فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
57

سيميائية الأم في الحكاية الشعبية القطرية

العدد 57 - أدب شعبي
سيميائية الأم في الحكاية الشعبية القطرية

إشراف: د. محمد مصطفى سليم

مثلت الأم أيقونة رمزية ودلالية في الأدب شعرًا ونثرًا، غير أنها تحضر في الحكاية الشعبية مصحوبة بظلال وتوظيفات مختلفة، إلا أنها شكلت محورا مهما في وجدان الإنسان وفي وجدان الفنان، والحكاية الشعبية في حد ذاتها تعد فضاء مناسبا أكثر أهمية استوعب الأم بتعدد مظاهرها وتعدد أدوارها، فكانت الحكاية الشعبية بمثابة فضاء للتربية والتعلم أسهم في تشكيل وجدان الإنسان منذ الطفولة وإلى الآن، غير أن الأمر من منظور الحكاية الشعبية في قطر، يتمثل في جملة من المظاهر التي قد تتقاطع مع الأم في حكايات شعبية ضمن أقطار مختلفة من الوطن العربي أو على مستوى العالم؛ فأدوار الأم لا تتغير، ولكن التوظيف الفني هو الذي قد تطرأ عليه تغيرات ربما تنبع من المخيلة الشعبية التي توجّه حضورها ضمن أطر ثقافية معينة، وهذا ما يستدعي البحث في سيميائية الأم بما تحمله من علامات في الحكاية الشعبية القطرية لنتبصر بحثيا حول الدور الذي تؤديه الأم وفق الوظائف النفعية أو التواصلية أو الوقوف على مقدار من التماثلات أو التشابهات مع حكايات أو مع أنماط حكائية أخرى، وعلى هذا الأساس يستوجب الأمر إطارًا تمهيديًا نتناول فيه بعض المفاهيم المتعلقة بفضاء البحث، منها: مفاهيم السيميائية والحكاية الشعبية، ثم خصوصية الحكاية الشعبية القطرية.

تناولت العديد من الدراسات في الوطن العربي المرأة بمختلف أدوارها في الحكايات الشعبية من منظور سيميائي، إلا أنه كان من الصعب الحصول على دراسات سيميائية متعلقة بحضور الأم تحديدا، فالدراسات القطرية على وجه الخصوص منعدمة في هذا الجانب، لذلك تُعد هذه الدراسة إضافة متواضعة تطرقت إلى جانب غائب في الدراسات السيميائية، أجرت دراسة بعنوان «صورة المرأة في الحكاية الشعبية لمنطقة وهران: دراسة سيميائية»(1) باستجلاء نماذج مختلفة لصور المرأة في حكاية شعبية جزائرية (حكاية أولاد السلطان) وتحليلها سيميائيا من خلال ثلاث مكونات: السردي والخطابي والدلالي إذ جاءت صورة المرأة بين المألوف والمخالف، وتناولت دراسة «الحكاية الخرافية في منطقة وادي سوف مقاربة سيميائية»(2) تحليل مجموعة من الحكايات المرتبطة بوادي سوف ودراستها من خلال عدة مقاربات: المنهج المورفولوجي والسيميائي من خلال النموذج العاملي والمربع السيميائي وصولا إلى الثنائيات الضدية لشتراوس.

ومن الصعوبات التي واجهت البحث، الوصول إلى دراسات عُنيت بسيميائية الأم سواء في الحكايات الشعبية القطرية أو على مستوى الوطن العربي، فأغلب الدراسات اتخذت المرأة بمختلف أدوارها وصورها موضوعا لها، فكانت الأم جزءًا منها بدلا أن تكون موضوعا رئيسيا، كما أن حضور الأم في الحكايات الشعبية لم يكن بارزا مثل حضور المرأة كزوجة وابنة، فكان هناك ما يشبه الصراع بين الشخصيات، وكذلك عدم وجود مدونة شاملة وجامعة لكل الحكايات الشعبية القطرية؛ وذلك قد يرجع إلى قلة الباحثين في مجال الدراسات الفلكلورية، فأتت الحكايات الشعبية بشكل متناثر جمعها عدد من الكتّاب المهتمين بحفظ التراث ولكن بشيء يخلو من المنهجية إذ يتدخل الكاتب بتحويرها أو الإضافة عليها مما قد يُخرجها من نطاق السرد الشفاهي.

السيمائية: قضايا ومفاهيم:

تعددت تعريفات السيميائية(3) ولم يُتفق على تعريف محدد لها؛ فهناك ما يشبه الفوضى العارمة التي تناولت هذا المصطلح سواء بتعريفه أو تحديد مفهوم له، ويمكن أن نصل إلى بعض النقاط المحددة لجوهره حيث نجد أن الفكر الغربي تداوله في مصطلحين: يعرف الأول باسم السيميولوجيا Sémiologie وارتبط ظهوره بجهود اللساني السويسري فرديناند دي سوسير (1857-1913)، بينما يرتبط المصطلح الثاني (السيميوطيقا) Sémiotique بجهود الفيلسوف الأمريكي شارل ساندرس بيرس (1839-1914)، من هذا المنطلق انحاز الاتجاه السوسيري إلى تسمية هذا العلم بالسيميولوجيا، بينما اتبع جماعة بيرس تسمية السيميوطيقا، فسوسير أشار بأن السيميائية تهدف إلى دراسة حياة العلامات مع ارتباطها بالمجتمع من خلال ماهية العلامة والقوانين التي تحكمها، فهو يرى أن اللغة هي نظام من العلامات التي تعبر عن الأفكار، ويمكن مقارنتها مع الكتابة ومع أبجدية الصم والبكم، ومع الطقوس الرمزية، ومع أشكال اللباقة، ومع العلامات العسكرية، وبذلك أدرك سوسير أن السيميولوجيا هي المظلة الواسعة التي تضم جميع العلامات حيث تعد اللسانيات جزءا منها، ولكنه ظل مركزا على اللسانيات باعتبارها نظاما إشاريا يمتاز بالأفضلية والاتساع أكثر من الأنظمة الأخرى(4)، وأما عند بيرس فقد طور السيميائية ضمن علاقته التفاعلية مع عمله في المنطق والعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية؛ وذلك لأنه كان يرى في الرياضيات والمنطق النسق السيميائي الأجدر لأن يكون على هرم المعارف الإنسانية(5)، وأما بيرس فقد ربط السيميائية بالمنطق فهو اسم آخر للسيميوطيقا، فهي نظرية شكلية مهمة لدراسة العلامات، كما اهتم بيرس كثيرا بدراسة الدليل اللغوي من وجهة فلسفة خالصة(6)، وسببت هذه الازدواجية في المصطلح إشكالية لدى الدارسين، وحاول ألجيرادس جوليان جريماس (1917-1992) أن يفرق بينهما، حيث «جعل السيميوطيقا تحيل إلى الفروع، أي إلى دراسة أنظمة العلامات المختلفة، كنظام اللغة والسينما والصور وغيرها، أما السيميولوجيا فقد جعلها هي الهيكل النظري لعلم العلامات بصفة عامة ودون تخصيص لهذا النظام أو ذاك»(7).

