فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
7

العود آلة العرب

العدد 7 - موسيقى وأداء حركي
العود آلة العرب
كاتب من مصر

العود من أقدم وأهم الآلات الموسيقية العريقة التي عرفتها البشرية منذ آلاف السنين، نعته القدامى ب « سلطان الآلات وملك التخت الشرقي » وهو ليس آلة عربية فحسب بل آلة عالمية لها عمقها الموسيقي والحضاري، اتخذه العلماء والفلاسفة وسيلة في شرح النظريات الموسيقية واستخدمه الشعراء مع إنشاد القصائد كالأعشى وذكر المسعودي أن الشاعر كان موسيقيا أيضا. وجاء في «تاريخ الكامل» للمبرد أن أول من صنع  العود نوح عليه السلام وانعدم بعد الطوفان كما قيل إن أول من صنعه (جمشيد) ملك الفرس وأسماه « البربط » ومعناها بالفارسية «باب النجاة » وبالعربية  «صدر البط» وجعل أوتاره حسب طبائع الإنسان إذا رتبت ترتيبا صحيحا، فالزير يقابل الصفراءأو «النوى» بإصطلاح اليوم، والمثنى مقابل الدم أو «العشيران» الآن والبم إزاء السوداء أو «البكاء » 1

وللفلاسفة دراسات مهمة ودور كبير في التنظير لآلة العود وإذا عدنا إلى أهم المخطوطات التي تركها عباقرة هذا الفن نجد الوصف العلمي للعود وطرق تعلم العزف، ولعل أول دراسة وصلتنا مخطوطات الفيلسوف العربي وأول من دون الموسيقى (أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي) ( 185هـ/ 801م – 252هت/866م) ففي مخطوطته «رسالة الكندي في اللحون والنغم» يفصل كيفية تركيب العود ويعرض لنوعية أوتاره وغلظها ونسبها وتسويتها وتدوين النغمات أبجديا في جداول منتظمة.2

كان للعود أربعة أوتار، الباحثون النظريون كانوا يفترضون وترا خامسا يسمى «الزير الثاني أو الأسفل أو الحاد» وإذا علمنا أن الأوتار كانت تصنع في القرن الثالث الهجري من الأمعاء للوترين الغليظين ومن الحرير للوترين الدقيقين فإنها صارت في القرن الرابع الهجري تصنع من الحرير بمعدل 64 خيطا للبم و 48 للمثلث و 36 للمثنى و 27 للزير فتكون نسبة غلظ كل وتر إلى الذي يليه 4 : 3 مما أوجب صناعة الوتر الخامس من 20  خيطا وهو ما يجعله لا يتحمل الشد المطلوب لذا لم ينتشر العود ذو الأوتار الخمسة3

أما (الفارابي) فيعطينا في كتاب « الموسيقى الكبير» وصفا دقيقا للعود مع كيفية شد أوتاره وتركيز الدساتين بشكل ينطبق على الواقع المعاصر ماعدا شيئا واحدا هو أن الآلة حاليا لا يشد عليها دساتين4 كما جعل (الكندي) من العود وسيلة لتدريس العلل الفلكية، ويتركب العود عنده عمليا من أربعة أوتار ونظريا من خمسة هي بالترتيب من الغلظ إلى الحدة:البم - المثلث – المثنى – الزير الأول – الزير الثانى – ويختص كل وتر بستة أصوات أولها مطلق الوتر5 وتستخرج الأصوات الباقية بالعفق بواسطة أحد الأصابع الأربع بالترتيب: السبابة – الوسطى – البنصر – الخنصر – ونغمة الخنصر في كل وتر تكون على بعد الرابعة التامة من مطلقه وهي نفس نغمة مطلق الوتر الذي يليه6

ويعتبر الكندي أول من أدخل الموسيقى إلى الثقافة العربية ضمن مناهج الدراسة وجزءا من الفلسفة الرياضية متأثرا بالإغريق، وعنصرا من عناصر الحكمة الرباعية Quadrivium ولخشية الاعتقاد بأن العرب نقلوا موسيقاهم عن اليونان أو الفرس كما يدعي البعض فهناك من الشواهد التاريخية ما يثبت اختلاف موسيقانا العربية عن موسيقى باقي الأمم ولقد أشار (الكندي) لذلك كثيرا في رسائله7

 

أول مدرسة موسيقية عربية :

أول موسيقي ظهر في الإسلام هو (طويس) أو (الطاووس الصغير) واسمه الكامل (أبو عبد المنعم عيسى بن عبد الله الذائب)،وجاء النغم العظيم للعود في العصرين الأموي والعباسي لاستخدامه في كل المجالات وأحيانا في الطب العقلي والنفسي، وأسهم تطور الموسيقى العربية وتطبيق النظريات في تطوير العود وجعله الآلة الرئيسية لأنه الوحيد الذي يفسر العلاقة بين الموسيقى والعلوم الأخرى، ولعل بيئة الحجاز إبان العصر الأموي كانت الأكثر ازدهارا فكان للغناء بمكة مدرسة على رأسها: ( ابن مسجع وابن محرز وابن سريح والغريض وعبادل بن عطية وخليل بن عمرو وسلامة القس وخليدة وعقيلة العفيفية)8  أما أعلام مدرسة المدينة (سائب خائر ومعبد بن وهب وطويس وبرد الفؤاد وعزة الميلاء وجميلة)

وكان في وادي القرى مدرسة ثالثة من أعلامها (عمرو الحكم وبعقوب الوادي) أما خارج الحجاز فلم يكن للموسيقى شأن إلا في العراق والشام ولكنها لم تبلغ جودة موسيقى الحجاز، وأسبغ (سائب خاثر) الروح العربية على الموسيقى والغناء الفارسي واستخدم العود بدلا من القضيب وسار تلاميذه على نفس المنهج فظهرت الأغنية الفردية المؤداة بمصاحبة العود، ووضع (ابن مسجع) قواعد للعزف والأداء والتلحين وأوجد مدرسة موسيقية عربية قومية الطابع متأثرا ولا ريب بمؤثرات فارسية وبيزنطية وإغريقية وغيرها من المؤثرات التي تحتمها نظرية سيولة الثقافة وامتزاج الحضارات9

وكان (ابن سريح) أول من ضرب بالعود الفارسي بمكة وكان أحذق العازفين فنال جائزة الخليفة (سليمان بن عبد الملك)10

وورد في كتاب (الأغاني) أن (معبد اليقطيني) تعلم على يد (سائب خاثر) و ( نشيط الفارسي) ولمستواه المرتفع في الغناء والعزف منحه الخليفة (الوليد الثاني) جائزة كبيرة11

