فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
63

الملابس الشعبية في محافظة القليوبية بين التاريخ والفولكلور الأصل والشاهد

العدد 63 - ثقافة مادية
الملابس الشعبية في محافظة القليوبية  بين التاريخ والفولكلور الأصل والشاهد

النشأة، الرمز ، الأصل ، والمعتقد:

نشأ الفن والاحتشام مع حاجة الإنسان البدائي، ووظف هذا الإنسان كل طاقاته وإمكانياته من أجل الجمال وتوغلت المعتقدات في كل أعماله ودرجت في حجره حتى صار المعتقد سبيلًا ليدرأ ابن آدم خطرًا، أو يجلب له نفعًا ، إلى أن أصبحت المعتقدات ضاربة في ثنايا الملابس، وحافلة في ذاكرة كل جسد. وهنا تستوقفنا واحدة من أهم القرى الريفية التي لها من التاريخ ما لها وتحمل في كل شبر بها حضارات عريقة خطت عليها، واحتفظت تلك المحافظة في أحضان قراها وكفورها بالعديد من أشكال الملابس الشعبية المنخرطة من ثنايا التاريخ، فتكلًست في الذاكرة لأجيال لتصلنا على هذه الشاكلة، وحين نتوغل فيها نكشف الكثير من الحكايات والأمنيات والرموز والدلالات.

دراسة الملابس الشعبية المعاصرة في محافظة القليوبية:

تتميز ملابس النساء بمحافظة القليوبية بأنها أكثر الثياب شهرة بمنطقة الوجه البحري، نظرًا لموقع القليوبية وتاريخها العريق، مما جعلها لا تنصاع لضوابط الفن المثقف، وتميز ملابس المرأة بها، والتي مازالت تحتفظ بطابع شعبي مميز يحمل بين ثنايا الملابس جزءا من الحضارة الفرعونية القديمة وحضارات أخرى متعاقبة مر عليها البشر، لذا تم اختيار الأزياء الشعبية في هذه المحافظة.

فالأزياء بمحافظة القليوبية تعتبر جزءا لا يتجزأ من التراث المتوارث حتى يومنا هذا. وتتصف بمجاراة العرف والتقاليد، والزي الشعبي بمحافظة القليوبية يتسم بوجه عام باستخدام «السفرة» المربعة بدلاً من السفرة المستديرة، وترتيب عناصر بناء الزي عبارة عن شارات يتعرف أهل كل منطقة على أنفسهم بواسطتها، والباحث في التراث يعرف أنه تصميم قديم جدًا انتقل إلينا من المصري القديم أضيف إليه بعض التطور من عصور سبقته مع بعض الكشكشة القصيرة والنهايات المستوية للثوب.

وعادةً ما يتم استخدام الأقمشة المزركشة عند اختيار الثوب مع بعض السراجات والقصات، وإدخال بعض الكسرات على بداية الأكمام تساعد في إعطاء إحساس باتساع الأكمام. أما الكسرات العرضية الموجودة فوق الكشكشة (الكورنيش) فتساعد في إضفاء بعض الطول على الثوب في حال قِصَر الثوب كما أنها تتقارب في شكلها مع شكل صفوف النبات في حقول الأرض.

محافظة القليوبية: وتشمل القليوبية 7 مراكز :

تتميز محافظة القليوبية بموقعها الجغرافي، فهي إحدى محافظات الوجه البحري بجمهورية مصر العربية، وتقع بمنطقة شرق الدلتا عند رأس الدلتا، وسميت القليوبية نسبة إلى مدينة قليوب التي كانت عاصمة للإقليم منذ نشأته في الروك الناصري سنة 715هـ/ 1315م، إلى أن نُقلت العاصمة إلى مدينة بنها في سنة 1850م، وهي ملتقى لشبكة خطوط المواصلات الرئيسة لجميع محافظات الوجه البحري. يحدها من الشرق محافظة الشرقية، والغرب محافظة المنوفية، والشمال الشرقي محافظة الدقهلية، والشمال الغربي محافظة الغربية، والجنوب الشرقي محافظة القاهرة، والجنوب الغربي محافظة الجيزة.

تضم محافظة القليوبية سبعة مراكز، وهي من الجنوب إلى الشمال:

القناطر الخيرية وقليوب وشبين القناطر والخانكة وطوخ وبنها وكفر شكر، بالإضافة إلى مدينة شبرا الخيمة بقسميها أول وثان ومدينة قها. كما تشمل المحافظة 45 وحدة محلية قروية بها 195 قرية تابعة لهذه الوحدات، إلى جانب العزب والكفور التابعة للقرى والتي يزيد عددها على 901 كفرا وعزبة.

وقد وقع الاختيار على بعض القرى التي تتميز بطابع خاص في الملابس التراثية بها ذات الشكل التقليدي مما جعلها مناسبة للدراسة ومتفقة مع موضوع البحث وهي:

بعض القرى في محافظة القليوبية ذات الطابع المتميز:

مركز طوخ:

- العمار

- الرجلات

- برشوم

الأزياء الشعبية المعاصرة في مركز طوخ:

1) أزياء النساء في قرية العمار- مركز طوخ:

يُمثل هذا الثوب على بساطته الثياب المصرية القديمة، فمصدره ثياب المصريات الفرعونية مع إضافة عنصر الاحتشام، وعرف الجلباب باسم (الثوب العمراوي) نسبة لقرية العمار، ويعتبر من أحد أهم الأشكال المميزة في منطقة القليوبية، والجلباب طويل يصل للقدمين. والسفرة مُحبكة على الصدر بخط مستقيم من الخلف والأمام مقسمة إلى ثلاثة أجزاء بقصة ممتدة من منتصف الكتف تقريبًا إلى نهاية السفرة، تأخذ شكل الحمالات العريضة من الأمام والخلف، وأسفلها غضون «كشكشة» كثيفة بعض الشيء لإعطاء الاتساع والراحة لمنطقة الصدر وظيفيًا، وجماليًا لإضافة قيمة جمالية لعنصر الخط في التصميم، هذا بجانب المعاني الرمزية التي تحملها وأثرها في المدلول الثقافي الشعبي. وفتحة الرقبة مستديرة وبها مرد من الخلف طوله من 15: 20 سم يُترك مفتوحا دون أزرار أو عراوى أو كباسين، يجعل المرأة ترتدي جلبابا آخر من أسفله مقفول من الخلف. ويتضمن الزي كورنيشا عريضا عند الذيل يتميز بالكشكشة الكثيفة، يجعله يبلغ منتهى السعة عند القدمين.