السيميائية السردية :

إن السيميائية مرت بتاريخ طويل من التطور والتحول، كونها شملت جميع أنواع العلامات اللغوية وغير اللغوية، ومن هذا المنطلق كان لزاما في هذا البحث تحديد اتجاه سيميائي يتلاءم مع موضوع البحث ألا وهي السيميائية السردية، واختيار أهم الرواد الذين ساهموا في تطوره ليتم تطبيق نماذجهم على المدونة المراد دراستها، وهم فلايمير بروب وألجيرداس جوليان جريماس.

1) فلايديمر بروب

اقتحمت السيميائية كغيرها من المناهج النقدية النصية عالم السرد والإبداع القصصي حيث تسعى إلى تحليل رموزه وعلاماته، واستجلاء مكنوناته، مستخلصة مختلف التأويلات الممكنة، لكنها مرت قبل ذلك بتاريخ طويل من التطور والتحول إلى أن استوت مناهجها وأدوات تحليلها وغزت مجال السرد حتى يومنا هذا(8)، فقد ساهمت اللسانيات في تطوير أدوات السيميائية ومهدت أولى خطواتها داخل مجال السرديات، ومن الدراسات الرائدة في الخطاب السردي أو الحكايات الشعبية ما قام به فلاديمير بروب إذ أخضعه لدراسة تتعدى المواضيع والمضامين التي حددها، وهدف إلى دراسة الحكايات في بنيتها المغلقة مستبعدا كل ما هو خارج النص كالجوانب الاجتماعية والتاريخية، والكشف عن السمات التي تميز الحكاية الشعبية عن غيرها من النصوص والخطابات، وتعد دراسته النوعية (مورفولوجيا الحكاية الشعبية) التي أصدرت سنة 1928 علامة بارزة في تطور تاريخ السيميائيات السردية، إذ درس بروب مجموعة من الحكايات الشعبية الروسية، وسعى إلى إيجاد العناصر المشتركة للحكايات، بمعنى أنه عزل العناصر الثابتة عن العناصر المتغيرة التي تدخل ضمن التنويعات لبنية واحدة، فأقصى جميع التصنيفات المرتبطة بالمواضيع، بالإضافة إلى استثناء المقاربة التاريخية، فهي لا تقدم نموذجا علميا قادرا على تحديد ماهية الحكاية(9).

كما ساهم بروب مع حكاياته الشعبية الخرافية في تطوير علم السرد وطبق عليه نظام «الوظائف» منطلقا في دراسته للحكاية من بنائها الداخلي لا من ناحية سياقاتها التاريخية والثقافية والاجتماعية(10)، وتُعرف الوظيفة اصطلاحيا على أنها «عمل يتحد، وفقا لدلالته، في مجرى الحبكة التي يظهر فيها، أو عمل يتم النظر إليه طبقا للدور الذي يؤديه على مستوى الحبكة (الفعل)»(11)، وقد استند بروب في تصنيفه للشخصيات بناء على دائرة الفعل الذي تقوم به، فهو يرى بأن الشخصية تتحدد بالوظيفة التي تقوم بها، وليس بصفاتها، واستنتج من خلال دراسته لمجموعة من القصص أن الثوابت في السرد هي الوظائف، الأفعال التي تقوم بها الأبطال، والعناصر المتغيرة هي أسماء وأوصاف الشخصيات، وقد أحصى بروب في دراسته للخرافات عدد الوظائف المستخلصة وحصرها في واحد وثلاثين وظيفة والتي اختزلها في سبع دوائر للفعل، وهي(12): دائرة فعل الشرير، دائرة فعل المساعد، دائرة فعل المانح، دائرة فعل الأميرة، دائرة فعل المرسل، دائرة فعل البطل، دائرة فعل البطل المزيف.

وهكذا نكون قد وقفنا على بيان أهم الأسس التي قام بها عمل بروب، والذي بات مرجعية أو مقاربة منهجية لتحليل النصوص السردية حيث كان له تأثير على علم السرديات عامة، والتي تدين بالكثير من منهجياتها إلى ما نهض به بروب من تحليل للحكاية؛ مما فتح الباب لكثير من الدراسات لاعتماد هذا المنهج في تحليل النصوص السردية عامة.

