فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
65

الثقافة المادية لحرفة غزل ونسيج شعر الأغنام بمنطقة الحريراب شمال المتمة، دراسة إثنوغرافية

العدد 65 - ثقافة مادية
الثقافة المادية لحرفة غزل ونسيج شعر الأغنام  بمنطقة الحريراب شمال المتمة، دراسة إثنوغرافية

مقدمة :

الثقافة هي إبداعات واختراعات خاصة بالإنسان لهذا كانت دراسة الثقافة عامة والثقافة المادية خاصة وما زالت محور اهتمام عدد من العلوم الإنسانية المختلفة التي تناولت الثقافة والثقافة المادية تحديدا كل من منظوره الخاص، مما أبرز لنا اتجاهات مختلفة لدراستها في العلوم الإنسانية المختلفة. يعرف الفولكلوري دورسون (Dorson) الثقافة المادية على أنها السلوك الشعبي المتطور من حياة المجتمعات التي قامت قبل الصناعات الميكانيكية واستمرت جنبا إلى جنب. كما يعتقد أنها مجموعة مهارات وتقنيات انتقلت عبر الأجيال وخضعت لكل ما خضعت له الجوانب الثقافية الأخرى من نقد من القوى التقليدية المحافظة على تنوعها وتفردها. ويعرف موضوعاتها بأنها تشمل الكيفية التي يقوم الرجال والنساء ببناء المنازل الملابس، إعداد الطعام، فلاحة الأرض، وصيد الأسماك، حفظ المنتجات الزراعية، تشكيل أدواتهم، معداتهم، وتصميم الأثاثات.....الخ (دورسون – 1972: 19-20).

يدرس الآثاريون الثقافة المادية لفهم هذه المظاهر المادية وارتباطها بالإنسان في بيئاتها التي تنتجها وتغذيها في نفس الوقت بما يرتبط بها من ثقافة غير مادية، هذا إلى جانب توثيق انتشارها الزماني والمكاني مع التحري عن الملامح الشخصية والمكانية والبيئية لصانعها، وتكون دراستهم هذه بهدف الوصول إلى حل لقضايا آثارية تواجههم متعلقة بتفسير المخلفات المادية التي يكتشفونها وتكون مشابهة للثقافة المادية المعاصرة.

يتناول الآثاري دراسة الثقافة المادية من خلال التحليل الاستدلالي لها ليكتسب في نهاية المطاف فهمًا للحياة اليومية للثقافات الماضية والاتجاه الشامل للتاريخ البشري، وفي علم الآثار تشكل دراسة الثقافة المادية مادة علمية هامة لأخذ الأفكار والفرضيات التي تعينهم في تفسير معاني المعثورات الأثرية التي يجدونها في الموقع الأثري.(الأمين و الراشد -2002، د)

وصف الأنصاري أهمية دراسة عناصر الثقافة المادية التقليدية وبيئاتها للآثاري ووصفها بأنها أصبحت جزءا من دراسة تاريخ الحضارات وأنه لا يمكن كشف تاريخ الشعوب وخصائصها الثقافية بدون الربط ما بين ثقافتها المادية التقليدية والمعثورات الأثرية.(الأنصاري- 2002:، س)

موضوع الدراسة:

نتناول في هذه الدراسة الحرف التقليدية كواحدة من موضوعات الثقافة المادية ونحن هنا نفترض أنها تمثل موروثا شعبيا يحمل في مضمونه الكثير من الخبرات وحكمة الأجيال.

أسباب اختيار الدراسة:

أسباب اختيار الموضوع هي:

عملية التغير المتسارعة التي لحقت الحرف التقليدية السودانية واندثار العديد من مميزاتها، ومنها حرفة غزل ونسج شعر الأغنام.

تعد دراسة الثقافة المادية واحدة من المعينات التي تساعد الآثاري على فهم السجل الأثري وفي هذه الحال تعد دراسة الحرف التقليدية والثقافة المادية بصورة عامة، وسيلة لتبصر الآثاري في أنماط الإنتاج واستغلال الموارد في الحقب القديمة.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى توثيق حرفة غزل ونسيج شعر الأغنام وتوثيق الثقافة المادية المرتبطة بها ومنتجاتها في منطقة المتمة. وضع نتائج هذه الدراسة في متناول الآثاريين لتعينهم على فهم ووضع تصور للمعاني ووظائف بعض اللقى الأثرية.

حدود الدراسة:

الحدود الجغرافية للدراسة تشمل قرية الحريراب شمال المتمة.

منهج الدراسة:

المنهج المتبع في الدراسة هو المنهج الوصفي.وذلك لتوثيق حرفة غزل ونسج شعر الأغنام ووصف مراحل التصنيع والأدوات، إلى جانب وصف وتوثيق منتجات هذه الحرفة.كما استخدمنا المنهج التاريخي في رصد تاريخ الحرف عبر تاريخ السودان القديم.

أسئلة الدراسة:

تحاول الدراسة الإجابة على الأسئلة الآتية:

ماهي خطوات غزل ونسج شعر الأغنام؟

ماهي الأدوات والمواد الخام المرتبطة بهذه الحرفة ومنتجاتها؟

ما هو وضع الحرف الحالي ؟

1. خلفية تاريخية لوجود المنسوجات ومنسوجات الشعر والصوف بالسودان القديم :

في إطار بحثنا عن الأدلة الأثرية الأولى لمعرفة استخدام الألياف المختلفة سواء القطنية أو المصنوعة من الشعر في صناعات المنسوجات وجدنا عددا من الشواهد المسجلة ضمن كتابات عدد من المؤرخين والجغرافيين الإغريق والرومان، نذكر منهم وصف سترابو Strabo الأثيوبيين ووصف ملابسهم بالقرن الأول قبل الميلاد (24-63 ق.م) على النحو التالي:

« ثيابهم من جلد الضأن، لكن ليس لديهم صوف لأن ضأنهم له شعر الماعز. بعضهم عراة، بعضهم يطوقون بأحزمة صغيرة من جلد الضأن أو يلبسون أثوابا من الشعر المجدول»1.

تحدث بليني Pliny، الذي يؤرخ له بالقرن الأول الميلادي (23-79م)، عن معرفة سكان السودان القديم بشجرة القطن واستخدامها في صناعة الكتان :

«لا توجد فيها أشجار مهمة عدا تلك التي تنتج الكتان وهي تشبه مثيلاتها في الهند والجزيرة العربية التي مر ذكرها. لكنه (محصولها) أشبه بالصوف من حيث النوعية وغلاقها كبير كحجم الرمانة...»2.

