فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
47

تدريس آلة التشيلو للمبتدئين في تونس: قضية الاختيار قراءة نقدية من خلال الأسباب والدوافع

العدد 47 - موسيقى وأداء حركي
تدريس آلة التشيلو للمبتدئين  في تونس: قضية الاختيار قراءة نقدية من خلال الأسباب والدوافع

إن مسألة البحث في مضامين تتعلق بجزئيات التعليم الموسيقي الخاص يقسم الآلات أمر يؤخذ مأخذ جد لضرورة الاعتناء بالجانب التعليمي والأدائي المطبق على الآلة الموسيقية بكونها مخرجا صوتيا ذا دلالة ثقافية وفي هذا المضمار تتنزل دراستنا لمؤدي آلة التشيلو 1 ونخص بالذكر منهم المبتدئين في علاقتهم مع المحيط الموسيقي من منظور سوسيولوجي انطلاقا من عملية الانتقاء أو الاختيار لدراسة آلة التشيلو في تونس نحو المواصلة في سلك الاحتراف.

أهمية الدراسة

تكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تسلط الضوء على الميدان الموسيقي بصفة خاصة وان صح التعبير تعرف بجنود الخفاء منه وتحديدا بعض عناصر ومكونات مختلف الفرق الموسيقية لما تمنحه هذه العوامل البشرية من مزايا على التوظيف الركحي كما أننا نولي الاهتمام بكيفية وطريقة اختيار دراسة آلة التشيلو في تونس لدى مختلف الشرائح العمرية.

مبررات اختيار الموضوع

اعتبارا أن الآلة الموسيقية بمختلف أصنافها هي آداة لتفعيل الفعل الثقافي فهي تساهم كجزء هام من الإبداع البشري كما تمثل شاهدا ماديا على مستوى همزة الوصل بين العلم والإبداع والفن، ونحن نسعى من خلال هذه الدراسة الى إثارة وراء أغلب العوامل والحيثيات التي لها علاقة بدراسة آلة التشيلو للمبتدئيين في تونس منذ اختيار المتعلم لتعلم هذه الآلة، ونظرا لتلقينا التكوين الأكاديمي في دراسة التشيلو تولد هاجس لدينا وراء السعي لتبيين بعض الحيثيات المحيطة بالواقع التعليمي للآلة ومدى انعكاسها على المستوى الأدائي.

إشكالية الدراسة

لفت نظرنا ظاهرة انقطاع البعض من متعلمي آلة التشيلو من تلاميذ وطلبة لأسباب يراها البعض شخصية الا أنها تؤثر سلبا على متطلبات السوق الاستهلاكية للإنتاج الموسيقي التونسي كما تؤثر على ديمومة مواصلة دراسة آلة التشيلو فما تكون هذه العوامل المؤثرة على العزوف إن كان كليا أو جزئيا ؟ وهل أن المعاير المناسبة لبلوغ نجاح تكوين عازف تشيلو المحترف تتطابق مع أغلبية التلاميذ لدراسة التشيلو؟

لقد لمسنا ضرورة النبش وراء قضية عزوف متعلمي آلة التشيلو في تونس عن مواصلة دراستهم للآلة من خلال الوقوف وراء ماهية الأسباب وآثارها على المستوى التعليمي والتنفيدي في الوسط الفني.

أهداف الدراسة

تهدف هذه الدراسة الى تشخيص الواقع العملي لدارسي آلة التشيلو في المعاهد الموسيقىة التابعة لوزارتي الثقافة والتعليم العالي في جهات البلاد التونسية2 والتي تمثل ثمرة إنتاج تعليمي وأدائي لعازفي آلة التشيلو، سنفسح المجال للجيل الصاعد والمستقبل، لتكوين إعدادات في شكل جداول بيانية توضح أسس الاختيار لدراسة آلة التشيلو.

الجانب النظري

بدأ التعليم الموسيقي بتونس يزداد انتشارا ضمن تأسيس الجمعية الرشيدية سنة 1934 اذ مهدت لإرسال مناهجه الحديثة من ناحية تكوين ثلة من المتعلمين الشبان في اختصاصات عديدة من الأداء الغنائي والآلي حتى تحقق إثراء للساحة الفنية من ناحية الإنتاجات الموسيقية في مختلف الأنماط والألوان تواترا من حقبة زمنية لأخرى. سجلت آلة التشيلو حضورها الركحي منذ تلك الفترة كما زادتها التحديات والتحديثات الموسيقية رسوخا من عصرنا الحالي نحو مختلف الأنماط الموسيقية ومع ذلك فقد ظلت تفتقر لمختصين في عزف التشيلو من فترة الى أخرى. فلو تأملنا لهذه الظاهرة وافرازاتها في فضاءات الممارسات الموسيقية لوجدنا أنه ثمة عوامل داخلية وخارجية تتحكم في التفعيل الركحي الأدائي لآلة التشيلو، غير أن المشهد الأدائي قائم على دراسة آلة التشيلو وكيفية توظيفها أدائيا في مختلف الموسيقات المتداولة.

من المتعارف عليه أن أماكن عازفي التشيلو في الفرق الموسيقية قليلة العدد بالمقارنة مع الآلات الموسيقية الأخرى بحسب متطلبات العمل الموسيقي ومن خلال قراءتنا لواقع بحثنا الميداني في رصد لعناصر من الفئة المستهدفة من جامعيين ومتكونيين تبرز معلومات إحصائية من خلالها ندرج جدولا إحصائيا يفيد معلومات تقنية بخصوص معدل التشكيلة الدراسية المتعلقة بتدريس آلة التشيلو في تونس بالفترة المحددة بين سنة 2013-2017 (أنظر الجدول).

يعتبر العامل الصوتي مؤشرا دقيقا لدى إدراك المتعلم رغبته للميول للآلة الموسيقية بشكل عام فالملاحظ أن لأغلبية المبتدئيين الشعور بعدم الاستمتاع الكامل من ناحية الرنين الصوتي لطابع التشيلو اعتبارا أن الأصوات الغليظة تمثل صعوبة من ناحية الإصدار والإدراك حتى أصبحت هذه الظاهرة عادة لدى أغلبية المتعلميين3 إلا أنه يمكن نعت هذا العزوف في اختيار التشيلو لدى أغلبية المتعلمي بالمعاهد الموسيقية وكذلك بدور الشباب يكون معبرا عن ثقافة سائدة أصبحت ولازالت متواترة من خلال الوراثة والتعلم والتفكير والتقليد اثر اختيار تعليم آلة التشيلو وبعدها.

