فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
45

صورة المسلم في الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية الإسبانية

العدد 45 - أدب شعبي
صورة المسلم في الأمثال الشعبية  والتعبيرات الاصطلاحية الإسبانية
كاتب من مصر

تسعى هذه الدراسة إلى تحليل صورة المسلم والعربي في الوعي الشعبي الإسباني من خلال تقصي الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية الإسبانية المتضمنة لكلمة «مورو» (Moro) دراسة قائمة على علم اللغة الإدراكي؛ وذلك بهدف الكشف عن الآراء الشعبية المسبقة التي يتشاركها أبناء المجتمع اللغوي الإسباني حول الشعوب العربية والإسلامية. ولتحقيق هذا الغرض فسوف نستخرج من المعاجم الإسبانية الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية التي يظهر فيها مصطلح «مورو»، وهو المصطلح المستخدم في التراث الشعبي الإسباني –حتى الوقت الراهن- للتعبير عن مسلمي شبه الجزيرة الأيبيرية، وهو المعنى الذي قد يضيق أو يتسع أحيانا ليشمل أعراقا أخرى ذات صلة.

وانطلاقا من مبادئ علم اللغة الإدراكي، نشير إلى أننا لا نستهدف تحليل المعنى العام للأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية محل الدراسة، وإنما استخلاص الانطباع الذي تتركه صورة المسلم في هذه الوحدات اللغوية، آخذين في الاعتبار أن كلا من المعنى العام للمثل والصورة المتخيلة للمسلم قد يتفقان أو يختلفان من حيث المعنى الإيجابي أو السلبي الذي يقدمانه. فمن الأمثلة التي تظهر اتفاق معنى المثل الشعبي مع الصورة المتخيلة للمسلم قولهم «مثل موروس1 بلا سيد»، فهذا التشبيه ينطوي على معنى سلبي عام، إذ يعبر عن الفوضى، كما أنه يقدم صورة سلبية للمسلم الذي يصعب قياده أو السيطرة عليه. وكمثال على اختلاف المعنى العام للمثل وصورة المسلم في المتخيل الشعبي الإسباني نشير إلى قولهم «لا يوجد موروس على الشاطئ»، الذي وإن ترك معناه العام في السامع إحساسا إيجابيا بالطمأنينة، إلا أنه يجعل من المسلم تجسيدا للخطر والعداء. تحديد مصطلح «مورو» في اللغة الإسبانية

يرجع أصل مصطلح «مورو» إلى كلمة (maurus) اللاتينية، التي كانت تشير إلى أحد سكان محافظة موريتانيا التابعة للدولة الرومانية القديمة. ومن ثم فقد كانت تُستخدم كمرادف لكلمة موريتاني. بالفعل، فما زال من بين المعاني المعاصرة التي يقدمها معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة لكلمة (moro) المعنى التالي: شخص أو شيء ينتمي أو يتصل بشمال إفريقيا المتاخمة لإسبانيا2. ولهذا السبب تحديدا فقد أطلق شكسبير على شخصيته «عطيل» اسم «مورو البندقية» لأنه كان من أصل يعود إلى جنوب الصحراء الكبرى.

ومع اعتناق الموريتانيين الإسلام، وانضمامهم إلى الجيش الإسلامي الذي فتح إسبانيا عام 711م، أخذ مصطلح «مورو» يكتسب معنى جديدا في الثقافة الإسبانية، فقد أصبح يُستخدم للدلالة على جميع الفاتحين المسلمين، سواء أكانوا موريتانيين أم بربرا أم عربا. ومن هنا فإن معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة يذكر أن كلمة «مورو» تعني أيضا: شخص مسلم سكن إسبانيا منذ القرن الثامن حتى الخامس عشر الميلادي.

ثم في مرحلة تالية اتسعت دلالة لفظ «مورو» ليشمل كل عربي أو مسلم، دون تمييز ديني أو عرقي أو ثقافي واضح. وبالفعل فإن أعمَّ معنى ذكره معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة لكلمة «مورو» هو: شخص يدين بالإسلام. ومن هذا المنطلق أطلق على الإسبان الذين اعتنقوا الإسلام خلال العصور الوسطى اسم «موروس» أيضا، ثم أُطلق عليهم بعد سقوط غرناطة عام 1492م اسم «الموريسكيون».

