فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
36

''الأغنية الشعبيّة الجديدة'' في تونس وتحديث المجتمع إثر الاستقلال: دراسة توثيقيّة

العدد 36 - موسيقى وأداء حركي
''الأغنية الشعبيّة الجديدة'' في تونس  وتحديث المجتمع إثر الاستقلال: دراسة توثيقيّة
أستاذ بالمعهد العالي للموسيقي، جامعة سوسة، تونس

يمثل مفهوم التحديث مبحثا هاما من المباحث التحليلية في علم الاجتماع المعاصر لشرح الفعل الكوني أو العملية الكونية بما هي عملية تقوم على التحول والتغير عبر الزمن بواسطة تحقيق المجتمعات التقليدية مرحلة من التجديد والتعصير، أي التحول من القطب التقليدي إلى القطب الحضري العلماني حسب نظرية روبرت ريدفلد(1). وللتحديث عدة أوجه تناولتها مباحث علم الاجتماع بالتحليل والدرس، من ذلك:

التحديث أو التجديد السياسي: وذلك من خلال تطوير المؤسسات الرئيسية مثل الأحزاب السياسية والبرلمانات والعمليات الانتخابية التي تقوم على التصويت السري الذي يعزز نسبة المشتركين في اتخاذ القرار.

التحديث أو التعصير الثقافي: وهو الذي يبرز بصفة خاصة في ظهور العلمانية والتمسك بالعقائد الوطنية القومية.

التحديث أو التجديد الاقتصادي: وهو المتمثل في تركيز أنظمة تقسيم العمل واستخدام تقنيات حديثة في إدارة المؤسسات الاقتصادية والعمل على تطوير وتحسين التكنولوجيات ونمو الوسائل التجارية وتطويرها.

التحديث أو التجديد الاجتماعي: والذي يبرز خاصة في الترفيع في نسبة المتعلمين والمتحضرين (نسبة متساكني المراكز الحضرية) وانهيار السلطة التقليدية(2).

ويمكن لنا أن نلمس بعض أوجه التحديث السالفة الذكر خلال دراستنا لتاريخ تونس الحديث خاصة إثر الاستقلال(3)، لكن بأشكال وصيغ مختلفة اقتضتها الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الفكرية المتأثرة بشكل كبير بمخلفات الاستعمار الفرنسي، ذلك أن الدولة التونسية الحديثة(4) عملت منذ نشأتها على تركيز مقومات السيادة وبناء أسس الدولة الحداثيّة لمُواكبة التقدّم العلمي والتكنولوجي الذي تسير فيه الدول المتقدّمة آنذاك.

وتتمثل هذه الإنجازات في إعلان الجمهورية وإلغاء النظام الملكي وإصدار الدستور وإنشاء الجيش الوطني وتونسة الأمن وتوحيد القضاء وإجلاء القوات الفرنسية المحتلّة وإصدار العُملة التونسية وبعث البنك المركزي التونسي وإنهاء سيطرة المُعمّرين على الأراضي في إطار الجلاء الزراعي وإصدار مجلة الأحوال الشخصية والتحكم في النمو الديمغرافي عن طريق التنظيم العائلي وإصلاح التعليم وتعميمه إلى جانب الاعتناء بالتخطيط الذي يُعتبر ميزة أغلب الدول العربية الحديثة النشأة في أواسط القرن العشرين(5).

ولما كانت تونس آنذاك دولة فتيّة حديثة العهد بالاستقلال، فقد مرّت في إطار تأسيس الدولة الحديثة بعدّة تجارب تهدف إلى النهوض بالمجتمع وبالمواطن التونسي في مختلف المجالات، «ذلك أن الدولة هي أداة التحول الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وهي أيضا جهاز تقيد السياسة مثلما هو الحال في تونس منذ أواخر الخمسينات... فالدولة هي التي تنجز المشروع التحديثي في كل مراحله، بحكْم طابعها المركزي»(6).

الموسيقى والدولة والمجتمع

وَظَّفتْ الدولةُ التونسية في سياستها إثر الاستقلال عِدَّةَ وسائل منها ما هو خَطَابي سياسي، ومنها ما هو مناهج اقتصادية طبقا لخيارات الساعة آنذاك، ومنها ما هو سياسة خارجية، لإرضاء حلفائها، جعلت الدول الغنية تمدها بالمساعدات العينيّة والدعم السياسي في مشاريعها الاقتصادية والاجتماعية، ومن هذه الوسائل أيضا نذكر توظيف الثقافة ولا سيما الجانب الموسيقي منها في تحويل الشعارات السياسية إلى إنجازات عملية على أرض الواقع، إذ تم استغلال الموسيقى بطريقة مباشرة لتكون وسيلة دِعائية تواكب الحملات القوميّة ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية.

ولم يكن تداخل الموسيقى مع السياسة الاجتماعية المتبعة بالبلاد التونسية إثر الاستقلال أمرا اعتباطيا، فقد كانت لبورﭬيبة(7) رؤيتُه الخاصة وموقفُه الواضح من الموسيقى قبل توليه رئاسة البلاد، إذ صرّح في الحديث الذي أدلى به لجريدة «اللطائف» في أواخر سنة 1955: «إني أحب الموسيقى الشرقية والبدوية وأما الموسيقى الغريبة والحديثة فإني لا أفهمها»(8). ومن خلال ذلك نرى أن بورﭬيبة مهتم بنوعية خاصّة من الموسيقى سيوظفها لاحقا في خدمة أغراضه السياسية ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، وهو ما يُؤكد مقولة أن «كل عمل فنّي أو نشاط إبداعي خلاّق هو في الأصل ذو ارتباط سياسي اتضح ذلك أو كان خفيا وعى الفنان الذي يقوم بالإبداع دوره أو كان جاهلا لطبيعة ذلك الدور وبغض النظر عن الشكل الذي يُقدَّم فيه العمل الفني، إلا أن حقيقة ارتباط الفن بالسياسة تبقى ثابتة غير قابلة للنقض» (9).

لئن كانت الموسيقى إحدى أهم ركائز المشهد الثقافي لدى كل شَعْبٍ، فإنها لم تلعب دورا مُهما في تطوير الأوضاع العامّة في الإيالة التونسية (البلاد التونسية خلال فترة الاحتلال الفرنسي) خاصة على المستوى الفكري والثقافي. ففي عهد الحماية الفرنسية انتشرت أغان من نتاج الأوضاع المتردية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وفكريا، على غرار أغلب أغاني الطرق الشعبية(10) والزوايا وأغاني الأفراح وأغاني الربوخ والزندالي (أغاني المساجين) ومعظم الأغاني البدوية التي اجتاحت المناطق الحضرية مع استفحال ظاهرة النزوح.

أما في مرحلة الاستقلال فقد ظهرت نوعية جديدة من الأغاني جاءت مسايرة للأوضاع المميزة للدولة التونسية الحديثة ذلك أن «ارتباط الفن بالقضية السياسية هو إضافة موضوعية له، حيث يعني ذلك توجيها عقلانيا للكتابة والإبداع»(11).فالموسيقى التونسية عرفت تطورا نسْبيًّا من الناحية الفنية نتيجة توسيع التركيبة الأوركسترالية للتخت التقليدي، منذ محاولة استغلال بعض الآلات الغربية كبعض آلات الرباعي الوتري في تنفيذ الموسيقى التونسية، وذلك انطلاقا من نشأة جمعيّة الرشيديّة للموسيقى التونسيّة وصولا إلى تأسيس «فرقة المحطة» التي يعود لها الفضل في تنفيذ هذه الأغاني. وهي أول فرقة تابعة للإذاعة التونسية، تجمع نخبة موسعة من الموسيقيين والعازفين والمطربين الذين احترفوا العمل الفني وتفرغوا له كموظفين قارين تابعين لهذه الفرقة التي أصبحت فيما بعد تسمى «فرقة الإذاعة التونسيّة» ثم «فرقة الإذاعة والتلفزة التونسيّة».

كما يعود الفضل في بث هذه الأغاني إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزة، وخاصة الإذاعة الوطنية التي خدمت الأغنية التونسية بتكثيف عرضها في فترات طويلة من اليوم وكذلك تخصيص برنامج يُعْنَى بالأغاني البدوية الشعبية وهو برنامج «ﭬافله تسير» الذي انطلق بثه منذ سنة 1955 إلى أواخر سنة 1987.

ولهذا البرنامج مزية أخرى هي حفظ رصيد كبير من الأغاني التي لم يتم ترويجها على «أشرطة كاسات» لتباع في الأسواق على غرار أغلبية النوعيات الأخرى من الأغاني. وقد كان هذا البرنامج يُبَثُّ مرتين في الأسبوع على امتداد ساعة كل حصة، أشعارا وأغاني وأقوالا مأثورة (حكم باللهجة العاميّة التونسية) ومحلات شاهد (ألغاز) وسكاتشات (مسرحيات إذاعيّة) تؤدى غالبيتها باللهجة التونسية البدوية.

ولئن انطلق البرنامج بشدّ الجماهير بالغرض الغزلي المحبب إلى قلوب عامة الناس من خلال بث سكاتش «حدّة ودعّاس» وسكاتش «زينة ورابح» وغيرهما، فقد تحوّل البرنامج إلى تشجيع الشعراء التونسيين والشعبيين بالخصوص على إنتاج أعمال ملتزمة بالمسائل الوطنية كتخليد مراحل الكفاح الوطني وإبراز دور الحزب الحاكم في قيادة المعركة ضد الاستعمار الفرنسي في الماضي وفي خوض المعركة الإنمائية بعد الاستقلال «حيث تتناول المواضيعُ عدة أغراض كالادّخار وتعصير الفلاحة والدعوة إلى تجديد النظرة في التنظيم العائلي وغير ذلك من الأغراض الاجتماعية»(12).

