مصنوع من الحرير ( للتوسع انظر : R.Dozy(1849) – dictionnaire des vêtements chez les arabes، amsterdam 1849 p148

3 البرنوس: يعرف عند العرب قديما باسم (البرنس) وقد عرف استعمال البرنوس منذ عهد قديم وشكله العام مثل الحرملة قد تصل إلى الكاحل، وبدون أكمام. وله غطاء رأس كالطرطور، ويخاط بحردة الرقبة، فيعتبر جزء من هذا الرداء، وهذا الرداء مفتوح بدون أزرار، بل يثبت بطريقة شريط ثابت على الصدر.

4 نواصيها: جمع ناصية وهي الشعر المسترسل على الجبهة. الخير: العاجل هو الربح والغنيمة، والأجر: وهو الثواب عند الله عز وجل.

5 مثل شعبي يتردّد في منطقة تلمسان.

6 فوطة المنسوج هي قطعة من قماش المنسوج، مستطيلة الشّكل، تطرّز أطرافها، تستعملها المرأة لتغطية مفاتن أجزاء جسدها

 وفوطة المنسوج لها مدلولان مدلول يدلُّ على تواصل قيمة الصّناعة التّقليدية للمنسوج بالنّسبة للعروس، ومدلول آخر يتمثّل في اتّصاف المرأة التلمسانية بالاحتشام والحياء.

7 القبقاب من ألبسة القدم، وهو عبارة عن قطعة من الخشب يحفر أسفلها لتكون الكعب، ثمّ يدقّ شريط من الجلد في المقدّمة لإدخال الأصابع فيه.

المراجع

القرآن الكريم برواية ورش.

كتاب: ابن سيرين النابلسي، (1999)، تفسير الأحلام الكبير، بيروت، دار الكتب العلمية.

كتاب: الياد مارسيا رموز واشارات، (1998)، ترجمة حسين كاسوحة، دمشق، منشورات بوزارة الثقافة.

كتاب: بارث لوران، (1993)، المغامرة السميولوجية، ترجمة عبد الرحيم حزل، مراكش، المغرب : تينمل للطباعة والنشر.

كتاب: بن عمر بلعيد المزوغي ، احتفالات وتقاليد الزواج، القاهرة، حلقة العناصر المشتركة في المأثورات الشعبية في الوطن العربي.

رسالة ماجستير: بن عمر غمشي، (2001)، سميولوجية اللون في التشكيل الإسلامي، رسالة ماجستير، مكتبة الثقافة الشعبية، تلمسان.

رسالة ماجستير: بن هاشم الطيب، (2001) العادات والتقاليد في ولاية تلمسان، ماجستير، مكتبة الثقافة الشعبية، تلمسان

كتاب: البخاري الجعفي، الصحيح، (1992)، الجزائر دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع عين مليلة.

كتاب: دليلة مرسلي، (1995)، مفاهيم اولية عن السيميولوجيا، ترجمة عبد الحميد بورايو، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية.

 كتاب: الزهراء بن يوسفي، (2004)، سميائية الاحتفال بالزواج من خلال الصورة الفوتغرافية، منطقة تلمسان أنموذجا، مكتبة تلمسان 2004-2005.

كتاب: سالم باصديق حسين، (1990)، صنعاء، التراث اليمني مركز الدراسات والبحوث اليمني.

 كتاب: سهام عبد السلام، (2013)، أنثروبولوجيا الطعام والجسد، المركز القومي للترجمة.

رسالة ماجستير: عبد اللطيف ماحي، (2004)، رمزية العدد في الفكر الشعبي، بين المقدس والدنيوي، رسالة ماجستير مكتبة الثقافة الشعبية تلمسان.

كتاب: عثمان الكعاك، (1981)، التّقاليد التّونسية، تونس، الدّار التونسية للنّشر.

كتاب: فرج الله صالح، الثقافة الشعبية من بيروت الى المحيط، بيروت، نوفل. 

 كتاب: صوفية بن حتيرة السحيري، (2008)، الجسد والمجتمع، دراسة أنثروبولوجية لبعض الاعتقادات والتصورات حول الجسد، لبنان، دار الانتشار العربي.

كتاب: فوزية دياب، (1980)، القيم والعادات الاجتماعية، بيروت، دار النهضة للطباعة والنشر.

 معجم: لوركر مانفرد، (2000)، معجم المعبودات والرّموز في مصر القديمة، تر صلاح الدّين رمضان مراجعة الدّكتور محمد ماهر، القاهرة، مكتبة مدبولي.

كتاب: محمّد بن رمضان شاوش، (2011)، باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان، الجزائر، د يوان المطبوعات الجامعية.

 كتاب: محمد بن عمرو الطمار، (1984)، تلمسان عبر العصور، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب.

 كتاب: كمال مسعودة، (1986)، مشكلة الطلاق في المجتمع الجزائري، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية.

كتاب: نور الدين طوالبي، (1988)، الدين والطقوس والتغيرات ترجمة، وجيه البعيني، باريس، منشورات عويدات المطبوعات الجامعية الجزائر.

AJ. Greimas, (1983), du sens 2, seuil, Paris.

Fatiha Harzallah, (1992) les voiles, catalogue de l’exposition organisée à L’occasion de la femme -edité par le centre de la recherche de documentation et d’information sur la femme credif. 

الصور

الصور من الكاتبتين.

1 http://upload.3dlat.net/uploads/3dlat.net_02_15_23a0_1.jpg

أعداد المجلة