فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
62

رحلة لالة عائشة البحرية من بغداد في العراق إلى أزمور بالمغرب الأقصى: حكاية بطعم عجائبي

العدد 62 - أدب شعبي
رحلة لالة عائشة البحرية من بغداد في العراق إلى أزمور بالمغرب الأقصى: حكاية بطعم عجائبي
المغرب
للنساء حضور وازن في دفاتر تاريخ المغرب، وإن كن قليلات. أسماء بعضهن كنار على علم، مفصلة سيرهن تفصيلا، وأسماء بعضهن، وإن لم تجد لها مكانا في دواوين التاريخ الرسمي، فقد حظين بشعبية واسعة جدا حد الدهشة. ثمة نماذج كثيرة من الفئة الثانية، منها نموذج : لالة عائشة البحرية1، التي طبقت شهرتها آفاق المغرب  في الماضي والحاضر. هذه المرأة مصنفة ضمن طائفة الأولياء الصالحين، تروى عنها أخبار تسبح بسيرتها في عالم العجيب والغريب. أما قبرها فهو مزار شهير على الضفة اليمنى من مصب نهر أم الربيع في المحيط الأطلسي قبالة مدينة أزمور في الضفة المقابلة، بعيدا عن مدينة الدار البيضاء بحوالي 80 كلم، قبل الوصول إلى  مدينة الجديدة بمسافة لا تتعدى 20كلم. 
 
السؤال المنطلق الذي نتوخى مناقشته في دراستنا هو : لماذا اكتست رحلة لالة عايشة البحرية هذه الشهرة؟ علما منا أن للرحلة كما للحكاية امتدادات لم تنته بعد، سواء أكان على أرض الواقع في رحاب ضريحها أم في الكتابة الأدبية، نثرا وشعرا، بطعم أكثر عجائبية.
 
 سيرة بطعم العجيب:
 
  تذكر الروايات المأثورة عن السلف أن أصل هذه المرأة من بغداد2. لذلك حملت أحيانا اسم: لالة عائشة البغدادية. لكن غلب عليها اسم البحرية لكون قبرها يقع قرب شاطئ البحر. كلّما ذكر اسمها إلا وورد مقرونا باسم ولي مدينة أزمور الشهير؛ أبي شعيب أيوب السارية ( ت.561 هـ/ 1166م)3، أحد كبار صوفية المغرب الأقصى خلال العصر الوسيط، إلى حد يمكن القول إن هذا القَرنَ هو الذي جعل سيرتها تحظى بالقبول.
 
يمكن إجمال أخبارها المتداولة بين الناس في حكايتين من فن الحكي الشعبي:
- الأولى : أنها تعرفت على أبي شعيب السارية شخصيا  في بغداد، أثناء مراسم تشييع جنازة صوفي عراقي كبير. هناك، في بلاد العراق،  أعجبت الفتاة بما ظهر على الفتى المغربي من سمات الصلاح، وتعلق قلبها به. لكن الارتباط لم يتم بينهما، لأن أهلها لم يوافقوا على رجل بلغ في سمرته مسحة السواد زوجا، فعاد إلى بلاده وحيدا، لكنه كان يحمل وعدا من أنثاه بألا تتزوج غيره، وعهدا على الوفاء. 
 
تبدو الحكاية كما ولو كانت من إبداع مبدع مطلع على التراث، ليس لأن القضية واردة جدا شكلا ومضمونا فحسب، ولكن لأن المصادر، مغربية وعراقية، تستحضر في ترجمتها للشيخ أبي شعيب السارية، المعروف أيضا بلقب الردّاد، سفره إلى بلاد المشرق ولو على بساط العجيب والغريب .
 
  فقد ذكروا، كما في كتاب التشوف إلى رجال التصوف، الذي ألفه يوسف ابن الزيات التادلي المتوفى سنة27-628هـ/1229م، وفي كتاب : الذيل على تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، الذي وضعه عبد الكريم بن محمد السمعاني، المتوفى عام 562هـ/1167م، «أن [أبا شعيب السارية] هو الذي صلى على حجة الإسلام [أبي حامد] سيدي الغزالي، وذلك أنه قال لهم: إذا متّ فكفنوني وضعوني على سريري على شفير القبر حتى يجيء رجل بدوي لا يُعرف، هو الذي يصلّي عليّ. فذكروا أنهم امتثلوا، فبينما هم ينتظرون وعد الشيخ، فإذا برجل أسمر عليه عباءة، فلما لحق بهم، قال: السلام عليكم، ثم تقدم فكبّر، فكبّر الناس، فلما سلم ذهب من حيث جاء، ولم يتجاسر أحد أن يسأله»4. وكان للعربي الفاسي (ت. 1052 هـ/1643م)، صاحب مرآة المحاسن في مناقب والده الفاسي أبي المحاسن، تعقيب، قال فيه: «والحكاية معروفة، فقد كان أبو شعيب في ذلك التاريخ من أهل الخصوصية التامة، والتمكن من الوصول في الزمان القريب إلى المكان البعيد»5، بل ذهب محمد المهدي الفاسي (ت.1109هـ/1698م) إلى القول: «ولا يبعد أن يكون أبو شعيب لقي الغزالي»6. ولعل ما لا يمكن أن تخطئها العين هنا هو الإشارة إلى سمرة لون أبي شعيب، تماما كما ورد في الحكاية الشعبية. 
 