تجدر الإشارة إلى أن لفظ «مورو» في اللغة الإسبانية لا يحمل في ذاته أي معنى تحقيري، إذ يستخدم كذلك كصفة محايدة، ومن ذلك «بومة مورو» و»سلحفاة مورو» و»سلطعون مورو» و»عشب مورو»، وهي تعبيرات محايدة تشير إلى اللون الأسود كسمة مميزة لهذه الكائنات دون وجود أي نية للإهانة، بل إن لفظ «مورو» قد يستخدم أيضا للتعبير عن قيمة إيجابية، هي الجمال، فيقولون «عيون مورو» لوصف العيون السوداء الجميلة. بالرغم من ذلك، فإن كلمة «مورو» تستخدم عادة في التراث الإسباني مقرونة بنبرة ازدراء ومحمَّلة بدلالات سلبية لتشير إلى أي عربي أو مسلم؛ وذلك بسبب سوء النية الذي يلازم استخدامها، فضلا عما تحمله من زخم كبير من الصراع التاريخي بين المسلمين والمسيحيين في شبه الجزيرة الأيبيرية.

الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية

الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية هي وحدات معجمية تتألَّف عادة من مجموعة من الكلمات الثابتة، التي تحمل معنى خاصا، وتشكل جزءا مهما من مفردات أي لغة. واللغة الإسبانية لغة ثرية بهذه التراكيب الجاهزة، ثراء ربما لا مثيل له في كثير من الثقافات الأخرى. فمنذ البدء في وضع كتب لجمع الأمثال الشعبية الإسبانية في القرن الرابع عشر وما زال الاهتمام بهذه الصيغ متَّقدا إلى يومنا هذا. وفي هذا السياق، وبعبارات ربما لا تخلو من المبالغة، يقول ميجيل مير (Miguel Mir): «إنه لمن المعلوم والمعترف به لدى الجميع أنَّه لا توجد لغة حديثة يمكن أن تُقارن بلغتنا [الإسبانيَّة] فيما يتعلَّق بالأمثال، كما أنَّه لا يوجد أدب من بين الآداب العالميَّة يضاهي أدبنا [الإسباني] في عدد الأعمال الأدبية التي جمعت هذه الأمثال وعلَّقت عليها وأبانت معناها»3. كما يؤكد رودريجيث مارين (Rodríguez Marín) في السياق ذاته أن: «الأمثال الشعبية الإسبانيَّة بغزارتها الشديدة ليس لها مثيل في العالم كلِّه. إن إسبانيا من بين جميع دول العالم لهي أرض الأمثال دون منازع»4.

ويعبر أصل الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية عن دلالات تاريخية ذات إيحاءات أدبية نمطية في مخيلة الشعوب، إلا أنها تستخدم بعد ذلك دون أن يكون لها علاقة بأصل نشأتها. وتُظهر هذه التراكيب كيف تفكر الشعوب وترى الأشياء وتعبر عن مبادئها الأخلاقية والعملية، فهي صورة معبرة عن حكمة الشعوب وتصوير صادق لمخيلتها.

وعن تحديد مفهوم «المثل» في الثقافة الإسبانية، نجد أبسط تعريفاته في معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة على النحو التالي: «قول حادُّ المعنى يحمل حُكمًا ويتَّصف بالشيوع». ومن بين أهمِّ التعريفات التي وضعها المتخصِّصون في مجال الأمثال الشعبيَّة الإسبانيَّة نشير إلى تعريف كاساريس (Casares) الذي عرَّف المَثل بقوله: «المَثل جملة مكتملة المعنى ومستقلة، تعبِّر تعبيرًا مُباشرًا أو مجازيًّا، عن فكر أو خبرة إنسانيَّة أو نصيحة أو تحذير، بطريقة تنمُّ عن إصدار حكم وبشكل يربط بين فكرتين على الأقل»5. أمَّا المُتخصِّص في الدراسات الشعبيَّة رودريجيث مارين (Rodríguez Marín) فيعرِّف المَثل على النحو التالي: «قول شعبي موجز، يُصدر حُكمًا، ويعبِّر عن حقيقة مثبتة، وبصفة عامَّة له دلالة رمزيَّة وإيقاع شعري، ويحوي قاعدة من قواعد السلوك أو أيَّ تعاليم أخرى»6.

في المقابل، فإن التعبير الاصطلاحي لا ينطوي على أي تعاليم. ويعرفه معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة على أنه مجموعة من الكلمات الثابتة، لها معنى مجازي، واستخدام شائع، ولا تحوي حُكما، مثل «كخاتم في أصبعه».

وخلاصة القول أن المقصود بالأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية التي عنونا لها هذا الدراسة هو جميع التراكيب اللغوية الجاهزة مجهولة المصدر، والتي تستخدمها الشعوب في المواقف الحياتية المختلفة بما يعبر عن شخصيتها الشعبية وحياتها وطريقة تفكيرها وإحساسها ورؤيتها للواقع وفلسفتها في الحياة.