ويحلي الثوب أعلى الكورنيش من الأمام والخلف عدد فردي من الكسرات العرضية يتراوح من (5:3) كسرات والعدد خمسة له دلالات سحرية، يتخذه العامة وسيلة وقائية في قولهم (الخمسة والخميسة في عين العدو)، وأيضًا لتفصل وتميز شكل الثوب بين منطقتي العمار الكبرى والعمار الصغرى، أما أكمامه فهي طويلة بها كشكشة تتشعب من حافة الكتف كما لو كانت مُشعة منه فتعطي شكلا زخرفيا وتضفي الاتساع على الكم، وتجعله يتحرك ويتمايل تبعًا لحركة الذراع، وينتهى الكم بأسورة قد يصل عرضها من2 : 3 سم أو تنتهي باستك.

وقد يشمل الزي فتحة طويلة أسفل خط السفرة في الأمام وعلى مقربة من خط الجنب تستخدمها السيدة المرضعة في رضاعة وليدها دون أن تضطر لرفع ثيابها مراعاةً لمبدإ الاحتشام. ويتضمن الزي قطعة مثلثة الشكل تقريبًا ضيقة من أعلى وتنسدل باتساع تجاه الذيل تسمى سمكة توضع أسفل حردة الإبط. وأحيانًا يُضاف للجلباب بعض الشرائط الزخرفية لتزيين السفرة.

إن الثوب العمراوي ترتديه كل نساء وأطفال أهل القرية وجميع الطبقات، يختلف فقط في الأقمشة المستخدمة، فكلما زاد ثراء الطبقة التي تنتمي إليها المرأة ارتفعت تكاليف إنتاج الزي وتكاليف خاماته وزادت جودة تنفيذه.

2) أزياء النساء في قرية الرجلات - مركز طوخ:

يتقارب الثوب في شكله البنائي مع شكل بناء الثوب السابق (الثوب العمراوي)، ويختلف عنه في التفاصيل والشارات والرموز. وفتحة الرقبة ذات شكل هندسي عبارة عن نصف سداسي يتكون من أربعة أضلاع فقط مُكونة من رأس مثلث في اتجاه الصدر، تليها ثلاث كسرات عرضية بين الإبطين وأسفل منها قصة عرضية أعلى الصدر على هيأة شريط زخرفي عريض، مزخرف بغرزت النباتة على شكل سبعة مثلثات صغيرة رأسها في اتجاه فتحة الرقبة وقاعدتها عند الصدر، يتشعب منها كشكشة تكسو منطقة الصدر بطول الثوب.

والرقم سبعة مرتبط في العقائد الشعبية وفي معظم الديانات القديمة (بالفأل الحسن والخير)، أما المثلثات الصغيرة فيمكن تفسيرها على أنها عيون صغيرة، فالزخارف المثلثة في الفنون الإسلامية يفسرها بعض المؤلفين بأنها أشكال عيون مرسومة بطريقة مبسطة جدا الغرض منها وقائي للحسد، ويبدو الثوب بهذه الكسرات والشارات على منطقة الصدر كما لو أنها مأخوذة من إيقاع وحركة النيل لجلب الخير وتشعبه من على الصدر لباقي أجزاء الزي.

وبهذا الثوب أيضًا كسرات عرضية قبل منطقة الركبة، منها ثلاث كسرات عريضة أمامية تمتد إلى الخلف واثنتان رفيعتان فيصبح مجموعها خمس، وهو عدد فردي يستخدم للوقاية، كما أن للكسرات العريضة غرض وظيفي ظاهر وهو زيادة طول الثوب في حالة قِصره عن طريق حل خياطته وفرده، ليتوارث الثوب أفراد العائلة من النساء.

وينتهي الثوب بكورنيش طويل يبدأ من منطقة الركبة يصل إلى نهاية الساق، يهتز ويتمايل تبعًا لحركة الأرجل، بل يمكن أن يُقال إن الكشكشة والكسرات والشارات في الثوب تهتز وتتمايل تبعًا لحركة الجسم. ويُزخرف الكم من قمة الكتف بحلية تشبه شكل النباتات متعددة الطبقات المدرجة التي يتشعب من بدايتها كشكشة مُحدثة ارتفاعا يعطي شكلا جماليا مميزا، ويمتد من قمة الكم في المنتصف حتى نهاية الذراع ثلاثة خطوط طولية وينتهي عند الرسغ فيتجمع اتساع الكم بعدة صفوف عرضية من الأستك والتي تشبه شكل النباتات المتشعبة المتراصة في الأرض.

ويحتمل أن يكون الرمز المقصود من حلية الكتف تشبيه الذراع بالنبات الذي يمتد ويزدهر ويجلب الخير إلى اليد من خلال الخطوط الطولية الموجودة بطول الذراع، وإذا صح هذا التفسير كانت هناك صلة بين رمز المثلثات وشكل حركة مياه النيل على الصدر ورمز النبات التي يعلو الذراع، فكلا الرمزين يحمل معنى لجلب الخير كما أن النزعة الدينية الفطرية التي تتميز بها المرأة الريفية والتي جعلت من أهم خصائص زيها الحشمة والجمال والأناقة والوظيفة معًا.

3) أزياء النساء في قرية برشوم-مركز طوخ:

ويبدو من بين ما يحمله هذا الزي من معانٍ أنه خِلعة برسم أحد الأولياء أو الأشراف، وإن لابسته حسنة محصنة ومحفّظة، ويتقارب في شكله البنائي مع شكل بناء زي المرأة في قرية رجلات، غير أن الثوب الذي نحاول عرضه يمكن أن نزيد في وصفه بعض الشيء في الرموز الموجودة على الصدر والظهر، ويختلف عنه في التفاصيل وشكل الشارات والرموز وطريقة توزيعها.

وفتحة الرقبة ذات شكل هندسي عبارة عن نصف سداسي يتكون من أربعة أضلاع فقط مكونة رأس مثلث في المنتصف اتجاه الصدر، وحول فتحة العنق من الجانبين ثلاثة خطوط طولية في شكل كسرات رفيعة جدًا أطول قليلاً من فتحة الرقبة، تختلف المسافة بينهما من زي لآخر في نفس القرية، ونهاية تلك الخطوط القصيرة مثلثة الشكل رأسها في اتجاه الصدر وقاعدتها موازية لخط الكتف، تليها ثلاث كسرات عرضية رفيعة السمك بين الإبطين أسفل منها قصة الصدر تأخذ شكل مثلث عريض رأسه في منتصف الصدر وتتشعب منه خطوط كشكشة كثيفة تغطي الصدر بشكل إيقاعي زخرفي يتجه إلى أسفل وتبدو هذه الخطوط في مجموعها كما لو كانت مشعة من الرموز التي تحيط فتحة الثوب، والخطوط الطولية التي تنسدل من الكتف على جانبي فتحة الرقبة تشبه الإشعاعات الخضراء وتنتهي هي الأخرى بثريا، وأكمام هذا الثوب فضفاضة ينتهي عند الرسغ بصف أو صفين أو أكثر من الأستك ليضم اتساع الكم عند اليد.

