فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
36

إطلالة على خمس إصدارات شعبية بحرينية قطوف دانية من رياض التراث الشَّعبي البَحريني

العدد 36 - جديد النشر
إطلالة على خمس إصدارات شعبية بحرينية قطوف دانية من رياض التراث الشَّعبي البَحريني
كاتب من سوريا

لا تقاسُ الحضارات بالمساحات الشاسعة المترامية الأطراف للدّول, بل تقاس بالفعل الحضاري المتنامي عبر الزَّمن, وهذا ينطبق على مملكة البحرين التي مازالت منذ حضارة «ديلمون» وإلى يومنا هذا مركز إشعاع حضاري رغم صغر مساحتها, فلها تاريخ حضاري عريق موغل في القدم, ومكنز فلكلوري وأثري متنوع لا تملكه الكثير من الدّول الكبرى. ووفاءً لهذا المكنز التراثي الهام ولمملكة البحرين التي أسدت خدمات جليلة للتراث الشَّعبي العربي من خلال مجلتها «الثقافة الشَّعبية» الغرَّاء وإصداراتها العديدة, سنتوقف في هذه الإطلالة مع جوانب مختلفة من التراث الشَّعبي البحريني من خلال خمس إصدارات شعبية قديمة وحديثة, والتي تحتاج لأهميتها, هي وسواها لأكثر من وقفة وأكثر من قراءة.

 

بناء السُّفن الخشبية في دولة البَحرين

تأليف: عبد الله خليفة الشملان

يتناول هذا الكتاب الهام للباحث «عبد الله خليفة الشملان» بناء السفن الخشبية في البحرين منذ أقدم العصور وإلى يومنا هذا مؤرخاً لهذه الصناعة الشَّعبية القديمة منذ حضارة ديلمون، حيث تشير لوحة مسمارية من عهد لاجاش في سومر منذ حوالي 2520 قبل الميلاد إلى أنَّ بعض مراكب ديلمون كانت تنقل للملك أخشاباً من بلاد غريبة.

ويذكر المؤلف «أنَّ الأختام التي عثر عليها المنقِّبون في كل من أور وديلمون تدل دلالة واضحة على تطور التجارة في البحرين منذ أقدم العصور، فقد كان موقعها وأسطولها البحري يؤهلانها للقيام بهذا الدَّور الاقتصادي» (ص20).

ويرى الباحث «الشملان» أنَّ صناعة السفن الخشبية في البحرين ظلت مزدهرة منذ حضارة ديلمون في البحرين قديماً حتى بدايات القرن العشرين الماضي حيث بدأت تضعف نظراً لمنافسة السفن الحديثة من جهة وللانهيار الذي أصاب تجارة اللؤلؤ من جهة أخرى.

يقول المؤلف «الشملان»: «كانت البحرين في الماضي من أهم مراكز بناء السفن الخشبية في الخليج العربي, يدلل على هذه الحقيقة ذلك العدد الضخم من السفن التي بلغ عددها نحو 1500 سفينة كانت موجودة في البحرين في منتصف القرن التاسع عشر، وما زالت بقايا هذه الصناعة العريقة موجودة في بعض مناطق البحرين كالمحرق والنعيم ورأس رمان» (ص 21).

ويستعرض المؤلف أنواع السفن البحرينية التي كانت تصنع في البحرين قديماً:

كانت السفينة تصنع من القصب وكانت ذات رأسين ويطفو جزء كبير منها في الماء.

سفن خشبية كبيرة.

سفن مصنوعة من سعف النخيل بعد تجريدها من الخوص, ويستخدم هذا النوع من القوارب في البحرين إلى اليوم.

كان صيادو البحرين يستعملون نوعاً من القوارب يبلغ طولها خمسة عشرة قدماً مصنوعة من حزم من القصب، وهي قابلة للطفو, ولكنه لا تمنع تسرب الماء (ص22).

ويســلــط البـــاحـــث الضـــوء عــلـى سـفـن البـحرين والخليج العربي في القرون الوسطى، التي «تميَّزت بخصائص فريدة تتلاءم مع نظم الملاحة وقواعدها، وتستـند إلى خبرة عريقة، حيث جعلوا أجسامها تنتهي بطرف حاد في المقدّمة والمؤخرة كالبوم والبدن والبتيل والبقارة، واستخدموا الحبال بدلاً من المسامير في بنائها وتركيبها، فلم تعرف المسامير إلاَّ مع الغزو البرتغالي للخليج في القرن السادس عشر الميلادي.