الأفكار النمطية في الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية

تعبر الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية عن صور وأفكار نمطية لدى الشعوب، يستدعيها أفراد المجتمع اللغوي الواحد في مخيلته استدعاء متكررا كلما اقتضى المقام ذلك. ويعرف معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة «الفكرة النمطية» بأنها «صورة أو فكرة ثابتة، يقبلها أحد المجتمعات قبولا عاما». فالفكرة النمطية نوع من الخطاب المجازي الشائع الذي له دلالات خاصة تعكس فكرة أو شعور مسبق حول موضوع ما أو فئة مجتمعية أو شعب من الشعوب، دون أي تدخل من جانب مرسل الرسالة، والذي يلقى رواجا في عصر من العصور لقدرته على تشكيل تصورات مشتركة وليدة التراث الثقافي الشعبي لمجتمع ما.

ومن هنا فإن الأفكار النمطية هي آراء وعقائد شعبية لا تخضع –في كثير من الأحيان- للتأمل، حيث تحدد الطريقة التي يرى بها فرد أو مجموعة من الناس أو فئة مجتمعية ما العالم، ويفهمه، ويدركه إدراكا يبسط الواقع. ولعل الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية واحدة من أهم القنوات التي تنتقل بها هذه الصور النمطية ويحفظ لها بقاءها وتوارثها من عصر إلى عصر ومن جيل إلى جيل.

صورة الآخر في الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية

تعكس الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية عادة صورة سلبية للآخر. ففي دراسة حول صورة الآخر في التراكيب الاصطلاحية في اللغة البولندية، أجرتها الباحثة بايجينسكا (Pajdzińska) عام 2007م7، أظهرت من خلالها أن كل ما يرتبط بالآخر أو يعود عليه يكتسب تلقائيا دلالة سلبية. وقد أثبتت الباحثة هذه الفرضية عبر دراسة العديد من الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية البولندية التي ورد فيها ذكر أحد الشعوب المغايرة للشعب البولندي، مثل النمساويين والصينيين والفرنسيين والألمان واليونانيين والروس والأتراك والإنجليز والعرب. وتعتقد الباحثة أن هذا الأمر له ما يبرره من الناحية النفسية؛ فكل شعب يقرن الآخر بالمجهول، ومن ثم بالخطر المحدق به.

ويرى الباحث الإسباني جوتيريث روبيو (Gutiérrez Rubio) أن صورة الآخر ليست واحدة في جميع الأحوال، فالصورة التي تتشكل في المخيلة الشعبية حول كل أمة تختلف وفقا لمجموعة من العوامل، من أهمها البعد الجغرافي، والعلاقات التاريخية والثقافية التي تربط بين البلدين على مر العصور وحتى الوقت الراهن. ويصنف الكاتب العلاقة التي تربط الشعب الإسباني بالشعوب الأخرى إلى خمسة مستويات إدراكية، على النحو التالي:

المستوى صفر، وهو مستوى «الأنا».

المستوى الأول، وهو مستوى التعايش.

المستوى الثاني، وهو مستوى الجيرة.

المستوى الثالث، وهو مستوى البعد.

المستوى الرابع، وهو مستوى الغرائبية.

جدير بالذكر أن الباحث الإسباني يضع الشعب العربي في المستوى الأول داخل مخيلة الشعب الإسباني؛ أي بعد «الأنا» مباشرة، وذلك بفضل علاقة التعايش التاريخية التي جمعت بين الثقافتين على أرض الأندلس على مدار ثمانية قرون.

العناصر الإدراكية المرتبطة بـالمورو في الأمثال الشعبية والتعبيرات الاصطلاحية الإسبانية

لا يوجد مثل شعبي أو تعبير اصطلاحي في اللغة الإسبانية يلخص التصور الإدراكي للمسلمين والعرب كاملا في المخيلة الشعبية الإسبانية، فكل وحدة من الوحدات اللغوية التي تتضمن كلمة «مورو» تشير إلى فكرة نمطية أو فكرتين على الأكثر، وليس جميع الخصائص المرتبطة بالمسلم أو العربي. وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى كلمات الباحث جوتيريث روبيو9 التي يحدد من خلالها كيفية التعرف على العنصر الإدراكي لمظهر دلالي ما في التراكيب التعبيرية، حيث يقول: «العنصر الإدراكي هو ذلك العنصر الذي يشكل تصورنا للمفاهيم، وهو التصور الذي يتمحور حوله اهتمام المتحدث في اللحظة التي يستخدم فيها وحدة تعبيرية معينة».