وفي وصف آخر سجل بواسطة اقاثرخيدس Agatherchides(الذي يؤرخ له بالقرن الثاني قبل الميلاد) وذكر بواسطة ديودور الصقلي:

«فيما يتعلق باللبس، بعضهم لا يلبس شيئا إطلاقا، يهيمون دائما عراة، فقط يحمون أنفسهم من وهج الشمس يأي وسيلة تتوفر لديهم، فمنهم من يقطع ذيول الأغنام يغطون بها أوراكهم ويجعلونها تتدلى من الأمام مثل الأعضاء الخاصة، ومنهم من يلبس جلود الحيوانات، وآخرون يغطون أجسامهم حتى الخاصرة بأحزمة يجدلونها من شعر الحيوانات، إذ أن أغنامهم ليس لها صوف بسبب طبيعة بلادهم»3.

أعدت الباحثة إلزا إفانيز (Elsa Yvanez) عددا من البحوث عن النسيج ومخلفات صناعة النسيج في السودان القديم منها دراستها للمنسوجات القطنية بالسودان القديم التي كانت جزءا من أبحاث الدكتوراه الخاصة4 بها، وهي دراستها ضمت منسوجات موثقة في شكل عينة مفردة أو مجموعات كاملة من المنسوجات تعود إلى الفترتين المرَّوية وما بعد المروية، من القرن الأول قبل الميلاد إلى منتصف القرن السادس الميلادي. تأتي الأقمشة من إجمالي 34 موقعًا، 70٪ من سياقات الجنائزية و30٪ من المنطقة الاستيطانية بقصر إبريم. المنسوجات عبارة عن ملابس معاد استخدامها أو أقمشة متعددة الأغراض، توضع في القبور كأكفان أو كبطانة يوضع عليها جسد الميت.

من هذه المجموعة الهامة، كانت نسبة 40٪ من المنسوجات مصنوعة من القطن. تظهر الألياف أولاً في المنسوجات من مدافن موقع عكشة، التي يعود تاريخها إلى نهاية القرن الأول قبل الميلاد أو إلى بداية القرن الأول الميلادي. ثم أصبحت بارزة بشكل خاص خلال القرون التالية، حيث هيمنت على مجموعة النسيج المؤرخة بالمرحلة المروية المتأخرة (القرنان الثاني والثالث الميلادي). تتواجد المنسوجات القطنية في كل مقبرة مروية رئيسية استفادت من ظروف الحفاظ الجيد مثل: صاي، عكشة، كرانوق، قسطل، بلانة، قصر إبريم، مروي، وجبل عدا. أظهرت دراستها بالعديد من هذه المواقع نسبة عالية جدًا من استخدام القطن، تصل إلى 100 ٪ من مجموعة النسيج المحفوظة من موقع كرانوق على سبيل المثال. كما يظهر القطن أيضًا في مقابر عبكه، أشكيت، قباتي، الصحابة، صادنفا، سمنة جنوب، سيرا شرق، سيرا، وشبلول. كما يفترض وجودها بقوة في أبو سمبل وبربر والكاسنجر ووادي السبوع.

كما درست تنوع المواد المستخدمة في النسيج في دراستها5 التي ضمنتها رسوما بيانية تتبع تطور استخدام المنسوجات في السودان منذ الفترة المروية المبكرة إلى فترة العصور الوسطى المتأخرة في منطقة النوبة السفلى. اعتمدت فيها على مجموعة من المنسوجات المروية المبكرة المكتشفة بموقع عكشة (القرن الثالث والثاني قبل الميلاد)، حيث خرجت بنتائج مفادها تساوي نسبة استخدام الصوف والكتان في صناعة المنسوجات. بينما خلصت الدراسة إلى معدلات استخدام القطن تتراواح بين 80٪ و 100٪ من إجمالي منسوجات هذه الفترة المكتشفة في المواقع الأثرية المروية في مروي وقصر إبريم وبلانة وكرانوج.

أظهرت الدراسة نسبة متزايدة لاستخدام الصوف خلال المرحلة المروية المتأخرة و بداية فترة ما بعد مروّية وهي الفترة التي يؤرخ لها بنهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الميلادي، خاصة في مواقع النوبة السفلى، حيث سيطر استخدام الصوف على نسبة عالية من المنسوجات في قسطل وبلانة، وبالمقابل في نفس التواريخ نجد أنه لا يزال القطن يلعب دورًا رئيسيًا في قصر إبريم.

وأظهرت أيضا أن فترة العصور الوسطى المبكرة (منتصف القرن السابع - نهاية القرن الثاني عشر القرن الميلادي) شهدت تراجعا قويا لاستخدام القطن مقابل تصاعد نسبة استخدام الصوف في موقع قصر إبريم، وموقع كلوبنارتي، وفي مقبرتي السدة والعرع بمنطقة الشلال الرابع، بينما كانت نسبة القطن والصوف أكثر توازناً في موقع قصر إبريم في منتصف القرن التاسع الميلادي.

ظهرت ذروة جديدة في استخدام المنسوجات القطنية بنهاية العصور الوسطى المتأخرة ويقصد بها الفترة الممتدة من القرن الرابع عشر الميلادي فصاعدًا. وهي ظاهرة يمكن ملاحظتها في مواقع النوبة الأخرى مثل جبل عدا و كولوبنارتي.

أما مخلفات أدوات الغزل فقد تم اكتشاف مغزل خشبي كامل، تم اكتشافه في المقبرة المروية B58 في بلانا، ويظهر الدودة الموضوعة في أعلى المغزل، ومثبتة بإدخال خطاف حديدي بين العمود والفتحة المركزية للتثقيب.

كما قامت الزا يانزي بدراسة 422 قطعة مترار تم اكتشافها بموقع جبل أبو قيلي، منها 88 محفوظة في المتحف البريطاني و 334 في متحف السودان القومي6. لاستخلاص استنتاجات حول عملية غزل القطن وإنتاجه في موقع جبل أبو قيلي.