وكانت طريقتهم في بناء السفن تقوم على وضع ألواح أفقية على جانبي «الهراب» أو «البيص» وهو قاعدة السفينة وشدها وربطها بخيوط من الليف تغرز في ثقوب تدق على أبعاد معينة قرب أطرافها.

وتستعمل الدّعامات أو الفورمات لإعطاء هيكل السفينة شكله المطلوب، وتستخدم دفة جانبية بين مؤخرة السَّفينة وجوانبها (ص19).

ويقدِّم المؤلف وصفاً مسهباً لأنواع السُّفن التي كانت تصنع في البحرين والمواد التي تُصنع منها ومراحل صناعتها وأماكنها.

كما يتتبع أماكن صناعة السفن الراهنة في البحرين مثل المحرق والنعيم ورأس رمان.

ويستمد الكتاب أهميته من كون البحرين كانت حتى عهد قريب مركزاً هاماً لبناء السفن وصيانتها وخدمتها في الخليج، مثلــمــا تــربــعــــت منـــذ حــضـــارة ديلمون وإلى منتصف القرن العشرين الماضي على عرش اللؤلؤ في العالم جودة وجمالاً وإنتاجاً وتجارة وتقاليد عريقة.

الأمثال الشَّعبية البحرينية

جمع: إدارة التراث في البحرين

يشــكـل المــثــل الشَّـــعــبـي جـــانــبـــاً هاماً مــن المــأثــورات الشفاهية للشعوب، ونشطت الدول في جمع أمثالها الشَّعبية وتوثيقها ودرسها، ومن ذلك ما قامت به إدارة التراث في مملكة البحرين التي تأسست في عام 1984، والتي يعتبر الكتاب الذي بين أيدينا ثمرة من ثمار مشروعها المتضمن جمع أشكال التعبير الشَّعبي المختلفة في مملكة البحرين والذي سبق بنحو ربع قرن مشاريع جمع المأثورات الشفهية في دول عربية أخرى كبلدي سورية.

وقد أسفرَ هذا المشروع الميداني الكبير عــن جمع وتحقــيق وشــرح أكثر مـــن خمسة آلاف وخمســـمائة مثل شعبي بحريني، ضمَّها الجزء الأول من هذا الكتاب صادر عن إدارة المتاحف والتراث الأول في وزارة الإعلام البحرينية.

فريق العمل البحريني

تشكَّل فريق العمل في بداية انطلاقته من الأساتذة «مبارك الخاطر» و«إبراهيم سند» و«إبراهيم السبيعي»، والذي بدأ بوضع خطة العمل ثم انضم إليهم كل من الأستاذ «أحمد الضبيبط والسيدتين «مريم الهرمي» و«لولوة اليازي».

وبدأ عمل فريق العمل بجمع الأمثال الشَّعبية من أفواه الرواة والعارفين، وتحديد المتشابه منها والمختلف وصحة ألفاظها العامية، ومن ثم العمل على غربلة هذا الكم الهائل من الأمثال واختيار أشهرها وأدقها وأصحها، ومن ثم قام الباحثان «إبراهيم السبيعي» و«أحمد الضبيب» بجمعه وشرحه وترتيبه في كتاب منظَّم حسب حروف الهجاء، وقام بالمراجعة النهائية للكتاب وضبط تشكيل الأمثال الأستاذان «عبد الرحيم روزبه» و«عبد الرحمن مسامح».

بين يدي مقدّمة الكتاب

تضمنت مقدّمة الكتاب تعريفاً بالمثل الشَّعبي الذي يعتبر من أهم وأصدق تجارب الإنسان وأكثرها حكمة وخبرة، حيث يكون لكل شعب من الشُّعوب أمثاله الشَّعبية الخاصة به، بينما تتماثل الأمثال الشَّعبية العربية وتتشابه إلى درجة ملفتة للانتباه على امتداد خارطة الوطن العربي، مع خصوصية اللهجات المحلية.

وبعد هذه التوطئة يقول جامعو الأمثال الشَّعبية البحرينية ودارسوها: «كدارسين للمثل الشَّعبي لكونه أحد أهم أشكال التعبير الشَّعبي في المجتمع البحريني، والذي تناول البعض منه جزءاً منه بالدّراسة السطحية وترك البعض الآخر، ونحن هنا حاولنا أن نجمع أكبر عدد ممكن من أمثالنا الشَّعبية وتوخينا في ذلك الجمع والمحافظة أولاً وقبل كل شيء، آخذين بعين الاعتبار مراعاة الذوق العام، فليسَ كل ما يجمع ينشر، وكذلك مراعاة الفكر السائد بين الفولكلوريين بأنَّ التربية الحديثة والمربين قد لا يستحسنون نشر كل شيء على كل الناس على اختلاف أعمارهم ومشاربهم وأذواقهم، فأردنا أن يكون الكتاب لكل أولئك جميعاً» (ص7).