وسوف نحاول في السطور التالية تحديد المظاهر التي تتمركز حولها صورة المسلم والعربي في المخيلة الشعبية الإسبانية عند استخدام كل مثل أو تعبير اصطلاحي إسباني يحتوي على كلمة «مورو». ولتحقيق هذا الهدف فسوف نعتمد على المعنى الحالي للتركيب الاصطلاحي من ناحية، وفكرة نشأته من ناحية أخرى. ويمكن تقسيم القيم والخصائص التي تعبر عنها هذه التراكيب إلى الأنواع الثلاثة التالية:

1) أمثال شعبية وتعبيرات اصطلاحية ذات قيمة إيجابية:

جدير بالثقة: (Moro de paz) – «مورو مسالم»:

يحتوي معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة على تعريفين للتعبير الاصطلاحي «مورو مسالم»، أما أولهما فهو «مغربي كان يعمل وسيطا للتعامل بين الإسبان والعرب في السجون الإسبانية في إفريقيا، وكان يعيش في المستعمرات الإفريقية التابعة لإسبانيا ويدفع ضرائب لدولة إسبانيا». وأما المعنى الثاني فهو «شخص مسالم لا يُخشى جانبه ولا يُرتاب فيه». فهو تعبير اصطلاحي يشير إلى شخص جدير بالثقة.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك تعبير اصطلاحي آخر مضاد لهذا، وهو «مورو محارب»، حيث يشار به في الثقافة الإسبانية إلى سكان شمال إفريقيا المعادين للإسبان.

ذو خبرة: (A moro viejo no aprendas algarabía) – «لا أحد يستطيع أن يعلِّم شيخا مورو اللغة العربية» :

هذا المثل مهمل الاستخدام، وهو ينصحنا بعدم توجيه التعليم لشخص خبير في مجاله. وقد يقال بصيغة أخرى، هي (En casa del moro, no hables algarabía) «لا تتحدث اللغة العربية عندما تكون في منزل المورو». يتضح من ذلك، أن المورو هنا يرمز للخبرة.

عالم: (Saber más que un moro sabio) – «يعرف أكثر من عالم مورو» :

في هذا التعبير الاصطلاحي نجد إشارة إلى الماضي التاريخي المزدهر للعالَم الإسلامي، الذي كانت إسبانيا المسلمة جزءا منه، والذي كانت الحضارة العربية فيه تحظى بعدد هائل من المفكرين والعلماء والفلاسفة. ومن هنا فقد جاء هذا المثل الذي يستخدم لوصف شخص بالعلم الغزير من خلال تشبيهه بعالم مورو.

ماهر متقن لعمله: (Una huerta es un tesoro si el hortelano es un moro) – «يصبح البستان كنزا عندما يكون البستاني مورو» :

يشير هذا المثل إلى مهارة المورو وقدرته على تحويل البستان إلى كنز بفضل جدِّه واجتهاده. وبالرغم من أن صيغة المثل تدور حول مهارة المورو في حرث الأرض، فإن استخدامه لا يقتصر على هذا المجال فقط، بل يستخدم في شتى المجالات الحرفية الأخرى، خاصة وأنه كان معروفا عن المورو مهارته وإتقانه للأعمال اليدوية بصفة عامة. لذا فإن المثل قد يطلق بصيغ أخرى أعم، مثل (El que tiene un moro, tiene un tesoro) «الذي يملك مورو، يملك كنزا»، وفي صيغة أخرى «يملك ذهبا». وكل هذه الصيغ تشير إشارة واضحة إلى الميزات والفوائد التي كان الإسبان يحصلون عليها بسبب مهارة المورو وإتقانه لكثير من الحرف التي كان يمارسها، بحيث تحول إلى مصدر ثراء لسيده. وتشير الصيغة الأخيرة إلى حقيقة تحول المورو إلى عبد بعد هزيمته فيما يطلق عليه «حرب الاسترداد»، بالرغم من أن الصورة الإدراكية له ظلت كما هي؛ أي إيجابية.

قوي وشجاع: (A moro muerto, gran lanzada) – «عندما يموت المورو يُضرب بحربة كبيرة»:

يستخدم هذا المثل للسخرية من أولئك الذين يدَّعون البطولة والشجاعة ضد شيء أو شخص بعد زوال مكمن الخطورة عنه، أو يطلقون هجمات غاضبة ضد أعداء لم يعد لهم وجود. وفي ذلك إشارة إلى فترة «حرب الاسترداد»، حيث كان هناك جنود متباهون يتفاخرون بقتل موروس أكثر من أولئك الذين قتلهم السيد القمبيطور (El Cid Campeador)، بينما كانوا في الواقع يختبئون أثناء المعركة.