والذيل ينتهي بكورنيش قصير أعلى منه يوجد ثلاث كسرات رفيعة وأخرى عريضة وكلاهما في الأمام والخلف. والمعنى الذي يفهم من زخارف هذا الزي هو أنه أينما وضعت لابسة هذا الثوب ساقها في أثناء السير تشع من تحت قدميها الثريا الخضراء أي النبات والخير الكثير ويكون لها واقيا من العين والسحر.

ونستخلص من شرح الأمثلة السابقة أن المرأة الريفية منذ القِدم قامت باستخدام ثوبها كالرقاع لنقل رسالة من جهة إلى أخرى، ويمكن تشبيهها أيضًا بمخطوطات متجولة بأسلوب مُقنع يعتمد على نوع من الشارات والرموز، كالشعائر القديمة التي أصبح الناس اليوم يجهلون معانيها ودلالتها الاجتماعية. والذين يصنعونها يجهلون في معظم الأحيان معنى الزخارف والحليات التي يطرزونها فإذا سُئلوا عن معانيها قالوا إنها أحجبة، أو أن هذا الشكل البنائي بهذه الكيفية أجمل من غيره، أو أنهم تعلموا هذا النوع من الزخارف ويخشون تغييرها لما لها من دلالة سحرية قد تُسيء إليهم بدلاً من أن تفيدهم... وغير ذلك من إجابات قد تكشف عن معاني القصائد المكتوبة في ثنايا تلك الثياب.

ولا تنكر العين أن الثياب الشعبية في محافظة القليوبية لها شخصية خاصة ومتفردة بها لوحدها، وانسلخت من أزياء تاريخية، تنطوي عليها صورة من البيئة التي تنشأ فيها وتتألف فيها طلاسم وأحجبة في تشكيلات بنائية تجعلها لا تقف عند حد ستر الجسم والوقاية من البرد أو الحر، فضلًا على أنها تحجب المرأة خلفها لترمز في تسترها إلى مسايرة التراث الاجتماعي، فلا تحاول إظهار أي جزء من جسمها تأكيدًا لمكانة المرأة في المجتمع الشعبي.

الأصل والنشأة والرمز في فهم أزيائنا

هناك طرق كثيرة لتسجيل الخطى التي مرت بها الإنسانية، فبينما تنقش بعض الحضارات تاريخها على الصخور إذا بحضارات أخرى تسجل أمجادها في أساطير وأشعار يترنم بها الناس، وتأتي كل حضارة فتنسج تراثها في خيوط تبدو قوية صلبة أحيانًا وهزيلة كخيوط العنكبوت أحيانًا أخرى، فنتعجب لمثل هذه العصور التي لا تختلف عما بعدها إلا في ملامح طفيفة توشك أن تفنى وتندثر.

وفي الوقت الذي كانت فيه نقوش المعابد المصرية تكشف عن حياة الأجناس والشعوب في البلاد الأخرى، كانت الفنون والأزياء والطرز المصرية تصدر كسائر السلع التي تُباع في الأسواق الخارجية. وكان الذوق المصري في ذلك الحين من القوة بحيث يستطيع غزو البلاد الأجنبية ومنافسة فنونها وأزيائها وطرز حضارتها في مواطنها، إذ يفضل أهل هذه البلاد كل مستحدث في الذوق المصري الرفيع على ما يُنتج محليًا.

وقد كسدت هذه الأسواق في العصر الروماني، وبدأ يتسرب إلى مصر الذوق والزي والطابع الدخيل على بيئتها، وخضعت وقتها أسواق مصر الخارجية للحكم الروماني، حيث كانت تنتج السلع في مصر حسب مواصفات السلطات المسؤولة، ومعنى هذا أن الذوق المصري الصميم لا يتسرب بأية حال إلى الأسواق الخارجية.

وفي العهد الإسلامي حينما انتشرت العقيدة الدينية الجديدة تابعها الذوق والزي والطراز والفن الإسلامي الذي انتشر كسلع مثل الأزياء والنسيج تغمر الأسواق الخارجية، فلا تعجب إذا رأينا في إيطاليا أن القديسين المسيحيين مثل جيوتو، يرتدون ثيابًا عليها عبارات مكتوبة بالخط الكوفي.

ويمكن النظر إلى مختلف هذه الأطوار التي مر بها البشر كأثواب بعضها شفاف وفي رقة النسيج، وبعضها الآخر غليظ محدد في نسبه، صريح كوضوح النهار، ومنها ما يأتي فضفاضًا يدل على الإسراف والبذخ، ومنها ما يدل على الخشونة والجرأة أو الوحشية، ومن بينها ما يأتي مقنعًا، وهذه الطباع العامة التي تتركها لنا كل حضارة، خصائص إنسانية تنتابنا في حياتنا الفردية، وفيما يلي نستعرض بعض الملابس الشعبية المعاصرة في القليوبية وأصولها التاريخية:

العنصر التحليل
شكل الملابس فتحة الرقبة فتحة الرقبة مستديرة الشكل أو شبه مربعة، بدون زخرفة او محلاة بشريط من التل أو مطرزة بخيط الحياكة.
قصة الصدر يتسم الزي الشعبي في محافظة القليوبية بوجه عام بوجود قصة الصدر «السفرة» المربعة ذات الأصول المصرية القديمة بدلا من الشكل الدائري . بانحناء خفيف أعلى الصدر أو بدون انحناء ويختلف شكل السفرة الأمامية عن الخلفية في الزي الواحد، كما تختلف من قرية لأخري، وتُحلى بالتطريز بالخيط أو الأزرار والشرائط الملونة، أو بالقصات أو الكسرات. وتغلق من الخلف في الغالب، وتعتبر جميع أشكال السفرة الحالية تطويرا لأجزاء من أزياء المصري القديم وبعض الأزياء التاريخية الأخرى، اما الأكمام فتكون متسعة في أعلي الكم وفي نهايته . وينتهي الكم عند الرسغ بأسورة أو بدون.
  نهاية الجلباب الكورنيش عنصر بنائي أساسي في ملابس محافظة القليوبية، ويختلف طوله من قرية لأخرى، وهو وسيلة هامة للدلالة عن القرية التي تنتمي إليها صاحبة الثوب، يبدأ غالبًا تحت مستوى الركبة ويزيد عن ذلك أو ينقص، ويسبقه مجموعة ثلاثية أو خماسية (عدد فردي دائمًا) من الكسرات الأفقية الرفيعة والتي تحمل جانبا وظيفيا وجانبا عقائديا يرجع للمعتقدات الشعبية المتوارثة من المصري القديم مثل دفع الحسد والشر وجلب الخير، كما توجد كسرة عريضة تستخدم لإطالة الرداء عند الحاجة.
  الأكمام الأكمام منتفخة في أعلاها عن طريق مجموعة بسيطة من الكشكشة، أو الكسرات الأفقية التي تظهر بشكل مميز، وهي عمومًا متسعة. نهاية الكم عند خط الرسغ دائمًا وينتهي بأسورة رفيعة يجمع بها اتساع نهاية الكم، أو بدون أسورة.
القماش القطن المطبوع، والبوليستر المزخرف من خلال اختلاف التراكيب النسجية، أو السادة.
أساليب الزخرفة تستخدم الأقمشة الملونة والمطبوعة بأشكال الورود الصغيرة في الملابس اليومية وداخل المنزل وتكون في الغالب من القطن، في حين تستخدم الأقمشة المصنوعة من البوليستر مثل الكريب في ملابس الخروج كالذهاب الي السوق أو الزيارات، وقد تظهر فيها بعض النقشات البسيطة ناتجة عن التركيب النسجي للقماشة نفسها والذي يكون في الغالب علي ماكينات الدوبي.

