فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
37

المعمار بالمغرب على عهد الحماية الفرنسية بين الأصالة والتأثير الأوربي مدينة تازة أنموذجا

العدد 37 - ثقافة مادية
المعمار بالمغرب على عهد الحماية الفرنسية  بين الأصالة والتأثير الأوربي مدينة تازة  أنموذجا
كاتب من المغرب

جسدت المدينة أحد المجالات المميزة للمغرب الممسوسة أكثر من طرف الحركة الاستعمارية، فأصيبت في وحدتها وتفككت بنيتها واكتست فيها الازدواجية طابع الميز العنصري، ذلك أن الإرث الحضري العريق والأصيل سيشهد تحولات هائلة وتغيرات عميقة إثر خضوع المدينة للاستعمار الفرنسي، الذي سيأتي معه بنموذج حضري جديد، طبعا سيهمش النموذج الحضري القديم ويحاصره. فأصبحت تازة تتكون بعد احتلالها من وحدتين منفصلتين ومتباينتين، المدينة القديمة والمدينة الجديدة، إضافة إلى انتشار السكن العشوائي الصفيحي لامتصاص العدد المتزايد من المهاجرين القرويين والمعدمين. فما هي إذن أهم التحولات العمرانية التي عرفتها مدينة تازة على عهد الحماية الفرنسية؟

معمار المدينة العتيقة وأشكال التدخل الاستعماري

1. مميزات المدينة القديمة:

تميزت المدينة القديمة بتازة، بمميزات معمارية أصيلة مستمدة من الحضارة العربية الإسلامية، واستفادت من موقعها الجيوستراتيجي كصلة وصل بين شرق المغرب وغربه، وقد انعكست هذه المكانة على تطورها العمراني. فالمدينة القديمة اتخذت شكلا متوازي الأضلاع في اتجاه شمال شمال - غرب ثم جنوب جنوب - شرق، إذ يحيط بها سور يبلغ طوله حوالي 2850 مترا، وهو مزدوج من جهة الجنوب والشرق، وتقدر المساحة المبنية داخل السور بحوالي 22 هكتارا من مساحة إجمالية تقدر ب50 هكتار. أما 28 هكتارا المتبقية، فكانت عبارة عن بساتين تملأها أشجار الزيتون (بين أسطاير بالجنوب الشرقي، صب الماء البراني بالجهة الغربية، وبالشرق نجد قصبة محمد الفران والسوق النصف الأسبوعي)، كما كانت تستغل هذه الجهات الثلاث كمخيمات (Campment) للمحلات المخزنية(1).

وتتكون المدينة من عدة أبواب، موزعة توزيعا جغرافيا حسب الجهات، ولعبت دورا وظيفيا تبعا لموقع كل باب بالنسبة للمدينة وهي: باب المعرة، وباب الجمعة التحتية، وباب أحراش، وباب الجمعة الفوقية، وباب الريح، وباب القبور، وباب طيطي وباب الزيتونة(2).

ويقسم السكان مدينتهم إلى أربعة أحياء كبيرة وهي: حي الجامع الكبير ويعرف ب»موالين الجامع الكبير» الذي يقع في ناحية الشمال(3). ويتكون من أزقة عريضة وطولية الشكل تأخذ أحيانا أسماء المعالم التاريخية كزقاق دار السلطان، حيث يتعلق الأمر بالقصر المريني المسمى «تازورت» الذي تم تدميره على يد بن عبد الواد التلمساني(4)، وأزقة أخرى كراس المسيد، ودرب الحجوي، وزقاق القطانين، ودرب مولاي عبد السلام. وهناك الحي التجاري الذي يوجد وسط المدينة، ويقع بين درب سيدي عزوز والقيسارية القديمة. وينقسم إلى أزقة عرضية الشكل كدرب الزيتونة، وزقاق مخلف، وزقاق العطارين الكبيرة، وأزقة طولية الشكل كزقاق الوالي، وزقاق الزاوية، وزقاق ميمون. أما الحي الثالث فهو حي دار المخزن ويتكون من عدة أزقة كزقاق الشريعة وزقاق البرشين(5). وفي الأخير نجد الحي اليهودي أو الملاح الذي بني فوق رقعة ضيقة شرق حي الجامع الكبير. وكان يأوي حوالي 500 يهودي وقد تم هدمه سنة 1903(6).

وضمت المدينة أسواقا وبجوارها انتشرت عدة فنادق، وقد سبقت الإشارة إليهما في الفصل السابق. وينضاف إلى ما سبق عدد من المساجد والمدارس والزوايا، توزعت عبر مختلف أرجاء المدينة القديمة، وشكلت مصدرا للإشعاع الديني والثقافي كالجامع الكبير، وجامع سيدي عزوز، وجامع الأندلس(7)، والزاوية الدرقاوية، والزاوية التيجانية، والزاوية العيساوية، والزاوية القادرية، ومدرسة الجامع الكبير، ومدرسة سيدي علي درار...(8).

وكانت المدينة القديمة بتازة قبل الحماية توفر السكن الضروري لساكنتها، ولم تعان أبدا من أي أزمة سكنية، فقد كان عمرانها يتزايد بوتيرة موازية لارتفاع سكانها. غير أن هذه العلاقة ستختل مباشرة بعد احتلال المدينة ومحيطها، حيث سيسهم المعمرون في تعميق الأزمة السكنية بالمدينة باستحواذهم على الكثير من العقار بالمدينة القديمة وهو ما كان يحول دون توسع المدينة ببناء مساكن جديدة، ثم أيضا بخلقهم لأنشطة ومشاريع متعددة اجتذبت عددا كبير من العمال للسكن بهذه المدينة التي لم تكن مهيأة لاستقبالهم، الشيء الذي أدى اكتظاظها، إذ ارتفع عدد سكانها (المدينة العتيقة بتازة) من 4760 نسمة سنة 1921، إلى 7000 نسمة سنة 1936، ثم إلى 13000 نسمة سنة 1952(9). وقد أنتج ارتفاع عدد سكان المدينة القديمة بتازة أزمة سكنية أدت إلى التلاعب في الكراء والمغالاة في أثمانه، وهو ما دفع إدارة الحماية إلى إصدار ظهير شريف بتاريخ 25 فبراير 1920(10) لزجر من يتجر في أكرية الأبنية اتجارا غير جائز، ونص على عقوبات تطبق على المخالفين لهذا الظهير. كما أصدرت في 15 مارس 1922 قرارا وزاريا في إحداث لجنة بمدينة تازة من أهل الخبرة للنظر في كل ما يتعلق بإكراء الدور والعقار بأثمان غير جائزة(11).

ويمكن القول، إن مجرد صدور الظهير الشريف والقرار الوزاري لدليل واضح على ارتفاع أثمان الكراء(12) بمدينة تازة، واستفحال ظاهرة الاتجار غير المشروع في محلات الكراء بسبب التهافت الكبير الكبير على السكن الذي بلغ أزمة حادة. وقد كان من الطبيعي أن تدفع أزمة السكن بالمدينة العتيقة، وارتفاع أثمان الكراء العديد من الأسر إلى السكن في منزل مشترك(13)، وهي بداية تحول في عوائد الأسر المغربية، وخصوصا المرأة التي سيفرض عليها هذا النوع من السكن انكشافها على الرجال بفعل وجود فضاءات مشتركة داخل المنزل كالمطبخ والمرحاض. وتعكس هذه الظاهرة التي هي وليدة فترة الحماية الفرنسية، حجم تحولات النسيج العمراني العتيق الذي تحول من فضاء اجتماعي محافظ يوفر لقاطنيه سكنا منسجما تذوب وتتوارى فيه الفوارق الاجتماعية، إلى مجال يعيش تناقضات عديدة بفعل ارتفاع كثافته السكانية، ودخول شرائح جديدة لم تكن مؤهلة للاندماج بسرعة، وظهور أمراض اجتماعية لم يعهدها مجتمع المدينة التقليدي الذي كان منظما بقوة.

 

 

2. أشكال التدخل الاستعماري في المدينة العتيقة:

تكريس الوظيفة العسكرية:

شهدت مدينة تازة بعد احتلالها في 1914 عدة تحولات، أبرزها تكريس الحضور العسكري للمدينة في إستراتيجية الإقامة العامة، حيث ستقوم سلطات الحماية خلال هذه السنة بإنشاء معسكرين بالمدينة القديمة، وهما: معسكر لاكروا (La croix) في الجهة الشرقية، ومعسكر كودير (Coudret) في الجهة الغربية. وقد كان جنود هذين المعسكرين يراقبون المدينة ويمنعون دخولها عند الحاجة(14).

وعمدت إدارة الحماية إلى توسيع الملك العسكري في بعض الأحيان بالاستيلاء على الأراضي المجاورة. ففي 24 دجنبر 1920 مثلا، صدر قرار وزيري نص على نزع الملكية والحيازة المؤقتة لتوسيع الملك العسكري، وذلك بأن تضم إليه ثلاث قطع أرضية(15). وهنا تجب الإشارة إلى أن هذين المعسكرين استحوذا على الكثير من العقار، وهو ما كان يمنع أي توسع للمدينة ببناء مساكن جديدة(16). وسيتعزز الملك العسكري فيما بعد بإنشاء معسكر آخر جنوب المدينة هو معسكر أوبري (17).

ولربط هذه الثكنات بنظيرتها الموجودة في المدينة الجديدة، قامت سلطات الحماية بشق محورين طرقيين يحيطان بأسوار المدينة العتيقة، ويخترقانها في بعض جهاتها، كما عملت على تكثيف أعمال البحث والتنقيب عن الآثار في المدينة وضواحيها، حيث كلفت لهذا الغرض الضابطان كمبرادو (Campradou) وأندري (André) اللذان تمكنا من العثور على لقى أثرية، تم وضعها في متحف أنشأ داخل مدرسة المشور(18).