2) ألجيرداس جوليان جريماس

يعد جريماس المؤسس الفعلي للسيميائيات السردية، وانطلق بمشروعه الجديد بتطوير مشروع بروب مستفيدا من ملاحظات كلود ليفي شترواس الذي يرى أن تحليل بروب للحكايات الخرافية يتسم بالبساطة؛ لأن بروب وقف عند مستوى البنى السطحية مهملا البنى العميقة في تحليله لعناصر الحكاية، فهو ركز على المستوى التوزيعي في استخراج الوظائف وأهمل وجود إسقاطات استبدالية منظمة للسرد في مستوى عميق، الأمر الذي أدى به إلى الفصل بين الشكل والمضمون، هذا الفصل الذي أدى إلى حدوث مغالطة في الدراسة السردية، ذلك أنه لا يمكن دراسة الشكل منعزلا عن المضمون، فبروب يرى أن الشكل ثابت أصلي والمضمون قابل لأن يتحول ويتغير، وهذا ما لا يقبله منطق الدراسات البنيوية(13).

رأى جريماس أن تحديد بروب لمفهوم الوظيفة يعاني من إشكالية، فهو يجب أن يستند إلى أكثر من محدد نظري، ولا يكتفي بواحد فقط، فالمفهوم الذي أعطاه بروب للوظيفة إذ أن كل شخصية في الحكاية الشعبية يرتبط بها فعل ما من دوائر الفعل، فالأساس عند بروب في تعريف الوظيفة هو الفعل، وعليه فإن جريماس يعتقد أن الدارس للحكايات الشعبية سيحتار أمام التناقض الذي يميز تحديد وظيفتين، بمعنى إذا كان هروب البطل باعتباره شكلا من أشكال النشاط الإنساني يعد فعلا أو وظيفة، فإن انعدام ذلك الهروب لا يشكل وظيفة، بل انعدام الهروب (أو البقاء) هو حالة تستدعي فعلا(14)، وقد انتقد جريماس تحديد بروب للمستويات السردية التي أعاقت تطور نظريته، فبروب يركز على المستوى السطحي للحكايات، ويرى أنه بالإمكان تصنيفها ونمذجتها بالرغم من تنوع متن الحكاية، ورغم تركيز بروب على الروايات المختلفة لنفس الحكاية، فإن الوحدات السردية سواء بحضورها أو غيابها لا يفسر من خلال وجود ذاكرة للنص وذاكرة للقارئ، بل يفسر من خلال وجود روايات متعددة لحكاية واحدة، فما هو غائب في هذا النص يعوض بما يشبهه في نص آخر، ذلك أنه بإمكاننا العثور في حكاية أخرى على ما هو غائب في حكاية سابقة(15)، ولذلك فقد صاغ جريماس مشروع بروب صياغة مختلفة تتسم بالاختزال والتجريد الرياضيين، وقد جاء بالمربع السيميائي وجعله وسيلة للتحليل السردي من خلال تحليل تناقضات وتضادات الدلالة، وقد يبدو أن احتمالات الدلالة فضاء أوسع من المنطق المقتصر على الازدواجية، ولكن تخضع هذه الاحتمالات لقيود سيميائية توفِر البنى العميقة محاور أساسية للدلالة(16)، وقد استنتجه جريماس من مربع أرسطو القائم على علاقات أربع: التناقض والتضاد والتكامل والتماثل(17)، وحاول جريماس أن يربط صريح النص بباطنه أو بالبنية الدلالية الأصولية فهي الجوهر أو النواة الدلالية وعلاقتها بالخطاب هي علاقة توليدية، بمعنى أن استنباط الدلالة لابد أن يكون من سطح النص وباطنه(18).

يساعد المربع السيميائي على تمثيل العلاقات التي تقوم بين الوحدات اللغوية بهدف إنتاج الدلالات التي يعرضها النص على القراء، ويمكن التمثيل للمربع السيميائي بالشكل الآتي(19):

- العلاقة التدرجية الشمولية: وتنطلق هذه العلاقة من السيم إلى المحور الدلالي أو من العنصر إلى المقولة التي تحتويه، وتكون هذه العلاقة بالنظر إلى الشكل بين س1 وس س2، لا – س2، ولا – س ولا – س1.

- علاقة التناقض: تقوم بين س1 ولا – س1، لا – س2 وس2، ومن الملاحظ أنه لا وجود لعنصر ثالث في هذه العلاقة، مما يوضح أن لابد من اختيار عنصر من هذين العنصرين، فهذه العلاقة تشبه عملية النفي حيث أن نفي س1 يؤكد لا – س1.

- علاقة التضاد: وتقوم بين س1 وس2، حيث أنه لا يمكن أن يتطور س2 إلا بوصفه ضدا لـ س1، والعكس صحيح.

- علاقة التضاد التحتي: وتوجد بين لا – س2 ولا – س1، وهي مماثلة جدا لعلاقة التضاد الرابطة بين س1 وس2.