جدول وصف ملامح الملابس الشعبية المصرية في محافظة القليوبية

الأزياء الشعبية المعاصرة في محافظة القليوبية وصلتها بالأزياء القديمة:

لو أننا تعقبنا تطور الأزياء المصرية في مختلف المتاحف لوجدنا أن الثياب الفرعونية تقارب الثياب في العصور الأخرى فكل عصر قد يستحدث بعض التعديلات على الأنواع القديمة دون أن يفقدها طابعها، ومن هنا سايرت الأزياء الشعبية التطور الاجتماعي.

لقد كانت ثياب النساء على جانب من البساطة قليلة في تنوعها ثرية في تفاصيلها، فنرى الثياب الممثلة في غالبية الأثار القديمة لا تخرج عن كونها قميصًا ذا حمالتين يكسو الجسم ما بين أسفل الثديين ونهاية الساقين تقريبًا، ونصادف أحيانًا في بعض الأثار نماذج تختلف فيها ألوان الحمالات عن القمصان، وقد اختلف هذا التقليد بعض الاختلاف في الدولة الحديثة؛ فبدلاً من صباغة القمصان بلون موحد اتجه الذوق إلى صباغتها بألوان متعددة وإدخال زخارف تحاكي طبيعة الريش أو أجنحة الطيور.

ومن الملاحظ أن الثياب المصرية القديمة لم تكن تصنع لأغراض وقائية كحماية الجسم من البرد القارس أو الحرارة الشديدة، فقد اعتاد المصريون القدماء منذ طفولتهم المبكرة على السير عراة، مما ترتب عليه تحمل أجسامهم التقلبات الجوية.

وقد تأثر تفصيل الثياب بهذه العادة فنراها في مجموعها لا تستر إلا الأجزاء العارية، ولعل المصري القديم كان له السبق في مجال ابتكار ثياب تبرز جمال الأجسام وتظهر بعض الأجزاء على صورتها الطبيعية وورثتها عنه الحضارة الإغريقية إذ كانت هي الأخرى تهدف إلى إظهار أجزاء من جسم الإنسان.

وقد تأثرت الثياب في محافظة القليوبية بالثياب الفرعونية القديمة وظلت محتفظة بهيكلها البنائي وأبجديته إلا أنها زادت عليه الاتساع والتأكيد على بعض العناصر وكأنها فهمت نفس الدلالات والمعاني التي وضعها الإنسان الأول فحرصت على بقائها حية على مر الزمن. وفي الشكل تظهر مجموعة من السيدات في ملابس خارج المنزل ويظهر ارتداؤهن قميصا ضيقا من الكتان ذا حمالة أو حمالتين يكسو من الجسم ما بين أسفل الثديين ونهاية الساقين تقريبًا.

وكانت عامة النساء يرتدين أنواعًا بيضاء من هذه القمصان تطرز أحيانًا بالخرز أو بقطع من الجلد في المنطقة المقابلة للخصر. أما النساء الميسورات فكن في الدولة القديمة يرتدين أنواعًا مماثلة من القمصان نفسها ولكن يميزها عن القمصان الشعبية أنها مصبوغة بلون أحمر أو أصفر.

ونصادف أحيانًا في بعض الآثار نماذج تختلف فيها ألوان الحمالات عن القمصان، وقد اختلف هذا التقليد بعض الاختلاف في الدولة الحديثة، فبدلًا من صباغة القمصان بلون موحد اتجه الذوق إلى صباغتها بألوان متعددة وإدخال بعض الزخارف والشارات والأقلام وهو ما يبدو واضحًا في الشكل التالي وهي توضح الثياب المصرية القديمة بنفس أبجدية زي النساء في محافظة القليوبية، حيث يتكون من فتحة عنق مستديرة وضيقة وهو ذو حمالتين يكسو من الجسم ما بين أسفل الثديين وينتهي بكورنيش طويل يبدأ من الركبة ويصل قبل نهاية الساقين تقريبًا، ويختلف طول الكورنيش أيضًا من زي إلى آخر كما هو واضح في الشكل السابق .

ويظهر الغرض الوظيفي بجانب الغرض الجمالي واضحًا حين صمم المصري القديم زي النساء الذي تبدو منه منطقة الصدر لرضاعة طفلها وهو ما استبدلته النساء في ريف الدلتا اليوم بشق الرضاعة وأظهرت منه قماشا ذا زخارف براقة للتأكيد على الناحية الجمالية.

ويوضح الشكل السابق بعد تبسيط الزي أصول التركيب البنائي له في شكل السفرة ذات القصة العرضية الزي من بعدها بنسب تكاد تكون واحدة بدون تعديل في إضافة الأكمام وبعض التوسيعات من خلال الكشكشة ليتناسب مع المرأة الريفية المعاصرة ونزعتها الدينية وحرصها على الاحتشام.

وفي الصورة معطف فضفاض من الصوف الرقيق ترتديه النساء لتتقي من الحر أو البرد، وهذه المعاطف كانت تكسو الظهر والأكتاف، وتعقد أسفل الظهر وتبدو ضيقة في أجزائها العليا أكثر من أجزائها السفلى التي تبدو فضفاضة.

وتبدو المرأة الممثلة في تماثيل هذه الفترة كما لو كانت مجردة من الثياب وذلك لرقة القمصان التي ترتديها، ويظهر في الثوب كسرات طولية ظن بعض المؤلفين أنها أقلام الأقمشة أو مأخوذ من سعف نخيل.

وقد كان يظهر في تماثيل النساء في العصر الفرعوني أن المصريات لا يلبسن أحذية في أقدامهن حتى لا يبتعدن كثيرًا عن ديارهن وهذا ما ورد في وصف (بلوتارك) للمصريات قديما ولكن على الرغم من هذا نلاحظ في عدد من الرسوم والتماثيل القديمة أن بعض المصريات كن يرتدين صندلًا مثبتًا في أقدامهن بواسطة شرائط.

