فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
62

الثقافة الشعبية والإنتاج الدرامي في المسرح والسينما توظيف الجن في نصوص المسرح الخليجي-نماذج مختارة

العدد 62 - أدب شعبي
الثقافة الشعبية والإنتاج الدرامي في المسرح والسينما توظيف الجن في نصوص المسرح الخليجي-نماذج مختارة
كاتبة من البحرين

 

توطئة:

الثقافة كائن حي؛ ينمو ويكبر ويحتاج أن يزدهر في مكانه، واحد من الكنوز غير المادية التي يجب المحافظة عليها وتنميتها، لأنها تأتي في مقدمة المعايير التي تقاس بها حضارة ورقي وتقّدم الأمم والأوطان، رافداً أساسياً في التنمية المستدامة، وتأثيرها لا يقلّ عن القوى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، لكن أثر الثقافة في التنمية يأخذ خطاً مختلفاً عن سواها، لأن مجموع المعارف البشرية بالإضافة إلى العقائد والأساليب التي تشكل وعي المجتمع، تكسبه صفة التحضر وتسبغ عليه بشكل أساسي، الصورة المعيارية الدقيقة لقياس الاستقرار أيضا، فلا وجود لثقافة إذا كانت الحرية والإبداع مقيدين.

أما الثقافة الشعبية التي تُخزنها الذاكرة الإنسانية بشكل تلقائي، والمتمثلة في مظاهر معنوية كالمعتقدات والموروثات والعادات والأعراف، أو مظاهر محسوسة كاللغة المنطوقة والموسيقى الخاصة بكل فئة أو منطقة، فتشكل رافداً أساسياً للتنمية المجتمعية على وجه الخصوص، حيث إنها القوة التي تعزز خصوصية الشعوب وترفع من سوية الأفراد وتثري أفكارهم؛ وبالتالي تفسح المجال للتميز والإبداع وأيضا خلق هوية ومنتج ثقافي خاص بهم. لذلك حين يتصل الموضوع بالإنتاج الفني المتعلق بالدراما، لابد أن تظهر وتتصدر الثقافة الشعبية فيها، كما حال الفنون جميعاً فتبرز بوضوح في التشكيل والموسيقى، والرقص، والسينما، والمسرح. 

وكل فن من الفنون يحمل في طياته، مهمة نقل وتسليط الضوء على الثقافة الشعبية بوصفها جزء من مكوّنات الفنان، تظهر في أعماله التي يرغب أن يعرضها للجمهور ويطمح أن تؤثر فيه ويتجاوب معها، ويعتبر المسرح الملقب بأبي الفنون أحد أهم الوسائط التي تنقل روح المجتمع وثقافته الشعبية، في العروض المسرحية التي تحوي الموروثات لتوظيف معطياته بشكل فني، يستفاد منه في استحضار الماضي وطرح قضية ربما تكون راهنة من خلال هذه الثيمة. وهذا ما يجعل من ضرورة تبني سياسة الأعمال الفنية من هذا النوع، والتي تعتبر رافداً أساسياً للتنمية، حتى تحقق الاستدامة الثقافية المنوط بها والحفاظ على الممارسات والمعتقدات الثقافية التي تحفظ للمجتمعات وجهها الحضاري والأصيل.

ومن الثقافة الشعبية تنبثق المعتقدات التي تأخذ عند الشعوب مكانة كبيرة في عمرها الزمني، ويحتاج الفرد إلى وقت طويل من الزمن، لينتج أو يبني على سابقيه، أو ربما يتمرد على فكرة ما بعد تمحيص وتحليل، ولا يمنع هذا أن يعتنق كثر الأفكار المسبقة التي يقدّمها المجتمع لهم، مع باقة كبيرة تشمل العادات والتقاليد والمعتقدات والأعراف وأشياء أخرى؛ يكاد المنطلق يكون واحداً لكن مهام ترميمها والحفاظ عليها ونقلها للأجيال التالية هي مهمة المؤمنين بهذه الباقة -القابلة للزيادة-، إيمانهم بديانتهم وحفاظهم عليها، والتجويد متى ما استدعت الحاجة لذلك.

المعتقد الشعبي:

النتيجة التي تأتي بعد مجهود اجتماعي

 تتداخل مع المعتقد الشعبي علوم كثيرة متعلقة بتداخلها مع حياة الفرد، وليس من السهولة فصلها أو حصر انتمائها لعلم واحد، بسبب التشعب وأيضا أساس وأسلوب تكوينها ومصدره، وتساءل باحثون فيما إذا كانت المعتقدات الشعبية تنتمي لعلم الاجتماع أم التكنولوجيا، الفلكلور أم الأنثروبولوجيا، أو تعود جميعها للأساطير الدينية المبنية على نصوص مقدسة ثم امتزجت مع كل ما سبق فأظهرت هذا الشكل الاجتماعي المعروف. 

وأحد تعريفات المعتقد الشعبي أنه «ظاهرة اجتماعية تنتج عن تفاعل الأفراد في علاقاتهم الاجتماعية وتصوراتهم حول الحياة والوجود وقوى الطبيعة المخيفة والمسيطرة أو المتحكمة في تسيير الحياة الكونية»1 ومع مرور الوقت وتقادم الزمن، يصبح المعتقد الشعبي ذا قوة مسيطرة في مجتمعاته؛ شبيهاً بالعرف الذي يتراكم اجتماعياً فيغدو أكثر قوة وسيطرة وتأثيراً من الدين والقانون أيضا! فيمارس –المعتقد- قوته القاهرة على أجيال أتت لا تعي أصل ما تمارسه من أفعال وطقوس وواجبات، لأن البيئة الاجتماعية تفرض على أفرادها الطاعة ولا تحبذ النقاش فيما تعتبره مسلمات وبديهيات، فيكون على الفرد أن يمتثل للأوامر لأنه لو فعل غير ذلك، سيكون مهدداً بعقاب ملموس أو محسوس تجلبه جهة ما: قدسية أو مجتمعية.

حبكة المعتقدات: تصديق أم خرافة؟

ولأن لا أحد يستطيع الحكم بشكل نهائي على هذه الأحداث التي تنتمي معظمها للغيب، لأن لا تفسير علمي لها، فينقسم البشر حسب مرجعياتهم العقلية والإيمانية؛ جزء كبير منهم يرضخون لما جبلوا عليه هم ومن قبلهم، يُسلمون تماماً بأي شيء ثم يمارسونه بقناعة شديدة؛ قناعة تدهش المراقب من الخارج عن دوافع هذا التصديق وماهيته، وكيف أنه يصبح من نسيج ثقافة الشعوب ويكرر وينقل للأجيال تباعاً دون أي موجبات تجعله أمراً واضحاً ومسلماً به في ذات الوضع. بل أن قوة العلم الذي يتطور كل يوم في وقتنا، تجعل من المعتقدات التي لها ارتباط بالخيال والغيب، أمرا له تحليلاته العلمية في دراسة أصل الظواهر، ومعرفة دواخل النفس البشرية التي ابتكرت هذه المعتقدات عن قصدية أو مصادفة كبرت وتضخمت مع الوقت حتى صارت مسلمات مع الوقت.