ذكروا أيضا في منقبة منسوبة إلى الشيخ أبي عبد الله محمد بن إسحاق أمغار؛ المتوفى حوالي سنة 537 هـ /1143م، وهو صوفي من جيران أبي شعيب السارية في بلاد صنهاجة أزمور، «أن الشيخ الفقيه العالم العلامة حجة الإسلام أبا حامد محمد بن محمد بن محمد الطوسي الغزالي رحمه الله، لما حضرتْهُ الوفاةُ، أوصى رجلاً من أهل الفضلِ والدّينِ كان يخدمه أن يَحفرَ قبرَه في موضع بيتِه، ويستدعِي أهلَ القرى التي كانت قريباً من موضعه ذلك لحضورِ جنازتِهِ، وألا يُباشرَه أحدٌ حتَّى يصليَ عليه ثلاثةُ نَفَرٍ يخرجون من الفلاة لا يعرفون في بلاد العراق، يغْسِلُهُ اِثنانِ منهم، ويتقدم الثالث بالصلاة عليه، بغير إذن أحدٍ ولا مَشُورَةٍ. فلما توفي رحمه الله فعل الخديم كلَّ ما أمره به الشيخ  وحضر الناس، فلما اجتمعوا لحضور جنازته رَأَوْا ثلاثَةَ رجالٍ خرجوا من الفلاة، فعمد اثنان منهم إلى غسله واختفى الثالث ولم يظْهَرْ، فلما غُسل وأدْرِجَ في كفنه وحُمِلت جنازُته ووُضِعت على شفير قبره، ظهر الرجلُ الثالث ملتفًّا في كساءٍ في جانبيْه علمٌ أسود، معممَّا بعمامة صوفٍ، فتقدم للصلاة وصلى الناس بصلاته، ثم سلم، وانصرف، فتوارى عن الناس. وكان بعض الفضلاء من أهل العراق، ممن حضر جنازة الفقيه، ميزوهم بصفاتهم، ولم يعرفوا من أين وصلوا، إلى أن سمع بعضهم بالليل هاتفا يقول لهم: إن ذلك الرجل الذي صلى بالناس على الشيخ أبي حامد الغزالي رحمه الله ببلد طوس في أرض العراق هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن أمغار الشريف النسب، جاء لذلك من المغرب الأقصى من عين الفطر، وإن ذينك الرجلين اللذين غسلاه هما صاحباه: الشيخ أبو شعيب أيوب بن سعيد من أزمور وأبو عيسى وازجيج بن ولوون الصنهاجي من أهل أيغيور نفعنا الله بهم. فلما سمعوا بذلك عملوا الرحلة من العراق إلى صنهاجة أزمور بالمغرب الأقصى، فلما وصلوا إليهم استوهبوا منهم الدعاء ثم انصرفوا إلى العراق نفعنا الله ببركاتهم. فلما وصلوا أخبروا متصوفة العراق والمشرق، وأشاعوا كرامتهم هنالك. ثم إن طائفة منهم لما سمعوا بذلك أتوا إلى زيارتهم، وزاروهم فوجدوهم أولئك الذين ميزوا، فاستوهبوا منهم الدعاء نفعنا الله ببركاتهم»7.  
 
فهل التمس المبدع لحكاية لقاء لالة عايشة البغدادية بأبي شعيب السارية العون في إبداعه العجيب من هذه المناقب؟  وهل كان يسعى للإجابة عن التساؤلات المطروحة حول وجود ضريح امرأة يقال إنها عراقية  قرب أزمور في المغرب الأقصى حيث ضريح ولي المدينة الأكبر مولاي بوشعيب السارية ؟
 
مهما كان الأمر، فالحكاية لا تخلو من إبداع  في آليات السرد ومضانه، كما لا تخلو من لذة العجيب. ولأنها كذلك بالفعل لم تمنع من ظهور حكاية ثانية في الموضوع نفسه، إن لم تكن قد تولدت عنها.
 
«يحكى [فيها] أن لالة عائشة، لمّا بلغها خبر الشيخ مولاي أبي شعيب السارية، وسمعت بما هو عليه من الصلاح والورع والتقوى اتصلت به، وتوطدت بينهما أواصر المحبة والصداقة إلى حد أنهما كانا يلعبان الكرة معا، فتمر الكرات في الهواء مختفية من أزمور إلى بغداد، وتعود في الحين، ويقول لها هو : هاكِ آ عائشة في بغداد، فتجيبه هي  بقولها : هاك آ بوشعيب في قرن الواد. وظل هذان الوليان يتراسلان بهذه الطريقة العجيبة إلى أن بلغت لالة عائشة من الكبر عتيا، وخافت أن تدركها المنية قبل رؤية صديقها مولاي أبي شعيب، فعزمت على شد الرحلة لزيارته بأزمور. وتحملت مشقة الطريق، وكادت أن تدرك مناها، لولا أن الإجهاد كان قد أنهكها. وحينما كانت على مرأى من مدينة أزمور سقطت على الأرض منهوكة القوى فكانت النهاية دون أن تنعم برؤية مولاي أبي شعيب ودفنت في المكان الذي ماتت فيه»8.
 
- واضح أن الحكاية الثانية لا تخلو بدورها من إبداع وإثارة وغرائبية. وقد نظر فيها باحث مهتم، فقدّر أن اللقاء بين أبي شعيب الغوث ولالة عايشة تمّ في عالم الأرواح لا الأشباح، وخطّ ذلك بالخط العريض، قائلا: «كانت هذه الولية الصالحة تعيش في بغداد واتصلت روحيا بالشيخ أبي شعيب»9؛ مما يعني أن هذا المهتم متشبع بالتصوف أو ما شاكله من حقول المعرفة التي يتقاطع معها، علما منه بوجود حكايات كثيرة من هذا القبيل في عالم الأولياء والصالحين، ومن ثمة وصف الطرفين بما ينسجم وطبيعة هذا العالم.
 
وسواء أكان التعارف قد تم مباشرة أم  بشكل غير مباشر، يبدو أن الحكاية الثانية تكمل الأولى، وتخبرنا أن المرأة  وفّت بالوعد، ورحلت للقاء الرجل في بلده، حتى إذا لم يعد يفصلها عن مدينة أزمور التي يرابط فيها أبو شعيب السارية سوى عرض النهر المسمى أم الربيع، فاضت روحها، ودفنت حيث ضريحها الآن10.
 
ثمة تفاصيل أخرى تضاف إلى ما سبق، عن رحلة  هذه المرأة  بحثا عمن أحبّتْ، كالقول بأنها بدأت سفرها راكبة، وحينما نفقت الدابة، واصلت السير على قدميها، وتحملت مشاق السفر، وأهوال الطريق من كل الأصناف. والقول كذلك إنها حين بلغت مصب نهر أم الربيع وأشرفت على مدينة أزمور، علمت بخبر وفاة أبي شعيب، فحزنت حزنا شديدا، وماتت كمدا . يحكى أيضا أنها لم تمت من حينها، لكنها آثرت البقاء بجوار مدفنه، فاتخذت رباطا  كانت تقضي به زهرة أوقاتها في التعبد، زاهدة في ملذات الدنيا، وأنها كانت تقطع النهر إلى قبر مولاي بوشعيب على الضفة اليسرى فتزوره ثم ترجع إلى رباطها إلى أن ماتت. يضاف إلى ذلك أيضا أنها كانت تقطع النهر راكبة على لحافها، كما في قول مأثور مازال رواة حكايتها يتداولونه إلى اليوم يشير إلى هذه الكرامة، نصه: «للا عايشة البحرية القاطعة الواد بالريحية». ويقال إنها لم تتوقف عن الزيارة إلا بعد أن بشرها يوما ببلوغها مقاما يضاهي مقامه في سلم طريق القوم، قائلا لها، باللسان المغربي الدارج: «أعايشة، أنت من الوادْ لهيه [في الضفة البعيدة] وأنا من الوادْ لهنا [في الضفة القريبة]»، فلزمت مكانها إلى أن توفيت، ودفنت في المكان نفسه، وصار قبرها مزارا يتبرك به، وللقبر قبة.
 
