فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
44

الفولكلور - وحدة النص وتعدد القراءة (الواحات المصرية - الخارجة جبانة البجوات)

العدد 44 - عادات وتقاليد
الفولكلور - وحدة النص وتعدد القراءة (الواحات المصرية - الخارجة جبانة البجوات)
كاتبة من مصر

تتميز النصوص الفولكلورية بأنها نصوص مرنة ،قابلة لاعادة القراءة، واعادة ترجمة الرموز التى تشير اليها. وهذة المرونة تجعلها تعبر الحدود التاريخية، والجغرافية، والعقائدية. ففي مصر استخدمت المقابر الفرعونية في الواحات الخارجة كملاجئ للمسيحيين الأوائل الذين فروا من الاضطهاد الرومانى في فلسطين فاستقروا في المقابر بعيدا عن السكان الذين كانوا يعتنقون الديانة المصرية القديمة. وظلت المسيحية في بداية نشأتها حتى القرن الخامس الميلادى تعتمد على نصوص العهد القديم مع إعادة تفسير هذه النصوص من وجهة النظر المسيحية وظهر ذلك في مزار الخروج الذى استوحت كل رسوماتة من العهد القديم. وفي القرن الخامس الميلادى اتجه الفن المسيحى الى الرمز واعتمد على الرموز النباتية والحيوانية، والهندسية وظهر ذلك في مزار السلام ،ومزار العنب، وفي الكنيسة البازيليكية.

تقع جبانة البجوات1 في الواحات الخارجة فوق هضبة جبل الطير ففي عهد تحتمس الثالث تم تنظيم الواحات وتقسيمها إلى مجموعتين المجموعة الجنوبية، والمجموعة الشمالية. والمجموعة الجنوبية تضم الخارجة والداخلة. ومن المرجح أن عاصمة الواحات الخارجة كانت على مقربة من معبد هيبس، وأن جبانتها القديمة كانت بالتلال التي توجد بها جبانة البجوات، وظلت هذه الجبانة تستخدم كمقابر بعد انتشار المسيحية في الواحات الخارجة2.

وتضم الجبانة عددا من المزارات من أهمها مزار الخروج، ومزار السلام،والكنيسة البازيليكية، ومزار العنب، وبعض المزارات التي تحتوي على مخربشات ترجع إلى العصر القبطي أو الإسلامي. ويعتبر مزار الخروج من أقدم هذه المزارات، وترجع أهميته إلى أنه يحتوي على تصاوير مسيحية مبكرة، يمكن نسبتها إلى النصف الأول من القرن الرابع الميلادي.

هذه الدراسة تحاول أن تجيب عن التساؤلات التالية:

ما هي الأسباب التي جعلت الفنان يختار معظم مشاهده في مزار الخروج من العهد القديم ولم يعتمد على العهد الجديد؟

كيف استطاع الفنان أن يربط بين هذه القصص ويكون منها موضوعاً عاماً عن الخلاص؟ ومن أين جاء بهذا التصور عن الخلاص أو الخروج.

كيف صور مفهوم السلام في مزار السلام؟

ماهى الرموز القبطية في المزار 25، ومزار العنب، وبعض المزارات الأخرى؟

ماهى ملامح العمارة في الكنيسة القبطية القديمة؟

ماهى العلاقة بين الفن القبطي والفنون الشعبية المصرية؟

ستحاول الدراسة الإجابة على هذه التساؤلات عن طريق التحليل التاريخي للاساطير والرموز، فمن الضروري التركيز على الطابع التاريخي، والطابع الأسطوري للرموز المستخدمة في المزارات .

وتفترض الدراسة أن مفهوم الخلاص، والسلام، والخلود، والكثرة،في رسومات جبانة البجوات القبطية، قد اتخذ شكلاً جديداً، يختلف عما جاء في قصص العهد القديم والجديد ولكنه ارتبط بالفكر المصري القديم وحضارات الشرق الأدنى القديم والثقافة الشعبية المصرية.

 

 

الآثار القبطية

إن عمليات التنقيب عن الآثار القبطية لم تنل الدفع اللازم الا انطلاقا من النصف الثانى للقرن التاسع عشر، عن طريق التنظيم الرسمي لهذه العمليات في مصر، تحت إشراف أغسطس ماريت (1821-1881)الذي أسس متحف بولاق في القاهرة في عام 1861، ومن خلال عمليات التنقيب التي قامت بها متاحف النمسا في سقارة، والصندوق المصري للحفريات في الفيوم، وجامعة ستراسبورج الالمانية في أخميم، وأصدر (ويدا الفيدج بيلر) مجلدين لوصف الكنائس القبطية عام 1884. وتميزت الفترة بين نهاية القرن التاسع عشر وفجر القرن العشرين، بعمليات التنقيب عن الآثار الرومانية والقبطية بصورة منظمة، وتبع ذلك نشر مطبوعات مكرسة للمواقع المسيحية. وتأسست جمعية أصدقاء الفن القبطي على يد (ميريت بطرس غالى) في عام1935 ثُم تسمت باسم (جمعية الآثار القبطية) عام 1938. وتم الكشف الأثري في الواحات الخارجة في البجوات من خلال متحف المتروبوليتان عام31931.

 

 

مصطلح قبطي

زاد استخدام اللغة القبطية في مصر في القرن الثاني الميلادى. وحافظ الأقباط حتى يومنا هذا على استخدام اللغة القبطية في طقوس كنائسهم وإن كانوا يتكلمون العربية.واللغة القبطية هي آخر الصيغ للغة المصرية القديمة التي اتخذت كتابتها أشكالا مختلفة، بدأ من الهيراطيقية وانتهاء بالديموطيقية، وكان كهنة ايزيس آخر من استخدم الخط الديموطيقى في نقوشهم، في جزيرة فيلة سنة 452م. كانت الهيروغليفية تستخدم في الكتابة المقدسة على جدران المعابد، وفي المقابر، وعلى أوراق البردى، مشتملة على علامات مشتقة من كتاب الوتى. وكانت الهيراطيقية الصيغة الأقل رسمية والاكثر تبسيطا، وكان الكهنة يستخدمونها في الوثائق الملكية الرسمية، وإن كانت في أواخر مراحلها اقتصرت تقريبا على الطقوس الدينية. ومع مرور الوقت أصبحت هاتان اللغتان من الصعوبة بمكان بالنسبة للبسطاءالذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن الربط بين صوتياتهما ومخارج الالفاظ، ومن هنا ولدت المرحلة الثالثة الديموطيقية التى كانت أبسط في تصاويرها الكتابية عن سابقيها، وان ظلت عسيرة بالنسبة لتسجيل متطلبات الحياة اليومية. ومع مجيء اليونان ثم دخول المسيحية مصر في عهد الرومان ، لجأ الكتبة المصريون الى استخدام أسلوب جديد لكتابة النصوص المصرية بحروف يونانية ، ولكنهم اكتشفوا أن الأبجدية اليونانية لا تحتوى على بعض اللأصوات المصرية القديمة (حروف الحلق)، فأضافوا اليها سبعة حروف من الخط الديموطيقى4.

