رؤى حلم بعيد ..

يُحسب لـهذه المطبوعة، على مدى سبعة عشر عاماً من التألق في استمرار الصدور والوصول إلى القارئ بانتظام في أكثر من 167 بلداً من بلدان العالم، ناهيك عن آلاف الزيارات المتزايدة  للموقع الإلكتروني، وذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV)، في الوقت الذي توقفت فيه أغلب المطبوعات العربية، التي ظلت لسنوات عديدة منتظمة الصدور، يحسب لــ«الثقافة الشعبية» احتلال مكانة مرموقة بين المطبوعات العربية العلمية المتخصصة التي حافظت بمدى العديد من السنوات على موثوقية المستوى المعرفي ودقة المعيار العلمي في تثمين المادة المنشورة في كل عدد، ما جعل منها مرجعاً موثوقاً به لدى هيئات التحكيم العلمية والأكاديمية، إلى جانب انتظام الصدور لتغطية كل مجالات الثقافة الشعبية بشمولية، لتصبح نافذة مهمة للنشر العلمي المنفتح على كل الأوساط ذات القيمة بمختلف أنحاء العالم.

وفي ظل الوضع العالمي والإقليمي الجيوسياسي، وانعكاساته الدراماتيكية الحالية، وتراجع الموارد المالية، فقد استدعت حاجة أغلب الدول إلى مراجعة موازناتها المالية لتحقيق أقصى درجات التوازن المالي، وتقنين الصرف على العديد من المجالات، مما اضطرت معه «الثقافة الشعبية» إلى الاستجابة لمتطلبات الوضع المالي الحالي، وذلك بخفض نفقات الإصدار إلى أقصى حد. ولقد تم تدارس هذا الوضع برويّة وموضوعيّة، لإعادة النظر في مجمل المصاريف المالية التي يشكل إنفاقها عبئا قد يضطرنا إلى التوقف عن الصدور والغياب الكلّي عن ساحةِ ميدانٍ أخذنا العمل فيه بشغف المُحب المجتهد لتحقيق رؤى حلمٍ بعيد.

لذا، ستضطر «الثقافة الشعبية»اعتباراً من هذا العدد إلى الاستجابة لمتطلبات الوضع المالي الحالي والعمل على خفض كل ما يمكن من نفقات الإصدار التي تشكل عبئاً قد يضطرنا إلى التوقف عن الصدور وطي صفحة هذا المنجز الثقافي العلمي العربي، وهو ما نخشاه ونتمنى ألا يكون. فمن بعد العديد من الاجتماعات التي تم خلالها استعراض كل ما هو ممكن أو متاح بقدر، تم الخلوص إلى قرار التخلي كلياً عن النشر الورقي، وإصدار المجلة إلكترونياً فقط، بالإضافة لتركيز مهام هيئة التحرير وإعادة توزيع الأدوار، وما يؤسف له بأنّا سنضطر لخفض قيمة مكافآت الكتاب، والتخلي عن ترجمة الملخصات للغة الصينية، والإسبانية، والروسية، والاكتفاء باللغتين الإنجليزية، والفرنسية إلى جانب إصدار الأصل بالعربية.

ونحنُ إذ سنعمل جاهدين على الحضور الرقمي بكل تمثلاته، مع أملٍ يحدونا لبلوغ كافة الفئات، ونشر ثقافة التراث والثقافات الشعبية في الوطن العربي، نعد قراءنا والباحثين في الوطن العربي والعالم، أن نستمر في تطوير وتحديث الموقع الإلكتروني للمجلة، وتزويده بكافة السبل التي تيسر الوصول إليه واستخدامه، وتحقق للمستخدم تجربةً فريدة نأمل في تطويرها دائماً نحو الأفضل، ليكون هذا الموقع نافذة التواصل، وفضاءً معرفياً بالغ الأهمية كما كان دائماً وسيبقى.

وفي سياق هذا الإنجاز الذي نواصله بما يتواءم مع المعطى المعاصر، نرفع خالص آيات الشكر والتقدير والعرفان إلى المقام السامي لحضرة سيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه، لاستمرار ما يقدمه الديوان الملكي العامر من دعم ومساندة، والذي ما كان لهذه المطبوعة أن تصدر دونه، مستذكرين دور أستاذنا الجليل الدكتور محمد جابر الأنصاري (شفاه الله) وما بذله معنا من جهد فكري نيّر عند بدايات التأسيس للإصدار في العام 2007. 

ستظل رفقتنا مع كتاب المجلة وقرائها الكرام دائمة.. وعلى المحك.. والله الموفق والمعين.