امتدادات أكثر عجائبية:
 
 لم تتوقف الأجيال المتعاقبة عن سرد الحكاية للخلف، فلم تزدها الأيام إلا حضورا في المجالس الشعبية، على الرغم مما قيل عن افتقارها لأي سند تاريخي11. ووجدت فيها العاشقات والباحثات عن حضن دافئ، بالخصوص، بلسما يخفف عنهن حرارة اللوعة، ودأبن على زيارة مرقد البطلة، والطواف بكعبتها عسى أن يتحقق المراد كما تحقق لها بلقاء أبي شعيب.
بداية الطواف في هذا المقام غير موثقة، لكن الأكيد أن الخلف قلد السلف، وأن نساء شعاب مصب أم الربيع دأبن على فعل ذلك قبل مثيلاتهن من البلاد البعيدة، وكانت المناسبة هي اليوم السابع من الأعياد الكبرى12، على غرار ما جرت به العادة في أضرحة أخرى بأماكن مختلفة من المغرب؛ هن إناث يستصرخن بركة لالة عايشة علّ الأمل المنشود يتحقق، بعضهن متزوجات يعانين من العقم13. لكن أكثرهن عازبات يمنين النفس بأن يجدن في تربتها: حسن الطالع، دليلهن في سلوكهن رحلة صاحبة القبر، الشاقة والطويلة، للّقاء بالمعشوق بصرف النظر عن تفاصيل هذا العشق أو طبيعته، إلى حد الاعتقاد ان الله وهبها بركة الجمع بين الأحبة. 
 
جراء ذلك، اكتسب المقام شهرة واسعة، وصار مقصودا في كل يوم، لاسيما مع حلول العاشر من شهر محرم، الذي يوافق الاحتفال بمناسبة عاشوراء، التي أضحت عيدا لا يماثله عيد في هذا الضريح. كما اكتست الزيارة، مع مرور الوقت، آدابا وطقوسا لازمة لكي يتحقق ذلك المراد.
 
هكذا، يتحتم على الزائرة أن تتجاوز العتبة بقدمين حافيتين، وترديد جمل مختارة من قاموس آداب الزيارة، من قبيل : باسم الله، باسم الله، باسم الله، الله ينفعنا بالزيارة، على أن تقدم بعضا من فتوح الدنيا للمشرفة على الضريح، نقودا كانت أم شمعا أم سكرا أم تمرا أم قارورة من ماء الزهر، قبل التمسح بالقبر والدعاء طلبا لقضاء الحاجة حتى يحظى طلبها بالقبول. بعدئذ تنضم إلى الزائرات المتحلقات حول إناء به خليط من الحناء. قد تغْرِف السيدة المكلفة به قليلا من الخليط فتلطخه في كفي الزائرة الجديدة، وربما تكون كريمة معها، بحسب ما قدمت يدها من فتوح، فتضع قليلا من الحناء في خصلة من شعر رأسها. كما تمدها بقدر آخر؛ فتكتب به اسمها وقبالته اسم فارس أحلامها على الحائط في الضريح، من باب الاعتقاد أن القيام بهذا الطقس، في هذا المقام بالذات، يجلب الحظ الحسن ببركة لالة عايشة أميرة العشق دون منازع، أملا في أن يتحقق اللقاء بينها وبين صاحب الاسم، كما حدث بين صاحبة المقام وأبي شعيب السارية. جراء ذلك صارت الحيطان أشبه ما تكون بلوحة تشكيلية مدادها أسماء رجالية وأخرى نسائية متعانقة إلى حد الاختلاط، لكل اسم مقابله، ولو تشابهت، ثم تأتي مرحلة الوقوف فوق مجمر يتصاعد من جمره دخان بخور مبارك. ومن هنا نفهم القصد من قول مأثور في مناقب لالة عائشة، نصه: 
 
«الله الله عليك يا لالة عايشة ** مولاة القُبَّة الخضرة ** الطّالْيَة لحناني ** المبخْرة بالجاوي».
 
بمجرد خروجها من الضريح يضع بين يدي الزائرة، شاب يحرص على أن يكون حافي القدمين، منديلا أبيض اللون، مغريا إياها على أن تلطخه بالحناء، مثيرا انتباهها إلى أنه سيعلق المنديل بما حواه فوق قبة الضريح جوار منديل لالة عايشة الأخضر، «علّ الله يرفع علمها»، فتحظى بلقاء الحبيب، وذلك مقابل أن تتكرم عليه «بما قسم الله». 
 
قد تنتهي الزيارة عند هذا الحد، لكن قد تمتد إلى طقوس أخرى، إذا كانت الزائرة تظن أن السحر أو ما يسمى محليا ب(التّابعة) هو سبب بلواها. في هذه الحالة يقتضي الأمر الاستحمام في خلوة تابعة للضريح بماء من بئر في الجوار. هذه الخلوة عبارة عن بيت من قصب، في الحر كما في القر، لكن الماء مبارك، إذ يفترض أن لالة عايشة البحرية كانت تعتمد عليه في الشرب والوضوء. ويقتضي طقس الاستحمام اقتناء المعنية به، مسبقا، مشطا وملابس داخلية جديدة، وأداء ثمن سطل من الماء. على أن ترمي بالمشط خلف ظهرها، بعد الانتهاء من الغسل، وأن تتخلص من ملابسها الداخلية القديمة، حتى إذا خرجت تترك خلفها، كما تعتقد، كل النحس الذي طاردها. قد تتجه المستحِمّة نحو شاطئ لالة عايشة البحرية للالتحاق ببعض أفراد أسرتها لكنها تتجنب العوم  في البحر حتى تحافظ على بركة ماء بئر لالة عايشة البحرية14 أطول مدة ممكنة. 
 
بذلك، تحولت رحلة لالة عيشة البغدادية إلى المغرب إلى حكاية حب أزلي متعدد القصص، وصار قبرها ملاذا للباحثات عن الحب ولو في الأحلام .
 