الجن المذكور في القرآن:

 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ

يصنف الجن على أنه من الخوارق غير المرئية المذكورة في القرآن، كما في الآية الكريمة السابقة من سورة الذاريات (56) وآيات أخرى عديدة، تؤكد على خلق الله سبحانه وتعالى للجن والإنس على حدٍ سواء، كما أتى ذكر الجن في القرآن والكتب المقدسة الأخرى مرات عديدة، لهذا جاء المعتقد الشعبي بوجودهم جنباً إلى جنب مع البشر، والأولون كانوا يعرفون الجن على أنها «أجسام هوائية مشف الجرم من شأنه أن يتشكل بأشكال مختلفة لها عقول وأفهام وقدرة على الأعمال الشاقة»2، أما القرآن الكريم والأحاديث النبوية تدل دلالة قاطعة على أن الجن خلقوا من النار كما جاءت الآية الكريمة: {وخلق الجان من مارج من نار}.

ويعني هذا أن التصديق جاء أولاً من منطلق العقيدة الإيمانية المصدقة بالقرآن، والتي جاء فيها ذكر الإنس والجن في آيات عديدة كتأكيد على وجودهم ودورهم في الحياة، وأن الإيمان بالغيب من أسس العقيدة الإسلامية ولا يجوز للمسلم أن يساوره ريب أو يعتريه شك في هذه المسألة كما غيرها3 وعن كونهم كائنات غير مرئية لا يمكن رؤيتهم بالشكل المادي، فهذا لا يعني عدم وجودهم -حسب عدة باحثين دينيين- لهذا فإن باب الحكايات الشعبية يشرع المجال للخيال والخرافة، وتكوين الصور المتعددة ذات التماس مع الواقع ليتكون النسيج القابل للتمدد مع تناقل الحكايات لتصبح ضمن المعتقدات الشعبية.

عالم السحر المجهول: الجن

والجن في المعتقد الشعبي قوة سحرية فهي «قادرة على تقديم الهبات والمساعدات سواء من خامات ثرية أو بعض الخصائص ذات القيمة الجيدة، فهي قد تكون صديقة وتقدم المساعدة أو مؤذية تعكر صفو الحياة وتسبب الأحزان، كما يمكنها أن تثير العواصف وتنتقل وتتحول في شكلها كما يكون لها أيضا أفكار مقدسة ونبوءات4.

وطبيعة الجن موصوفة لمخلوقات مستترة لا يراها الناس وإن كانت تظهر أمام البعض -كما ينقل- فيرونها بالعيان، وهي مخلوقات تتلون وتتبدل فتأخذ كل الصور وكل الأشكال حتى صورة الخنزير والكلب، ولها أفعال غريبة ومتفرقة فيها من الخفة والتلوي مما يخيل للإنسان أنها غير اعتيادية ولا إنسانية ومن هنا صار يقال عمن يصاب بنقصان في العقل ويقوم بحركات غير متوازنة: به جن أو مجنون5.

وأتت كثير من الإخباريات القديمة المتداولة والمعتقدة أن باستطاعة الجن أن تنقل أماكن سكنها من مكان لآخر بسرعة مذهلة كما وصفتها الروايات «مررنا بقوم ونزلنا للراحة عندهم ثم غادرناهم وعدنا بعد قليل فلم نجد للقوم أثراً فعلمنا أنهم من الجن»6.

حفظ المسافة أمان بين العالمين:

ولكون هذا العالم غير المرئي مختلف عن العالم المادي الذي نعيشه، فلابد أن توضع بعض الأسس التي تستمد استنباطاً من الكتب المقدسة أو ما يستوحى منها، لفصل عالمي الإنس والجن عن بعضهما بالقدر الممكن حتى لا تحصل أذية ينسبها البشر لقوى غيبية يمكن تفاديها، وهذا باب اجتهاد كبير لا ينتهي وليس له ثوابت معينة، لكن معرفة أساسيات هذه الثوابت تقلل من حصول أي اقتراب وبالتالي تشابك؛ لذا ينوه بعض رجال الدين/ الباحثون في الروحانيات/ الدجالون وكثير من المدعين أو ممن يأخذون من الموضوعات عناوينها، بالنأي عن زيارة البيوت القديمة المهجورة لأنها تكون تلقائيا سكن الجن، أو البيوت التي تركها أهلها بسبب وجود الجن فيها فتسمى «البيوت المسكونة»7 بينما يرى رأي آخر أن الجن تسكن الخلاء والمراحيض أيضا، وهو خاص بكفار الجن لأنهم يفضلون الأماكن النجسة والمواطن القذرة.

وقد فسر باحثون آخرون 8 سر كثرة المواقف التي يتعرض لها الإنس من قبل الجن في البوادي والأودية الجرداء في إشارة لمواطن الجن في بلاد العرب وكمعتقد شعبي، وعلى الرغم من أن موضوع الجن وتبعاته موجود في كل الثقافات العالمية وفي أساطيرها وقصصها وخيالها وفنونها أيضاً، إلا أن ظهور الجن مرتبط في الأماكن المهجورة والخرائب، وهي صورة ذهنية تكاد تكون ثابتة، وإذا ما تمّ ربطها بالتطور والعلم وقدوم التكنولوجيا التي أنارت ظلام الليل، وبدونها يستطيع كل ذي خيال واسع أن يمزجه مع المقدس والميثولوجيا، فلا يعود هناك فرق بين ما يقال على سبيل اليقين أو ما يقال من باب جموح الخيال وخصوبته!

وفي الطعام يختلف المؤلفون حول تقسيم الجن إلى أصناف: «إما ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون في الدنيا ولا يتوالدون، ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون وهم السعالى والغيلان والقطارب وأشباه ذلك» وإما أنهم «خلقوا من النار وهم كبني آدم يأكلون ويشربون ويتناسلون» 9 وعصي على أذهاننا، كبشر، التخيل أن لهذه الكائنات غير المرئية، حاجات مادية عادية ومتاحة كالأكل والشرب والجنس، بينما دورهم في حياتنا مقلق كخوارق لا يمكن التكهن بأفعالهم. 

ومع أن لديهم القدرة على التغير والتبدل في كل شكل، لكن الصورة المادية المألوفة عنهم هي شكل القطة السوداء بالكامل - وهي الصورة المتبناة في الأعمال الأدبية والفنية - ومبرر هذا أن اللون الأسود يندمج مع الظلام الحالك ولا يظهر منها إلا العينان التي تلمع10 لذلك يخاف الناس منها ويقرأون الآيات التي تحصنهم شر الأذى من الجن.

كذلك هناك سلوكيات أخرى؛ يتم تجنبها خوفا من تهييج الجن أو إثارة غضبهم، مثل رش الماء الحار في الليل11 للاعتقاد بأن الماء سيحرق الجن ويتسبب بالتالي في حالات التلبس التي تهلك صاحبها وتلحق الأذية به وعلى جميع نواحي حياته لأن الجن يكون مسيطراً عليه بالكامل.

توظيف الجن في نصوص المسرح الخليجي:

ولأن الجن خامة غنية لما فيها من خصائص تستند لنصوص وتقلع بالخيال من غير حدود، أصبحت مادة رائجة للقصص والحكايات، للروايات والأعمال التشكيلية الفنية وللدراما بكافة أنواعها، خصوصا في منطقة الخليج العربي لما فيه من بيئة خصبة تطلق هذه حكايات الجن والشياطين وتجعل منها منطلقا للابتكار والسحر والاشتغال على الصورة بالشكل البصري الذي تدخل فيه التقنيات والعناصر المبهرة مما لا يمكن حدوثه في عمل فني آخر تجري أحداثه على أرض الواقع بالكامل.