وعرفت المدينة على مستوى آخر بروز نواة إدارية بجوار ساحة أحراش، تتكون من المصالح البلدية، ومحكمة الباشا، ومكتب الشؤون الأهلية، ثم مكتب البريد(19) الذي بني في المنطقة المعروفة بعرصة سيدي عبد الله البالغ مساحتها 800 متر مربع، والتي كانت في حيازة عشرة أشخاص اشترتها منهم الدولة الشريفة ب 6000 ف(20).

إجراءات إدارة الحماية للمحافظة على المعالم التاريخية:

اتخذت سلطات الحماية عدة إجراءات للمحافظة على المعالم التاريخية للمدينة العتيقة، فأصدرت مجموعة من الظهائر والقرارات الوزارية، أولها ظهير 21 يوليوز1916(21)، الذي قامت بموجبه بتسجيل الجامع الكبيرفي عداد الأبنية التاريخية. كما صدر في العدد نفسه بالجريدة الرسمية ظهير شريف آخر في تقييد الأسوار المحصنة بتازة من جملة هذه الأبنية، حيث نص على أنه «يقيد في عدد الأبنية التاريخية السور المحصن المحيط بمدينة تازة بما عد منه وخصوصا الحصون المعروفة بالبستيون وباب الجمعة وباب الريح والبرج الملولب»(22). وتزامنا مع ذلك تم الشروع في أعمال دراسة وترميم بعض المعالم، كقبة الجامع ومكتبته وبعض الأسوار(23).

وفي 18 أكتوبر1920، صدر قرار وزيري يقضي بإجراء بحث يتعلق بإحداث منطقة وقائية حول بعض أسوار قصبة تازة حيث أكد، بأنه لا يجوز البناء بداخل هذه المنطقة وذلك في الأراضي الواقعة بين الخطين التاليين :

أولا: أسوار تازة من البستيون إلى باب الجمعة، ومنتزه قبور باب الريح، وأسوار باب الريح لخط ممتد من البرج الملولب إلى باب طيطي .

ثانيا: الطريق المخزنية رقم 15 وشارع جيراردي (Girardet) وطريق فاس القديمة حتى قنطرة فاس ووادي تازة إلى ارتفاع طريق تومزيت(24).

وفي 6 أغشت من سنة 1921 صدر قرار وزيري يأذن بإجراء بحث يتعلق بتقييد فناء الحراش في عداد الأبنية التاريخية، وقد أكد الفصل الثاني من هذا القرار بأنه إذا صدر ظهير شريف يأذن بالتقييد، فإنه يمنع نهائيا البناء في القسم المحدد، ولا يجوز تغيير شيء مهما كان في هيئة الأسوار التي تحيط بالفناء إلا برخصة من المدير العام لإدارة العلوم والمعارف والفنون الجميلة والآثار القديمة(25). كما سيتم تحويل السوق الأسبوعي الذي كان يعقد في ساحة أحراش إلى خارج أسوار المدينة(26)، وسيتم تهيئة هذه الساحة سنة 1947(27) بعد صدور ظهير شريف في ذلك(28).

وفي فبراير 1922، صدر ظهير شريف في جعل منطقة وقائية حول أسوار مدينة تازة يمنع فيها البناء، عرضها 250 متر ابتداءً من جدار السور الأول أو من الأسوار، وتشمل ضريح الحاج سيدي علي بن بر والخرائب المجاورة له، والمغارة المعروفة بكيفان بلغماري، والمقبرة القديمة والصخور المنحوتة الموجودة في جميع منحدرات المدينة. ومن بين ما نص عليه هذا الظهير أيضا، أنه لا يغير شيء في هيئة الأماكن الكائنة بداخل هذه المنطقة المحدودة أعلاه، ولا سيما أن تمس الصخور المنحوتة إلا برخصة من المدير العام لإدارة العلوم والمعارف والفنون الجميلة والآثار القديمة، وتحت مراقبة رئيس إدارة الأبنية التاريخية(29).

كما عرفت هذه السنة وبالضبط في 18 يوليوز إصدار قرار وزيري يتعلق ب«جعل ضابط للشوارع والطرقات وهيئة الأبنية وتصفيفها بمدينة تازة الأهلية»(30)، كان الهدف منه الحفاظ على المدينة العتيقة وخصوصياتها المحلية، وحماية الحرف التي يتعاطاها جميع الذين يصنعون أو يستعملون مواد بناء ترجع بنوعها وشكلها إلى تقنيات محلية(31). وأكد الفصل الأول من هذا القرار على أن مدينة تازة الأهلية، أي مجموع المنازل الموجودة بداخل الأسوار المقيدة في عداد الأبنية التاريخية بمقتضى ظهير يوليوز 1916، يترتب عليها حرمات راجعة للهيئة والمنظر. ويقصد بالحرمات بقاء المدينة الأهلية على هيئتها الأصلية، مع الزام سكانها بأن لا يرمموا أو يبنوا منازل جديدة إلا باتباع الشروط التي تساعد على التوصل إلى الغرض المقصود، متبعين نسب الاتساع وأنواع الزخرفة والزينة المميزة للهندسة البنائية الخاصة بمدينة تازة العتيقة .

ونص الفصل الثاني على «أن جميع الأشكال الهندسية التي تساعد على بقاء الهيئة الخارجية على حالها في الأبنية الحالية ذات الهندسة المغربية كالبرونز والمداخن والشبابيك والأستار الخشبية أو الحديدية المجعولة على الطاقات والأطناف أي الأكياب والأبواب إلخ مما يستعمل في إحداثه القرمود المطلي والحجارة الكبيرة أو قطع الخشب التي تجعل ناتئة الموضع والحمل عليها والحديد المطرق والخشب المزوق أو المنقوش أو المزين بالمسامير والجبص المنقوش والمزخرف إلخ يجب ترميمها جميعها على حالتها القديمة».

وأوجب الفصل الثالث من هذا الظهير ضرورة احترام الطراز المحلي في البناءات الجديدة، مع استعمال الأشكال الهندسية المبينة أعلاه. أما إذا هدمت الأبنية الأوربية الحالية أو سقطت بنفسها فلا يجوز تجديدها حسب الفصل الرابع إلا على النمط المغربي، وإذا كانت معدة للتجارة على الطريقة الأوربية، فيمكن أن تهيأ لما ذكر، لكن مع إلزام البناء بالتقيد بكل ما يعرضه عليه أعوان إدارة الفنون الجميلة من أشكال وزخرفة هندسية خاصة بالمدينة. كما يلزم البناء زيادة على ما ذكر، أن يستعمل قدر الإمكان مواد للبناء أو أشياء للزخرفة أصلها محلي أو مصنوعة فيه، وذلك لإبقاء هيئة المدينة الأهلية مطابقة لمنظرها العام. إضافة إلى ذلك جاء في الفصل الخامس، أنه لا يمكن القيام بأي ترميم أو بناء إلا بإذن نائب رئيس إدارة الفنون الجميلة والأبنية التاريخية و من الإدارة البلدية (32)، وكل مخالف لهذه الضوابط، كان يعاقب إما بذعائر، أو بهدم الأبنية، أو بإنجاز الأشغال اللازمة على نفقته(33).

الأشغال في المدينة القديمة: شرعت السلطات الفرنسية بعد احتلال المدينة في القيام ببعض الأشغال ذات الصلة بصحة السكان، وذلك حرصا منها على الحد من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف المغاربة. فلا يخفى التخوف الكبير الذي كان لدى الأوربيين من الأمراض والأوبئة التي انتشرت بين المغاربة. فالأوربي كان ينظر إلى المدينة المغربية باستمرار كوكر للأوساخ والقاذورات والأمراض، لذلك كان ليوطي يؤكد بأن: «(...) انشغالات الصحة خاصة يجب أن يضحى من أجلها بكل المصالح الخاصة بلا جدال»(34).

هكذا قامت سلطات الحماية بمد قنوات واد الحار، والتي خصصت لها على سبيل المثال لا الحصر10.000ف من ميزانية سنة1924(35)، و25.000ف من ميزانية 1932(36)، وإصلاح المجاري والمسالك من أجل تصريف مياه الأمطار للحيلولة دون تشكل المستنقعات المهددة لحياة السكان(37).

وفي السياق نفسه، انشغلت إدارة الحماية بمشكل إنشاء مجمع رئيسي لمياه الصرف الصحي التي كانت تتدفق خارج المدينة على طول الجرف في نقط غير محددة، والتي كانت تنتج عنها تأثيرات جانبية خاصة الأمراض. ففي جلسة المجلس البلدي بتاريخ 7 فبراير1934، ذكّر رئيس المصالح البلدية بضرورة إنجاز هذا المشروع، وأضاف أن حل المشكل يتطلب حبس هذه المياه من التدفق بتحويلها في اتجاه واد إيناون أو معالجتها. فالحل الأول يطرح عدة سلبيات، حيث أن توسيع المجمع وتمديده لقذف المياه العادمة باتجاه واد إيناون سيحرم واد الزيتون من هذه المياه التي تستغل في السقي وفي تخصيب عدة حدائق، وهو ما سيضطر البلدية إلى حفر قناة خاصة بالسقي. أما الحل الثاني، فيفرض خلق محطة لتصفية ومعالجة مياه الصرف الصحي لاستغلالها في السقي، وأضاف رئيس المصالح البلدية أنه لا بد من القيام بدراسة تقنية لاختيار الحل المناسب. وقد قدرت كلفة انجاز المجمع الرئيسي للمياه العادمة بحوالي 300.000 ف.