الحكاية الشعبية

تعددت وجهات النظر حول تحديد مفهوم الحكاية الشعبية مما أدى إلى تعدد وتنوع المفاهيم والتعاريف لدى الباحثين والدارسين في هذا المجال مما أحدث نوعا من الاضطراب، فهناك من يرى بأن أي إنتاج قصصي شعبي مكتمل يمكن أن يُطلَق عليه حكاية شعبية، وهناك من يرى وجوب تحديد كل نوع شعبي حيث أن كل نوع يرجع إلى مجال ومشكلة معينة من الاهتمام الشعبي، ومن ثم فإنه يجب أن يُطلق على كل نوع اسم يختص به، تمييزا له عن سائر الأنواع، وهو واضح في التعريف التالي: «خرافة (أو سرد قصصي) تضرب جذورها في أوساط شعب وتعد من مأثوراته التقليدية. وخاصة في التراث الشفاهي. ويغطي المصطلح مدى واسعا من المواد ابتداء من الأساطير السافرة إلى حكايات الجن. وتعد ألف ليلة وليلة مجموعة ذائعة الشهرة من هذه الحكايات الشعبية»(20)، وتُعرف أيضا «الحكايات الشعبية بأسرها، ومثلها الحكايات الخرافية والأساطير هي بكل تأكيد بقايا المعتقدات الشعبية، كما أنها تأملات الشعب الحسية وبقايا قواه وخبراته، حينما كان الإنسان يحلم لأنه لم يكن يعرف، وحينما كان يؤثر فيما حوله بروح ساذجة غير منقسمة على نفسها»(21)، وفي تعريف آخر يُنظر إلى الحكاية الشعبية أنها «محاولة لاسترجاع أحداث بطريقة خاصة ممزوجا بعناصر كالخيال والخوارق والعجائب ذات طابع جمالي تأثيري نفسيا، اجتماعيا، وثقافيا»(22)، يتبين من خلال ما سبق عدة جوانب، أن الحكاية الشعبية تختزل أنواعا متعددة من الحكايات كالأسطورة والخرافة والجن والعجائبي، ولا يوجد تصنيف واضح لكل نوع حيث يرتبط كل منها على عناصر ووظائف مختلفة فيما بينها، وفي جانب آخر يتضح أن الحكاية الشعبية تعد سجلا حافلا بمعتقدات وتقاليد وقيم وطقوس الشعوب، فهي تصور وتؤرخ حياتهم وظروفهم، وهي بذلك تواكب التطورات وترصد الأزمات وتصور موقف الإنسان الشعبي منها، كما أنها تحمل قيما ومُثلا عالية فلا فرق بين الفقير والغني أو القوي والضعيف، وتُقوم السلوك الإنساني عن طريق القيم الروحية العليا المستمدة من الدين والعادات والتقاليد الحسنة.

ومن الجدير ذكره أن أول الجهود التي عُنيت بعملية جمع الحكايات الشعبية عالميا ترجع إلى القرن التاسع عشر، وقد انطلقت من دوافع وطنية، إذ رغب الأخوان غريم في حفظ تراث الحضارة التوتونية كي يثبتوا أن هذه الحضارة لا تقل عظمة عن الحضارتين: الرومانية واليونانية، لتنتقل فيما بعد محاولات تدوين الحكايات الشعبية وجمعها في سائر أوروبا، إن البحث عن هذه الحكايات الشعبية وتدوينها، يشير إلى حضور ثقافي وعريق لأمة ما، فالتاريخ والموروث يعنيان تكوينا حضاريا، مما يعمق فكرة الاعتزاز القومي، والأدب الشعبي جزء من التراث، ولكن هنالك فروقا تتطلب التنبه إلى الاختلافات بين الأدب الشعبي، والأدب الفردي، فالأخير ينطلق من حرص مؤلفه على تدوين اسمه في التاريخ، لذلك يكون أدبه مجليا في ذاتيته ولروح عصره، وإن لم يتحقق هذا الهدف فإنه سوف يتوارى ويندثر بينما ينبع الأدب الشعبي من الشعور واللاوعي الجمعي، وهو يتمظهر بعدد من المظاهر التي يمكن العثور على تفسيرات وجذور نفسية وروحية ومن هذا المنظور فإن طبيعة التمظهرات التي تعبر عن الأدب الشعبي لا بد أن تتسم بميزة خاصة بها من الناحيتين: الفنية والإجرائية؛ لذلك تؤكد نبيلة إبراهيم إلى أن هناك فروقا جوهرية بين حكايات الأخيار وحكايات الأشرار، كما الحكاية الشعبية، والحكاية الخرافية واللغز والمثل الشعبي والنكتة غير أن ما يجمع بينها أنها تتسم بصفة الأدب الشعبي(23).

الحكاية الشعبية في قطر

تقوم الحكايات الشعبية القطرية على عنصر الخيال القائم على أحداث غير واقعية ترتبط بالمخيال الشعبي في معظم الحكايات، وقد اعتمدت الدراسة السيميائية على مدونات جمعها كلا من خليفة السيد (1947) في مجموعتيه «قصص وحكايات شعبية الجزء الأول والثاني»، ومحمد طالب الدويك (1943 -؟) في كتابه «القصص الشعبي في قطر الجزء الثاني» إذ جُمعت فيه الحكايات كجزء من دراسة أدبية نقدية أجراها الباحث، كما امتزجت الحكايات الشعبية القطرية في بعض القصص بالحكايات الخرافية المرتبطة بالعجائبي والأفعال الخارقة الخارجة عن الطبيعة، فالسمكة والطيور والخيول تتكلم، والخادمة تطول لتصل إلى النخلة، والزوجة تطير من مكان إلى آخر بينما الكلب يتحول إلى سلطان، والسفرة تقدم الطعام والسمكة تحقق الأمنيات، والجن يسكنون الشجرة، وغير ذلك من العناصر التي تدخل في باب الفعل الخارق والغرائبي، «فهذه الحكايات نسيج لغوي قديم وهي تحمل صدى المعتقدات والأساطير الموغلة في القدم فضلا عن انعكاسات دينية، تظهر هنا وهناك، فهي تشكيل لرؤية ثقافية شعبية منتشرة في بقعة جغرافية معينة، وهي في المحصلة النهائية نتيجة لمخرجات إنسانية علمية شمولية، ففيها نقرأ الخوف من المجهول والخيانة والغدر والمحبة والتضحية ومعاقبة الشرير ونصرة المظلوم إلى ما هناك من انعكاسات قيمية ومضمونية تحملها الحكايات وتحيل إليها»(24).