وقد تولى عبد المجيد بن جدو(13) مراجعة محتوى البرنامج حين إشرافه عليه، وكان «يضطر في بعض الأحيان إلى تبديل بعض الكلمات وفق ما يتطلبه السياق أو الوزن وأحيانا الظرف السياسي»(14). ومن هنا يتضح خضوع برنامج «ﭬافله تسير» لإملاءات مصلحة الثقافة بمؤسسة الإذاعة التي تنفذ سياسة الدولة في تثقيف الجماهير وبث الوعي في صفوف الشعب وخاصة الريفيين منهم وأهل البادية، وما إسناد مؤسسة الرئاسة ميدالية ذهبية لبرنامج «ﭬافله تسير» إلا دليل على حرص الدولة على تمرير أفكارها السياسية عبر وسائل الإعلام السمعية والسمعية البصرية عامة وهذا البرنامج خاصة لما احتواه من أغان توعويّة مُوجّهة.

ولئن تميزت هذه النوعية الجديدة من الأغاني بتطور نسبي من الناحية الفنية، فقد تميزت أيضا بتطورها في مستوى المضامين. إذ واكبت التيار السياسي التحديثي في تونس، فعبّرت عن توجهاته وساندت حملاته القومية التوعوية وتغنّت بإنجازاته.

الأغاني التوعوية

تتميز الأغنية التوعوية بمضمونها الاجتماعي، إذ تأتي في إطار تحسيس الشعب وتعديل سلوكه وتوجيه أعماله نحو وجهة تعود بالنفع على الفرد أولا وعلى المجتمع ثانيا، وكثيرا ما يتصل هذا المضمون الاجتماعي في تلك الأغاني بالحياة اليومية للشعب من جهة، وبالناحية الاقتصادية بالبلاد من جهة أخرى، وكذلك بالناحية التربوية التعليمية من جهة ثالثة. ومن أجل ذلك ارتأينا أن نصنف هذه الأغاني التوعوية حسب هذا التوجه.

الأغاني ذات الأبعاد الاجتماعية:

من الأغاني ذات الأبعاد الاجتماعية ما يتعلق بالأسرة، فيكون موضوعها متصلا بمسألة الأطفال وكيفية تربيتهم، أو يكون مرتبطا بالمرأة وقضاياها، كما نجد أغاني أخرى متعلقة بظروف عيش الإنسان عامة، إذ تتناول مسائل تهتمّ بهندامه وسكنه وعمله وغير ذلك.

1. أغاني الأسرة:

نجد في هذا الإطار عدة أغان تعالج قضايا الطفولة جاء بعضها ليواكب الحركة الإنسانية التي أقدمت عليها الدولة ولتمتدحها وتمجّد من عمل على بعثها. وتتمثل هذه الحركة النبيلة في احتضان الأطفال اليتامى وأبناء الفقراء والمشرّدين وذلك بتأسيس «دار الرضيع» التي تم تعميمها في بعض الجهات ثم أصبحت لاحقا تُعرف «بقُرَى أطفال بورﭬيبة». وأحسن مثال على ذلك الأغنية التي لحنها صالح المهدي من كلمات الشاعر أحمد خير الدين التي يقول فيها:

بعدِ شْقانا وْبعدِ الْغُمّه

بعدِ شْقانا وْبعدِ الْغُمّه

تْجلّى عْلِينا الضِّيمْ

وَالِّلي بُوه حْبيبِ الأُمّه

ما يتْسَمّى يْتيمْ

كُنّا نَشْءُ وْباشْ نْضِيعْ

وْنَطْلعْ لَا صنْعَه لا صْنيعْ

عُضْوِ مْريضْ بْمَرْض فْظيعْ

جرْثومةْ تَهْديمْ

لَكِنِّ بْ«دار الرَّضيعْ»

صِرْنا نَشْءْ كْريمْ

************

قولوا لامِّي الِّلي وِلْدِتْني

وْزِهْدِتْ في حْياتي وْنَكْرتْني

وْمِنْ غِيرْ رْضاعَه فُطْمتْني

ها هُو ربّي كْريمْ

سَخّرْ لي امِّيمَه حَبِّتْني

بْقلْبَ حْنينْ رْحيمْ

بورﭬيبه لمّا تْبنّانَا

وِبْعَطْفو وْحِنّو غَذّانَا

زالْ شْقانَا وْتَمْ هْنَانَا

بْمُنْقِذْنا الَعْظيمْ

وِالأُمّه تْنادي فَرْحانَه

بَحْياةِ الزَعيمْ.

ومن الأغاني التي تُعالج قضايا الطفولة أيضا، نجد منها ما جاء ليبرز مكانة الأطفال في الأسرة وفي المجتمع، وكذلك ليدعو إلى حسن رعايتهم وتربيتهم والاعتناء بهم سواء في المناطق الريفية أو في المدن مع الإقرار بجهود الدولة المبذولة في هذا السياق وذلك بإحداث فضاءات تربوية لاحتضان الأطفال، تتمثل في «رياض الأطفال» وإحداث خطة «المرشدة الاجتماعية» لتوعية الأمهات بالطرق المثلى لتربية أطفالهن. ونجد مثل هذا التوجه في الأغنية التي أداها كورال فرقة الإذاعة والتلفزة من ألحان محمد الأحمر وكلمات أحمد خير الدين، وفيها يقول:

يا شَعْب الخضْرَا

يا شَعْب الخضْرَا أطفالِكْ

في حْياتكْ هُومَا رَاسْ مالكْ

الْيُومَ اطْفالْ وْغُدْوَه رْجالْ

وُفْ مَهْما ميْدانَ ابْطالِكْ

كُونْ حْكِيمْ وْرَاعي وِلْدِكْ

ما هْوِ الا قِطْعَه مِنْ كِبْدْكْ

بِلِّلي تْرَبّي وْتِبْذِلْ جهْدكْ

وِتْضَحِّي بْبَدْنكْ وُمالكْ

كِي يِكْبِرْ لِكْ تبْلغْ قَصْدكْ

تِسْعدْ، وِالْعِيشَه تِحْلالكْ

مهما أمّ اليُومْ سْعيدَه

كِي تْوُجْدتْ في دُولَه رْشيدَه

دُولةْ بورﭬيبه الَعْتيدَه

يا سعْدكِ انْتِ وَاطفالكْ

«رِياضَ اطْفالْ» وْعِيشَه جْديدَه

ما كانتْ تُخْطُرْ عَلْ بالكْ

في مهما دَشْرَه وِمْدينَه

تَلْقَى أُمّ عْلِينا حْنينَه

بِنْصائحها تُرْشدْ فينا

وِتْوَرِّي لِينا الْمسَالِكْ

بَعْدِ المُوتْ الْيُومْ حْيِينا

وِنْجينا مِنْ كُلْ مْهالِكْ

يا خضرا اوْلادك وِبْناتكْ

هُومَه راسْ مالكْ في حْياتكْ

بِيهمْ تِتْكوّن ثرْواتكْ

وْيِتْحقّق معنى اسْتقلالِكْ

«حْبيبكْ» يَحْظي لِكْ زَهْراتِكْ

وْضحّي بِشْبابو عَلْ جالِكْ

في دَوْلةْ بُونا بورﭬيبَه

صِرْنا لِينا قْدَرْ وْهِيبَه

مْدارسْ وِنْوادي شَبيبَه

وْبُونَا الْكاري وَلَّى مالِكْ

وْمهما حاجَه تْكونْ صْعِيبَه

زْعيمكْ هُوّ يْسَهّلْها لِكْ.

أما الأغاني التي تتناول مسألة المرأة، فقد جاء بعضها ليبرز مكانة هذا العنصر الأساسي الفعّال في مجتمع الدولة الحديثة تماشيًا مع التوجهات الجديدة للدولة في هذا الإطار مثل أغنية محمد الجموسي «النساء»، وهي أغنية ذات طابع هزلي لكنها أُنتجت في سياق سياسي واجتماعي يخدم التوجه العام للدولة في إطار تحديث المجتمع، وقد جاء في مطلعها:

اِلنِّساء النساء

الله يْعيّشِ النِّساء

النساء هُومَا الْمِفتاحْ

وِاذَا الْبابْ مِن غِيرْ مِفتاحْ

وِاذَا تْحِبِّ تْعِيش مِرْتاحْ

قُولِ يْعيّشِ النِّساء

الله يْعيّشِ النِّساء

ومن هذه الأغاني ما جاء ليعاضد جهود الدولة آنذاك في تحرير المرأة التونسية انطلاقا من الموقف الجديد من قضية سُفور المرأة، إذ أصبحت المرأة في هذا الطور من تاريخ تونس الحديثة مهيّأة للتخلي عن الوسائل التي تعيقها عن خوض معترك الحياة، فظهرت الدعوات إلى ترك «الحْرامْ» و«السِفْساري» (ثوبين تقليديين ترتدي المرأة أحدهما - حسب الجهة التي تنتمي إليها - عندما تكون في الفضاءات العامة) مثل أغنية الهادي القلال «نَحِّي السِفْسَارِي» التي كتبها المختار كمّون ولحنها محمد ساسي.