مادة التشيلو العربي مادة التشيلو الغربي متعلمو آلة التشيلو تشكيلة أساتذة آلة التشيلو المؤسسة الجامعية/التعليمية
لا يوجد في حدود 06 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 3 و 6 3 المعهد العالي للموسيقى بتونس
لا يوجد في حدود 06 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 3 و 5 2 المعهد العالي للموسيقى بسوسة
لا يوجد في حدود 06 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 3 و 5 2 المعهد العالي للموسيقى بصفاقس
لا يوجد في حدود 06 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 2 و 4 1 المعهد العالي للفنون والحرف بقابس
لا يوجد في حدود 06 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 2 1 المعهد العالي للفنون والحرف بقفصة
لا يوجد في حدود 06 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 2 1 المعهد العالي للفنون الدرامية والركحية بالكاف
لا يوجد في حدود 03 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 4 1 المعهد الوطني للموسيقى بتونس
لا يوجد في حدود 03 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 4 1 المركز الوطني للموسيقى والرقص بسيدي صابر
لا يوجد في حدود 03 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 4 1 المعهد الجهوي للموسيقى بسوسة
لا يوجد في حدود 03 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 4 1 المعهد الجهوي للموسيقى بصفاقس
لا يوجد في حدود 03 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 4 1 المعهد الجهوي للموسيقى بقفصة
لا يوجد في حدود 03 دقيقة أسبوعيا يتراوح عددهم بين 1 و 2 1 المعهد الجهوي للموسيقى بالقيروان

قد تمثل هذه الظاهرة أبرز الدوافع التي تؤثر على التوجيه الاختياري لتعلم آلة موسيقية مصاحبة، حيث توجد حالات من المتعلمين يمارسون العزف على آلتي التشيلو والعود. ولنجاح هذه الطريقة يعول المستفيد على امكانياته الفيزيائية والذهنية كطول الأصابع والقامة أن تمنح تركيبة الرصيد الموسيقي من ناحية الكفاءة في قراءته الفورية والقواعد النظرية، بينما نادرا مانجد متعلما لآلة التشيلو وكمان في نفس الوقت نظرا لمضار التقنية التي تحل على الأداء الآلي لكل منهما4، وفي الطرف المقابل يستفيد متعلمو التشيلو بشكل جزئي من رصيدهم الأدائي لآلة الكمان من ناحية البعض من ترقيمات مواضع الأصابع، حيث تصبح مسكة التشيلو شبيهة لهم بالرباب وتسهل على المتعلم في تنفيذ تقنية الجذب والدفع، الا أنه تحصل أضرار على المستوى التقني لتعليم التشيلو من بينها صعوبة حذق أماكن الدوزان ومواضع العفق السليمة على الملمس نظرا لبعد مسافات عفق أماكن النغمات بالمقارنة بآلة الكمان، كذلك شأن الوتريات الأخرى بإستثناء الكونتروباص اضافة إلى توفر فرصة لمدى تأثر المؤدي بالجانب التطريبي والتعبيري على سهولة التنفيذ.

خلال فترة الثلاثينات أولت الرشيدية5 اهتمامها بتدريس مواد وآلات الموسيقى الغربية التي كانت تحت اشراف «نيكولاه بونورة»6 وهدفت الى المصالحة بين التونسيين وتراثهم الكلاسيكي، حيث أصبحت مسألة الاكتفاء بأداء التشيلو الغربي في تعلم تقنيات الآلة والمواصلة في دراستها تصورا قبليا فطريا لدى أغلبية المتعلمين يرجع الأمر الى عوامل نرشح أولها وأهمها لطريقة توجيه مدرس الآلة قبل أن يختار المتعلم دراستها وبعدها وتسبب هذه العملية خللا على ثقافة المستفيد على مستوى رسم أيقونات يحدد من خلالها أهدافا مهارية ومعرفية لنمط الأداء الآلي.

يتحقق الفعل الموسيقي المنشود عن طريق مسار سيكولوجي مرجعه الرصيد الموسيقي من خلال مسار العمليات المعرفية وآليات الأسس البيولوجية «التعرف على مناطق الإدراك الراجعة بالنظر إلى الانتباه والحواس واللغة والذاكرة والتعلم» ولتحقيق الاستجابة المعرفية7 التي تبني القرار لاختيار الأكثر إقناعا وفق الرغبات الذاتية8.

تمثل وظيفة الجهاز العصبي المركزي (central Nervous system) في تفسير ملامح الاختيار لدى متعلم التشيلو المبتدئ كسائر الآلات الموسيقية الأخرى من خلال سلوكيات التأثر9، يعمل النصف الأيسر للدماغ بالنسبة للموسيقيين حيث يكون المخ الأيسر المسؤول عن معالجة معلومات الأطراف اليمنى من الجسم من خلال مهارات اللغة المنطوقة والمكتوبة على سبيل المثال تنفيذ المدونة الموسيقية أو الارتجال الحر .

ان العزف على الآلة الموسيقية بشكل عام لأول مرة لا يحتاج لطاقة من المؤدي نظرا لتلقائية الحركة التي تعتبر أمرا لدى الدماغ بينما تتطلب جهدا من الوعي والضبط حين تسهل دروس الآلة وتبدأ المعلومات تتراكم شيئا فشيئا لدى المتعلم بل يتغير سلوك المتعلم من ناحية التدقيق في الانتباه حيث تتولد بعض الملاحظات المتعلقة بقواعد الأداء ومن حينها يبدأ المتعلم بتصنيف قدراته الذهنية والمهارية مقارنة بالمطلوب من أسس الآلة وقواعدها.

ثمة إشكالية في مستوى منهجية التدريس من جهة عدم حث المتعلم المتمكن من أبجديات الأداء كالسلالم والتقنيات الغربية من خلال دراسته لبعض التمارين والمؤلفات الغربية حيث أن أغلبية متعلمي التشيلو يفتقرون كثيرا لاكتساب الخبرات والمهارات والمعارف نتيجة عدم المحاكاة والتقليد لانعدام احتكاك المتعلم مع غيره من الموسيقيين، يرجع الأمر لتعليمات مدرس الآلة نتيجة التمسك بالحركات الأدائية الموجهة إليه والتقيد بالموقف التعليمي وغالبا ماتكمل هذه الظاهرة خاصة في محاولة الأغلبية من المتعلمين طريقة الأداء الموسيقي العربي على التشيلو، مما يحدث تعكرا على مستوى العلاقة الحميمة القائمة بين مدرس الآلة وبين المتعلم وتصبح الآلة مجرد آداة (مكينة) لإصدار أصوات لا يعي بها المؤدي ويكون المعنى المعلوماتي جافا.