شاركت الباحثة إلزا في مشروع TexMeroe الذي استمر في الفترة مابين مارس 2018 إلى مارس 2020 وتمت استضافتها في مركز أبحاث المنسوجات بجامعة كوبنهاغن، جنبًا إلى جنب مع مشروع آخر لتوثيق المنسوجات في العصور الوسطى («المنسوجات النوبية» بقيادة ماجدالينا ووزنياك)، هدف المشروع لتجديد الأبحاث في مجال النسيج في السودان عموما في النوبة على وجه الخصوص. وقد استفادت من التقدم الأخير في مجال علم الآثار بشكل عام وكذلك من برامج التنقيب المتزايدة في المستوطنات المرَّوية. يهدف المشروع إلى بناء «علم آثار نسيج» حقيقي داخل الدراسات المرَّوية من خلال الاعتماد على بيانات من المنسوجات وأدوات التصنيع والوثائق الأيقونية، وكلها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسياق إنتاجها واستخدامها والتخلص منها بعد دورة حياة المنسوجات بأكملها7.

من خلال هذا الاستعراض يمكننا استخلاص أن الانسان السوداني عرف غزل ونسيج الصوف خلال فترة تاريخية تعود الى القرن الثالث قبل الميلاد وقد وجد الى جانب منسوجات القطن التي شكلت حضورا بارزا في أزياء ومتعلقات الطبقات العليا من المجتمع، أما خلال فترة العصور الوسطى فقد ظهرت المنسوجات الصوفية أكثر من القطنية وسط الأنسجة التي تم الكشف عنها ضمن مواقع بمنطقة النوبة.

2. وصف مراحل غزل ونسج شعر الأغنام (الصوف) بصورة عامة:

من خلال دراستنا لغزل ونسج الشعر والصوف وجدنا أنه ولتسهيل عملية تتبع مراحلها من تجهيز المادة الخام وحتى إعداد المنتجات أن نقسم هذه العمليات إلى مرحلتين، تتم خلال كل مرحلة منها عدد من العمليات وهي المرحلة الأولى تبدأ بقص الشعر وتجهيزه من الحيوانات، سواء كانت الأغنام أو الخراف أو الإبل فهي كلها تعتبر مصدرا من مصادر الشعر أو الصوف، وتحويله إلى خيوط. المرحلة الثانية وهي عملية النسيج وصولا إلى تسويق المنتجات. وفي تتبعنا لهذه المراحل فهي تكون على النحو التالي:

المرحلة الأولى : مرحلة إعداد الخيوط :

العملية الأولى: هي عملية إعداد المادة الخام والتي تتم بواسطة قص (جــز) الصــوف أو شــعر الأغنام، وجمــعه ثم فــرزه وتصنيفــه تبعــا لطوله ومصدره من جسم الحيوان ولــونه وطــوله. ثم يتم ضرب الصوف أو الشعر لتخليصــه مــما علــق بــه مــن نباتــات وأشــواك وأتربــة، وغيــر ذلــك مــن الأوســاخ. يتم جز الشعر بواسطة الرعاة أو ملاك الأغنام لاستخدامه في غزل خيوط بواسطة نساء الأسرة أو لبيعه لنساء يعملن على غزل ونسج الشعر.

العملية الثانيــة: يتم فيها تمشــيط وتســليك، ثم يتــم غســل الشعر ثــلاث مــرات أو أكــثر بالمــاء البــارد أو الســاخن، مع إمكانية إضافة الصابــون. بعدهــا ينــشر الصــوف عـلـى الحبــال لينشف.

العملية الثالثــة: غزل الشــعر أو الصوف وتحويلــه إلى خيــوط متينــة، وعــادة مــا تقــوم النســاء بذلــك أثناء أوقات الفراغ، وتكون عملية الغزل وضــع المــرأة الشعر الــذي تغزلــه تحــت ذراعهــا الأيمــن أو علــى صدرهــا، وتهيــئ الشعر بيدهــا اليــسرى عـلـى نحــو لا يتجــاوز القدمــين طــولاً، ثــم تربطــه بالنهايــة الســفلى للمغزل، وتدفعــه عــلى العود المثبت عــلى قمتــه المبرام، ثــم ترفــع ركبتهــا اليــسرى وهــي في وضــع الجلــوس، وتضــع الطــرف الأســفل مــن المغــزل عــلى ركبتهــا، وبعــد ذلــك تلــف مقبــض المغــزل بقــوة بدفــع راحــة يدهــا بسرعــة إلى الخــارج، فيــدور المغزل في الهــواء بسرعــة، وتكون ممسكة للمغزل بيدهــا اليمنــى.

العملية الرابعــة: وهي صبــغ الخيــوط التــي تــم إنتاجهــا بألــوان جذابــة باســتخدام نباتــات متوفــرة في البيئــة الصحراويــة كالحنــاء، والكركــم، والعصفــر، والزعفــران، والصبــار، ونبــات النيلــة. وتنتهــي هــذه المرحلــة بنــشر الخيــوط المصبوغــة لتجــف تحــت أشــعة الشــمس.

المرحلة الثانية: مرحلة النسيج :

العملية الأولى: تجهيز السدو وهي الخيوط المتوازية والمتساوية في الطول والتي تمثل الاتجاه الطولي للنسيج أي الخطوط الطولية المشدودة على النول.

العملية الثانية: وهي عمل اللحمة ويقصد بها الخطوط العرضية فى النسيج وهي أيضا عمليــة النســيج، حيــث يتــم فيهــا النســيج حســب التصميــم المطلــوب والغــرض المــراد منــه.

العملية الثالثة: وهي عملية إضافة الزخارف والزينة إلى المنسوجات بواسطة خيوط ملونة.

3. منتجات نسيج شعر الأغنام في السودان:

تصنع السيدات صاحبات هذه الحرفة من نسيج السبيب عددا من الأدوات والمنسوجات الشعبية نعدد منها، الشمله و«الخيشة» و«الشقاق» التي تستخدمها السيدات أيضا في بناء الهودج وبيت الشعر. إلى جانب بعض الأدوات الأخرى مثل «الخرج» و«الجراب» و«الغرارة» و«الرسن» و«السجاد» و«الإكليم» و«المصلاة».

الخرج: وهو يكون في شكل جوال مفتوح من المنتصف ليكون حقيبتين صغيرتين مفتوحتين في جانبيه عندما يوضع على ظهر (الحمار أو الجمل) فتصبح كل حقيبة في جانب من جانبي (السرج) أو (الحوايا)، يستخدم لحمل الأمتعة والثياب، كما قد يستعمله الباعة المتجولون لحمل بضائعهم.