وفي صيغ أخرى لنفس المثل نجد استخدام كلمة «ثور» بدلا من كلمة «مورو»، وفي هذا دلالة على وجود تشبيه ضمني لشجاعة المورو بشجاعة الثور؛ مما لا يدع مجالا للشك بأن الصورة الإدراكية للمورو في هذا المثل هي صورة العدو الشجاع القوي الذي لا يجرء على مواجهته سوى الفرسان الأقوياء الشجعان.

2) أمثال شعبية وتعبيرات اصطلاحية ذات قيمة سلبية:

عدو خطير: (Haber moros en la costa) – «هناك موروس على الشاطئ»:

هذا التعبير الاصطلاحي شائع الاستخدام في اللغة الإسبانية المعاصرة، ويشير إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر بسبب وجود شخص في المكان يُخشى جانبه. ويستخدم عادة في صيغة النفي، فيقال «لا يوجد موروس على الشاطئ»؛ ما يعني أننا نستطيع الحديث لأنه لا يوجد أحد ممن نخشاه يسمعنا. فهو يستخدم –إذن- في مواقف الخطر، ومع أشخاص يبدو حضورهم مقلق للمتحدث. وهناك صيغ أخرى يقال بها التعبير نفسه، من بينها «لا يستوي الاستماع لمن يقول بوجود موروس مع رؤيتهم قادمين».

ويعتقد بويتراجو (Buitrago) أن أصل التعبير يعود إلى أنه كان يستخدم قديما بمعناه الحرفي كصيحة تطلقها أبراج المراقبة لتحذير السفن وسكان السواحل –خاصة سكان ساحل مضيق جبل طارق- من وجود قراصنة من البربر قرب الساحل. فالتعبير كان يعني قديما أن هناك عدوا على مرمى البصر11. يتضح من ذلك أن التعبير يعكس صورة سلبية جدا عن العربي والمسلم في المخيلة الشعبية الإسبانية، بالرغم من أن ما يطلقون عليه «قرصنة» إنما كان أمرا دارجا ومتبادلا بين الطرفين الإسباني والعربي خلال هذه الفترة التاريخية التي شهدت نشأة محاكم التفتيش الإسبانية، ثم طرد المسلمين من شبه الجزيرة الأيبيرية بدايات القرن السابع عشر.

عدو مهزوم: ( (A más moros, más ganancia(s) – «كلَّما زاد عدد الموروس زادت المكاسب»:

يستخدم هذا التعبير الاصطلاحي للتقليل من شأن المخاطر التي قد يواجهها المرء من أجل تحقيق غاية ما، فكلما زادت الصعوبات كان المجد المترتب على الانتصار أعظم. ويشير التعبير إلى حروب الاسترداد الإسبانية خلال القرون الوسطى، فكما يؤكد بويتراجو12 فإن كثيرا من الجنود الذين كانوا يقاتلون مع الممالك الإسبانية كانوا مرتزقة، ومن ثم فكلما زاد عدد المعارك التي يخوضونها كانت المكاسب المادية التي يحققونها أكبر.

غنيمة حرب: (Prometer el oro y el moro) – «فاز بالذهب والمورو»:

يستخدم هذا التعبير الاصطلاحي للدلالة على الفوائد والمزايا العظيمة التي سيجنيها شخص ما حال قبوله عرضا ما؛ أي أنه يستخدم للمبالغة في تقدير قيمة شيء أو شخص. لكن مع مرور الزمن، أصبح التعبير يستخدم لنقد الشخص الذي يحاول الحصول على أكثر مما يستحق، وفي هذه الحالة يقال عنه أنه «يريد أن يستأثر لنفسه بالذهب والمورو».

وتُرجع المصادر الإسبانية أصل هذا التعبير التهكمي إلى عام 1426م، في عهد خوان الثاني ملك قشتالة (Juan II de Castilla)، عندما استطاعت مجموعة من الفرسان المسيحيين بمدينة شريش خلال غزوة لهم من أسر نحو 40 فارسا من نبلاء المسلمين، وكان من بين الأسرى عبد الله عمدة مدينة رُندة التابعة لمملكة ملقة، وكذا ابن أخ له يدعى حامد. وبالرغم من دفع عبد الله فدية باهظة مقابل فك الأسر، أطلق الفرسان المسيحيون سراحه وحده، حيث رفضوا تحرير ابن أخيه قبل دفع مئة قطعة ذهبية أخرى بدعوى أن هذا المبلغ كان قد أنفق على حراسته وإطعامه. وعندما وصل الأمر إلى مسامع خوان الثاني ملك قشتالة أمر بفك أسر حامد أيضا، غير أن فرسان مدينة شريش لم يكونوا راضين تماما عن حكم الملك؛ ما دفع هذا الأخير إلى الأمر بإحضار حامد إلى بلاطه. ثم كثر الحديث بين الناس حول هذه الحادثة، حتى قال بعضهم إن خوان الثاني أراد أن يحتفظ لنفسه بالذهب والمورو، ومن هنا كان أصل المثل.