الجانب التطبيقي:

اتخذت الأم في الحكاية الشعبية القطرية حضورا ملفتا للنظر إلا أن وظائفها لم تتعدد كثيرا، فقد انحصرت في وظيفة المساعدة والمانحة والشريرة حسبما قسمها بروب، وفي بعض القصص اتسمت بوظيفتين (مساعدة ومانحة)، كما لوحظ وجود وظيفة للأم لم تكن ضمن وظائف بروب وهي وظيفة المساعدة التي تكون سبب وقوع ابنها أو ابنتها في مأزق ما كما حدث في قصة الابن المخدوع حينما اكتشف الابن أن والدته التي ظنها طاهرة ما هي إلا راقصة متبرجة، مما أدى إلى هجرة الابن من مدينته لتتوالى عليه الأحداث السيئة وإلى أن يصبح حاكمًا، فالأم في هذه القصة ليست مساعدة، بمعنى أنها لم تسد نصيحةً أو كانت سببًا إيجابيًا لحدث مباشر كما وضحها بروب، ولا يمكن أن تُعد شريرة، لذلك حاولتُ أن أضع لها وظيفة تقترب ولو قليلا من دورها وهي (المساعدة المزيفة)، وتباينت أدوار الأم في الحكايات الشعبية بين المهيمنة والثانوية والهامشية، والتي جمعها كل من خليفة السيد (1947) في مجموعتيه «قصص وحكايات شعبية الجزء الأول والثاني»، ومحمد طالب الدويك (1943 -؟) في «القصص الشعبي في قطر الجزء الثاني» إذ جُمعت فيه الحكايات كجزء من دراسة أدبية أجراها الباحث، وقد قمنا بحصر الأدوار المهيمنة للأم التي اتسمت بالفعالية في السرد الحكائي، وارتأينا تحليل ثلاث حكايات أتت فيها الأم بوظائف مختلفة واستجلاء دلالاتها وعلاقتها بالشخصيات وعناصر السرد.

تدور قصة «الصديق الوفي»(25) حول أم أرملة تنصح ابنها بأن يمتحن صديقه ليتأكد من صحة وفائه، فيقوم بدعوته على الغداء ثم يتركه لفترة، وعندما يعود يجد بأنه تناول الغداء ولم ينتظره، فاكتشف الفتى بأن صديقه ليس سوى صديق مصلحة، ويبحث عن غيره ويقوم باختباره فيتحقق من وفاء وإخلاص صديقه.

تدل الأم في الحكاية على الحكمة واهتمامها بابنها، فوظيفتها هي المساعدة وهي-أيضا-ذات مساعدة بسبب نصحها وإرشادها، إذ أصرت عليه الأم أن يختبر صديقه الذي تَعرف عليه مؤخرًا إذ كان متأكدًا من وفائه وتدل شخصيته على حسن نيته بالآخرين، لأنه بدا مستغربًا عندما سألته والدته إذا كان صديقًا وفيًا أو من أجل المصلحة إذ قال: «أكيد صديق وفي يا أمي وإلا أي مصلحة يرتجيها من ورائي»(26)، بالرغم من أنه لم تمر على صداقتهما إلا فترة قصيرة، كما كان يتساءل عن نوعية المصلحة التي يرتجيها صديقه منه وكأن المصلحة لا ترتبط إلا بذوي النفوذ والمال والجاه، ولكن بسبب حكمة ومعرفة الأم التي اقتضت الخبرة، كما يوضحها مربع جريماس، أدركت أن الصداقة إذا بُنيت على المصلحة والمتعة والمرح فهي لا بد زائلة، ودليل ذلك أن الفتى أتى متأخرًا إلى المنزل لأنه تعرف على ذلك الصديق وذهبا سويا إلى البحر، ولعل هذا الموقف أثار شكوك الأم حول هذا الصديق الجديد، فارتأت وضع اختبار له، وعرضت على ولدها أن يدعو صديقه بمناسبة صداقتهم الجديدة على الغداء، وعندما أتى الضيف استأذن الفتى بالمغادرة بحجة قضاء بعض الحاجيات لوالدته، وأخبره بأنه لن يتأخر وبإمكانه أن يتناول الطعام، وخرج واختبأ مع والدته خلف النافذة، فأسرع الضيف وبدأ بالأكل والشرب ثم عاد إليه الفتى، وبرر له صديقه أنه تأخر عليه فأكل بدونه، وعرف الفتى من خلال هذا الاختبار أن والدته كانت على حق فيما اقترحت عليه وتأكد بأن صديقه ليس وفيًا، فمن الذوق والأدب أن ينتظر الضيف مضيفه إلى أن يأتي ويأكلان سويًا، وبعد أن ترك الفتى صداقته بذلك الرجل تعرف على آخر ودعاه للغداء إلا أن صديقه لم يرغب أن يُكلف على نفسه، ولكن مع إصرار الفتى وافق، وحدث كما في السابق، وراقب الفتى ووالدته الضيف ووجدوا بأن الضيف غطى المائدة وظل ينتظر الفتى إلى أن عاد، وعندما سأله الفتى عن الغداء رد عليه الرجل: «وهل يطيب الأكل إلا جماعة وخصوصا ونحن أصدقاء وسنصبح أخوة إن شاء الله...»(27)، وكانت الأم حاضرة في كلا الحدثين لكي تختبر الضيف، وهنا تتحقق حكمة الأم وتعقلها ومعرفتها بالآداب العامة ومدى تأثيرها في سلوك الإنسان، فالأول باشر بالطعام دون صديقه مما يدل على عدم تقديره أو اكتراثه له فهو لم يهتم إلا بملء معدته، وأما الثاني فقد فضل الانتظار بل وأحسن إلى صديقه من خلال تغطية الطعام، فهذه المواقف تدل على رجاحة عقل الأم ومدى اهتمامها بسلوك الآخر وتقصيها الدقيق عن صفات الصديق الوفي وغيره من الأصدقاء من خلال رصد أبسط المواقف، فالسلوك يعكس الطبع والشخصية، وليس بالضرورة أن يكون الأول مخادعا أو منافقا، ولكنه ليس الصديق الأنسب الذي يمكن الاعتماد عليه في مواقف الرخاء والشدة، فالحكاية منذ البداية رصدت اهتمام الأم المبالغ في تربية ابنها ولابد أن يصل الصديق إلى ذلك المستوى ليستحق صداقة ابنها.