وفي عصر (هارون الرشيد) كان قصره منتدى العلماء الفنانين فجعل للمغنين طبقات فكان (إبراهيم الموصلي وإسماعيل بن جامع ومنصور زلزل) في الطبقة الأولى أما الثانية فكان (سليم بن سلام وعمرو الغزال) أما الطبقة الثالثة فكانت للعازفين، وكان (الواثق) أول خليفة موسيقي وعازفا بارعا على العود، واستمرت (بغداد) حتى منتصف القرن التاسع الميلادي مركزا حيويا تنبعث منه إشعاعات النهضة الموسيقية إلى أن تأثرت بأذواق الفرس والمغول والأتراك وغيرهم عن طريق التجارة والحروب فظهرت موسيقى الآلات وتفضيلها على الغناء وكان القالب المعروف حينها نوع من المتتبعات الغنائية يسمى النوبة بحيث يسبق كل جزء غنائي افتتاحية موسيقية فأتاحت هذه الطريقة لعازفي العود الأداء المرتجل فتمخض عنه التقاسيم التي لا تزال حتى اليوم مصاحبة للموال وانتشر استخدام العود وتغيرت طريقة العزف عليه بناء على ما أحدثته الاقتباسات من تغيير جذري وفي غضون سنوات تفوق العرب على غيرهم بعد أن أضافوا من عبقريتهم قواعد جديدة لعزف العود12

 

بحوث منصور زلزل :

في قمة العصر الذهبي العباسي ظهر (منصور زلزل) أشهر وأفضل عازفي العود وبقي اسمه لامعا لفترة طويلة وهو أستاذ لإسحاق الموصلي ويعتبر (زلزل) في حينه شخصية منفردة وعالم مبتكر وكان عزفه بعضا من عمله، اقترن اسمه بأسماء بعض نغمات الموسيقى فكأنما أصبح اسمه بحثا وعلما، فقد اختلف علماء عصره في موضع عفق نغمة «الوسطى» فكانوا يسمونها « الوسطى القديمة» بعد أن استحدثوا لها بعدا جديدا باتصالهم بالموسيقى الفارسية وسموا تلك النغمة الصادرة عن هذا البعد الجديد» وسطى الفرس» فلما جاء (زلزل) وهو من الكوفة، استحدث لاستخراج هذا الصوت موضعا ثالثا يتوسط الموضعين المتقدمين عرف بـ « وسطى زلزل» وبذلك اشتمل السلم الموسيقي العربي على ثلاثة مواضع لنغمة واحدة ومقدارها بحساب (ابن سينا) بالنسبة لمطلق الوتر: « الوسطى القديمة 27/32» و» وسطى زلزل 22/27» و»وسطى الفرس 68/81»13

ولم يقف مجهود (زلزل) عند تحقيق أبعاد نغمات السلم الموسيقي والدقة البارعة في أدائها بل امتدت بحوثه إلى تحسين صناعة العود وابتكار العود الشبوط 14

وحسبما جاء في»نفح الطيب» كان من أهم العلماء الذين ابتكروا إضافات لآلة العود (الكندي وابن سينا والفارابي وزرياب وابن زيلة وصفي الدين الأرموي البغدادي واللاذقي) وطرأ عليها تغيير كبير في الشكل ومواد صناعتها ومقاييسها وطول وعدد أوتارها 15ومادة صناعتها فصارت تصنع من أمعاء شبل الأسد بدلا من سائر الحيوانات أما استخدام الريشة للعزف وإضافة الوتر الخامس فقد نقذهما عمليا (زرياب) مع استمرار العود ذي الأوتار الأربعة (العود القديم) وذي الأوتار الخمسة (العود الكامل) وفي القرن الرابع عشر أضيف الوتر السادس، جاء في «كشف الهموم والكرب في آلة الطرب» عن عدد الأوتار « منه ذو إثني عشر وترا ومعشر ومثمن» ونحن نعرف أن الأوتار مزدوجة وكل وترين يتساويان في إصدار نغمة واحدة أما» في القرن التاسع عشر فظهر العود  ذو الأوتار السبعة» حسبما يذكر (ميخائيل مشاقة) في « الرسالة الشرفية».

 

أصل العود :

كلمة العود في المعاجم العربية تعني العصا أو الخشب ورغم أن العود عرف قديما فهناك معلومات غير دقيقة عنه ومجهولة عند الكثير وحتى لبعض المختصين، كتاب غربيون أشاعوا مغالطات حول أصله وبرغم استخدام قدماء المصريين للعود في الدولة الحديثة عام 1600 ق.م فقد عثر في مدافن طيبة على آلة منه وهي محفوظة بالمتحف المصري في برلين، إلا أننا نجد بعض الكتاب الغربيين يحاولون إشاعة نوع من الضبابية ولكننا في الوقت نفسه نجد كثيرا من الكتاب المنصفين الذين يحددون وفي وضوح أن آلة العود قد وصلت إلى أوروبا عن طريق العرب16

فنجد (بول هنري لانج) يقول « أما الآلات الوترية التي تغمز أوتارها فقد حظي العود بكل تقدير وشاع عزفه في عصر النهضة وعصر الباروك وأصله مشوب بالغموض»17

ويقول (جيرم) و(إليزابيث روش): « إن العود قد أتى إلى أوروبا من الشرق في أوائل العصور الوسطى» دون أن يحددا بدقة من أي بلاد الشرق جاء وفي الوقت نفسه نجد كتابا منصفين يوضحون الحقيقة فيقول ( أنتوني باينز) قدمت آلة العود إلى أوروبا من الحضارة العربية قرب نهاية القرن الثالث عشر» ويقول ( جيرو فري هيندلي) « وقد دخلت آلة العود إلى أوروبا من البلاد الإسلامية»18

ويؤكد الباحث الموسيقي ( حميد البصري)أن هناك مصادر علمية يعتمد عليها من يريد البحث بموضوعية:

1-   اكتشافات المنقبين في المدن القديمة.

2-   دراسة المنحوتات الأثرية.

3-   المخطوطات والنصوص التراثية.