إلى جانب هذا السر الذي استوحته واستلهمته زائرات الضريح، والذي لم تكن البطلة نفسها تتوقعه، صارت للحكاية نفسها امتدادات أخرى، بحكم أنها صارت ملهمة للأدباء المشتغلين في حقل الإبداع؛ أولئك الذين اتخذوا من فضاء وادي أم الربيع، حيث يقع ضريحا أبي شعيب ولالة عايشة؛ الأول في أزمور على الضفة اليسرى غير بعيد عن المصب والثاني على الضفة اليمنى، مسرحا لأعمالهم التخيلية. لعل أشهرهم المؤرخ عبدالله العروي الذي استغل بعضا من ملامح الحكاية في روايته:(الغربة واليتيم)، فاستحضر بطلي الحكاية في هذه الجمل المعبرة، وإن كان قد قلب الآية في الحكاية، وتخيل أن الرجل هو الذي جاء باحثا عن المرأة، انسجاما مع العادة المرعية، كما في قوله : «إن أبا شعيب جاء من مراكش على ظهر سبع طيّع يتبع عائشة بولائه ومحبته .. ولما لم تقلع عن شغفها وانقطاعها من هذا العالم الفاني تضرع أبو شعيب السارية إلى ربه ألا يفارق بينهما إلا بخيط من ماء يكون خيرا وسلاما على المسلمين. ولما أخلص الله الطاعة رفع أبو شعيب على الربوة يتطلع منها إلى نور حبه وهداه ...»15. 
 
كما استحضرت الزجالة المغربية الزهراء الزريبق في قصيدة لها بعنوان «لمزاوكة» قصة العلاقة لتي جمعت أبي شعيب ولالة عائشة، في قصيدة زجلية، هذا نصها: 
 
زوكت زوكت في تراب لبلاد
تعطيني بنات وتعطيني ولاد
ومن خايب رجايا
زوكت في مولاي بوشعيب الرداد
قالو عطاي لعزارة
والي وكان صالح
ميت وباغي حزارة
تمر وحنة بخور زيارة
زيارة لخيال اللي محجب بنكاب
تيبات مجدوب ويصبح عشاب
جالس في عتبة وساد الباب
ساد باب الرجا والرحمة
في وجه عذرة
طالقة سوالف الحضرة
قالوا مجروحة وباغا تبرى
وقلم لفقيه متلف الدواية
وعلى صدر العزري مقيد حجاب
حجاب حاجب حاجب حاجب
حاجب عين الشمش
وعين لخيال ما ترمش
ولا عين تراجي وتقول ليه ما تحشمش
عمر نقاب ما اركب خيال
نقاب يركب وجه صحيح نيفو تامر
تيشم لفطير و ينبز الخامر
و يبغي ودنين تفرز الطنطين و تعرف الخاوي من العامر
فم تنين بلا سنين
يحرق الدغمة في يد لمحاجر
بوشعيب الرداد عطاي لعزارا
و يا مولاي بوشعيب و يا عطاي لعزارة
بوشعيب الرداد مات عزري ما خلا ولاد
كن كان الخوخ يداوي
يداوي الخوخة قبل لعباد
تحلف على الخوخ ما توحم عليه ما تحطو ولاد
اولاد العرة يبقاو معيور
ما تبغيهم الحرة ولاخويدم الدشور
ما يبقى لميمونة الغرباوية
غير تشطيبت قاعة عيشة البحرية
عيشة البحرية تخلط مواج
وساطت عجاج وما دات منو
دري ولا درية
غير قبر غريب صاد قبلة
ويسوط فيه ريح عشية
بوشعيب الرداد كن كان يفلح زريعة لولاد
يلوح على دراع ينبتو العيشة في بغداد
باقة نزاوك في تراب لبلاد
طين غزة و طين بغداد
تعطيني بنات و تعطيني ولاد
ركايز الخيمة و حديد لوتاد
باقة نزاوك في تراب لبلاد
وباقى نزاوك في تراب لبلاد 16
 
قبل أن تستحضر الشاعرة  قصة أبي شعيب وعائشة البحرية، تطرح إشكالا محوريا نصوغه على شكل سؤال : كيف يزور الناس ضريح ولي طلبا للذرية، وهو نفسه مات دون أن يخلف ذرية بل لم يتزوج أصلا؟ كما في قولها: 
 
«بوشعيب الرداد مات عزري ما خلا ولاد**كن كان الخوخ يداوي **يداوي الخوخة قبل لعباد». 
 
إن الشاعرة تبدو وكأنها تحاول أن تطرد وهما كبيرا من عقول الناس، وتحاول استغلال الحكاية وظيفيا للخروج من مأزق الاستناد في حل المشاكل على قوى هي أصلا لا حول لها ولا قوة ولا تستطيع علاج حتى نفسها. ولأنه إبداع فقد غلب فيه الخيال على التاريخ، لأن هذا الأخير يشهد ويؤكد، عكس ما ورد في القصيدة تماما، على أن أبا شعيب تزوج فعلا، وعقب ذرية17 . 
تطور الأمر أكثر فصارت حكاية أبي شعيب وعائشة البحرية عصب ديوان بكامله، من المقدمة إلى الخاتمة، عنوانه  «عناد الكمرة وبياض الليل» للشاعرة فاطمة بلعروبي18. ديوان باللسان العربي الدارج، يتميز بنسقه الأكاديمي، له مقدمة وعرض وخلاصة، تقوم كلها بعرض تفاصيل الحكاية.
 
حرصت الشاعرة  في التقديم  على استرجاع تلك التفاصيل، فبسطت فيه أسباب التعارف الذي تحول إلى حب جارف ورغبة من الطرفين في اللقاء، قبل أن يتحول إلى حب ممنوع. تقول الشاعرة:
 
هي حكاية، سمعناها وسَمْعَاتها الألوف،
حكاية ربطة زغبية، حكاية عطفة معمية،
جلات محضار و كوَاتو مِيات كية.
حكاية بوشعيب وعايشة بحرية
واخا التاريخ ما زممها ف سطورو،
ما جاب خبار محكرة على تيه بوشعيب وضرو .
و لكن الافوام تعاود ومازال تعاود على قصة عطفة دافية
ودموع حْنانْ،
سالوا ريح باردة تطفي نيران الحرمان، من فرحة تضوي الباقي من العمر الزربان.
كانت عايشة ميرة وبوشعيب بالعطفة سلطان
كانت عايشة فتيلة
وكان بوشعيب بالرجا فران عوافيه كَادية نيران.
كانت عايشة قصة وبوشعيب حديث
كانت عايشة الطالة على الدنيا بعين الغريب الطالب الحروف فتيات.
وكان بوشعيب الطامع ف محلة ف بغداد تفرح الخاطر
وتكون الزاد ف طريق العلم الطويلة.
كانت عايشة ما تعرف ما تدري اش ف راس الدري
وكان بوشعيب يفهم الصواب وما يدخل غير من الباب،
 اللي قبل ما يفصح على المطلوب ويتحقق ليه الرجا ويكون مكتوب، 
تسدوا ف وجهو ورجع رجعة المغلوب، جمع اللواح وهرس الخابية الجامعة ميهت العطش ف المراح،
ورجع لبلادو قبل ما يطل الصباح.
كانت عايشة قبل الأخبار تتمنى19
 