بعد دراسة وتحليل بعض ملابس السيدات الخاصة بمحافظة القليوبية إلى مفرداته ومكوناتها نلاحظ بشكل كبير إرجاع مصدرها إلى العصور الفرعونية، فهي حتى الآن تحتفظ بالمظهر العام وتختلف في الذوق الشعبي المرتبط بالعقائد..

ومما سبق تتضح لنا صلة الأزياء الشعبية الحالية بالأزياء القديمة في العصور المختلفة، وهناك أيضاً بعض العادات والتقاليد السابقة تتمسك بها المرأة الريفية في وقتنا الحالي منها تصفيف الشعر.

فنجد النساء في العصر الإغريقي يفرقن شعورهن من الوسط ويمشطنه على جانبي الجبهة فينسدل فوق الأذنين ثم يجذب بعد ذلك ويلف على شكل كعكة أعلى الرقبة.

والنساء في العصر الروماني أخذن في صباغة شعورهن باللون الأحمر وهو ما نجده في تمسك الريفيات في تلوين شعورهن بالحناء، وكن يجدلن شعرهن فيفرغ من الوسط وتغطي رأسها بغطاء الرأس، كما هو واضح في الصورة. فتغطية رأسها من العادات التي تتبعها فإما تغطي رأسها بالطرحة أو بالإيشارب. حيث يرجع تاريخ استخدام الطرحة إلى أثناء عهد الحملة الفرنسية على مصر. كما أن السيدات كن يستخدمنها على رؤوسهن لشدها أو العصبة في العصر الفرعوني.

وكن يرتدين في مناسبة الزواج ثوباً أبيض اللون ونجد أن الثوب الأبيض مازال اللون المفضل لدى العروس الريفية الآن، وأيضًا ارتدت النساء في العصر الإغريقي والروماني اللون الأسود في الحداد وتخلين عن كل زينة كما هو الحال الآن.

وهكذا يمكن أن نكتشف ارتباط هذه الأزياء الشعبية مهما بلغت من بساطة في مظهرها وطريقة تفصيلها فإنها تعتبر جزءًا من تراثنا القومي ودعامة من دعائم تاريخنا، ولذلك يحق لنا دراستها وتفهم أصولها قبل الإقدام على نقدها أو محاولة تطويرها.

العنصر البنائي للزي الأصل التاريخي الزي الشعبي الزي التاريخي
السفرة المستديرة ويرجع أصلها التاريخي إلى العصر الفرعوني حيث تشبه الحرملة الفرعونية
السفرة المستطيلة ذات الحمالات العريضة مأخوذة من الحمالات العريضة الموجودة في ثياب النساء في العصر الفرعوني وأضيف للزي السفرة والأكمام والكشكشة حرصًا على الاحتشام وستر العورة
شق الرضاعة يرجع أصل الشق إلى الثياب المصرية القديمة الصميمة والتي كانت تبرز جمال الأجسام وتظهر بعض الأجزاء على صورتها الطبيعية
كورنيش الذيل ترجع أصوله التاريخية إلى العصر الفرعوني واتساعه يرجع إلى العصرين الإغريقي والروماني حيث الأزياء مميزة بكثرة الثنايات وهو ما يشبه الكورنيش في فكرة إعطاء الراحة والاتساع الذي يساعد على حرية الحركة.

الملابس الشعبية للرجال في محافظة القليوبية:

تُعتبر الأزياء الشعبية من أهم العوامل التي توضح مدى التقدم الحضاري لأي بلد من البلدان، وتختلف من شخص لآخر ومن طبقة إلى أخرى في المجتمع، ومن منطقة إلى أخرى في بلد آخر، وتتحكم فيها العوامل البيئية والجغرافية والاجتماعية والتاريخية والاقتصادية والنفسية والدينية والسياسية في كل مكان.

وتشترك الأزياء بصورة واضحة في المناسبات المختلفة كما تقوم أيضًا بوظائف تتجاوز مجرد الكساء، كغرض استخدامها في استجلاب الخير ودفع الشر وفي التعبير عن العلاقات والروابط، وتؤثر التقاليد والعادات على أشكال الأزياء الشعبية، وبالقدر نفسه يمكن أن نلمس الارتباط بين الظروف الجغرافية وقطع الزي وشكله والمواد المصنوعة منها ومناسبات ارتدائها وزينتها.

ولا تزال الأزياء الشعبية تلعب دورها في إثراء المعرفة البشرية من جيل إلى جيل ومن مجتمع إلى آخر فهي بجانب أنها تحمل في بعض جوانبها بقايا المعتقدات الشعبية القديمة فهي تحمل أيضًا وصفًا لبعض قطاعات من الحياة الإنسانية والأحداث التاريخية والجغرافية مما يصل إلينا خلال التاريخ المدون، وتحتوي الأزياء الشعبية عادة على صور من البيئة التي تنشا فيها ومسميات من واقع الحياة التي يعيشها الإنسان.

الأزياء الشعبية للرجال في مناطق الدلتا لا تختلف كثيرًا من حيث الشكل البنائي أو النوع وإنما الاختلاف يأتي تبعًا للحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمرتديه، وقد تم تقسيمها إلى التقسيم التالي:

أولًا: الملابس الخارجية

خارج المنزل:

- الجلباب البلدي

- الجلباب الإفرنجي

- العباءة

- الصديري

داخل المنزل:

- الجلباب

ثانيًا: الملابس الداخلية:

- القميص

- الفانلة

- السروال

أولًا: الملابس الخارجية للرجال:

  خارج المنزل:

1. الجلباب البلدي:

يُعد «الجلباب» البلدي الزي اليومي للرجال في منطقة القليوبية، والجلباب الشائع استخدامه هو الجلباب البلدي ويطلق عليه أسم « الجلابية». والجلابية كلمة عامية شائعة في مصر وبعض الدول العربية وتعني ثوبا طويلًا ذا كمين، ألوانه متعددة يتخذ من القطن أو الصوف أو غيره ويكون للنساء والرجال.

وهو عبارة عن رداء كامل يغطي الجسم كله، يصل طوله حتى الأرض أو أعلى قليلًا، وله فتحة رقبة مستديرة والتي يرجع تاريخها إلى العصر الفرعوني، ولها فتحة أمامية يصل طولها إلى أعلى الوسط بقليل بدون عراوي وأزرار، وهذه الفتحة تجعل الجلباب سهلًا في ارتدائه وتمكن الفلاح من إدخال يده لسحب محفظة النقود والساعة والتي غالبًا ما توضع في جيب الصديري. وهذه الفتحة أيضًا تظهر جزءًا صغيرًا من الصديري الذي يرتدى أسفل الجلباب. كما أن للجلباب قصات جانبية مثلثة الشكل يطلق عليها «سمكة» تجعل نهاية الثوب متسعة من أسفل ويتخذ الشكل المخروطي.