وتدعي (شليز نكر) إن “ العرب اقتبسوا العود من الفرس في القرن السادس الميلادي” بينما هناك منحوتة سبئية مؤرخة في القرن الثالث الميلادي لا يختلف العود فيها عن العود الحديث وهو يحتوي على ثقبين مدورين لتضخيم الصوت وهذا الأثر يدحض بالقطع رأي (شليز نكر) لأنه يثبت وجود العود عند العرب قبل تاريخها بثلاثة قرون19

ويذكر (د/ محمود الحفني) في كتابه “ علم الآلات الموسيقية” أن “ العود ظهر عند الفراعنة منذ أكثر من 3500 عام حيث كان ذا رقبة مصيرة كما عثر على عود فرعوني ذي رقبة طويلة وريشته يرجع إلى عام 1300ق.م”20

ويشاركه الرأي (د/ سمير الجمال) وعديد من الباحثين لكن بدون أدلة قاطعة باستثناء أثر واحد يوجد بالمتحف المصري ببرلين عثر عليه في طيبة21

وحتى منتصف القرن الماضي كان يعتقد أن أول وجود للعود كان في مصر أو إيران لكن أحدث التنقيبات الأثرية وبعد اطلاع الباحث والعازف الفلسطيني(وسام جبران) تقريبا على كل الأبحاث والآثار يجزم من خلال موقعه الإلكتروني على الشبكة الدولية للمعلومات أن “ أصل العود آكادي حيث عثر في العراق على قطع أثرية تصور عازف عود وهناك قطعتان في المتحف البريطاني نشرهما الدكتور (بومر) المتخصص في الحضارات القديمة – في الأربعينات لأول مرة”22

وتجدر بنا الإشارة إلى البحوث الشاملة المتعمقة التي قام بها العراقي (د/ صبحي أنور رشيد) في ميدان البحث الآركيولوجي ومجال النقد العلمي للعديد من الآراء في إطار تكوين مفهوم لأصل العود، وهو الباحث ربما الوحيد الذي تناول بالتفصيل والنقد جل البحوث في كتابه “ الموسيقى في العراق القديم” وهو يصنف البحوث تاريخيا إلى ثلاث مراحل:

- الأولى: من خمسينات إلى بداية ستينات القرن العشرين وتضم كتابات بانز ينجر Benzinger وكورت زاكس curt Sachs وفريد ريش بين Friedrich Behn وفرانسيس كالين Francis Galpin  وهيكمان Hickman

- المرحلة الثانية: خلال العقد العشرين وتضم أبحاث كل من:  شتاودر Stauder وآين Aign وكامبل Campell وريمر Rimmer

- المرحلة الثالثة: من السبعينات وحتى أواخر القرن العشرين وتضم: أبحاث (د/ صبحي أنور رشيد) والباحثة الأمريكية كيلمر Kilmer والإنجليزية دومينيك كولون Dominique Kolon وتجدر بنا الإشارة إلى نسبة تفاوت هامة في نتائج هذه الأبحاث فيما يتعلق بتحديد دقيق لعمر القطع الأثرية التي تشير إلى استخدام العود.

ولقد نوهت مصادر تاريخية عديدة بالازدهار الفني لحضارات ما بين النهرين من خلال الآثار المكتشفة والتي تصور استخدام العود على مجموعة كبرى من الألواح الطينية والرسوم الجدارية والمنحوتات الحجرية لبعض الآلات، وفي هذا السياق يعود أقدم أثر للعود الآكادي تقريبا عام 2350 ق.م عبارة عن لوح يجسد شخصا جالسا ممسكا بآلته الموسيقية ذات صندوق صوتي صغير دائري الشكل ذو عنق طويل وهناك أكثر من ثلاثة ألواح تمثل نفس الصورة، الفضل فيها للباحث العراقي (صبحي أنور رشيد)23

وتوجد العديد من الآثار التي أظهرتها التنقيبات في مناطق مجاورة للعراق وعلى الحدود الشرقية لحوض البحر المتوسط، يصنفها (صبحي رشيد) في كتابه “الآلات الموسيقية في العصور الإسلامية” بعد دراسة مقارنة لآثار العراق ومصر وسوريا وفلسطين وتركيا وإيران أثبتت أن أقدم عود كان في العصر الآكادي (2350 – 2150 ق.م) أي قبل 4500 عام تقريبا والدليل وجود ختمين أسطوانيين لدى المتحف البريطاني يعودان إلى العصر الأكادي وقد نشرت هذين الختمين لأول مرة السيدة (فان يورن) عام 1933م وأعاد نشرهما الدكتور (بومر) وأرقام الختمين (BM89096 – BM28806) ولا توجد آثار سومرية للعود فنسب للآكاديين أما إيران فعرفته في أواخر القرن السادس عشر قبل الميلاد عقب العصر البابلي وفي فلسطين تعود أقدم الآثار إلى العصر البرونزي ( 1300 – 1600 ق.م)24

ولا شك أن كلمة العود نفسها في مختلف اللغات تؤكد أصلها العربي وأدغمت بها أداة التعريف مع حرف العين لصعوبة نطقه لغير العرب، ففي الإنجليزية lute وبالفرنسية luth وبالإيطالية liuto وبالألمانية laute وبالأسبانية laud.

 

سبق عربي :

وعلى الرغم من أن التدوين الموسيقي الغربي المعاصر أدق وأبسط فإن العرب سبقوا الغرب إلى التدوين بقرون عديدة وكانت الحروف الأبجدية إحدى الأدوات – كما ألمحنا – أما الأرقام فتدل على عدد الدواوين. جاء في كتاب «الأغاني» أن (إبراهيم بن المهدي) سمع لحنا استرعى انتباهه فكتب إلى صاحبه (إسحاق الموصلي) أن يرسله إليه بتفاصيله وهذا يدل أنه في القرن الثامن الميلادي كان للعرب تدوينهم المنفرد بينما كانت أول إشارة للتدوين الغربي بعد القرن الثاني عشر تقريبا.

ولقد حول الباحث العراقي (زكريا يوسف) بعض تمارين العود من وضع الكندي من التدوين القديم إلى الحديث كما حول أيضا (مجدي العقيلي) جزءاً من موشح (الكندي)، ويذكر التاريخ لصفي الدين عبد المؤمن الأرموي ( 613 هـ / 1214 م – 693 هـ / 1294 م) توصله إلى طريقة متكاملة وسهلة للتدوين ميزت النغمات المختلفة في الطبقات الصوتية بما يقابلها من الحروف الدالة عليها وحدد أزمنتها في اللحن بالأعداد التي تخص كلاً منها في دور الإيقاع المفروض ثم قرن أجزاء الأقاويل في الألحان الغنائية كما يقابلها في أجزاء النغم25

 

ابتكار العود الزريابي :

ومثلما انتقلت المخطوطات والكتب التي تحمل علوم العرب إلى أوروبا عن طريق فتح الأندلس انتقل العود بموسيقاه وظل بصورته العربية لفترة ثم أدخلت عليه تعديلات ليــنـاسـب طبيـعـة الـمـوسـيقى الغربية

متعددة الألحان والتصويت وقامت على العود العربي نهضة غربية غير مسبوقة كما أنها تعد أول آلة يكتب لها منفردة، ويرجع الفضل للعود في نقل الموسيقى الأوروبية من الكثيرة إلى الحياة الدنيوية، ولقد أقام (زرياب) أول معهد موسيقي منهجي في الأندلس تعلم فيه أبناء ملوك ونبلاء وأمراء وجواري أوروبا وكان لهم أكبر الأثر في ازدهار ونقل الموسيقى إلى كل أوروبا.