وفي المسرح الخليجي؛ استعان كثير من الكتّاب في نصوصهم بثيمة الجن للتعبير عن الخوارق والأفعال التي لا مبرر منطقياً لها؛ ليس كشكل من أشكال التهرب من الوصف، بل لأن طبيعة المجتمع وخصوصيته، معتقداته وحكاياته والأفكار التي يصدرها مجتمعه، تحتوي على هذه الحكايات التي تنسب للجن كل ما لا تستطيع تفسيره، ويرى رأي آخر أن هذه المجتمعات «البدائية» آمنت كثيرا بما يأتي في حكايات «السحرة والمشعوذين الذين كانوا يقومون بسخط أفراد من البشر إلى حيوانات أو طيور أو زواحف»12 والمستمدة من حكايات «ألف ليلة وليلة» التي تتناقلها الألسن عبر الزمن. ولم يفت على المسرحيين العمل على مقاربة الحكايات المتناولة شعبياً إلى سردهم المسرحي، ومزج الحالة بالحكاية الشعبية/ المعتقد الشعبي بالحالة التي يعالجها النص، أو العكس فلو حدث أن تناول المؤلف شخصية يتعرض صاحبها إلى حالات مرضية وجسدية غير مفهومة، فتنسب حينها إلى كون هذه الشخصية تحت سيطرة الجن: سواء أكان ذلك عبر أعمال السحر وإخضاع الجن من قبل السحرة من البشر، أو تلبّس وغيرها من الأشكال التي تبرر للشخصية أفعالها.

وقد حاولت الباحثة قراءة أكبر عدد من النصوص المسرحية الخليجية ذات التماس مع موضوع الجن، سواء من خلال إيحاء عناوينها أو من قراءات ومشاهدات سابقة للنصوص والعروض، مثل نص عندما «صمت عبدالله الحكواتي» المعد من قبل حسين عبدعلي عن روايتين وحكايتين حتى يصوغ بهما الجنية التي منحت وحرمت عبدالله الحكواتي من القدرة على الكلام واستمتاع الناس بطريقة روايته للأحداث وتشويقهم، أو نص «مندرا» لحمد الشهابي والذي تتداخل أحداثه مع قدرة الجن على تصحيح الخطأ وتوجيهه حتى مع الملك، ولنفس المؤلف نص «بيت خاص جدا» الذي تعامل فيه مع الجن بشكل كوميدي ومن باب أعمال السحر والشعوذة، ونصوص مسرحية خليجية أخرى كثيرة أتت على ذكر الجن بشكل فرعي أو هامشي ومنها على سبيل المثال: ليلة زفاف/ جميلة/خرزة الجن/بقايا جروح/ النخاس/موجب/ سوق المقاصيص/ التراب الأحمر ومسرحية جوهرة. وغيرها من النصوص المتداخلة مع الموضوع إلى حدٍ كبير، لكنه غير أساسي في الحدث العام، لذلك استقرت العينة المأخوذة بقصدية على أربع نصوص مسرحية هي على التوالي:

1.    نص «الياثوم» تأليف سالم الحتاوي/ الإمارات العربية المتحدة

2.    نص «المشخص» تأليف إبراهيم بحر/ مملكة البحرين

3.    نص «القرينية» تأليف نصار النصار/ دولة الكويت

4.    نص «ظل وسبعة أرواح» تأليف إدريس النبهاني/ سلطنة عمان

وقد دارت الأسئلة حول النصوص المسرحية الخليجية المختارة، التي كانت فيها ثيمة الجن أساسية يدور الحدث حولها وحول شخصيتها/ تأثيرها/ أفعالها وطريقة تناول المؤلفين في خلق الحدث وتكوين رؤاه وأيضا معلوماته وقناعاته غير المباشرة في الموضوع، المعتقدات الراسخة حول الجن وهو ما يمكن استنباطه من حوار الشخصيات الأخرى مع الجن أو حول الجن - في حال عدم ظهورهم المادي في النص-، والصورة الذهنية في التعامل معهم ومحاولة الالتزام بالمعايير التي تبقيهم آمنين بعيداً عن عوالم الجن، أو ربما فضول في المعرفة واستعداد للتعامل للاستمتاع في المقابل، مع إشارة أخيرة هنا أن هذه النوعية من النصوص تستهوي عدداً كبيراً من المخرجين لما لها من قدرة على استخراج قدراته التقنية في الإبهار وتطويع السينوغرافيا لخدمة النص والتأكيد على معانيه.

الياثوم

الجن في صورة مباشرة مادية وحية!

«مستعدة أشرب دم أمك إذا خذتك عني»

لم الجاثوم؟

يستعين النص بمفردة شعبية مباشرة وبمعتقد معني بوجود الجن على صدر النائم؛ بشكل يجعله غير قادر على الحركة أو النطق تماماً مع أن حواسه حاضرة، وتمثل هذه الحالة نوعاً من الكابوس المرتبط بالجن، كتعبير عن الحالة غير المعروفة التي تصيب الفرد فيؤولها تلقائياً إلى الكائنات التي يسمع عنها ولا يراها، بينما يعرف العلم «الياثوم» أو الجاثوم بأنه شلل النوم النصفي ضمن اضطرابات النوم، يصاب فيه الشخص بانعدام القدرة على القيام بحركات طوعية عند الاستيقاظ، لكنه لا يصنف بالخطورة، وهي ظاهرة تتجاوز كل المجتمعات في العالم، لذلك جسدت فنياً من قبل الفنانين والكتّاب في الأعمال الفنية مثل لوحة «الكابوس» (1781) لهنري فوسلي، حيث لا يبدو على الكائن القبيح القابع فوق صدر الأنثى في اللوحة أنه يؤذيها، بقدر ما شكّله الفنان أنه في حال تفكر وتأمل- في كل التنويعات التي رسمها لنفس العمل- مع أن الدراسات تشير إلى أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص قد يصاب بالجاثوم مرة واحدة في حياته على الأقل، أي أنه حدث عارض وغير مؤذي إلا في وقت الإحساس به من خوف وذعر بين مرحلتي الحلم والواقع. 

الكائنات غير المرئية.. تظهر!

يقوم الحدث الرئيسي على الجنية «روية» التي تتلبس جسد الإبن «صقر» وتقوم بسلبه عقله وحواسه حتى لا يتزوج «عوشة» ابنة عمه «ضاعن»، وتعود حكاية هذا التلبس إلى كون «موزة» وزوجها قاما –عن غير قصد- بقتل زوج الجنية الذي كان متجسداً على هيئة قط أسود! فعادت روية للانتقام من العائلة، بأن قتلت الأب في حادث مفتعل، قتلت أولادها في حوادث متفرقة كل مرة، أخذت النور من عيني موزة الأم فباتت كفيفة تشق طريقها بتحسس يدها، ثم تلبست صقر الذي تأذى روحياً وجسدياً منها، وأخيراً تطلب الزواج منه لأنها عشقته، وبينما يسعى المطوع لإخراج الجنية من جسد صقر -ولا يستطيع إلا مؤقتا-؛ تخرج «روية» لكنها لا تبتعد كثيراً فهي تتلبس جسد الأم موزة/ الخطيبة عوشة/ وتتنقل بينهم بمجرد أن تطرد من جسد صقر، وحتى في خروجها بنهاية النص لا تأكيد على أنها لن تعود مجدداً لتلبس صقر وتجديد معاناته مرة بعد مرة.