الشملة: وهي قطعة منسوجة من الشعر أو الصوف، تتلفحها النساء اثناء ممارسة عادة الدخان، وقد يتلفح بها المتصوفون كناية عن تصوفهم وزهدهم عن مباهج الدنيا. وتكون أبعادها ما بين 4 - 5 ذرعا× واحد ونص أو 2 ذراعا.

الخيشة: وهي أكبر وأطول حجما من الشملة. وهي قطعة من نسيج الشعر تستخدم في بناء بيت الرحل الذي يعرف باسم (الهجير)، مقاس الخيشة عبارة عن 15×2 ذراعا، وهي القطعة التي تكون محيط المنزل.

الشقاق: وهي تسمية تطلق على أربعة قطع منسوجة من الشعر أو الصوف يتم بها بناء منازل الرحل التي تعرف ببيت الشعر.

الجراب: وهو يكون على شكل حقيبة يحمل فيه صاحبه ما يحتاجه من متاع ويقال (جراب الحاوي مليان بلاوي)

الغرارة: وهي عبارة عن جوال كبير يصنع من الصوف أو الشعر ويستخدم في حفظ المواد التموينية مثل الحبوب وغيرها.

الرسن: وهو حبل يربط به الدابة الحمار أو الحصان أو الجمل لقيادته.

القلادة: وهي عبارة عن نوع خاص من الحبال تربط حول رقبة الحمار أو أي حيوان أليف آخر ويدخل صاحبه حولها حبلا آخر يكون مثبتا في يده لقيادة الحيوان.

السجاد: وهو نسيج يصنع لتغطية وتزيين الأرضية.

الكليم: وهو نوع من المنسوجات الملونة صغير الحجم، يزين بأشكال زخرفية مثل أشكال حيوانية أو غيرها، يعلق في شكل لوحات تزين الجدران .

السلب: وهو عبارة عن حبل له عدة استعمالات منها سحب الدلو من البئر. ويقال (بالي طويل سلبة).

كانت السيدات و منهن السيدة فاطمة8 في السابق تبني بيت الهجير من المروق، والحنايا والبروش، والخلال لتثبيت البروش والخيشة، يربط البيت بالسلب لكي لا يتأثر بالريح أو الأمطار. يوضع داخل الهجير سرير تقليدي يعرف باسم السيداب لتنام فيه الأسرة وتتغطى بقطعة أخرى من نسيج الشعر تعرف أيضا بالخيشة.

تحفر النساء الطرومة (حفرة الدخان) في جزء من داخل الهجير لعمل الدخان. يحاط الهجير بواسطة حصير من قش التبس وقِد الإبل (جلد).

3. خطوات غزل شعر الأغنام في قرية الحريراب:

3.1. جز أو قص الشعر :

يعرف شعر الأغنام محليا باسم (سبيب الغنم). يتم قص شعر الأغنام بواسطة أداة تعرف باسم الجزازة ويتم ذلك بواسطة أحد أفراد الأسرة المالكة للأغنام أو الراعي، وفي حال عدم امتلاك أغنام تشتري السيدة ما تحتاجه لصناعة منتجاتها من سوق شندي أو الدامر كحال مخبرتنا. يتم شراء السبيب بالرطل.

للسبيب ألوان حسب اللون الطبيعي للأغنام منها الأسود والأبيض والأشقر، أما اللون الأحمر فقد كان في الماضي يتم صبغ السبيب بأصباغ خاصة لتأخذ اللون الأحمر تجلب من سوق شندي والدامر، كانت الصبغة في شكل بدرة تخلط بقليل من الماء يغمر الشعر فيها ويترك ليجف بالشمس.

حاليا تستخدم الخيوط الصناعية الملونة المعروفة باسم خيوط الكروشي كبديل لهذا اللون ولتزين المصنوعات تستخدم الخيوط الملونة في عدد من الأشكال والوحدات الزخرفية لمنتجاتهم من هذه الزينة مثل ما يعرف بالكنتيل والزيقزاق. يكون الشعر في فترة الشتاء نادرا لأنه يفضل أن تحتفظ الأغنام بشعرها ليدفئها.

قبل عملية غزل الشعر وبهدف تجهيز السبيب للغزل يتم ضربه بعصا (قناية) لكي يصبح مرناً ويسهل تشكيله. يغزل الشعر بواسطة أداة تعرف بالمغزل وهي تتكون من جزئين هما (عود، ودرة)، يثبت طرف السبيب على المغزل وتقوم السيدة بتمريره في شكل دائري على ساقها ليدور السبيب ويأخذ شكل الخيط. يتم غزل الشعر في شكل خيوط، بعدها تقوم السيدة (ببرمه) وفتله مرة أخيرة ليصبح غليظا بواسطة طي الخيط إلى إثنين وبرمه بأداة تشبه المغزل اسمها المبرام. بعد غزل السبيب يتم نقعه في الماء ويجفف قليلاً قبل أن يبرم بالمبرام وبعد أن يبرم يوضع في الشمس لكي يجف تماماً وتخرج الرطوبة قبل البدء في النسيج.

من الجدير بالذكر أن تسمية المَترار في السودان يطلق على الأداة المستخدمة في عملية غزل القطن، بينما يطلق المغزال على الأداة التي تستخدم في غزل السبيب.

تتم عملية الغزل بإدارة المغزل بسرعة على الفخذ حتى يفتل بذلك القطن أو الصوف فيتحول إلى خيط؛ وفيه تقوم المرأة الغازلة بمسك المغزل بيدها اليمنى، وتمسك (الِّدَّره) إلى الأعلى وتديرها بيدها اليسرى في نفس الوقت، وتتحكم في الخيط المتكون الناتج من العملية. وتستمر عملية الغزل حتى تصل للقياس الذي تريده من الصوف المغزول، ثم تنشره بعدها للهواء لبعض الوقت، ثم تبدأ عملية الغزل مرة أخرى. وهذه الطريقة من الغزل المستخدمة في السودان، والمميز في هذه الطريقة أن المغزل لا يتدلى ليدور حول محوره في الهواء كما في حالة غزل القطن، لكنه يبقى في اليد أثناء عملية الغزل.