ويصــف خـوان سـالانوفا (Juan Salanova) في «معجم الأقوال والتعبيرات الاصطلاحية» (Diccionario de dichos y frases hechas) هذا المثل بأنه يخفي في طياته رأيا مسبقا عنصريا ضد العرب، حيث يُلاحَظ فيه أن المورو يرمز إلى عدو مهزوم تحوَّل إلى عبد وغنيمة حرب.

فوضوي لا يمكن السيطرة عليه: (Como moros sin señor) – «مثل موروس بلا سيِّد»:

هذا تعبير اصطلاحي شائع الاستخدام في اللغة الإسبانية، ويشير إلى اجتماع مجموعة من الناس، بحيث يسود اجتماعهم الفوضى والاضطراب. ويتحدث التعبير عن تحوُّل الموروس إلى عبيد بعد هزيمتهم فيما يطلق عليه حروب الاسترداد الإسبانية.

على النقيض مني: (Haber moros y cristianos) – «كان هناك خلاف كبير»:

هذا تعبير اصطلاحي دارج في اللغة الإسبانية، وبالرغم من أن معناه الحرفي يشير فقط إلى وجود موروس ومسيحيين، إلا أنه يستخدم للدلالة على وجود شجار عنيف أو صراع شديد في مكان ما.

وهناك تعبير آخر قريب من هذا، ويدل على نفس القيمة السلبية، وهي الإشارة إلى شخص على النقيض مني. هذا التعبير هو (Haber moros y cristianos) أي «كان هناك موروس ومسيحيون»، ويستخدم للاعتراض على المزايا الممنوحة ظلما للآخرين، أو على أي شكل آخر من التمييز، حيث يطالب من يستخدم هذا التعبير بإقامة العدل والمساواة في التعامل، وأن تعامل مجموعة من الأفراد بنفس الطريقة من حيث الحقوق والواجبات. ويعتقد بويتراجو14 أن سبب نشأة التعبير ربما يعود إلى مشاجرة أو خلاف وقع خلال المهرجان الشعبي الإسباني الذي يقام سنويا لإحياء ذكرى حروب الاسترداد، ويطلق عليه اسم «المسلمون والمسيحيون».

وبالرغم من أن الصورة الإدراكية للمورو في هذا التعبير الاصطلاحي تقتصر على كونه شخصا على النقيض مني، كما هو الحال في التعبير السابق له، فمن الملاحظ أن النقيض في التعبير الحالي ذو منزلة أقل.

- غيور: (Ser muy moro) – «كان غيورا»:

بالرغم من أن المعنى الحرفي لهذا التعبير يقتصر على مجرد نسبة شخص إلى المورو، إلا أنه يستخدم للإشارة إلى شخص غيور جدا. وربما يستخدم بصيغة أخرى، هي «كان غيورا كرجل مورو».

مزوِّر: (El oro que cagó el moro) – «الذهب الذي زيَّفه المورو»:

هذا التعبير شائع الاستخدام في اللغة الإسبانية المعاصرة، ويستخدم كرد حاسم وقاطع على من يدعي شيئا مشكوكا في صحته. فعندما يتفاخر شخص بامتلاك شيء ما، خاصة إذا كان يرغب في بيعه، فيقول إن هذه الساعة –مثلا- قيِّمة أو لا مثيل لها، بينما يعتقد الآخر بعدم صحة هذا الكلام، فيجيبه مستخدما هذا التعبير ليعبر عن شكوكه وريبته. ويشير التعبير إلى الاتهام الذي كان المسيحيون يوجهونه إلى الموريسكيين بأنهم يزيفون الذهب. ولا يُعرف تحديدا هل كان الموريسكيون حقا يزيفون الذهب لدفع الجزية المفروضة عليهم من السلطات المسيحية، أم أن هذا الاتهام مُزيَّف أطلقته تلك الفئة الإسبانية التي كانت تطالب بطرد الموريسكيين من شبه الجزيرة الأيبيرية.

غير موثوق به: (Moro viejo no puede ser cristiano) – «شيخ مورو لا يمكن أن يكون مسيحيا»:

يشير المعنى الحرفي لهذا المثل إلى استحالة اعتناق شيخ مسلم للديانة المسيحية، ويستخدم عندما يريد المتحدث التشكيك في موقف شخص آخر أو نيته. ويرجع أصل المثل إلى الصعوبات الهائلة التي كانت تواجهها السلطات المسيحية في سبيل تحويل المسلمين عن دينهم.