كما جاءت بعض الأغاني لتقرّب إلى المواطنين صورة المرأة النموذجية التي تتلاءم مع ظروف الدولة التونسية الحديثة التي تحتاج إلى امرأة تكون شريكا للرجل وسندا له في السرّاء والضرّاء من أجل تحمل أعباء الأسرة وتربية الأبناء. ونجد مثل هذه الأغاني في البرنامج الإذاعي «ﭬافله تسير» كالأغنية التي تقول:

ما نْسيتكْشِي يا امْ صْغاري

وْما نْسِيتِشْ الايَّامِ الزِّينَه

حَبِّيتكْ يا عْمارة داري

إنتِ عِينَيّ الاثْنينه

تْعِبْتِ مْعايا يا امْ اوْلادي

وْياما بِعْتِ النُّومِ الغالي

************

ربِّيتِ اوْلادِكْ يا حُرَّه

حتّى صَبْحُوا الْيُومْ رْجالْ

وْعَدّيتِ الْحلْوَه وِالْمُرّه

وِالصَّابرْ لا بُدّ يْنالْ

2. أغاني الحملات القومية:

نجد في هذا السياق عدة أغان تواكب الحملات القومية التي نظمتها الدولة التونسية الحديثة منذ فجر الاستقلال كي تساهم في تحسين ظروف عيش المواطن التونسي. وقد تعددت مواضيع هذه الحملات، فمنها ما جاء في الأصل للحد من النمو الديمغرافي المتزايد في البلاد فكانت له آثار إيجابية على الأسرة وعلى دخلها، وقد أطلق على هذه الحملة اسم «الحملة القومية لتحديد النسل». وقد اختار بعض الفنانين معالجة هذه المسألة الحساسة بطريقة هزلية لتقبيح صورة العائلة الوفيرة العدد كما فعل محمد المورالي عندما غنى من كلمات محمد عزّوز وألحان البشير جوهر:

يا جماعة عندي طزّينه(15)

 طفلة وتسعة أولاد
هالمدّه انزادولي اثنينه

  رشيدة و رشاد
************
هذا يصيح وهذا ينادي

وهذا يدّرجح في شريطة
وهذا يتكربس ويدادي(16)

 وهذا يزمّر بترمبيطه(17)
لاخر في الكرسي من غادي

 راكب زعمه في كرّيطة
عادل خبّش خوه الهادي

 في وجهو صوّر خريطة
فوزي يجبدلي في أفادي

 يبكي و مقيّملي عيطه
ماعرفت آش نعمل يا ولادي 

عليا قدّر ربي و راد
************

مهما وقت عشا وفطور

بالصفّارة نجمع فيهم
م العسكر عندي طابور

ﭬزرنه(18) يمكن تزيهم
نبدا ننادي يا منصور

 يا زينب ننسى أساميهم
حْلِقْ حْلِقْ(19) العيلة تدور

 وسط الحومة ولا يكفيهم
وإذا نهار خرجت ندور

صفوف كثيرة نسيّر فيهم
وإذا ركبنا في بابور(20)

 الفاﭭونه(21) تراها تعبّات 
************

ما تسمع كان كلمة هات

 ولا كلمة بابا اشريلي
ولاّ إتِرة الزيت وفات

 وهاك الدبّوزة(22) تناديلي
لقفيفة بحذايا تبات

توسعلي بالي وتحكيلي
تفكر فيا في القضيات

تحكي تقصّرلي في ليلي
يا وخيّاني الصّحة وفات

راسي شاب وحار دليلي
شاطت الكبدة وتشوات

ماعرفت آش نعمل يا عباد 
************
باللّي نْكَرْكَرْ(23) باقي شويّه

واللّي نجيبو ما يزّيش
غارق في الدين لعينيا

واللّي نصوّر(24) ما يكفيش
باش نقول مقدّر ليا

كلام فارغ وما يمشيش
عمالي وعملتو بيديا

أنا ما نعرفش نعيش
ولاّ علاش آش ثمّه عليا

نولد ونجمّع في الجيش
كنت نعيش في عيشة هنية

يا لو عندي زوز أولاد 
************
يا جماعة عندي طزّينه

طفلة وتسعة أولاد
هالمدّه انزادولي اثنينه

رشيدة و رشاد

كما نجد حملات أخرى كحملة تحسين الهندام وتحسين المسكن وحملة الادخار التي وإن جاءت في الظاهر لتخدم أغراضا اقتصادية كتفعيل قطاع النسيج الوطني وتجميع الأموال في البنوك واستثمار المدخرات في تشييد المساكن العصرية وإتاحة فرص اقتناء المساكن الشعبية الجاهزة، فإنها خدمت بدرجة أولى المواطن التونسي إذ كانت هذه الحملات وسيلة فعّالة لتحسين حياته وظروفه المعيشية.

ومن الأغاني التي تفاعلت مع هذه الحملات نذكر أغنية محمد المورالي «تحسين الهندام» التي لحنها الهادي الجويني وكتبها أحمد خير الدين ويقول فيها:

يا خُويَا حسِّنْ هنْدامكْ

يا خُويَا حسِّنْ هنْدامكْ

وْنظّمْ مَلْبوسكْ يِهْديكْ

وْما تحْكيليشِي عْلى طْعامكْ

عشِكْ عُمْرو ما يْرَقِّيكْ

يا خُويا رَتِبْ ملبوسكْ

وْما تِتْقَرْنَطْشِي(25) عْلى فْلوسكْ

خَمِّمْ كِي تَبْلعْ زْروسكْ(26)

ما يِسْخِفْشْي حَدّ عْلِيكْ(27)

يْقولوا ها الْمَغْبونْ ارْتاحْ

ما شَافِشْ أيّامْ مْلاحْ

كانْ زَعْمَه أكبرْ فَلاحْ

وْهُوّ كِي حْصانْ الْبيليكْ(28)

لا رَوّقْ نَفْسو بِلْباسْ

وْلا تْنَوّرْ ما بِين النّاسْ

عاشْ عْلى رِزْقو عَسّاسْ

وْلا عنْدُو وَارثْ لا شْرِيكْ

قالوا تْعَدّى عْلِيّ بْرِيشكْ

وْما تَفْخَرْشِي عْلِيّ بْعِيشكْ

في داركْ اشْبعْ بَحْشِيشكْ

وَاظهَرْ بِين اصْحابكْ شِيكْ

قالوا: كِي تِكْسي الَعْوَيِّدْ

يْوَلِّي لِكْ مَقْدود جْوَيِّدْ

بِلْباسكْ تِرْبحْ وِتْفَيِّدْ

وَالِّلي يْراكْ يْكبّرْ بِيكْ

كِي تِلْبسْ لِبْسَه قَمْقومَه(29)

وْتُخْرجْ تِدّرّجْ في الحُومَه

تْوَلِّي إسمكْ سِيدي سْلومَه

وِالناسْ يْكِبُّو عْلَى يْدِيكْ(30)

وِاذا ما تْحِبِّشْ تْفَيِّشْ(31)

وِالناس يِشُوفوكْ مْرَيِّشْ(32)

تْعَدِّي عُمْركْ وِانْتِ مْطَيّشْ(33)

لا تلْقَى مَنْ يَعْنَى بِيكْ

ذُوقكْ يِتْجلّى بِلْباسكْ

وْقَدْركْ يَعلَى مْعَ جُلاّسكْ

وْما يِجْرحْ لِكْ حدّ احْساسكْ

وْلا تَسْمَعْ كلمَه تَاذِيكْ

هَكّه حْبيبِ الشعبِ تْكَلّمْ

وْحَبّكْ في لْباسكْ تِتْنَظّمْ

اُخْزُرٍ(34) لْغِيركْ وِتْعَلّمْ

باشْ يِوَلِّي يْفاخِرْ بِيكْ

هَكّه حْبيبِ الأُمّه قالْ

وْحَرّضْ جْمِيعَ الْعُمّالْ

حسّن هندامكْ تْنالْ

رْضا زْعيمكْ، وِالْخِيرْ يْجِيكْ

نِعْمةْ ربّي عْلِيكْ ظَهّرْها

وْخِيراتو بالِكْ تُنْكُرْها

وْنَفْسكِ الْمِشْحاحَه(35) اقْهَرْها

باشِ الْمُولَى يَرْضَى عْلِيكْ

كما نجد أيضا أغنية «يا سامع مني الاقْوال» التي سجلها برنامج «ﭬافله تْسير» يوم 2 مارس 1979 وهي تقول:

يا سَامعْ مِنِّي الاقوال

يا سَامعْ مِنِّي الاقوال

افْهِمْني نَعْطِيكْ وْصِيَّه

نْحِبِّكْ في المظهرْ مِسْوَالْ(36)

تِتْهَنْكَرْ(37) صُبْحَه وَعْشِيَّه

بالله اعْلاشْ

وِاللِّحْيَه زَيِّ الْقَرْدَاشْ(38)

وْبِلْباسِكْ ما تِتْعَنَّاشْ

وِمْهَدْرَشْ كِي بُو سَعْدِيَّه(39)

اِعْنَى بِلْباسكْ

كِسْوَه نْظيفَه تْكُونْ قْياسكْ

ما تِنْساشْ حْجامِةْ راسكْ

وما تْكُونِشْ ناقصْ عَقْلِيَّه

تِبْدَا مِتْهَمَّمْ

في لْباسكْ مَرْتُوبْ مْنظَّمْ

ما تِغْفِلْشي عُومْ وْحَجَّمْ

لَا تْخَلِّي اللِّحْيَه قَدْرِيَّه(40)

كِيفِ الْمَشْمومْ(41)

نْظافَه وَعْفافَه مَلْزومْ

نَوَّارَه ما بِينْ القُومْ

لا تَسْمعْ كِلْمَه مِرْزِيَّه(42)

تِبْدَا مَحْبُوبْ

حتَّى في الخارجْ مطلوبْ

وِيْقولوا ما فيه عْيُوبْ

في عُمْركْ لا تْرَاشْ آذِيَّه

ما بِين النَّاسْ

يا خُويا مَرْفُوعِ الرَّاسْ

مُتْرُبِّي نْظافَه وِاحْساسْ

وَاخْلاقكْ لا هِي دُونِيَّه

حْبيبكْ بورﭬيبَه

نَصْحكْ وِيْحبِّكْ في لْهيبَه

ونذكر أيضا هذا المقطع من الأغنية التي تتغنى بالإنجازات التي واكبت الحملة القومية لتحسين المسكن:

(...)

وْمَنْظَرْ الاكْواخْ الدُّونيه

تْبَدَّلْ بِمْساكنْ شعْبيَّه

وِاصْبَحْنا في رَفَاهِيَّه

وِالْغُمَّه عْلِينا تْجلاّتْ

(...)

إلى جانب ذلك نجد حملة هامة انتظمت للحدّ من النزوح ولانتهاج سياسة تثبيت سكان الريف في أماكنهم، فقامت الحملة على التغني بالريف والبادية وتصويرهما في أحسن صورة مع تنفيذ برنامج اقتصادي ذي صبغة خصوصية يتعلق بالتنمية الريفية وإزالة الأكواخ.