إنه كلام مغزول بلغة عاطفية حتى النخاع، ونسق شاعري يدغدغ المشاعر، ويصيب شغاف القلوب المكلومة. وامتد الخيال في النص ليضفي على الحكاية مسحة زرقاء، انعكاسا لزرقة البحر والسماء، رغم أن الحديث المتواتر عن الرحلة  أنها كانت برا وليس بحرا20. فتقول:
 
عايشة
السمية عايشة
و النعت بحرية
عافني البحر
و رماني الغرام
على شط الوفا
و مازال مواج العطفة
تلعب بيا
انا الموصوفة بالحكامة 21
 
  بعد التقديم، أعطت الشاعرة، في القسم الأول من الديوان الكلمة  لعائشة لتعرف بنفسها، وتبوح بقصة غرامها  ووفائها للحبيب ثم رحلتها للقائه22. بينما تكلمت في القسم الثاني  بلسان الرجل، مانحة إياه فرصة عظيمة ليفصح عن مكنوناته، لأنه ما تكلم قط في دفاتر السابقين، فجاء حديثه عبارة عن صرخة محب ولهان، حكيم لكنه لم يتردد في البكاء أيضا، وفي كلامه يكمن الجديد في الحكاية من خلال هذا الديوان. تقول الشاعرة على لسان بوشعيب العاشق المكلوم:
 
جاتني الشمس زايرة
لابسة قفطان
التخمام
تتخطر ف شربيل
العمر
العافس على قلب واكح
من حر الطلعة
الكَادية الرجا
ف كانون اللياس..
و انا المحضار
الحاسب البحر
خطوات
التابع هذ الفتيات
نشعلهم ضو
ف بحاير الاخيار
جاتني الشمس
زايرة
سربات مدجة التخمام
من عنق زهري... 23
تقول أيضا على لسانه  معاتبا حظه وحبيبته :
سكاتك ضيعني
عذبني ف غيبة القوافي
ذبحني بتلغديدة
موس حافي
يا الهلال
ضامني الحال
وحداني يانا
صابر آنا
باكي يا انا24
 
إنها الحكاية نفسها، لكن الشاعرة  فتحت فيها نوافذ جديدة  تطل من خلالها  كل الإناث، وكأنها دعوة لكل عائشة تقبع في ظلمة قاسية جراء علاقتها الغرامية، للانعتاق، ولو كان أملها  مجرد فسيل نور أو ضوء قمر خافت، قياسا على عنوان الديوان «عناد الكمرة وبياض الليل». 
 
إلى ذلك، ظهرت صورة  لالة عائشة البحرية في أعمال إبداعية أخرى، لكن، هذه المرة، بلباس غير لباسها، مما زاد من ثراء سيرتها، إنه لباس امرأة تعد من أشهر النساء إثارة للاستفهام في التراث المغربي، اسمها: «عايشة قنديشة»، علما أن صورة هذه الأخيرة ملتبسة مع امرأة أخرى تحمل اسم الكونتيسا عائشة (Contessa Aicha). 
 
لالة عائشة البحرية البغدادية ليست هي قنديشة ولا الكونتيسا25. وبصرف النظر عن العلاقة بين هاتين الأخيرتين، يعني سواء أكانتا شخصيتين اثنتين أم شخصية واحدة باسمين، فالكونتيسا سيرتها متميزة بالحضور القوي لها في أعمال الجهاد إبان الغزو البرتغالي للسواحل المغربية، ومهارتها في اصطياد الضباط البرتغاليين قبل أن تجهز عليهم26، لذا فإن التاريخ يأبى أن تكون هي عائشة البحرية بحكم الفاصل الزمني الشاسع بين الفترة التي عاش فيها مولاي بوشعيب بطل قصة لالة عائشة البحرية، الموافقة للقرن السادس للهجرة/12م، والفترة التي شهدت أحداث الغزو البرتغالي للمغرب في القرنين التاسع والعاشر للهجرة /15-16م.
 
أما عايشة قنديشة فقد صورها المخيال الشعبي خارج حدود الزمن كله، حتى لقد رفع عنها الطبيعة البشرية، ليقحمها في عالم الجن، يخافها الكبار، ويخيفون بها الصغار27، وغدا مجرد التلفظ باسمها يستدعي سلوكا مثيرا، يتطلب البصق في الصدور تفاديا للعنة. رغم ذلك فإن بعض الأعمال الإبداعية تستغل هذه المعطيات ليس فقط لتجعل الكونطيسا هي نفسها عايشة قنديشة فحسب، بل لم تجد أفضل من المجال الذي نزلت به لالة عايشة البحرية  على ضفتي أم الربيع مسرحا تتحرك فيه أبطال رواية عايشة الكونسيطا28.
 
هذه هي رحلة لالة عايشة البحرية كما وردت في المتن المحكي وامتداداته الأدبية التي لا تخلو من سحر وجاذبية. لكن استغلالها من قبل الإناث في زيارة مقام البطلة يدعو إلى التأمل طويلا وإعادة النظر في الحكاية ذاتها.
 
وها هنا نجد المجال سانحا جدا لتسجيل ملاحظات ختامية؛ هي كما يلي:
 
1. إن الرحلة قامت بها أنثى للقاء رجل ملبية نداء دفينا في نفسها، معاكسة المألوف لأن الرجل هو الذي يرحل، عادة، بحثا عن الأنثى، وليس العكس29. من ثمة، ألا يمكن القول إن الحكاية  ليست مجرد قصة عاشقين  اثنين بقدر ما هي صرخة في وجه العجز الذي يكبل الأنثى فيمنعها من البوح، ورسالة  تسعى من خلالها إلى لفت نظر الناس أجمعين إلى ما تعانيه الأنثى في علاقتها بمشاعرها وعواطفها.  يعني ألا نرى في الحكاية حديثا بعقل جمعي، وليس فرديا، عما تكابده الإناث من معاناة بسبب عدم القدرة على البوح بما في صدورهن؟ أليس الخوف من اللوم والازدراء في حال البوح هو الذي جعل الحكاية محمولة على بساط العجيب لما يوفره من تقية فضلا عن كونه متنفسا ؟
 
