فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
47

صناعة «السِفّة»

العدد 47 - لوحة الغلاف
صناعة «السِفّة»
كاتب من البحرين

السَف أو السفاف هي عملية نسج الخوص، أي وريقات النخيل، باليد، ليصنع منها أدوات وأوعية بأشكال وأحجام مختلفة. وتمر عملية تصنيع الأدوات والأوعية الخوصية، في الغالب، بمرحلتين أساسيتين، مرحلة صناعة السِفّة ومرحلة خياطة السِفّة. والسِفّة، وفي الفصحى يقال «السُفّة»، بالضم، والجمع سَفائِف، وهي جديلة طويلة تسف من الخوص، ومن ثَم يتم خياطتها وتشكيلها لتعطي المنتج الخوصي النهائي المطلوب، والذي قد يكون وعاء كالزبيل أو القفير، أو ما يفرش به الأرض كالحصير، أو ما يؤكل عليه، كالسفرة. ويستخدم في عملية الخياطة نوع قوي من الخوص يسمى العَگب (العقب).

وفي الماضي كانت غالبية النساء يصنعن السفة، حيث تعتبر هذه المرحلة هي الأسهل والتي تحتاج لمهارات أقل، مقارنة بعملية خياطة وتشكيل السفة والتي تعتبر الأكثر صعوبة. وعليه، لم تكن كل النسوة قادرات على خياطة السفة، فكثير منهن يقمن فقط بصناعة السفة ومن ثم تأخذها للنساء اللاتي تخصصن في خياطة السفة وتشكيلها.

يذكر، أن السفّة هي التي تحدد شكل وجودة الأداة أو الوعاء الذي سيشكل منها، لذلك، فإن هناك عدة عناصر يجب مراعاتها عند صناعة السفة، ومن أهمها عرض وطول السفّة؛ فهي تحدد نوع وحجم الأداة أو الوعاء، فالحصير يحتاج لصناعة سفّة عريضة وطويلة، بينما الزبيل يحتاج لسفّة قصيرة وأقل عرضاً.

كذلك، يراعى نوعية الخوص؛ فجودة الخوص وثمنه تتباين، وأجود أنواعه وأغلاها هو الخوص الأبيض أو خوص القلب، والذي يؤخذ من خوص السعف الذي يوجد في قلب النخلة، وأقلها ثمناً الخوص اليابس. ولكل نوع من أنواع الخوص توظيف معين بحسب نوعية وطريقة توظيف الأداة أو الوعاء المراد صناعته، على سبيل المثال، يوجد أنواع من الزبلان (جمع زبيل)، منها ما يستخدم لحفظ الملابس، ومنها ما يستخدم في جمع القمامة، فنوعية الزبيل المطلوب تحدد نوعية الخوص المستخدم.

ومن العناصر، أيضاً، استخدام الخوص الملون، الذي يتم صباغته بأصباغ خاصة. ونتيجة لتباين طرق السف وطرق تداخل الخوص الملون في السفة ظهرت أسماء لأنواع السفائف، ومن أشهر أنواعها «اليوسفي»، والتي يستخدم فيها الخوص الملون بطريقة معينة، فيعرف حينها المنتج النهائي بنفس الاسم، فيقال على سبيل المثال «حصير يوسفي». ومن الأسماء الأخرى المگسومة (المقسومة) وأم اعوينه.

كانت مهنة السفاف من المهن المهمة؛ فقد كانت توفر عددا كبيرا من الأدوات والأوعية التي لا يستغنى عنها في الحياة اليومية، أما في الوقت الراهن فتمارس على نطاق محدود، ومع ذلك، يوجد لها سوق، فتلك الأدوات والأوعية الخوصية بها عبق الماضي الذي يجذب العديد من محبي التراث.

أعداد المجلة