وقفة مع أمثال الكتاب

يتميّز الكتاب بميزة ضبط حروف أمثاله بحسب اللهجة البحرينية، وشرحها شرحاً وافياً، وتبيان معاني ما غمض من مفرداتها والتبس من تراكيبها، ومن هذه الأمثال نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

«آخرْ لِدْوا الچَّيْ»

يضرب هذا المثل عندما يستعصي علاج الأمور والوصول إلى الحل السليم الذي لا مفر منه ولو كان صعباً.

(الچَّيْ) هو علاج عرفه الإنسان منذ قديم الزمان ويمارس في كثير من البلدان حتى الوقت الحاضر يقوم به بعض الأطباء الشَّعبيين بأن يلسع أو يكوي موضع الألم من جسم الإنسان المصاب بحديدة محماة في النار، ويقال إن هذا العلاج لا يكون إلاَّ بعد عدم الجدوى من الأدوية الشَّعبية الأخرى وهي كثيرة. (الچَّيْ: أي الكيّ) (ص14).

«أبرزْ منْ دراهمِ الغُوص»

يضرب هذا المثل في سرعة الإنجاز والحصول على الشيء المراد في وقته المناسب، وليس هناك ما يعيق تأخيره، ففي السابق عندما يتعثّر الحصول على النّقود فإنَّ أصحاب السُّفن التي تذهب إلى الغوص يكون لديهم المال الكافي، فعندما يتقدّم أحد الأشخاص للعمل في سفنهم فإنهم يقدمون له المال حتى يكون أحد العاملين معهم في رحلة الغوص، فهذا المال نوع من أنواع الإغراءات التي يحصل عليها البحَّار بسرعة من أصحاب السُّفن (ص17).

«أشلكْ بالبحر وأهواله ورزق الله على السيف»

يضرب هذا المثل في التحذير من المجازفة والوقوع في الأهوال والمصــائــب والمحــن والتعــرض لمخاطر البحر، فالحلول قريبة وسهلة طالما أنَّ الــرزق مـتـوفر علــى السـيف، ويقـــصـد الأرض اليــابــسة ومخاطر البحر كثيرة.

«إنْ كانْ هذا حظِّكْ غوُّص»

يضرب هذا المثل للإنسان الذي يكون سعيد الحظ، ويجد ما يتمناه أمام عينيه وبين يديه في أغلب الأحيان، فيقال له إذا كان هذا حظك فلم لا تبحر في رحلة صيد للغوص بحثاً عن اللؤلؤ، فيكون كل ما تجده فالمحار يحتوي على اللؤلؤ المطلوب، وربما يقال هذا المثل لشخص آخر على سبيل التهكُّم والسّخرية، فما دام حظك تعيساً هكذا فلم لا تجرب الغوص، فربما حصلت على (حصياة) أي أجدد أنواع اللؤلؤ فتصبح غنياً.

غـــوّص أو غـــوْص بــالشَّـــدة أو بــالسـكون معناها غُــصْ بــصــيغــة الأمــر أي مــن الغــوص في المــاء أو البحر (ص82).

«تِظنِّه في الغُوصْ وهُو في اليارمْ»

يضرب هذا المثل لمن يعتقد أنَّه يقوم بعمل أو إنجاز ما أسند إليه من مهام، ولكن في الواقع وبعد الكشف والمعرفة والتأكّد يتبين العكس فهو يقوم بعمل بسيط لا يحتاج إلى جهد وتعب (ص113).

«الشِيصْ في الغبِّه حلُو»

يضرب هذا المثل في مناسبات عديدة، عندما يتوفر شيء ما رديء في وقت يعز معه الحصول على الشيء الجيد, فإنَّ هذا الشيء الرديء يكون مطلوباً وشيئاً محبباً رغم رداءته، وقد ضرب المثل أيام الغوص، عندما كان الطوَّاش يشتري الصرام، وهو ثمر النخلة مجتمعاً فيكون محتوياً على (الشيص) وهو الثمر أو البلح الذي لم يكتمل نموّه بسبب التلقيح الخاطئ ورغم رداءته فقد كان الغاصة بعد رميه في البحر يلتقطونه ويأكلونه، فيكون عندهم لذيذ الطعم حلواً. الغبه: البحر العميق (ص187).

