فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
43

السفينة والفنار

العدد 43 - لوحة الغلاف
السفينة والفنار
كاتب من البحرين

قيادة السفن ليلا والاهتداء إلى المراسي الآمنة يعتبر من أدق وأخطر أعمال الملاحة البحرية، لذلك ابتكر الانسان الإشارة الضوئية عن بعد لإرشاد ربابنة السفن إلى الموانئ والمراسي الآمنة لتكون دليلا يهتدى به. وما تزال الإشارات الضوئية تستخدم حتى اليوم في الإرشاد على أرضية المطارات للملاحة الجوية.

ولكي تؤدي هذه الإشارة الضوئية الهدف كان لا بد لضوئها أن يكون قويا دائم السطوع ليصل بيسر إلى أبعد مدى يمكن للعين المجردة أن تراه يلوح على البعد، فقد قام مهندسو المنارات الضوئية التي عرفت باسم الفنار بحمل مصباح الإشارة الضوئية على ما يشبه المنارة من الحجارة المرصوصة بخرسانة قوية السبك وربما مدعمة بأعمدة وأسياخ من الفولاذ، تنشأ على حافة الموانئ أو رؤوس اليابسة الممتدة في عرض البحر لتكون بارزة وواضحة للرؤية.

وكما لعبت السفن دورا مهما في الملاحة البحرية ساعد في التواصل بين البشر وفي ازدهار التبادل الحضاري والتجاري لعبت الفنارات بمختلف أنحاء العالم دورا مهما في دعم ومساندة هذه السفن في الاهتداء إلى مبتغاها بأمان.

ومن أشهر الفنارات بمنطقة الخليج والجزيرة العربية منارة رأس الميل بمنطقة العيجة بمدينة صور العريقة بسلطنة عمان التي توصف بأنها درة الساحل الشرقي للسلطنة، وقد اشتهرت صور قديماً وما تزال بصناعة السفن والصيد والنقل البحري، ولها مع البحر تاريخ حضاري عريق وممتد. وأجمل منطقة بها هي منطقة «العيجة» التي تعتبر منارتها من أقدم المنارات البحرية في السلطنة لإرشاد السفن للرسو.

وتجمع الصورة، على غلافنا الأول لهذا العدد، والمهداة إلينا من مركز عمان للموسيقى التقليدية، منارة رأس الميل وسفينة عمانية يهزج بحارتها بفن «الشوباني» الذي عادة ما يغنى على ظهور السفن المبحرة للترويح. وقد اشتهرت ولاية صور بصناعة السفن بمختلف أحجامها وأغراضها، والسفينة بهذه الصورة من سلالة تلك السفن الشهيرة التي عبرت عرض المحيطات وعلى طول شواطئ الخليج وجنوب أفريقيا وشبه القارة الهندية وآسيا حاملة إسم عمان في عرض البحار والمحيطات. وقد بقيت صور بإنسانها الأصيل على مدى آلاف السنين تعيش على مهاراتها في الإبحار والتجارة وجرأتها في بناء أحواض السفن فيها وأساطيلها الشراعية التي سيطرت على التجارة في مياه الخليج وما ورائها.

أعداد المجلة