3 ) أمثال شعبية وتعبيرات اصطلاحية ذات قيمة محايدة:

- إنتاج المخدرات والاتجار بها: (Bajarse al moro) – «السفر إلى بلاد الموروس»:

يستخدم هذا التعبير الاصطلاحي في اللغة الإسبانية للدلالة على السفر إلى بلاد المغرب للحصول على شيء من الصعب تحصيله في إسبانيا؛ لكونه غير أخلاقي أو غير شرعي، وذلك مثل الحصول على المخدرات والحشيش. وبالرغم من أن المعنى العام لهذا التركيب سلبي، إلا أن صورة المورو فيه صورة محايدة لأنه يقتصر على مجرد الإشارة إلى موقع جغرافي.

- منافس: (Abad y ballestero, mal para los moros) – « كبير أساقفة ورجل شرطة.. شرٌّ ووبال على الموروس»:

هذا المثل يحذِّر من الخطر العظيم الذي يحيق بالمرء عندما يتخذ عدوا من أولئك الذين يجمعون في أيديهم السلطة الدينية والقوة العسكرية معا. وتعدُّ صورة المورو محايدة في هذا التعبير لأنه بالرغم من العداوة التي تغلف علاقة كبير الأساقفة بالموروس، إلا أن التعبير لا يحمل أي معنى تحقيري للمورو، والدليل على ذلك أنه من الممكن استبدال أي جنس أو عرق آخر منافس أو معارض لكبير الأساقفة بلفظ المورو.

النتائج

تشكَّلت صورة العربي والمسلم في المخيلة الشعبية الإسبانية كنتيجة للاتصال التاريخي بين الثقافتين. وتظهر هذه الصورة جلية في التراث الشعبي والفلكلوري، خاصة في الأمثال والتعبيرات الاصطلاحية التي تتضمن كلمة «مورو». وقد أثبتت الدراسة الحالية أن صورة المسلم أو العربي في هذه التراكيب تتنوع تنوَّعا كبيرا من حيث القيم التي تعكسها، فأحيانا تعكس قيما إيجابية، وأحيانا أخرى سلبية، وربما تكون أيضا محايدة، وهو ما يحدث عندما يتعلق لفظ «مورو» بالموقع الجغرافي أو بمجرد المنافسة.

لقد ظهرت الصيغ التي تحمل قيما إيجابية كنتيجة للتعايش السلمي بين الحضارتين العربية والإسبانية، فضلا عن التقدم العلمي الذي حققه المسلمون في شتى أنواع العلوم خلال العصور الوسطى. وهكذا فقد ظهرت هذه التراكيب بطريقة غير متعمدة للتعبير عن الخصائص الإيجابية التي تمتع بها المسلمون واشتهروا بها بين سكان شبه الجزيرة الإيبيرية من أصحاب الديانات الأخرى، ومن ذلك الخبرة والحكمة والجدارة بالثقة والمهارة والقوة والشجاعة. وقد أثبتت الدراسة الحالية أن الصورة الإدراكية الإيجابية لمصطلح «مورو» تظهر في الأمثال الشعبية أكثر مما تظهر في التعبيرات الاصطلاحية، وأن أغلب هذه الأمثال باتت مهملة الاستخدام في العصر الحالي.

على النقيض من ذلك، فإن أغلب التعبيرات الاصطلاحية تنسب للمسلم أو العربي خصائص سلبية، حيث تعكس بذلك فكرة نمطية متأصلة في تاريخ الشعب الإسباني حول العرب والمسلمين. وما زال جزء كبير من هذه التراكيب شائع الاستخدام في اللغة الإسبانية حتى وقتنا هذا. ويبدو أن الصورة السلبية التي تعكسها هذه التراكيب قد ظهرت بطريقة متعمَّدة نتيجة للصراع التاريخي ورغبة في تشويه صورة العدو المسلم من أجل خلق ذريعة أخلاقية تبرر طرد المسلمين من شبه الجزيرة الأيبيرية، حتى وإن كانوا إسبانا. وتتمثَّل أهم الخصائص السلبية التي نسبتها هذه التراكيب للمسلمين في أن هذا المسلم أو العربي عدو خطير أو مهزوم، وأنه غنيمة حرب، وأنه فوضوي يصعب التحكم فيه، وأنه غيور ومزوِّر وغير جدير بالثقة.