اكتشف (زرياب) أن وجه عوده قد قضمته الفئران فحزن لرؤية الفتحة لكنه عندما عزف لاحظ أن رنينه أصبح أفضل فقام بتكبير الفتحة فأصبح الصوت أفضل وأضاف فتحتين صغيرتين واليوم نجد للعود فتحة صوت كبيرة وإثنتين صغيرتين26

وبعد ابتكاره للوتر الخامس اعتبر ذلك تطويراً مذهلاً مدعماً لكفاءة موسيقى العود وتلوينها ونقائها أضعاف السابق27 وقدرة أكبر على مقاومة الآثار للتقلبات الجوية كما رغب (زرياب) في تجاوز التقاليد الشرقية وحرص على استيعاب طبقات صوتية أوسع وأحد نزولا عند مقتضيات فنية جديدة وتجسيدا لنظريات معاصره (الكندي) والواقع أن عوده لم ينتشر طويلا بعد رحيله لكن أبحاثه مثلت إضافة متقدمة للعود بحيث أثرى تقنيات تنفيذ الأعمال الأوركسترالية كما حدث لاحقا في مراحل تطوير الموسيقى الغريبة28

 

تطور الصناعة والمكونات :

يتكون العود من صندوق صوتي، طوله خمسون سنتيمترات وعرض أوسع مناطقه يبلغ سبعة وثلاثين سنتيمترا، الرقبة أو العنق طولها عشرون سنتيمترا تنتهي بقاعدة المفاتيح ويبلغ عددها أحد عشر مفتاحا، تشد خمسة أوتار ثنائية الشد أو مزدوجة يبلغ طول الواحد ستين سنتيمترا، ولقد تطورت فتحات وجه الصندوق عبر العصور29 ويعتقد الباحثون أن الأوتار كانت تصنع من المعدن لكنه لم يعثر حتى الآن على أي أثر يقطع بصحة هذا الاعتقاد، وهناك تحول هام أدى إلى تطور صوتي ملحوظ حيث تم الانصراف عن العود ذي البطن الجلدي إلى الخشبي في القرن السابع الميلادي على يد (النضر بن حارث) في العام 624م تقريبا30

العود الجيد يتميز برنين صوتي قوي مع خفة وزن خشبه والأضلاع التي يصنع منها تجويف صندوقه31 وغالبا ما يكون سمكها أقل من 1/32 من البوصة وخشب التجويف من خشب الصنوبر والشمسية (الفتحة الموجودة على سطح العود) تكون مزخرفة ويراوح سمكها بين 1/12 و 1/16 من البوصة وتدعمها ست دعائم خشبية عمودية تغرى تحت جدار التجويف من الداخل ويلعب نوع الخشب دورا هاما في جمال الرنين ولتحقيق التوازن كان يجب أن يكون بيت الملاوي مائلا إلى الخلف بزاوية قائمة وكانت أشهر أماكن الصناعة في أوربا هي مدينة بولونيا ثم ظهرت في العام 1518م مؤسسة لصناعة العود أدارها لاوكس مالر laux Maler وقد حققت سمعة أسطورية لبولونيا لما يزيد عن مائتي عام ومع حلول عام 1600م اشتهر صناع آخرون في مدينة بادو الإيطالية ومدينة البندقية ورومانيا خاصة في صناعة الأحجام الكبيرة للعود مثل الطيوربو theorbo. الميزة الكبرى لموسيقى العود في ذلك الوقت هي شخصيته البوليفونية كما كان أكثر الآلات المنفردة الجادة في القرن السادس عشر، فشاع عزف العود منذ عصر النهضة وحتى نهاية عصر الباروك32 في العام 1600م نشر (أنطونيو فرانشيسك) مؤلفة Trésor D`orphées وسجل فيه عدة مقطوعات بعنوان à cordas avalées  دلت على الاستياء من استخدام الطريقة القديمة لتسوية الأوتار فقد كانت هناك رغبة لإضافة أوتار غليظة حتى في عصرها الذهبي، فكتب (دولاند) لإضافة وتر سابع ري (D) وثلاثة أوتار غليظة ثم زادت الرغبة في استخدام العود كآلة مصاحبة تؤدي لحن الباص المتصل continuo في المجموعات الآلية. وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر تم اختراع عود الكونسيرات أو طيوربا كما ظهر العود الباص (الكيتاروني chitarrone) .

وقد نشرت مؤلفات آلة العود على نطاق واسع وبمرور الوقت تعقد تركيب الآلة في الوقت الذي كانت فيه آلة البيانو قد اكتملت صناعتها مع سهولتها لأداء الموسيقى الأوربية فانتصرت على العود وحلت محله في منتصف القرن الثامن عشر، الجدير بالذكر أن فن الأوبرا قد بدأ بأغان يصاحبها العود، وقد انبثق عن العود آلات: (الجيتار – البانجو – الماندولين – السيتيرن – الباندورا – الفييلا – الاورفاريون – الجيترى – البلالايكا) وغيرها33

ويؤكد الفنان (أحمد مختار) أن كثرة إضافة الأوتار سيؤدي إلى إنتاج آلة جديدة غير العود وإن هذه الإضافات تتم عبر الحساب الرياضي وليس بشكل عشوائي، ولا يستوعب حجم العود الآن هذه الإضافات فأدى ذلك إلى تراجع إدعاءاتهم بعد أن وضح لهم الطريقة العلمية للإضافات، ذلك أن الإدعاء بلا أدلة كالوثائق والمخطوطات يعد أحد الأسباب التي تجعل منظمة اليونسكو لا تثق ببعض موسيقيين من بلداننا خاصة المنتمين للأنظمة غير الشرعية وغير الأكاديمية34

 

تفرد العود العراقي :