أغَاني البَحرين الشَّعبية

تأليف: عيسى محمد جاسم المالكي

إنَّ الأغاني الشَّعبية في البَحرين لها ارتباط وثيق بالمجتمع البحريني منذ القدم، متأصلة في الحياة الاجــتمــاعيـــة، فــالأغـــنية الشَّـــعــبيــة تــكـــاد تــكــون من الأشياء الأساسية كالغذاء والشَّراب، أي أنَّ المجتمع البـــحـــرينـــي يستــخــدمـــها للــتــعــبير عــن مشــاعــره مــن خـــلال الــقــصــائد المــغـناة.

بهذه الكلمات استهلَّ الباحث «عيسى محمد جاسم المالكي» مقدّمة كتابه القيّم (أغاني البحرين الشَّعبية) وأضاف: «إنَّ المجتمع البحريني يستخدم الأغنية الشَّعبية في جميع أمور حياته تقريباً، حيث أنَّ هناك أغاني للأفراح، ولحفلات الزواج، والختان، والشِّفاء من الأمراض، أو عودة شخص من السَّفر، وعند الولادة، والنذر وغيرها، وأغاني أخرى للعمل مثل العمل في الغوص، أو الزراعة، أو قطع الصخور، أو البناء وغيرها، وأغاني خاصة بألعاب الأطفال» (ص9).

وحولَ الدَّواعي والمبررات التي دفعت المؤلّف للقيام بجميع الأغاني الشَّعبية البحرينية وتدوينها ودراستها يقول: «عندما وجدت أنَّ هذه الأغاني والأهازيج الشَّعبية أشرفت على الانقراض رأيت من واجبي أن أقوم بتدوينها تدويناً ينفع الأجيال القادمة حتى يتعرفوا على تراثهم الموسيقي والغنائي العريق» (ص9).

وحولَ المصادر التي استقى منها الباحث المالكي مواد كتابه الغنائية يقول: «عندما قمت بجمع معلوماتي عن الفنون الموسيقية الشَّعبية لتدوينها استعنت أسَاساً بالفنانين الشَّعبيين الذين مارسوا هذه الفنون لأعوام طويلة، وقد ورثوها عمَّن كان قبلهم من فنانين، وإنَّ ما أقدمه في هذه الصّفحات هو مجرد تدوين لما سمعته منهم بغض النظر عن هوياتهم، أو أنسابهم، أو طبقاتهم الاجتماعية، وعندما أنسب التراث الغنائي الضخم إلى البحرين فإنني أنسبه إلى جذور هذه المنطقة من الناحية التاريخية والجغرافية» (ص10).

التـــدويــن الــمـــوســيــقـــي للــفــنــــون الشَّـعـــــبـيـة ومـصــاعــبه

يتحدث الباحث «عيسى محمد المالكي» في كتابه عن التدوين الموسيقي للفنون الشَّعبية ومصاعبه قائلاً: «عندما راودتني فكرة التدوين الموسيقي كنت أتصور أنَّ التدوين التراثي شيء سهل بمجرد الاستماع إلى الأغنية الشَّعبية، وقد واجهتني مشاكل عدة، من بينها أنني وجدت أنَّ أهل الدور في المحرق يؤدونها بصورة تختلف عما يؤدَّى في الحدّ أو البديع، وحتى في مدينة المحرق نفسها، يختلف أداء أهل الشمال عن أهل الجنوب. وعلى الباحث الذي يرغب في الدخول إلى هذا المضمار ألاَّ يعتمد على استماعه للأغنية من حيث الاستماع فحسب أو من خلال الأفلام المرئية بل يجب أن يكون مع الفنان الشَّعبي في ميدانه، ليس بالموتيفات الدَّقيقة في أدائه والإحساس بالحركات اللاإرادية الصَّادرة من جسمه عند أدائه للعزف على آلة أو أدوات» (ص15).

أغاني الغوص

يتوقف الباحث وقفة مطولة عند أغاني الغوص كونها تعتبر مَعْلَماً أساسياً من معالم التراث الشَّعبي البحريني متحدثاً عن مهنة الغوص التي تعتبر من أهم وأقدم المهن الشَّعبية في البحرين، والتي أفرزت فنَّاً عظيماً يدعى بـ «أغاني الغوص» التي كان يؤديها النَّهام (مغنِّي سفن الغوص)، ولعلَّ الإنجاز الأبرز للباحث المالكي هو قيامه بوضع تدوين موسيقي للأغاني الشَّعبية البحرينية وهو جهد كبير يسجل للباحث.