إضافة إلى ذلك، سبق لرئيس المصالح البلدية أن أكد بأن إنشاء المجمع الرئيسي المصالح البلدية الذي أصبح ملحا، يتطلب خلق وإنشاء مجمعات ثانوية تجمع المياه الوسخة، وتوصلها إلى المجمع الرئيسي بكلفة تصل إلى حوالي 100.000 ف(38)، وأشار إلى أن تنفيد هذه المشاريع هو مسألة وقت فقط، لا سيما وأن البلدية هي بصدد الحصول على قرض بقيمة مليون ف من القرض العقاري لفرنسا بنسبة مئوية تقدر ب6.35، يسدد لمدة 30 سنة، ويخصص لإنجاز هذين المشروعين ومشاريع أخرى(39).

واهتمت سلطات الحماية بتوزيع الماء الصالح للشرب داخل المدينة العتيقة، فأقامت عدة نافورات وسقايات(40)، ورصدت في هذا الصدد عدة اعتمادات مالية للقيام بعمليات الربط الثانوية من الساقية قبل إقامة القنوات(41). وفي يونيو من سنة 1918 كانت قد أنهت دراستها التقنية حول مشروع تزويد المدينة بالماء المصفى، وأرسلته إلى إدارة البلديات للحصول على الموافقة والترخيص للنفقات(42). وفي 13مارس من سنة 1925 تم بالتراضي تفويت صفقة تزويد المدينة القديمة بمضخة وجهاز للدفع إلى مقاولة السيد بوماليو(43) وهي نفس المقاولة التي كانت قد كلفت بتزويد المدينة بالقنوات وتركيبها، وقد بدأت في إقامة القنوات انطلاقا من شهر فبراير 1925(44). كما ظلت بلدية تازة تقوم بعملية صيانة مستمرة لساقية غياثة التي كانت تزود تازة العليا بالماء الصالح للشرب، وكذا القيام بإصلاح مختلف القنوات التي تتعرض للأعطاب، مثل ما حصل مثلا في ماي 1923 عندما انفجرت القنوات المائية بسبب الأمطار القوية التي ضربت المدينة(45). كما خصصت جزءا من ميزانياتها لترميم قنوات الماء الصالح للشرب، بلغت على سبيل المثال 12.500 ف من ميزانية 1932(46).

وإذا كانت الساكنة المغربية بمدينة تازة قد اعتادت على التزود بالماء الشروب بالمجان عن طريق شبكة المياه التقليدية، فإن التدبير الحضري الجديد لإدارة الحماية قد خلق تقليدا جديدا بإحداثه لوكالة بلدية أشرفت على تنظيم هذا القطاع وتحديثه(47)، وتطلب هذا الأمر تغيير العادات الاستهلاكية القديمة للسكان في هذا المجال، وذلك بانخراطهم تدريجيا في شبكة التزود بالماء الصالح للشرب عن طريق الأداء، وهو ما شكل تحولا مهما في حياة الساكنة.

وقد أثيرت في سنة 1933 مسألة ارتفاع سعر بيع الماء بمدينة تازة، ذلك أن سكان المدينة العتيقة كانوا يؤدون 1.70ف للمتر مكعب، مقابل 1ف في المدينة الجديدة، فتم إدراج هذه النقطة في جدول أعمال اجتماع المجلس البلدي في 7 فبراير 1934. وقد فسر السيد كيتان رئيس المصالح البلدية هذا الفرق باختلاف التكاليف، حيث كان يتم إيصال الماء إلى المدينة العتيقة من عين النسا بمضخة وجهاز للدفع، بينما يتم جلبه للمدينة الجديدة فقط بقوة الجاذبية، وأكد بأنه سيتم القيام بمجهودات وإجراءات لصالح صغار المستهلكين الأهالي الذين يستهلكون أقل من 60 متر مكعب في الفصل. وقد اقترح بالنسبة للشطر الأول اعتماد نفس تعريفة المدينة الجديدة، وتخفيض ثمن المتر مكعب من 1.70 ف إلى 1 ف، وفي الشطر الثاني خفض ثمن المتر مكعب من1.70ف إلى 1.50ف، أما في الشطر الثالث فاقترح تخفيض ثمن المتر مكعب من 1.90ف إلى 1.75ف، وترك جميع الأشطر المتبقية دون تغييرها. كما أكد أن هذه الإجراءات ستقلص من جهة عائدات بيع الماء بحوالي 10.000 ف، لكنها ستؤدي من جهة أخرى إلى الزيادة في عدد المشتركين بالمدينة القديمة، وقد تمت الموافقة على هذا الإجراء من طرف أعضاء المجلس البلدي(48).

كما أكد السيد كيتان أن البلدية أعدت مشروعا لتحويل نظام تزويد المدينة العتيقة بالماء الصالح للشرب، وذلك بمعالجة مياه ساقية غياثة قبل استهلاكها. وأضاف أن المدينة تزود بالماء الصالح للشرب من عين النسا بواسطة محطة للرفع، مما يجعل التكلفة باهضة، بينما استغلال مياه ساقية غياثة ستكون له فائدتان، وهما إزالة محطة رفع المياه الحالية، وجعل المدينة الجديدة تستفيد مباشرة من العين، مع ضمان ماء صاف ومعقم في محطة خاصة وبثمن مناسب لسكان المدينة العتيقة. وأكد أيضا أن إنشاء هذه المحطة لا يمكن أن تعترضه أية صعوبة تقنية. وحددت تكلفة هذا المشروع في 50.000 ف(49).

ومنذ احتلال المدينة، شرعت إدارة الحماية في ترميم وإصلاح بعض الطرق والأزقة من أجل تسهيل وتسيير تنقل الأوربيين بين محاور المدينة القديمة، حيث رصدت سنة 1924 على سبيل المثال 10.000 ف من الميزانية الاستثنائية لتهيئة مجموعة من الأزقة بالمدينة العتيقة(50). وقد بلغ طول الطرق المنجزة والمرصفة بهذه المدينة في ماي 1932 حوالي 6400 متر(51).

وعانت المدينة العتيقة بتازة طيلة فترة الحماية من الاكتظاظ السكاني، إذ انتقل عدد سكانها من 4760 نسمة سنة 1921 إلى 7000 نسمة 1937، ثم إلى 13000 نسمة سنة 1952. أي بمعدل 591 نسمة في الهكتار، وقد وصلت حدة الاكتظاظ إلى درجة أصبح فيها المسكن بالمدينة العتيقة يأوي ما بين أسرة وست أسر(52). ورافق هذا الاكتظاظ تدهور واضح للمجال الحضري، كما نتج عنه لجوء عدد كبير من المهاجرين القرويين وسكان المدينة العتيقة إلى السكن بالفنادق التقليدية التي سرعان ما تحولت إلى زنازن عائلية لا تتوفر على أبسط شروط الحياة(53).

واستمرت المدينة القديمة تعاني من التهميش في المرافق الاقتصادية والإدارية التي استأثرت بجلها المدينة الجديدة، فعلى سبيل المثال، تواجدت أربع مصالح إدارية فقط بالمدينة القديمة من بين 24 مصلحة إدارية بالمدينة ككل(54)، وهي مبنى البلدية، ودار القاضي، ومستشفى داربوا Darbois (مستشفى ابن رشد حاليا)، والمدرسة الابتدائية الإسلامية(55). وتميزت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية باختفاء معسكر كودير (Coudret) بالمدينة القديمة، وتعويضه ببعض البنايات السكنية(56)، استجابة للأهداف التي خطط لها المهندس إيكوشار (Ecochard) ، قصد تشجيع السكن المغربي بعد ما لاحظ تقصيرا كبيرا في المنجزات الموجهة للمغاربة حيث صرح قائلا «لقد تناسينا المغاربة لمدة 35 سنة الماضية»(57).

إن ظاهرة الاكتظاظ الذي عرفته المدينة العتيقة وما سيتبعه من مشاكل، جاء نتيجة للتوسع الاستعماري. فانتزاع أملاك الفلاحين من طرف المستوطنين المزارعين وخلق مراكز صناعية، كان وراء تدفق عدد كبير من السكان القرويين الذين أصبحوا بلا أرض في اتجاه مدينة تازة، حيث سيجبرون على العيش في ظروف هشة.

إن هذه الحركة (الهجرة) التي انطلقت بعد الحماية، ستحتد بعد 1936 على إثر المجاعات التي عرفتها البلاد. وابتداء من هذه الفترة، عانت المدينة من الاكتظاظ، وظهرت ظروف جديدة للكراء والسكن، نتج عنهما تغير في عوائد المجتمع المحلي بسبب الاختلاط في السكن. وتحولت (المدينة) من سكن منسجم تذوب وتتوارى فيه الفوارق الاجتماعية إلى سكن للفقراء والمهاجرين الوافدين على المدينة، ومن مدينة التجارة والعلم والصناعة والسكن الراقي والمعمار الدقيق، إلى مدينة الحرف التقليدية المهددة، والتجارة الكاسدة، وإلى مدينة حكم عليها بالانكماش والتهميش والعيش بعيدا عن الحداثة، كل ذلك سيفرض على المجتمع التازي تغيير نمط حياته ليستطيع مواكبة الظروف الجديدة.

 

 

التوسع المعماري لمدينة تازة على عهد الحماية

1. إنشاء المدينة الجديدة

عرفت تازة بعد احتلالها تحولا كبيرا في عمرانها، تمثل في إنشاء مدينة جديدة خارج أسوار المدينة العتيقة. وتعتبر فكرة إنشاء مدينة أوربية عصرية بتازة - كما هو الحال في بعض المدن المغربية - من أهم تمظهرات سياسة ليوطي الأهلية المرتكزة على عدم المس بالمدينة القديمة مع تجهيزها بالخدمات الضرورية من ماء وكهرباء، وهو ما أكده ليوطي بقوله: «لن أتدخل في المدينة القديمة والملاح، سأنظفهما وأزينهما، وأزودهما بالماء والكهرباء، وأفرغ المياه المستعملة .هذا كل شيء...لكن في مقابلهما أبني مدينة أخرى»(58). وقد وجد ليوطي في هنري بروست (Henri Prost) الشخص المؤهل للقيام بهذه المهمة، فاستدعاه سنة 1913، وكلفه بخلق عشر مدن جديدة بكل من الدار البيضاء، والرباط، ومكناس، وفاس، ومراكش، وصفرو، ووزان، وتازة، وأكادير، ثم القنيطرة فيما بعد(59).