ومن الأغاني التي واكبت هذه الحملة نذكر أغنية «البادية» التي كتبها محمد بوذينة وغناها ولحنها عز الدين ايدير، ونذكر أيضا أغنية إسماعيل الحطاب «ما احْسنْها العِيشَه في الريف»:

ما احْسنْها الْعِيشه في الرِّيفْ

فْلاحَه وِرْبايِتْ حِيوَانْ

وْسَاكِنْها في جَوْ لْطيفْ

مِتْمَتَّعْ في اعَزْ مْكانْ

في الرِّيفِ الْعِيشَه ما ابْهَاهَا

تْفَرْهَدْ عَلْ قلْب الْمِحتارْ

الْخِيراتِ السبعَه تَلقاها

رْبيعْ فايحْ وِالزرْعْ خْضارْ

وْنِسمَه تْخبَّلْ يا ما اذْكَاها

وِرْوَايحِ ْمِن كلَّ ازْهارْ

في الريفْ الدِّنيا فرْحانَه

يِسْعدْ من رَاهَا بالْعِينْ

كما ظهرت أغان أخرى ساهمت بمضامينها في توعية المواطن من أجل تحسين ظروفه المعيشية، فدعتْ إلى ترك الخنوع والإقبال على العمل بكل جدية في جميع المجالات وإلى تعلم حرفة تساعد صاحبها على إفادة نفسه ونفع بلاده. ومن هذه الأغاني نذكر أغنية «ما عادش في الْوْطَنْ بْطاله» التي غنتها صفية الشامية من كلمات أحمد زاوية وألحان الناصر زغندة، وأغنية «ابذل جهْدكْ يا فلاّح» التي أداها مصطفى الشرفي وكتبها بوجمعة عبد النبي، وأغنية محمد الفرشيشي «يا جاه ربي يا جاه» التي أطلِق عليها اسم «نشيد العمال التونسيين» وهي من ألحان الهادي الجويني ومن كلمات أحمد خير الدين نقتطف منها المقاطع التالية:

نشيد العمال التونسيين

يا جاهْ ربّي يا جاهْ

حقّقْ للخَدّامْ رْجاهْ

يا جاهْ ربّي يا جاهْ

بْفَضْلِ سْواعِدْنا

وْبْفَضْلِ الِّلي نْصَرْنا وْعَاضدْنا

حْيِينا تونسنا وْجَدّدنا

وْرَدِّينا الخضْرا جَنّتْنا

نْجَحْنا وِكْمِدْنا الِّلي حْسدْنا

وِالْمُولَى تَمّم فَرْحتْنا

حَصّلْنا الِّلي نِتْمَنّاهْ

يا جاهْ ربّي يا جاهْ

جْمِيع العُمّالْ

في حَرْبِ التّحريرْ ابْطالْ

بالرّوحِ نْضَحّي وِالْمالْ

تِشْهِدْ عْلِينا ثَوْرتنَا

وْكِي فُزْنا بالاستقلال

رْفَعْنا في الدّنيا رايِتْنا

وْبِالدّمْ النصْرْ شْريناهْ

يا جاهْ ربّي يا جاهْ

********

الْيُومْ الخَدّامْ

فَرْحانْ وْسَعْدُو لْقُدَّامْ

لا عادْ يْخافِ الظُّلاّمْ

الِّلي حِرْمونا مِنْ خُبْزِتْنا

وْربّي نجّانا وْنَجَّاهْ

يا جاهْ ربّي يا جاهْ

عِلّةْ الِبْطالَه

خَلاّتِ الأُمَّه في حالَه

ضِيفِ لْها فْقَرْ مْعَ جْهالَه

هِكّايَه(43) كانتْ حالتْنا

وِالْيُومِ بْفَضْلْ الرَّجَّالَه

حْيِينا مِنْ بعْدْ ما متْنا

وِرْجَعْ لْنا الِّلي خْسَرْناهْ

يا جاهْ ربّي يا جاهْ

وفي هذا السياق أيضا نذكر «أغنية شعبية وطنية» من كلمات أحمد خير الدين وألحان صالح المهدي:

تُونِسْ يَا عِزِّ الْبُلْدَانْ

تُونِسْ يَا عِزِّ الْبُلْدَانْ

بَاوْلادِك اِهْنَا واطْمَانْ

تُونِسْ الْحُرَّه

بْلاد الْعِزَّة أَرْض النَّغْرَه

رَئِيسِكْ حَبِّكْ مِ الصُّغْرَه

وْشَادْ بْخِيرِكْ فِي الْبُلْدَانْ

حْبِيبِكْ مُخْلِصْ لِيكْ يَا خَضْرَا

هَايِمْ بْحُسْنِكْ وَلْهَانْ

بِجْهَادْ أَوْلادِكْ

يَا تُونِسْ حَصَّلْتِ مْرَادِكْ

مَا عَادِشْ عِنْدِكْ اسْيَادِكْ

وْصَارُوا كِي كَانِكْ مَا كَانْ(44)

الْيُومْ رْجَعْ لِكْ مِلْكَ أَجْدَادِكْ

وْدَسْتُورِكْ حَقَّقْ الامَانْ

عَلَى ذْرَاعِكْ شَمِّرْ

لَا تَيِّسْ وَلا تِتْذَمَّرْ

اخْدِمْ أَرْضَكْ كِي الْمُعَمَّرْ(45)

مَاكْ إِلا كِيفُو إِنْسَانْ

الِّلي مَا يَعْمَلْ يِّدَّمَّرْ

وِيْعَدِّي عُمْرُو حَيْرَانْ

اعْمَلْ كِي غِيرِكْ

وِاسْتَخْرِجْ مِنْ أَرْضَكْ خِيرِكْ

زْيُوتِكْ وِقْمُوحِكْ وِشْعِيرِكْ

وِمْعَادِنْ وِغْلُلَّ اَلْوَانْ

وْكِي يَخْفَقْ فِي جَوِّكْ طِيرِكْ

يْهَابُوكْ جْمِيعِ الْبُلْدَانْ

اعْمَلْ كِي امْثَالِكْ

بَاشْ اتْحَقِقْ اسْتِقْلَالِكْ

مَا كَانِشْ حُطْ عْلَى احْمَالِكْ

وُاقْعُدْ مَحْقُورْ وْمُهَانْ

رَئِيسَكْ تَاعِبْ عَلْ جَالِكْ

اعْمَلْ بِكْلامُو تُصَانْ

الأغاني ذات الأبعاد الاقتصادية:

نجد منها ما استعمل في تمجيد السياسة الاقتصادية التي قامت في فترة معيّنة على الاشتراكية والتعاضد، ومنها ما يخلد بعض الإنجازات الاقتصادية خاصة في المجالين الفلاحي والصناعي ومنها ما يعرف بقطاع مستحدث في اقتصاد الدولة الحديثة وهو قطاع السياحة بالتشجيع على زيارة المدن الجميلة وبعض المناطق السياحية والأثرية وغيرها.

1. الأغاني المساندة للسياسة الاقتصادية:

سَرَتْ في الأوساط الفنية التونسية خلال ستينات القرن العشرين موجة من الأغاني ذات التوجه الاشتراكي عبّر فيها أصحابها عن إعجابهم بسياسة الدولة الاقتصادية، فأصبحوا يخصّصون لها أغانيَ خاصة وأحيانا يقحمون مفهوم التعاضد والتصميم والاشتراكية في سياقات أخرى باعتبار أن هذه المفاهيم هي مما يفتخر به الشعب التونسي كإنجازات اقتصادية باهرة للدولة آنذاك. فمن الأغاني التي برزت في هذا السياق نذكر أغنية «التعاضد» التي مطلعها:

بِالتَّعَاضُدْ وِالتَّصميمْ

شعبِ الخضْرا يْعِيشْ كْريمْ

وكذلك أغنية «تصميمِكْ نَجّحْ الِبْلاد» التي غناها يوسف التميمي من كلمات محمد الهادي عمران وألحان عبد العزيز بن عبده، وأغنية «مولع بالاشتراكية» التي غناها الهادي القلال وكتبها محمد بوذينة ولحنها الهادي البش.

ومن الأغاني التي احتوت على مقاطع تمجد هذه السياسة الاقتصادية نذكر مثلا «نشيد العمال التونسيين» الذي كتبه أحمد خير الدين ولحنه الهادي الجويني.

التصميم

بْفَضْلِ التَّصميمْ

تْجلّى عَ الخَدَّامِ الضِّيمْ

ما عادِشْ يِتْسَمَّى خْديمْ

وْزَالِتْ عْلِينَا مِحْنِتْنا

حْمِدْنا رَبِّي حْنينْ كْريمْ

وْبُورﭬيبه بَانِي دَوْلتْنا

وْبِجْهادو عْلمْنا رْفعْناهْ

يا جاه ربي يا جاه

بِالْجَمْهوريَّه

تونسْ صارِتْ أُمَّه حَيَّه

وْبِسْياستْنا البورﭬيبيه

نْجحْنا وِوْصِلْنا لْغَايتْنا

اِشْتراكيَّه دَسْتوريَّه

بِيها تِتْحقَّقْ وحدتْنا

وِالْمَاضي الاظْلَمْ نِنْساهْ

يا جاه ربي يا جاه

ومما يؤكد تأثير الجانب السياسي في الأغنية، تغيير بعض المقاطع الغنائية لتصبح ملائمة للتيار الاشتراكي السائد في الستينات من القرن الماضي، ومثال ذلك ما جرى في أغنية «نِتْمنّى نْولِّي فلَّاح» لعبادة السليطي التي عدّلها عبد المجيد بن جدو المشرف على برنامج «ﭬافلة تسير» بالإذاعة حتى يقع تجنب الحديث عن ملكية الفلاح الخاصّة للأرض. فبعدما كان مطلعها:

نِتمنى نْولِّي فلاّح

وْأَرْضِي نِخْدِمْها بِضْمِيرْ

أصبحت بعد حذف ياء النسبة (الضمير المتصل العائد على المتكلم) تُشير إلى أن الفلاح يعمل في أية أرض دون تحديد، وهكذا أصبحت الأغنية تقول:

نِتْمَنَّى نْوَلِّي فلاّح

الاَرَاضِي نِخدمْها بِضْميرْ

نْعَدّي عُمْري بْكُلُّه اَفْراحْ

وسْط الغابَه وِالهِنْشِيرْ(46)

نِتْمَنَّى نْوَلِّي فلاح

نِتْمَنَّى نْوَلِّي فلاّح

الاَرَاضِي نِخدمْها بِضْميرْ

نْعَدّي عُمْري بْكُلُّه اَفْراحْ

وسْط الغابَه وِالهِنْشِيرْ

نِخْدِمْها بَعْرَقْ جْبيني

ومَجْهوداتي وْكَدِّ يْمِيني

بِالْقُدرَه هِيَّ تَعْطيني

نِرْبحْ وِنْوَلِّي في خِير

نِنْجحْ وِنْولِّي لا بَاسْ(47)

وْيَعْلَى قَدْري بِين الناسْ

وِالِّلي عنْدُو كِيفي احْساسْ

عمْرُو لا يَخْسرْ لا يْخِيبْ

عمْرو لا يَبْقى عِرْيانْ

لا مَخْصُوص وْلا جِيعانْ

ومن خلال هذا النموذج نلاحظ أن الأغنية التونسية أصبحت مستجيبة للتخطيط الذي اتبعه دعاة الاشتراكيّة من أجل إثراء موضوعاتها ولذلك ظهرت هذه الأغنية على هذا الشكل إلى جانب الكثير من الأغاني التي تعبّر عن محاسن الطبيعة وجمالها وتصوّر جهود العمّال والفلاحين وغيرهم وتتعرّض للمشاغل اليومية للمواطن التونسي في مختلف مجالات حياته.

2. الأغاني المخلدة للإنجازات الاقتصادية:

لا شك أن السياسة الاقتصادية في الدولة الحديثة قد أحدثت نقلة نوعية في المشهد الاقتصادي للبلاد لفتت انتباه الجميع ولاسيما الموسيقيين الذين راح معظمهم يعد مجموعة من الأغاني التي عملت على تخليد هذه الانجازات.

ففي المجال الفلاحي تغنى مصطفى الشرفي بوادي مجردة في أغنية كتبها الشاعر منور صمادح ولحنها أحمد القلعي وعنوانها «مجردة» كما غنت زهيرة سالم عن الانجازات الفلاحية في جهة باجة من خلال أغنية «باجة أرض المندرة والصابة». كما لحن السيد شطا أغنية «ضيعة الحبيبية» من كلمات أحمد خير الدين التي تسجل الإنجازات الفلاحية الكبرى في منطقة الحبيبية لاسيما بعد أن تولت الدولة توزيع 5000 هكتار سنويا على الفلاحين حتى أصبحت هذه المنطقة قرية فلاحية نموذجية في البلاد، تقول:

ضيعة الحبيبيّة

هيّا مْعايَا وْزُورْ الَحْبيبِيَّه

وُانْظُرْ بْعِنِيكْ ثَمْرِةِ الْحُرِّيَّه

قَرْيَه جْمِيلَه

تْخَيَّلْتْها في أَلْفْ لِيلَه وْلِيلَه

إِلْبُلْبُلْ يْغَنِّي وِالنَّسيمَه عْلِيلَه

وِالوادْ يُلْقِي قْصِيدْتُو الشِّعريَّه

زْيارَه لِيها

تْوَرِّيكْ رُوح الْعَزْمْ في امَّالِيها(48)

تُرْبَه كْرِيمَه مَجْرْدَه يْغَذِّيها

وَلاّتْ جَنَّه مْشَجَّرَه مَحْظِيَّه

كِي تُوصِلْ لْها

وِتْشُوفْ أَرْضِكْ عِزْها وِجْمَلْها

تْشُوفْ خِيرْها وَازْهارْها وِغْلِلْها

تْشاهدْ نْتائجْ بَاهْيَه وْمَرْضِيَّه

خْدِمْ بْلادو

الْفَلاّحْ فيها ضْمَنْ عَيْشْ وْلادو

ربِّي الْكْرِيمْ يْعَاوْنو في جْهَادو

لِينْ نَصْبْحُو كِيفْ أُمَّه حَيَّه

كِي تِنْصَرْنا

وْجَاهدْ عْلِينا حْبيبْنا وْحَرَّرْنا

يِلْزِمْ الْيُومْ نْرَجْعُو الِّلي خْسَرْنا

وِنْتَبْعُو الْمَبْدا البورﭬيبيَّه.

كما نجد عدة أغان أخرى تهتم بالجانب الصناعي ولاسيما الصناعات التقليدية، فقد غنى مصطفى الشرفي أغنية «النقش والفخار» التي كتبها محمد بوذينة ولحنها محمد ساسي. كما غنت المطربة نرجس أغنية «أحمي الصنعة التقليدية» التي كتبها محمد اللجمي ولحنها وناس كريّم. كما استغَلتْ بعضُ الأغاني العاطفية الصناعاتِ التقليديةَ في وصف المرأة المتغَزَّلِ بها فجاءت هذه الأغاني معاضِدَةً للنشاط الاقتصادي بطريقة غير مباشرة، فقد غنى محمد أحمد أغنية يقول مطلعها:

ﭬدّكْ يِسْحِرْ يا مِسْمِيَّه

يا لابْسْه رُوبَا(49) هْلالِيَّه

كما غنّى قاسم كافي من كلمات محمد الطرهوني وألحان علي شلغم في نفس الإطار أغنية يقول مطلعها:

حْرَامْ(50) حْرِيرْ وْفُوطَه سُورِي(51)

وَحْزَامْ بْالأَلْوَانْ

ﭬَدّ وْمَعْصَمْ كِي التَّبْرُورِي(52)

زَادُونِي الامْحانْ

وكذلك أغنية صليحة التي لحنها صالح المهدي وكتبها أحمد خير الدين تحت عنوان «أغنية المنسوجات التونسية» التي تقول:

أغنية المنسوجات التونسية

أوتاري وعودي الصوف والسدايا(53)

وصوت الخلاله(54) قصايدي وغنايا

صوته صادي

من صنعتو نكسي أولاد بلادي

يزهى دليلي ونبلغ لمرادي

ويهون عندي في العمل شقايا

نخبّر ريدي(55)

عز اللباس اللي صنعتو بيدي

جبّه مقردشه(56) والحرام جريدي(57)

وبرنوص(58) يضوي في مثيل مرايا

والزربية

من صنع طفلة حاذقة قرويه(59)

في كل بقعة خذات شهره قويه

باتقانها وصلت لأعلى غايه

بصوف بلادك

تلبس وتكسي عيلتك وولادك

ارجع لأصلك كون مثل أجدادك

يخلف على الانعاج(60) والسدايا

قول للغافل

لوقتاش من سلعة بلادك جافل(61)

إنتاج الجريد وقروان وساحل

ومنسوج قصر هلال فيه كفايه

3. الأغاني المعرّفة بالمدن والمناطق السياحية:

لئن أقرّ الموسيقار المرحوم صالح المهدي أن هذه الأغاني الخاصة بالمدن كانت تُنجز إما بمناسبة إقامة مهرجانات فيها وإما بطلب من السلط الجهوية التابعة لها وإما لانتماء بعض الفنانين إليها، فقد أكد «عدم وجود توجه معين لإحداث الأغاني السياحية»(62) إلا أن الأكيد أن هؤلاء المطربين قد ساهموا فعلا - سواء عن قصد أو دون قصد - في توفير رصيد هائل من الأغاني المتعلقة بأجمل المدن التونسية فعرّفت بها وبمُمَيّزاتها فأخرجتها من عزلتها وجعلتها مشهورة في كامل البلاد، وقد خدم ذلك كثيرا الجانب الاقتصادي باعتبار أن أغلب هذه المدن تنطوي على مخزون ثقافي ثري، وتحتل مكانة هامة من الناحية السياحية ويمكن أن تجلب السيّاح من الداخل ومن الخارج.

ومن هذه الأغاني نذكر: «عز البلاد وفخرها يا سوسة» و«تحية المستير» (تحيّة المنستير) و«يا طبرقة يا أرض الخير» و«بلاد الخلاعة سكرة» و«ﭬفصة جميلة» و«البير والصفصاف والناعورة» و«يا بوسعيد العالي» و«امَّيِّةْ زغوان» و«الهوارية بلادي» و«الزهر تفتح في نابل» و«قالولي ع الشهلة تغني» و«عْروسَه يا حمامات» و«ما احْلى شطك يا روّاد» و«سوسه وجمّال والمهدية» و«سوسه حلوه بلاد الصيف» و«أغنية الجريد» و«شط راس الديماس» و«المهدية» و«من يمشي لْجِرْبه ويراها» و«شمس الجنوب يا صفاقس الميمونة» و«يا زاير تونس» و«يا زين الصحرا» و«تحيا بلادي حافله بْوَاحتها» و«نوبة الخضراء»... إلى جانب الأغاني التي تتحدث عن حماية الآثار كأغنية «آثار بلادي» التي كتبها أحمد خير الدين ولحنها ونّاس كريّم والتي تقول:

آثارْ بْلادي نَحْميها

آثارْ بْلادي نَحْميها

وْنَحفظْها مِنْ يَدْ الْعَادي

كِي ندْرسْها نَقْرا فيها

صَفْحَه مِنْ أَمْجاد اجْدادي

فَنّ الآثارْ

عِبْرَه وْمُتْعَه للأَفْكارْ

يَنفعْنا كْبارْ مْعَ صْغارْ

وْفيهْ نَقْرا تاريخْ بْلدي

حَجْرَه تُنْطُقْ بالأَخْبارْ

وْتحْكِي لِي عْلَى مجْدَ اجْدادي

كْنوزْ مْخُبِّيَّه

تحت تْرابِ الْجَمْهوريَّه

كانت مهجورَه وْمَنْسِيَّه

وْجَحْدُوها عْلِيَّ حُسّادي

وْكِي هَبّ نْسيمِ الْحُرِّيَّه

حَرَّرْ حتّى حْجَرْ بْلدي

الزَّايِرْ كِي يْجِينا

وْبْعِينو يْشُوفَ آشِ بْنِينا

يَشْهَدْ بْعِزِّةْ ماضينا

ماضي غنَّى بِيهِ الشَّادي

في مَهْمَا بُقْعَه الِّلي لْقِينا

يَكْفي في تَمْجيدْ بْلادي

دُقَّه وِالْجَمْ

وِزْلِيز الظَّفْري مْنَظَّمْ

وَحْنايا بِيها تَهْتمْ

السُّوّاحِ الِّلي يْزُوروا بْلادي

قَعْدِتْ عِبْرَه للأُمَمْ

تِعْجِبِ الرَّايَحْ وَالْغَادي.