ومن أغاني الغوص نورد النص الغنائي للبسه:

( النَّهام )

( المجموعة )

صلي وسلم عليه يا رسول الله

يا الله

هي يا هي

يا الله

الله الكريم

يا الله

يا رحمن يا رحيم

يا الله

أمسافرين فمان الله

يا الله

(النص الغنائي الموزون للبسه)

( النَّهام الأول )

يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله

( النهام الثاني )

يا الله سيدي يا الله يا الله هو لو لا والله

النَّهام الأول

من يوم رجعو رجعو عمامي

عطشان والقلب والقلب ضامي

لحول يا وليد يا وليد مفتاح

لضر سباني سباني ابدله

وانه فداك يا فداك يالخماسي

خذله بنوه

النَّهام الثاني

عافت عيوني عيوني منامي

من يوم شافني شافني قال لحول

يا مواصل البيض البيض بالشاخ

عقلي وروحي روحي فداً له

كل الخشب شل الخشب شل شرعه

بنوه عجيبه

أغاني العمل والحصاد

يتناول المؤلف (أغاني العمل) في كتابه «فهناك أغانٍ مصاحبة للعمل مثل البنائين فإنهم يستخدمون الحدوات المستخدمة في الغوص مثل (يا ملي .. يا ملي )، أو (شي لله .. شي لله) أو يؤدون حدوة (سي يا سي .. الدايم الله» (ص61).

ويقدّم المؤلِّف عدة نماذج لأغاني العمل والحصاد.

أغاني الزواج

بعد مقدّمة قصيرة عن عادات الزواج وتقاليده في البحرين يستعرض المؤلّف بعض الفنون الغنائية التي تُغنَّى, ومنها ما يغنَّى في جلسة الحنّة للعروس كهذه الأغنية التي تبيّن محاسنها وجمالها وتبرز أخلاقها:

الهيل بالهيلي الهيل بالهيلي

فلانه شعر راسها يسحب للذيلي

يبو (جيبو) الخضابه يبو الخضابه

حتى تخضب العروس في اظلم الليلي

يبو ( جيبو ) العجافة يبو العجافه

حتى تعجف العروس في أظلم الليلي

نادوا العداله نادو العداله

حتى تعدل العروس في أظلم الليلي

نادولها الدايه نادولها الدايه

حتى تنظف العروس في أظلم الليلي

ويبدأ الغناء بواسطة المطربة الشَّعبية بينما تردد المجموعة:

الهيل بالهيلي الهيل بالهيلي

فلانه شعر راسها يسحب للذيلي (ص83).

ويورد المؤلف مجموعة من الأغاني الشَّعبية المرافقة لكل مرحلة من مراحل العرس.

رقصة العرضة

«العرضة من الفنون الشَّعبية الأصيلة في الجزيرة العربية، تؤدَّى أثناء الغزوات، وتغلب عليها القصائد الحمــاســية، ولــهــا رقــــصــة تستــخـــدم فيـــها الــدفـــوف والطبول، ويستخدم فيها الراقصون السيوف والبنادق.

والعرضة تؤدَّى في مناسبات أخرى مثل الأعياد أو عند زيارة أحد الملوك أو الأمراء للبلاد» (ص112).

ويقدِّم المؤلف وصفاً تفصيلياً لرقصة العرضة، كما يقدّم عدة نماذج لقصائد العرضة، ومنها قصيدة ميدان للشَّاعر الشَّيخ محمد بن عيسى آل خليفة، والتي نذكر منها الأبيات التالية:

الله من جفن جفاه النوم

والقلب في لبه ضميري حام

أشوف براق سرى بغيوم

غطى الجزيره مصرها والشام

صرف الدهر يجري وفيه اعلوم

ما يندرى عن مجبله الأيام (ص 114

القربــة

يتوقف الباحث «عيسى محمد جاسم المالكي» عند فنّ القربة (الجربة) وهي «من الفنون التي قدمت إلى البحرين من سواحل فارس، وهي آلة عربية أصيلة أصلها الشام، وقد وصلت إلى شمال أفريقيا وسواحل فارس بواسطة العرب عند نشرهم للدين الإسلامي.