ونظرا لتجربته الكولونيالية السابقة بكل من الجزائر ومدغشقر، سيفرض ليوطي على المهندسين والمعماريين الذين كانوا يعملون تحت إمرته ضرورة احترام ثلاث مبادئ أساسية يمكن اعتبارها قواعد السياسة التعميرية للحماية وهي: ضرورة عزل المدينة الأوربية الجديدة عن المدينة العتيقة، حماية وترميم المدينة القديمة، وتطبيق أحدث المبادئ المعمارية وأكثرها رقة في المدن الأوربية(60)، وذلك لإبراز تفوق القيم الثقافية الغربية على القيم الإسلامية في ميدان تنظيم المدن وتأسيسها(61). ومن النقط التي استند إليها الأوربيون لفصل المدينتين:

سياسيا: «الأهالي في مدينتهم والأوربيون في مدينتهم»، وذلك لتجنب أي تصادم بين الجانبين، وليسهل على إدارة الحماية التحكم في الوضع الأمني.

صحيا: «فصل المدينة الجديدة عن مواطن الأوبئة المستوطنة في المدن الأهلية»، مما يوضح هدفها في تأمين الحماية الصحية للأوربيين وخلق فضاء سليم لإقامتهم.

جماليا: «إنقاذ المناظر والكنوز الفنية للمدن الإسلامية لصالح الفن والسياحة»، وذلك لأن الحفاظ على البعد التاريخي والثقافي للمدن العتيقة يساعد على جلب السياح، مما يساهم في تنمية اقتصاد المدينة، وخاصة مشاريع الأوربيين من فنادق ومطاعم.

أعمال (Edilitaire): «إقامة مدينة عصرية وفق طراز معماري حديث عوض الترقيع بأجزاء مدينة خربة»(62). وذلك بترك المدينة العتيقة تعيش في تأخرها، والاهتمام بتجهيز مدينة حديثة تستجيب لمتطلبات المعمرين.

وهكذا بدأت إدارة الحماية بتشييد المدن الأوربية قبالة المدن الأصيلة مع ابتعاد مجالي نسبي عن هذه الأخيرة. وقد خضع توطينها لاعتبارين أساسيين: الأول يرتبط بالجانب الطبوغرافي، حيث فضل الأوربيون الاستقرار بأماكن منبسطة وسهلة الولوج للسيارة. أما الثاني فيتعلق بالموقع الاستراتيجي بغية ضبط تحركات السكان.

وقد كان المجال المناسب لتأسيس المدينة الجديدة بتازة يقع على هضبة مقابلة للمدينة القديمة في الشمال(63). ففي الجزء المنخفض من هذه الهضبة، وقرب الطريق الرابط بين فاس ووجدة، سيتم إطلاق أولى المشاريع الاستيطانية، وذلك بزرع سلسلة من الثكنات العسكرية، ستصبح خلايا رئيسية للمدينة الأوربية الجديدة. وفي هذا الإطار تم إنشاء معسكر جيراردو (64) في الجهة الشمالية عند مدخل المدينة القديمة(65)، ثم أنشئ كذلك مطار قرب المدينة الجديدة، وخط حديدي سمي «خط 60»، يصل إلى قلب المدينة الجديدة، وينتهي في معسكر جيراردو، وفي ذلك دليل على أن لهذا الخط أهمية بالغة على المستوى الإقليمي نظرا للنشاط الدؤوب ولوفرة العتاد المنقول(66).

وكان وراء اختيار الموقع الذي بني فيه معسكر جيراردو ثلاثة دوافع أساسية: وجود أراضي منبسطة من الناحية الطبوغرافية، وفي الوقت نفسه هي عبارة عن موقع دفاعي جيد، إذ تتميز بارتفاع نسبي وتشرف على فضاء غير مبني، وهو ما يجعل الرؤيا من خلالها تشمل كل من السهل الشمالي والمجال الجبلي الجنوبي. كما أن الأراضي التي أقيم عليه المعسكر، توجد في ملكية قبيلة غياثة الشرسة التي حاربت بضراوة كل من المخزن والقوات الاستعمارية، في المقابل تم تجنب أراضي السكان الحضريين الذين كانوا إلى جانب المخزن ولم يبدوا أية مقاومة للحماية، ويتماشى هذا الأمر مع طرح ليوطي المتمثل في عدم إثارة سكان المدن. أما الاختيار الثالث فيتعلق بالمحافطة على جمالية الإطار المعماري المغربي(67).

وقد تم خلق أول تجزئة مخصصة للسكن في أبريل 1916، يتكون جزءها الأكبر من بقع تمت تحت نزع الملكية بأرض نزول الطيران(68)، حيث تم بيع حوالي 222 قطعة أرضية بمساحة إجمالية وصلت إلى 93.070 متر مربع من طرف إدارة الأملاك بثمن 2 ف للمتر المربع، وفي فاتح يناير 1918 تم بيع حوالي 46 قطعة أرضية بمساحة قدرت ب19.770 متر مربع. وقد فرض على المقتني تشييد بنايته في مدة لا تتجاوز 15 شهرا وبالمواد الصلبة، وأن يحترم في البناء كل المعايير المنصوص عليها في دفتر تحملات مصلحة الطرق.

ولتنمية مدينة تازة وتوسيع نطاقها، تم خلق تجزئة ثانية في يوليوز 1917، خصصت لإنشاء المؤسسات الصناعية، وشملت 53 قطعة أرضية تتراوح مساحة كل واحدة منها ما بين 500 و3000 متر مربع(69)، استقر الرأي على إكرائها والالتزام ببيعها مستقبلا للمكترين الملتزمين بشروط الكراء ومعايير إنشاء المعامل الصناعية. واشترطت على الراغبين في كراء قطعة أرضية بهذه التجزئة وضع طلب كتابي بإدارة المصالح البلدية بتازة، يتضمن نوع البناء المراد إحداثه مع أهمية الصناعة المعد إليها، والتصريح بامتثال المكتري لجميع شروط الكراء من دون استثناء. وكان رئيس المصالح البلدية بدوره يرسل الطلبات التي يتوصل بها بعد إبداء الرأي فيها إلى الكولونيل حاكم ناحية تازة أو نائبه. ويرأس هذا الأخير اللجنة التي تتكون أيضا من رئيس المصالح البلدية أو نائبه، ومن باشا تازة ومن نائب الأشغال العمومية، وتنظر هذه اللجنة في الطلبات الواردة، وتقرر قبولها أو رفضها. وإذا طلب راغبون كثر نفس القطعة الأرضية، فإن اللجنة تعتبر حالة الراغب المالية وأهمية المعمل الذي يريد إحداثه. وبعد قبول الطلبات يعلم بذلك أصحابها، ويتم استدعاؤهم من طرف رئيس المصالح البلدية لتوقيع العقد. وتدفع وجيبة الكراء عن كل ستة أشهر بالتسبيق بالعملة الفرنسية لباشا المدينة الذي يقوم بوظيفة أمين الأملاك، أما فيما يتعلق بشروط الكراء، فقد جاءت بعضها على الشكل التالي:

يمنع على أي شخص أن يكتري أكثر من جزأين، إلا في بعض الحالات حيث يحق للجنة أن تمنح صاحب المشروع اكتراء أجزاء تكميلية.

كل جزء تم اكتراؤه يستوجب إحداث بناء مستقل به، ويسمح لمن اكترى جزأين أو عدة أجزاء متلاصقة، أن يقيم فيها بناءً واحدا شريطة أن يبين اللزوم والمنفعة المتعلقة بنوع البناء المقصود إحداثه.

يحق للبلدية عند انصرام مدة الكراء استرجاع الأرض أو تجديد عقدة الكراء لمدة خمسة أعوام أخرى، ومن جهة أخرى يحق للمكتري أن يشتري مكتراه إذا أحدث فيه بناءً بمواد صلبة مثل الحجر والآجور والإسمنت عدا الطوب، لا يقل قيمته عن 25 ف للمتر مربع من مساحة الأرض.

تحدث البناءات وفق الشكل الذي يعينه ضابط الأشغال البلدية.

يفرض على المكتري وفي أمد ثلاثة أشهر من تاريخ عقدة الكراء تسييج مكتراه بحائط من حجر أو بشباك من حديد أو من خشب لا يقل ارتفاعه عن متر.

إذا أخل المكتري بأحد شروط الكراء، تنذره البلدية وتدعوه للقيام بالتزاماته، ويحق لها بعد فسخ العقدة من جانب واحد بعد انصرام مدة ثلاثة أشهر من تاريخ إنذاره(70). 

وتطلب توسيع المدينة الجديدة، خلق تجزئة جديدة تدخل أرضها في نطاق الأملاك المخزنية، حيث صدر ظهير شريف في 1 دجنبر 1919، نص على مباشرة الأعمال المتعلقة ببيع 155 أرضية تتراوح مساحتها بين 168 و1.336 متر مربع. وأذن للسيد هاشم ولد الحاج المدني السملالي باشا المدينة، القائم مقام أمين الأملاك المخزنية بالمدينة، أن يسجل رسوم البيع المتعلقة بالقطع الأرضية، والتي حدد سعرها في 0.25 ف للمتر مربع بالنسبة للقطع الأرضية التي لها واجهة على الأزقة، وعرضها يقل عن 25 متر ما عدا زنقة التجارة، و0.50 ف بالنسبة للقطع التي لها واجهة على الساحة والأزقة والشوارع التي لها عرضها 25 مترا فأكثر، و1 ف للقطع التي لها واجهة على زنقة التجارة(71). وصدر في 29 مارس 1922 ظهير شريف آخر صادق على البيع المنعقد بشأن 54 قطعة أرضية بالأرض المخزنية المجزأة شرق معسكر جيراردو، والمعروفة بالقطاع الأول من المدينة الأوربية(72).