وإذا فحصنا كمي هذا الثوب وجدنا أن طول الكم يبدأ من أول فقرة العمود الفقري من منتصف الظهر حتى نهاية أطراف أصابع اليد أو منتصف كف اليد، ويخفي الثوب تحت إبطيه شارتين (الأشتيك) أو الوصلة، وهي في ظاهرها عبارة عن قطعة من القماش من لون الجلباب نفسه، مثلثة الشكل وتنتهي بالسمكة، تربط الكم بجنبي الجلباب من أسفل الإبط لتوفر توسعة لإعطاء راحة وسهولة لحركة الذراع، وخاصة مع الأجسام الممتلئة أو السمينة. أما في المعتقد الشعبي فيرجعها أحد المؤلفين- وهو يعقوب أرتين- إلى رموز مسيحية، ويقول إن وضع تلك الشارات يحمل معنى اكتناز شيء ثمين تحت الذراعين، غير أن رمز السمكة الذي يكثر استخدامه في فنوننا الشعبية بوجه عام يدل أيضًا على الإكثار. وهناك مَنْ يستغني عنها عند تفصيل الزي من حائكي الجلباب البلدي المحترفين، لتعويض قدرها في مقدار الكم ليعطي الغرض نفسه. وتتميز أكمام الجلباب البلدي بالطول والاتساع من أسفل، فتكون الأكمام أيضًا مخروطية الشكل، أو يقل الاتساع قليلاً على حسب رغبة الرجل صاحب الجلباب.

وأحيانًا تزين فتحة الرقبة وفتحة الصدر الأمامية ونهاية الأكمام (القيطان) من لون الجلباب نفسه أو بلون مخالف متناسق، زوجي أو فردي، حيث يختلف سمك القيطان تبعًا للرغبة، ويحلى الصديري الذي يرتدى مع الجلباب بقيطان من نوع ولون قيطان الجلباب البلدي ليتماشى قيطانه مع لون الجلباب. وهذا القيطان يؤكد فتحة الرقبة والفتحة الأمامية كما يؤكد جمال اتساع الأكمام. ويكون للجلباب عادة جيب في أحد الجوانب وفتحة على الجانب المقابل تنفذ فيها اليد للداخل

ويصنع الجلباب من قماش القطن المخلوط والترجال والداكرون والتيل أو من قماش الصوف الثقيل شتاءً ذي الألوان الداكنة، وقد يستخدم الجلباب أثناء العمل اليومي في الحقل، أو الصيد، أو العمل بوجه عام، فيقوم الرجل بعقدها من أسفل لسهولة الحركة أثناء العمل حتى لا يعوقه اتساع نهاية الجلباب عن العمل.

2. الجلباب الإفرنجي:

سمي بهذا الاسم نظرًا لاختلافه عن الجلباب البلدي التقليدي، فهو تطوير للجلباب البلدي متأثرًا بشكل القميص الافرنجي، حيث الياقة والسفرة وضيق الأكمام والأساور. وظهر بعد دخول الملابس الأوربية على مصر، وهو أقل اتساعًا ليساعد على سهولة الحركة بشكل أسهل وأسرع. وهو عبارة عن مستطيل له وصلتان جانبيتان على شكل مثلث (سمكة) تعطي الاتساع والشكل المخروطي ولكن بصورة أقل من الجلباب البلدي، والجلباب بكولة مرتفعة على الرقبة يطلق عليها «نصف ياقة» تشبه ياقة القميص الإفرنجي ولها فتحة أمامية تصل إلى أعلى الوسط تغلق وتفتح بواسطة صف أزرار وعراوي مختف من الداخل، وأكمام طويلة تنتهي بأسورة مقفولة بزرار وعروة مثل كم القميص الإفرنجي، وله جيبان على الجانبين طول كل جيب حوالي (30 سم) وعرضه (15 سم) وجيب للساعة على الجانب الأيسر للجلباب في الجزء العلوي من الصدر، وقد يضاف إلى هذا الجلباب سفرة أمامية وخلفية.

وللجلباب البلدي أو الإفرنجي عدة ألوان منها البني والرمادي والبيج والأسود والكافيه، وتختلف نوع خامة الجلباب وجودتها حسب الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمرتدي الجلباب من الرجال، وهو الجلباب الأكثر انتشارًا بين أرباب الحرف داخل المحافظة، حيث يتناسب تصميم الجلباب الإفرنجي العمل من حيث البساطة والقصر وضيق الأكمام.

3. العباءة:

يذكر دوزي أن: العباءة هي ملحفة قصيرة مفتوحة من الجهة الأمامية، لا أكمام لها ولكن تستحدث فيها فتحات لمرور الذراعين من خلالهما.

والعصر الفرعوني له السبق في استخدام العباءة ويظهر ذلك في صورة الأميرة ( نفرت )، كما تظهر العباءة بشكل آخر يرتديها الكهنة عازفو الهارب من معبد رمسيس الثالث وهي عبارة عن قطعة من القماش مستطيلة الشكل بها فتحة لدخول الرأس وفتحتان جانبيتان لدخول السواعد.

والعباءة من الملابس العربية الإسلامية، ويذكر أن العباءات كانت شائعة عند العرب منذ قبل الإسلام، وقد لبسها البدو والحضر، وكانت يتم ارتداؤها أعلى سائر الملابس في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فذكر أن الرسول (صلى الله عليه وسلم كان يلبس العباءة كما لبسها الخلفاء الراشدون.

ويطلق على العباءة في محافظة القليوبية اسم «العباية» وهي شائعة الاستعمال وخاصة لدى الأعيان والعمد ومشايخ البلد يرتدونها فوق الجلباب وتصنع من الصوف الخشن الثقيل لتناسب فصل الشتاء فتحمي من البرد، وتصنع من الأقمشة الصناعية الخفيفة أو القطنية المخلوطة لتناسب فصل الصيف، وعادًة ما تكون باللون الأسود أو البني أو البيج الغامق، وتحلى أطرافها بأشرطة من القيطان بلون غامق عن لون القماش وأحيانًا تطرز بخيوط قطنية أو حريرية. وتطرز بزخارف هندسية على شكل مثلثات أو خطوط مستقيمة طولية أو دوائر ومربعات.

والعباءة مستطيلة الشكل عبارة عن قطعتين أحدهما أمامية مفتوحة وهي تنقسم إلى قطعتين متساويتين طوليًا، والأخرى قطعة واحدة خلفية. وللعباءة فتحتان جانبيتان لخروج اليدين، وطولها يساوي طول الشخص ابتداء من الكتف إلى أعلى القدمين، أما العرض فهو ضعف طول الذراعين أي حوالي من 140: 160 سم حسب عرض القماش المستخدم.