في التاريخ الحديث هناك اكثر من دولة عربية تتفوق في صناعة العود فللعود البغدادي سمعة عالمية جعلت كبار الملحنين والمطربين في العالم العربي يفضلونه وهناك صناع خبراء مثل (سمير رشيد) و(محمد فاضل) و(عبده النحات)، كما اشتهرت دمشق وتميز العود الدمشقي بدقة الصنع ومنها العود المصري والكويتي والتركي35 ويمتاز العود العراقي بألوان الخشب الطبيعية والقليل من مواد كالبلاستيك والصدف وهي تتنوع صوتيا من الشرقي الكبير إلى المتوسط الناعم إلى الأكاديمي36 فأعواد (محمد فاضل) يتجاوز سعر الواحد منها 50 ألف دولار!! وقسم منها في المتاحف العالمية، مشكلة الصناع الآن غياب مستلزمات الصناعة منذ الثمانينات من القرن الماضي، (نجم العبيدي) و(على العجمي) و(نجم الدين) و( الشريف محييالدين حيدر) كانوا الأساتذة الأشهر تقنيا وعزفا وبعدهم (هاشم البغدادي) و (فوزي المنشد) و( جميل جرجس ) ولقد صنع ( محمد فاضل ) أكثر من  خمسة آلاف عود قبل وفاته إبان الاحتلال الأمريكي وكان الأستاذ الأول الذي سلم ولده (فائق) – أشهر الصناع في تونس – أسرار هذه الصناعة، أما الآن يعتبر (هشام  الهاشم) و(فؤاد جهاد) و (إياد صالح منصور) و(نجم عبود) و(صالح علوان الصالح) أبرز الصناع وزبائنهم (نصير شمة) و(كاظم الساهر) و(صباح فخري) و(عباس جميل) و(أحمد مختار) و(محمد عبده) و(عبادي الجوهر) و(عبد المجيد عبد الله) وأغلب الصناع السالفين تتكفل في الغالب معارض ومحلات ببيع آلاتهم داخل العراق وخارجه، وتمر الصناعة بمراحل مختلفة بإستخدام أنواع نادرة من الخشب،ولا تصنع ورشة (صالح علوان) أكثر من عود كل عشرة أيام خلافا للورش السورية والمصرية واللبنانية وغيرها التي تصنع 20 عودا في اليوم، وهناك ستة صناع في كل ورشة بينما في العراق كله لا يتجاوز عدد الصناع الآن عدد الأصابع وهذا سر تفوق صوت العود العراقي37

 

العود الكويتي :

أما (يوسف حسين سالمين) الكويتي فهو يؤلف بين أقدم التقنيات وأحدثها وحتى العام 2008م وخلال ثلاثين عاما مضت تعاون مع فريقه في صناعة أكثر من 9000 آلة ولشركته تصميمات حصرية بحيث أصبح «عود سالمين» يعرف بجودته العالمية ورنينه العذب وهو يستورد أجود الأخشاب من مختلف أنحاء العالم مثل الخشب الأسود والبني وخشب الجوز ولقد ابتكر طريقة لتجفيف وسحب الزيت من الأخشاب لأنه كلما زاد جفافها كلما زادت جودته من خلال فرن حديدي خاص ذا سطح دائري تلصق قطع الخشب بسقفه ويترك لثلاث ساعات ومثلما جمع أفكاره ومعارفه لتطوير العود جمع متدربين من الهند وسريلانكا وتركيا ومصر أكسبهم الخبرة المعاصرة الكافية للتميز.

وهناك آلات عود خاصة بالسيدات ذات ظهر رفيع بالإضافة إلى ذلك طور (سالمين) العود الإلكتروني مستمدا المعلومات من العود الكلاسيكي والعمل مع مختلف شركات التقنية في كوريا والصين وألمانيا، متوسط سعر عود(سالمين) بين 90د.ك و 3500 د.ك كما يوفر دروسا موسيقية بكل المستويات بعد تقدير مستوى الدارس لوضعه على الطريق السليم الذي يناسب قدراته38

 

عالمية العود الفلسطيني :

تبدأ سلسلة الأجيال الأربعة من عائلة (جبران) بالفنان الشامل (ديب جبران) (1876م – 1951م) المولود في ناصرة فلسطين، حقق نتائج ممتازة على مستوى شكل وصوت العود والزخارف ومواد الصناعة، انجب ستة أولاد أحترف أربعة منهم صناعة العود، كان (باسم) (1932م – 1988م) بداية الجيل الثاني، برع أيضا في العزف وقام بإحياء العديد من الحفلات بصحبة اخيه (بديع) ويعد (حاتم مبدي جبران) العلامة الفارقة الثالثة، نقل الصناعة إلى فضاءات جديدة، وتمتاز طريقته في الصناعة بالجودة العالية والدقة والصوت الجيد ولايزال يمارس المهنة بمنتهى الحرفية بمدينة الناصرة، وهو يشكل مع أبنائه (سمير) و (عدنان) ثلاثي عربي عالمي، (وسام) الابن الأوسط تتلمذ على أبيه (حاتم جبران) وهو يعد بداية الجيل الرابع ولا تزال عائلة جبران تقدم المزيد من العطاءات39

 

مبدعون عالميون :

تستهل قائمة العازفين البارعين بفرانشيسكو سيينا وتعد مجموعتاه أقدم المحفوظات، كذلك العازف والمؤلف فرانشيسكوا داميلانو الذي ألهمت فانتازياته الأجيال الأوروبية اللاحقة، أيضا انطونيو روتا من بادوا وبيرو باولو من ميلانو ومارك انطونيو من بولونيا 40

في العام 1507م ظهرت في عالم الطباعة أول مجموعة موسيقية للعود في ايطاليا قام بها (بتروتش) مخترع الطباعة الموسيقية كما ذاعت مقطوعات (بييرى فاليزا) وبرع (لويس ميلانز) من أسبانيا و(يودنكوننج) من ألمانيا  بالإضافة إلى العبقري(يوهان سباستيان باخ)41

مع نهاية عام 1590م بلغ العازفون قمة الإبداع وتزعمهم (جيوفاني انطونيو) و(سيمون مولينارو) وبلغ أجر العازف ما كان يتقاضاه أمير الأسطول نفسه.