وحين قراءة النص؛ يلتبس على القارئ مفهوم الجاثوم الذي استخدمه المؤلف، فإذا كان وجود الجن حياً ومباشراً ومتمثلا في حضور «روية»، فلم لجأ المؤلف لوضع هذا العنوان؟ في الغالب وضع الحتاوي «الجاثوم» كمعنى رمزي للجن الذي يقبع على صدور هذه العائلة المنكوبة باللعنة لخطأ غير مقصود، وربما يوضح تهديد الجنية لهم هذا المعنى بشكله المفهوم في حوار صريح بينها وبين عائلة «صقر».

«روية» صورة أنثى الجن:

تظهر الجنية «روية» في شكل إمراة لا يعرف لها ملامح، لأنها قادرة على التشكل بأي صورة وتنتقل للتلبس في أكثر من جسد، صوتها يظل العلامة التي يعرف بها وجودها من خلال جسد غيرها، وهي تخاطب الآخرين في حوارات طويلة مثل مخاطبة الإنس لبعضهم- إلا فيما يخص مضمون الكلام طبعا-، أيضا يشكل مواء القطة وصوت الخلخال كمعادل مادي لحضور روية في كل المشاهد التي غابت عنها، وحتى يعرف القارئ أنها موجودة في خلفية المشهد وإن لم تنطق، هي فقط تعلن عن وجودها وأنها تسمع كل ما يقال عنها، وتأكيداً للصورة الذهنية المتكررة في تلبس الجن لأجساد القطط السوداء تحديدا، ينطبق على زوج «روية» المتجسد في هيئة قط يطلب بقايا طعام من عائلة موزة.

وفي المونولوج الطويل لروية حينما خاطبت صقر من أجل إقناعه بالزواج منها تقول له: «تذكر القطوة السوداء اللي تييك في الليل وتسولف وياك؟ تذكر الحرمة اللي تاخذك وياها وما تردك إلا الفجر؟ لا تخاف تقرب.. أنت ريلي وأنا حرمتك دخلتنا الليلة.. سقيتك دم عشان أعميك وما أخليك تشوف غيري»13 ولا تكتفي روية في التجسد على هيئة قطة لكي تستحوذ على صقر، بل تتلبس في هيئة فتاة جميلة هي «عوشة» خطيبته، ثم في جسد الأم «موزة»، وهل تفعل ذلك وتبرره بأخذ الثأر من مقتل زوجها أولاً ثم عشقها لـ«صقر» ورغبتها الكبيرة بالزواج منه، وهذا يدفع بوابل من الأسئلة مثل: هل يمكن تزاوج الجن والإنس بما أنهم طينة مختلفة الخلق؟ هل القدرات الخارقة للجن-حسب المتخيل- تمنعها من استعطاف قلب من تحب جبراً أو سحراً؟ كيف يستعين البشر بالجن لعمل أحجبة محبة ورزق وتيسير بينما يعجز الجن عن فعل ذلك لنفسه؟

القدرات الخارقة..هل تشمل الرغبات الصغيرة؟

تهيمن فكرة الأعمال الخارقة على صورة الجن لدى الإنس، حين صوّر الحتاوي زوج «روية» بهيئة القط التي ذكرناها والتي انتهت بقتله خطأ، وكيف لجني ذي قدرة خارقة أن ينتظر فضلات طعام من الإنس! في المقابل عودة «روية» للانتقام: قتل وسلب نظر والتسلية بالتعذيب، حتى يرّق قلبها فتعشق لتأخذ الحكاية منحى آخر، وكيف لخيال المؤلف وصف قدرات الجنية على البشر بينما في أمور أصغر لا تستطيع مسك زمام الأمور والسيطرة.

وبهذا العشق؛ تستعرض «روية» قدراتها الخارقة بأن تظهر تضرر صقر من جراء تلبسها إياه، وهي التي تجعله خارج نطاق التصرف الطبيعي معظم الوقت، حتى تجعله غير مقبول عند خطيبته ووالدها وعند كل الناس الذين يخافون الاقتراب من هذا الملبوس فلا يكون له خيار غيرها، ولم تكتف الجنية بذلك بل أنها سعت لجعل «عوشة» أيضاً مريضة لا علاج لها بهذه الذريعة: «انا مرّضت عوشة عشان يتم حقي وبس»14 التي يأتي والدها لطلب الانفصال حتى ترتاح الابنة من طول العذاب وكثرة المرض.

وحتى لا يعتقد القارئ أن فعل «روية» هو شر مطلق بدافع الانتقام والحكاية المعروفة؛ تشرح هي دوافعها الشرسة لما تفعله: «أنا جنية مجبورة في عشق أنسي مثلك وما برد عنك حتى لو قيدوني بسلاسل الأرض كلها..لا تجبروني أنسى عهدي وأخون في كلمتي.. بجيب لك من خزاين الملوك والسلاطين .. بسيّر لك الإنس والجن خدم تحت إيدك وبلبسك حرير ومخمل وبسكنك في قصور كلها ياقوت وألماس وزمرد..» 15 وهي تقدم حبها وخدماتها التي لا يستطيعها بشر بالتأكيد فقط من أجل نيل قلب «صقر» والزواج منه، عدا ذلك هي لن تتنازل عن هذا الحق مهما جرى، حتى لو حضر المطوع «حرقوص» لطردها من جسد «صقر» تهدد «روية» وتعلن عن نفسها بقوة وبصراحة: «أنا ياثوم أسود ما بتشوفون في ظلامه غير الخوف والموت.. بغثكم في ليلكم ونهاركم في ارقادكم وقومتكم بخليكم تشوفون الظلام وعيونكم مبطلة..»16.

مواجهة القوة والإيمان :

ومن الملاحظ أنه بالرغم من تعامل «موزة» الكفيفة مع الجنية «روية» معاملة الند في طريقة الحوار التي تبدو مناقشة حادة بين سيدتين عاديتين من البشر، كما حصل لما اكتشفت الأولى تلبس الثانية في جسد «عوشة» فتسأل بغضب: «وينها طاولوني إياها خلوني أذوّقها الموت وعذابه» وكأنها تخاطب كائنا ماديا موجودا أمامها بالفعل! فترد الأخرى عليها: «أنا هني يا العمية متلبسة عوشة وواقفة جدامج ياية أذكرج بعهدي معاج اللي عقيتيه ورا ظهرج ولا افتكرتي فيه.. قلت لج لا تعرسينه كابرتي وعاندتي.. قلت له عاشقته وميتة فيه لعنتيني وتكبرتي علي.. قمت أزوره في الليل سرقة.. قمتي تراكضينه عند المطاوعة وتعلقين له حروز وتسقينه محو» 17

لكن سرعان ما يتبين أن هذه هي عاطفة الأمومة وغريزتها التي تدفع عن أبنائها أكبر خطر لا تستطيع صدقاً دفعه عنهم، لذلك يتغير رأي «موزة» حينما ترى «صقر» ممدداً في كفنه ويتضح أنه حلم، لكن قلب الأم لا يطاوعها أن ترى هذا حقيقة فتخاطب «روية»: «بعيش خدّامة عند اريولج وبشلج على راسي وبروحي بفديج.. وخذي صقر عرسي عليه بس خليه عايش جدامي.. أنا عيوني قرحت من الصياح وقلبي نظى من حرقة ناره..» 18 ولا حيلة حين تعشق أنسية بصدق عن التشبث بهذه العاطفة حتى تنالها، فكيف إذا كانت العاشقة جنية تطبق كجاثوم؟

القرينية

أماكننا معروفة!