ومنذ سنة 1920، بدأت تظهر بالشرق من معسكر جيراردو، ساحة مركزية شكلت نقطة إلتقاء لجميع المسالك الكبرى للمدينة، كما اتضحت معالم الشبكة الطرقية الجديدة(73). وقد تميز انطلاق الأشغال الكبرى للبنية التحتية بالمدينة الجديدة بفتح محجرتين (carrières) في الجنوب الشرقي وبناء معملين للآجور والجير(74).

وتجدر الإشارة إلى أن المدينة ستعرف إنجاز أول تصميم لتهيئتها من طرف السيد لباس (Labasse) سنة 1919. وبعد سنة، سيتم إنجاز تصميم آخر من طرف اليوتنان كولونيل لاندي (75). لكن هذين التصميمين الذي كان الهدف منهما توسيع وتنمية المدينة الجديدة، سيصطدمان باندلاع حرب الريف ما بين 1921-1925، حيث سيزداد الثقل العسكري للمدينة حضورا، وستعطى الأولوية للمنشآت العسكرية على حساب أهداف أخرى(76).

ولم تعد المدينة الجديدة انطلاقا من سنة 1925 تقتصر على بعض المنازل المتناثرة، بل بدأت تتطور وتنمو تبعا لتصميم حضري عصري، بشوارع منظمة ومصممة بطريقة جيدة، ومضاءة ومزينة بأكثر من ألفين شجرة، وسوق مغطى، ومجموعتين مدرسيتين تستقبلان أكثر من 600 تلميذ، وبنايات إدارية عصرية، وعمارات سكنية جميلة. وقد تم جلب الماء إليها من عين النسا، وأقيمت عدة نافورات بكل أحياء المدينة، وزودت كل المنازل والمؤسسات العمومية بالماء الصالح للشرب، كما تم الشروع في مد المدينة بشبكة من قنوات واد الحار ومختلف المرافق الخدماتية(77).

وفي سنة 1928، سيتم إنجاز تصميم آخر للمدينة من طرف اليونان ريش (78)، لم يختلف عن تصميم التهيئة الذي وضعه اليوتنان كولونيل لاندي سنة 1920، حيث تم تعزيز الدور العسكري للمدينة. فمشروع تعويض المنشئات ذات الصبغة العسكرية في الجزء الشرقي من معسكر جيراردو بمركز إداري للمدينة الجديدة يتكون من مكتب للبريد، ومبنى البلدية، وكنيسة، ومدارس و ناد للقمار، سيُتخلى عنه. وسيتم تكريس الوظيفة العسكرية للمدينة بإنشاء عدة معسكرات، وهي معسكر كاسانياض (Cassagnade)، ومعسكر بيزان (Pezand) على حافة الطريق بين فاس ووجدة، ومعسكر هانكلير (Hunkler) شمال المدينة الجديدة، ومعسكر فاي (Faye) جنوبها(79)، ذلك أن المعارك كانت كثيرة خلال هذه الفترة «حيث لا تكاد تسمع إلا طلقات المدافع في جبال تازة»(80).

كما تم التخلي في الأخير بصفة نهائية عن مشروع توسيع المدينة الجديدة في الجهة الشرقية لمعسكر جيراردو على شكل مربع ، وذلك لفائدة ساحة الطيران(81)، حيث «كانت الحاجة ملحة لإنشاء ساحة للطيران، ويعتبر المكان الذي كان مخصصا لمشروع المدينة الأوربية سنة 1914 الموقع المناسب لذلك»(82).

ونظرا للتوسع العمراني الذي بدأت تعرفه المدينة الجديدة، اضطرت إدارة الحماية سنة 1931 إلى تفكيك معسكر فاي وتحويله إلى تجزئة سكنية. وقد صدرت في هذا الصدد عدة قرارات وزارية لبيع بعض قطع الأرض المجزأة بالمعسكر، منها القرار المؤرخ ب15 غشت 1931، الذي أذن لبلدية تازة بأن تبيع عن طريق المزاد العلني 16 قطعة أرضية(83).

وفي سنة 1934، تم وضع تصميم مديري جديد، كان الهدف منه توسيع وتهيئة المدينة الأوربية، ووضع برنامج واضح ورؤية محكمة لتطورها. وقد أدرج هذا التصميم ضمن خطوطه العريضة المناطق الواقعة بين معسكر جيراردو شمالا، وأراضي نزول الطيران وزنقة w شرقا، وجنوبا زنقة w وملتقى الطريق رقم 15 بالطريق غير المعبدة رقم 6، وغربا المجال المحرم من البناء بجوار المدينة القديمة والمسلخ البلدي والزنقة رقم VII، كفضاءات ومجالات حرة يمنع فيها البناء، تخصص للحدائق العمومية والملاعب الرياضية ومواقف السيارات.

كما تم تقسيم المدينة حسب هذا النظام إلى ثلاثة قطاعات: قطاع مخصص للسكن والتجارة، ويمنع فيه ممارسة أي صناعة أو تجارة مزعجة للسكان. وقطاع خاص بالفيلات. وقطاع تتركز فيه كل المؤسسات الصناعية وشركات النقل والمستودعات، يحده من جهة الشمال الطريق رقم 15، ومن الشرق الزنقةE وVI، وبالخط الافتراضي من الجهة الجنوبية لملتقى الأزقة E وY وVI المؤدية إلى واد تازة، ومن جهة الغرب نجد واد تازة وهو المجال المخصص لتمركز المؤسسات الصناعية التي تنتج المواد الخطيرة والسريعة الالتهاب والمضرة بالصحة. كما خصص قسم من المجال الصناعي لتوطين صناعات مختلفة ومقاولات لم تجد لها مكانا في المجال المخصص للسكن (مستودع الآليات - مقاولات النقل...)، ويحد هذا القسم من جهة الغرب الطريق رقم 15، ومن الشرق الزنقة P، ومن الجنوب الأزقة B وS و J وE ، ومن الغرب أرض تابعة لمصلحة الهندسة. كما تضمن هذا التصميم المديري تنظيما لكل الشوارع والأزقة(84).

ويمكن القول، إن التصاميم التي أنجزت بالمدينة، كانت موجهة بالأساس لخدمة الأقلية الأوربية، التي كان المستفيد الكبير من كل برامج التهيئة، حيث تم وضع تصاميم لجميع المدن الجديدة بالمغرب، كما لو أن نظام الحماية سيكون أبديا، وأن الساكنة الأوربية هي وحدها المحكومة بقوانين النمو والتطور، في حين ظل المغاربة محصورين داخل المدن العتيقة، في غياب برامج ومشاريع لإقامة أحياء جديدة لفائدتهم(85).

وفي سنة 1937 قامت إدارة الحماية بتوسيع معسر جيراردو، وذلك بنزع قطعة أرضية مجاورة له مساحتها 6030 مترا مربعا، كانت في ملكية السيد جاك بنطاطة بناء على قرار وزيري صدر في 2 فبراير1937(86). وهنا تجب الإشارة، إلى أنه لم يسلب من أي بلدية في المغرب لأغراض عسكرية مثل ما سلب من الأراضي في مدينة تازة(87). فقد تميزت مرحلة الحماية بهيمنة كبيرة للسلطات الفرنسية على أراضي كثيرة، سلبت كلها من قبيلة غياثة، حيث انتقل الإطار الاحتياطي العقاري لإدارة الحماية ما بين سنتي 1914و1937 من 120 هكتار إلى 360 هكتار، من دون احتساب البيع المباشر الذي يقدر ب40 هكتار، أي ما مجموعه 400 هكتار. وقد توزعت هذه الأراضي كما يلي:

الأراضي العسكرية: 244 هكتار أي 61 %

الملك الأوربي الخاص: 100 هكتار أي 25 %

الملك الخاص للدولة: 56 هكتار أي 14 %(88).

وإبان الحرب العالمية الثانية، ومع تدفق عدد كبير من الرساميل على المغرب في جميع المجالات، وخاصة في القطاع الصناعي، ستعرف المدينة الجديدة بتازة توسعا عمرانيا. فقد أنشئت بالحي الصناعي، وعلى طول الطريق الرئيسي في اتجاه فاس بعض معامل الصناعة التحويلية والاستهلاكية مثل مطحنة للحبوب، ومخزن للحبوب، وأربع معاصر للزيتون، ومصنع للعجائن الغذائية، وصناعات أخرى تجهيزية منها: معمل للآجور، ومعمل للجير، ومصنع للصابون. وتم بالموازاة مع ذلك تعزيز الطريق المؤدية إلى وجدة بإنشاء بعض المصالح الإدارية : مصلحة تربية الماشية، ومصلحة الهندسة الزراعية، ومصلحة الأشغال العمومية مكان معسكر كاسانياض، ثم مصلحة المياه والغابات. وهكذا وبعد إنشاء النواتين الإداريتين لكل من دراع اللوز والمدينة القديمة، ظهرت نواة ثالثة على الطريق الرئيسي رقم1(89).