ولمقدرة (محمد القصبجي) الفائقة في العزف تعلم عليه العديد من الموسيقيين وله في صناعة العود رؤى علمية وفكرية نظرية وعلمية42 وكانت لديه مجموعه قيمة من العيدان وكان يخصص كل آلة لنوع معين من العزف، فعود للتقاسيم وثان للطقاطيق وآخر للأدوار والأغاني الطويلة كذلك قام بدراسات لتعديل مقاييس صناعة العود وصولا به إلى أقوى وأرخم الأصوات43

ويعد (رياض السنباطي) من أمهر العازفين وامتاز طبقا لسليم سحاب “ بالتقنية المطلقة لليدين واستعمالهما بتناسق مذهل وصولا إلى التعبير من أعماق النفس البشرية وتصوير كل حالاتها النفسية والوجدانية والفكرية44

وله معزوفات قيمة سجلت بأسماء مقاماتها وأسلوبه يعتمد على المزج بين براعة التكنيك وجمال الجملة الموسيقية وهو يشترك مع القصبجي ومحمد عبد الوهاب كعازفين من الطراز الأول45

كما جمع السنباطي بين أصالة المدرسة التقليدية بأشجانها وتطريبها والمدرسة الحديثة بمهاراتها وقدراتها العزفية على التصوير والتعبير46 وكان الوحيد الذي لم يقتبس أية موسيقى أجنبية، وفي العام 1977م أعلن الموسيقار التونسي (صالح المهدي) رئيس مجمع الموسيقى العربية التابع لجامعة الدول العربية أن السنباطي تم ترشيحه لجائزة اليونسكو الدولية وكان من ضمن خمسة على مستوى العالم لأنه الوحيد الذي استطاع بالموسيقى التأثير على منطقة لها تاريخ حضاري وكان هذا شرط اليونسكو47

وعرف (فريد الأطرش) بأسلوبه المتميز بتكنيك العزف باليد اليمنى الممسكة بالريشة فاستوحى أسلوبه من الجيتار الأسباني مما أعطى العزف أبعادا جديدة48

ولقد استخدم (فؤاد الظاهري) العود مع الأوركستر وقدمه في مؤلف أداه (جورج ميشيل) وكتب الدكتور (يوسف شوقي) كونشير للعود كما كتب (عطية شرارة) عام 1983م كونشيرتو للعود والأوركسترا أبرز فيه إمكانات العود وطابعة الصوتي بشكل يخدم الموسيقى الكلاسيكية، ولقد أورد (د/ زين نصار) في كتابه القيم “الموسيقى المصرية المتطورة” تحليلات لبعض كونشيرتوهات العود وعرض شرحا وافيا لفانتازيا العود والأوركسترا للمؤلف دكتور (سيد عوض) بعنوان (ليالي جرش)49 ومن المدرسة العراقية أحيا (جميل بشير) التراث بنمط جديد من الزخارف وبتنقلات سلسة ودقيقة على العود، ووظف (سليمان شكر) القوالب الغربية بمقدرة عالية في التركيز والتقنيات وتميز (منير بشير) بالجانب الروحاني.

يصعب إحصاء العازفين والمؤلفين لكن برز من العراق: عادل أمين وعلي إمام وغانم حداد وعلي حسن وخالد محمد علي.

ومن لبنان : مارسيل خليفة وشربل روحانة

ومن تونس : محمد زين العابدين وطاهر يوسف ويسرى الذهبي وأحمد القلعي

ومن المغرب : سعيد الشرابيني

ومن الأردن : صخر حتر وسامي خوري50

ومن سوريا : محمد قدري دلال الذي شارك في العديد من مهرجانات العود التي أقيمت في باريس (جامعة فرساي) و(ليل) و(سكلان) وفي جميع أنحاء أوروبا وأمريكا وكندا والصين والهند وتونس وحازت أسطوانته “خواطر حلبية” على الجائزة العالمية لأكاديمية (شارل كرو) ، من مؤلفاته “منهج لدراسة العود” (جزآن)، و”المقامات وتطورها” ، وله موسيقات تراثية رصينة51

و ساهم تطور أسلوب العزف المنفرد في العراق في تحسين نوعية الإنتاج وازدياد أهميته التقنية والروحية مما أكسب العازفين روحا تأليفية ذات خصوصية ونمط تقني غير مسبوق معتمدين على إرث العراق الموسيقي الذي يعود إلى سالف العصور والحضارات52

أما (سالم عبد الكريم) فقد رافق الفرقة السيمفونية الوطنية العراقية (INSO) لتقديم بعض الكونشيرتوهات كما قدم أول كونشيرتو منفرد للعود في أنقرة بتركيا في العام 1980م، وقدم أمسيات منفردة في ماليزيا ولندن وألمانيا وسلطنة عمان والأردن ومصر والإمارات والبحرين.

كما ألف أكثر من 250 قطعة للعود وابتكر قالبا جديدا أسماه “القصيد الآلي” وكتب واحدا من أفضل المراجع لتطوير القدرات التقنية للعازفين “دراسات لآلة العود” و “100 دراسة للمستوى الأول والمتوسط” وأسس عديد  الفرق ونال براءتا اختراع عن :

- طريقة جديدة في تدوين الموسيقى وتطبيقها

- جهاز لتعليم المكفوفين القراءة والكتابة (52)

وأسس العازف العراقي (نصير شمة) أول معهد متخصص يعني بتحسين العود صناعة وعزفا ومنهجا وتنظيرا وتعليما هو (بيت العود العربي) بدار الأوبرا المصرية كما أسس فرقة عيون واستطاع أن تكون له خطواته الراسخة التي تستند على منجز تراكمي ونوعي من التأليف المنفرد وحصل على العديد من الجوائز التقديرية والتكريمية وقدم العديد من العروض الدولية والعالمية والمحلية.53

 ولقد استلهم فنه من الحضارة القديمة وهموم وطنه مثل: (إشراقة أمل) و (حلم مريم) التي كانت رسالة دبلوماسية عن معاناة أطفال العراق، كما حول خمسة قصائد من شعر (محمود درويش) إلى قطع موسيقية، أما معزوفته (العامرية) فتحولت إلى أعمال مسرحية وباليه وأفلام وثائقية وروائية ولوحات تشكيلية54 كما قدم العديد من المؤلفات مثل: (الحياة – الحرب – السلام) و (عود من بغداد) و( من أجل أطفال العراق) وغيرها وحصل على جوائز عديدة مثل: وسام مدينة أغادير بالمغرب عام 1992م، ودرع النضال الفلسطيني بتونس وجائزة أفضل فنان وميدالية الجامعات البرتغالية عام 1996م55

وقدم العازف العراقي العالمي (أحمد مختار) برنامج (حديث العود) عرض فيه لتاريخ الآلة وأساليب لكل المستويات ويقدم للدارسين شرحا لتقنيات العزف المتقدم كما يتناول أعمال أشهر الرواد56 ولقد اختير عن الشرق الأوسط في المنظمة الطبية التابعة للأمم المتحدة ضمن آخرين لإصدار اسطوانة موسيقية للتخفيف وعلاج المتضررين من الإرهاب والحروب وله اسطوانات للعود بالإضافة لبحوث مهمة وأنشطة وأمسيات وطنية كما حصل على جائزة اتحاد الموسيقيين البريطانيين عن أفضل عازف ومؤلف موسيقي، وهو يدرس العود والنظريات العربية والإيقاع في كلية لندن، ويرى الناقد (صلاح حسن) أنه “يمتاز بإضافات كثيرة في بناء الجملة الموسيقية وقوة الإلهام وسعة التجربة ولا ينساق وراء الإبهار بقدر ما ينحاز إلى القيمة الجمالية”