الأغاني ذات الأبعاد التربوية:

على الرغم من أن الشعب التونسي معروف بشغفه بالعلم والتعلم(63)، فقد عرفت السنوات الأولى بعد الاستقلال حملات لتوعية الشعب بأهمية الكسب العلمي والتحصيل المعرفي، حيث استشرى التخلف واستفحلت الأمية نتيجة السياسة التعليمية الفاشلة التي اتبعها أغلب بايات تونس قبل انتصاب الحماية الفرنسية وبعدها.

وأمام هذه الوضعية التي تعرقل مسيرة التنمية في الدولة التونسية الحديثة، عملت الحكومة على اتباع سياسة تربوية تهدف إلى إحياء الشغف بالتعلم والتعليم لدى الأجيال الصاعدة من أطفال تونس وشبابها من ناحية، وتهدف إلى محو الأمية من ناحية أخرى.

ونظرا إلى أن الموسيقى تظل دائما مواكبة للتطورات السياسية والاجتماعية في البلاد، فقد انخرط العديد من الفنانين في هذا السياق لمعاضدة جهود الدولة لتحقيق أهدافها التربوية النبيلة.

فظهرت أغان يتوجه فيها المطرب بالخطاب إلى النشء مباشرة لحثهم على الإقبال على العلم بشغف مع إبراز فوائد ذلك على الفرد وعلى البلاد. وفي هذا السياق غنت علية «اقْرا يا ولْدي وتْعلِّم» وأدى محمد المورالي أغنية فكاهية يقول مطلعها:

أقرا واحفظ يا للي تسمع
ما تكونش مغرور
كون كيفي أنا متعلم
راهو العلم نور
************
في الأدب نقلك أنا 
التاريخ أنا عالم كبير
كيمياء وحساب وجغرافيا
نعرفهم م اللي أنا صغير
شعر ونثر معاهم زاده
نكتبهم من غير تفكير
علم الذرة أنا وضعتو
خملتو(64)  في قاع البير
بالسوري(65) محصل شهادة
يسموها طبلو دونار(66)

************
أنا في علم التاريخ
أول مؤرخ في زماني
حواء ماتت يوم خميس 
ثمانية في ربيع الثاني
عنتر أبيض موش وصيف(67)

تاريخي ثابت أصلاني
شمشون كان أقرع و ضعيف
في أصلو يرجع فزّاني(68)

قيس و روميو راهو توامه
وماتوا في أبه قصور(69)

************
الجغرافيا يا رجالة
قاريها م اللي أنا صغير
تقلي طوكيو فين نلقاها
انقلك موجودة في خمير(70)

في فيانا(71) كيف تاخو الدورة
تلقى حذاها بلفيدير(72)

باش تمشي للقطب الجنوبي
تتعدى على بو ﭭرنين(73)

و إذا تحب تمشي لشيكاغو
من مطماطه(74) أبدأ دور

إلى جانب أغنية عبادة السليطي التي يقول في جزء منها:

وِلْدي انْكَبّ عْلَى دْرُوسِكْ

خَدِّمْ فِكْرِكْ كُونْ فْطِينْ

مَا تْخَلِيشْ الجَهْلْ يْدُوسِكْ

تَبْقَى مْطَيِّشْ كِي لاخْرِينْ

حِلْ كْتَابِكْ وَاقْرَا دَرْسِكْ

طَالِعْ وُاَنْظُر فِيهْ مْلِيحْ

ابْذِلْ مَجْهُودِكْ وَاقْرَا دَرْسِكْ

جَاوِبْ كُلْ جْوَابْ صْحِيحْ

تْنَالْ مْنَاكْ وِيْتِمْ عِرْسِكْ

تِكْسِبْ ثَرْوَه وِمْرَابيحْ

كما ظهرت عدة أغان أخرى يتوجه فيها المطربون بالخطاب إلى الآباء لدعوتهم إلى عدم إغفال تعليم أبنائهم وإلى تربيتهم على أحسن وجه. ومثال ذلك أغنية خميس الترنان «العلم للأممْ سرْ بْقاها». كما تم التوجه إلى الآباء الريفيين لحثهم على حسن تربية أبنائهم وعلى تعليمهم على غرار أغنية المختار البرهومي التي يقول فيها:

يا خُويَا أَوْلادِكْ رَبِّيهمْ

يا خُويَا أَوْلادِكْ رَبِّيهمْ

وَاجِبْ قَرِّيهمْ

وْفِي طْريقِ الْوَاقَعْ مَشِّيهمْ

مَلْزُومْ عْليكْ

مِ الصُّغْرَى تْرَبِّي ذْرَاريكْ(75)

هَانِي نْوَعِّيكْ

عْلَى اوْلادِك فَتَّحْ عِينِيك

فَكَّرْ يَهْديك

مُسْتَقبلْهم بِينِ ايدِيكْ

نَعْطيكْ مَثَلْ

إِذَا تْحِب المُشْكلْ يِتْحَلْ

اِلْعِلْمِ الْحَلْ يْفَتّحْ وِيْنَوّرْ الَعْقَلْ

يْوَصّلْ للْحَلْ

يْثَقّفْ وِيْكَوَّنْ الَعْمَلْ

وْلِلْخِير يِدِلْ

قَرِّيهمْ وْايَّاكْ تْمِلْ

ما تْخافِشْ مِ الْعِلْمَ عْليهمْ

رَاوْ يْعَلِّيهم وْما تْقولِشْ وِصْلُوا يِزِّيهمْ

الْعِلْمْ يْعَلِّي

وْلَصْحابو في السُّومْ يْغَلّي

وْفي الْعِيشْ يْحَلِّي

وْعْلَى قَلْب الْمُضَامْ(76) يْجَلِّي

وْبَحْذَاه يْوَلَّي

مُطْمَانْ وْقَدْرو مِتْعَلِّي

كما ظهرت بعض الأغاني التي تدعو إلى تعلم اللغة العربية لإزالة آثار الاستعمار الفرنسي الذي حاول في مناسبات عديدة أن يطمس الهوية العربية في التونسيين، وفي هذا الإطار أدت علية أغنية «اللغة العربية» وهي من كلمات حمادي الباجي وألحان قدور الصرارفي.

ومن ناحية أخرى برزت بعض الأغاني التي تستهجن الأمية وتنفر منها مثل أغنية «رفع الأمية» التي لحنها قدور الصرارفي وكتبها أحمد خير الدين وهي حوار غنائي دار بين مجموعة من الشخصيات يقولون فيها:

رفع الأميّة

عَيَّرْني بِلِّلي يظهر لِكْ

مُمْكنْ نِتْغاضَى وْنِتْساهلْ

لَكِنْ ما نَرْضاشِي مِنِّكْ

كِي تْعَيَّرْني بْكِلْمِةْ جاهلْ

كِلْمِةْ جاهلْ مُرَّه صْعيبَه

وْلِبْنَ آدِمْ أَكبَرْ مُصيبَه

خْصوصِي في دَوْلِةْ بورﭬيبَه

حْبيبْ الامَّه خلاّص الْواحِلْ

يِلْزِمْنا في مُدَّه قْريبَه

ما يبقى في تونسْ جاهلْ

يا ماذا طْويلْ بْلا غَلَّه

لا يعْرفِ اسْمو عَ الْقُلَّه

يْقُلْ لِكْ نَقْرا عْقُوبَةْ ألَّله

وِيْحِبْ نَفْسو عَقْلو كاملْ

وْهُوَّ مْريضْ بْأَخْطَرْ عِلَّه

ما دامُو يِتْسَمَّى جاهلْ

كِلْمِةْ جاهلْ أفْظَعْ سبَّه

وَصْمَه عْمُرْها ما تِتْخبَّى

عِلَّه حارتْ فيها الطُّبَّه

داها يِسْري في الِمْقاتِلْ

يِلْزِمْ قُوانا تِتْعَبَّى

باشْ نقْضِي عْلَى كِلْمِةْ جاهلْ

مْعَ كُبْري نرْضَى نِتْعلَّمْ

وِنْوَلِّي نعْرِفْ نِتْكلِّمْ

وْلا نْعدِّي عُمْري نِتْأَلَّمْ

ما بِينْ الْجافلْ وِالْغافلْ

ما ثمَّاشِي فرْقْ يْقَسِّمْ

ما بِين المَيِّتْ وِالجاهلْ

ما نَرضاشِي نبْقى أُمِّي

وِوْلادي تْعاني في هَمِّي

مِنْ تَوَّا نْشَمَّرْ عَلْ كُمِّي

وِالْواعرْ يَرْجَعْ لِي ساهلْ

نِتْعلَّمْ وِنْجلِّي غَمِّي

وْنِمْحي كِلْمِةْ بابا جاهلْ

يِلْزِمْ تَوَّا نَحْرثْ رَبْعِي

وْنُشْرُبْ كِيفْ صْفَا لِي نَبْعِي

وْيِزِّي مِ التُّصْحاح بْصُبْعِي(77)

وْنِتْبسَّمْ لِرْبيعي القادمْ

بْرَفْعِ الْجهل نْبَدَّلْ طَبْعي

وِنْوَلِّي نْعلَّمْ في الجاهلْ

ما تْظُنُّوشِي صِرْتْ عْزوزَه

وْباشْ نبْقى وَحْدي مَغْزوزَه(78)

لا بُدَّ نِشْري أرْدوزَه(79)

لوْ نَعرفْ نَرْهنْ الِخْلاخِلْ(80)

أجْملِ الشُّبَّان انْحوزَه

وْما نَرْضَاشِي بْشايبْ جاهلْ

وْبْمجهودِ الأُمَّه التونْسيَّه

وْبِسْياسِتْنا البورﭬيبيه

لازِمْ نِمْحِيوْ الاُمِّيَّه

وْنِطْوِوْ بْسُرْعَه الِمْراحِلْ

وِنْحَقَّقْ أغْلى أمْنِيَّه

كِي يِتْعلَّمْ آخِرْ جاهلْ

استنتاجات عامّة حول «الأغنية الشعبيّة الجديدة» بالبلاد التونسيّة:

من أهم الاستنتاجات التي يمكن الخروج بها من هذه الدراسة التوثيقية للأغنية الشعبية الجديدة بالبلاد التونسية نذكر:

ارتباط الأغنية الشعبية الجديدة في البلاد التونسية في منتصف القرن العشرين بتوجهات الدولة الفتيّة التي رأت في إتّباع المسار التحديثي للمجتمع منهجا وسبيلا للخروج من التقاليد البالية المعرقلة لمسيرة تطوّر البلاد اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.