والقربة عبارة عن جلد ماعز يربط من العنق ومن الرجلين والذيل معاً ثم تستخدم إحدى اليدين لوضع المنفاخ، واليد الأخرى يربط فيها المجوز، والمجوز هو عبارة عن قصبتين مربوطتين مع بعضهما، ولكل منها فتحات متوازية وبداخلها قصبتان تصدران الصوت.

والقربة تعزف في حفلات الزواج والختان والنذور والأعياد وغيرها من مناسبات الأفراح، وتعزف خارج البيوت أيضاً، وفرقة القربة مكونة من عازف القربة ويرافقه ستة إلى ثمانية عازفي طبول يقف نصفهم على يمينه ونصفهم الأخر على يساره ويتوسطهم عازف طبل يقال له الصاقول، وللقربة فنون مختلفة مثل اللواتي والخميري والخيالي» (ص119).

الليوه

«الليوه من الفنون الموسيقية التي أتت إلى البحرين من الساحل الشرقي لأفريقيا ومن عُمان، وهذا النوع من الفنون لا يزاول إلاَّ بواسطة العناصر ذات الأصل الأفريقي. والليوه من الفنون الجماعية الجميلة، ولها رقصة مرتبة تحتاج إلى إدراك وتمعّن في تتبع خطواتها، كما أنَّ لها أنواعاً مختلفة من الأداء إلاَّ أنِّ إيقاعها الأساسي لا يغيّر مطلقاً إلاَّ في سرعة العزف على الطبول وميزانه الإيقاعي. إيقاعها 4/3» (ص120).

ومن الآلات التي تستخدم في الليوه: آلة الصرناي، وطبـــل المســـاونـــد، وطــــبل الحــاكينـكا، وطـبل الجــبوه، والباتو.. الخ.

أغاني وأهازيج الأطفال

يولي الباحث «المالكي» أغاني وأهازيج الأطفال اهتماماً واسعاً في كتابه متقصيّاً هذه الأغاني والهدهدات منذ صدر الإسلام، موثِّقاً بعض الترنيمات التي كانت السيدة حليمة مرضعة الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم) ترددها عند مداعبته، ومنها مثلاً:

هذا أخ لم تلده أمي وليس من نسل أبي وعمي

فأنمه اللهم فيما تنمنّي

وكذلك بعض أهازيج السيدة فاطمة (رضي الله عنها) التي كانت تهدهد بها ابنها الحسين (عليه السَّلام) ومنها:

إنَّ ابني شبه النَّبيّ ليس شبيهاً بعليّ (ص217).

ثم ينتقل المؤلّف إلى الحديث عن أغاني الأطفال وأهازيجهم في البحرين، ملتمساً الألعاب الشَّعبية التي تصاحب بعض الأهازيج والأغاني.

ويورد المؤلف العديد من (تهويدات الأطفال) التي تستخدم لترقيص الأطفال وتنويمهم، ومنها هذه التهويدة التي تستخدم في تنويم الأطفال:

لولو لولو لولو

نام يا اوليدي نومة الهنيه

ونومة الغزلان في البريه

بشرتني القايله وقالت غلام

بشرتني القايله وقالت ابنيه

ليت ذيك القايله تقرصها حيه

يوم قالوا غلام وشد ظهر أمه وقام ... الخ.

وتناول الباحث المالكي في كتابه عدداً من المواضيع التراثية الشَّعبية البحرينية الهامة الأخرى التي لا يسع المجال للوقوف عندها، ومنها: دق حبّ الهريس، ودق النسائي، والمسحر، والباعة المتجولون، والسمرة، والغجري، والمجلسي، والزار، والعادات والتقاليد، وألعاب الأطفال والتدوين الموسيقي للتراث الشَّعبي الشَّفهي.

الأكلات الشَّعبية في البحرين والمملكة العربية السعودية

تأليف: الدكتور عبد الرحمن مصيقر، وعبد العزيز العثيمين

يقدِّم هذا الكتاب مجموعة من الأكلات الشَّعبية في كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وبحسب ما جاء في مقدّمة الكتاب، فإنَّ الغرض من هذا الكتاب هو توفير معلومات كافية عن أنواع الأكلات الشَّعبية المتناولة من قبل المجتمعين البحريني والسعودي وطريقة تحضيرها وكذلك القيمة الغذائية لها وتوثيق هذه الأكلات الشَّعبية للحفاظ عليها من النسيان مع تسارع إيقاع الحياة المعاصرة. وينقسم الكتاب إلى جزأين: الجزء الأول عن الأكلات الشَّعبية في مملكة البحرين, ويشمل حوالي 44 أكلة شعبية متداولة.