قدم أمسيات في كثير من العواصم الأوروبية والعربية معرفا بالتراث العراقي وجذور آله العود، موضحا بفنه أن العراق بلد موسيقى وثقافة وحضارة، وهو يعتمد في عزفه على أسلوب المدرسة العراقية مع خصوصيته التي يتميز بها واهتمامه بتفاصيل العزف وهو يعتبر من الجيل الثالث لهذه المدرسة التي يتمسك بتراثها57 كما اضطلع على تجارب موسيقية من أمريكا اللاتينية وأيرلندا وإيران وتركيا وسوريا ومصر وأوروبا، وهو يبحث بموسيقاه عن السلام ويدعو له، ويرى الناقد البريطاني (مايكل جورج): “ لايزال مختار يحافظ على تصانيف وقوانين الموسيقى، العود من أصعب الآلات لكنه يستخرج من سحر حتى لحظات الصمت الفاصلة ضمن المقطوعة تصبح مؤثرة على يديه فتقول لنا شيئا”58

أما المحلل الموسيقي (بل بادلي) فكتب عنه في المجلة الموسيقية العالمية song lines “ليست مهمة الإيقاعات في اسطوانة (إيقاعات بغداد) زخرفية فقط فالإيقاعات لديه تتميز بالقوة والبراعة” أما (روب سميث) فقارن في مجلة (تابلس) بين عزفه وأساليب (البلوز والجاز) وتحدث عن العراق وظروفه وإن موسيقاه شاهدة على عمق الثقافة العراقية وتوقع أن شمس العراق التي ولدت من رحم أول الحضارات لن يغيبها دوي المدافع59

كتب أكثر من 25 قطعة موسيقية للعود وموسيقى أربع مسرحيات أجنبية وعدد من الأفلام آخرها (البغدادي) الذي حصل على الجائزة الذهبية في مهرجان hternational filmmakers60

كما صدرت له موسيقى لأول مسرحية انجليزية عربية بعنوان (حكاية جندي) ومسرحية (اسمي جميلة) للمخرج الجزائري (عبد الناصر خلاف) وموسيقى الدراما الشعرية (بغداد سماء مفتوحة)61

أما (وسام جبران) فمن مواليد الناصرة في جليل فلسطين وفرد في عائلة جبران العريقة فنياُ، درس بمعهد (أنطونيو سترا ديفاري) بإيطاليا فكان أول عربي يتخرج فيه بامتياز ثم حصل عام 2002م على جائزة أفضل صانع، وفي العزف أنجز اسطوانات عديدة أهمها “تماس” الشهيرة عربيا ودوليا62

وعلى الرغم أن هناك عشاقاً وأساتذه للعود منتشرين في كل أنحاء العالم وعلى رغم أن عازفي الجيتار وغيره من الآلات يدرسون العود ليعرفوا أسرار آلاتهم جيدا مما يؤهل العود لإستمرار حياة موسيقاه لمائة عام قادمة على الأقل الأمر الذي ألهب خيال الموسيقيين الذين يتطلعون إلى إمكانية تصنيع أعواد أخرى وإضافة مجموعة من الطبقات الصوتية التي تضيف إلى إمكاناتها من حيث الأداء، ويروي (فيكتور سحاب) مدير البرامج بالإذاعة اللبنانية ونائب رئيس المجلس الدولي للموسيقى التابع لليونسكو عن تجربة الموسيقار (ربيع حداد) في تصنيع 7 أحجام من الأعواد : ثلاثة خاصة بتعليم الأطفال وأربعة أخرى للفرق، وهو يؤكد أن ذلك لو تحقق عمليا سيفتح المجال لكتابة موسيقات عربية وعالمية على نطاق أوسع مما يعد خطوة على طريق تطوير الموسيقى العربية، وقد اختلفت الآراء حول مدى صلاحية هذه الفكرة كمنهج للتعليم فتصنيع أحجام مختلفة سيغير الطبقات الصوتية الأصلية لنكون أمام آلة جديدة بمميزات صوتية تختلف تماما عن آلة العود الأساسية ويحذر (د/ فتحي الخميسي) بأكاديمية الفنون المصرية من خطر تصغير أحجام الآلات مؤكدا أن جسم آلة مثل العود قد يغير حجم صندوقها الصوتي الذي يعد مصدرا للصوت وبذلك يكون أمام قياسات وأبعاد مختلفة للآلة وأوتارها، وفي هذه الحالة ستكون الحاجة ماسة إلى علم الفيزياء الصوتي كي نعرف مدى التغير الذي حدث للآلة، كما يرى (الخميسي) أن تعليم الأطفال العزف لابد أن يكون باستخدام الآلة بحجمها الطبيعي، وهذا ما حدث مع أشهر العازفين63

وعلى الرغم من كل هذا يوشك العود أن ينقرض فهل يمكن أن نحميه بافتتاح المزيد من المعاهد المتخصصة.

 

المراجع

1ـ مقال عن آلة العود بالموقع الالكتروني

http://forum.roro44.com

2ـ نفس الموقع السابق وأيضا موقع  

www.RafatoSman.com

3ـ د/ زين نصار دراسات موسيقية – الهيئة المصرية العامة- 2006م القاهرة – ص111 

4ـ مقال عن الفارابي بالموقع الإلكتروني

http://www.yabeyrouth.com

5ـ مطلق الوتر: أي استخدام الوتر كله في الضرب عليه دون عفق بالإصبع

6ـ د/ محمود أحمد الحفني- إسحاق الموصلي – سلسلة أعلام العرب – رقم 34 الدار المصرية للتأليف القاهرة – ص 197

7ـ الموسيقى العربية في العصر العباسي – مقال بموقع

 htt://www.yabeyrouth.com

8ـ أحمد الواصل – رواد الغناء في الجزيرة العربية – كتيب المجلة العربية – العدد 384- يناير 2009م الرياض – ص 11

9ـ د/ محمود الحفني- إسحاق الموصلي – مرجع سابق – ص 34

10ـ إبن سريح مقال بموقع

www.Ansabonline.com

وانظر أيضا الموقعين:

www.Alriyadh.com

www.AlArgam.com

11ـ معبد مقال بموقع

http://MosoA.AljAyyAsh.Net

12ـ الغناء في العصر العباسي- مقال بموقع

 htt://www.yAbeyrouth.com

13ـ د/ محمود أحمد الحفني- إسحاق الموصلي – سلسة أعلام العرب رقم 34 الدار المصرية للتأليف القاهرة ص 134

14ـ نسبة إلى الشبوط بتشديد الشين والباء وهو نوع من الأسماك دقيق الذنب عريض الوسط لين المس صغير الرأس.