وعلى هذا يمكن تعريف اللغة القبطية بأنها آخر مراحل اللغة المصرية القديمة مكتوبة بحروف يونانية مضاف اليها سبعة حروف من الديموطيقية.

 

 

أصول المسيحية المصرية

دخلت المسيحية مصر عن طريق القديس مرقص، وكان قد بشر في قارة افريقيا في المدائن الخمس، حيث كان أكثر المستوطنين من الأفارقة واليهود، ثم قصد مدينة الاسكندرية متخذا طريقا دائريا يمر بالواحات ومدينة بابليون (مصر القديمة).

والرواية تقول: إن القديس مرقص عند دخوله الى الاسكندرية من البوابة الشرقية انقطعت أوصال حذائه، فلجأ الى خراز يهودي لإصلاحه، وعندما أمسك الخراز أداة الخرز لإصلاح الحذاء، اذا بالمخرز يجرح يده فيصيح باليونانية (هيس - هو - نيوس) (واحد هو الله)، ولقد تهلل مرقص عند سماعه هذا الاعتراف ، وبصق على جرج الإسكافي فشفى الجرح، ويصبح هذا الخراز أول من يعتنق المسيحية هو وأهل بيته وجيرانه، ويدعى(أنبا نوس) ويصبح ثاني بطريك لمدينة الاسكندرية.

ويعد إنجيل مرقص أقدم الأناجيل الذي اعتمد عليه كل من القديسيين: متى، ولوقا، ويوحنا. والقديس مرقص هو الأول في قائمة القديسين والشهداء واعتنق المسيحية على يد ابن عمه القديس برنابا، وارتبط بشخص السيد المسيح واختاره واحدا من السبعين المقربين، وكان مثقفا مستنيرا، ونقل أخبارا شفاهية عن السيد المسيح، ويحتوى إنجيله على أحداث شاهدها بعينه، ومن المحتمل أن القديس مرقص قد سجل إنجيله باليونانية وااللاتينية وأيضا باللغة المصرية لخدمة من لايعرفون اليونانية.وتمت كتابة انجيل مرقص في مصر سنة 45م5.

 

 

مزار الخروج(رقم 30)

ويشمل مزار الخروج على المشاهد التالية :حواء وآدم- دنيال في جب الأسود-العبريين الثلاثة في النار- تعذيب أشعيا – قصة يونان والحوت –زواج رفقة من اسحق- أيوب –سوسنة – الراعى- تعذيب القديسة تكلا – العذراوات السبع أمام معبد الرب- حديقة– اضافات متأخرة. وقد كون الفنان من هذه المشاهد مفهوما جديدا عن الخروج يختلف عن معنى خروج العبريين من مصر.

1 - الخلاص كما صوره فنان مزار الخروج:

اختار الفنان الذي رسم التصاوير في مزار الخروج عدة مشاهد من العهد القديم، تصور الخلاص. وجعل موضوعه الرئيسي قصة الخروج، وأضاف مشاهد من أسفار الأوبكريفا6 (الاسفر غير المعترف بها بأنها أسفار مقدسة)، ومن القصص الشعبي المسيحي، وصبغ مشاهده بالطابع المصري، وصاغ مفهوماً عاماً عن الخلاص، يختلف عن المفهوم المذكور في العهد القديم ويبدو كالآتي:

المشهد الأول أسطورة الخروج:

جعل مشاهده الأساسية من قصة الخروج، فقد احتلت قصة الخروج مكانة هامة في الفكر المسيحي حيث أنها ترتبط بخروج السيد المسيح من مصر. فقد جاء في إنجيل متى:

«حينئذ دعا هيرودس المجوس سراً، وتحقق منهم زمان النجم الذي ظهر ثم أرسلهم إلى بيت لحم، وقال اذهبوا وافحصوا بالتدقيق عن الصبي. وبعد ما انصرفوا إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في الحلم قائلاً: قم وخذ الصبي وأمه وأهرب إلى مصر. وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه، فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس، لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني»7.

ويفسر سفر الخروج من وجهة النظر المسيحية كالآتي:

موضوع السفر الرئيسي هو الفداء، ولا يظهر هذا الموضوع في أي سفر من أسفار العهد القديم بوضوح كما يظهر في سفر الخروج، فالرموز العديدة والمتنوعة في هذا السفر تدور حول موضوع الفداء من الدينونة والعالم وقوة الشيطان، والعلاقة مع الله المؤسسة على هذا الفداء.

فخلاص الشعب بواسطة ذبح خروف الفصح8، يرمز إلى السيد المسيح الذي قدم فداء للبشرية. وإنشقاق البحر بعصا موسى، رمز للمسيح الذي ضرب لأجل البشر لإنقاذهم من عبودية الشيطان والعالم، وترنيمة موسى بعد عبور البحر الأحمر، صورة لنصرة المؤمنين بالمسيح ،الذين امتحنوا في إيمانهم عن طريق مياه مارة المرة، التي صارت عذبة، وبمياه ايليم الحية، فهي تعطي مثلاً لاختبار النفس، ثم فرحها في عبور الاختبار، وإعطائهم الخير من السماء، رمزاً للنعمة السماوية في المسيح ،الذي هو خبز الحياة، وضرب موسى الصخرة، وخروج الماء رمز لحضور روح القدس، نتيجة لضرب المسيح لأجل البشرية، والحرب مع عماليق، رمز للشيطان الذي يحاول التسلط على جسد المؤمن الضعيف»9.