استغلال السلطة الحاكمة آنذاك تعلّق عامّة الشعب بالأغاني الشعبية وخاصة البدويّة منها لتمرير أفكارها «الإصلاحية» أحيانا وطرح «البديل الفكري» للمنوال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي أحيانا أخرى.

اعتماد الدولة على قدرة تأثير الوسائل الاتصالية السمعيّة (الراديو على وجه الخصوص) في عامة الشعب لشدّ اهتمامهم من خلال جملة الأغاني الشعبية الجديدة إلى سياسة الدولة الحديثة بهدف انخراط المواطن تدريجيا في المنظومة الجديدة للمنوال المجتمعي المنشود.

انخراط الفنانين الشعبيين من مغنين وملحنين وشعراء في منظومة الإنتاج الجديد للأغاني الشعبية الحاملة للمعاني التوعوية والإصلاحية وحتى المعاني التمجيدية لسياسة الدولة ورمزها آنذاك المتمثل في شخص الرئيس، وذلك من أجل إيجاد موطئ قدم في الساحة الثقافية في ذلك الوقت من خلال البروز والانتشار فنيا عبر مختلف البرامج الإذاعيّة وخاصة برنامج «ﭬافلة تسير» بالإذاعة الوطنية الذي يمتدّ إرسال بثّها على كامل تراب الجمهورية.

استغلال السلطة السياسية لهذه الأغاني الشعبيّة الجديدة لغاية ترسيخ المنوال السياسي الجديد للبلاد عند عامّة الشعب المتمثّل في النظام الجمهوري الذي بدأ اعتماده منذ يوم 25 جويلية 1957 على أنقاض الحكم الملكي الذي امتدّ على طول فترة حكم مختلف البايات بالبلاد التونسية، إذ نجد في أغلب الأغاني الشعبية الجديدة تمجيدا لرمز الدولة آنذاك المتمثّل في شخص الرئيس المُلهم للأفكار التقدّمية والإصلاحيّة التي أُنتِجت من أجلها تلك الأغاني، وذلك في تمازج تام بين الدولة وشخص رئيس الدولة، وهو ما صرّح به الرئيس الحبيب بورﭬيبة في العديد من الخطابات السياسية المباشرة وحتى في مختلف الحلقات التلفزيونية الخَطابيّة ذات الطابع التوعوي «من توجيهات السيّد الرئيس» حين يقول «الدولة هيّ أنا».

اعتمدت الدولة الحديثة لتوعية وإصلاح الشعب وتقديم البديل الاجتماعي والاقتصادي والثقافي اعتمادا شبه كلّي على الأغاني الشعبية الجديدة المرتكزة أساسا على منظومة الشعر الشعبي المتكوّنة أساسا من الموﭬف والﭭسيم والملزومة والمسدّس، وعلى المنظومة الموسيقية البدوية بكل خصائصها الإيقاعية واللحنية والأدائية (الغناء) والتنفيذية (العزف)، وذلك لسببين هامين، أوّلهما تعلّق الذائقة الموسيقيّة العامّة بالمنظومة الموسيقية والشعرية الشعبيتين في ذلك الوقت، وثانيهما حرص المنتجين الموسيقيين بمؤسسة الإذاعة الخاضعة لسلطة الدولة ورقابتها على إنتاج أغانِ ذات توجّه إصلاحي وتوعوي لعامة الشعب تستجيب لذائقة رمز الدولة المتمثّل في الرئيس حسب ما صرّح به في الحديث الصحفي سنة 1955 «إني أحب الموسيقى الشرقية والبدوية وأما الموسيقى الغربية والحديثة فإني لا أفهمها» كما ذكرنا في بداية هذه الدراسة.

اقتصرنا في هذه الدراسة الموجزة على توثيق بعض النماذج من الأغاني الشعبية الجديدة التي أُنتجت في تونس عبر منظومة الراديو التي تحتكرها الدولة خدمة لترسيخ المنوال المجتمعي والاقتصادي والسياسي والفكري المُراد تحقيقه لبناء الدولة الحديثة إثر الاستقلال، والجدير بالملاحظة أن أغلب هذه الأغاني وقع إتلافها من محفوظات الخزينة السمعية بمؤسسة الإذاعة والتلفزة الوطنية نظرا إلى عدم مواكبتها للعصر الراهن إذ كان إنتاج هذه الأغاني الشعبية الجديدة لأهداف وغايات معيّنة تجاوزتها الأحداث.

 

الهوامش

1 روبرت ريدفلد: (1897 – 1958)، أنثروبولوجي أمريكي اهتم في مُجمل أبحاثه الأكاديمية بالتغيّر الثقافي في المجتمعات الريفية.

2 العمر (معن خليل)، Modrnization، في: معجم علم الاجتماع المعاصر، دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة العربية الأولى، عمان - الأردن، ص. 302

3 تمّ استقلال البلاد التونسيّة عن هيمنة المستعمر الفرنسي يوم 20 مارس 1956.

4 يُقصد ب»الدولة التونسيّة الحديثة» في مُختلف الدراسات الأكاديميّة في اختصاص التاريخ المُعاصر التونسي الفترة الممتدّة من 20 جويلية 1957 إلى 7 نوفمبر 1987، أي منذ إعلان النظام الجمهوري والتخلّي الرسمي عن النظام الملكي إلى نهاية فترة حكم الرئيس الأوّل لتونس الحبيب بورﭬيبة.

5 صعب (حسن)، مقدمة لدراسة علم السياسة، منشورات المكتب التجاري، ط. 1، بيروت – لبنان، 1961، ص. 105

6 وناس (المنصف)، الدولة والمسألة الثقافية في تونس، دار الميثاق للطباعة والنشر والتوزيع، ط. 1، تونس، 1988، ص. 46

7 الحبيب بورﭬيبة (3 أوت 1903 – 6 أفريل 2000)، أوّل رئيس حكم تونس من الاستقلال حتى 7 نوفمبر 1987.

8 القصار (محمد)، فخامة الرئيس يتحدث عن الأدب والفن والمسرح والثقافة، مجلة الإذاعة والتلفزة التونسية، عدد 601، 12 نوفمبر 1983، حديث صحفي أُعيد نشره نقلا عن جريدة «اللطائف» سنة 1955

9 أبو سرية (رجب)، الأغنية السياسية الجديدة في الوطن العربي، منشورات رجب أبو سرية، الأردن، دون تاريخ، ص. 7

10 الطرق الشعبية في مقابل الطرق الصوفية وليس الطرق الشعبية بمفهوم علم الاجتماع الذي قدمه وليام كراهام سمنر عام 1906 ليصف الأنشطة اليومية ضمن المجتمع الصغير.

11 أبو سرية، م. س. ، ص. 12

12 ﭬافلة تسير 25 سنة في بث القصائد والأغاني الشعبية، في: مجلة الإذاعة والتلفزة، عدد 478، تونس، 16 ديسمبر 1980، ص. 21

13 عبد المجيد بن جدّو (1918 – 1994)، شاعر وصحفي ومنتج إذاعي تونسي له العديد من الإسهامات في المشهد الثقافي التونسي.

14 خواجة (أحمد)، الذاكرة الجماعية من مرآة الأغنية الشعبية، أليف – منشورات البحر الأبيض المتوسط كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، تونس، 1998، ص. 214

15 طزّينة: كلمة عاميّة تونسية من أصل فرنسي (douzaine) تعني اثنا عشر 12.

16 يتكربس ويدادي: يقوم بحركات بهلوانية ويُحدث الضجيج والصخب.

17 طرمبيطه: كلمة باللهجة العامية التونسية من أصل فرنسي (trompette)، وهي آلة موسيقيّة هوائية تُصنّف ضمن الآلات النحاسية.

18 ﭬزرنه: كلمة باللهجة العامية التونسية من أصل فرنسي (caserne) تعني الثكنة العسكريّة.

19 حلق حلق : حلقات حلقات.

20 بابور: باخرة، وجمعها بوابير. اُنظر:

http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D9%88%D8%B1/

21 الفاﭬونه: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل فرنسي (wagon) تعني عربة القطار.

22 الدبّوزة: كلمة باللهجة العامية التونسية من أصل أمازيغي تعني القارورة.

23 نكركر: أجلب.

24 نصوّر: أكسب من الأموال.

25 لا تبخل.

26 فكّر عندما تصبح في أرذل العمر.

27 لا يرأف أحد لحالك.

28 البيليك: كلمة باللهجة العاميّة من أصل فرنسي () تعني الملك العمومي، والمقصود هنا الحصان الذي كان يُستعمل لحمل الأوساخ من قبل أعوان النظافة العاملين بالبلديات.

29 قمقومه: ممتازة.

30 ينحنون لتقبيل يديك.

31 تفيّش: تفتخر بنفسك.

32 مريّش: مُفلس.

33 مطيّش: مُلقى.

34 اُخزر: اُنظر بتمعّن.

35 المشحاحه: البخيلة.

36 مسوال: متميّز وبهيّ الطلعة.