 جن خلف السور:

يستند نص «القرينية» على قصة حقيقية ذكرت في العديد من كتب تاريخ جزيرة فيلكا الكويتية –حسب المؤلف- الذي يصوّر وقت النص بوقتنا الحالي عبر إشارات أطلقها داخل نصه، بينما يلجأ معظم كتّاب النصوص المسرحية إلى نسب الزمن إلى الماضي البعيد، أو أنهم لا يعطون ملمحاً للزمن تاركين هذا لتأويل المخرجين ومرجعيتهم الفنية، ويدور النص حول مجموعة من الأصدقاء الذين يخرجون في رحلة للجزيرة، ثم تتحول الأحداث حيث يقوم التحدي بين شلة الأصدقاء بالنط لـ «الحوطة» وهي المكان القديم المحاط بسور، والرقص سامري وهو فن غنائي شعبي مرتبط بالجن وسرعة تلبسهم في الإنس، حيث أنه مقرون بتلبية رغبات الشياطين/ الجن، يقوم محمد بتسلق السور بينما يقوم أصحابه بنهيه عن هذا، ولاحقاً يقومون بتصويره بالبث المباشر في تطبيق وسائل التواصل الاجتماعي، حتى ينفصل الطرفان عن بعضهما، يختفي عن أنظارهم ولا يسمعهم.  يذهب هو في غياهب الحفرة العميقة ليكتشف الحياة هناك، وعلى نهج نص «الجاثوم» يقوم محمد بإبعاد قط أسود عن طريقه بحجر! 

تجري كل الأحداث في عالم الجن المتخيل، حيث يحكم على محمد من قبل قاضي الجن بخدمة «القطو» القط الذي تسبب دون قصد في شرخ رأسه، فيبدأ المتلقي في التعرف على الحياة اليومية للجن وقضاياهم التي اقترحها المؤلف والتي تشبه إلى حد كبير القضايا البشرية مثل: السحر والسيطرة وحكم القوي والزواج بغير رغبة لطرف متحكم، العمل اليومي بتفاصيله والقصد هو توضيح الكدح وأن الجن والإنس عالمان مختلفان، ولكنهما غير منفصلين.

الصورة النمطية للجني: قط حالك السواد

صوّر المؤلف الجن في هيئة لطيفة – خصوصاً أنه تمّ تنفيذ هذا العمل في مهرجان الليالي الكوميدية في الكويت - واستدعى المواقف التي تحدث بين الجن والإنس؛ بشكل مخفف لا يحمل خوفاً ولا رعباً ولا إيحاء مخيفاً، في مواضيع تتعلق بنوعية الموسيقى والطعام وحتى خط تشابك المشاعر بين الجنية ومحمد الإنسي رغم استحالة هذه العلاقة – إلا إذا أراد لها خيال المؤلف ذلك- لكن النصار شابك بين الخط الواقعي في تسخير الجن لخدمة الإنس عبر السحرة والمشعوذين، وذلك حين أراد محمد تخليص «ينية» من «عتوي» إبن عمها الذي يرغب بالزواج منها وهي ترفضه، فيرد عليه العتوي: «مو انتوا اللي دايما تخونون؟ مو انتوا اللي تجونه وتطلبون نفرق ونجمع بينكم.. مو انتو اللي تطلبون بجلب لكم فلوس بأي طريقة؟ حلال أو حرام مو مهم؟»19 وهو إقرار بالقدرة الخارقة للجن مقارنة بالقدرة المحدودة للبشر، وأيضاً نوعية أطماعهم التي لا تزيد عن الماديات.

ولخص نصّار النصّار مجتمعاً كاملاً من الجن عبر خلق شخصيات متعددة لمناسبة الحدث داخل هذا العالم، فأوجد قاضي الجن وإمام فريج الجن ومحامي الفريج وأهل فريج الجن، وكذلك في أدوار رئيسية القطو/ينيوه /وأم ينيوه /وابنتها ينية /وابن العم عتوي/ وأخيرا قرين محمد «زركوش»، والمؤلف بذلك يفسح لخياله ابتكار عالم موازٍ للبشر بكل تفاصيله ماعدا مقارنة القدرات العادية والخارقة- والتي أظهرها المؤلف على لسان شخصياته دون فعل على الخشبة - بين الإنس والجن.

الجن حين يكون نداً!

وعلى غرار روية وموزة في نص «الياثوم» في حوار الندين؛ وحتى مع تسليم أن الجن أقوى وقدراتهم تفوق البشر بكل الأحوال، يلجأ النص لخلق عراك واشتباك مادي بين «عتوي» و«محمد» أدت إلى أن الأول قام بطعن الثاني في ظهره، وذلك قبل أن يتغير المكان – الديكور والإضاءة المقترحة- حيث يبحث أفراد الشلة عن رفيقهم محمد الذي سقط في الحفرة منذ يومين بالاستعانة بالقوات التي جلبت معها طائرة مروحية، أي أن العثور عليه بالبحث العادي لم يكن متاحاً، والدهاليز التي أدخلته الحفرة فيها عالم الجن، يمكن أن تكون صحيحة أو العكس، غير صحيحة!

الإيمان بوجود الجن:

غير أن النقاش في هذا الأمر محتوم من أجل معرفة الأسس التي بنى عليها المؤلف، عندما سأل فايق صديقه محمد حين أنكر وجود الجن في المكان- قبل القفز فوق السور- «شنو أنت ما تآمن بوجود الجن؟20  ليرد هاني صديقهم الثالث بأنه لا يجوز ألا يؤمن بأن الجن والأنس من خلق الله عزّ وجل، فيرد محمد المشاكس أنه مؤمن بهذا ولكنه يقصد عدم تصديقه بأن المكان –القرينية- مسكون بالجن، وهذا يرجعنا إلى الحديث عن الفيصل بين التصديق والتشكيك والخيط الرقيق بينهما: النص المقدس واجب التأييد، والخيال الواسع الذي أفرزه الوقت والمجتمعات وتناقل القصص. وترك المؤلف خيطاً رفيعاً على حقيقة وجود عالم الجن وإن كل ما حصل لبطل مسرحيته محمد، لم يكن خيالاً أو حلماً أطال البقاء فيه فجانب الواقع، لذلك حين أتت الشرطة للبحث عنه وإنقاذه تحسس يده باحثاً عن الساعة التي أخذها محامي الفريج مقابل دفاعه عنه بالمحكمة فلم يجدها! وهذا يضع القارئ أمام مسؤولية أن يقرر: هل كان هناك بالفعل عالم للجن اقتحمه محمد بغير قصد؟ أم إن الساعة فقدت في مغامراته بقفز السور؟ 

مسرحية مشخص/ تلبس الجن في الانسان «اخرجوا مني أو اقتلوني»

مشخص الملبوس:

مونودراما لـ«مشخص» الشاعر الرقيق المبتلى بتلبس الجن في جسده وسيطرتهم عليه، الحالة التي تجعل منه إنساناً منبوذاً يخاف الجميع الإقتراب منه أو التعامل معه، في هذا النص يشهد القارئ على المعاناة التي تستغرق من حياة بطلها أكثر من عشرين عاماً، لا يستطيع الإختلاط بأحد حتى من حاولوا مساعدته مثل الطبيب الأجنبي وتشخيصه للحالة على أنها صرع، وهذا ما يجعل عينا مشخص حمراواين على الدوام، لذلك هو يرى أن الأدوية والمراهم ستكون حلاً مناسباً يخفف الأعراض الحادة التي يصاب بها البطل، وهو علاج لتشخيص سطحي لفحص خارجي على الجسد لا على روح مشخص الموجوعة التي لا تستطيع بث ألمها حتى لوالده أقرب الناس له، والذي يهرب من مواجهته رغم أنهما يقطنان نفس المسكن ورغم أن مشخص يبث له حاجته له وهمومه: 

«لكنك أبي وأنا بحاجة إليك.. أنا لا أنام.. لا أستطيع أن آكل..لا أستطيع أن أقاوم..لا أرى الناس..لا أحد يزورني أو أزور أحداً..لا أحد ينظر إلي..الكل خائف مني..أنت كذلك تخاف مني..وأنت تعرف أنه ليس لدي غيرك»21.