وهذا التفسير الرمزي ، يختلف تماماً عن قصة خروج موسى بالعبريين من مصر. فالفكر المسيحي لا يهتم بالأحداث الحرفية للقصة، ولكنه يضفي عليها مفهوماً لاهوتياً، يتفق مع العقيدة المسيحية.

2 - المشهد الثاني أسطورة الراعي:

صور العهد القديم موسى، باعتباره الراعي الأمين للقبائل العبرية، لأنه كان أميناً على غنم يثرون (حما موسى). كما أن الأدب الشعبي المسيحي، صور النبي إليا في الصحراء، مقابل أجون في الحديقة، وقد وصف السيد المسيح بأنه حمل الله، الذي يرفع خطيئة العالم10.

كما صور السيد المسيح بأنه الراعي، الذي يقود القطيع ويحمل الخروف الضائع فوق كتفيه11.

فالصحراء هي المكان الذي يتم فيه الخلاص الروحي للأنبياء، وهي المكان الذي يعبره المؤمن ليتم له الخلاص الروحي.

3 - المشهد الثالث: أسطورة الخلق والطوفان:

قصة الخلق كانت جزءًا من قصة الطوفان البابلية، وهي الملحمة الرئيسية في الإنتاج الأدبي لشعوب بلاد ما بين النهرين، وقد ظهرت في شكلها الكلاسيكي في عصر حمورابي12، عندما كتبت باللغة الآكدية، وهي أقرب إلى الأدب الكهنوتي والفلسفة الدينية. وقد حققت شعراً في ملحمة جلجامش، التي تعد أقدم ملحمة بطولية في العالم، ولكنها في المفهوم المسيحي ترتبط بخطيئة الإنسان الأول، وطرده من الجنة13.

4 - المشهد الرابع: خلاص دنيال ونوح وأيوب:

تروي القصة أن الملك داريوس الفارسي، أراد أن ينصب دانيال حاكماً على المملكة كلها بسبب حكمته، ولكن الوزراء أوقعوا بين الملك ودنيال لأنه كان يعبد إله العبريين. فاضطر الملك لإصدار مرسوماً ملكياً، ينص على أن كل من يطلب طلباً من إله غير آلهة الدولة، يمهل ثلاثين يوماً، ثم يُلقى في جُب الأسود.

ولكن دنيال كان يركع على ركبتيه ثلاث مرات في اليوم، ويصلي ويحمد الله كما كان يفعل من قبل، وعندما أعلم الملك بأمر دنيال، أمر بإلقائه في جب الأسود. فرغم محبة الملك لدنيال، إلا أن شريعة ماداي وفارس تقضي بأن كل أمر أو حكم يصدره الملك لا يتغير.

فجيء بدنيال وألقي به في جُب الأسود، وقال الملك لدنيال: إلهك الذي أنت مواظب على عبادته هو ينقذك، وجيء بحجر فوضع على فم الجُب، وختمه الملك بخاتمه، وخاتم عظمائه لئلا يتغير الرأي في شأن دنيال، ثم مضى الملك إلى قصره وبات ليلته صائماً، ولم تدخل عليه جواريه، ونفر عنه النوم.

وفي الفجر باكراً قام الملك وأسرع إلى جُب الأسود، ولما اقترب من الجُب نادى دنيال بصوت ضعيف وقال له: يا دنيال عبد الله الحي، لعل إلهك الذي أنت مواظب على عبادته قدر أن ينقذك من الأسود. فأجابه دنيال: أيها الملك عشت إلى الأبد، إلهي أرسل ملاكه فسد أفواه الأسود، فما أساءت إليَّ لأنني وجدت بريئاً أمامهم، وأنا أمامك أيضاً أيها الملك ما فعلت سوءاً، فطابت نفس الملك جداً، وأمر بإخراجه من الجُب، فخرج سالماً من كل سوء لأنه آمن بإلهه، وأمر الملك فجيئ بأولئك الرجال الذين وشوا بدنيال، وألقوا في جُب الأسود هم ونساؤهم، فما أن وصلوا إلى أرض الجُب، حتى بطشت بهم الأسود، وسحقت جميع عظامهم14.

والفنان الذي رسم المزار ربط بين خلاص نوح ودنيال وأيوب، فقد جاء في سفر حزقيال:

«يا ابن آدم، إن أخطأت إلى الأرض وخانت، فمددت يدي عليها، وكسرت لها قوام الخير، وأرسلت عليها الجوع وقطعت منها الإنسان والحيوان. وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودنيال وأيوب، فإنهم إنما يخلصون أنفسهم ببرهم يقول السيد الرب»15.

فسفر حزقيال الذي يربط بين هذه الأسماء الثلاثة، له خلفية بابلية، فهو يقول: أن الشخص التقي قد يتعرض للمعاناة، ولكن من المؤكد أنه ينجو في النهاية، فالهدف الرئيسي هو تعلم القوانين الخاصة بالخلاص، وكان بطل الطوفان في الأدب البابلي مثالاً للخلاص، فنوح هو أيوب في الأدب العبري، ودنيال في الأدب البابلي.

5 - المشهد الخامس خلاص العبريين الثلاثة من النار:

وضع الملك نبخذ نصر تمثالاً من ذهب، طوله ستون ذراعاً وعرضه ست أذرع، وأقامه في بقعة «دورا» بإقليم بابل، وأرسل الملك يجمع الولاة،والحكام ،والعظماء، والقضاة، وأمناء الخزينة، وعلماء الشريعة والفقهاء، وسواهم من كبار موظفي الأقاليم، لتدشين التمثال الذي أقامه، فلما اجتمعوا، ووقفوا أمام التمثال، هتف مناد بصوت شديد: «أمرتكم أيها الشعب من كل أمة ولسان بأنكم عندما تسمعون صوت البوق والناي والقيثار والرباب والدف والمزمار وسائر أنواع المعازف تقعون ساجدين لتمثال الذهب الذي أقامه نبخذ نصر الملك، ومن لا يقع ساجداً ففي الحال يلقى في وسط أتون النار».

وتقدم بعض البابليين ووشوا باليهود فقالوا: هناك من اليهود رجال وليتهم على أعمال إقليم بابل، وهم: شدرخ، وميشخ، وعبد نغو، لم يعبدوا آلهتك، ولا سجدوا لتمثال الذهب الذي أقمته.