15ـ مقال عن آلة العود بالموقع الإلكتروني

 www.wissamjaubran.com

16ـ د/ زين نصار- دور آلة العود في تطور الموسيقى الأوربية – مجلة الحضارة فكر وإبداع – العدد (1) شتاء 1999 – القاهرة – ص 92

17ـ د/ بول هنري لانج – الموسيقى في الحضارة الغربية – ترجمة د/ أحمد حمدي محمود – الهيئة المصرية العامة – 1985م – القاهرة – ص 313

18ـ د/ زين نصار – دراسات موسيقية – الهيئة المصرية العامة – 2006م االقاهرة ص 102

19ـ مقال بالموقع الإلكتروني

 www.ALJEERAN.com

20ـ د/ محمود الحفني – علم الآلات الموسيقية – الهيئة المصرية العامة – 1971م القاهرة – ص 73

21ـ د/ سمير الجمال – تاريخ الموسيقى المصرية – الهيئة المصرية العامة- 2006م القاهرة – ص 49

22ـ موقع الفنان الفلسطيني وسام جبران

www.wissamjaubran.co

23ـ موسوعة الموسيقى – العود – موقع

www.saramusik.org.encyc

24ـ تاريخ العود – مقال بالموقع

www.manaabr.com

وأيضاً موقع

www.aljeeran.com

25ـ د/ زين نصار – دراسات موسيقية – الهيئة المصرية العامة – 2006 القاهرة – ص113

26ـ كلوديا فاركاس – ترجمة / دانا كمال – العود ملك الآلات – مجلة الكويت – العدد 302 – ديسمبر 2008م – وزارة الإعلام الكويتية ص – 18

27ـ د/ محمود الحفني – زرياب علي بن نافع – سلسلة أعلام العرب – رقم 54 – الدار المصرية للتأليف والترجمة – القاهرة – ص 56

28ـ محمود الحفني – مرجع سابق – ص133

29ـ مقال بالموقع الإلكتروني

http://forum.roro44.com

30ـ موقع الفنان أحمد مختار – العود عبر التاريخ

http://www.AMUKhtar.com.ar

31ـ العود الصناعي – مقال بموقع

www.Arabculturaltrust.com

32ـ د/ محمود الحفني – علم الآلات الموسيقية – الهيئة المصرية العامة – 1971م – القاهرة – ص 78

33ـ د/ زين نصار- دراسات موسيقية الهيئة المصرية العامة – 2006م القاهرة – ص126

34ـ موقع أحمد مختار – أوتار العود والإضافات

http:// www.Amukhtar.com.ar

35ـ تاريخ العود عبر العصور – مقال بالموسوعة الحرة

http://ar.wikipedia.org

36ـ موسوعة الموسيقى – العود

www.Saramusik.org.encyc

37ـ جمال حسين – مقال بموقع أحمد مختار

http://www.Amukhtar.com

38ـ كلوديا فاركاس الرشود – ترجمة/ دانا كمال – العود سالمين أشهر صناعة مجلة الكويت – العدد 302 – ديسمبر 2008م وزارة الإعلام الكويتية – ص 14

39ـ العود الجبراني – موقع وسام جبران

www.wissamjaubran.com

40ـ د/ زين نصار – دراسات موسيقية – مرجع سابق – ص 122

41ـ تطور العود في أوربا – منتدى زرياب

http:// www.Zeryab.org

42ـ داليا فهمي – محمد القصبجي رائد تجديد الموسيقى العربية – جريدة الفنون – العدد 76- ابريل 2007م المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب – الكويت – ص 1

43ـ د/ سمجة الخولي – من حياتي مع الموسيقى – مكتبة الأسرة – سلسلة الفنون – الهيئة المصرية العامة للكتاب- 2007م القاهرة – ص 47

44ـ د/ سليم سحاب – ثروة من الألحان – مجلة العربي – العدد 580 – مارس 2007م – وزارة الإعلام الكويتية – ص 68

45ـ مقال عن رياض السنباطي – بموقع

 www.classicarabmusic.com 

46ـ د/ نبيل شورة – رائد الموسيقى الكلاسيكية – مجلة العربي – العدد 580 – ص 73

47ـ محمد الطويل – موسيقار من سنباط – دار المعارف – سلسلة كتابك – العدد 150 1982م – القاهرة – ص 71

48ـ مقال عن فريد الأطرش بموقع

 www.classicarabmusic.com

49ـ د/ زين نصار – الموسيقى المصرية المتطورة – الهيئة المصرية العامة – 1996م القاهرة – ص 36

50ـ موسوعة الموسيقى – موقع

http://www.saramusik.org

51ـ محمد قدري دلال – خواطر حلبية على آلة العود

http://moc.gov.sg

52ـ سالم عبد الكريم – مقال بالموسوعة الحرة

http://ar.wikipedia.org

53ـ الموقع الإلكتروني للفنان نصير شمه

http://www.vaseershamma.com

54ـ الموسوعة الحرة – نصير شمة

http://ar.wikipedia.org

55 - http://www.arabiancreativity.com/shamm

56ـ المزيد عن البرامج بموقع قناة المستقلة الإلكتروني

 http//:almustakillahtv.com

57ـ موقع الفنان أحمد مختار وأيضا موقع جريدة الحياة

http://www.daralhayat

58ـ محمد الكحط – مختار خطوات رصينة نحو الإبداع – مقال بموقع

http://www.amukhtar.com

59ـ موقع الفنان أحمد مختار – مرجع سابق وايضا موقع

www.RAFATOSMAN.com

60ـ برنامج خطوات قناة الفيحاء – إعداد وتقديم الشاعرة / ورود الموسوي – حلقة 12/8/2008

61ـ الموسوعة الحرة- أحمد مختار – موسيقيون عراقيون

http://ar.wikipedia.org

62ـ موقع الفنان وسام جيران الإلكتروني

www.wissamjaubran.com

     انظر المزيد أيضا بموقع

www.letriojubraxn.com               

–63ـ منى درويش – الكمان عزف خارج التخت العربي 30/11/2005 – صفحة ثقافة وفن – موقع إسلام أونلاين

 www.ISLaMonline.Net

أعداد المجلة