37 تتهنكر: تتبختر.

38 القرداش: جهاز تفليدي يُستعمل لتنقية الصوف من الشوائب والأوساخ، يتكوّن من مجموعة أسلاك قصيرة حادة الأطراف قد تؤذي من يلمسها، وهنا تشبيه اللحية التي لا يعتني بها صاحبها بجهاز القرداش.

39 مهدرش: غير منتظم اللباس.

كي بو سعديّة: مثل بو سعدية: شخصية خرافيّة منحدرة من ثقافة الزنوج في تونس تُجسّد خلال عروض الاسطنبالي و/أو البنقة وذلك بارتداء أحد الزنوج خرق بالية متعددة الألوان ومجموعة من القطع الجلدية لمختلف الحيوانات مختلفة الأحجام والأشكال ممسكا آلة «الشقاشق» (آلة إيقاعية حديدية مصوّتة بذاتها) مداعبا الأطفال الصغار خلال العرض الفُرجوي.

40 اللحية قدريّة: على طبيعتها وغير محفّفة وغير منظّمة.

41 المشموم: مجموعة أعواد من الحلفاء حاملة أزهار الفُلّ أو الياسمين (زهرتان تتميزان بالرائحة الطيّبة) بطريقة دائريّة منظّمة جدا تسرّ الناظرين.

42 كلمة مرزيّه: كلمة نابيّة مُهينة.

43 هكذا.

44 صار مثل «كان يا مكان» أي صار مجرّد قصّة يرويها الأجداد للأطفال الصغار للاعتبار واستخلاص الدروس والمواعض.

45 الأجنبي الفرنسي الذي كان يسكن البلاد فترة الاحتلال.

46 الهنشير: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل أمازيغي تعني الضيعة الفلاحية الكبرى.

47 نولي لا باس: أصبح ثريّا.

48 إمّاليها: أهاليها.

49 رُوبا: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل فرنسي (robe) تعني الفُستان.

50 حْرامْ: كلمة باللهجة العامية التونسية يُقصد بها اللحاف أو الغطاء الخارجي الذي ترتديه المرأة المدينية قديما في الفضاءات العامة لإخفاء حُرمة الجسد.

51 فوطه سوري: قطعة قماش كبيرة ومزركشة تلفها المرأة حول جسدها لإخفاء الردفين حتى أخمس القدمين وتُشدّ أعلى الخصر بحزام قماشي مزركش أيضا. أما كلمة سوري فهي كلمة باللهجة العاميّة التونسية وتحريف للكلمة ذات الأصل الفرنسي (français) والمقصود هنا أن ارتداء «الفوطة» جاء على شكل ارتدائه من قبل الفرنسيات المتقدمات في السن.

52 التبروري: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل أمازيغي يُقصد بها قطع الثلج الصغيرة التي ترافق تساقط الأمطار والمتميزة بشدّة البياض.

53 السدّايا: المنسج الكبير الحديدي المُخصص لصناعة الأقمشة وخاصة صناعة الزربيّة.

54 الخلاله: جهاز حديدي صغير تابع للسدايا للضغط على أجزاء الصوف والخيوط أثناء الحِياكة.

55 ريدي: كلمة باللهجة العاميّة التونسية تعني الذي أريده و/أو أحبّه.

56 جبّه مقردشه: جبّه لباس تقليدي رجالي فضفاض. / مقردشة: أي مصنوع بصوف عالي الجودة ونظيف جدا وخالٍ من كل الشوائب.

57 جريدي» نسبة إلى منطقة الجريد جنوب غرب البلاد التونسية وخاصة منطقة توزر ونفطة.

58 برنوص: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل أمازيغي تعني العباءة الصوفية المفتوحة التي يرتديها الرجال للتوقي من برد الشتاء وأيضا من شدّة حرارة الشمس بالمناطق الصحراوية التونسية، ويُصنع البرنوص عادة صوف الخرفان للتوقي من البرد أو من وبر الإبل للتوقي من الحرارة.

59 قرويّة: كلمة باللهجة العامية التونسية يُقصد بها المرأة القيروانيّة نسبة إلى مدينة القيروان.

60 الانعاج: جمع نعجة كلمة باللهجة العامية التونسية يُقصد بها الشاة أنثى الخروف و/أو الكبش.

61 جافل: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل أمازيغي، يُقصد بها مُتهرّب وخائف.

62 -المهدي (صالح)، محادثة خاصة برسالة الماجستير: «الموسيقى في الدولة التونسية الحديثة»، المعهد العالي للموسيقى – جامعة سوسة، تونس، 25 ديسمبر 2004

63 جعل الأستاذ البشير بن سلامة من الشغف بالتعلم والتعليم إحدى أهم مقومات الشخصية التونسية وذلك إلى جانب اللغة وأيضا المؤالفة وروح التعاون. اُنظر:

بن سلامة (البشير)، الشخصية التونسية: خصائصها ومقوماتها، مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله للنشر والتوزيع، تونس، 1974.

64 خمّلتو: رتّبته وخبّأته.

65 بالسوري: أي باللغة الفرنسية.

66 طبلو دونار: باللغة الفرنسية (tableau d’honneur) أي جائزة شرف.

67 وصيف: أسود البشرة وتُستعمل للدلالة علة الزنجي المملوك أو العبد.

68 فزّاني: نسبة إلى مدينة فزّان الليبية.

69 أبه قصور: منطقة في الشمال الغربي التونسي قريبة من الحدود الجزائرية تُعرف البوم باسم الدهماني.

70 خمير: سلسة جبلية بالشمال الغربي التونسي على الحدود الجزائرية.

71 فيانا: اسم مدينة (Vienne) وهي العاصمة النمساويّة.

72 بلفيدير: كلمة فرنسية (Belvédère) يُقابلها في اللغة الإيطالية (belvedere) أي (bello = beau / vedere = voir)، والمقصود بها هنا حديقة حيوانات ومنتزه عمومي بالعاصمة التونسية. اُنظر:

http://www.la-definition.fr/definition/belvedere

73 بو ﭬرنين: جبل بالضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية.

74 مطماطه: قرية بالجنوب التونسي شاهدة على الحضارة أمازيغية بالبلاد التونسية.

75 ذراريك: كلمة باللهجة العامية التونسية من أصل أمازيغي تعني: أطفالك أو أبناؤك.

76 المُضام: المحتاج إلى دعم معنوي كبير.

77 التصحاح بصبعي: استعمال بصمة الأصابع للتوقيع على مختلف الوئائق الإدارية وغيرها.

78 عزوزة: كلمة باللهجة العامية التونسية وهي تحريف لكلمة عجوز أي المرأة المتقدّمة جدا في العمر، / مغزوزة: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل أمازيغي تعني مغلقة على نفسها ومانعة عن نفسها الخروج.

79 أردوزة: كلمة باللهجة العاميّة التونسية من أصل فرنسي (ardoise) تعني اللوحة الخشبية التي يُكتب عليها بالطباشير من قِبل التلاميذ الصغار أثناء تعلّم الكتابة.

80 الخلاخل: حلي من الذهب أو الفضّة تلبسه النسوة في أقدامهن للزينة خلال فترة شبابهن، ثمّ تحتفظ النسوة بهذه الحليّ عند تقدّمهن في السن لتُباع فور موتهن من قبل أحد الأبناء أو الورثة مُقابل مبلغ مالي وفير يُخصّص لسداد مصاريف مراسم دفنهن.

المراجع

أبو سرية (رجب)، الأغنية السياسية الجديدة في الوطن العربي، منشورات رجب أبو سرية، الأردن، دون تاريخ.

بن سلامة (البشير)، الشخصية التونسية: خصائصها ومقوماتها، مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله للنشر والتوزيع، تونس، 1974.

خواجة (أحمد)، الذاكرة الجماعية من مرآة الأغنية الشعبية، أليف – منشورات البحر الأبيض المتوسط كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، تونس، 1998.

الدريدي (محمد)، الموسيقى في الدولة التونسية الحديثة، رسالة ماجستير، المعهد العالي للموسيقى – جامعة سوسة، تونس، 2004. (في هذه الرسالة محادثة علمية مع المرحوم صالح المهدي المسؤول الأول عن قطاع الموسيقى والفنون الشعبية في تونس خلال فترة البحث).

صعب (حسن)، مقدمة لدراسة علم السياسة، منشورات المكتب التجاري، ط. 1، بيروت – لبنان، 1961.

العمر (معن خليل)، معجم علم الاجتماع المعاصر، دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة العربية الأولى، عمان – الأردن، 2001.

ﭬافلة تسير 25 سنة في بث القصائد والأغاني الشعبية، في: مجلة الإذاعة والتلفزة، عدد 478، تونس، 16 ديسمبر 1980.

القصار (محمد)، فخامة الرئيس يتحدث عن الأدب والفن والمسرح والثقافة، مجلة الإذاعة والتلفزة التونسية، عدد 601، تونس، 12 نوفمبر .

وناس (المنصف)، الدولة والمسألة الثقافية في تونس، دار الميثاق للطباعة والنشر والتوزيع، ط. 1، تونس، 1988.

المراجع الإلكترونية

https://www.google.tn/search?q=الفرقة+الوطنية+للفنون+الشعبية+التونسية

https://www.google.tn/search?q=فرقة+الإذاعة+التونسية

https://www.google.tn/search?tbm=isch&q=فرقة+الإذاعة+التونسية+&imgrc=4Dis8I82ha5HUM%3A&cad

الصور

الصور من الكاتب

1 https://www.google.tn/search?q=الفرقة+الوطنية+للفنون+الشعبية+التونسية

2 https://www.google.tn/search?q=فرقة+الإذاعة+التونسية

3 مجلة الإذاعة والتلفزة، عدد 478، تونس، 16 ديسمبر 1980، ص. 31

4 مجلة الإذاعة والتلفزة، عدد 478، تونس، 16 ديسمبر 1980، ص. 33

5 https://www.google.tn/search?tbm=isch&q=فرقة+الإذاعة+التونسية+&imgrc=4Dis8I82ha5HUM%3A&cad

أعداد المجلة