وللقارئ أن يتصور معاناة المقاومة وحيداً دون أن يكون هناك سند حقيقي ولفترة طويلة من الزمن، تهرم الروح ويذوب الجسد وحتى أمنية الموت لا تكون متاحة، لأن المتحكمين به أقوى وهو بيدهم مجرد أداة تستخدم، وهذه هي بعض الصراعات التي يعاني منها البطل والتي أشار لها الباحث عباس القصاب في دراسة له عن نفس النص «يختلف الصراع في مشخص عن بقية الصراعات حيث يمثل بين مشخص ونفسه، وبينه وبين الجن وبينه وبين جيرانه مرة أخرى، ولكن الصراع يبلغ أشده حينما يكون وحيداً تتجاذبه المخاوف والوسواس مما يجعله يقوم بحركات غريبة وغير طبيعية» 22 وهذا الصراع يتطور من خلال استذكار مواقف سابقة مع الطبيب ورجل الدين ويبلغ أوجه حينما يبقى وحيداً فريداً تسيطر عليه الوساوس والهواجس المخيفة حتى استسلم لمصيره المحتوم. 

الزار: طقس طرد الجن المتفق عليه :

وبالإضافة إلى التشخيص السطحي للطبيب الأجنبي الذي فحصه، لا يتعدى دور رجل الدين في علاج معاناة البطل المأساوية، الطرق التقليدية المتعلقة بقراءة آيات معينة في ماء والنفخ فيه ثم الاغتسال والشرب منه23، لكن العقاب لا يكون تقليدياً فـ«مشخص» معلق بالهواء ويعذّب من قبل الثلاثة الذين يتلبسون جسده حتى لا يفكر في الذهاب للمطوع مرة أخرى! رغم تبريره لهم أن هذا الشيخ/المطوع أتى لوحده متبرعاً بالعلاج، ومن المتوقع أن يقوم بكل الخطوات المعروفة لطرد الجان من جسد مشخص، قراءة قرآن ومخاطبة الجن ثم استخراجه من الإصبع الصغير بالقدم أو هكذا جرت العادة؛ لكن ما حصل أن المطوع لم يستطع تخليص مشخص، واضطر أن يغادره على أمل الرجوع له في أقرب وقت ممكن، مع نصيحته للبطل المبتلى بأن يحافظ على طهارة جسمه دائماً ويقرأ المعوذات باستمرار. وهكذا يسوق المؤلف كل الحلول في مسألة مشخص المستعصية بما فيها طقس الزار24 دونما حل يمكن أن يخرجه مما هو فيه.

حوار الذات.. حوار الجن

ويعود ربط المؤلف إبراهيم بحر مشكلة «مشخص» إلى كونه شاعراً، ولربط الآية الكريمة {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ۝ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ۝ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُون} في سورة الشعراء، والتي من تفسيراتها الشعراء المشركون والغاوون هم الذين يتبعونهم والمقصود بهم غواة الناس ومردة الشياطين وعصاة الجن حسب تفسير الطبري، وفي قول آخر إنه حال معظم الشعراء لأنهم قد يكذبون في الشعر لأغراض شخصية، لذلك يسائل البطل نفسه طوال الوقت عما فعله ليستحق أن يضر منهم ويعاني كل هذه السنوات دون أي أمل بالخلاص ولا منقذ ينتشله مما هو فيه ويعيد حساباته مراراً «ولكن ربما ارتكبت شيئا لا أذكره..كيف لي أن أراقب نفسي في كل صغيرة وكبيرة في حياتي..ربما شيء غير مقصود..ربما لا..لا أدري ولكن هل أستحق كل هذا العذاب؟»25 مع يقينه أنه عالم كبير لا أحد يعرفه بعد تماماً ولا يمكن إدراكه، لا علم ولا إيمان بوسعهما القبض على حقائق مادية ملموسة وواضحة، فلا يملك مبتلى مثله إلا التسليم فلا خيار غيره.

ولا يتوقف الصراع عند «مشخص» بمخاطبته لنفسه، بل يمتد لصراع نفسي آخر بينه وبين الثلاثة الذين يسكنونه؛ يأخذ شكل النقاش والإقناع ربما حيث يظهر الجني فيه ويخاطبه مباشرة «لم أنت غير سعيد؟ أنت محظوظ لأني اخترتك من بين سائر البشر! لم تريد أن أخرج منك؟» 26 وهو بذلك يزيد إصراراً على البقاء داخله ويرفض التخلي عن هذا، بل يعتبره ميزة للملبوس!

محاذير الاقتراب من عالمهم:

لما كانت أم مشخص في طفولته تنهاه عن ارتياد الأماكن المهجورة والمهدمة – بالتحديد ليلاً - لأنها كانت تخاف عليه من الجن والعفاريت، وهو الأمر المعتاد من القصص الأولية والقراءات والصورة التخيلية للكائنات التي لا يعرف أحد على وجه التحديد شكلها ولا يستطيع الجزم برؤيتها مادياً، كذلك كانت تنصحه بعدم الالتفات عند سماعه أي صوت؛ فقط يتجاهل ويمضي! لذلك مشخص يتحسر أن والدته لا تعلم أنهم يسكنون كل مكان وليس البيوت المهجورة فقط، «هم يعيشون معنا، منهم المسلم والكافر، الطائر والماشي على الأرض، منهم الخير والشيطان ومنهم الأبكم والمتكلم» 27 ومن الواضح أن المؤلف قام بتوسيع قراءاته حول الجن بالإضافة إلى المعطيات التي تأتي بالتوارث مع المجتمع وقصص الأولين والجدات واشتباك الواقع بالمتخيل بالمسموع ويصبح مصدقاً لذلك لأن هذا مرتبط مع خط إيماني متعلق بذكرهم في القرآن الكريم، ومساحة مفتوحة من الخيال لا حدود لها ولا حدّ عليها!

مواجهة لابد منها:

ويُبين المؤلف هنا أيضا بعض المفاهيم المسلم بها من خلال الحوارات بين «مشخص» والآخرين؛ مثل الجني الذي يستنكر محاولات البطل للتخلص منه وإخراجه من جسده حين خاطب مشخص: «أنا أهيم في الدنيا منذ آلاف السنين وأنت تخرجني منك بكل هذه البساطة؟» 28 أي أن العمر الزمني للجن يفوق سنوات حياة الإنسان المحدودة مهما طالت، كذلك إرجاع سبب التلبس وأذى مشخص إلى سبب روحي غير ملموس في تشخيص «المطوع» حين وجه كلامه له «أنت يا مشخص يا ولدي محسود من أقرب الناس إليك؛ سأقرأ عليك بعض آيات القرآن الكريم»29 وأيضاً لا يوجد له حل نهائي لمعاناته، معنى هذا النص يضع القارئ أمام حلين: العلم والدين/ الطبيب والمطوع دون أن يستطيع أيهما التخفيف عنه، بالتالي فإن هذا يصيب البطل بالضعف والاستسلام واليقين أنه «مع كل التطور الذي نعيشه والتقدم العلمي السريع في هذه الحياة، سوف نظل لا شيء أمام هذه الأشياء، ولا أعتقد في يوم من الأيام سوف ننافسهم أو نتغلب عليهم لأننا ولا شيء..»30، خصوصا أن لا سبب محدد لمعرفة كيف يشتبك عالم الإنس والجن وكيف في لحظة تنقلب حياة البشري كما «مشخص» لأن ثلاثة من الجن قرروا التلبس فيه: جنية عاشقة وجني أجنبي وآخر متسلط يستمتع بتعذيبه! وماهي آلية هذا التلبس هل هو المكان الفعلي كجسد؟ أم هي الاستيلاء على الروح؟ والحقيقة أن هذه النصوص تفتح باب الأسئلة الكبير ولكن الإجابات دائما تكون غير محسومة.