يتم تكرار هذه المهمة مرارا وتكراراً، وكلما تكررت نفس العملية تحصلنا على خيط جيد، مع المحافظة على أن يكون الخيط متواصلا ؛ وبهذه الطريقة تتكّور وتكبر كرة الغزل الموجودة في المترار. وعندما يصبح حجمها كبيراً يتم استخراجها من المترار في شكل كرة تسمى «الِكيفه»، فإذا كانت الخيوط المكونة لكرة الغزل رقيقة وناعمة تسمى السداية. أما إذا كانت غليظة وغير متساوية في حجمها تعرف بخيط اللحمة9.

يتكون المبرام من العود والدرة وهو يختلف عن المغزل بوجود نتوء في طرفه يعرف باسم «نخرة المبرام» وتستخدم هذه النتوء لتثبيت خيط الشعر بعد ثنيه ومن ثم برمه بتحرك المبرام بنفس كيفية تحريك المغزل.

وهنا نذكر ملاحظة ذكرت لنا وهي أن الفرق ما بين برم القطن لغزل الخيط وبرم السبيب لعمل الغزل هو أن برم القطن يكون في حركة دائرية من الخلف إلى الأمام. أما السبيب فهو من الأمام إلى الخلف ويثنى الخيط ويبرم مرة أخرى.

3.2. مراحل غزل مخلايا من الشعر:

سوف نقوم بهذه الدراسة بأخذ أنموذج من منتجات نسيج السبيب أو شعر الأغنام في السودان المخلايا. المخلايا عبارة عن كيس مصنوع من الشعر المنسوج يوضع بها العلف للدواب، كما تحمل عليها في بعض الأحيان الأغراض المنزلية المجلوبة من السوق، قد يستخدم أحيانا القماش أو الجلد في صناعتها. كما المخلايا تستخدم في حمل وحفظ بعض الأشياء الصغيرة أثناء التنقل من مكان لآخر.

إن الوظيفة الرئيسية للمخلايا هي استخدامها لإطعام الدواب، حيث تعلق على عنق الدابة (الحمار أو الحصان أو الجمل) التي تدخل فيها رأسها لتناول ما وضع بداخلها من ذرة أو غيره من الطعام المخصص لها. من مزايا المخلايا المصنوعة من شعر الأغنام وجود مسامات كبيرة بين نسيجها تمكن من تسرب الهواء لداخلها فلا يصاب الحيوان باختناق أو نقص في الهواء.

تختلف أحجام المخلايات فمنها المتوسطة والصغيرة والكبيرة، تستخدم المتوسطة والكبيرة للحمير، أما الإبل فيسخدم لها الكبيرة، تصنع مخلايا صغيرة لتزيين الشاحنات والعربات ومقياس المخلايا أو الخلفة يعتمد على حجم السدوا (المنسج).

بعد أن يتم غزل وبرم الشعر (السبيب) على الكيفية التي سبق توضيحها، تقوم السيدة بلف الخيوط في شكل كرة حول فرع صغير تعرف باسم الكيفه وهكذا تكون انتهت مرحلة الغزل.

قبل البدء في المرحلة الثانية وهي مرحلة النسيج تقوم السيدة بتحويل ولف خيط الشعر من الكيفه لتصبح في شكل كروي بدون ذلك العود الذي سبق لفه حوله لتعرف كرة الخيط الجديدة باسم القونية. يتم عمل القونية لتساعد السيدة على عملية النسيج وإعداد السدايا. تكون عملية النسج اذا جاز لنا تقسيمها بدورها الى ثلاث عمليات هي، مرحلة التسدية، ومرحلة عمل اللحمة، يتم بينهما إعداد الجزء المعروف بالنيرة .

نقصد بمرحلة التسدية هي المرحلة التي يتم فيها تجهيز السدوا بتثبيت أربعة أوتاد حديدية على الأرض، وقد تستخدم أوتاد من فروع الأشجار ولكنهم يفضلون الأوتاد الحديديه لأنها لا تتمايل ولا تنكسر بسهولة أثناء استخدامها. تشارك سيدتان في مرحلة تجهيز السدوا.

تبدأ مرحلة السدية بعمل ما يعرف الكراب وهو أساس المخلايا وأساس كل النسيج، أو كما وصفته (حمل المخلايا) وهو أن يتم ربط خيوط بين الأوتاد.

تقوم السيدة بربط الغزل في الوتد ربطتين لكي لا ينفك أو يتحرك من مكانه وبعد ذلك تشد الخيط ما بين الوتدين بحيث تلف الغزل حول الوتد الأول وتشده وتلفه حول الوتد الثاني في شكل العدد ثمانية باللغة الانجليزية (8) إلى أن تصل إلى السمك الذي يكون مناسباً لبدء العمل به ونعقد مرتين. الخطوة الثانية بنهاية الأوتاد المقابلة تضع العود بشكل مواز للكراب الذي أعدته، وتبدأ عملية تقاذف القونيتة بعد تثبيت طرف الغزل في الأول على الكراب بعقده مرتين تقذف القونية لتتلقاها السيدة الأخرى وتلفها حول الوتد وتعيدها إليها بعد أن تلفها بالعكس وتكرر العملية حتى تغطي المساحة المطلوبة.

خلال عملية تقاذف القونية قد تقوم السيدة بعمل فواصل، ويقصد بها إدخال لون أسود أوأبيض في عملية النسيج وفي هذه الحالة تعقد خيطين من لونين مختلفين معاً وتواصل تقاذف القونية وعمل التسدية، وبنهاية هذه المرحلة يكون الغزل (الخيخ) أصبح في شكل خطوط مستقيمة تلف حول العود في أحد الأطراف وحول الكراب في الطرف الآخر. عند الوصول إلى الحجم المراد تعود بالغزل إلى الكراب وتعقد الغزل مرتين ثم قطعه.

تدخل السيدة المنحاز وتقوم بقطع كل الغزل البارز عن العقد التي قامت بها أثناء العمليات السابقة سواء عمل الفواصل أو إذا ما انقطع الغزل ويكون ذلك بإحضار المنحاز وترفع به الخيوط بحيث يمر ويفصل ما بين الخيوط التي تظهر في الأعلى والخيوط التي بالأسفل.

العملية التالية لإعداد السدوا أو التسدية هي إعداد النيرة، وهي عبارة عن فرع شجرة مستقيمة بعرض المنسج، يلف حوله شريط من الجلد أو كما في حال السيدة طيبة تستخدم قطعة من الحديد (سيخة) يلف حوله خيط من الشعر المغزول .تستخدم النيرة لعمل فواصل لإدخال خيط اللحمة، وتستخدم أيضا في تنظيم حركة السدوا، وعادة ما يتساوى عدد خيوط السدوا في النسيج مع النيرات الموجودة في المنسج.