ونشير إلى أن المدينة الجديدة قد عرفت وثيرة نمو اختلفت بين الجزأين الشمالي والجنوبي لشارع الرباط، حيث أصبحت تجزئة دراع اللوز تتوفر على حيين راقيين: أحدهما غرب شارع المحطة والآخر في شارع فرنسا(قسو ومداح حاليا)، بينما كانت تجزئة بين الجرادي لاتزال منطقة قليلة البنايات، حيث بدأت تتطور في الاتجاه ما بين شارع تومزيت، وشارع الحديقة(Avenu du parc). وبالجنوب من معسكر جيراردو، تم إنشاء حي سكني لفائدة الجنود سمي ب Tennis (نظرا لوجود ملعبين لكرة المضرب)، لكن ما يثير الانتباه هو اختفاء ساحة الطيران، حيث بني على حسابها المستشفى المختلط (مستشفى ابن باجة حاليا)(90).

2. نشأة الأحياء الصفيحية:

لعب المعمرون دورا كبيرا في كل التحولات التي عرفتها المدينة خلال فترة الحماية، فقد خلقوا مشاريع وأنشطة اقتصادية مارست نوعا من الاستقطاب على ساكنة المناطق المجاورة، حيث انطلقت حركة التصنيع بالمدينة. «إن السياسة التعميرية للحماية ما هي إذن إلا النتيجة الحتمية لالتقاء ظاهرتي التحضر والتصنيع في المغرب الحديث لأول مرة، وحيثما التقت هاتان الظاهرتان، ينطلق معهما حراك سكاني هائل عبر مختلف أنحاء البلاد، ومن البوادي في اتجاه المدن بالخصوص»(91).

وقد نتج عن هذه الحركية العديد من المشاكل، أبرزها اكتظاظ المدن وعدم قدرتها على استيعاب الأعداد المتزايدة من المهاجرين، وظهور أحياء صفيحية على شكل أحزمة احتشد إليها كثير ممن عجزوا عن مسايرة مستجدات الحياة في البادية. وقد أقيمت هذه الأحياء على أراضي البلديات أو الخواص، حيث قام العديد من الملاكين الذين يمتلكون أراضي بضواحي المدن، بتجزيئها وبيعها للمهاجرين القادمين من البوادي الذين يجهلون كل القوانين المتعلقة ببيع الأراضي دون تجهيزها، كما أن ظهور هذه الأشكال من السكن كان بسبب عدم علم البلديات أو تسامحها، أو تغاضيها اتجاه هذا النوع من السكن الذي تنعدم فيه أبسط الشروط الضرورية للعيش، من تهوية وإنارة وصرف صحي وماء صالح للشرب ... بما أنه يساهم في حل أزمات السكن التي تتخبط فيها المدن(92). ويكتب بروست في هذا السياق: «...كانت الهجرة المكثفة نحو المدن وراء الازدحام واللجوء إلى الضواحي وإنشاء تجمعات غير لائقة على شكل ملاجئ هشة انفلتت من مراقبة البلديات.إنها وضعية مؤلمة فهؤلاء الأهالي قد تعودوا النوم في الأكواخ، والخيام المبعثرة بالبادية حيث الشمس الوسيلة الوحيدة للنظافة...»(93).

وتعود أولى الإشارات التي تتحدث عن انتشار السكن العشوائي بمدينة تازة إلى سنة 1928، ويتعلق الأمر بدوار بيت غوليم، الذي أقيم في أرض تابعة لإدارة الأحباس على جانب واد الدفالي بالقرب من المدينة الجديدة(94). وقد انعدمت في هذا الحي أبسط شروط العيش، كما كان يصعب الدخول إليه خمسة أشهر في السنة بعد تساقط الأمطار(95).

وإذا كان من الصعب الجزم بأن هذا التجمع السكني، قد شكل أول نواة لما عرف لاحقا بالأحياء الصفيحية بمدينة تازة، فالواضح أن هذه الأخيرة قد انتشرت وبرزت بكثرة في أعقاب موجات الهجرة القروية التي أعقبت أزمتي سنة 1937 و1945. ذلك أن نشاط الهجرة القروية المتزايد، أدى إلى اكتظاظ المدينة العتيقة التي كانت تشكل مكانا لامتصاص الزيادة الطبيعية للسكان وقسما من المهاجرين.

وفي ظل هذا الاكتظاظ، سترمي المدينة بفائضها نحو الهوامش مما أدى إلى بروز أربعة أحياء صفيحية تحيط بالمدينة العتيقة وهي: دوار الكوشة، ودوار الباطوار، ودوار بوقلال، ودوار بوحجر. كما برزت أحياء صفيحية أخرى تحيط بالمدينة الجديدة وهي: دوار الربايز، ودوار المحطة، ودوار السدر، ودوار الرحى، ودوار عياد، ودوار الطوبية. وقد وصل عدد ساكنة هاته الأحياء الصفيحية سنة 1955 إلى 9000 نسمة من ساكنة مغربية قدرت ب22000 نسمة، أي بنسبة %41 من مجموع هاته الساكنة(96). وشكلت هذه الأحياء من خلال توزيعها الجغرافي سياجا وحزاما طوق المدينتين الجديدة والعتيقة.

واتخذت إدارة الحماية بعض الإجراءات والتدابير لمكافحة السكن غير اللائق، وذلك بإنشاء لجنة للسكن الأهلي (Comité de l’habitat indigène) سنة 1937، تقدم قروضا لهيكلة الأحياء الصفيحية. وقد وصلت قيمة القروض التي وزعتها على بلديات: تازة، وجدة، فاس، مكناس، أسفي، وأكادير خلال هذه السنة (1937) إلى حوالي 7.000.000 ف(97).

وواكبت جريدة السعادة كل مجهودات سلطات الحماية لإيقاف تطور الأحياء الصفيحية والقضاء عليها. ونقرأ سنة 1936: «تحدثنا مرارا متوالية عن مسألة سكنى الأهالي القاطنين بالأكواخ القصديرية المتكونة منها قرى آهلة بطبقة العملة بجل المدن المغربية، وقد ذكرنا في حينه عناية الحكومة الحامية وعلى رأسها صاحب المجادة المقيم العام المشير بروتون بقضية القرى القصديرية وتبديلها بأحياء تبنى بناءً بسيطا جامعا لوسائل الراحة والهناء والصحة الأبدية»(98).

وفي سنة 1946، قامت إدارة الحماية بتخصيص مجموعة من القروض لبناء 50 مسكنا ببلاد بييرا(99)(دوار اجديد حاليا)، لإيواء المتقاعدين العسكريين. وأقيم هذا المشروع بأقصى الشمال الغربي للمدينة(100).

وقد راسل المراقب المدني فرانسوا موريل (Fronçois Morel) السلطات العليا، وطلب منها التدخل بتخصيص المزيد من القروض، لإيواء العدد الكبير من الساكنة الأهلية التي تعيش في ظروف جد مزرية، ولا تتوفر على أبسط التجهيزات الصحية. وأشار إلى أن عدد «الأهالي» المغاربة الذين يعيشون في دور الصفيح بتازة أكبر من الذين يعيشون في دور الصفيح بالدار البيضاء، واقترح كحلول استعجالية: متابعة وإتمام البناء ببلاد بييرا، وتوسيع المدينة العتيقة على حساب معسكري كودير وأوبري، ثم تهيئة دوار بيت غوليم، والتفكير في تهيئة بلاد جيارينBled Djiarine.

وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الاستعمارية لم تقم بأي مجهود تعميري لإسكان المغاربة الوافدين على المراكز الحضرية والصناعية التي خلقتها سلطات الحماية. ولم تنتبه هذه السلطات لخطئها هذا إلا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث سيعترف وقتها المهندس إيكوشار (Ecochard) بتقصير إدارة الحماية اتجاه المغاربة، إذ يقول: «لقد تناسينا المغاربة لمدة 35 سنة»(102). وسيقوم هذا المهندس المتشبع بمبادئ الهندسة «التقدمية» أنذاك، والمستمدة من نموذج التعمير القائم على ميثاق أثينا (الذي ينص على ضرورة أن تحقق كل مدينة أو تعمير جديد أربع غايات أساسية وهي «العمل»، «السكن»،التواصل و«الترفيه»)، بمجهود تعميري كبير، وسيعمد في البداية إلى بناء عدة مساكن خاصة «بالأهالي» في مختلف المدن المغربية، وتشييد عمارات خاصة بالمغاربة وسط المدينة الأوربية أو على هوامشها، والتي كانت تتكون من سكنات من 64 متر (وهي المعروفة بسكنى 8x8). كما سيهتم هذا المهندس بتهيئة العديد من المدن الصغيرة والمتوسطة ، وتزويد جميع المدن بأحياء صناعية لتحقيق الضغط على مدينة الدار البيضاء(104). وكتبت جريدة السعادة  في هذا الصدد «تفاقمت أزمة السكنى تفاقما لم يعرف له مثيل، وكان لا محيد لمحاربة مفعولها عن التفكير في برنامج للبناء على جانب من السعة. ليتسنى لها تشييد في مجموع نواحي المغرب ألفا من المساكن تقريبا وستبنى هذه الدور على شكل عمارات من خمسة إلى ستة مساكن في الواحدة متراصة ومتناسقة»(105). وبالرغم من المجهود الجبار الذي قام به إيكوشار، فإن كل محاولاته لم تمنع أو تحد من تنامي ظاهرة السكن الصفيحي الذي أخذ ينتشر بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية.

إن بروز أحياء الصفيح بالمدينة يعتبر مظهرا للتحولات التي عرفتها المدينة ومجتمعها خلال مرحلة الحماية، وهو ظهور ارتبط بالتغيرات التي عرفتها البنيات السوسيواقتصادية للبوادي نتيجة تغلغل الرأسمالية وامتداد الاستيطان الزراعي في آفاقها وكذا الأزمات الفلاحية. مما أدى إلى تزايد المهاجرين نحو المدنية، وقد أدى ذلك إلى انتهاء قدرة المدينة على استيعاب وتحمل الموجات الهجراتية الكبيرة. ويقول في هذا الصدد روبير إيسكالي (Robert Escalier): «إن مدن الصفيح ستظهر بعد أن بلغت المدينة القديمة قدرتها الاستيعابية القصوى وبدأت تكتظ بالسكان، وهذه المدن الصفيحية تشكل امتدادا محيطيا للأحياء القديمة. إنها رد فعل الفقير اتجاه أزمة السكن»(106).