وتستمر القصة تروي عن رفض العبريين الثلاثة السجود لتمثال الملك، فيأمر الملك بإلقائهم في أتون النار بعد أن تقيد أيديهم وأرجلهم، ولكن ملاك الرب يأتي إلى أتون النار وينقذهم16.

6 - المشهد السادس خلاص يونان (يونس)17 من بطن الحوت:

كانت كلمة الرب إلى يونان بن امتاي: قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة، ونادي بأن أخبار شرورها قد صعدت إليَّ، فقام يونان ولم يصعد إلى نينوى، بل إلى مدينة ترشيش هرباً من وجه الرب. فنزل إلى يافا، فوجد سفينة سائرة إلى ترشيش، فدفع أجرها، ونزل فيها ليذهب مع ملاحيها إلى هناك بعيداً عن وجه الرب.

فحرك الرب ريحاً شديدة على البحر، فثارت زوبعة عظيمة كادت تحطم السفينة. فقال البحارة بعضهم لبعض تعالوا نلقي القرعة لنعلم بسبب من أصابنا هذا الشر، فألقوا القرعة فوقعت على يونان، وعندما عرف الرجال منه أنه هارب من وجه الرب خافوا خوفاً عظيماً، وقالوا له ما هذا الذي فعلت؟ ثم قالوا ماذا نفعل بك حتى يسكن البحر عنا؟ وكان البحر يزداد هياجاً.

فقال لهم أحملوني وألقوا بي إلى البحر فيسكن البحر عنكم، فأنا أعرف أن هذه الزوبعة العظيمة حلت بكم بسببي، ثم حملوا يونان وألقوه إلى البحر، فوقف البحر عن هياجه.

أما الرب فأعد حوتاً عظيماً لابتلاع يونان، فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت قائلاً:

(إليك يا رب صرخت فاستجبت لي في ضيقي، من جوف الموت استغيث، فسمعت يا رب صوتي)18.

فأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر.

7 - المشهد السابع الخلاص والموت على الصليب:

الفنان اختار مشاهد تمثل فكرة الخلاص أو الموت على الصليب، في مشهد تعذيب أشعيا، وفي مشهد تقديم إبراهيم ابنه إسحق ذبيحة للرب. فالتفسير المسيحي للقصة أن الرب أراد أن يجرب إبراهيم لمحبته حيث جاء في الإنجيل: (من أحب ابنا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني)19.

واتخذ إسحق رمزاً للسيد المسيح الذي أطاع حتى الموت على الصليب.

خلاص المرأة

الفنان قدم لنا نماذج مختلفة لخلاص المرأة في الحياة الدنيا وفي الحياة الأبدية، مثل: خلاص رفقة، خلاص سوسنه، خلاص سارة، خلاص تكلا.

1 - خلاص رفقة:

رفقة هي نموذج للزوجة المثالية، فهي نموذج للحشمة والاحترام لأنها أخذت البرقع وغطت وجهها عند لقائها الأول بإسحق، كما نزلت عن دابتها عند لقاء عبد إبراهيم20.

والفنان يصور لنا عبد إبراهيم بجوار بئر الماء، ومشهد لرفقة وهي تملأ الجرار، فبئر الماء من المشاهد المحببة في الأدب الشعبي. والقصة صورت هذا الزواج بين رفقة وإسحق باعتباره عملاً إلهياً لخلاص القبائل العبرية من الإندماج في الأمم الأخرى. والقصة تروي عن خروج رفقة من أور الكلدانية لكي تتزوج من إسحق في أرض كنعان، ثم تخبرنا عن عقم رفقة وخلاصها من العقم، حيث تلد التوأم عسو ويعقوب أي العبريين والكنعانيين، ويتغلب الأصغر على الأكبر عسو أي يتغلب العبري على الكنعاني.

وهذه القصة التي تروى عن الزواج المقدر، يمكن أن نجد لها مثيلاً تحت الموتيف العالمي (AT 930) والقصص التي تروى عن اللقاءات عند بئر الماء يمكن أن نجدها تحت الموتيف العالمي (AT 930F).

2 - خلاص سارة:

ولا ندري هل أراد الفنان سارة أم إسحق التي تصلي من أجل خلاص ابنها، أم سارة التي جاء ذ كرها في سفر طوبيا، وهي المرأة التي تزوجت سبع مرات وفي كل مرة كان العريس يموت ليلة العرس، لأن شيطاناً كان يحبها ولكن خلاصها تم على يد طوبيا الذي شق بطن الحوت وأخذ قلبه وكبده، وأحرق أجزاء منها ليلة العرس ففر الشيطان بعيداً وتم زواج طوبيا من سارة21.

3 - خلاص سوسنة:

كان في بابل رجل اسمه بوياقيم، تزوج من امرأة اسمها سوسنة ابنة حلفيا وكانت جميلة جداً، وتعيش في مخافة الرب، وكان أبواها بارين، فربيا ابنتهما بحسب شريعة موسى، وكان بوياقيم غنياً جداً، وكانت له حديقة جميلة في داره، يجتمع فيها اليهود إليه لأنه كان أوجههم جميعاً. فنصب في تلك السنة شيخين ليقضيا بين الشعب، وهما اللذان قال الرب فيهما (جاء الشر من بابل من شيوخ وقضاة يحسبون مدبري الشعب وهم لا يرونه) وكانا يترددان إلى دار بوياقيم كل صباح لينظرا في الدعاوي، وكانت سوسنة تدخل عند الظهر وتتمشى في الحديقة بعد أن ينصرف الشعب، فكان الشيخان يريانها كل يوم تتمشى ففتنا بها، فأفسدت الشهوة عقليهما وصرفا أعينهما عن السماء، لئلا ينظرا ويتذكرا أحكام الله العادلة.

والقصة تقص عن محاولة الشيخين إغواء سوسنة، ولكنها ترفض غوايتهما، فيدبران لها خطة ويتهمانها بالزنا، ويشهدان عليها بالزور، فحكم على سوسنة بالموت، وفي اللحظة الأخيرة يظهر الشاب دنيال، فيصرخ في الجماعة (إني برئ من دم هذه المرأة) فتعاد المحاكمة ويستجوب كلاً من الشهود على حدة، فيظهر كذبهما ويتم خلاص سوسنة22.