تكون النيرة متحركة، تحركها السيدة إلى الأمام مع تقدم عملية النسيج، ويوضع طرفا السيخة (أو الفرع) على حجرين كبيرين أو علبتين حديديتين كما فعلت السيدة طيبة .

مرحلة إعداد النيرة تبدأ أولاً بعمل النصل وهو أن تأخذ الغزل وهو من خيوط السبيب الأسمك. تقوم بإدخال طرف النيرة وتلف خيط الغزل حول السيخة مرتين وتعقدها ثم تأخذ خيطا واحدا وتلف الغزل حول النيرة وتسحب بعدها خيطا واحدا تلف الغزل وتسحب وهكذا إلى أن تصل إلى النهاية، عندما تصل إلى الخيط الأخير تسحب النيرة بعده وتعقد الغزل ووضعت ما تبقى من الخيط الذي لف حول النيرة في علبة صغيرة من الحديد، ثم قامت برفع النيرة من الأرض بواسطة وضع السيخة أيضا على علبتين جانبي السدوا.

أوضحت لنا السيدة بأنه لابد أن تتم عملية النيرة بحذر شديد وانتباه بأن تأخذ خيطا بعد خيط حتى يمكنها ذلك من تبادل الخيط الأعلى والأسفل أثناء عملية النسيج بعد أن تتأكد من أن كل الخيوط الملفوفة حول النيرة متساوية .بعد اكتمال تجهيز النيرة تصبح السدوا جاهزة للنسيج.

في مرحلة اللحمة تحضر النصل وهو عبارة عن تجميع لخيط سميك يعرف باسم (خيط اللحمة) ويكون أول خطوة ثني الخيط وإدخاله ما بين الخيوط الطولية واحدا تلو الآخر، بعد فصلها ورفعها بواسطة المنحاز بعد تمرير النصل إلى النهاية تقوم بإرجاعه إلى الكراب بواسطة المنحاز والضغط عليه بشدة وهو ما يعرف بالنتف. وهنا يجب الحرص على النتف جيدا حتى لا يصبح هناك فوارق كبيرة في النسيج.

بعد النتف تقوم برفع المنحاز ويظهر انعكاس الخيوط التي بالأسفل فتدخل المنحاز وتدخل البكارة حول اللحمة الملفوفة في حرص. بعد تمرير البكارة عبر الخيوط تقوم بالنتف ونقصد بالنتف هو الضغط الشديد على الخيوط لكي تأخذ موضعها في النسيج ويتم ذلك بواسطة (المنحاز) ثم ترفع المنحاز مرة أخرى لتظهر الخيوط التي بالأسفل وتنتف في اتجاه الكراب وتدخل البكارة مرة أخرى وهكذا تضغط الخيوط الأعلى تنزل إلى الأسفل وتدخل المنحاز وتنتف وتدخل البكارة وتضغط على الخيوط العليا وتظهر السفلى وتدخل المنحاز. إذا أخطأت السيدة وأخذت خيطا من الأسفل والأعلى في نفس الوقت يظهر لها ذلك في شكل خطأ بالنسيج.

في حالة الوصول إلى مكان تحتاج فيه إلى زيادة طول الخيط تعقد الخيط المضاف مع طرف الخيط الذي في المنسج ثم تدخل العقدة إلى الأسفل فتصبح في الجزء الداخلي من نسيج المخلايا وليس الخارجي. في حال عمل الفواصل العرضية وهو أن تدخل ألوانا في المخلايا فهي تقوم بإدخال خيط بلون مختلف وتعمل منه حوالي 3-4 جدعات وبعد تدخل اللون الآخر بالتبادل بدون قطع الخيط. وهو لا يظهر لأنه يكون في حافة النسيج ويدخل تحت الضفيرة.

أثناء عملية نسج المخلايا تكون السيدة إما جالسة على البنبر وهو مقعد صغير كما في حالة السيدة، ولكن إذا كانت المخلايا عريضة لا يمكن للسيدة الجلوس على المقعد لهذا فهي تستعين بما أسمته (الخشبات) وهي قطع من الخشب لتجلس عليها بعد وضعها على السدوا. تقوم بنسيج المخلايا إلى الطول الذي تريد وبعدها تقوم بإضافة الزينة.

آخر خطوة في النساجة هو عمل (النفس) وهي أن تسحب الحافة والمنحاز وتحل النيرة وتسحب منها الحبل بعد فك العقدات التي حول النيرة في أولها وفي آخرها. بعد ذلك تقوم بعمل نتف مرة أخيرة عكس اتجاه النتف الذي نسجت به المخلايا .(للانعكاس في الخيوط).

3.3 تزيين المخلايا :

يتم تزيين المخلايا بعدد من أشكال الزينة منها ما يكون بشكل زخرفي بالخيوط فيها ومنها ما يكون بإضافة أشكال زخرفية باستخدام خيوط الكروشي الملونة والتي تعرف محليا باسم خيوط الحرير. يمكننا هنا حصر الأشكال الزخرفية التي تضيفها في الأشكال التالية:

الشكل الأول : في الطول المناسب التي تقرره السيدة من طول القطعة الأساسية للمخلايا تقوم السيدة بنسج «الزيق» الأول الذي تعقبه بعمل أربع «جدعات» وتضيق بعدها «زيق» وتكرر العملية حتى يصبح لديها أربع «زيقات» يفصل بينها أربع «جدعات». بعد الزيق الأخير تعمل ثلاث جدعات وتبقى حوالي 40 سم من الخيوط بدون نسجها لعمل المبرمات وهو شكل زخرفي يتدلى في طرف المخلايا.

الشكل الثاني: الزيق هو شكل زخرفي تزين به المخلايا، ويكون بعمل عدد ثلاثة من الصفوف الطولية بالخيوط الملونة، ويكون ذلك بأن تقوم السيدة بعقد الخيط مرتين في خيطين من الخيوط الطولية وبعدها تقوم بلف الحرير حول خيوط النسيج خيطا بعد خيط بالتتابع حتى نهاية المخلايا. بعد أن تنتهي من عمل الزيق تعقد الخيط مرتين.