تدور حكاية «النذر في غير محله»(28) عن امرأة نذرت نذرًا إن رزقها الله ببنت فسوف تزوجها حمارًا، فحملت المرأة وولدت بنتا جميلة، وعندما كبرت الفتاة وازداد عدد خاطبيها خافت الأم عليها من عواقب النذر، فذهبت إلى العلماء تستشيرهم عن حل ولكن بلا فائدة، فسافرت إلى مدينة أخرى تستشير أحد علمائها البارزين، فأخبرها العالم إن كان الحمار الذي نذرت به حيوانا أم إنسيا، فقالت له أنها لم تحدد ذلك، فأخبرها أن تذهب وتقف بجانب المئذنة فإذا مر عليها رجل يغني أو يصفر غير مكترث للأذان أن تزوجه ابنتها وبذلك تُحل مشكلة النذر.

تدل الأم على الجهل في أمور الدين، فهي كانت تتوق أن يرزقها الله بذرية فنذرت نذرًا خاطئًا، فعندما رُزقت بابنة خافت عليها من العواقب، فالأم أدت وظيفة مساعدة (مزيفة)، لأنها بذلك سببت لنفسها ولابنتها مشكلة بدلا من أن يكون نذرها طاعة لله وشكرًا لهبته، وهي تُعد الذات المساعدة التي حركت الأحداث وأكسبت الدلالات معاني، فنذرها هو ما جعل الأحداث تتوالى، كما يدل اختيارها للنذر على الجهل والحمق اللذين يقتضيان سطحية التفكير، وعندما كبرت الابنة وتقدم لها العديد من الخاطبين خافت على مصير ابنتها، وبدأت البحث عن حل تفي به نذرها، فأخذت تسأل العلماء والقضاة عن كيفية وفائها بالنذر، فلم تجد جوابا منهم، وقررت الرحيل إلى مدينة أخرى لتواصل البحث عن حل ما ينقذ ابنتها لكي لا تفوتها فرصتها بالزواج، فوصلت إلى أحد العلماء الأذكياء وأخبرته بقصتها، فأعطاها الحل وهو أن تزوج ابنتها من إنسان يتصف بالحمق والغباء، وهو ما تدل عليه كلمة (حمار) في النذر، فشكرته وذهبت مطمئنة على مستقبل ابنتها، «بارك الله فيك ونفعنا بعلمك وجزاك الله خيرًا، الآن ارتاح قلبي»(29)، وهذا يبين مدى حماقة الأم وسطحيتها في رؤية الأمور، إذ لم تدخل في جدال وحوار مع العالم، ولم تُعمِل عقلها، ولم تستنكر على العالم أن تزوج ابنتها من شخص أبله بل كانت مستسلمة في تقبل الجواب مخافة أن تفقد ابنتها وترجع إلى حالة العقم الأولى بالرغم من أنها كانت تبحث عن حل سواء بالالتزام أو التكفير عن النذر، فالأم لم تكن حكيمة بل تبعية في التفكير والأخذ عن العلماء بدون محاورتهم، فالعالم قد يصيب ويخطئ، والأحكام الفقهية تختلف بحسب الظروف والزمان والمكان، وأعتقد بأن جواب العالم لم تكن حلا بقدر ما كانت استخفافا بعقل المرأة، فذلك الحل يتفق مع مستوى تفكيرها، فالأحمق سيرضى بأي حل لأنه لا يفرق بين الحكمة والجهل، وكذلك غريزة الأم فشلت في الدفاع عن ابنتها؛ لأنها محض غريزة لا يدعمها علم أو فطنة أو حكمة بل كانت غريزة من أجل البقاء ولا شيء آخر.

تتحدث حكاية «الغيرة»(30) عن رجل لديه زوجتان الأولى رُزقت بأولاد بينما الثانية عاقر، وقد كان الزوج يحب زوجته العاقر أكثر من الأولى مما جعل الغيرة تدب في نفس الزوجة، ففكرت في أن تنتقم منها بأن توقعها في أمر ما وتتخلص منها، فقامت الزوجة بقتل ابنها الرضيع وإلصاق التهمة بها مبررةً ذلك بأنها تغار منها لكونها لا تستطيع الإنجاب، فذهبت كلتاهما إلى القاضي، فقام باختبارهما بأن طلب منهما أن تمشيا رافعتين عن ساقيهما، رفضت الأولى هذا الطلب لخوفها من الله، أما الثانية فقد فعلت هذا واكتشف القاضي بأنها كاذبة (فالرفع عن الساق يدل على الزنى في ذلك الوقت)، بالإضافة إلى حضور شاهد آخر أكد قتل الزوجة الأولى لطفلها الرضيع، فأمر القاضي بإعدامها.