الانتباه الإرادي الانتقالي (selective Attention)
عازفي الآلة الأمور الأصدقاء مدرس الآلة ١- مثيرات البيئة المحيطة
مؤشر ايقوني تكوين رمزية ٢ - مرحلة الكشف (الحواس)
محاولة التعرف على طبيعة مثيرات المؤشر الأيقوني ودلالاته ٣ - مرحلة التعرف
تحديد المؤشر الأيقوني (A) المصنف ضمن مثير حسي المتمثل في نوعية وجودة الأداء وتعالج معرفيا في الذاكرة القصيرة أو الفاعلة ضمن عملية الإدراك ٤- مرحلة الإستجابة للمثير
  ٥ - الإستجابة

1) الذاكرة:

إن (الذاكرة) و(التذكر)10 عاملان رئيسيان في استذكار المعلومة المخزنة كصورة ذهنية لدى المؤدي (المتعلم) اعتبارا لنشاط خلايا الدماغ الأيسر11 من حيث صورة الإستماع التي أدركها المؤدي من خلال الانتباه لها سواء كانت هذه الحركة تنعكس بالإيجاب أو بالسلب على طبيعة منظور الاختيار، وغالبا ماتكون آلية تحقيق التذكر سواء كان سلوكا أو نصيحة أو أداء وقع انتباهه من مدرس الآلة أو المحيط التدريسي (متعلمين، مدرسين، ولي أمر المتعلم، من آلة التشيلو كآداة أورغانالوجية سمعية) من خلال آثار الحالة النفسية والجسدية حيث يحدث خلل على مستوى الجهاز العصبي المركزي، ويصبح مسار الاستجابة المعرفية تلقائيا غريزيا وبالتالي تكون نتيجة القرار من اختيار المتعلم لآلة التشيلو تابعة لمرجعية الذاكرة الجماعية الشعبية.

من بين العوامل المساندة للاستذكار ولتنشيط الذاكرة قصد بلوغ مؤشرات افتراضية يسعى لها متعلم آلة التشيلو في تونس، نرى أنه من الضروري أن يقيس مستوى الطموح والذكاء بحيث أن يحدد المتعلم مستواه وفق مشهد واقعي يحيط بمآلات التعلم في سوق الشغل، ما يلفت انتباهنا هنا أن عدد عازفي التشيلو يشكو من نقص ملفت للانتباه مقارنة بغيرها من الوتريات جراء خيبة الأمل والشعور بالإحباط مما يؤثر على مستوى النمو12 ويسبب في خلل على مستوى تذكر المعلومة من حيث تطبيقها آليا على الآلة الموسيقية وتسبب هذه الظاهرة شيئا فشيئا عزوفا كليا وينجر عنه غياب عن حصص الآلة وعدم تنفيذ قواعد مدرس الآلة مهما تنوعت توجيهات المدرس التعليمية والنفسية والعكس وارد لدى البعض من خلال تأثير البعد الجيني الوراثي وتحقق عملية الاسترجاع أكثر سهولة نحو القرار الصائب في الاختيار لكن تظل الدافعية سلوكا واضحا في غريزة المتعلم.

تبقى مسألة اختيار «آلة التشيلو والعزف عليها نحو بلوغ مميزات «الموسيقي العازف» ارتباطا بموضوع تحديد الاختصاص الأدائي سواء كان اجراء الإختيار ينساق الى «أداء التشيلو الغربي» أم «أداء التشيلو العربي»13 اعتبارا أن عملية الاختيار نقطة انطلاق يستهدف من خلالها المستفيد مسيرته الأدائية بالوسط الفني ويتحول الموضوع الى متطلبات الممارسات الموسيقية.

ان واقع الممارسة الموسيقية في تونس انطلاقا من مطلع القرن الواحد والعشرين يشهد تقلبات من خلال تغيرات طرأت على مختلف الأنماط والتعابير الموسيقية في شتى الموسيقات ولو أخذنا موقع «التشيلو» من خلال الكم الهائل من موسيقيين (عازفين، ملحنين، موزعين وغيرهم،) يتضح أن آلة التشيلو نادرا ماتم استخدامها بالشكل الجماعي أو المنفرد وعند تفعيله غالبا ما يكون اللجوء الى التقنيات والتكنولوجيات الحديثة من برمجيات هندسة الصوت والمونتاج وهذه العملية تحدث سلبيات ان لم نقل ضررا لمستخدمي التشيلو عامة والعنصر البشري خاصة اعتبارا أن هذا الموقف ماهو الا «صناعة لحدث أدائي موسيقي» وترجع عوامله لعومل «مادية» أو «زمنية» بالتالي يتمثل اقصاء أداء عازف التشيلو واستبداله بـ«أداء تشيلو حاسوبي» أو «رقمي» مشكلة لا فقط في حق مستخدمي التشيلو بل لدى متعلمي التشيلو نظرا لتأثير هذه الخلفية على المؤشرات الذاتية الخاصة باختيار الآلة الموسيقية.

2) دور ديمومة البحث العلمي ومساهمته في مواصلة تعليم دارس آلة التشيلو المختارة

تترك البحوث العلمية أثرها على أهل الإختصاص من الناحية الميدانية من حيث استفادة العازف من البحث عبر ممارسته الآلية ونجد لها وجهة نظر خاصة تبلور مفهومها في تعابيره الآلية من هنا تكمل أهمية الاعتماد، فالبحث العلمي ليس علميا موسيقيا فقط بل ميدانيا. إن قلة البحوث التونسية الخاصة بالأداء الآلي لآلة التشيلو يحتم عليها نوعا من المنطق والأسباب بتعلة حصر الإشكاليات فيها تسبب قطيعة في انشاء وتحديث العلاقة المباشرة بين ماهو مخبري وما هوملموس.

وترجع هذه الظاهرة ليس ففقط لقلة ذوي الإختصاص من باحثين وعازفين إنما يسيطر مبدأ «انعدام عدم التفكير والسعي لإيجاد حلول في إشكاليات تتعلق بفنون الأداء الآلي للتشيلو سواء كان عربيا أو تونسيا لأن مسألة الإكتفاء بمسألة «التفكير» تفعل نشاطا تعاونيا مثل المؤسسات الجامعية بألمانيا التي تقوم على مبدأ «الوحدة بين التعليم والبحث العلمي» من حيث أنها لا تكتفي بالمحاضرات والدروس للطلبة وشرطها الوحيد النشاطات هو التعاون الوثيق بين الباحثين في هذا المجال14.