ظل وسبعة أرواح

اقتنصه ساحر القرية فغرد مع سرب « المغايبة »

يختلف هذا النص في تناوله للجن عن النصوص الأخرى، وهذا عائد إلى خصوصية مكان كاتب النص في سلطنة عمان، حيث حالة «المغيب» وهي معروفة بين بعض أهلها في السلطنة، يسيطر على هذه الحالة الجن بشكل مخفي ولكنه أساس الحدث ومنطلقه ومبني عليه! لذلك ويدور نص «ظل وسبعة أرواح» المكثف في حدث قصير يغلب عليه الاستعراض-حيث كتب هذا النص ليجسد على الخشبة- حيث الجد وهو الرجل الثمانيني يحتضر وينتظر نهايته باستسلام، وكذلك أهله: ابنه وزوجته والحفيد.

وحيث التمهيد يفصح عن ماهية الحدث الحفيد المغيب الذي غدا شاباً فيما بعد، الناس الغائبة عنهم الحقيقة الماثلة، والأم التي تملك البصيرة وتشعر بما حصل لابنها، ويدلل الشاب/ الميت على هذا بإنكار وذهول وهو يصف حالته «مات.. لا لا لم يمت، بل مت أنا ربما وربما لا.. بالنسبة لهم أنا ميت وبالنسبة له أنا مس.. يت!!» والكلمة مقسومة بين مسحور وميت – حسب المؤلف - لأن هذا هو تفسير العارفين بالتغييب، إذ يكون المغيب المختار تحت تأثير ساحر يسلط عليه الجن، ليكون تحت سيطرته بالكامل ولفترة طويلة، قد تكون العمر كله وقد تكون بعضاً منه، وحين يشاء القدر ويرجع هذا المغيب لأهله يكون فاقد الإحساس بالزمن والأشخاص وما جرى له، ولا يعود إلى حالته العادية بطبيعة الحال.

وفي النص يتراءى للقارئ الشاب التي تظهر عليه ملامح السجين المعمر فاقد الحيلة، في الوقت الذي يحاول الأب إسناد رأس الجد على صدره حين يعمد إلى عمل القطن المبلول الذي يخفف عنه الألم والجفاف، والأم التي تخيط بحزن شديد قماشاً أبيض تأهباً لمفارقة والد زوجها قريبا كما هو متوقع، مستسلمين وراضين بقضاء الله، لكن القدر كانت له خطة أخرى حين ترك طفلهم لعبته بجانب جده «وانا نسيت لعبتي فأهداني جواز عبوره..»31.

لما عاد لأخذ لعبته فوجئ بجده الذي كان على شفا الموت، راقصاً نشطاً منشياً مع مجموعة من الجن -والذين رمز لهم كناية هنا النبهاني بالأشباح-، الراضخين للجد الذي يبدو على هيئة غريبة لم يعهدها حفيده منه، ثم يقوم برفعه بيد واحدة ويهدده بجملة حاسمة: «إذا تكلمت سافرت»!

والسفر هنا يعني التغييب/ الاختفاء؛ لكن الصغير لم يحتمل عبء هذا السر الكبير، فأفضى لوالدته «حبابوه ناهض» وهو بهذا الاعتراف خسر حياته فوراً حسب تهديد الجد/ الساحر وفي مشهد الجنازة حزن ووجع كبيران طغيا على الوالدين، ينهض الولد من خلفهم يتبع جنازته ويحاول أن ينبههم أنه موجود ولم يمت دون جدوى!

في الروايات الشفهية العمانية التي تتناقلها الأجيال، تتواتر حكايات المغيبين وتتشكل حسب قائلها وحسب خبرته ومدى تصديقه أو نكرانه لمسألة «المغيبين»، فلا توجد مصادر ورقية مكتوبة – حسب الباحثة- يمكن الاستناد عليها وتفسير هذه الظاهرة تفسيراً علمياً دقيقاً، ولم توجد في سلطنة عمان تحديداً، على خلاف دول الجوار، التي لا يعرف أهلها هذه المسألة ولم يسمعوا عنها غالبا.

ورغم النهاية التي بشر بها المؤلف في نهاية نصه، عبر اكتشاف الوالدين ضمنياً سر وفاة طفلهم، في مشهد الجد الذي رجع لصحته فجأة واستقبلهما بإبتسامة لم تأت بوقتها على الإطلاق محيطاً يده بمسباح كبير، قام الوالدان بلفه حوله، حتى تناثرت خرزاتها على الأرض ولهذه الحركة التي أقفل بها النص معاني كثيرة تؤول بشكل متعدد لحالة/ ظاهرة التغييب والمغيبين، لكنها لا تكشف حالة ولا تعطي حلاً ولا تجتهد من أجل التفسير، لتبقى نهاية مفتوحة: من قدرته أعلى؟ الجن أم الإنس؟

النتائج فاتحة الأسئلة:

قد لا توجد هناك نتائج تقليدية لهذه الدراسة المصغرة ذات النماذج المحدودة والثيمة المشتركة، لكن ثمة متشابهات تثير الانتباه للقارئ المتتبع، أبرزها أن النصوص تحتوي على جانب رئيسي من الخيال؛ بإمكانه إدخال القارئ إلى عالم مغاير لا ينتبه لوجوده أو للمتصلين به عبر قصص، تروى عن الواقع أو تجارب خاضها أشخاص لأسباب مختلفة، وعلى القارئ التلقي بيقينه؛ عما إن كانت هذه نصوص اشتبك معها الواقع والتجربة القريبة، أم أن خيال الكاتب نسجها بالكامل متأثراً بموروثه الثقافي.

ويتضح من خلال وجود الجن بصفة أساسية في النصوص الأربعة المختارة: «الياثوم»، «القرينية»، «مشخص»، «ظل وسبعة أرواح»، ونصوص أخرى لم تسعها المساحة للدراسة؛ إن المعتقدات التي تنتجها الثقافة الشعبية لازالت رائجة ومحببة في الكتابة المسرحية، لأنها تعكس جزء من إيمان وممارسة أفراد المجتمع لها، لذلك تبدو مستخدمة وظاهرة وحاضرة، وأن الاعتقادات حول الجن لا تتغير بمرور الزمن، ونفس الأفكار التي كانت تدور قبل عشرات السنين ويتداولها الناس من جيل إلى جيل لا تزال محافظة على ثباتها وتضيف فقط ما استجدّ عليها.