الشكل الثالث: هناك زينة أخرى من الخيوط الحريرية تضاف إلى طرف المخلايا تعرف بالكنتيل وهو على شكل ضفيرة تتدلى في نهايتها خيوط تشكل على شكل وردة. مما ذكر لنا أنه كل ما زاد عدد وألوان الكنتيل زاد سعر المخلايا.

الشكل الرابع: تضاف أيضا زينة تكون في شكل غرز على شكل مثلثات وتوضع هذه الزينة في الجزء الذي يعرف بالتنية وهي المنطقة التي يتم فيها ثني النسيج لأخذ شكل المخلايا.

تقوم السيدة بنقع الخيوط التي لم تنسج في الماء بحذر حتى لا تبل الزيق معها وتقوم ببرم كل خيط والذي يكون في شكل خيط منحن، وهو ذلك الجزء من النسيج الذي كان يلتف حول الوتد وتبرمها معاً.

وفي الخطوة التي تلي ذلك تقوم السيدة بتطبيق النسيج ليأخذ شكل المخلايا وتظهر الزيقات في مكان ثني القطعة المنسوجة (التنية). من الملاحظات الجديرة بالذكر أن كل خطوات عمل النسيج تكون من الشمال إلى اليمين.

تسمية لخطوات تجهيز المخلايا :

خلاصة لهذه الدراسة يمكننا تسمية الخطوات

1. دق السبيب.

2. غزل السبيب.

3. البرم.

4. إعداد السدوا. يكون مقاس السدوا الكبيرة 10× 4،5 شبرا، أما السدوا المتوسطة فيكون مقاسها 8× 4 أشبار.

5. النسيج.

6. الزيق ويكون أربعة زيقات.

7. الخياطة بواسطة غرزة الضفيرة.

8. تبريم الشعر.

9. عمل الزينة للمخلايا.

10. النتف ليكون النسيج بدون فراغ.

11. النفس هو الموضع الذي تتقاطع فيه خيوط الغزل المشكلة للسدوا والتي تكون على هيئة الرقم 8 باللغة الانجليزية.

12. النصل هو عملية سحب الغزل المبروم بعد تغميسه في الماء ووضع النصل تحت الشمس لكي يجف.

الأدوات المستخدمة:

1. السبيب وهو المادة الخام.

2. القناية لضرب السبيب.

3. المغزل لغزل السبيب المغزل يتكون من العود والدرة المصنوعة من الاسفنجة.

4. المبرم لبرم الخيط «الغزل» .

5. النصل عبارة الغزل يحول إلى كتلة من الغزل تلف حول عود، ثم عمل القونية وهى كتلة من الخيط تلف بعناية قبل البدء في النسيج.

6. النيرة تعمل بتمرير الخيوط حول قطعة من الحديد أو الخشب والخيوط الطولية مهمتها رفع الخيوط ولا يمكن النساجة بدونها.

7. الكيفة هي تجميع الغزل في كرة. يحتاج نسيج مخلايا صغيرة إلى خمس كيفات.

8. المنحاز عبارة عن خشبة رقيقة قليلاً مشرشرة لرفع وفصل الخيوط الأعلى والأسفل. يضرب بالمنحاز النسيج لكي لا يكون هناك فراغات ما بين الحافة وهو يقوم برفع الخيوط وإنزالها .

9. الحاف عود من الخشب أكثر سمكاً من المنحاز يستخدم أيضاً لرفع وتثبيت الخيوط الأسفل والأعلى.

10. العود يستخدم في عمل السدوا.

11. الأوتاد الأربعة.

12. خيط اللحمة في كتلة من الخيط تلف حول عود .

13. المسلة للخياطة ولعمل الزينة.

14. خيط الحرير.

15. العلب وهي علب من الحديد تستخدم علبتان لرفع النيرة، لوضع الخيط بداخلها أثناء عملية النسيج.

تجهز السيدة طيبة المخلايات بالطلب وفي بعض الأحيان تجهز عددا منها وترسله للبيع في أسواق الدامر وشندي والبجراوية. بدأت طيبة العمل هذا منذ عشر سنوات.

إن حرفة غزل ونسج شعر الأغنام من المهن التي ترتبط بالمجموعات الرعوية الرحل وذلك لاستخدامهم لمادة خام متوفرة بكثرة تستخرج من حيواناتهم (الضأن والماعز والإبل). منتجات هذه الحرفة عبارة عن أدوات منزلية أو أجزاء مكونة لمنزلهم المتنقل وهنا تتميز هذه المنتجات إلى جانب وفرة المادة الخام بخفة وزنها وسهولة طيها ونقلها معهم من مكان إلى آخر. تمثل منتجات الشعر مصدر دخل إضافي لهذه الأسر إلى جانب بيع اللحوم والألبان. ترتبط هذه الحرفة بالسيدات دون الرجال وذلك لأن مهمة الرجال والشباب الذكور بداخل المجتمعات الرعوية تكون هي التنقل مع الحيوانات بحثا عن الكلأ والماء ورعايتها، تكون وظيفة الرجال هذه طوال العام خلال فترتي النشوق والدمر. أما النساء لايتنقلن كثيرا مثل الرجال فهن يستقررن في جزء من العام ويستقر معهن جزء من الرجال الكبار والأطفال ويحتفظن ببعض الأغنام التي تشرب الأسرة ألبانها. وفي هذه الفترة وخلال فترة التنقل القصيرة تشغل السيدات أوقات فراغهن بغزل ونسج الشعر والتي قد تفيض عن حاجتهن فتسوقنها كدخل إضافي.

وجدث أدلة تعود بمخلفات غزل ونسيج الشعر(الصوف) في مواقع مروية ومواقع لما بعد مروي وأخرى تم الكشف عنها في مدافن تعود إلى العصور الوسطى. يمكن أن نلاحظ ارتباط المنسوجات القطنية بالطبقات العليا من المجتمع إلى جانب ارتباط المنسوجات الصوفية برجال الدين المسيحي، والطرق الصوفية.

على الرغم من أن غزل ونسج الشعر (الصوف) يعود إلى التاريخ القديم إلا أنه نلاحظ استخدام مصطلحات وتسميات للأدوات مستخدمة في هذه الحرفة ذات أصول عربية مثل السدوا والمغزل وغيرها

نتائج الدراسة:

نخلص إلى عدد من النتائج :

تعد الحرفة واحدة من الحرف النسائية التي كانت تمثل مصدر دخل إضافي للأسرة تأتي مادتها الخام من حيواناتها أو في بعض الأحيان من الشعر الذي تتحصل عليه من السوق.