وأما الجزء الثاني فيتطرق إلى تحضير الأكلات الشَّعبية في المملكة العربية السعودية، ونتيجة لاتساع مساحة المملكة العربية السعودية فقد وثَّق الكتاب لـ33 نموذج عن الأكلات الشَّعبية الأكثر شيوعاً في المملكة.

الجزء الأول

الأكلات الشَّعبية في مملكة البحرين

في الجزء الأول من الكتاب وثَّق الباحث الدَّكتور «عبد الرحمن مصيقر» لـ44 أكلة شعبية بحرينية ومنها: مجبوس الدجاج، ومجبوس السمك، والبرياني وومصلى اللحم، ومصلى الدال، وغداء العيد، ومموش بالربيان، وعيش شيلاني، والمحمَّر، ومضروبة الربيان، وجريش الربيان، وصالونة السمك، وصالونة الدجاج، وصالونة الدال، ومرقوقة الدجاج، وجباب الربيان، والــهــريــس، والـــثـريـــد، والـقـيـمة، والـبـاجـلـة، والـحــسو، والخبيص، والخنفروش، والعصيدة...الخ.

ووضع الباحث الدكتور عبد الرحمن مصيقر لكل نوع من الأكلات المقادير اللازمة مع طريقة التحضير.

الجزء الثاني

الأكــــلات الشَّـــعــبية فــي المــمـلـكـة العـربيـة السـعـوديــة

يســلـط البــاحـــث «عــبــد الــعــزيـــز الــعــثــيــمــــين» في هــذا الــجــــزء الــضـــــوء عــــلــــى أشهـــر الأكـــلات الشَّعبية السعودية، ومنها:

الثريد، كبسة الدجاج، شوربة الشوفان باللحم،الأرز البرياني، سليق بالدجاج، المعدوس، هريسة، اللحم الندى، واللحم المعرق، وكبدة ضأن بالبصل والزيت والطماطم، وعدس أصفر... الخ.

ووضع الباحث «العثيمين» لكل نوع من الأكلات المقادير اللازمة مع طريقة التحضير.

من تراث البحرين الشَّعبي

تأليف: عبد الكريم علي العريض،

وصلاح علي المدني

يطوف هذا الكتاب القيِّم على مجموعة هامة من ألوان التراث الشَّعبي البحريني العريق، ومنها الحرف الشَّعبية التي مازال بعضها يمارس دون انقطاع منذ آلاف السنين، ومنها: صناعة الفخار، وصناعة النسيج، وصناعة التطريز، والملاحة والغوص.

ويشير المؤلِّفان إلى أنَّ هذه الحِرف هي امتداد لحضارة دلمون وتجارتها.

ويقدِّم المؤلفان قصيدة نادرة لشاعر البحرين والقطيف «أبو البحر جعفر بن محمَّد الخطي» الذي عاش في القرن العاشر الهجري يوثق فيها لعدد من الحِرف الشَّعبية في البحرين, ويذكر أشهر أرباب بعض هذه الحِرف, ومن هذه القصيدة نورد الأبيات التالية:

أو فاتخذ لك سندانا ومطرقة

واعمل متى شئت سكيناً ومسمارا

أو فاتخذ لك منشاراً ومقشرة

وكن كنوح نبي الله نجارا

أو صايغا تسبك العقبان تبرز من

ابريزه للنسا صفا ودينارا

أو فاتخذ لك مزمارا ودربكة

وعش لك الخير طبالاً وزماراً

أو كن فديتك صفاراً فليس على

علياك بأس إذا أصبحت صفارا

أو كن كصاحبك الادنى ابا حسن

اعني عليا فتى عمران زرارا

أو فاتبع بن مهنا في بزازته

أو فامش خلف فتى شنصوه قصارا

أو عالج الاتن من أدوائهن وكن

شروا خميس ابن خضاموه بيطارا

أو فاقتن الاتن واجعل فوقها حطبا

فخير شيء إذا أصبحت حمَّارا

وان سمعت مقالي فامض متكلاً

على إلهك في الأبوام بحَّارا

إلى آخر القصيدة...(ص104).

الملاحة وصيد اللؤلؤ

يؤكد المؤلفان على أنَّه لا يوجد شعب من الشعوب أو أمة من الأمم ارتبط مصيرها بالبحر كما ارتبط به مصير الإنسان في البحرين، فمنذ آلاف السنين وإنسان هذه الجزيرة يركب البحر ويغوص في أعماقه، ولذلك أضفى البحر ملامحه على طباع الإنسان البحريني ومزاجه وتفكيره.