2. إن استعمال العجيب في الحكي لم يكف الأنثى في التعبير، لأنه حتى في هذا المستوى من الرمز كان الاحتماء بالذكر حاضرا، و تحت جناح رجل صالح . من ثمة  ألا تمثل  الطقوس والقرابين  في امتدادات رحلة  لالة عايشة دلالات على محاولة الانعتاق من التضييق والحصار الذي تعاني منه الأنثى للتعبير عن العشق  ؟   
أخيرا  ألا تكون حكاية لالة عايشة وأبي شعيب ردة فعل على فقدان الأنثى للسيادة منذ حضارات العالم القديم والديانات الأمومية التي سادت ثم غابت، فلم تبق سوى ظلال لها أسيرة الداخل متخفِّية في الوجدان الجمعي للإناث؟ 
الهوامش:
1. [ادوارد ميشوبيلير ]، مدينة أزمور وضواحيها، من سلسلة مدن وقبائل المغرب،  ترجمة وتعليق محمد الشياظمي الحاجي السباعي، مطابع سلا، 1989م، ص148.  
2. المصدر نفسه .
3. راجع ترجمته عند : يوسف ابن الزيات التادلي، التشوف إلى رجال التصوف، تحقيق أحمد التوفيق، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، الرباط،  1404 هـ/1984م، ص187 - 192.
4. جاءت هذه الرواية عند محمد العربي الفاسي في: مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن (دراسة وتحقيق محمد حمزة بن علي الكتاني، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1424هـ/ 2003م، ص 264 - 265)، نقلا عن التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات التادلي. ووردت عند أحمد الصومعي في: كتاب المعزى في مناقب الشيخ أبي يعزى، تحقيق علي الجاوي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أكادير، 1996 م، ص76)، نقلا عن عبدالكريم بن محمد السمعاني في الذيل. 
- راجع أيضا : العباس بن إبراهيم [المراكشي]، الإعلام بمن حلّ مراكش وأغمات من الأعلام، تحقيق عبدالوهاب بن منصور، المطبعة الملكية، الرباط، 1974م، ج.1، ص 400 - 401.
ومما كتبه ابن قنفذ أبو العباس أحمد بن الخطيب القسنطيني في هذا الشأن: "قال لي الشيخ الصالح الفقيه الواعظ أبو القاسم الزموري في هذا الرجل [يعني به أبا شعيب السارية]: هو الذي صلى على الغزالي". راجع: أنس الفقير وعز الحقير، اعتنى بنشره وتصحيحه محمد الفاسي وأدولف فور، منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، 1965م، ص43.
5. محمد العربي الفاسي، مرآة المحاسن ...مصدر سابق، ص265. وراجع : أحمد الصومعي، كتاب المعزى ...مصدر سابق، ص76، 153. الحسن بن امحمد ابن ريسون، فتح التأييد في مناقب الجد وأخيه والوالد، مطابع الشويخ ديسبريس، تطوان، 1405هـ/1985م، ص74 - 75.
6. تحفة أهل الصديقية بأسانيد الطائفة الجزولية والزروقية، مخطوط الخزانة الوطنية، الرباط، رقم76ج، ص169.
7.   محمد بن عبدالعظيم الأزموري ، بهجة الناظرين وأنس الحاضرين ووسيلة رب العالمين في مناقب رجال آل أمغار الصالحين مخطوطة خاصة ، نسخة تيط، ص 91 - 92.
8. [ادوارد ميشوبيلير ]، مدينة أزمور وضواحيها... مرجع سابق، ص148.  
علق باحث معاصر على هذا النص بقوله :" يبدو أن المترجم زاد من عندياته، ولم يراع في ترجمته الأمانة الفكرية ..."(بوشعيب الشوفاني، أصول العائلة الشوفانية المنتسبة إلى أبي شعيب السارية ، بحث مرقون ، خزانة المؤلف بأزمور، ص 22 هامش2)، ثم كتب ما يفيد في التعرف على موقف مخالف، يزيد الحكاية ثراء، قائلا: "إن الفكرة سخيفة، فحاشا لله أن يحكى عن شيخ جليل اللعب بالكرة، إنما أراد صاحبها أن يقلل من شأن هذا الرجل، فالكاتب رجل يريد أـن يصور الأعاشيش التي تسكن رؤوس الناس البسطاء في تلك الفترة ليعرف المستعمر ماهي العقول التي سيتعامل على حد المثل القائل: ليعرف من أين تؤكل الكتف، ثم رويت ببلادة " ( المرجع نفسه، ص22، هامش4) . 
- وهذا هو النص الأصلي باللغة الفرنسية:
"Lalla ‘Aicha , appelée Bahria parce que son tombeau s’élève près de la mer(Bahr), était originaire de Baghdad. La renommée de Moulay Bou Cho’aib lui étant parvenue, elle se mit en relation avec lui , et  jouait même à la paume avec ce saint. Les balles passaient invisibles d’Azemmour à Baghdad et étaient aussitôt renvoyés. Sur ses vieux jours Lalla ‘Aicha résolut de faire visite à Moulay Cho’aib ;elle se mit en route , mais arrivée en face d’Azemmour, vaincue par la fatigue , elle tomba pour ne plus se relever, sans avoir atteint le but rêve .C’est à l’endroit même où elle mourut que s’élève sa Qobba "  
-VILLES ET TRIBUS DU Maroc: documents et renseignements publiés par la direction des affaires indigènes, Volume XI, Région des Doukkala , tome 2, Azemmour et sa banlieue Honoré champion Editeur , paris, 1932 ,p118. 
- فالملاحظ أن المترجم احترم النص ولم يزيد فيه ولم ينقص ما يمكن أن يؤثر في مضانه أو معانيه. 
9. محمد الشياظمي، " البحرية – للا عائشة"، معلمة المغرب، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا ، 1411هـ/ 1991م، مجلد 4، ص1077.
10. [ادوارد ميشوبيلير ]، مدينة أزمور وضواحيها... مرجع سابق، ص148.  
11. راجع: بوشعيب الشوفاني، أصول العائلة الشوفانية... مرجع سابق، ص21.
12. [ادوارد ميشوبيلير ]، مدينة أزمور وضواحيها... مرجع سابق، ص 148.
13. Jean DARLET, " Monographie de la ville et de l’école franco-musulmane  d’Azemour ", Bulletin de l’enseignement public au Maroc, 40²Année, n°225, Octobre-Décembre1953, p.12
- واللافت للانتباه أن هذا الباحث الفرنسي الذي نشر بحثه في نهاية الفترة الاستعمارية الفرنسية للمغرب، ينعتها ( لالة بحرية) من دون أن يسميها باسمها : عائشة.
14. تفعل النساء المتزوجات ذلك أيضا بنية الاحتفاظ بأزواجهن. وثمة زائرات تعدن لالة عائشة بتقديم قربان كل سنة يعبر عنه محليا ب(المرفودة)، عبارة عن ديك، يستحسن أن يكون أسود اللون، يذبح في الضريح، عسى أن يكسبن رضى لالة عايشة البحرية ،فتتكفل بحراستهن بعنايتها من العين والسحر ومن الشر كله سنة كاملة.
من الامور التي تعتبر شاذة هنا أن بعض الذكور الشباب، اقتفوا أثر الإناث، وصاروا يزورون الضريح نفسه، ويستحمون في مكان مخصص للذكور، حيث يتركون ملابسهم القديمة عساهم  يتخلصون من التابعة التي تلاحقهم، وتقف بينهم وبين الحصول على شغل أو وظيفة.
15. المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1977م، ص89.
كتب باحث معاصر تعقيبا على هامش هذا الكلام الروائي انتقادا جاء فيه: "قرأت في مستهل شبابي رواية الغربة، ولم يكن الدكتور عبد الله العروي قد دمجها أنذاك مع رواية اليتيم. ويبدو أن الكاتب تأثر هو الآخر بتلك الأسطورة في روايته ، وكان الأجدر به أن يدرك البعد الحقيقي لمغزى الأسطورة التي حاول المستعمر نشرها، ولو أنها غير الأولى". راجع : بوشعيب الشوفاني، أصول العائلة الشوفانية...مرجع سابق، ص23 هامش6).
16. الزهراء الزريبق، "لمزاوكة"، ضمن أعمال الدورة الخامسة للمهرجان الوطني للزجل، بنسليمان 21&-22 ماي 2001م، منشورات المديرية الجهوية لوزارة الثقافة، العدد الثالث، ماي 2012م، ص26 - 27.
17. تؤكد المصادر أن الرجل تزوج وخلف. ويشار فيها إلى ابنين من أبنائه، هما: محمد ويوسف، وحفيده : عبد الله بن يوسف بن ابي شعيب . وقد كانوا جميعا في مدينة أزمور نفسها. راجع:
- يوسف ابن الزيات التادلي، التشوف إلى رجال التصوف... مصدر سابق، ص 189 .
- محمد بن عبدالعظيم الأزموري ، بهجة الناظرين ... مصدر سابق، 129.
- محمد العبدي الكانوني، جواهر الكمال في تراجم الرجال، تحقيق علال ركوك، الرحالي الرضواني، محمد الظريف، منشورات جمعية البحث والتوثيق  والنشر، أسفي، 1425هـ/ 2004م، ج.2، ص 75.
- العباس بن إبراهيم [المراكشي] ، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، تحقيق عبدالوهاب بن منصور، المطبعة الملكية، الرباط،  1980م،ج.9، ص 411 .   
18. صدر عن دار سليكي أخوين للنشر بمدينة طنجة، المغرب سنة 2017م . الكتاب من الحجم المتوسط ويقع في 101 صفحة. يضم الديوان أربعة عشر نصا زجليا قسمتها الزجالة إلى قسمين يحملان العنوانين التاليين: "هتوف بحرية" و"هتوف المحضار"، إلى جانب التقديم والخلاصة.
19. فاطمة بلعروبي، عناد الكمرة و بياض الليل ديوان زجلي ، طباعة: سليكي أخوين، طنجة، ماي 2017م،ص4 - 9.
20.    الديوان نفسه ، ص11.
21.   نفسه،ص4 - 9.
22.    نفسه ، ص 11
23.   نفسه، ص52 - 53.
24. نفسه، ص57.
25. راجع التقديم الذي كتبته زكية عبد النبي لرواية : مصطفى لغتيري،  عائشة القديسة ، مطبعة دار القرويين- الدار البيضاء، منشورات غاليري الأدب،  الطبعة الثانية 2016م، ص6.
- كما اقتحمت قصة عيشة قندشية مجال الفن السابع بفيلم "عائشة" للمخرج محمد كغاط .والفيلم الأمازيغي "زرايفا" للمخرج عبد العزيز أو السايح، الذي فاز بالجائزة الكبرى لمهرجان الفيلم الوطني الأمازيغي في دورته الخامسة التي  نظمت من 15 إلى 18 دجنبر 2010م في ورزازات بالمغرب.   
26. كتبت زكية عبد النبي في قراءتها لرواية مصطفى لغتيري، ( عائشة القديسة) ،  تقديما عنوانه لافتا للانتباه  هو : رواية عائشة القديسة أو الوجه الآخر لمجتمع يصارع الانفصام ، مما جاء فيه : " (عائشة القديسة) أو كما يصطلح عليها المغاربة (عايشة قنديشة) ، يقول بعض المؤرخين إنها في الاصل امرأة حقيقية كانت تقاوم الاستعمار البرتعالي على الشواطئ المغربية الأطلسية في القرن السادس عشر الميلادي ، وكانت امرأة فاتنة تتدثر بلباس أبيض مغربي تقليدي مستعملة جمالها كسلاح للإيقاع بالبرتغاليين لتغتالهم بعد ذلك. لكن عائشة التي كانت رمزا في تلك الفترة لمقومة الاحتلال تحولت عبر العصور إلى شبح مخيف يلاحق أطياف الرجال والنساء على حد سواء لتتحول من امرأة تاريخية مقاومة إلى جنية تتربص بالبشر ومن ثم إلى اسطورة توارثها أجيال من المغاربة"
- رواية : مصطفى لغتيري،  عائشة القديسة ، مطبعة دار القرويين- الدار البيضاء، منشورات غاليري الأدب،  الطبعة الثانية 2016م،ص6.
- وراجع: 
 Chouaib DOUIB, Aicha la Comtessa, [s. n.], 2017, p.28 ,55 
27. راجع :  الإجالة نفسها .
- في السياق نفسه نظم الشاعر أحمد الزياني (ت. 2016م) قصيدة باللغة الأمازيغية الريفية، عنوانها : عودة عيشة قندشية ، وترجمها إلى العربية : عبد الله شريق، مما جاء فيها :
ظهرت قنديشة متثاقلَة واثِبَة
تجرّ السلاسل ، حاملة رُزما فوق ظهرها
مليئة بعظام قبور التّلال
وقِطَع الجلد وأطراف من جيَفِ الوادي.
قامت الدنيا، شبابا وكهولا
والنساء يهْرَعن بالأطفال فوق ظهورهن
أشْعِلوا النيران أحرقوا البخور
أوقدوا الشموع فوق الصخور
وأخرجوا عروسا في أجمل الحلي والدّيباج
حِجْرها مثقل بالملح والحَرمَل
تردّد راقصة أنشودة جميلة
في أحلى الأصوات وأروع ألحان المزمار،
فذُعرت" قنديشة" ووثبتْ نحو التلال
وأخذت تقذف النيران من فمها ، وجسدُها يفور...
لها رجلا معزة ، ولباسها من جلد وصوف
عيناها جمرتان في الوجه مغروستان
وفمها واسع مُقوّسٌ كالهلال
شعرها كالسلاسل.. مفتول بِذْيلها.
اجتمع كبار القوم للتشاور :
قالوا : نقدم لقنديشة شاةً وحملا.. قربانا
ونملأ لها دَلْوين من الدماء
لتشرب .. لعلها تغادر
....
إلى أن يقول على لسان شاب رفض الفكرة :
قنديشة بركة آسنة يتصاعد منها البخار
لا تلمسها الأصابع ولا تشقها المحاريث
هي خرافة ... لم تعد تخيفنا.
- منشورة في : مجلة الثقافة المغربية، تصدر عن وزارة الثقافة والاتصال، الرباط ، العدد 38، شتنبر 2018م، ص219-221.
28. Chouaib DOUIB, Aicha la Comtessa,2017, p.28,55
29. مما يستحق التسجيل هنا أيضا أن الباحث الذي رافقناه في هذا العمل منتقدا الرواية التي أنتجها المخيال الشعبي ونقلها، فرنسيون إبان الحماية الفرنسية، أو مغاربة بعد الاستقلال،  إلى كتبهم، له راي في موضوع الزيارة  أيضا، لكنه هذه المرة واصفا محللا لا منتقدا، بل معتقدا في بركة زيارة الأضرحىة، بما فيها ضريح لالة عايشة، حيث قال: "... فقد شهدنا لضريحها بركة عظيمة في إزالة الإشعاعات النفسية الضارة الصادرة عن الإنسان اتجاه شخص معين، قد نطلق عليها عدة تعاريف، وقد نسميها بالعين أو السحر أو ما شابه ذلك، غير أنه من الثابت علميا أن هذه الإشعاعات قد توقف نشاط الإنسان وحيويته، وتجعله غير قادر على مواجهة الحياة ، وتضع الحواجزوالعوائق في طريقه او ما يسمى عند العامة بالعكس .إلا أن صحة هذه الأمور قد لا يعرفها الإنسان العادي فيطلق عليها لفظ الخرافة ليريح نفسه من عذاب البحث وعنائه. ونحن نعتقد أن لجميع الأولياء بركة عظيمة ، فلكل اختصاصه. ومن هنا لامجال لإنكار بركة هذه الولية أو شتمها أو الكلام عليها بسوء، غير أن اعترافنا بجهلنا لتاريخها،حيث لم نعثر على ترجمتها في اي من كتب التراجم ، لكن لا جدال في أن من الأولياء من لا يكون معروفا". بوشعيب الشوفاني، أصول العائلة الشوفانية... مرجع سابق، ص23 - 24 هامش7.
 