إن النتائج المخبرية ماهي الا حبر على ورق ما لم يتم توظيفها وتبويبها بالأسلوب المحكم، ميدانيا نرى وجوبية إحداث طريقة لسماع وتذوق نماذج سمعية بصرية يوفرها مدرس الآلة من شأنها أن تهدف لدافعية مسار الاختيار الصائب بنسبة واقعية، وتستهدف هذه النماذج السمعية أساليب أدائية مختلفة « لأداء التشيلو العربي» و«أداء التشيلو الغربي» والأداء يشمل تنوعا أدائيا لعديد من العازفين لا يقتصر على مؤدي واحد ليتسنى لدى الشخص المختار ملكات إدراكية تبعا للتأثير الملموس على نفسية المتعلم وعلى الأحاسيس البشرية حيث يفرز سلوكا انفعاليا يؤثر بشكل إيجابي لدى المتعلم بغض النظر عن عمره ويتجسد في التعبير عن انفعالات كالتوتر والقلق، الفرح والسرور الى جانب تحصيل فوائد أخرى لها صلة بالقدرات الذهنية خاصة من خلال القدرات السمعية المتاحة من قبل المدرس فيرسم المتعلم مؤشرا تقريبيا لبلوغ المستوى التنفيذي المراد تحقيقه بعد تطبيق أسس وقواعد تعليم التشيلو الغربي.

يستحسن أن يختار مدرس الآلة نماذج مختلفة لتسميع المألوف من المتداول من التساجيل السمعية والمرئية الذات صلة بالأداء الآلي من أنماط موسيقية وأسلوبية متنوعة في الشبكات المعلوماتية لدى المحيط السمعي البصري للمتعلم، وكذلك الأنماط الموسيقية غير المنفذة والتي يستوجب أداؤها بصفة فردية من قبل المدرس حيث تتمحور أهداف النماذج كالآتي:

- نموذج سمعي شرقي ( يختاره المدرس مسلطا الضوء على الجانب التعبيري والتقني)

- نموذج سمعي غربي (يكشف من خلاله ملامح متعددة لتقنيات الآلة وفي شتى المستويات الأدائية).

تعالج المرحلة التقبلية للمتعلم على النحو التالي:

 

العمل على تنشيط الذاكرة الحسية السمعية، فبعد توقف المثير السمعي تبقى المعلومات في الذاكرة الحسية السمعية لبعض الوقت قبل تمريرها للذاكرة القصيرة، بعد مرحلة إحساس المتعلم بالمثير السمعي يسعى المدرس للتركيز على فواصل من المثير السمعي البصري الذي يهدف من خلاله ترميز المعنى (Semantic coding ) لهدف تحينه آليا من قبل المدرس من الناحية التطبيقية فيسترجع المتعلم الحركة الأدائية المخزنة في ذهنه وتكون العملية كالآتي:

الترميز الصوتي البصري الذهني لدى المتعلم في حركة معينة لأداء لتقنية الزغردة

 

تجسيد الحركة التقنية على الملمس عند شرح المدرس

 

تجسيد الحركة التقنية على الملمس عند أداء المتعلم بعد مدة طويلة المدى شريطة مواصلته في التدريب المستمر وتطور مستواه الأدائي

 

بروز ملامح الحركة لدى المتعلم من خلال قرائته للائحة الرمزية التي منخلالها يتذكر المتعلم الأداء الأولي للمدرس فتعطي بوادر تحفيزية وحافزا لبلوغ تنفيذ الحركة المطلوبة وتذلل الصعوبة بصفة تلقائية توازيا مع توجيهات المدرس..

من الجانب التعليمي نرى أنه لا بدا أن تعاد هيكلة وتحديث نظام الدراسات الخاص بتدريس آلة التشيلو لدى الجامعات ومعاهد الموسيقى، خاصة أن تعليم الآلة يشهد اضطرابا من حيث تطبيق المنهاج (على مستوى تنوع التمارين المدرجة للمتعلمين واختلاف الجانب الذوقي للمدرسين) وبقي الموضوع بين الاختلاف والائتلاف... توازيا مع زمن الحصص15 (مدة الحصة نصف ساعة لتدريس الآلة بالمعهد الوطني للموسيقى، الحصة لمدة ساعة في الأسبوع للمعهد العالي للموسيقى ). من وجهة نظرنا أن زمن دراسة التشيلو غير كاف لإعداد كفاءات في الأداء الآلي الغربي أو العربي. نذكر على سبيل المثال، أنه من المعتمد في قسم الآلات بالمعهد العالي للموسيقى العربية بمصر أن دراسة التشيلو لا يقل عن أربع ساعات أسبوعيا بما فيها «كونسير فاتوار» مصر والدارس المبتدأ بصفة خاصة يحتاج لساعات كثيرة إلى جانب التدريب المنزلي مهما كانت درجة الموهبته لديه مشاكل كثيرة قد تظهر في عملية التدريس مثل إمساك الآلة أوالقوس أو حركة الذراع الأيمن ووضع الأصابع واليد اليسرى الى جانب طريقة الجلوس ودقة التنغيم ومدى قدرة المتعلم على الاستيعاب خاصة في ظل وجود وسائل الإلهاء وتعدها مثل (social media) أما بالنسبة للدارسين المتقدمين في المستوى الأدائي فقد تظهر مشاكل أدائية الخاصة بنقاء الصوت وطريقة أداء تقنيات اليدين وحتى يتسنى للمدرس مراقبة كل ماذكر فلا يكفي بأي حال من الأحوال ساعة أو ساعتان أسبوعيا لكي يتخرج عازف محترف16.

ان تكثيف الطاقم التدريبي لدراسة التشيلو يعطي دافعية وفتح المجال للمنافسة لدى المتعلمين من تلاميذ وطلبة لكي لا تقتصر دراسة الآلة على الجنسيات الأجنبية. إن لتوجيه الوالدين أثرا كبيرا لتحقيق الدافعية للاختيار خاصة أن الأغلبية من أولياء الأمور يحفزون أبناءهم على «اختيار الآلة الموسيقية» السهلة حسب تقديرهم بمعنى تلك التي تكون سريعة التعلم إما للانخراط والمشاركة في العمل الفني للماديات أو الاكتفاء بأداء موسيقي في اطار النشوة والمتعة إن صح التعبير متناسين المنحى التطويري والحرفي الأدائي للتشيلو زيادة على بعض التعلات الكثيرة كعدم توفر المساحة المكانية الكافية للتدريب.

3) صعوبات التواصل لمتعلمي آلة التشيلو:

من صعوبات التواصل المنفرة للطفل نجد أسلوب أستاذ الموسيقى الذي قد يكون عازفا ماهرا أو مشهورا، ولكن ليست لديه الطريقة الصحيحة التي تحفز الطفل على إكمال الدرس.

نجد مثال ذلك:

1. قصور في وسائل التبليغ لدى الأستاذ أو ضعف في وسائل الاستقبال لدى الطفل.

2. التسبب في حالة نفسية مضطربة لدى الطفل وعدم شعوره بالحرية والتلقائية خلال الدرس وذلك من خلال أسلوب الأستاذ غير المدروس.

3. عوائق تتصل بذات الأستاذ أو بسلوكه ويندرج ضمنها كل ما يترتب عن نظام التعليم المستخدم وتقنيات التواصل.

