فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
57

«الثقافة الشعبية» وأخلاقـيّـات الماء

العدد 57 - المفتتح
«الثقافة الشعبية» وأخلاقـيّـات الماء
رئيس التحرير

كالماء الـنّـقي الصّافي، الطّالع من نبع أصيلٍ بأرض طيّبةٍ خصبة، وهو يجري متحدراً بأخلاق وخواص الماء النّبيلة في الحياة، وبفعله المؤثـر أينما وصل، وكيـفـما اتصل عطاؤه، تواصل مجلة «الثقافة الشعبية» الصدور لتخطو بهذا العدد الجديد رقم 57 خطوتها الثانية في سنتها الخامسة عشرة، متجاوزة كل أنواع العقبات التي فرضتها جائحة كوفيد – 19 الصحية التي اجتاحت العالم، وذلك من بعد سنوات حافلة بانتظام الصدور والتجدد، والحفاظ على المستوى العلمي التخصصي، في موازاة الترحيب الدائم بنتاج كل أقلام الاختصاص الرصينة من كافة أنحاء العالم، تُسندنا هيئة علميّة عالميّة احترافيّة، تؤدي عملا ديناميكياً متواصلاً، بشراكة ممتدة مع المنظمة الدوليّة للفن الشعبي (IOV)، وهي شراكة عمل لوجستي تفاعلي مثمر ومتواصل، يشمل جميع المجالات المتصلة بالتراث الشعبي، هذه الشراكة التي يَعتدّ كلٌ منّا فيها بالآخر.

إن جهات العمل المساندة لإصدار هذه المطبوعة العلمية المحكّمة، قد لا تبدو ظاهرة كلّها لمن يطالع النسخة الورقيّة من قرائنا عبر 163 بلداً من بلدان العالم بطباعتها الملونة الزاهية، أو للملايين المرصودة من زوار موقعنا الإلكتروني النشط والدائم الحيويّة. فمن الطبيعي ألاّ يبرز جهد كلّ من هم وراء هذا العمل من الجنود المجهولين، الذين يبذلون يوميّاً جهوداً مخلصة ومضنية لتأمين انسياب العمل بحرفـيـّة الاختصاص، وبـحسن المثابرة حتى في أصعب الظروف.

وليس أدل على ذلك مما تعرضنا له وكل العالم خلال هذه الجائحة الصحية، التي اضطرتنا جميعاً إلى توخّي الحذر الشّديد خوف الإصابة، وذلك بتغيير نمط حياتنا الاعتيادية، ومنها ظروف دوام العمل اليومي والاضطرار إلى التواصل عن بعد. فإذا كان إنجاز العمل اليومي المطلوب نظريّاً أو مكتبيّاً فالأمور لا شك أيسر، إلاّ أن التعامل مع إنجاز متطلبات الطباعة والشّحن والتوزيع لا يفيد التعامل معها عن بعد وإنما بالحضور والتواجد، فكان في ذلك العديد من مخاطر الإصابات الفعليّة إلى جانب احتمالات نقل العدوى، وهو ما حرصنا تجنبه قدر المستطاع، وكان في ذلك تحد كبير لانسيابية العمل اليومي المعتاد.

ربما كان ذلك من أصعب ما واجهنا طيلة سنوات الإصدار الأربعة عشر الماضية، فما أفرزته الجائحة الصحية، وما طال عملنا من أعطال، ومنها توصيل النسخ الورقية إلى عدد كبير من المشتركين محليا وعربيا وعالميا نتيجة تعطل أغلب وسائل النقل السطحي والجوي وتأخر وضياع العديد من الإرساليات والتفرغ للإجابة على استفسارات العديد من المشتركين، ومن ثم تعويض مالم يصل أو ما لم يُستلم لسبب أولآخر، إلا أننا قبلنا مرغمين بهذا التحدي وواجهه طاقم العمل بالمزيد من الحرص على اتباع الإرشادات الصحية المتوخّاة، والتي تميزت بها القيادة البحرينية عالمياً، وبالعمل بأخلاقيات ووسائل الماء في الانسياب والتسرّب من أدقّ المنافذ لفتح طريقٍ في الخروج للتدفّق والوصول. فكان العمل المخلص الدؤوب صباح مساء مستمراً من المنزل والمكتب ومن العديد من مواقع العمل المبتكرة الأخرى، فلم يتأخر إصدار أيّ عدد من أعدادنا خلال فترة الجائحة الصحيّة، وإن تأخّرت الأطراف المعنيّة الأخرى بتوصيله.

إن الثقافة الشعبيّة، وهي تجتاز بنجاح العديد من الصعاب والتحديات التي تواجه المطبوعات والدوريات العربية المثيلة، ليسرها أن ترفع أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان إلى المقام السّامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظه الله ورعاه، للتوجيهات الملكية السّديدة ولاستمرار الدعم والمساندة، لتأكيد أهمية عمل هذه المطبوعة في حمل رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم.

تحية اعتزاز وتقدير لكتابنا ولقرائنا الكرام في كل مكان ولكل العاملين المخلصين ممن لهم أياد ٍكريمة في أن تكون لمجلة «الثقافة الشعبية» مكانة تليق بالبحث المعمّق والدّرس الرّصين المتمــكّـن.

جنب الله مملكة البحرين والعالم كل أنواع الأوبئة وحمى الله الإنسان من مختلف الأخطار والشرور. إنه سميع مجيب الدعاء.

أعداد المجلة