وانطلاقا مما ذكرناه في الفقرات السابقة من أن أغلب الأمثال الشعبية التي تعكس صورة إيجابية للمسلم أو العربي قد باتت مهملة، وأن أغلب التعبيرات الاصطلاحية التي تعكس صورة سلبية للمسلم ما زالت شائعة الاستخدام في اللغة الإسبانية المعاصرة، يتضح أن الصورة السلبية للمسلم أو العربي هي التي ما زالت مستمرة حتى الوقت الراهن في المخيلة الشعبية الإسبانية، بينما تلاشت الصورة الإيجابية مع تلاشي ماضي المسلمين المزدهر.

وأخيرا، أود أن أنتهز هذا البحث للمطالبة بحذف التعبيرات الاصطلاحية الإسبانية ذات الطابع العنصري والمسيئة للشعوب العربية والإسلامية من معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة. ومن هذه التعبيرات تعبير «مثل موروس بلا سيِّد» (Como moros sin señor)، الذي أشرنا إليه في هذا البحث، والذي ما زال مذكورا في هذا المعجم الذي يشرف على وضعه 22 أكاديمية من أكاديميات اللغة الإسبانية، بعدد الدول المتحدثة لهذه اللغة. نطالب بذلك على نحو ما تطالب جمعيات ضد العنصرية –خاصة في دولة باراغواي- بحذف التعبير الاصطلاحي «يعمل مثل زنجي» (Trabajar como un negro) من نفس المعجم.

الهوامش

1 - سوف أعتمد في هذه الدراسة كلمة "موروس" كجمع لكلمة "مورو".

2- Real Academia Española, Diccionario de la lengua española (23ª ed.), 2014. http://www.rae.es

- منعا للإطالة، ونظرا لطبيعة البحث اللغوية، فلن أعيد ذكر بيانات الاستشهاد من معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة، علما بأنني سوف أعتمد على نفس المرجع في جميع الاستشهادات التالية الماخوذة عن نفس المعجم.

3- León Murciego, Los refranes filosóficos castellanos, Zaragoza, Librería General, 1962, p. 7.

4 - Ibid, p. 8.

5 - J. Casares, "La frase proverbial y el refrán", Introducción a la lexicografía moderna, Madrid, CSIC, Anejo R.F.E., (1969 [1950]) p. 192.

6 - Cf. Rodríguez Marín y Montoto y Rautenstrauch, Discursos leídos ante la Real Academia Sevillana de Buenas Letras el 8 de diciembre de 1895, Sevilla, Imprenta de E. Rasco, 1895, p 10.

7 - Gutiérrez Rubio, “La valoración de “el otro” en la fraseología alemana, checa, española e inglesa”, Études Romanes De Brno, 34/2 (2013), p. 152.

8- Ibid, p. 155.

9 - Gutiérrez Rubio, “Fraseología y estereotipos en español. ¿Una relación bidireccional?”, Language Design, 15 (2013), p. 124.

10 - السيد القمبيطور (1048-1099) هو اسم الشهرة لشخصية تاريخية إسبانية، اسمه بالكامل رودريجو دياز دي فيفار (Rodrigo Díaz de Vivar). يعد من أعظم الأبطال القوميين في تاريخ إسبانيا بفضل ما حققه من انتصارات ضد ملوك الطوائف خلال ما يطلق عليه حروب الاسترداد الإسبانية.

11- A. Buitrago, Diccionario de dichos y frases hechas, Madrid, Espasa, 2007, p. 357.

12- Ibid, p. 16.

13- J. Salanova, Diccionario de Dichos y Frases Hechas, Zaragoza, Casa el Molino, 2010, p. 68.

14- A. Buitrago, op. cit., p. 504.

المراجع

- Buitrago, A. Diccionario de dichos y frases hechas. Madrid: Espasa, 2007.

- Casares, J. Introducción a la lexicografía española. Madrid: CSIC, 1992 [1950].

- Gutiérrez Rubio, E. “La valoración de “el otro” en la fraseología alemana, checa, española e inglesa”. Études Romanes De Brno, 34/2 (2013): 149-169.

- “Fraseología y estereotipos en español. ¿Una relación bidireccional?”. Language Design, 15 (2013): 119-136.

- León Murciego, P. Los refranes filosóficos castellanos. Zaragoza: Librería General, 1962.

- Real Academia Española. Diccionario de la lengua española (23ª ed.), 2014. http://www.rae.es/rae.html

- Rodríguez Marín y Montoto y Rautenstrauch. Discursos leídos ante la Real Academia Sevillana de Buenas Letras el 8 de diciembre de 1895. Sevilla: Imprenta de E. Rasco, 1895.

- Salanova, J. Diccionario de Dichos y Frases Hechas. Zaragoza: Casa el Molino, 2010.

الصور

* من الكاتب

أعداد المجلة