4. عوائق تتصل بذات المتلقي.

5. عوائق وصعوبات مصدرها المحيط المدرسي أو المحيط العام الذي يكتنف المدرسة.

من صعوبات التواصل البيداغوجي الحاصلة بين الأستاذ والطفل نجد:

1. عدم تحقيق الأستاذ للتواصل المطلوب بينه وبين الطفل وذلك ما يؤدي إلى قلة جدواه وتقلص نتائجه.

2. يكون الأستاذ المشرف ثقافته في التواصل البيداغوجي غير مكتملة بمعنى ذلك أنه لا يزال طالبا ومعرفته لآلة الكمان الجهير مقتصرة فقط على الدروس التي تلقاها في المعهد.

3. عدم الحرص على توفير الشروط اللازمة لبعث الحيوية للطفل وترغيبه في الآلة أثناء الدرس.

4. عدم الإصغاء للطفل ومنعه من استخراج ما لديه من أفكار وتصورات.

5. عدم توفق الأستاذ في ترشيد الطفل وإقداره على فهم تقنيات الكمان الجهير والتمكن من العزف عليها.

6. نجد كذلك صعوبات مصدرها الوسائل المنهجية المعتمدة في تحقيق التواصل البيداغوجي، مثال:

7. عدم وضوح الأهداف والتأثيرات المراد إحداثها في الطفل خلال تلقيه الدرس.

8. ضعف النقل البيداغوجي وإخفاق الأستاذ في تحديد المعلومات المطلوبة منه أثناء الدرس.

لتجاوز هذه الصعوبات هناك حلول مقترحة علينا المرور بها.

الجانب التقني

1) مدى دور تقنين المستوى الأدائي ومساهمته في عامل الاختيار:

تمثل «أسلوبية الأداء» عاملا «ابيستيمولوجيا» في نحت شخصية أدائية مستقبلية لدى المتعلم قصد الخروج من سلوك «الروبوتيزم»17 التابع لأداء الطريقة الغربية، ليس من خلال التدريب الحركي المطبق على التمارين الآلية فقط، بل عن طريق الكيفية لأسلوبية الأداء المدرب للتمرين وكل الآليات السمعية المتاحة للمتعلم. ميدانيا يتوخى الأغلبية من مدرسي الآلة تسليم المادة العلمية ألا وهي التمرين الموسيقي، السلالم، شرح التقنيات... في مرحلة معينة مستقبلية يكون تأمين المعلومة بكل جفاف إن صح التعبير (نوعية التدريب روتينية من حيث تمرير المعلومة التي تمثل حركة أدائية ) من منطلق عدم الإيحاء للمتعلم بمدى نجاعة واستغلال التقنية المكتسبة في أي موسيقى من الموسيقات.

نطرح طريقة نستعمل فيها التقنيات الغربية للأداء الموسيقي العربي و«يؤدى التمرين جماعيا» إضافة الى التدريب على تقنية النبر على الأوتار مآلاته مهارية وإدراكية من حيث الرنين الصادر من الآلة، يستغله المدرس لإيحاء المتعلم بمهارة هذه التقنية واستغلالها في الأداء الموسيقي العربي، خاصة ليستشف الدارس السبل الممكنة للحركية الأدائية الخاصة بالموسيقى العربية واستأنسنا بنموذج في مقام البياتي وأشكال متعددة (أداء لتقنية النبر المنفرد على التشيلو والنبر المصاحب لآلتي الكمان والعود)حتى تعتاد الأذن على سماع هذا البعد الوسط بين مسافة النصف تون والربع تون وهو ما يرتبط ارتباطا مباشرا بوضع إصبع العفق لهذه المسافات على مرآة الآلة حتى يعتاد الطالب عليها، اخترنا المركب (8/10) السماعي الثقيل وهو من الإيقاعات الآلية أو الغنائية ويعتبر من الإيقاعات التي يجب أن يعتاد عليها دارس التشيلو كدراسة عربية.

تمرين على أداء النبر بطريقة الأوكتاف
Pizziczto

تمرين لأداء الإيقاع السماعي الثقيل

أداء لتقنية النبر على الأوتار
تنفيذ لآلة الكمان وآلة الإيقاع مع آلة التشيلو

 

إن ظاهرة تمسك مدرسي التشيلو الغربي بتنشئة المتعلم وصقل إعدادات كفاءاته على الأداء الموسيقي الغربي يفرز عدة مشاكل من بينها حالات من الانقطاع بسبب القلق واليأس للمتعلم بممارسته لنفس النمط المتعارف عليه أو العزوف بسبب عدم تجاوز المستوى التنفيذي المطلوب من خلق أسلوبية الأدائية وفتح المنافذ الارتجالية لجل الموسيقات باستثناء النظام التونالي.

إن لطبيعة الجانب الأدائي من شأنه أن يؤثر على قرار الاختيار لدى المتعلم اعتبارا أن المستفيد من تعليم التشيلو بغية الوصول الى الأداء الآلي المنفرد ليس «الصولو»18 فقط بل «العزف المنفرد»19 كسائر الوتريات الأخرى (مثالا الكمان والعود) ولتوفر ضبابية منهجية للأداء الموسيقي العربي يتولد نقص معياري لدى دافعية المتعلم وتحفيزه على الاختيار وتبقى «البصمة الأدائية للمدرس» أملا تتغنى بها أبرز مؤشرات أسس الاختيار باعتبارها عاملا حسيا مباشرا للمستفيد.

2) الصعوبات التي تواجه متعلم التشيلو المبتدئ وكيفية التغلب عليها:

لكل متعلم آلة موسيقية صعوبات يواجهها المؤدي من شأنها أن تنعكس سلبا على مصيره لاختيار التشيلو باعتبارها أصبحت عائقا أدائيا ذهنيا لذلك نرى أنه من المستحسن التوجه نحو البحث وانتقاء النماذج الموسيقية القابلة للتنفيذ الأدائي كوسيلة تعليمية والاستفادة منها في تذليل الصعوبات التي تواجه المتعلم المبتدئ وذلك عن طريق التوصل الى أهمية صياغة الألحان المشهورة بما يتناسب مع أسلوب الكتابة للآلة والسعي وراء تحويل المادة العلمية من مادة جافة الى مادة مسموعة من قبل المدرس الى جانب أداء السلم وعزفه في صورة لحنية من خلال اللحن المعروف.

نطرح نموذجا لمقدمة موسيقى «النهر الخالد» في مقام الكرد يتطرق للمحور النغمي والانتقالات الوضعية (Shifting) في كل منحى تعبيري مناسب.