المصادر بالعربية :
1. ابن ابراهيم العباس [المراكشي]، الإعلام بمن حلّ مراكش وأغمات من الأعلام، ج.1، تحقيق عبدالوهاب بن منصور، المطبعة الملكية، الرباط، 1974م.
2. ابن الزيات يوسف التادلي، التشوف إلى رجال التصوف، تحقيق أحمد التوفيق، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط،  1404 هـ/1984م.
3. ابن قنفذ أحمد بن الخطيب القسنطيني، أنس الفقير وعز الحقير، اعتنى بنشره وتصحيحه محمد الفاسي وأدولف فور، منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، 1965م.
4. ابن ريسون الحسن بن امحمد، فتح التأييد في مناقب الجد وأخيه والوالد، مطابع الشويخ ديسبريس، تطوان، 1405هـ /1985م.
5. ابن عبد العظيم  محمد الأزموري، بهجة الناظرين وأنس الحاضرين ووسيلة رب العالمين في مناقب رجال آل أمغار الصالحين مخطوطة خاص، نسخة تيط.
6. *الصومعي أحمد الصومعي ،كتاب المعزى في مناقب الشيخ أبي يعزى، تحقيق علي الجاوي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أكادير، 1996م.
7. الفاسي محمد العربي، مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن، دراسة وتحقيق محمد حمزة بن علي الكتاني، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1424هـ/ 2003م.
8. الفاسي محمد المهدي، تحفة أهل الصديقية بأسانيد الطائفة الجزولية والزروقية، مخطوط الخزانة الوطنية، الرباط، رقم76ج.
9. الكانوني محمد بن أحمد العبدي، جواهر الكمال في تراجم الرجال، ج.2، تحقيق علال ركوك، الرحالي الرضواني، محمد الظريف، منشورات جمعية البحث والتوثيق  والنشر، أسفي، 1425هـ/ 2004م.
 