والعباءة بشكل عام واسعة وفضفاضة ويمكن أن تترك منسدلة على الجسم أو تلف حول الجسم بحيث يغطى الذراع الأيسر ويترك الذراع الأيمن حرا، أو توضع العباءة على أحد الكتفين مثل الشال، وتلبس العباءة عمومًا في المناسبات مثل الأفراح أو الأعياد أو المأتم ويختلف نوع الخامة والتطريز اللذان يستخدمان في تنفيذ العباءة حسب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للأشخاص في محافظة القليوبية

4. الصديري:

يذكر «دوزي» عن الصديري أنه عبارة عن سترة صغيرة لا أكمام لها، تصنع من القطن الخالص أو المخلوط أو الجوخ أو الحرير المطبوع بخطوط ملونة ويصف دي شابرول الصديري بأنه «مشد صغير لا أكمام له. ، ويذكر «لين» عن الصديري» أن بعض الناس يرتدونه في الشتاء أو بصورة عامة عند حلول البرد، وهو عبارة عن سترة صغيرة لا أكمام لها مصنوع من الجوخ والرجال يرتدون الصديري في مناطق البحث بصورة عامة على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم، ويرتدونه فوق القميص وتحت الجلباب البلدي، ويظهر من أسفل الجلباب من خلال فتحة الرقبة، وأحيانًا يلبس فوق القميص أثناء العمل في الحقل، وطول الصديري يبدأ من الكتف إلى ما بعد الوسط بقليل، وله فتحة رقبة مستديرة عميقة وفتحة إبط متسعة عميقة، حتى يسهل ارتداء القميص من تحته فلا يعوق الحركة، ومثبت عليه جيبان كبيران على الجانبين وجيب صغير يسمى جيب الساعة، ويصنع من قماش الدبلان أو الدمور أو اللينوه الثقيل، وأحيانًا يزخرف من الأمام باستخدام قماش الشاهي، وقد يزخرف أيضًا من الأمام بإضافة نفس القماش المستخدم في عمل الجلباب الخارجي، وقد يستخدم قماش من اللون الأسود أو البني أو الرمادي في زخرفة الجزء الأمامي منه .

ويعتبر الصديري جزءًا أساسيًا من الملابس في منطقة البحث. له فتحة أمامية في منتصف الأمام تقريبًا للأزرار والعراوي، وتستخدم له أزرار صغيرة الحجم تثبت بشكل منتظم ومتقارب. وهناك نوع آخر من الصديري مصنوع حديثًا يسمى « صديري أسبور « يصنع من قماش اللينوه أو التيل الأبيض الثقيل وهو بدون فتحة أزرار أمامية، ويبطن جزء منتصف الصدر من نفس قماش الصديري وتساعد هذه البطانة على إعطاء الصديري بعض الانسداد. وتثبت بواسطة خياطة بارزة على وجه القماش، وله جيبان كبيران على الجانبين.

  الملابس الخاصة بداخل المنزل:

أولًا الجلباب: يتشابه تصميم الجلباب خارج وداخل المنزل ولكن الاختلاف يكون في نوع الأقمشة المستخدمة فغالبًا الجلباب المنزلي يصنع من الأقمشة القطنية والمخلوطة لتعطي الراحة الكافية داخل المنزل.

ثانيًا: الملابس الداخلية وتشمل:

1. القميص :

القميص هو ما يلبس على الجلد أو ما يلي الجلد من اللباس، ويكون من الصوف أو الكتان. ويعرف دوزي القميص بقوله: يلبس الشرقيون القميص فوق السروال وليس تحته ، أما عن هيئة القميص؛ فله أكمام واسعة.

وكلمة قميص هي الاسم الوحيد للباس المذكور في القرآن الكريم وهذا الرداء كان يلبسه سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وكان يصنع من القطن. ويعتبر القميص في محافظة القليوبية من الملابس الداخلية التي ترتدى تحت الجلباب ويرتدى فوقه الصديري وكذلك يستخدم القميص أثناء العمل في الحقل سواء كان بمفرده أو يرتدى فوقه الصديري، ويشبه القميص في تصميمه الجلباب في أنه مخروطي الشكل وله وصلتان جانبيتان تسمى (سمكة) لإعطاء الاتساع اللازم في الذيل وبفتحة رقبة عميقة مائلة للاستدارة عند الجوانب وتتميز هذه الفتحة ببعض الاتساع، وبأكمام طويلة يصل طولها حوالي (50سم)، والكم عبارة عن مستطيل ينتهي باتساع بسيط من من أسفل مركب بالقميص بخط مستقيم. ويصل طول القميص إلى منتصف الساقين ويبطن هذا القميص من الجزء الأعلى من الصدر وكذلك من أعلى الأكمام ببطانة من نفس نوع ولون القماش وذلك لزيادة قدرته على التحمل ولإعطائه متانة أكثر عند حركة الجسم أثناء العمل. ويلف على هذا القميص عند الوسط شال من الصوف يسمى (الشبكة) لتحمي الوسط أثناء العمل وتعطيه الدفء المطلوب في الشتاء ويتدلى طرفها من الأمام منتهيًا بأهداب طويلة، ويمكن أن يثبت الوسط بحزام رفيع من الصوف. وينفذ القميص من قماش الدمور أو الدبلان أو البوبلين أو التيل وله عدة ألوان أغلبها الأبيض والأزرق.

2. الفانلة:

يرتدي الرجال في قرى محافظة القليوبية فانلة داخلية تحت الصديري أسفل «الجلباب» أو فانلة خارجية ترتدى مع السروال أثناء العمل في الحقل. وتصميم الفانلة مستطيل يصل طولها إلى بداية الفخذين تقريبًا ولها فتحة رقبة مستديرة واسعة إلى حد ما وبأكمام طويلة تنتهي بأسورة ولها ألوان متعددة مثل الأزرق والرمادي والبني والبيج، وتعتبر الفانلة من الملابس الداخلية الهامة والتي تلاصق جسد الرجل دائمًا.

3. السروال:

جميعها سراويل مشتقة من الكلمة الفارسية «شلوار» وكانت مستعملة منذ العهود الإسلامية الأولى. ولا يعرف بالتحديد متى دخلت كلمة سروال في العربية وفي أي وقت اتخذ المسلمون السروال لباسًا، إلا أنه لاشك في أن المسلمين قد عرفوا السروال في أيام الإسلام الأولى والغالب على الحديث أنه يرجع السروال إلى عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) بل يرجح القول أن الأنبياء الذين بعثوا قبل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كانوا يلبسونه، فقد ورد في حديث أن أول من لبس السروال هو الخليل «إبراهيم» عليه السلام، وفي حديث آخر أن موسى عليه السلام كان يلبس السروال.

ويوجد نوعان من السروال في منطقتي البحث هما السروال الطويل والسروال القصير.