مقدمة النهر الخالد
الموسيقار محمد عبد الوهاب

لا يفوتنا أنه ثمة عوامل نراها قاسية تستوجب انقطاع المتعلم لتعليم التشيلو خاصة أن هذه العوامل تتمثل في أخطاء تقنية (إمساك الآلة وإمساك القوس) أدائية شائعة من شأنها أن تعيق العملية التعليمية وتأخذ من منظور تطبيقي أبرزها كالآتي:

عدم ملاءمة المقعد لطوله أو الجلوس على مقعد غير مطابق للمواصفات ربما لعدم توافر الإمكانيات أو تغاضي بعض المدرسين حديثي التخرج عن أهميته في العملية التعليمية.

1. قصر طول المقعد بالنسبة لطول الدارس الذي ينتج عنه احتكاك القوس بالساق اليمنى للمتعلم خاصة في حالتي العزف على الوتر الرابع (دو) وبالساق اليسرى على الوتر الأول (لا). دخول الآلة داخل منحى ساقي الدارس أكثر من الازم واختلاف نقطة تلامس الركبتين مع الآلة

2. زيادة طول المقعد بالنسبة لطول الدارس والذي ينتج عنه عدم ثبات القدمين على الأرض، أو ثباتهما بشكل جزئي، أو التفافهما حول ساقي المقعد أو حول بعضهما.

3. عدم مطابقة المقعد للمواصفات: قد يكون المقعد مناسبا لطول المتعلم ولكنه غير مطابق للمواصفات الآتية كعدم ثباته على الأرض نتيجة لعدم تساوي ساقيه الأربعة في الطول أو ميول أحد جانبيه نتيجة لقصر طول ساقين منهم. كذلك أن يكون المقعد غير مسطح من القاعدة أو الخلف وأكثر هذه المقاعد ضررا في العملية التعليمية هو المقعد المنخفض من الخلف والذي يؤدي الى تقويس الظهر ونزول الجسم من الخلف داخل المقعد.

وللتغلب على هذه الأخطاء نرى من الضروري ملاءمة حجم المقعد وارتفاعه بالنسبة للمتعلم التي تعتبر من أهم عناصر التدريب على الآلة خاصة بالنسبة للأطفال أو قصيري الطول من الكبار، فلا بد أن يكون لهم مقعد قصير بحيث تلامس أقدامهم الأرض تماما ويكون إنشاء الساقين على شكل زاوية قائمة، أما بالنسبة لمواصفات المقعد فلا بد أن يكون مسطحا من القاعدة والظهر وثابتا على الأرض وغير مائل من أحد جانبيه.

يلعب القضيب المعدني دورا هاما في العملية التعليمية وقد يترك المدرس حرية التحكم في طوله واختيار مكانه على الأرض وتظهر أخطاء من شأنها أن تعيق العملية التعليمية والأدائية كقصر طول القضيب المعدني بالنسبة لطول المتعلم والذي يترتب عنه قصر طول الآلة بالنسبة لطول الدارس وانخفاض لوحة المرايا عن مستوى وضع اليد اليسرى وبالتالي زاوية فتح الساعد بالنسبة للكتف، وانخفاض الجزء المخصص لمرور القوس أفقيا بشكل مستقيم على الأوتار وبالتالي يكون العزف أعلى هذا الجزء مما ينتج عنه صدور صوت خافت وغير جيد، كما أن زيادة طول القضيب المعدني بالنسبة لطول المتعلم مما ينتج عنه زيادة طول الآلة بالنسبة لطول المتعلم، كذلك ارتفاع لوحة المفاتيح عن مستوى وضع اليد اليسرى، وقد يكون هذا الوضع مريحا بالنسبة للوضع الرابع (وضع العنق)، ولكن في حالة الوضع الأول تكون زاوية فتح الساعد بالنسبة للكتف صغيرة وضيقة مما يضطر المتعلم لرفع اليد اليسرى أكثر من اللازم وتعليقها، الأمر الذي يسبب حالة من التعب في الذراع والكتف. كذلك ارتفاع الجزء المخصص لمرور القوس أفقيا بخط مستقيم على الأوتار، وبالتالي العزف أسفل هذا الجزء قريبا من الفرسة مما ينتج عنه صدور صوت زجاجي حاد. للتغلب على هذه الأخطاء نرى تقصير أو تطويل القضيب وفقا لطول المتعلم بإرشاد مدرس الآلة حيث تتوسط الآلة جسم المتعلم وتكون الحافة اليمنى للجزء العلوي لظهر الآلة (بجوار الرقبة) ملامسة للصدر على أن يكون مفتاح وتر (دو) خلف الأذن اليسرى مباشرة ويكون صندوق الآلة بين ساقي المدرس وتساعد الركبتان في إحكام إمساك الآلة لعدم تحريكها يمينا أو يسارا والتحكم في زاوية ميل الآلة، وتكون نقطة تلامس الركبتين في المنحى الصغير الواقع تحت التجويف الكبير الذي ينتصف الآلة، بينما تلامس الركبة اليمنى جانب الآلة وتكون على شكل زاوية حادة بينما تكون الساق اليسرى على شكل زاوية قائمة وبذلك تكون القدم اليمنى خلف القدم اليسرى بحوالي أربع أو خمس بوصات.

4. د- قرب مكان وضع القضيب المعدني على الأرض بالنسبة لجسم الدارس الذي ينتج عنه ضيق زاوية ميل الآلة بالنسبة لجسم المتعلم أو إلصاقها به والذي يسبب ارتطام ساعد اليد اليسرى بالناحية اليسرى من صدر المتعلم في حالة العفق على لوحة المفاتيح واحتكاك القوس بساقي المتعلم في حالة العزف على وتري (دو) و(لا).

5. ه- بعد مكان وضع القضيب المعدني على الأرض بالنسبة لجسم المتعلم والذي ينتج عنه زيادة زاوية مثل ميل الآلة بالنسبة لجسم المتعلم وابتعادها عن الجسم أكثر من اللازم والذي يسبب أولا عدم إحكام إمساك لآلة نتيجة بعدها عن سيطرة ركبتي المتعلم، ثانيا إجهاد الذراع الأيسر بأقل مجهود عزفي بسبب ارتفاع الكتف نتيجة فتح مفصله أكثر من اللازم لإمكانية العفق على لوحة المفاتيح بالأسلوب الصحيح (استقامة اليد مع الساعد) أو أن يضطر المتعلم للتغلب على هذه المشكلة عن طريق غلق مفصل الكتف على حساب الطريقة الصحيحة للعفق وذلك بثني مفصل الرسغ للخارج وتركيز قوة الأصابع في العفق على اليد فقط مع عدم اشتراك الساعد لعدم استقامة الذراع، مما ينتج عنه ضعف عفق أصابع اليد. وللتغلب على هذه الأخطاء نرى أنه إلى جانب اختيار الطول المناسب للقضيب المعدني على الأرض يلعب دورا أساسيا في اختيار زاوية ميل الآلة بالنسبة للجسم والتي تتراوح بين 55° و65° .