جاءت الأم في الحكاية بوظيفة الشريرة، وهو من المخالف الذي لا تألفه الثقافة العربية وتستنكره، ولكن في الخيال يخرج المألوف من إطار المتعارف عليه، ويصبح السرد فضاء حرًا للتعبير، فنجد أنها اتصفت بالغيرة من ضرتها العاقر والتي يحبها الزوج أكثر منها؛ فقد كانت تذهب معه وتساعده في حرث البستان وريه وقطف الثمار بينما الأولى كانت تجلس في البيت وتعتني بصغارها؛ مما ولّد في نفسها الغيرة وكشف عن طباعها الحقيقية إذ أظهرت جانبا شريرًا حاقدًا، وقد اقتضى ذلك عمى البصيرة، فهي تظن بأن زوجها يفضلها عليها لأنها تشاطره العمل وتلازمه طوال الوقت، وأغفلت جوانب أخرى أهم، فالزوجة الثانية تتصف بالطيبة والمحبة، وبالرغم من كونها عاقرا إلا أن الزوج لم يتخل عنها ويطلقها، فأخلاقها هي التي أكسبتها حب زوجها لها، أما الأولى لم تع هذه الأمور وكانت على استعداد بالتفريط بأي شيء مقابل التخلص من ضرتها والاستئثار بزوجها حتى لو كلفها هذا التضحية بأعز ما تملك، فعندما غادر الزوجان إلى العمل عمدت الزوجة إلى خنق طفلها الرضيع، وأخذته إلى البستان وتركته هناك ثم رجعت إلى المنزل وأخذت تبكي وتصرخ على طفلها المفقود، وعندما اكتشف الجميع أمر مقتل الرضيع تعاطف الجميع مع الزوجة المنكوبة واتفقوا على أن الزوجة العاقر هي من تسببت في مقتله غيرة منها، وهنا تتجلى صورتان متناقضان للمرأة، فكما هو معروف أن المرأة (الأم) ترمز إلى العاطفة والأمان، بينما المرأة (العاقر) ترمز إلى الشر والغيرة، ولكن في الحكاية تنقلب الأدوار لتغار الولود من العاقر، وهذا يبين الحضور الطاغي للمرأة على حساب الأم، وعندما عُرض الأمر على القاضي تمهل في حكمه واختبر الزوجتين، فطلب من المتهمة أن ترفع عن ساقها وتمشي بين الناس، فرفضت مخافة من الله ولو كلفها هذا الأمر حياتها، بينما وافقت الأخرى على طلب القاضي بدون تردد، «أرفع الثوب حتى أعلى الرأس لو طلبت فأنا أحرق قلبها وأنا أم الطفل»(31)، فكراهية الأم جعلها ترضى بعمل أي شيء لإلصاق التهمة بها حتى وإن اقتضى مخالفة الشرع بتعريها أمام الملأ، واكتشف القاضي جرم المرأة إضافة إلى شهادة ابن الرجل، وأُمر بإعدامها، فعمى البصيرة يؤدي إلى ارتكاب الفواحش ويفتح الطريق إلى الظلمات ويغيب العقل عن التفكير، وقد قال تعالى: {فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}(32).

الخاتمة

وختاما، كان هذا البحث محاولة متواضعة لدراسة أدوار الأم في الحكاية الشعبية القطرية من خلال تحديد وظائفها كما جاء بها بروب وإسقاط دلالاتها في مربع جريماس، فحضورها اتسم بالمركزية ارتباطًا لثقلها وجاذبيتها في الثقافة العربية عمومًا، وقد توصلنا إلى بعض الاستنتاجات والملاحظات الهامة فيما يخص أدوار ووظائف ودلالات الأم كما رُصدت في الحكايات الشعبية:

- تراوحت وظائف الأم بين المألوف والمخالف، فهي المساعدة والمانحة تارة، والشريرة والمساعدة (في جلب المصائب) تارة أخرى.

- بالرغم من تعدد وظائف الأم إلا أن دورها انحصر بتواجدها ضمن محيط الأسرة والمنزل، وعملها منوط بشؤون تدبير البيت، ولا صلة لها بالحياة العامة أو الشغل أو التجارة إلا فيما ندر.

- اتسمت دلالة الأم بالواقعية أحيانا وبالتضخيم والخيال أحيانا أخرى، ويرتبط ذلك بحسب صنف الحكاية التي تتموقع بها، فكثيرا ما كانت تتداخل الحكاية الشعبية بالخرافية.

- تعكس الحكايات إلى حد كبير صورة الأم الموجودة بالمجتمع القطري خاصة والوطن العربي عامة ونظرته لها.

وخلاصة القول هي أن الحكاية الشعبية بالرغم من استعاراتها وانزياحاتها الفنية، وما تتضمنه من عناصر الخوارق والعجائب والغرائب إلا أنها لا تحيد عن الواقع، فالحكاية وإن اختلفت أنواعها بين الشعبية والخرافية والأسطورة وغيرها إلا أن الإنسان يبقى محورها، يخلقها ليرتاد عوالمها بحثا عن نفسه، وتخلقه هي من خلال اختزانها واختزالها لتاريخه الرمزي وحياته الانفعالية.

الهوامش

1. زهرة، قاسم. (2013). صورة المرأة في الحكاية الشعبية لمنطقة وهران (رسالة ماجستير). https://theses.univ-oran1.dz/document/THA3459.pdf

2. بوذينة، محمد. (2014). الحكاية الخرافية في منطقة وادي سوف مقاربة سيميائية، (رسالة ماجستير).

http://dspace.univ-msila.dz:8080/xmlui/bitstream /handle/123456789/8136/THA3-810-011.pdf?sequence=1&isAllowed=y

3. يرجع الأصل اللغوي للسيميائية إلى الجذر اليوناني Séméion، والذي يعني علامة Logos، وعندما نقوم بتفكيك المصطلح حسب صيغته الأجنبية Sémiotique أو Sémiotics نجد أنه يتكون من الجذرين Sémio وTique، فالأول يعني علامة أو إشارة، والثاني يعني علم؛ أي علم العلامات.

4. الأحمر، فيصل. (2010). معجم السيميائيات. ط1. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون. ص 16-17.

5. دايري، مسكين. (2018). دلاليات التلفظ عند جوزيف كورتاس: فعالية المفاهيم اللسانية في المقاربة السيميائية. ط1. عمان: مركز الكتاب الأكاديمي.

6. الأحمر، فيصل. (2010). معجم السيميائيات. ط1. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون. ص 17.

7. مرتاض، عبد الملك. (2010). نظرية النص الأدبي. ط2. الجزائر: دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع. ص83.

8. الأحمر، فيصل. (2010). معجم السيميائيات. ط1. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون. ص 207.

9. بنكراد، سعيد. (2001). السيميائية السردية: مدخل نظري. الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة. ص 16-18.

10. الأحمر، فيصل. (2010). معجم السيميائيات. ط1. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون. ص 208-209.

11. برنس، جيرالد. (2003). قاموس السرديات، ترجمة السيد إمام. ط1. القاهرة: ميريت للنشر. ص79.

12. بروب، فلاديمير. (1989). مورفولوجيا الحكاية الخرافية، ترجمة: أبو بكر باقادر، أحمد عبد الرحيم نصر. ط1. جدة: النادي الأدبي الثقافي. ص158-159.