كما أن التأرجح بين التصديق والخرافة مرجعه ثقافة الكاتب فقط، دون الاستناد على يقين واضح -عدا ما جاء حول وجود الجن في القرآن-، حول الحقائق الثابتة التي يمكن أن يعرفها جميع الناس على حدٍّ سواء، لذلك للكاتب الحرية في تحريك شخوصه وتحويل مصائرهم تبعا لتصوره عن العلاقة الملموسة بين الإنس والجن دون أن يظهر من يناقض كتابته أو يدعي وجود حقيقة أخرى غائبة عن الآخرين. وبناء عليه فإن الأحداث في النصوص محض خيال مبني على قليل من الواقع في سياق أحداث معينة، ويقوم مؤلفو النصوص بنسب كل الأفعال المجهولة إلى الجن، لتفسير الفعل الخارق صعب التفسير حيث ينعدم المنطق ويطلق الخيال.

كما أنّ ظهور الجن في كل النصوص كشخصيات مادية موجودة، خارقة وتنتصر دائماً له دلالته المعنوية، حتى لو اضطر الكاتب إلى جعل النهاية بشكل مفتوح، أي دون التأكيد بشكل حازم أن الجن لم يعد موجوداً أو ليس لديه القوة والقدرة على الظهور والأذى. بينما لا يوجد حل حاسم من طب أو روحانيات لعلاج حالات الإنس التي تأذت من أفعال الجن، إذ يبقى الحل البشري بالنسبة للغيبيات محدوداً ومتشابهاً أيضاً فيعطي كل مرة نفس النتائج.

ويظهر في النصوص أن لا أحد من الكتّاب في هذه النماذج أو غيرها؛ يميل أو ينتصر لتفسير ظواهر الجن بشكل دقيق وإرجاعه لعلم من العلوم التي تحلل من خلال الحالات: الصرع/ المس/ التلبس، والمستمدة من ثقافة مجتمعه، وغالبا ما يتم اللجوء إلى «المطاوعة» -بعض رجال الدين- ممن لديهم خبرة واطلاع على كيفية صرف الجن كما يظهر هذا كثيراً في الدراما انعكاساً للواقع، وبالتالي تعرض الحالة إلى طرق مؤلمة ومؤقتة لصرف الألم، لا تلبث إلا أن تعود بعد فترة لأنها لم تخضع لتشخيص علمي صارم.

يبقى أن نعترف بأن الثقافة الشعبية الممثلة في المعتقدات والعادات والأعراف وفنون الأداء والأدب الشفهي وغيرها من منهل هذا الموروث، والمرتبط بالواقع الموضوعي للمجتمع، لازالت قادرة على مدّ الكتاب والفنانين بوابل من الوحي والإلهام لإنجاز المؤلفات والأعمال الفنية المختلفة، وتناول الجن في موضوعاتها هو واحد من موضوعات عديدة تشترك كل الثقافات العالمية فيها وتتناولها بمنظورها، لكن يبقى أن لكل ثقافة لها أن تبرز موروثها لتميز انتاجها الفكري ويحدد خصوصية  المجتمع الذي تظهر فيه الفكرة حتى تتكون مع الوقت وتتفرع وتصبح جزء من الثقافة الشعبية.

 

 

الهوامش:

1.    المعتقدات الشعبية في التراث العربي، محمد توفيق السهلي، حسن الباش، توزيع طرابلس، ص 6

2.    في طريق الميثولوجيا عند العرب بحث مسهب في المعتقدات والأساطير العربية قبل الإسلام، محمود سليم الحوت، الطبعة الأولى، 1955 ، ص 209

3.    ترويض الجن، محمد جاد، الحرية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2006

4.    حكايا الخوارق مجاز للحياة الداخلية للإنسان، تأليف جي سي كوبر ترجمة وتعليق كمال الدين حسين، المجلس الأعلى للثقافة، 2005 ص 92

5.    ملكوت الله، د. صادق مكي، دار الفكر اللبناني، الطبعة الأولى 1993 ص 69

6.    في طريق الميثولوجيا، مرجع سبق ذكره، ص 214

7.    المعتقدات الشعبية في مملكة البحرين، إعداد يوسف أحمد النشابة، مها محمد عيسى الكبيسي، بدون دار نشر، بدون ترقيم.

8.    في طريق الميثولوجيا، مرجع سبق ذكره، ص 214

9.    نفس المرجع السابق، ص 217

10.    المعتقدات الشعبية، سبق ذكره، رقم 154 

11.    المرجع السابق، رقم 144

12.    توظيف الأدب الشعبي في النص المسرحي الخليجي، سعيد محمد السيابي، دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، الطبعة الأولى 2005، ص 157

13.    الجاثوم ومسرحيات أخرى، سالم الحتاوي، دائرة الثقافة والإعلام، حكومة الشارقة 2003

14.    الجاثوم، سبق ذكره، ص 29

15.    نفس المرجع السابق، ص 41

16.    نفس المرجع السابق، ص 53

17.    الجاثوم، مرجع سبق ذكره، ص 52

18.    نفس المرجع السابق ص 55

19.    نص "القرينية"، نصار النصار، غير منشور، ص 23

20.    القرينية، سبق ذكره، ص 4

21.    قبل أن تأتي فتون ومسرحيات أخرى، إبراهيم بحر، إصدارات مسرح الصواري، البحرين، 2018، ص 133

22.    صوت الناس قراءة نقدية في نصوص إبراهيم بحر المسرحية، عباس القصاب، هيئة البحرين للثقافة والآثار، الطبعة الأولى 2021، البحرين، ص 83 

23.    قبل أن تأتي فتون، سبق ذكره، ص 131

24.    نفس المرجع السابق ص 130

25.    قبل أن تأتي فتون، سبق ذكره، ص 136

26.    نفس المرجع السابق، ص 130

27.    نفس المرجع السابق ص 135

28.    قبل أن تأتي فتون، مرجع سبق ذكره، ص 130

29.    نفس المرجع السابق، ص 131

30.    نفس المرجع السابق ص 135

31.    نص ظل وسبع أرواح، إدريس النبهاني، غير منشور

 

 

المراجع:

1.    حكايات الخوارق مجاز للحياة الداخلية للإنسان، تأليف جي.سى كوبر، ترجمة وتعليق كمال الدين حسين، المجلس الأعلى للثقافة، 2005

2.    المعتقدات الشعبية في التراث العربي، محمد توفيق السهلي، حسن الباش، توزيع طرابلس

3.    ترويض الجن، محمد جاد، الحرية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى،  2006

4.    في طريق الميثولوجيا عند العرب بحث مسهب في المعتقدات والاساطير العربية قبل الإسلام، محمود سليم الحوت، الطبعة الأولى، 1955

5.    ملكوت الله، د. صادق مكي، دار الفكر اللبناني، الطبعة الأولى 1993

6.    قبل أن تأتي فتون ومسرحيات أخرى، إبراهيم بحر، إصدارات مسرح الصواري، البحرين، 2018

7.    صوت الناس قراءة نقدية في نصوص إبراهيم بحر المسرحية، هيئة البحرين للثقافة والآثار، الطبعة الأولى 2021، البحرين

8.    الجاثوم ومسرحيات أخرى، سالم الحتاوي، دائرة الثقافة والإعلام، حكومة الشارقة 2003

9.    توظيف الأدب الشعبي في النص المسرحي الخليجي، سعيد محمد السيابي، دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، الطبعة الأولى 2005، 

10.    نص "القرينية"، نصار النصار، غير منشور

11.    نص ظل وسبع أرواح، إدريس النبهاني، غير منشور

 

 

الصور :

1. 2.     أيام الشارقة المسرحية

3.    وكالة الأنباء الكويتية

4.    المصدر؛ جائزة السلطان قابوس

5.    المصدر؛ جريدة عُمان

6.    وكالة الأنباء الكويتية

 

أعداد المجلة