6. و- عدم ثبات القضيب المعدني على الأرض مما ينتج عنه انصراف تركيز المتعلم عن العزف الى محاولة إحكام إمساك الآلة بقوة بين ركبتيه، الأمر الذي يسبب حالة من التوتر والشد في كل أجزاء الجسم ويحدث ذلك لأحد الأسباب الآتية :

- أن يكون القضيب المعدني غير مدبب من طرفه.

- نعومة الأرض مثل (أرضيات السيراميك والرخام وغيرها).

- مرونة القضيب المعدني بسبب رفع سمكه أو صناعته من معدن غير صلب.

- عدم إحكام ربط القضيب المعدني بسبب خلل في المسمار الذي يتحكم في ربطه.

وللتغلب على هذه الأخطاء نرى أن القضيب المعدني الذي يثبت في نهاية الآلة لإسنادها على الأرض يجب أن تكون شاملة المواصفات الآتية :

1. أن تكون صناعة القضيب من المعدن الصلب الذي لا يمكن انثناؤه أو نقوسه مع مراعاة السمك المناسب.

2. أن يكون مدببا من نهايته.

3. إحكامه بمفتاح قوي من المعدن يثبت في الآلة عن طريق جزء خشبي قوي مدبب، ومثبت في الجانب السفلي للآلة.

4. أن يكون طوله مناسبا بحيث يتناسب مع أطوال جميع المتعلمين.

أكثر الأخطاء شيوعا بين المتعلمين المبتدئين تظهر في طريقة إمساك القوس نظرا لاختلاف أطوال أصابع اليد مع بعضها، إلى جانب اختلاف أطوالها وسمكها من شخص لآخر خاصة اصبع الإبهام الذي يتميز بطبيعة خلقية خاصة من حيث قطره وسمكه وزاوية انحرافه واختلاف قوة مفصله من شخص الى آخر وتظهر هذه الأخطاء محاولة من الدارس لإحكام إمساك القوس، ولكن بطريقة خاطئة حيث يقوم بإمساك القوس بقوة عن طريق ضغط الأصابع الأربعة (القوة)-وضغط اصبع الإبهام (المقاومة)- الأمر الذي يؤدي الى إجهاد اليد والذراع الأيمن، وإعاقة حركة مفاصل الذراع خاصة مفصل الرسغ على النحو التالي:

1. اصبع الإبهام :

- دخول إصبع الإبهام أكثر من الازم في التجويف الواقع بين طرفي الماكينة.

- ضغط إصبع الإبهام بقوة على عصا القوس أو طرف الماكينة.

- ثني مفصل إصبع الإبهام للداخل بدلا من الخارج مخالفة لطبيعته الخلقية، مع تعرضه للشد العضلي.

2. الإصبع الرابع (الخنصر)20 :

- التفاف الإصبع الرابع حول مفتاح الماكينة مع دخول القوس الى راحة اليد بشكل مبالغ فيه.

- استقامة الإصبع الرابع بحالة من الشد العضلي مع وضع طرفه أعلى مفتاح (الماكينة)، أو العصا، أو وضعه أعلى العصا دون لمسها على الإطلاق.

3) حوصلة:

إن حسن اختيار الآلة الموسيقية له من الأهمية في أن ينتقل الموسيقي من مرحلة الهواية الى مرحلة الاحتراف فالآلة الموسيقية وإن كانت الوسيلة في إصدار النغمات تبقى الموسيقى الأداة الأساسية في ابتكار هذه النغمات إذ بدونه لن تصدر هذه الآلة موسيقى فلكل آلة رنينها الخاص وهذا ما يجعل الموسيقي يفضل آلة عن أخرى وتكون هي مصدرا لإلهامه لكي يرتقي من الهواية إلى الحرفية . هذا الاختيار ماهو الا نقطة بداية لكل موسيقي هاو لكي يكتشف الذوق الذي يميل إليه ويلتصق به حتى يحسن آداؤه ويطور مستواه لكي يصل في مسيرته إلى الحرفية المنشودة وتكون بذلك حافزا ومحفزا له.

خاتمة

من خلال هذه «القراءة النقدية» تجاه تمركز «آلة التشيلو» تعليميا وأدائيا، اضطررنا لتسليط الضوء على الأسباب والدوافع التي لها تأثير على العملية التعليمية لدراسة الأداء الآلي تجاه التوصل لقرار الاختيار كمرحلة رئيسية وهي من الأولويات التي يمر بها متعلم الآلة الموسيقية

إن مجال فنون الأداء الآلي مرتبط بثقافة وسيكولوجية تعود عليها الموسيقيون بالدربة فنرى أنه لا بد من رسم استراتجية إنمائية بمعنى الانطلاق من أهداف عامة محددة ووضع الخطط والبرامج لتحقيق هذه الأهداف وضبط آليات لازمة لتنفيذ خطط وبرامج عبر أنشطة محددة وهادفة قابلة للتعميم تجاه السلك التعليمي والأدائي ولبلوغ الحد الأقصى لتحقيق مبدإ الديمقراطية الثقافية للتعريف بفن الأداء الآلي كثقافة آلية لابد من الاعتناء بها كمنفذ حسي يعرف بالهوية الموسيقى المؤداة للتشيلو العربي أو الغربي عن طريق سمات منهجية نصفها في شكل إرساليات آلية تعبيرية سماتها اجتماعية، عرقية...فهل من آلية لتصنيف النمط الأدائي لعازف التشيلو بعد مرحلة من التكوين..؟

الهوامش

1. يبقى مصطلح «الكمان الجهير» هو المعتمد في معاجم المجمع العربي للموسيقى «violoncello» التشيلو كتابة حرفية للمصطلح الأنجليزي منذ حوالي سنة 2001 باتفاق أغلب الباحثين العرب والأمر هو نفسه في تسمية الرباعي الوتري ذات القوس الكمان/الكمان الأوسط/الكمان الجهير/الكمان الأجهر لكن الباحثين الموسيقولوجييين التونسيين لا يرددون استعمال هذا المصطلح المركب (الكمان الجهير) اذ في ذلك تشبه بترجمة بعض المصطلحات الأجنبية كما أن مصطلح (الكمنجة الكبيرة) متداول في كتب المرحوم صالح المهدي وكتيبات المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية وذلك أن كلمة كمنجة هي أقرب الى اللهجة العامية الدارجة من اللغة العربية الفصحى.

2. أغلبية الجهات التونسية يتوفر فيها النشاط الموسيقي في معاهد الموسيقي والفرق الموسيقية الخاصة بوزارة الثقافة.