وهكذا انتشرت بالمدينة أشكال عمرانية جديدة ومخالفة لما هو متوارث عليه في بناء المساكن الحضرية، رافقها ظهور سلوكات وظروف جديدة للعيش لشريحة اجتماعية لم تكن مؤهلة للاندماج بسهولة في حياة المدينة، حيث عاش قاطنوا الأحياء الصفيحية أوضاعا اقتصادية صعبة رافقها خروج المرأة للعمل إلى جانب الرجل لمواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة، وانتشار البؤس، والعهارة، و بعض مظاهر الشحاذة وغيرها من المهن الوضيعة. وقد دفعنا هذا الأمر إلى الاعتراف بأن أغلب قاطني دور الصفيح لم تكن لديهم الرغبة في العيش بها، بل إن الظروف الاقتصادية التي رافقت التدخل الاستعماري هي التي أجبرتهم على ذلك، كما أن إدارة الحماية التي ظلت تتبجح بالحفاظ على الأحوال الصحية للمغاربة، هي نفسها التي تخلق الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تسهم في تردي تلك الأحوال.

 

 

خلاصة

إن أهم ما نستخلصه من دراسة التعمير بمدينة تازة على عهد الحماية الفرنسية، هو أن هذا المجال شكل عنوانا لتجليات التحولات الاجتماعية وتناقضاتها وإفرازاتها المجالية، حيث أصبح التعمير يعكس الوتيرة التي عرفتها مدينة تازة في مجال الإسكان وكذلك طبيعته ونوعيته.

لقد شرعت إدارة الحماية بمجرد سيطرتها على المدينة - كما هو الحال في باقي المدن الأخرى-، في خلق سياسة خاصة تعنى بالمباني وشكلها، وفي تحديد نوع العلاقة التي يمكن أن تربط أنماط البناء الكولونيالي بنظيره في المدينة القديمة، ارتباطا بالتصور العام الذي يحكم الإقامة العامة في ما يخص هذا الميدان. فظهرت بذلك أولى نتائج هذا التصور الفرنسي لطبيعة التعمير بمدينة تازة، متجلية في نهج سياسة الازدواجية، أو المجاورة بين المدينتين القديمة والجديدة، حيث اختارت إدارة الحماية أن لا يقطن الأوربيون داخل المدينة القديمة حتى لا يزعجوا سكانها، ولا ينزعجوا بما كانوا عليه من التقاليد والعوائد. فأنشأت خارج أسوارها مدينة حديثة تراعي فيها التصاميم المعمارية متطلبات النقل العصري، والسكن الفسيح الرحب والمتناسق، وجمالية الشوارع والساحات العمومية لتوفير الشروط المناسبة لاستقرار الساكنة الأوربية. وكان من نتائج هذه الازدواجية، أن انتقل الثقل من المدينة العتيقة وأحيائها التي فقدت مكانتها ووظائفها السابقة إلى المدينة الجديدة .

وواكبت إدارة الحماية سياستها التعميرية بإنجاز عدة تصاميم لتهيئة المدينة، غير أن هذه الأخيرة اقتصرت على تكريس الوظيفة العسكرية، وخدمة مصالح الأقلية الأوربية بالمدينة الجديدة على حساب الأغلبية الساحقة من السكان المغاربة الذين تم تهميشهم بالمدينة العتيقة والأحياء الصفيحية.

يمكن القول، إن هاته السياسة التعميرية لم تستطع القضاء على المشاكل التي ظهرت بفضل التحولات التي عرفتها المدينة ومحيطها. ومن بين أهم هذه المشاكل الحضرية، بروز الأحياء الهامشية ودور الصفيح الناتجة بالأساس عن تخلخل البنية التحتية المعمارية القديمة، أضف إلى ذلك مخلفات حركية الاستقطاب الذي شكلته مدينة تازة كمركز حضري وسط محيطها.

 

الهوامش

1 AGOUMY (Ahmed Taoufik), La croissance de la ville de Taza et ses conséquences sur la disharmonie urbaine, Thèse de doctorat du 3ème cycle, Université François-Rabelais,Tours,1979, p.22.

2 MARCUS (Micheal Alan), Townsmen and Tribesmen : Identity, History and social change in eastern Morocco, University Microfilm international, New York, 1983, carte non paginée.

3 Ibid, p.155.

4 SAGHIR (Mabrouk), La ville de Taza : Recherche d’Histoire et d’archéologie monumentale et d’évolution urbaine, Thèse de doctorat, Université de Sorbonne, Paris, 1992, p.517

5 VOINOT (Louis), Taza et les Riata, Extrait du Bulletin de la Societé de Géographie d’Oran, 1920, pp.22 -23.

6 Ibid, pp.23-27-28.

7 VOINOT (Louis), op. cit., pp.31-35-36.

8 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op.cit., p.23.

9 EL ARJI (Mostafa), Immigration rurale et urbanisation à Taza (Maroc), Thèse de doctorat du 3ème cycle, Université de Toulouse de Mirail,1984, p.58.

10 «ظهير شريف في زجر من يتجر في أكرية الأبنية اتجارا غير جائز»، الجريدة الرسمية، العدد 358، 9 مارس 1920/الموافق ل17 جمادى الثانية 1338، ص.ص265-267.

11 «قرار وزيري في إحداث لجنة بمدينة تازة من أهل الخبرة فيما يرجع لإكراء الدور والعقار بأثمان غير جائزة»، الجريدة الرسمية، العدد 465 و466، 28 مارس و3 أبريل 1922/الموافق ل 28 رجب و5 شعبان1340، ص.410.

12 كان كراء شقة من غرفتين ومطبخ بمدينة تازة سنة 1927 يكلف 300 فرنك . تافسكا (أحمد)، تطور الحركة العمالية في المغرب (1919-1939)، دار ابن خلدون، بيروت، الطبعة الأولى، 1980.، ص.109.

13 EL ARJI (Mostafa), op. cit., p.68.

14 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op.cit., p.29.

15 «Arrété viziriel du 24 décembre 1920(12 rebia II 1339) déclarant d’utilité publique l’extension du domaine militaire à Taza», B.O, n°428,4 janvier 1921, pp.1-2.

16 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op.cit., p.29.

17 أكومي (توفيق)، «أربع عشرة سنة من المقاومة في ناحية تازة»، مذكرات من الثرات المغربي - تجزئة ومقاومة، ج.5، الخزانة العامة والأرشيف بالرباط، 1985، ص.142.

18 SAGHIR (Mabrouk), op. cit., p.514

19 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op.cit., p.33.

20 «قرار وزيري في الإذن للدولة الشريفة بشراء قسم من العقار المعروف بعرصة أبي عبد الله بتازة»، الجريدة الرسمية، العدد268، 17يونيو 1918، الموافق ل 7 رمضان 1336، ص.ص.622-623.

21 «ظهير شريف في تقييد الجامع الكبير في عدد الأبنية التاريخية»، الجريدة الرسمية، العدد 170، 31 يوليوز1916/الموافق ل 01 شوال1334، ص. 617.

22 المرجع. نفسه، والصفحة نفسها.

23 PAUTY (Edmond), «Rapport sur la défense des villes et la réstauration des monuments historiques», in Hesperis, archives berbères et B.I.H.E.M, vol.2, 4ème trimestre 1922, Edaraf, p.460.

24 «Arrêté viziriel du 9 octobre1920,25 moharrem1339, ouvrant une enquête relative a la proposition de classement d’une zone de protection artistique le long d’une partie des remparts de la kasba de Taza», B.O, n°418, 26 octobre1920, p.1826.

25 «قرار وزيري في الإذن باجراء بحث في شأن طلب تقييد فناء الحراش بتازة في عداد الأبنية التاريخية»، الجريدة الرسمية، العدد 433 و434، 16 و23غشت 1921،الموافق ل11و18ذي الحجة 1339، ص.679.

26 SAGHIR (Mabrouk), op. cit., p.479.

27 «Taza Site et édilite», le Courrier du Maroc,-Journal qoutidien marocain- ,19éme année, n°5463, samedi 10 mai 1947.

28 «ظهير شريف في المصادقة على تغيير احداث في الخريطة والضابط المجعولين لتهيئة فناء الحراش بالمدينة الأهلية تازة وفي التصريح بأن ذلك من المصلحة العمومية»، الجريدة الرسمية، العدد1785، 10يناير 1947، الموافق ل 16 صفر 1366، ص.35 .

29 «Dahir du 3 février1922,5 joumada II 1340 portant classement d’une zone de protection autour de l’enceinte de Taza», B.O, n°486,14 février1922, p.268.

30 «قرار وزيري في جعل ضابط للشوارع والطرقات وهيئة الأبنية وتصفيفها بمدينة تازة»، الجريدة الرسمية، العدد483، 1غشت 1922، الموافق ل 7 ذي الحجة 1340، ص.907.

31 DE LACASINIERE (Henri), Les municipalités marocaines:leur dévelopement et leur législation, Imprimerie de la Vigie marocaine, Casablanca,1924, p.96.

32 «قرار وزيري في جعل ضابط للشوارع والطرقات وهيئة الأبنية وتصفيفها بمدينة تازة»، الجريدة الرسمية، العدد483، 1غشت 1922،الموافق ل7ذي الحجة 1340، ص.ص.907-908.