4 - خلاص القديسة تكلا:

القديسة تكلا هي نموذج العذراء مريم، وكانت تلميذة القديس بولس الرسول، ومثالاً للبتولة وللطهارة، ونموذج الجهاد واحتمال الشدائد. كانت مخطوبة لأحد أشراف تلك المدينة، وعندما وصل إليها القديس بولس في أواخر الأربعينيات من القرن الأول الميلادي، سحرها جمال تعاليمه فلزمته ووهبت بتولها للرب، وكان ذلك سبباً في تركها لخطيبها وتركها للزينة، وتمضي القصة تشرح كيف أن تكلا تعرضت لأنواع من العذاب، فأدخلها حاكم المدينة النار، ولكن المطر انهمر غزيراً فانطفأت النار، ويفرج عنها وتهجر مدينتها مصاحبة القديس إلى انطاكيا، وهناك يعجب بجمالها أحد الشباب من وجهاء المدينة، وعندما تعرض عنه يشي بها إلى الحاكم الذي يأمر بطرحها للوحوش، ثلاثة مرات في ثلاث أيام متوالية، ولكن الوحوش لم تقترب منها، وألقيت في جب مليء بالأفاعي السامة فلم تؤذها، فأمر الحاكم بإطلاق سراحها، فتعود إلى أيقونية، وهناك يؤمن على يديها عدد كبير من أهلها.

وتنتهي القصة بأن تصور تكلا عاكفة على حياة التأمل والنسك، وقد وهبها الله موهبة الشفاء، وكان الكثيرون يذهبون إليها طالبين البرء من أمراضهم23.

5 - خلاص العذراوات السبع:

صور الفنان مشهداً لعذراوات سبع يحملن الشموع أمام كنيسة، وقد صور الكنيسة في شكل هرمي وهو رمز الإله رع إله الشمس، كما رسم عليها ثلاث علامات عنخ، وهي العلامة المصرية القديمة التي تدل على الحياة الأبدية، وكررها ثلاث مرات لتدل على الثالوث المقدس (الأب، الابن، الروح القدس) ورسم السبع عذراوات، لأن هذا الرقم يرتبط بالمعتقدات الشعبية المصرية عن قداسة الرقم سبعة24 الذي يرمز إلى السماوات، فهو يمثل إيقاع الحياة، فالأيام مقسمة إلى سبع بعدد دورات الأرض حول القمر. بينما القصة التي جاءت في العهد القديم تذكر خمس عذراوات، والرقم خمسة يرتبط بالمعتقدات المغربية عن قداسة الرقم خمسة ،فهو يمثل عدد أصابع اليد، ويرتبط بالممارسات القديمة عن القسم حيث كان الشاهد يرفع يده عند القسم، لتأكيد الشهادة وقد تحول في المعتقد الشعبي إلى تعويذة تمنع الحسد.

تطور فكرة الخروج:

حاولت كل حضارة أن تحل مشكلتين أساسيتين: المشكلة الأولى هي علاقة الإنسان بالطبيعة، والمشكلة الثانية هي علاقة الإنسان بالمجتمع.

ولتفسير علاقة الإنسان بالطبيعة، اختلفت الحلول من مجتمع إلى آخر. أما المشكلة الثانية التي تدور حول علاقة الفرد بالمجتمع، فكان حلها دائماً أن جماعتي على حق، والآخرين على خطأ.

 

 

الخلاص في مصر القديمة

دارت العقيدة المصرية حول إيجاد حل لمشكلة الموت وكيفية الحصول على الحياة الأبدية، وكانت العقيدة الشمسية في فترة ما قبل الأسرات ترتبط بالشمس وظاهرة الشروق والغروب، فالملك بعد الموت يتحد مع والده الإله رع، أما العقيدة الأوزيرية ارتبطت بتغير الفصول ونماء النباتات في فصل الربيع، وكانت العقيدة الاوزيرية هي العقيدة الشعبية حيث ترى أن الملك يتحد مع الإله أزوريس أما عامة الناس فيذهبون إلى العالم السفلي25.

وفي مرحلة متقدمة من الحضارة اتحدت العقيدة الشمسية بالعقيدة الأوزيرية، وأصبح الملك المتوفي ينتقل من عالم الجبانة إلى عالم السماء، ويقوم برحلته عن طريق مراكب الشمس تحت رعاية الإله أوزير، وقبل أن يصل إلى عالم الخلود والخلاص الأبدي، تتم محاكمته عن طريق وزن قلبه الذي يوضح أعماله الطيبة وأعماله السيئة، فإذا رجحت كفة الخير حصل على الخلود، وأصبح هذا المصير متاحاً لكل البشر إذا تشبهوا بالملك الإله26.

فقد أدت ظاهرة الشروق و الغروب، وفيضان نهر النيل، ونمو النباتات في موسم الحصاد إلى تطور فكرة الخلود لدى المصري القديم.

 

 

الخلاص في العقيدة اليهودية:

ربطت أسفار العهد القديم بين الخروج من مصر والوعد بالأرض، وقد تأكد العهد بين الرب والآباء من خلال سلسلة من الوعود، تبدأ بالعهد بين الرب ونوح، ثم العهد بين الرب وإبراهيم، ثم العهد بين الرب وموسى27.

أما في أسفار الأنبياء فقد ارتبطت فكرة الخلاص بفكرة الخطيئة والحكم، وفي أسفار أشعيا وأرميا بدأت بعض الاتجاهات الأخلاقية نحو العدالة، وارتبط الخلاص بفكرة المسيح المخلص وظهوره وتجديد العهد28.

ولكن بعض الفرق اليهودية عارضت هذه الاتجاهات الأخلاقية، وجعلت الخلاص خاصا باليهود دون سائر البشر مثل فرقة الفريسيين29.

وتناولت أسفار العهد القديم كل قصة من القصص في صورة مسلسل تاريخي كامل الأجزاء مترامي الأحداث كما تفعل كتب التاريخ، ففكرة التاريخ في العهد القديم لا تتضمن فقط معالجة الأحداث والشخصيات على حدة، بل تشمل نظرة شاملة إلى كل تاريخ الأمة ومكانتها في التاريخ العام30، وتصور النجاة من مصر باعتبارها العمل الإلهي الحاسم الذي تكونت به الأمة، وهو عمل أساسى يميز العهد القديم ككل ويقدم لنا صورة مختصرة عن هذا التاريخ في العبارة التالية.