- السروال الطويل:

ويبدأ طوله من الوسط إلى منتصف الساقين تقريبًا، ويمكن أن يصل طوله إلى نهاية الرجلين فوق القدمين، وذلك حسب الرغبة ويكون واسعا من أعلى وضيقا من أسفل عند الساقين أو ما فوق القدمين، ويصنع من الأقمشة القطنية البيضاء (البافتة) والأقمشة الخام (الدمور) ويضاف قطعة من القماش في السروال عند منطقة ( الحجر ) كوصلة لإعطاء الراحة اللازمة للسروال، ويشد السروال على الوسط بواسطة «تكة» أو شريط من الحبال، وقد استعملت التكة في ربط السروال، وتعتبر جزءًا مكملًا لها والغرض منها تثبيت السروال وضبطه عند منطقة الوسط أثناء ارتدائه. وكان الرجال والنساء يستعملونها على حد السواء.

- السروال القصير:

يشبه السروال الطويل من حيث الخامة المصنوع منها واللون، ولكنه يختلف في الطول حيث يصل الطول إلى منتصف الفخذ وقد يمتد حتى يصل إلى الركبتين. وقد لبس السروال القصير في العصر الأموي وسمي بـ«التبان» وهو سروال صغير يستر العورة طوله شبران. ويسمى السروال في محافظة القليوبية باسم (اللباس).

  مكملات ملابس الرجال:

1. أغطية الرأس:

- الطاقية:

الطاقية كلمة عامية، فهي إما مشتقة من التقية، أي وقاية الرأس من الحر والقر، وإما من الطاق والطاق في العربية ضرب من الثياب، الطيلسان الأخضر. وقد أصبح ارتداء الطاقية شائعًا في مصر في معظم قرى الريف المصري وقد تكون من الشاش الأبيض أو من الصوف السادة أو الصوف المشغول.

- الشال:

يعرف الشال في مصر بأنه عبارة عن قطعة طويلة من الشاش الموصلي أو من النسيج الصوفي الذي يطوى ويلف عدة لفات حول الرأس أو على الكتف، وقد يتخذ الأثرياء الشال من الكشمير. ويتنوع الشال في منطقة قرى الدلتا من حيث الحجم والخامة المصنوع منها، حيث يوجد شال صغير (1م ×1م) مصنوع من القطن الخفيف. وشال كبير (2م طول × 1م عرض) مصنوع من الصوف أو القطن المخلوط وبه أطراف متدلية (شراشيب).

- الكوفية:

قد تسمع الناس تطلق على الكوفية في القرية «تلفيحة». وهي توضع فوق الكتف وتلف حول الرقبة ليتدلى طرفا التلفيحة للخلف أو يتدلى أحد الطرفين من الأمام والآخر من الخلف لتدفئة الرقبة في فصل الشتاء. وأحيانًا تلف حول الرقبة وفوق الرأس لزيادة التدفئة، وتصنع من قماش الصوف وطولها حوالي من (100:150) سم، والعرض حوالي (35) سم وتنتهي بشراشيب من الطرفين غالبًا. وفي الصيف تصنع من القماش المصنوع منه الجلباب (قطن مخلوط – قطن خالص- التيل الأبيض أو البيج).

- العمامة:

كانت العمامة قطعة أساسية من ملابس الرسول «صلى الله عليه وسلم»، فعن جابر رضي الله عنه أن الرسول «دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء»، وعن أبى سعيد عمرو بن حريث «رضي الله عنه» قال: كأني أنظر إلى رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفيها بين كتفيه» رواه مسلم. والعمامة في منطقة الدلتا عبارة عن شال صغير يلف حول الرأس مع وجود الطاقية التي تغطي الجزء العلوي من الرأس ويتدلى طرفاه للخلف أو للأمام وأحيانًا تلف حول الرأس بدون الطاقية.

2. ألبسة القدم:

ترى الرجال المارين بين طرقات القرى والكفور في محافظة القليوبية وهم يرتدون الحذاء المصنوع من مادة المطاط (مادة تستخدم في إطارات السيارات الخارجية) وهي تصنع لدى (الإسكافي) أو صانع الأحذية، والذي يقوم بتفصيل الحذاء «الشبشب» من خامات المطاط ليتحمل الإجهاد ويطول العمر الافتراضي له. ويوجد نوع آخر من ألبسة القدم مقفول من الأمام ويسمى «البُلغة». وتنتشر أيضًا ألبسة القدم المستوردة بكافة خاماتها سواء من البلاستيك أو الجلد الصناعي.

لنختم فنقول:

تعتبر الملابس الشعبية سجلاً حيا لخبرات الشعوب من عادات وتقاليد وقيم وأعراف في فترة زمنية معينة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بطريقة الحياة السائدة على نطاق عام، وتحمل الملابس رسالة قوية تتنوع بين الرغبة في الانتماء والرغبة في التميز. وبغض النظر عن توغل النمط الملبسي الأمريكي في كثير من المناطق حول العالم حاليًا، إلا أن الكثير من الشعوب مازالت تحافظ على تفردها من خلال أنماط ملبسية خاصة بها وتنبع من تاريخها، فالملابس تُمثل تأكيدًا بصريا على الهوية. ولهذا يستخدم مصطلح الملابس الشعبية لوصف الملابس التي تستخدم لتمييز فئة من البشر في بلد او ثقافة محددة.

ونستنتج مما سبق أن الملابس الشعبية ترث خصائصها عبر العصور التي سبقتها مهما بلغت من بساطة، فهي تحتفظ بالمظهر العام وتختلف في الذوق الشعبي المرتبط بالعقائد من حيث استخدام الخامات وطرق توزيعها، فالملابس الشعبية جزء من التاريخ لابد من دراستها قبل محاولة الاستلهام والاقتباس .

المراجع:
- سعد الخادم، تاريخ الأزياء الشعبية في مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007م، ص72.
- دوزي:» المعجم المفصل بأسماء الملابس عند العرب»، ترجمة أكرم فاضل، دار الحرية لطباعة، بغداد، 1971م، ص 27،238.
- ادوارد وليم لاين: المصريون المحدثون، شمائلهم وعاداتهم»، ترجمة عدلي طاهر نور، مطبعة الرسالة- الطبعة الأصلية 1950-، طبعة معادة القاهرة 1975م، ص 39.
- المجلس الأعلى لرعاية، الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1978, ص172 – 173.
- محمد الجوهري، دراسة التراث الشعبي، الهيئة العامة للكتاب،  1978, ص 326 – 329.
- عبد الحكيم خليل، دراسات في المعتقدات الشعبية، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 
- الطبعة الأولى، 2013، ص40.
 
الصور:
- الصور من الكاتبة.
1. 2. الصور من كمال الشرقاوي - ترزي جلاليب رجالي بلدي.
- https://www.facebook.com/kamaal.elsharqawy/

أعداد المجلة