13. بنكراد، سعيد. (2012). السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها. ط3. اللاذقية: دار الحوار للنشر والتوزيع. ص25.

14. المرجع السابق. ص35.

15. المرجع السابق. ص36 - 37.

16. تشالندر، دانيال. (2008). أسس السيميائية، ترجمة طلال وهبه. بيروت: المنظمة العربية للترجمة. ص186.

17. الأحمر، فيصل. (2010). معجم السيميائيات. ط1. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون. ص210.

18. المرجع السابق. ص229.

19. الأحمر، فيصل. (2010). معجم السيميائيات. ط1. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون. ص231.

20. فتحي، إبراهيم. (1986). معجم المصطلحات الأدبية. صفاقس: التعاضدية العمالية للطباعة والنشر. ص142.

21. ديرلاي، فريدريش فون. (1965). الحكاية الخرافية: نشأتها، مناهج دراستها، فنيتها، ترجمة نبيلة إبراهيم. القاهرة: دار نهضة مصر. ص23.

22. محمد، سعيدي. (د.ت.). الأدب الشعبي بين النظرية والتطبيق. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية. ص55.

23. أبو شهاب، رامي. ( 2015). بنية الحكاية الشعبية النموذج والاستقبال. ط1. الدوحة: وزارة الثقافة والرياضة. ص50.

24. أبو شهاب، رامي. ( 2015). بنية الحكاية الشعبية النموذج والاستقبال. ط1. الدوحة: وزارة الثقافة والرياضة. ص61.

25. المالكي، خليفة. (2013). قصص وحكايات شعبية. ج1. ط2. الدوحة: مطابع رينودا الحديثة. ص133.

26. المرجع السابق. ص135.

27. المرجع السابق. ص138.

28. المالكي، خليفة. (2013). قصص وحكايات شعبية. ج1. ط2. الدوحة: مطابع رينودا الحديثة.ص62.

29. المرجع السابق. ص66.

30. الدويك، محمد. (1984). القصص الشعبي في قطر. ج2. ط1. الدوحة: المطبعة الأهلية. ص36.

31. المرجع السابق. ص37.

32. سورة الحج 46.

المصادر

1. القرآن الكريم.

2. المالكي، خليفة. (2013). قصص وحكايات شعبية. ج1. ط2. الدوحة: مطابع رينودا الحديثة.

3. المالكي، خليفة. (2013). قصص وحكايات شعبية. ج2. الدوحة: مطابع رينودا الحديثة.

4. الدويك، محمد. (1984). القصص الشعبي في قطر. ج2. ط1. الدوحة: المطبعة الأهلية.

المراجع

1. أبو شهاب، رامي. ( 2015). بنية الحكاية الشعبية النموذج والاستقبال. ط1. الدوحة: وزارة الثقافة والرياضة.

2. الأحمر، فيصل. (2010). معجم السيميائيات. ط1. بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون.

3. برنس، جيرالد. (2003). قاموس السرديات، ترجمة السيد إمام. ط1. القاهرة: ميريت للنشر.

4. بروب، فلاديمير. (1989). مورفولوجيا الحكاية الخرافية، ترجمة: أبو بكر باقادر، أحمد عبد الرحيم نصر. ط1. جدة: النادي الأدبي الثقافي.

5. بنكراد، سعيد. (2001). السيميائية السردية: مدخل نظري. الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة.

6. بنكراد، سعيد. (2012). السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها. ط3. اللاذقية: دار الحوار للنشر والتوزيع.

7. بوذينة، محمد. (2014). الحكاية الخرافية في منطقة وادي سوف مقاربة سيميائية، (رسالة ماجستير). http://dspace.univ-msila.dz:8080/xmlui/bitstream/handle/123456789/8136/THA3-810-011.pdf?sequence=1&isAllowed=y

8. تشالندر، دانيال. (2008). أسس السيميائية، (ترجمة ميشال زكريا). بيروت: المنظمة العربية للترجمة. (العمل الأصلي نشر في 2007).

9. دايري، مسكين. (2018). دلاليات التلفظ عند جوزيف كورتاس: فعالية المفاهيم اللسانية في المقاربة السيميائية. ط1. عمان: مركز الكتاب الأكاديمي.

10. ديرلاي، فريدريش فون. (1965). الحكاية الخرافية: نشأتها، مناهج دراستها، فنيتها، ترجمة نبيلة إبراهيم. القاهرة: دار نهضة مصر.

11. زهرة، قاسم فاطيمة. (2013). صورة المرأة في الحكاية الشعبية لمنطقة وهران دراسة سيميائية (رسالة ماجستير). https://theses.univ-oran1.dz/document/THA3459.pdf

12. زهرة، قاسم. (2013). صورة المرأة في الحكاية الشعبية لمنطقة وهران (رسالة ماجستير). https://theses.univ-oran1.dz/document/THA3459.pdf

13. فتحي، إبراهيم. (1986). معجم المصطلحات الأدبية. صفاقس: التعاضدية العمالية للطباعة والنشر.

14. محمد، سعيدي. (د.ت.). الأدب الشعبي بين النظرية والتطبيق. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية.

15. مرتاض، عبد الملك. (2010). نظرية النص الأدبي. ط2. الجزائر: دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع.

الصور

1. https://i.pinimg.com/564x/7c/38/3f/7c383f4fd034be1a95ce767d7dad8656.jpg

2. https://i.pinimg.com/564x/cd/71/3f/cd713f680b7b7f3bb1ab65831013e14c.jpg.

3. https://i.pinimg.com/564x/6e/d9/fa/6ed9fa7bef7fce6ea641bc97afc9bda5.jpg

4. https://i.pinimg.com/originals/4a/c9/9e/4ac99eda4f7ca0e1049d8b46b7740a81.jpg

أعداد المجلة