«كان أبي أراميا متجولاً وقد توجه إلى مصر وأقام هناك وهناك أصبح أمة عظيمة وقوية وكثيرة العدد. فأخرجنا «يهوه» من مصر بيد قوية جبارة» (التثنية 26:10).

 

 

الخلاص في العقيدة المسيحية:

1 - في فلسطين:

ظهرت الديانة المسيحية كحركة إصلاح للديانة اليهودية، وقدم العهد الجديد باعتباره امتدادا للعهد القديم، ولكن القديس بولس أوضح أن الصلب قد أظهر رسالة جديدة هي أن اليهود بقتلهم للسيد المسيح قد فصلوا عن العهد الجديد31.

2 - في مصر:

اندمجت المسيحية في مصر بالمعتقدات المصرية عن البعث والخلود في الآخرة، وتحولت إيزيس وابنها حورس إلى رمز للرحمة واندمجت في التصورات عن السيدة العذراء وابنها السيد المسيح.

وتحول مفتاح الحياة (علامة عنخ) المصرية، إلى الصليب الذي تحول إلى رمز للخلاص الذي قدمه السيد المسيح للبشرية عندما صلب حسب العقيدة المسيحية.

كما اندمجت المعتقدات المسيحية بالأفكار الفلسفية، التي نشأت في مدرسة الإسكندرية وخاصة الاتجاهات النسكية التي ترى أن المادة شر وضرورة التخلص من أدناس الجسد، فالارثوذكسية المبكرة ترى أن المسيح هو الصلة بين الإنسان والله، ورأى الرهبان أن الخلاص يتم بالابتعاد عن مباهج الحياة والاعتزال في الصحراء32.

وكانت الواحات الخارجة مفراً للمسيحيين الذين هربوا من الاضطهاد الروماني، وقد حولوا بعض المزارات إلى كنائس، ورسموا على جدرانها قصصا تساعد في شرح تعاليم الديانة المسيحية.

3 - تقاليد الفن القبطي:

تأثر الفن القبطي بمؤثرات عديدة، فقد نقل كل تقاليد الفن المصري القديم، وتأثر بالفن الإغريقي، وانتقلت تقاليد الرسم بالفرسكو من الإسكندرية إلى سائر أنحاء العالم المسيحي.

4 - موضوعات الرسم:

في بداية انتشار المسيحية في مصر، اعتمدت موضوعات الرسم القبطي على موضوعات مستمدة من قصص العهد القديمة مثل:

قصة آدم وحواء والخطيئة الأولى للبشر.

قتل هابيل كرمز للخطيئة.

أيوب وعذابه الذي أصبح رمزاً للمسيح.

نوح وسفينته التي تحولت إلى رمز للكنيسة التي تنجي المؤمنين.

شمشون الذي يهزم الأسد.

موت ابشالوم.

صراع يعقوب مع الملاك الذي يرمز إلى صراع الإنسان ضد الشيطان.

فداء إسحق الذي أصبح يرمز إلى تجرد إبراهيم في حب الله وإسحق الذي يرمز إلى السيد المسيح الذي قدم نفسه على الصليب فداء للبشرية.

تجول اليا في الصحراء مقابل أجون في الحديقة.

دنيال والعبريين الثلاثة في النار.

رفقة بجوار بئر الماء.

حزقيال في المركبة أو مركبتان يرمزان للعهد القديم والعهد الجديد.

استير التي أصبحت رمزاً للعذراء مريم.

قصة جدعون.

قصة شلوميت مع عبارات من نشيد الإنشاد.

وفي القرن الثاني الميلادي أضيفت مناظر من كتاب (ابن سيرا) الذي يشرح سفر التكوين، ودخلت بعض الموضوعات من المشنا، وبدأت تظهر بعض التأثيرات من الفن الهيليني.

 

 

أسباب شعبية قصة الخروج

تتميز قصة الخروج بطابع أسطوري، ويمكن مقارنة القصة بالقصص المصري القديم الذي جاء في بردية وستكار، وهي ترجع إلى عصر الهكسوس، وقصة الملاح الغريق التي ترجع إلى زمن الدولة الوسطى، كما يمكن مقارنة القصة بالأدب البابلي وأسطورة سرجون الاكاري التي ترجع إلى 250 ق. م33، وبعد عودة اليهود من السبي البابلي (444 ق.م) بدأ شرح نصوص العهد القديم باللغة الآرمية، وكانت نتيجة هذه الشروح أن ظهرت «المشنا» و«التلمود»، وقد اعتمدت هذه الشروح على الأساطير والقصص الشعبي، وظلت هذه الروايات تتداول لسنوات طويلة شفاهياً، قبل تدوينها على يد «يهوذا هنسي»، واختلفت الروايات عن القصص المدونة في العهد القديم، وانتشرت انتشاراً واسعاً خاصة أنها كانت تستخدم في الوعظ بين الطبقات غير المتعلمة.

وقد انتقلت هذه الروايات الشعبية إلى العالم المسيحي واستخدمت في التبشير واندمجت في روايات أخرى من آداب الشعوب، وخاصة الأدب الإغريقي وطبعت بطابع مسيحي يتفق مع الديانة الجديدة34.

 

 

مزار السلام (رقم 80) (المقبرة البيزنطية) :

ترجع المقبرة الى القرن الخامس الميلادى وهي تشتمل على نفس مشاهد مزار الخروج مع بعض الإضافات التي تؤكد مفهوم السلام فقد اشتملت على المشاهد التالية:

أدم وحواء-قصة تضحية ابراهيم بوحيدة – دنيال في جب الاسود – رمز العدالة – رمزالصلاة- يعقوب - سفينة نوح - شكل البشارة-القديسة تكلا مع القديس بولا وهي من اهم الموضوعات المصرية- بالإضافةالى شكل الدوائر، افرع الكروم ،عناقيد العنب،الزهرات رباعية البتلات، كتبت أسماء الشخصيات باللغة القبطية.

العديد من المخربشات القبطية والإسلامية تركها الزوار بالقبطية والعربية.