الدراسات بالعربية :
1. بلعروبي فاطمة، عناد الكمرة و بياض الليل : ديوان زجلي، طباعة: سليكي أخوين، طنجة، ماي 2017م .
2. الشياظمي محمد، " البحرية – للا عائشة"، معلمة المغرب، إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، نشر مطابع سلا ، 1411هـ/ 1991م، مجلد 4، ص1077.
3. الزريبق الزهراء، "لمزاوكة"، ضمن أعمال الدورة الخامسة للمهرجان الوطني للزجل، بنسليمان 21&-22 ماي 2001م، منشورات المديرية الجهوية لوزارة الثقافة، العدد الثالث، ماي 2012م، ص26-27.
4. الزياني أحمد ، عودة عيشة قندشية : قصيدة، ترجمها من اللغة الأمازيغية الريفية إلى العربية : عبد الله شريق، مجلة الثقافة المغربية، تصدر عن وزارة الثقافة والاتصال، الرباط ، العدد 38، شتنبر 2018م، ص219-221.
5. *الشوفاني بوشعيب، أصول العائلة الشوفانية المنتسبة إلى أبي شعيب السارية ، بحث مرقون، خزانة المؤلف بمدينة أزمور، المغرب.
6. العروي عبد الله، الغربة واليتيم  الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1977م. 
7. *لغتيري مصطفى،  عائشة القديسة ، مطبعة دار القرويين- الدار البيضاء، منشورات غاليري الأدب،  الطبعة الثانية 2016م.
8. [ ميشوبيلير ادوارد]، مدينة أزمور وضواحيها، من سلسلة مدن وقبائل المغرب،  ترجمة وتعليق محمد الشياظمي الحاجي السباعي، مطابع سلا، 1989م
 
المصادر والدراسات بالفرنسة :
1. DARLET  Jean, " Monographie de la ville et de l’école franco-musulmane  d’Azemour ", Bulletin de l’enseignement public au Maroc, 40²Année, n°225, Octobre-Décembre1953, pp.5-45.
2. DOUIB Chouaib , Aicha la Comtessa, [s.n.], 2017  .
3. VILLES ET TRIBUS DU Maroc: documents et renseignements publiés par la direction des affaires indigènes, Volume XI, Région des Doukkala , tome 2, Azemmour et sa banlieue Honoré champion Editeur , paris, 1932 . 
 
الصور :
- الصور من الكاتب.
1. آسية البشارة، "حب من أيام كربلاء.. قصة عشق تتبرك بها مغربيات"، ضمن: أصوات مغربية (maghrebvoices.com)، جريدة إلكترونية، السبت 2 يونيو 2018م، صورة رقم 1، ص1.

 

أعداد المجلة