ويفردُ المؤلفان حيّزاً واسعاً لمهنة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، حيث يذكران ما أورده الرحالة حول الغوص في البحرين ولؤلؤ البحرين الشهير، ثم يعددان السفن التي كان يستخدمها البحارة، ومنها: البوم، وهي أكبر قطعة بحرية شراعية، وتصل حمولتها إلى750 طناً، وهي مصممة للأسفار البعيدة، والبغلة، وتصل حمولتها إلى 400طن، والشوعي وتستعمل في الغوص وتصل حمولتها إلى 75طناً، والسنبوك، وحجمها كحجم البوم والبغلة، والجالبوت، وحمولته لا تزيد عن 70طناً.

ويشير المؤلّفان إلى أن لؤلؤ البحرين من أجود لؤلؤ العالم، فمنه هدايا الملوك والأمراء، يؤكد ذلك كل خبراء اللؤلؤ وتجاره الذين زاروا البحرين قديما وأدهشهم لؤلؤ البحرين المميّز.

ويذكر المؤلّفان أشهر مغاصات (هيرات) اللؤلؤ في البحرين، وهي هيرات شتيه، وأبو الجعل، وأبو صور، وأبو الخرب، وأبو لثامة، وأبوحليفة، والمعترض.

ويوثِّق المؤلّفان بلغة الأرقام عائدات تجارة اللؤلؤ في سنوات متفرقة من القرن التاسع عشر، وعدد سفن الغوص التي تناقص عددها تناقصاً كبيراً حتى وصلَ عددها في عام 1955 إلى ست سفن فقط.

ويذكر أن تسميات بحَّارة الغوص والمهام التي يقومون بها، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر:

النوخذة: وهو ربان السفينة وقائدها.

الغيص: وهو البحَّار الذي يتولى مهمة الغوص على اللؤلؤ في قيعان المغاصات.

السيب: وهو الشخص المكلَّف بإنزال وإخراج الغيص من قاع البحر.

ـ الرضيف: وأصل التسمية هي «رديف», ويمكن اعتباره سيباً أو غيصاً تحت التدريب.

التباب: وهم العمال الذين يقومون بإعداد الماء والشاي والقهوة للبحَّارة وغسل الأطباق بعد الانتهاء من تناول الطعام.

النهام: وهو الشخص الذي يسري عن البحَّارة ويغني لهم.

الأغاني الشَّعبية البحرينية

وثَّق مؤلفا الكتاب الكثير من الأغاني الشَّعبية البحرينية، ومنها أغاني الغوص، ومنها هذا المقطع من الأغنية التالية التي يغنيها النهام عند انتهاء موسم الغوص «القفال» والعودة إلى البر:

شلنا واتكلنا على الله

ربي عليك اتكالي

عزيت يا من لك الملك

كريم وتعلم بحالي

علمت في سود الليالي

بالوذ بك يا محمد

باشكي لك عما جرى لي

مسكين وأنا مسكين (ص126

ومن أغاني البادية التي وثَّقها الكتاب:

جميلي هب هب (جميلي: جملي)

دنق يشرب (دنق: انحنى)

راسه نار

وذيله عقرب (ص288).

ومن خلال أغاني البادية يتضح تفضيل البدو للإبل على باقي الحيوانات الأخرى:

قالوا الغنم، قلت الغنم

لكن البل أحسن وأخير

قالوا البقر، قلت البقر

لكن البل أحسن وأخير

قالوا الفرس، قلت الفرس

لكن البل أحسن وأخير (ص288

ويطالعنا الكتاب بالعديد من أغاني المدينة والقرية، ومنها هذه الأغنية الريفية:

يا جمال أبو على

سلموا لي ع النبي

الله يشرح بالكم

سماقيه مالحه

عند ستي صالحه (ص229).

ويتضمَّن الكتاب دراسات تراثية شعبية عديدة تغطي جوانب هامة من التراث الشَّعبي البحريني، لا يسع المجال للوقوف عندها جميعها.

وتعبِّر هذه الإصدارات الشَّعبية البحرينية من جملة ما تعبِّر عنه عن غنى التراث الشَّعبي البحريني وعراقته وتنوعه وتطوّر حركة الدّراسات الشَّعبية في مملكة البحرين التي تولي حكومتها هذا المجال جلَّ عنايتها واهتمامها والتي تعتبر نبراساً يحتذى لغيرها من الدّول العربية والأجنبية.

أعداد المجلة