حرفة غزل ونسيج شعر الأغنام من الحرف التي تواجه الاندثار بسبب التغير في طبيعة حياة الرحّل ودخول مواد أخرى لتصنيع أدواتهم مثل البلاستيك والقماش التي دخلت في تصنيع الحقائب والجوالات.

تواجه الحرف مشكلات بيئية تتمثل في الجفاف والتصحر وتغير المناخ الذي يعد عاملا أساسيا يضطر مجموعات الرحل للنزوح إلى أطراف المدن وفقدان الكثير من المعارف والحرف التقليدية الخاصة بهم.

منتجات شعر الأغنام مثلها مثل عدد من المنتجات التقليدية الأخرى التي حلّت محلها منتجات صناعية في تصنيعها أو تغيرت وظيفتها، وفي مثال منتجات السيدة طيبة فقد لاحظنا أن المخلايا قد تغيرت وظيفتها فقد كانت أداة لتقديم العلف للحيوانات ،أصبحت تستخدم كزينة تعلق على جانب العربات والشاحنات الكبيرة.

الحرفة في طريقها للاندثار فتوارثها وانتقالها عبر الأجيال حدث فيه انقطاع لعزوف الفتيات عن تعلم المهنة.

جز وبيع الشعر والوبر والصوف وبيع مصنوعاتها لم يعد له عائد مجد مقابل الجهد والزمن المبذول فيها.

من مخلفات حرفة غزل ونسج شعر الأغنام التي ظهرت بالسجل الأثري نجد المنسوجات والمترار .

التوصيات :

ضرورة الانتباه لتوثيق الحرف التقليدية قبل اندثارها وتغير ملامحها المتوارثة وذلك لمساهمتها في تقديم مادة غنية للقياس عليها وتقديم فرضيات تساعد الآثاري في عملية التفسير.

تمثل الحرف التقليدية ومنتجاتها مادة جاذبة لو تم تطويرها وتسويقها ضمن مشروعات سياحية .

ضرورة الاهتمام بالحرف التقليدية ورعايتها وتطوير منتجاتها لمواكبة التطور والتغير المتسارع في نمط الحياة السودانية .

الهوامش:
1.   الترجمة من (سامية- 2021: 101)
2.   Pliny the Elder, Natural History XIII, 28.، الترجمة العربية من (سامية- 2021 : 82)
3.   الترجمة (سامية - 2021: 82)
4.   Elsa Yvanez .2015 – De la Fibre à l’Étoffe. Archéologie, production et usages des textiles de Nubie et du Soudan anciens à l’époque méroïtique. Doctoral thesis (unpublished), Université de Lille III-Charles de Gaulle.
5.   Elsa Yvanez and Magdalena M. Wozniak, 2019 " Cotton in ancient Sudan and Nubia ", Revue d’ethnoécologie
- [Online], 15 | 2019, Online since 30 June 2019, connection on 10 December 2020. URL : http://journals.openedition.org/ethnoecologie/4429 ; DOI : https://doi.org/10.4000/ethnoecologie.4429 
6.   Elsa Yvanez. 2016. ‘Spinning in Meroitic Sudan. Textile production implements from Abu Geili’, Dotawo, a Journal for Nubian Studies 3, pp 153-178
7.   Elsa Yvanez. Building textile archaeology in ancient Sudan. The example of the TexMeroe1 project.  Sudan & Nubia 24, 2020.  pp. 282-291
8.   مخبرتنا من قرية الفادنية شمال المتمة
9.   Mohammed Hamid Ibrahim, "Traditional Spinning and Weaving in the Sudan, The Case of Omdurman and Shendi", M.A. dissertation (unpublished thesis), I. A. A. S. University of Khartoum, March 1995. p. 41
المصادر  : 
- السيدة طيبة عثمان الصديق- 25 سنة - جامعية- تعمل في هذه الحرفة لمدة عشر سنوات – تعلمت الغزل والنسيج من والدتها - قرية الحريراب.
- السيدة فاطمة حمد عثمان- في الستين من عمرها- أمية- تعلمت الحرفة من والدتها - من قرية الفادنية
المراجع : 
- عبد الرحمن الطيب الأنصاري، 2002م، وقفة مع التراث ، ملامح من الثقافة المادية لمنطقة عسير – دراسة اثنوغرافية، تأليف والتر دوستال , ترجمة يوسف مختار و سعد عبد العزيز ، مؤسسة التراث ،الرياض. 
- صالح كمال حمد عبده ،2020، تنمية وتطوير المنتجات الحرفية في السودان الشملة انموذجاً ، رسالة ماجستير غير منشورة ، معهد الدراسات الأفريقية والأسيوية ، جامعة الخرطوم ، الخرطوم. 
- سامية بشير دفع الله،2021، السودان في كتب الإغريق والرومان، مطبعة جامعة الخرطوم ، الخرطوم.
- رتشارد دورسون,1972, نظريات الفولكلور المعاصرة , ترجمة محمد الجوهري وحسن الشامي,دار الكتب الجامعية، الأسكندرية.
- يوسف مختار الأمين، 2002، "الإثنوآركيولوجيا وإمكانية تطبيقها في دراسة الحرف الشعبية في المملكة العربية السعودية " – البحوث والدراسات المجلد (1) – وزارة المعارف ووكالة الآثار والمتاحف – السعودية.
- Griselda El Tayib. 2017, Regional Folk Costumes of the Sudan. 1st edition, Thailand. PP 17
- Mohammed Hamid Ibrahim, 1995, "Traditional Spinning and Weaving in the Sudan, The Case of Omdurman and Shendi", M.A. dissertation (unpublished thesis), I. A. A. S. University of Khartoum. Khartoum.
- Elsa Yvanez .2015 , De la Fibre à l’Étoffe. Archéologie, production et usages des textiles de Nubie et du Soudan anciens à l’époque méroïtique. Doctoral thesis (unpublished), Université de Lille III-Charles de Gaulle.
- Elsa Yvanez and Magdalena M. Wozniak, 2019 " Cotton in ancient Sudan and Nubia ", Revue d’ethnoécologie [Online], 15 | 2019, Online since 30 June 2019, connection on 10December2020.URLhttp://journals.openedition.org/ethnoecologie/4429;DOI:https://doi.org/10.4000/ethnoecologie.4429
الصور :
- الصور من الكاتبة.

أعداد المجلة