والفنان الذى قام بالرسم يتميز بقدر عال من المهارة على خلاف الرسام في مزار الخروج،وقد استخدم الألوان بمهارة فائقة والطراز بيزنطي وكذلك الملابس. واستخدم الألوان: الأحمر - الأخضر - الرمادى - الأبيض.

رمز السلام: لقد استخدم الفنان المشاهد لكي يكون مفهوما عاما عن السلام فقد استخدم عدة رموز من العهدين القديم والجديد والثقافة المصرية القديمة واليونانية كالتالي:

رمزالسلام (ارينا): على شكل إنسان يرتدى الزي المصري القديم وفي يده اليمنى مفتاح الحياة، وفي يده اليسرى سهم، وحوله مجموعة من الزهور ذات البتلات الأربعة.

رمز العدالة: على هيئة امرأة ترتدي ثوبا أرجوانيا بدون أكمام يصل الى كعبيها، وترتدي عباءة رمادية، والمرأة شعرها أشقر مجعد، وفوق رأسها خمار أبيض، وتمسك بميزان في يدها اليمنى، وثمار وزهور في اليد اليسرى، ويظهر النبي دنيال وشجرة محملة بالثمار.

رمز الصلاة: عبارة عن امرأة ملتفة بالثياب وترفع كلتا يديها مصلية وترتدي زيا أبيض.

يعقوب صور بجوار رمز العدالة وسفينة نوح، وهو يرتدي زيا رماديا فوقه عباءة بيضاء.

رمز البشارة: على شكل السيدة العذراء واقفة تصلي، بينما تقبل الحمامة طائرة لتعلمها بالبشارة. وهي ترتدي ثوبا قصيرا أرجوانيا به زخرفة باللون الأخضر، وشعرها أشقر مموج.

1 - القديسة تكلا والقديس بولا :

يجلسان متقابلين على كرسيين ليس لهما مساند ظهر وذات أرجل متقاطعة. يرتدى القديس بولا ثوبا لونه أبيض ويضع شالا على رأسه ويمسك بيده اليمنى قلما وفي يده اليسرى محبرة، ويحاول الكتابة في كتاب تمسك به القديسة تكلا، وهي ترتدي ثوبا أخضر اللون، وشعرها أشقر مجعد.

 

 

مزارات أخرى (رقم 25، 210)

1 - المزار رقم 25:

يشتمل المزار تحت القبة زخارف ملونة على شكل قشور السمك في شكل مثلث باللون الأحمر والسمك يرمز للكثرة .وفي الزوايا الأربعة رسم مثلث بداخل كل مثلث طائر العنقاء المصري الذي يرمز للخلود والأبدية.فالرقم أربعة رمز مسيحي يرمز للصليب ،وفي مصر القديمة يرمز لجهات العالم الأربعة.

2 - المزار 210 :

يسمى مزار العنب :وهو مزين بعناقيد العنب وأوراقه وثماره ،ملونة باللون الأحمر .وهي رمز لاستشهاد السيد المسيح.

3 - الكنيسة البازيليكية (رقم 180)

تقع في وسط الجبانة، مكونة من ثلاثة أروقة وبعض جدرانها ترتفع أكثر من ستة أمتار، المدخل في الركن الجنوبي الغربي، يؤدي الى ممر صغير به شرفة تواجه المدخل وفي وسطها حنية، وفي الجانب الأيمن صالة الكنيسة، والأقسام الثلاثة للكنيسة يفصلها صفوف من الأعمدة يتكون كل صف من خمسة أعمدة، وهناك بقايا سقف في الأجزاء الشرقية على شكل قباب وأنصاف قباب، الأجزاء الأخرى سقف مسطح.لا توجد شرفات في الجدار الشرقي، ربما كانت هناك حواجز من الخشب، في الجدار الشرقي للرواق الأوسط ثلاث حنيات ذات شكل بيضاوي في أعلاها، وثلاث حنيات صغيرة ربما كانت تستخدم في حفظ الأواني المقدسة، وأشياء أخرى تستخدم في الخدمة. وقد كسي البناء من الداخل والخارج بالملاط الأبيض.

 

 

الخلاصة

لعبت الموتيفات المستوحاة من العهد القديم دورا كبيرا في الفن المسيحي حتى القرن الرابع الميلادي.وقد لقيت أساطير العهد القديم شعبية واسعة بين البسطاء بسبب ارتباط هذه الأساطير بالثقافة الشرقية، فقد شاعت الأساطير البابلية والكنعانية والمصرية في كل من مصر وبابل وفلسطين بسبب الصـلات السيـاسـية والتجـاريـة بين بلاد الشرق الأدنى القديم.

الفنان الذي قام بالتصوير في مزار الخروج كان أقرب الى الفنان الشعبي البسيط فكان يفتقد الى المهارة والحرفية، إلا أنة قدم مفهوما عاما عن الخروج اعتمد فيه على مخزونه الشعبي من الثقافة المصرية وثقافات الشرق القديم التي عرفها من الروايات الشفهية .

في القرن الخامس الميلادي تأثر الفن المسيحي بالثقافة اليونانية التي امتزجت بالمفاهيم المصرية، وأصبح الفنان أميل الى تصوير الرموز المجردة من: النبات، والطيور، كما استخدم ألوانا محددة لكي تعبرعن الأفكار المسيحية التي أصبحت مفاهيم متعارف عليها، وأصبح الفنان أكثر مهارة وأتقن فنون الزخرفة والتصوير، ولكنة احتفظ بأساليب الفن الشعبي فحافظ على الموضوعات الأساسية ،وعلى عادة كتابة أسماء الشخصيات باللغة القبطية، وأصبح مفهوم السلام والعدالة رموزا واضحة أضيفت الى المفاهيم القديمة عن الخلاص والخلود.

تعد عمارة البجوات نموذجا للعمارة التقليدية في مصر.

 

الهوامش

1 - البجوات : تعني القبوات لأن القاف قلبت ياء في النطق المحلي، والقبوات نسبة إلى القباب التي يبنى بها السقف.

2 - أحمد فخري: الصحراء المصرية. جبانة البجوات في الواحات الخارجة. ترجمة عبد الرحمن عبد التواب. وزارة الثقافة، هيئة الآثار، القاهرة 1989. ص 18.