33 «ظهير شريف في تغيير وتتميم الظهير الشريف المؤرخ في 20 جمادى الأول عام 1332،الموافق ل16 أبريل سنة 1914 المتعلق بتصفيف الأينية والطرق والخرائط المجعولة لتهيئة المدن وتوسيعها والحرمات والأداءات المترتبة على الطرقات»، الجريدة الرسمية، العدد 753، 29 مارس 1927، الموافق ل25 رمضان1345، ص.ص. 739-740.

34 ألوزاد (أحمد إبراهيم)، «السياسة التمدينية للحماية الفرنسية»، ندوة المدينة في تاريخ المغرب العربي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية II ابن مسيك الدار البيضاء، نونبر 1988، ص.271.

35 Archives Nationale de Rabat, Carton A 429, P-V de la séance du Jeudi 5 juin 1924 de la Commission Municipale mixte de la ville de Taza .

36 «P-V de la séance du 8 juin 1933 de la Commission Municipale», Taza-Journal, n°81, troisième année, 17 juin 1933.

37 Archives Nationale de Rabat, Carton A 782, (Ville de Taza, Services municipaux), Rapport mensuel,mois de mai 1923 .

38 « P.V de la séance du 7 février1934  de la Commission municipale», L’avenir de Taza, deuxième année ,n°22, Mardi 20 février 1934.

39 «Séance municipale», L’avenir de Taza, deuxième année ,n°21,Mardi 13 février 1934.

40 Archives Nationale de Rabat,Carton A1468, (Ville de Taza, Services Municipaux), Rapport mensuel du 16 avril au 15 mai 1918 .

41 Archives Nationale de Rabat R,Carton A1468, (Ville de Taza, Services Municipaux), Rapport mensuel du 16 avril au 15 mai 1917 .

42 Archives Nationale de Rabat, Carton A1468, (Ville de Taza, Services municipaux ), Rapport mensuel, 16 mai au 15 juin1918 .

43 Archives Nationale de Rabat,Carton A782, (Ville de Taza, Services Municipaux), Rapport mensuel, mois de mars 1925 .

44 Archives Nationale de Rabat,Carton A782, (Ville de Taza, Services Municipaux) ,Rapport mensuel, mois de février 1925 .

45 Archives Nationale de Rabat,Carton A782, (Ville de Taza, Services Municipaux ),Rapport mensuel, mois de mai 1923 .

46 « P-V de la séance du 8 juin 1933 de la Commission Municipale», Taza-Journal, n°81, troisième année, 17 juin 1933.

47 Archives Nationale de Rabat, Carton A832,  (Ville de Taza, Services Municipaux), Alimentation en eau,1925 .

48 «P.V de la séance du 7 février1934 de la Commission Municipale», L’avenir de Taza, deuxième année , n°22,Mardi 20 février 1934.

49 «P.V de la séance du 7 février1934 de la Commission Municipale», L’avenir de Taza, deuxième année, n°22, Mardi 20 février 1934.

50 Archives Nationale de Rabat, Carton A429, P-V de la séance du Jeudi 5 juin 1924 de la Commission Municipale mixte de la ville de Taza .

51 Archives Nationale de Rabat, Carton A 1685, (Ville de Taza, Services Municipaux), Rapport mensuel, mois de mai 1932 .

52 EL ARJI (Mostafa), op. cit., p.68.

53 Ibid., p.69.

54 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.36.

55 بلعربي (محمد)، «تازة»، معلمة المغرب، ج.6. ص 2024.

56 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.36.

57 DETHIER (Jean), « 60 ans d’urbanisme au Maroc-l’évolution des idées et des réalisations », in B.E.S.M, vol 32, n° 118-119, 1970, p.29.

58 RIVET (Daniel), Le Maroc de Lyautey à Mohamed V, Le double visage du Protectorat, édition Denoël, Paris, 1999,p.228.

59 DETHIER (Jean), « 60 ans d’urbanisme...», op. cit., p.10.

60 RIVET (Daniel), Lyautey et l’institution du protectorat français au Maroc 1912-1925, Tome3, L’harmattan, Paris, 1996,p.148.

61 أكومي (توفيق)، م.س، ص.142.

62  Anonyme, «L’aménagement des villes au Maroc», France-Maroc, Revue mensuelle illustrée, 4éme année, n°6, juin 1920, p.126.

63 Archives Nationale de Rabat, Carton A 965, Contrôle des municipalités, bureau du contrôle administratif, les villes nouvelles, Taza , p.32

64 كانت مساحته تفوق مساحة المدينة التي بداخل الأسوار.

65 أكومي (توفيق)، م.س، ص.142.

66 المرجع نفسه، والصفحة نفسها

67 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.30.

68 Archives Nationale de Rabat, Le Maroc en 1932, 20 années du Protectorat français, Afrique du nord illustrée, 14 Mai 1932 , n°522, p.258.

69 A.N.R ,Carton A 965, Contrôle des municipalités, Bureau du contrôle administratif, les villes nouvelles, Taza , p.328.

70 «Ville nouvelle de Taza, Secteur industriel, location avec promesse conditionnelle de vente de Taza, Cahier des charges», B.O, n°248, 23 juillet1917, pp.824-825-826.

71 «Dahir du 1er décembre 1919 (7 rebia I 1338) approuvant les opérations d’adjudication de 155 lots de terrains domaniaux à batir compris dans le lotissement de la ville nouvelle de taza»,B.O,n°374 ,22 décembre 1919, pp.1496-1499.

72 « Dahir du 27 mars (27 Rejeb1340) ratifiant la vente de gré à gré de 54 lots de terrains domaniaux compris dans le lotissement dit« Premier secteur de la ville nouvelle»à Taza », B.O, n°510,1 août 1922, p.1217.

73 SAGHIR (Mabrouk), op. cit., p.534.

74 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.31.

75 ESCHER(A.J), «Le processus de marocanisation foncière des ville coloniale :l’exemple de Taza », Méditerranée, Revue géographique des pays méditerranéens,trimistriel, troisième série, tome59, n°4,1986, p.76. 

76 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.31

77 Archives Nationale de Rabat. Le Maroc en 1932, 20 années du Protectorat français, Afrique du nord illustrée, 14 mai 1932, n°522. p.528.

78 ESCHER(A.J), op.cit., p.76.

79 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.31.

80 Anonyme, «Dans l’ancienne tâche de Taza »,in B.C.A.F, n°9,1927.

81 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.32.

82 LANDAIS(Lt.Colonel),Plan de Taza ;Projet da création et d’extention,Bibliothèque de la Recherche du Musée des Oudaias,Rabat,Avril1920, non paginée.

83 «قرار وزيري في الإذن لبلدية تازة بأن تبيع بطريق المزايدة ست عشرة قطعة أرض معدة للبناء المحتوية على الأرض المجزأة بمعسكر فاي بالمدينة الجديدة»، الجريدة الرسمية، العدد984، 4شتنبر1931،الموافق ل20 ربيع الثاني 1350، ص.1724.

84 Archives Nationale de Rabat, Carton D 665, (Ville de Taza, Services Municipaux), Règlement d’aménagement de la ville nouvelle 

85 DETHIER (Jean), «60 ans d’urbanisme...», op. cit., p.16.

86 «Arrêté viziriel du 2 février 1937(20 kaada1355) déclarant d’utilité publique et urgente l’extension du camp Girardot à Taza, et frappant d’expropriation la parcelle du terrain nécessaire à cette extension», B.O, n°1272,12 mars1937, p.354.

87 أكومي (توفيق)، م.س، ص. 145.

88 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.32.

89 Ibid, p.35.

90 Ibidem.

91 المالكي (عبد الرحمان)، «الهجرة إلى مدينة فاس ومسألة الاندماج الاجتماعي»، عدد خاص 9 عن المدينة المغاربية، مجلة كليةالآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس،1414هـ/1994م، ص.ص.14-15.

92 DETHIER(Jean), «60 ans d’urbanisme…», op.cit., p.24.

93 PROST(Henri), « Le développement de l’urbanisme dans le protectorat du Maroc, 1914 à 1923 », in Royer Jean dir.,l’urbanisme au colonies et dans les pays tropicaux, Communications et rapports du Congrès international de l’urbanisme aux colonies et dans les pays de latitude intertropicale, vol 1,Ed Delayance, Paris,1932, p.24.

94 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.65.

95 LAGARDERE, « Bit Ghoulem », l’avenir de Taza, n°6, première année, 5 novembre 1933.

96 AGOUMY (Ahmed Taoufik), op. cit., p.37.

97 GIRADIERE (M), La lutte contre les bidonvilles, in C.H.E.A.M, juin 1939, p.7.

98 «بناء أحياء جديدة بالرباط لسكنى الأهالي»،جريدة السعادة، العدد4371، 22 غشت 1936.

99 Archives Nationale de Rabat, Carton G 755, P-V de la séance du 21 février 1946 de la Chambre française du commerce et d’industrie de Taza , p.5

100 AGOUMY (Ahmed Taoufik), La croissance …, op. cit., pp.37-38.

101 Archives Nationale de Rabat, Carton G 755,  P-V de la séance du 21 février 1946 de la Chambre française du commerce et d’industrie de Taza, p.5

102 DETHIER (Jean), « 60 ans d’urbanisme…», op. cit., p.29.

103 ECOCHARD(Michel), «Problèmes d’urbanisme au Maroc», in B.E.S.M, vol.15, n°52, 4éme trimistre 1951, p.33

104 Ibid, p.31.

105 «في طريق بناء ألف مسكن في بحر هذه السنة بالإيالة الشريفة» جريدة السعادة، العدد 6705، 12يونيو 1946.

106 المالكي (عبد الرحمن)، سوسيولوجيا التحضر في المغرب، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في علم الإجتماع، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز، فاس، 2004-2005، ص.229.

الصور

من الكاتب

1 Archives Nationale de Rabat.

2 Ibid.

أعداد المجلة