فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
56

تحية لأنموذج البحرين المتفرد في القيادة

العدد 56 - المفتتح
تحية لأنموذج البحرين المتفرد في القيادة
رئيس التحرير

عند كل عيد وطني يمرعلى البلاد، أتأمل باعتداد كامل المنجز الحضاري الذي تحقق لها في خضم الأحداث العالمية المتسارعة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا أعجب كيف لهذه البلاد المحدودة بمساحتها وثرواتها الطبيعية أن تُـنجز ما تُـنجز بتميز وحولها ما حولها من التحديات؟ وكيف يعلو صوتُها من بين أصوات الدول الكبرى كأنموذج للتعايش الإنساني والنموالاقتصادي المرن المتفاعل بجرأة مع المتغيرات، إلى جانب الانفتاح الاجتماعي القابل بجسارة إلى الأخذ بكل مستجدات العصر ومعطياته، وإحراز التعافي في مواجهة أمراض العصر؟!

ومن عاش الطفولة من أبناء جيلي عند بدايات خمسينيات القرن الماضي، لا بد وأن يتذكر حين عبوره راكباً السيارة إلى المنامة على جسر الشيخ حمد، وهو الجسر الوحيد الذي كان يوماً ما يربط المحرق بالعاصمة، كيف كانت السيارات تتوقف في طابور لدفع أجرة عبور الجسر قبل أن يُغلق لساعات عند منتصف النهار لتتمكن السفن والقوارب من العبور خلاله، فتتكدّس السيارات إلى أن يُعاد فتح ممر الجسر. أتذكر ذلك، وأُحصي اليوم عدد الجسور والمدن وكل منجزات البنية التحتية التي هيأت بيسر لربط هذه البلاد الصغيرة ببعضها بعد أن توسعت.

كانت ذلك الوقت في مدينة المحرق مدرستان تحضيريتان، واحدة في جنوب المحرق والأخرى في شمالها، وهناك مدرسة الهداية الخليفية الابتدائية الوحيدة، فقس على ذلك الآن عدد وتنوع المدارس والمعاهد والجامعات الحكومية والأهلية في كل أنحاء البحرين. وهناك الكثير من معطيات ذلك الزمان، لوأردنا قياس ما كان إلى ما نحن فيه، وسنجد المشوار، بعناية وتوفيق من الله سبحانه وتعالى، كان طويلاً مع التخطيط والجهد والتوفيق لتحقيق ما بين أيدينا اليوم من تراكم المنجزات.

إن العهد الزاهر للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، وما استحدثه من أفكار ومشاريع تنموية كبرى في مجالات خدمة المجتمع وتمكين المرأة والتعليم والإسكان والتكنولوجيا، واستحداث آليات ناجحة للتعافي من كل ما يستجد من أمراض بشرية وآفات إجرامية مالية، والبروز إلى العالم بمشاريع استراتيجية كبرى لبناء مستقبل بلد يستقطب الاستثمارات بكفاءة ويضاعـف من قدرات الموقع التنافسي التاريخي للبحرين بمبادرات لتنمية الاقتصاد وخلق فرص نوعية في التصنيع والخدمات اللوجستية والسياحة.

إن بناء أي مجتمع لا بد وأن يعتمد في الأساس على العناية بالفرد وتيسير أمور الحياة الضرورية له، وأهمها الكرامة والقيمة الإنسانية الرفيعة، والتأسيس لبناء الذات بكل مقوماته الفكرية والثقافية لجيل جديد تتوفر أمامه كل سبل العيش الكريم من أمن وغذاء وصحة وتعليم ومسكن وعمل شريف، وهو ما عـنيَ به المشروع الإصلاحي لهذا العهد الزاهر، وعمل برؤية حصيفة على استكمال جوانبه، والتقدم به في مسارات متوازية وبخطى حثيثة موفقة راعت العديد من مستجدات وتطورات العصر، وتقدمت في كل مجال من مجالاته باستحداثات وتطويرات تتناغم وظروف الواقع المحلي وإمكانيات تفاعله المعيشي. ولا يمكن ذلك إلا من خلال مؤسسات وهيئات عمل نوعية تتجاوز الأطر التقليدية لتقدم الأنموذج البحريني المتفرد بامتياز في القيادة.

في عام ضراوة الظروف التي فرضتها جائحة كرونا على البحرين والعالم، بكل تأثيراتها القاسية الصحية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والنفسية جعلت من هذا العام عام الصعاب والتحديات الكبرى التي مرت على العالم بتأثيراتها المتعددة. فكانت الجهود المتميزة لفريق مملكة البحرين التنفيذي بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله جهوداً استباقية غير عادية، حفزت العديد من قطاعات المجتمع على التفاعل معها، بل والانخراط الجماعي بالتطوع لإسنادها، مما عزز روح المشاركة الاجتماعية والمسؤولية الوطنية.

وليس غريباً أن يتحقق للبحرين مُنجزاً يبرزها بلداً رائداً من بين مختلف الدول الصغيرة منها والكبيرة، فالعوامل المؤثرة عديدة، وأولها الرؤية الوطنية الحكيمة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله وتوجيهاته القيادية، إلى جانب روح العزيمة الوطنية والإصرار على تحدي الظروف ومواجهة الأزمات التي يتحلى بها سمو ولي العهد رئيس الوزراء، التي حفّـزت على استنهاض الروح الوطنية وجددت الإيمان بقيمة العمل الوطني المشترك.

نبارك للمقام السامي لجلالة الملك حفظه الله عيد البحرين الوطني، كما نبارك العيد الوطني لسمو ولي العهد مقدرين جهود فريق البحرين في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى ودعم خطة التعافي الاقتصادي. مبروك لشعب البحرين العريق عيد البلاد الوطني.

حفظ الله البحرين وأهلها وبارك كل أعيادها، مع تحية لأنموذج البحرين المتفرد في القيادة.

 

أعداد المجلة