3 - الكتاب التذكارى لمعرض أقيم فى معهد العالم العربى فى باريس:الفن القبطى فى مصى فى 2000عاممن المسيحية .الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2008 .صص19-22 .

4 - عزيزسوريال عطية:تاريخ المسيحية الشرقية،ترجمة اسحاق عبيد ،المجلس الاعلى للثقافة ،2005 ص21 .

5 - المرجع السابق ص33-34

6 - الاوبكرفا ؛هى الأسفار التى ضمت الى الترجمة اليونانية للعهد القديم ولم يعترف بها اليهود وتشمل الأسفار الآتية :طوبيا ،يهوديت ،أستير يونانى،الحكمة،يةشع بن سيراخ،بارك،رسالة أرميا،(دنيال يونانى)الذى يحتوى نشيد الفتيات الثلاثة،سوسنة،بال والتنين،،سفر المكابيين الأول والثانى.راجع الكتاب المقدس ،دار الكتاب المقدس،الكتاب اليونانى من الترجمةالسبعينية،لبنان 1998.

7 - متى 2 : 7 – 15

8 - القربان: يقدم في الكنيسة يوم الأحد وفي القدسات وهو نوع من الخبر عليه علامة الصليب، والخروم التي ترمز إلى المسامير التي وضعت في جسد السيد المسيح عندما صلب. وهذا الخبز يرمز إلى جسد السيد المسيح.

9 - منى بهنام: مفتاح كنز الأسفار الإلهية. مكتبة الأخوة بالقاهرة. طبعة ثانية منقحة. 1967، المجلد الأول ص 43.

10 - يوحنا: 1 : 29

11 - لوقا 15 : 4 – 7

12 - حمورابي : كان الملك السادس لأسرة (سامو ـ آبي) حوالي القرن 23 ق.م. ومن المحتمل أنه اعتلى العرش حوالي عام 2285 ق.م. وحرر بابل من عبودية عيلام ووحد شمال وجنوب العراق. وتنسب إليه أقدم مجموعة من القوانين في القرن 26 ق.م. وذكر في التوراة باسم امرافيل. وبعض الآراء ترجح أنه من أصول عربية في كنعان.

13 - مجموعة من العلماء: خلق الإنسان والعالم في نصوص من الشرق الأدنى القديم، نقله إلى العربية الأب سليم دكانس اليسوعي. دار المشرق. بيروت 1999، الطبعة الأولى ص 45 – 48.

14 - يؤكد بعض الدارسين أن الأجزاء العبرية في سفر دنيال نسخت من الآرامية وكان سفر دنيال وسفر عزرا في البداية سفر واحد.

* راجع كتاب : زالمان شازار: تاريخ نقد العهد القديم من أقدم العصور حتى العصر الحديث. ترجمة أحمد محمد هويدي. المجلس الأعلى للثقاقة، القاهرة، 2000، ص 100.

15 - دانيال 6 : 2 – 25.

16 - حزقيال 14 : 14.

17 - دنيال 2 ، 3.

18 - (يونس) ذكر في القرآن الكريم باسم (ذو النون) صاحب الحوت، سورة الأنبياء الآية 87.

19 - يونان : 1 ، 2

20 - متى: 10 : 37.

21 - نيافة الانبا يوآنس: يافات عطرة من سير الأبرار والقديسين (بدون بيانات نشر)، ص 40.

22 - طوبيا 3 - 8 .

23 - دنيال يوناني. 13.

24 - نيافة الانبا يوآتس: ص 89.

25 - في مصر تنتشر العديد من المعتقدات عن مواقع مقدسة تخص سبع بنات ففي المنيا في البهنسا يوجد مكان مقدس تدور حوله قصص عن استشهاد (سبع فتيات) عند الفتح الإسلامي. وفي محافظة المنوفية في قرية الشيخ صالح مركز الشهداء يوجد مكان مقدس وسط الأرض الزراعية تدور حوله قصص عن استشهاد سبع فتيات. وفي القاهرة يوجد جامع في منطقة العطارين يسمى جامع السبع بنات.

26 - سليم حسن: موسوعة مصر القديمة. الهيئة العامة، للكتاب القاهرة، 2000، الجزء السابع، ص 106.

27 - جيمس هنري برستد: فجر الصمير. ترجمة سليم حسن. الهيئة العامة للكتاب القاهرة، 1999، ص 376.

28 - روبرت سميث: محاضرات في ديانة الساميين، ترجمة عبد الوهاب علوب، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 1997. ص 42 ـ 43.

29 - اشعيا 53 : 4 – 28 زكريا 9 : 9 -11 ، ارميا 31 : 31 – 34 .

30 - فرقة الفريسيين : ظهرت في القرنين السابقين لميلاد السيد المسيح ونشأت الخلافات بينها في العقيدة. ففرقة الفريسيين يعتقدون بالعهد القديم والتلمود بخلاف فرقة الصدوقيين، راجع علي عبد الواحد وافي، اليهود واليهودية.

31 - Ronald . H. Bain ton. The idea of the history in the Ancient Near East. Oxford u. Press 1955 . p 45.

32 - إيرس حبيب المصري: قصة الكنيسة القبطية وهي تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التي أسسها مارمرقس البشير. مكتبة المحبة القاهرة، الجزء الأول، ص 30، راجع: صبري أبو الخير سليم: تاريخ مصر في العصر البيزنطي، دار عين للدراسات والبحوث الاجتماعية، القاهرة، 1997، ص 62.

33 - Gabriel Siren, Salon. M Paul. The Bible and Civilization . kilter Publishing. 1973. p. 339.

34 - مقال فؤاد جميل: الطوفان في المصادر السومرية والبابلية والعبرية والأشورية. مجلة سومر مجلة تبحث في آثار العراق وتاريخه. إصدار مديرية الآثار وزارة الإعلام بالعراق. بأعداد 1972. الجزء الأول والثاني المجلد الثامن والعشرون.

الصور

* الصور من الكاتبة .

1 - https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%AA

2 - https://i2.wp.com/www.bawabetelmadar.com/wp-content/uploads/2017/09/1011073_611697318885008_7968119_n.jpg?zoom=2&resize=780%2C4053 - http://www.alkhaleej.ae/file/GetImageCustom/e5a3ab3e-3ee5-4833-86c8-7d7be2dba07d/460/355

أعداد المجلة