3. من منطلق سبر آراء عينة من المتعلمين ومن شرائح عمرية مختلفة والذين هم بصدد البحث عن اختيار آلة موسيقية للدراسة ثم الإجماع أن سماعهم للتشيلو كان في مصاحابات هارمونية أو ميلودية فتصدر أصوات غليظة تكاد تكون واضحة من حيث الطابع وتتسم بالغموض في خيال المتعلم المبتدئ الباحث عن الآلة الموسيقية.

4. الفرق بين أبعاد مواضع عفق الأصابع على الملمس بين آلتي الكمان والتشيلو وتحصل الاستفادة لدى البعض من متعلمي التشيلو في سهولة معرفة تتالي النغمات الموسيقية .

5. المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية أو المدرسة الرشيدية أو اختصارًا الرشيدية هو معهد للموسيقى في تونس تم تأسيسه سنة 1934 لاحياء وتطوير التراث التونسي الأرت الرشيدية علي يد ثلة من المثقفين التونسيين وعلى رأسهم مدير التشريفات بالوزارة الكبري وشيخ مدينة تونس وقد سميت بهذا الاسم نسبة لمحمد الرشيد باي 1710 - 1759 وهو أحد الأدباء والفنانين الذين ظهروا في القرن الثامن عشر الميلادي في تونس .

6. عازف تشيلو ايطالي درس العديد من عازفي التشيلو بتونس.

7. من منطلق التفكير لدى كانط المعرفة القبلية الفطرية محدودة لا بدا من الخبرة لأن العقل يصقل الخبرة.

8. Baye, Ariane ,Les cours d’instrument semi –collectif : pistes d’action et de réflexion, fishe pédagogique Bernadelle chat, Recherche Agers, Aout 2002.

9. تتم عملية الاستقبال عن طريق المخ الأيسر من الجانب الأيمن من الدماغ.

10. يميز أرسطو بين الذاكرة والتذكر ماهو نظري نوع من التميز الذي تقترحه فينومولوجيا الذاكرة بين مجرد استدعاء بسيط وبحث أو جهد للإستذكار،

11. شارون، كيه هول، تنشئة الأطفال في القرن الحادي والعشرين، علم الصحة النفسية للأطفال، ترجمة أحمد الشيهي، مراجعة مروة عبد الفتاح شحاتة، ص 25.

12. المصدر السابق.

13. في مصر يطلق على عازف التشيلو المختص بأداء الموسيقى العربية بعازف تشيلو عربي وقد صرح عازف التشيلو عماد عاشور بأنه يستحسن أن نطلق تسوية تشلو عربي أفضل من تشلو شرقي بحكم أن الكتلة الشرقية تضم دول أوروبية مثل ) روسيا، رومانيا، بولغاريا، يولندا...( تضم دولا أوروبية لا ينتمون الى العرب علما بأن جذور آلة التشيلو غربي.

14. عويس، محمد زكي، تطوير التعليم العالي رؤية عربية كراسات مستقبلية، المكتبة الأكادمية، شركة مساهمة مصرية.

15. بمعنى أن كل مدرس له منهج معين من ناحية طريقة انتقاء التمارين للمتعلم ومعالجة الصعوبات الأدائية المعترظة.

16. من وجهة نظر الأستاذ الدكتور محمود عبد المقصود أستاذ في كلية التربية الموسيقية جامعة الحلوان ومدرس آلة التشيلو اثر لقاء معاه.

17. نقصد بالروبوتيزم بمعنى سلوك لأداء آلي حركي بمقاربة دينامكية مقننة وواضحة تقنيا، تكون غير قابلة للإضافة كما أن أداء الموسيقى العربية لا يقتصر على الدينامكية الآلية عند الأداء من حيث تفعيل التقنيات الآلية العالية سواء كان صوتيا أو آليا ويطغى الجانب الهيترفوني على حساب الجانب التقني من خلال بعض الأعمال والمؤلفات والقوالب.

18. نقصد بـ«الصولو» أداء آليا لفاصل موسيقي يتجلى معناه اعادة أو استذكار لفكرة لحنية أو مداخلة لحنية أو بوليفونية.

19. نقصد بالعزف المنفرد أداء آليا لقالب موسيقي عربي أو تركي(معزوفة، سماعي، بشرف، تحميلة...) سواء كان موزونا (مصاحب بلإيقاع) أو حرا كذلك تكون إمكانية الأداء مصاحبة لفرقة موسيقية أو تخت.

20. قمنا بترقيم أصابع اليد اليمنى في إمساك القوس وفقا لترقيم أصابع اليد اليسرى في إمساك الرقبة.

المصادر العربية:

- صالح المهدي، ومحمد المرزوقي، المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية، تونس، الشركة التونسية لفنون الرسم، 1981، 153 ص.

- شاارون، كيه هول، تنشئة الأطفال في القرن الحادي والعشرين ، علم الصحة النفسية للأطفال، ترجمة أحمد الشيهي، مراجعة مروة عبد الفتاح شحاتة، ص 25

- عزت، سعيد، التذوق الموسيقي، دائرة معارف موسيقية، الطبعة الأولى، القاهرة، 1958، ص 123

- الحفني، محود أحمد، علم الآلات الموسيقية، مطبعة النهضة، الطبعة الأولى، القاهرة

- صادق، آمال. أثر الموسيقى في تنمية سلوك الطفل، مجلة آلية التربية، المجلد الثالث، جامعة عين شمس، القاهرة.1985

- صادق، آمال وأمين، أميمة. الخبرات الموسيقية في دور الحضانة ورياض الأطفال، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، 1985.

-

المصادر الفرنسية:

- Baye, Ariane ,Les cours d’instrument semi –collectif: pistes d’action et de réflexion, fishe pédagogique Bernadelle chat, Recherche Agers, Aout 2002

- Marylin Corcos, "La mémoire et l’oubli, de la psychanalyse aux neurosciences", Le Carnet PSY 2008/3 (n° 125), p. 32-35.

- Alexander, Buchner, les instrument de musique a travers les ages, traduit en français par konstatin Jelinek, grand paris, 1972, p7

- Andé schaeffner, origine des instrument de musique, Mouton Editeur maison des sciences de Homme, 3éme reeditions, paris,1980,P.303-305

- Lains, David, l’oralité dans l’enseignement artistique de la musique, Bretagne, 2002-2004

- Norman Lamb (Guid to teaching strings) sixth edition- wm. C. brown communications, ins-U.S.A (1994).

- William Pleath, edited by, Nona pyron (the Cello) Schirmer Books-New York (1985).

الصور

1. https://preview.redd.it/r3o7qwuudl231.jpg?width=960&crop=smart&auto=webp&s=56cb601cc15478454d4c61259c70ae2087128aaa

2. https://www.pixaap.com/images/items_thumb/B-PIXAAP[DOT]COM-1535749743.jpg

أعداد المجلة